• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة (المرض والتداوي)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    تحية الإسلام الخالدة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    آداب التلاوة وأثرها في الانتفاع بالقرآن الكريم
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    الأحاديث الطوال (22) حديث أم زرع
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    أمثال القرآن: حكم وبيان (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    خطبة .. من سره أن يلقى الله تعالى غدا مسلما
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    نتائج بحث بلوغ المرام في قصة ظهور أول مصحف مرتل
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أثر الإيمان بالكتاب المنشور يوم القيامة، وفضائل ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    ابن تيمية وعلم التفسير
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد من قصة يونس عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    طبيعة العلم من المنظور الإسلامي
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    فضل ذي القعدة (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الدكتور عبدالله بن محمد الغنيمان / كتب
علامة باركود

الطرق التي يعلم بها صدق الخبر من كذبه (WORD)

الشيخ عبدالله بن محمد الغنيمان

عدد الصفحات:56
عدد المجلدات:1
الإصدار:الأول

تاريخ الإضافة: 11/8/2011 ميلادي - 11/9/1432 هجري

الزيارات: 29412

 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تحميل ملف الكتاب

الطرق التي يعلم بها صدق الخبر من كذبه

تأليف

شيخ الإسلام تقي الدين أبي العباس أحمد بن عبدالحليم بن تيمية الحراني الدمشقي

 

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة


الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

وبعد فهذه رسالة لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى مهمة جدًا؛ فيها بيان الطرق التي يعلم فيها بطلان النقل وصحته بطرق إذا تأملها المنصف وجدها مقنعة، وهي طرق يمكن أن يستعملها كل واحد ممن لا يعرف ثقات النقلة من ضعفائهم، لإنها تعتمد على العقل والمحسوس، وهي كافية في ابطال مذاهب أهل الباطل ولاسيما الرافضة الذين بنوا دينهم على أخبار مكذوبة وافتراءات مزورة وكل من يسلك طريق من طرق أهل البدع، وفيها بيان بطلان دعاوي الرافضة على الصحابة ما يكفي ويشفي.

 

وهذه الرسالة مأخوذة من منهاج السنة، ولعظيم فائدتها وشدة الحاجة إليها أفردتها رجاء الإنتفاع بها، والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل.

 

الطرق التي يعلم بها صدق الخبر من كذبه

اعلم أنه ليس كل أحد من أهل النظر والاستدلال خبير بالمنقولات، والتمييز بين صدقها وكذبها، وصوابها وخطئها فضلا عن العامة.

 

وقد علم من حيث الجملة أن المنقول منه صدق ومنه كذب؛ وليس لهم خبرة أهل المعرفة علماء الحديث، فهؤلاء يحتاجون في الإستدلال على الصدق والكذب إلى طرق أخرى.

 

والله سبحانه الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم، الذي خلق فسوى، والذي قدر فهدى، أعطى كل شيء خلقه ثم هدى، الذي أخرج الناس من بطون أمهاتهم لا يعلمون شيئًا، وجعل لهم السمع والأبصار والأفئدة، يهدي من يشاء من عباده، بما يتيسر لهم من الأدلة التي تبين لهم الحق من الباطل، والصدق من الكذب، كما في الحديث الصحيح الإلهي ((يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم))[1].

 

ولهذا تنوعت الطرق التي بها يعلم الصدق من الكذب، حتى في أخبار المخبر عن نفسه بأنه رسول الله، وهو دعوى النبوة.

 

فالطرق التي بها يعلم صدق الصادق وكذب المتنبئ الكذاب كثيرة متنوعة كما قد نبهنا عليها في غير هذا الموضع[2].

 

وكذلك ما به يعلم صدق المنقول عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وكذبه يتعدد ويتنوع.

 

وكذلك ما به يعلم صدق الذين حملوا العلم، فإن أهل العلم يعلمون صدق مثل مالك والثوري، وشعبة ويحيى بن سعيد، وعبدالرحمن بن مهدي وأحمد بن حنبل، والبخاري ومسلم وأبي داود، وأمثال هؤلاء علمًا يقينيًا يجزمون بأنهم لا يتعمدون الكذب في الحديث.

 

ويعلمون كذب محمد بن سعيد المصلوب[3] وأبي البختري القاضي[4] وأحمد بن عبدالله الجوبياري[5] وعتاب بن إبراهيم بن عتاب[6] وأبي داود النخعي[7] ونحوهم ممن يعلمون أنهم يتعمدون الكذب.

 

وأما الخطأ فلا يعصم من الإقرار عليه إلا نبي.

 

لكن أهل الحديث يعلمون أن مثل الزهري والثوري، ومالك ونحوهم من أقل الناس غلطًا في أشياء خفيفة، لا تقدح في مقصود الحديث، ويعرفون رجالا دون هؤلاء، يغلطون أحيانًا، والغالب عليهم الحفظ والضبط، ولهم دلائل يستدلون بها على غلط الغالط.

 

ودون هؤلاء قوم كثير غلطهم، فهؤلاء لا يحتجون بهم إذا انفردوا لكن يعتبرون بحديثهم، ويستشهدون به؛ بمعنى أنهم ينظرون فيما رووه هل رواه غيرهم؟.

 

فإذا تعددت الطرق واللفظ واحد، مع العلم بأنهم لم يتواطأوا ولا يمكن في العادة اتفاق الخطأ في مثل ذلك، كان هذا مما يدلهم على صدق الحديث.

[منزلة ابن لهيعة عند المحدثين]

 

ولهذا قال أحمد: اكتب حديث الرجل لأعتبر به، مثل ابن لهيعة ونحوه[8] ونحوه. فإنه كان عالمًا دينًا قاضيًا، لكن احترقت كتبه فصار يحدث بعد ذلك بأشياء دخل فيها غلط؛ لكن أكثر ذلك صحيح يوافقه عليها الثقات، كالليث وأمثاله.

 

وأهل الحديث يعلمون صدق متون الصحيحين، ويعلمون كذب الأحاديث الموضوعة التي يجزمون بأنها كذب بأسباب عرفوا بها ذلك، وَمَنْ شَرَكَهُمْ فيها علم ما علموه، ومن لم يشركهم لم يعلم ذلك، كما أن الشهود الذين يتحملون الشهادة ويؤدونها يعرف مَنْ جَرَّبهم وخبرهم صدق صادقهم، وكذب كاذبهم.

 

وكذلك أهل المعاملات في البيع والإجارة يعلم من جربهم وخبرهم صادقهم وكاذبهم، وأمينهم وخائنهم.

وكذلك الأخبار قد يعلم الناس صدق بعضها وكذب بعضها، ويشكون في بعضها.

 

[أهل الحديث يعلمون ما ثبت عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - من الشرع وما لم يثبت]

 

وباب المعرفة بأخبار النبي - صلى الله عليه وسلم - وأقواله وأفعاله، وما ذكره من توحيد وأمر ونهي، ووعد ووعيد، وفضائل الأعمال أو الأقوام أو أمكنة، أو أزمنة، ومثالب لمثل ذلك أعلم الناس به أهل العلم بحديثه الذين أجتهدوا في معرفة ذلك، وطلبه من وجوه متعددة، وجمعوا بين رواية هذا وهذا، فعلموا صدق الصادق، وغلط الغالط، وكذب الكاذب.

 

وهذا علم أقام الله له من حفظ به على الأمة ما حفظ من دينها، وغير هؤلاء لهم تبع فيه، إما مستدلين بهم، وإما مقلد لهم، كما أن الإجتهاد في الأحكام أقام الله له رجالا اجتهدوا فيه حتى حفظ الله بهم على الأمة ما حفظ من الدين، وغيرهم لهم تبع فيه، إما مستدل به وإما مقلد لهم.

 

[درجات الصحابة في العلم وتبليغه]

مثال ذلك: أن خواص أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - أعلم به ممن هو دونهم في الاختصاص مثل أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وعبدالرحمن بن عوف، سعد وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وابن مسعود، وبلال وعمار بن ياسر، وأبي ذر الغفاري، وسلمان، وأبي الدرداء وأبي أيوب الأنصاري، وعبادة بن الصامت، وحذيفة، وأبي طلحة، وأمثال هؤلاء من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار هم أكثر اختصاصًا به ممن ليس مثلهم.

 

لكن قد يكون بعض الصحابة أحفظ وأفقه من غيره، وإن كان غيره أطول صحبة، وقد يكون أيضًا أخذ عن بعضهم العلم أكثر مما أخذ عن غيره لطول عمره، وإن كان غيره أعلم منه، كما أخذ عن أبي هريرة، وابن عمر وابن عباس وعائشة وجابر وأبي سعيد من الحديث أكثر مما أخذ عمن هو أفضل منهم كطلحة والزبير ونحوهم.

 

وأما الخلفاء الأربعة فلهم في تبليغ الدين ونشر أصله؛ وأخذ الناس ذلك عنهم ما ليس لغيرهم، وإن كان يُرْوَى عن صغار الصحابة من الأحاديث المفردة أكثر مما يروي عن بعض الخلفاء.

 

فالخلفاء لهم عموم التبليغ وقوته التي لم يشركهم فيها غيرهم، ثم لما قاموا بتبليغ ذلك شاركهم فيه غيرهم، فصار متواترًا كجمع أبي بكر وعمر القرآن في الصحف، ثم جمع عثمان له في المصاحف التي أرسلها إلى الأمصار، فكان الإهتمام بجمع القرآن وتبليغه أهم مما سواه.

 

وكذلك تبليغ شرائع الإسلام إلى أهل الأمصار ومقاتلتهم على ذلك واستنابتهم في ذلك الأمراء والعلماء، وتصديقهم لهم فيما بلغوه عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -. فبلغ من أقاموه من أهل العلم حتى صار الدين منقولا نقلا عامًا متواترًا ظاهرًا معلومًا، قامت به الحجة، ووضحت به المحجة، وتبين به أن هؤلاء كانوا خلفاؤه المهديين الراشدين، الذين خلفوه في أمته علمًا وعملا.

 

وهو - صلى الله عليه وسلم - كما قال تعالى في حقه: ﴿وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ [النجم: 1- 4].

 

فهو ما ضل، وما غوى، وكذلك خلفاؤه الراشدون، الذين قال فيهم: ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ.))[9] فإنهم خلفوه في ذلك، فانتفى عنهم بالهدى، الضلال، وبالرشد الغي.

 

وهذا هو الكمال في العلم والعمل، فإن الضلال عدم العلم، والغي اتباع الهوى، ولهذا أمرنا الله تعالى أن نقول في صلاتنا: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ * غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾ [الفاتحة: 5-7].

 

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((اليهود مغضوب عليهم، والنصارى ضالون.))[10].

 

فالمهتدي الراشد الذي هداه الله الصراط المستقيم، فلم يكن من أهل الضلال الجهال، ولا من أهل الغي المغضوب عليهم.

 

والمقصود هنا أن بعض الصحابة أعلم برسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بعض، وبعضهم أكثر تبليغًا لما علمه من بعض.

 

ثم قد يكون عند المفضول علم قضية معينة لم يعلمها الأفضل فيستفيدها منه، ولا يوجب ذلك أن يكون هذا أعلم منه مطلقًا، ولا أن هذا الأعلم يتعلم من ذلك المفضول ما امتاز به.

 

ولهذا كان الخلفاء، يستفيدون من بعض الصحابة علمًا لم يكن عندهم كما استفاد أبو بكر - رضي الله عنه - علم ميراث الجدة من محمد ابن مسلمة، والمغيرة بن شعبة[11] واستفاد عمر - رضي الله عنه - دية الجنين[12] والإستئذان[13] وتوريث المرأة من دية زوجها[14] وغير ذلك من غيره، واستفاد عثمان - رضي الله عنه - حديث مقام المتوفى عنها في بيتها حتى يبلغ الكتاب أجله من غيره[15] واستفاد عليّ - رضي الله عنه - حديث صلاة التوبة من غيره[16].

 

وقد يخفى ذلك العلم عن الفاضل حتى، يموت ولم يعلمه، ويبلغه من هو دونه، وهذا كثير ليس هذا موضعه.

 

لكن المقصود أن نبين طرق العلم، فالصحابة الذين أخذ الناس عنهم العلم بعد الخلفاء الأربعة مثل: أبي بن كعب، وابن مسعود ومعاذ بن جبل، وأبي الدرداء، وزيد بن ثابت وحذيفة بن اليمان، وعمران بن حصين، وأبي موسى، وسلمان، وعبدالله بن سلام، وأمثالهم.

 

وبعد هؤلاء: مثل عائشة، وابن عباس، وابن عمر، وعبدالله بن عمرو، وأبي سعيد، جابر وغيرهم.

 

ومن التابعين: مثل الفقهاء[17] وغيرهم، وسعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وعبيدالله بن عبدالله بن عتبة، والقاسم بن محمد، وسالم بن عبدالله، وأبي بكر بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام، وعليّ بن الحسين، وخارجة بن زيد بن ثابت وسليمان بن يسار، ومثل علقمة، والأسود وشريح القاضي، وعبيدة السلماني، والحسن البصري، ومحمد بن سيرين، وأمثالهم.

 

ثم من بعد هؤلاء: مثل الزهري، وقتادة، ويحيى بن أبي كثير، ومكحول الشامي، وأيوب السختياني، ويحيى بن سعيد الأنصاري، ويزيد بن أبي حبيب المصري، وأمثالهم.

 

ثم من بعد هؤلاء: مثل مالك، والثوري، وحماد بن زيد، وحماد بن سلمة والليث، والأوزاعي، وشعبة، وزائدة، وسفيان بن عيينة، وأمثالهم.

 

ثم من بعد هؤلاء: مثل يحيى القطان، وعبدالرحمن بن مهدي، وابن المبارك، وعبدالله بن وهب، ووكيع بن الجراح، واسماعيل ابن علية، وهشيم بن بشير، وأبي يوسف القاضي، والشافعي، وأحمد، والحميدي، واسحاق ابن راهوية، والقاسم بن سلام، وأبي ثور، وابن معين، وابن المديني، وأبي بكر بن أبي شيبة، وأبي خيثمة زهير بن حرب.

 

وبعد هؤلاء: البخاري، ومسلم، وأبو داود، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وعثمان بن سعيد الدارمي، وعبدالله بن عبدالرحمن الدارمي، ومحمد بن مسلم بن وارة، وأبو بكر الأثرم، وابراهيم الحربي، وبقي بن مخلد الأندلسي، ومحمد بن وضاح.

 

ومثل أبي عبدالرحمن النسائي، والترمذي، وابن ماجة، ومحمد بن نصر المروزي، ومحمد بن جرير الطبري، وعبدالله ابن أحمد بن حنبل، وعبدالرحمن بن أبي حاتم.

 

ثم من بعد هؤلاء: مثل أبي حاتم البستي، وأبي بكر النجاد، وأبي بكر النيسابوري، وأبي القاسم الطبراني، وأبي الشيخ الأصبهاني، وأبي أحمد العسال الأصبهاني وأمثالهم.

 

ثم من بعد هؤلاء: مثل أبي الحسن الدارقطني، وابن مندة، والحاكم أبي عبدالله، وعبدالغني بن سعيد، وأمثال هؤلاء ممن لا يمكن احصاؤهم.

 

فهؤلاء وأمثالهم أعلم بأحوال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غيرهم، وإن كان في هؤلاء من هو أكثر رواية، وفيهم من هو أكثر منهم معرفة بصحيحه من سقيمه، ومنهم من هو أفقه فيه من غيره.

 

قال أحمد بن حنبل: معرفة الحديث والفقه فيه أحب إلى من حفظه، وقال علي ابن المديني: أشرف العلم الفقه في متون الأحاديث، ومعرفة أحوال الرواة.

 

فإن يحيى بن معين، وعلي بن المديني ونحوهما أعرف بصحيحه وسقيمه من مثل أبي عبيد وأبي ثور، وأبو عبيد وأبو ثور ونحوهما أفقه من أولئك.

 

وأحمد كان يشارك هؤلاء وهؤلاء.

 

وكان أئمة هؤلاء ممن يحبهم ويحبونه كما كان مع الشافعي وأبي عبيد ونحوهما من أهل الفقه في الحديث، ومع يحيى بن معين، وعلي ابن المديني ونحوهما من أهل المعرفة في الحديث.

 

ومسلم بن الحجاج له عناية بصحيحه أكثر من أبي داود، وأبو داود له عناية بالفقه أكثر، والبخاري له عناية بهذا وهذا.

 

وليس المقصود هنا توسعة الكلام في هذا بل المقصود أن علماء أهل العلم بالحديث لهم من المعرفة بأحوال الرسول - صلى الله عليه وسلم - ما ليس لغيرهم، فهم أئمة هذا الشأن.

 

وقد يكون الرجل صادقًا كثير الحديث كثير الرواية فيه، لكن ليس من أهل العناية بصحيحه وسقيمه، فهذا يستفاد منه نقله. فإنه صادق ضابط.

 

وأما المعرفة بصحيحه وسقيمه فهذا علم آخر، وقد يكون مع ذلك فقيهًا مجتهدًا، وقد يكون صالحًا من خيار المسلمين وليس به كثير معرفة، لكن هؤلاء وإن تفاضلوا في العلم فلا يروج عليهم من الكذب ما يروج على من لم يكن له علمهم، فكل من كان بالرسول - صلى الله عليه وسلم - أعرف كان تمييزه بين الصدق والكذب أتم.

 

فقد يروج على أهل التفسير، والفقه، والزهد، والنظر أحاديث كثيرة إما يصدقون بها، وأما يجوزون صدقها، وتكون معلومة الكذب عند علماء الحديث.

 

وقد يصدق بعض هؤلاء بما يكون كذبًا عند أهل المعرفة، مثل ما يروي طائفة من الفقهاء حديث: ((لا تفعلي يا حميراء، فإنه يورث البرص.))[18].

وحديث: ((زكاة الأرض نبتها.))[19].

وحديث: ((نهى عن بيع وشرط))[20] ونهى عن بيع المكاتب والمدبر، وأم الولد))[21].

وحديث: نهى عن قفيز الطحان.))[22].

وحديث: ((لا يجتمع العشر والخراج على مسلم.))[23].

وحديث: ((ثلاث هن على فريضة، وهن لكم تطوع: الوتر، والنحر وركعتا الفجر.))[24].

وحديث: ((كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في السفر يتم ويقصر.))[25].

وحديث: ((لا تقطع اليد إلا في عشرة دراهم.))[26].

وحديث: ((لا مهر دون عشرة دراهم.))[27].

وحديث: ((الفرق بين الطلاق والعتاق في الاستثناء.))[28].

وحديث: ((أقل الحيض ثلاثة أيام وأكثره عشرة.))[29].

وحديث: ((نهى عن البتراء.))[30].

وحديث: ((يغسل الثوب من المني والدم.))[31].

وحديث: ((الوضوء مما خرج لا مما دخل.))[32].

وحديث: ((كان يرفع يديه في ابتداء الصلاة ثم لا يعود.))[33].

 

إلى أمثال ذلك من الأحاديث التي يصدق بعضها طائفة من الفقهاء ويبنون عليها الحلال والحرام، وأهل العلم بالحديث متفقون على أنها كذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - موضوعة عليه، وكذلك أهل العلم من الفقهاء يعلمون ذلك.

 

وكذلك أحاديث يرويها كثير من النساك ويظنها صدقًا, مثل قوله: (( إن عبدالرحمن ابن عوف يدخل الجنة حبوًا.))[34].

 

ومثل قولهم: ((إن قوله تعالى: ﴿وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾[35].

﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾[36] نزل في أهل الصفة[37].

 

ومثل حديث: ((غلام المغيرة بن شعبة أحد الأبدال الأربعين.))[38].

وكذلك حديث فيه ذكر الأبدال والأقطاب والأغواث وعدد الأولياء[39].

 

وأمثال ذلك مما يعلم أهل العلم بالحديث أنه كذب.

وكذلك أمثال هذه الأحاديث قد تعلم من غير طريق أهل الحديث، مثل أن تعلم أن قوله تعالى: ﴿وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ﴾، ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ﴾ في سورة الأنعام وفي سورة الكهف، وهما سورتان مكيتان باتفاق الناس، والصُفة إنما كانت بالمدينة.

 

ومثل ما يروون في أحاديث المعراج: أنه رأى ربه في صورة كذا[40].

 

وأحاديث المعراج التي في الصحاح ليس فيها شيء من أحاديث الرؤية، وإنما الرؤية في أحاديث مدنية كانت في المنام كحديث معاذ بن جبل: ((أتاني البارحة ربي في أحسن صورة.)) إلى آخره[41].

 

فهذا منام رآه في المدينة وكذلك ما شابهه كلها كانت في المدينة في المنام، والمعراج كان بمكة بنص القرآن واتفاق المسلمين.

 

وقد يروج على طائفة من الناس من الحديث ما هو أظهر كذبًا من هذا مثل: تواجد النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى سقطت البردة عنه[42] فهذا من الكذب الموضوع باتفاق أهل المعرفة، وطائفة يظنون هذا صدقًا لما رواه محمد بن طاهر المقدسي فإنه رواه في مسألة السماع[43].

 

ورواه أبو حفص السهروردي[44] لكن قال: يخالج سري أن هذا الحديث ليس صحيحًا ولم أجد فيه ذوق اجتماع النبي - صلى الله عليه وسلم - بأصحابه.[45].

 

وهذا الذي ظنه وخالج سره هو يقين عند غيره قد خالط قلبه، فإن أهل العلم بالحديث متفقون على أن هذا الحديث كذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأعظم من هذا ظن طائفة أن أهل الصُفة قاتلوا النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنه يجوز للأولياء قتال الأنبياء إذا كان الغدر عليهم[46].

 

وهذا مع أنه من أعظم الكفر والكذب؛ فقد راج على كثير ممن ينتسب إلى الأحوال والمعارف والحقائق وهم في الحقيقة لهم أحوال شيطانية، والشياطين التي تقترن بهم قد تخبرهم ببعض الغائبات، وتفعل بعض أغراضهم، وتقضي بعض حوائجهم، ويظن كثير من الناس أنهم بذلك أولياء الله، وإنما هم من أولياء الشياطين.

 

وكذلك قد يروج على كثير ممن ينتسب إلى السنة أحاديث يظنونها من السنة، وهي كذب كالأحاديث المروية في فضائل عاشوراء - غير الصوم -[47] وفضل الكحل فيه، والاغتسال و....، والخضاب والمصافحة وتوسعة النفقة على العيال فيه،[48] ونحو ذلك، وليس في عاشوراء حديث صحيح غير الصوم.

 

وكذلك ما يروى في فضل صلوات معينة فيه، فهذا كله كذب موضوع باتفاق أهل المعرفة، ولم ينقل هذه الأحاديث أحد من أئمة أهل العلم في كتبهم.

 

ولهذا لما سئل الإمام أحمد عن الحديث الذي يروى: ((من وسع على أهله يوم عاشوراء)) .. فقال لا أصل له.[49].

 

وكذلك الأحاديث المروية في فضل رجب بخصوصه أو فضل صيامه، أو صيام شيء منه، أو فضل صلاة مخصوصة فيه كالرغائب كلها كذب مختلق[50]. وكذلك ما يروى في صلاة الأسبوع كصلاة يوم الأحد والإثنين وغيرهما كذب.

 

وكذلك ما يروى من الصلاة المقدرة ليلة النصف، وأول ليلة جمعة من رجب، أو ليلة سبع وعشرين منه، ونحو ذلك كلها كذب.

 

وكذلك كل صلاة فيها الأمر بتقدير عدد الآيات أو السور أو التسبيح فهي كذب باتفاق أهل المعرفة بالحديث، إلا صلاة التسبيح فإن فيها قولين لهم، وأظهر القولين أنها كذب، وإن كان قد اعتقد صدقها طائفة من أهل العلم، ولهذا لم يأخذها[51] أحد من أئمة المسلمين، بل أحمد بن حنبل وأئمة أصحابه[52] كرهوها وطعنوا في حديثها.

 

وأما مالك وأبو حنيفة والشافعي وغيرهم فلم يسمعوها بالكلية، ومن يستحبها من أصحاب الشافعي وأحمد وغيرهما فإنما هو اختيار منهم لا نقل عن الأئمة.

 

وأما ابن المبارك فلم يستحب الصفة المذكورة المأثورة التي فيها التسبيح قبل القيام، بل استحب صفة أخرى توافق المشروع لئلا تثبت سنة بحديث لا أصل له.

 

وكذلك أيضًا في كتب التفسير أشياء منقولة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يعلم أهل العلم بالحديث أنها كذب.

 

مثل حديث فضائل سور القرآن الذي يذكره الثعلبي، والواحدي في أول كل سورة ويذكره الزمخشري في آخر كل سورة.

 

ويعلمون أن أصح ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في فضائل السور، أحاديث ((قل هو الله أحد)) ولهذا رواها أهل الصحيح فرد الحافظ لها مصنفات كالحافظ أبي محمد الخلال وغيره.

 

ويعلمون أن الأحاديث المأثورة في فضل فاتحة الكتاب وآية الكرسي وخواتيم البقرة والمعوذتين أحاديث صحيحة.

 

فلهم فرقان يفرقون به بين الصدق والكذب.

 

وأما أحاديث سبب النزول فغالبها مرسل ليس بمسند ولهذا قال الإمام أحمد بن حنبل: (ثلاثة[53] علوم لا إسناد لها - وفي لفظ - ليس لها أصل: التفسير والمغازي، والملاحم. يعني أحاديثها مرسلة.

 

والمراسيل قد تنازع الناس في قبولها وردها، وأصح الأقوال: أن منها المقبول ومنها المردود، ومنها الموقوف، فمن عُلِمَ من حاله أنه لا يرسل إلا عن ثقة قبل مُرْسَله، ومن عُرِف أنه يرسل عن الثقة وغير الثقة كان إرساله رواية عمن لا يعرف حاله، فهذا موقوف.

 

وما كان من المراسيل مخالفًا لما رواه الثقات كان مردودًا.

 

[من الطرق التي يعلم بها صدق الخبر]

وإذا كان المرسل من وجهين، كان من الراويين أخذ العلم عن شيوخ الآخر، فهذا مما يدل على صدقه، فإن مثل ذلك لا يتصور في العادة تماثل الخطأ فيه وتعمد الكذب، كان هذا مما يعلم أنه صدق، فإن المخبر إنما يؤتى من جهة تعمد الكذب، ومن جهة الخطأ؛ فإذا كانت القصة مما يعلم أنه لم يتواطأ فيه المخبران فالعادة تمنع تماثلهما في الكذب عمدًا، وخطأ، مثل أن تكون قصة طويلة فيها أقوال كثيرة، رواها هذا مثل ما رواها هذا، فهذا يعلم أنه صدق، وهذا مما يعلم به صدق محمد - صلى الله عليه وسلم - وموسى - صلى الله عليه وسلم - فإن كلا منهما أخبر عن الله وملائكته وخلقه للعالم، وقصة آدم، ويوسف وغيرهما من قصص الأنبياء - عليهم السلام - بمثل ما أخبر به الآخر، مع العلم بأن واحدًا منهما لم يستفد ذلك من الآخر، وأنه يمتنع في العادة تماثل الخبرين الباطلين في مثل ذلك، فإن من أخبر بأخبار كثيرة مفصلة دقيقة عن مُخْبَرٍ معين لو كان مبطلا في خبره، لاختلف خبره لامتناع أن مبطلا يختلف ذلك من غير تفاوت، لاسيما في أمور لا تهدى العقول إليها، بل ذلك يبين أن كلا منهما أخبر بعلم وصدق.

 

وهذا مما يعلم الناس من أحوالهم، فلو جاء رجل من بلد إلى آخر، وأخبر عن حوادث مفصلة حدثت فيه تنتظم أقوالا وأفعالا مختلفة، وجاء من علمنا أنه لم يواطئه على الكذب فحكى مثل ذلك، علم قطعًا أن الأمر كان كذلك.

 

فإن الكذب قد يقع في مثل ذلك، لكن على سبيل المواطأة وتلقي بعضهم عن بعض، كما يتوارث أهل الباطل المقالات الباطلة، مثل مقالة النصارى والجهمية والرافضة ونحوهم، فإنها وإن كان يُعلم بضرورة العقل أنها باطلة لكنها تلقاها بعضهم عن بعض، فلما تواطأوا عليها جاز اتفاقهم على الباطل.

 

والجماعة الكثيرون يجوز اتفاقهم على جحد الضروريات على سبيل التواطؤ إما عمدًا للكذب، وإما خطأ في الاعتقاد، وأما اتفاقهم على جحد الضروريات من دون هذا وهذا فممتنع.

 

فصل في الطرق التي يعلم بها كذب المنقول

2- منها أن يُروى خلاف ما علم بالتواتر والاستفاضة، مثل أن نعلم أن مسيلمة الكذاب ادعى النبوة، واتبعه طوائف كثيرة من بني حنيفة فكانوا مرتدين لإيمانهم بهذا المتنبي الكذاب.

 

وأن أبا لؤلؤة قاتل عمر كان مجوسيًا كافرًا.

وأن الهرمزان كان مجوسيًا أسلم.

 

وأن أبا بكر كان يصلي بالناس مدة مرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويخلفه في الإمامة بالناس لمرضه.

وأن أبا بكر وعمر دفنا في حجرة عائشة مع النبي - صلى الله عليه وسلم -.

 

ومثل ما يعلم من غزوات النبي - صلى الله عليه وسلم - التي كان فيها قتال، كبدر ثم أحد ثم الخندق ثم خيبر ثم فتح مكة ثم غزوات الطائف.

 

والتي لم يكن فيها قتال كغزوة تبوك وغيرها، وما نزل من القرآن في الغزوات كنزول الأنفال بسبب بدر، ونزول آخر آل عمران بسبب أحد، ونزول أولها بسبب نصارى نجران، ونزول سورة الفتح سبب صلح الحديبية، ونزول براءة بسبب غزوة تبوك وغيرها، وأمثال ذلك.

 

فإذا روي في الغزوات وما يتعلق بها ما يعلم أنه خلاف الواقع، علم أنه كذب، مثل ما يروي هذا الرافضي[54] وأمثاله من الرافضة وغيرهم من الأكاذيب الباطلة الظاهرة في الغزوات، كما تقدم التنبيه عليه.

 

ومثل أن يعلم أن نزول القرآن في أي وقت كان، كما يعلم أن سورة البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنفال وبراءة نزلت بعد الهجرة بمكة، وأن الصفة كانت بالمدينة، وأن أهل الصفة كانوا من جملة الصحابة الذين لم يقاتلوا النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يكونوا أناسًا معينين، بل كانت الصفة منزلا ينزل بها من لا أهل له من الغرباء القادمين، وممن دخل فيهم سعد بن أبي وقاص، وأبو هريرة، وغيرهما من صالحي المؤمنين، وكالعُرَنيين الذين ارتدوا عن الإسلام؛ فبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - في آثارهم فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم، والقاهم في الحرة يستسقون فلا يسقون[55].

 

وأمثال ذلك من الأمور المعلومة.

 

فإذا روى الجاهل نقيض ذلك علم أنه كذب.

 

3- ومن الطرق التي يعلم بها الكذب أن ينفرد الواحد والإثنان بما يعلم أنه لو كان واقعًا لتوفرة الهمم والدواعي على نقله، فإنه من المعلوم أنه لو أخبر الواحد ببلد عظيم بقدر بغداد والشام والعراق لعلمنا كذبه في ذلك لأنه لو كان موجودًا لأخبر به الناس.

 

وكذلك لو أخبرنا بأنه تولى رجل بين عمر وعثمان، أو تولى بين عثمان وعلي، أو أخبرنا بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يؤذن له في العيد، أو في صلاة الكسوف أو الإستسقاء، أو أنه كان يقام بمدينته يوم الجمعة أكثر من جمعة واحدة، أو يصلي يوم العيد أكثر من عيد واحد، أو أنه كان يصلي العيد بمنى يوم العيد، أو أن أهل مكة كانوا يتمون الصلاة بعرفة ومزدلفة ومنى خلفه، أو أنه كان يجمع بين الصلاتين بمنى كما كان يقصر، أو أنه فرض صوم شهر آخر غير رمضان، أو أنه فرض صلاة سادسة وقت الضحى، أو نصف الليل، أو أنه فرض حج بيت آخر غير الكعبة، أو أن القرآن عارضه طائفة من العرب، أو غيرهم بكلام يشابهه، ونحو هذه الأمور، لكنا نعلم كذب هذا الكاذب، فإنا نعلم انتفاء هذه الأمور بانتفاء لازمها، فإن هذه لو كانت، مما يتوفر الهمم والدواعي على نقلها عامة لبني آدم، وخاصة لأمتنا شرعًا.

 

فإذا لم ينقلها أحد من أهل العلم فضلا عن أن تتواتر، علم أنها كذب.

 

ومن هذا الباب نقل النص على خلافه علي[56] فإنا نعلم أنه كذب من طرق كثيرة، فإن النص هذا لم ينقله أحد من أهل العلم بإسناد صحيح فضلا عن أن يكون متواترًا، ولا نُقِل أن أحدًا ذكره على عهد الخلفاء؛ مع تنازع الناس في الخلافة، تشاورهم فيها يوم السقيفة، وحين موت عمر وحين جُعل الأمر شورى بينهم في ستة أيام، ثم لما قتل عثمان واختلف الناس على علي، فمن المعلوم أن مثل هذا النص لو كان كما تقول الرافضة من أنه نص على علي نصًا جليًا قاطعًا للعذر عَلِمه المسلمون، لكان من المعلوم بالضرورة أنه لابد أن ينقله الناس نقل مثله، وأنه لابد أن يذكره الكثير من الناس، بل أكثرهم في مثل هذه المواطن التي تتوفر الهمم على ذكره فيها غاية التوفر، فانتفاء ما يعلم أنه لازم يقتضي انتفاء ما يعلم أنه ملزوم، ونظائر ذلك كثيرة.

 

ففي الجملة الكذب هو نقيض الصدق، وأحد النقيضين يعلم انتفاؤه تارة بثبوت نقيضه، وتارة بما يدل على انتفائه بخصوصه.

 

والكلام مع الشيعة أكثره مبني على النقل، فمن كان خبيرًا بما وقع وبالأخبار الصادقة التي توجب العلم اليقيني عَلِم انتفاء ما يناقض ذلك يقينًا، ولهذا ليس في أهل العلم بالأحاديث النبوية إلا ما يوجب العلم بفضل الشيخين وصحة إمامتهما، وكذب ما تدعيه الرافضة.

 

ثم كل من كان أعلم بالرسول وأحواله كان أعلم ببطلان مذهب الزيدية وغيرهم ممن يدعي نصًا خفيًا[57] وأن عليًا كان أفضل الثلاثة، أو يتوقف في التفضيل، فإن هؤلاء إنما وقعوا في الجهل المركب، أو البسيط[58] لضعف علمهم بما علمه أهل العلم بالأحاديث والآثار.

 

فـــصل

واعلم أنه ثم أحاديث أخر لم يذكرها هذا الرافضي، لو كانت صحيحة لدلت على مقصوده، وفيها ما هو أدل من بعض ما ذكره، لكنها كلها كذب.

 

والناس قد رووا أحاديث مكذوبة في فضل أبي بكر وعمر، وعثمان وعلي ومعاوية - رضي الله عنهم - وغيرهم، لكن المكذوب في فضل على أكثر لأن الشيعة أجرأ على الكذب من النواصب.

 

قال أبو الفرج ابن الجوزي: (فضائل علي الصحيحة كثيرة، غير أن الرافضة لم تقنع فوضعت له ما يضع، لا ما يرفع وحوشيت حاشيته من الإحتجاج إلى الباطل).

 

قال: فاعلم أن الرافضة ثلاثة أصناف: صنف منهم سمعوا أشياء من الحديث فوضعوا أحاديث، وزادوا ونقصوا، وصنف لم يسمعوا فتراهم يكذبون على جعفر الصادق ويقولون: قال جعفر، وقال فلان. وصنف ثالث عوام جهلة يقولون ما يريدون مما يسوغ في العقل ومما لا يسوغ.)[59].

 

فمن أماثل الموضوعات ما رواه ابن الجوزي[60] من طريق النسائي في كتابه الذي وضعه في خصائص علي, من حديث عبيدالله بن موسى، حدثنا العلاء ابن صالح، عن المنهال بن عمرو، عن عبادة ابن عبدالله الأسدي، قال: قال علي - رضي الله عنه -: (أنا عبد الله وأخو رسول الله، وأنا الصديق الأكبر، ولا يقولها بعدي إلا كاذب، صليت قبل الناس سبع سنين.) رواه أحمد في الفضائل[61].

وفي رواية له: (ولقد أسلمت قبل الناس بسبع سنين.).

 

ورواه من حديث العلاء بن صالح أيضًا عن المنهال عن عبادة.

 

قال أبو الفرج: (هذا حديث موضوع، المتهم به عبادة بن عبدالله).

قال علي بن المديني: كان ضعيف الحديث[62].

وقال أبو الفرج حماد الأزدي: روى أحاديث لا يتابع عليها.

 

وأما المنهال فتركه شعبة.

 

قال أبو بكر الأثرم: سألت أبا عبدالله عن حديث علي: (أنا عبد الله، وأخو رسول الله) فقال: اضرب عليه فإنه منكر.

 

قلت: وعباد يروي من طريقه عن علي ما يعلم أنه كذب عليه قطعًا، مثل هذا الحديث، فإنا نعلم أن عليًا كان أبر وأصدق وأتقى لله من أن يكذب ويقول مثل هذا الكلام الذي هو كذب ظاهر معلوم بالضرورة أنه كذب.

 

4- وما علمنا أنه كذب ظاهر لا يشتبه فقد علمنا أن عليًا لم يقله، لعلمنا بأنه أتقى لله من أن يتعمد هذا الكذب القبيح، وأنه ليس مما يشتبه حتى يخطئ فيه.

 

والناقل عنه إما متعمد الكذب، وإما مخطئ غالط.

 

وليس قدح المبغض لعلي من الخوارج، والمتعصبين لبني مروان وغيرهم مما يشككنا في صدقه وبره وتقواه.

 

كما أنه ليس قدح الرافضة في أبي بكر وعمر بل وقدح الشيعة[63] في عثمان لا يشككنا في العلم بصدقهم وبرهم وتقواهم، بل نحن نجزم بأن واحدًا منهم لم يكن ممن يتعمد الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا هو فيما دون ذلك.

 

فإذا كان المنقول عنه مما لا يغلط في مثله، وقد علمنا أنه كذب جزمنا بكذب الناقل متعمدًا أو مخطئًا[64].

 

مثل ما رواه عبدالله في المناقب: حدثنا يحيى بن عبدالحميد، حدثنا شريك عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن عباد بن عبدالله، عن علي.

 

وحدثنا أبو خيثمة، حدثنا الأسود بن عامر، حدثنا شريك، عن الأعمش، عن المنهال ابن عمرو، عن عباد بن عبدالله الأسدي، عن علي، قال لما نزلت: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجالا من أهل بيته، أن كان الرجل منهم لآكلا جذعة، وإن كان شاربًا فرقًا.) إلى آخر الحديث.

 

وهذا كذب على علي - رضي الله عنه - لم يروه قط، وكذبه ظاهر من وجوه.

 

وهذا الحديث رواه أحمد في الفضائل: حدثنا عثمان، حدثنا أبو عوانة، عن عثمان بن المغيرة عن أبي صادق، عن ربيعة بن ناجز، عن علي، وهؤلاء يعلم أنهم يروون الباطل.

 

وروى أبو الفرج من طريق أجلح عن سلمة بن كهيل، عن حبة بن جوين، قال: سمعت عليًا يقول: (أنا عبدت الله عز وجل مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يعبده رجل من هذه الأمة خمس سنين، أو سبع سنين.)[65].

 

قال أبو الفرج: (حبة لا يساوي حبة، فإنه كذاب).

قال يحيى ليس بشيء.

وقال السعدي: غير ثقة، وقال ابن حبان: كان غاليًا في التشيع، واهيًا في الحديث.

وأما الأجلح فقال أحمد: روى غير حديث منكر.

قال أبو حاتم الرازي: لا يحتج به، وقال ابن حبان: كان لا يدري ما يقول.

قال أبو الفرج: ومما يبطل هذه الأحاديث أنه لا خلاف في تقدم اسلام خديجة وأبي بكر، وزيد، وأن عمر أسلم سنة ست من النبوة، بعد أربعين رجلا، فكيف يصح هذا؟.

 

وذكر حديثًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أنا الصديق الأكبر)) وهو مما عملته يد أحمد بن نصر الذراع، فإنه كان كذابًا يضع الحديث.

 

وحديثًا فيه: ((أنا أولهم إيمانًا، وأوفاهم بعهد الله، وأقومهم بأمر الله، وأقسمهم بالسوية، وأعدلهم في الرعية، وأبصرهم بالقضية.)).

قال: ((وهو موضوع، والمتهم به بشر ابن ابراهيم، قال ابن عدي وابن حبان: كان يضع الحديث على الثقات.)).

 

ورواه الأبرازي الحسن بن عبيدالله، عن ابراهيم بن سعيد الجوهري، عن المأمون، عن الرشيد، قال: هذا الأبرازي كان كذابًا.

 

وذكر حديثًا: ((أنت أول من آمن بي، وأنت أول من يصافحني يوم القيامة، وأنت الصديق الأكبر، وأنت الفاروق، تفرق بين الحق والباطل، وأنت يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب الكافرين، أو يعسوب الظلمة.

 

قال: وهذا حديث موضوع، وفي طريقه الأول عباد بن يعقوب، قال ابن حبان: يروي المناكير عن المشاهير، فاستحق الترك.

 

وفيه علي بن هاشم، قال ابن حبان كان يروي المناكير عن المشاهير، وكان غاليًا في التشيع. وفيه محمد بن عبدالله، قال يحيى: ليس بشيء.

 

وأما الطريق الثاني ففيه أبو الصلت الهروي كان كذابًا، رافضيًا خبيثًا.

 

فقد اجتمع عباد وأبو الصلت في روايته، والله أعلم بهما أيهما سرقه من صاحبه، قلت: لعل الآفة فيه من محمد بن عبدالله.

 

وروي عن طريق ابن عباس، وفيه عبدالله بن زاهر، قال ابن معين: ليس بشيء لا يكتب عنه إنسان فيه خير.

 

قال أبو الفرج: كان غاليًا في الرفض.

 

فصل

في الطرق العامة التي يعرف بها بطلان الخبر.

وهنا طرق يمكن سلوكها لمن لم تكن له معرفة بالأخبار من الخاصة، فإن كثيرًا من الخاصة - فضلا عن العامة - يتعذر عليه معرفة التمييز بن الصدق والكذب من جهة الإسناد في أكثر ما يروى من الأخبار في هذا الباب وغيره.

 

وإنما يعرف ذلك علماء الحديث. ولهذا عدل كثير من أهل الكلام والنظر عن معرفة الأخبار بالإسناد، وأحوال الرجال، لعجزهم عنها، وسلكوا طريقًا آخر.

 

ولكن تلك الطريق هي طريق أهل العلم بالحديث، العاملين بما بعث الله به رسوله.

 

ولكن نحن نذكر طريقًا آخر فنقول:

5- نقدر أن الأخبار المتنازع فيها لم توجد، أو لم يعلم أيها الصحيح، ونترك الاستدلال بها في الطريقين، ونرجع إلى ما هو معلوم بغير ذلك من التواتر، وما يعلم من العقول، والعادات، وما دلت عليه النصوص المتفق عليها.

 

فنقول: من المعلوم المتواتر عند الخاصة والعامة، الذي لم يختلف فيه أهل العلم بالمنقولات والسير: أن أبا بكر - رضي الله عنه - لم يطلب الخلافة، لا برغبة ولا برهبة، لا بذل فيها ما يرغب الناس به، ولا شهر عليهم سيفًا يرهبهم به، ولا كانت له قبيلة ولا مَوَالٍ تنصره وتقيمه في ذلك كما جرت عادة الملوك، أن أقاربهم ومواليهم يعاونونهم.

 

ولا طلبها بلسانه، ولا قال: بايعوني، بل أمر بمبايعة عمر أو أبي عبيدة، ومن تخلف عن بيعته كسعد بن عبادة لم يؤذه، ولا أكرهه على المبايعة، ولا منعه حقًا له، ولا حرك عليهم ساكنًا، وهذا غاية في عدم اكراه الناس على المبايعة.

 

ثم إن المسلمين بايعوه ودخلوا في طاعته، والذين بايعوه هم الذين بايعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحت الشجرة، وهم السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان - رضي الله عنهم ورضوا عنه - وهم أهل الإيمان والهجرة والجهاد ولم يتخلف عن بيعته إلا سعد ابن عبادة.

 

وأما عليّ وسائر بني هاشم فلا خلاف بين الناس أنهم بايعوه.

وأما سعد فتخلفه لأنه يريد الأمر لنفسه - رضي الله عنهم أجمعين.

 

ثم أنه في مدة ولايته قاتل بهم المرتدين والمشركين، ولم يقاتل مسلمين، بل أعاد الأمر إلى ما كان عليه قبل الردة، وأخذ يزيد الإسلام فتوحًا، وشرع في قتال فارس والروم، ومات والمسلمون محاصرون دمشق، وخرج منها أزهد مما دخل فيها، ولم يستأثر عنهم بشيء، ولا أمَّر له قرابة.

 

ثم ولى عليهم عمر بن الخطاب، ففتح الأمصار، وقهر الكفار وأعز أهل الإيمان، وأذل أهل النفاق والعدوان، ونشر الإسلام والدين، وبسط العدل في العالمين، ووضع ديوان الخراج والعطاء لأهل الدين ومصَّر الأمصار للمسلمين، وخرج منها أزهد مما دخل فيها، لم يتلوث لهم بمال، ولا ولَّى أحدًا من أقاربه ولاية، فهذا أمر يعرفه كل أحد.

 

وأما عثمان فإنه بنى على أمر قد استقر قبله، بسكينة وحلم، وهدى ورحمة، وكرم، ولم يكن فيه قوة عمر ولا سياسته، ولا فيه كمال عدله وزهده، فطمع فيه بعض الطمع، وتوسعوا في الدنيا، وأدخل من أقاربه في الولاية والمال، ودخلت بسبب أقاربه في الولايات والأموال أمور أنكرت عليه.

 

فتولد من رغبة بعض الناس في الدنيا وضعف خوفهم من الله ومنه، ومن ضعفه هو، وما حصل من أقاربه في الولاية والمال ما أوجب الفتنة حتى قتل مظلومًا شهيدًا.

 

وتولى عليٌّ على إثر ذلك والفتنة قائمة، وهو عند كثير منهم متلطخ بدم عثمان، والله يعلم براءته مما نسبه إليه الكاذبون عليه، المبغضون له، كما نعلم براءته مما نسبه إليه الغالون فيه المبغضون لغيره من الصحابة.

 

فإن عليًا لم يعن على قتل عثمان ولا رضي به، كما ثبت عنه. وهو الصادق أنه قال ذلك.

 

فلم تصف له قلوب كثير منهم، ولا أمكنه هو قهرهم حتى يطيعوه، ولا اقتضى رأيه أن يكف عن القتال حتى ينظر ما يؤول إليه الأمر، بل اقتضى رأيه القتال وظن أنه به تحصل الطاعة والجماعة، فما زاد الأمر إلا شدة؛ وجانبه إلا ضعفًا، وجانب من حاربه إلا قوة، والأمة إلا افتراقًا، حتى كان في آخر أمره يطلب هو أن يكف عنه من قاتله، كما كان في أول الأمر يطلب منه الكف. وضعفت خلافة النبوة ضعفًا أوجب أن تصير ملكًا، فأقامها معاوية ملكًا برحمة وحلم، كما في الحديث المأثور: ((تكون نبوة ورحمة، ثم تكون خلافة نبوة ورحمة، ثم يكون ملك ورحمة، ثم يكون ملك.))[66].

 

ولم يتول أحد من الملوك خيرًا من معاوية، فهو خير ملوك الإسلام، وسيرته خير من سيرة سائر الملوك بعده.

 

وعليٌّ آخر الخلفاء الراشدين الذين ولايتهم خلافة نبوة ورحمة، وكل من الخلفاء الأربعة يُشْهَدُ له بأنه من أفضل أولياء الله المتقين، بل هؤلاء الأربعة أفضل خلق الله بعد النبيين.

 

6- لكن إذا جاء القادح فقال في أبي بكر وعمر: أنهما كانا ظالمين متعديين طالبين للرياسة مانعين للحقوق، وأنهما كانا من أحرص الناس على الرياسة، وأنهما ومن أعانهما ظلموا الخليفة المستحق المنصوص عليه من جهة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأنهم منعوا أهل البيت ميراثهم، وأنهما كانا من أحرص الناس على الرياسة والولاية الباطلة، مع ما قد عرف من سيرتهما، كان من المعلوم أن هذا الظن لو كان حقًا فهو أولى بمن قاتل عليها[67] حتى غُلب وسفكت الدماء بسبب المنازعة التي بينه وبين منازعه.

 

ولم يحصل بالقتال مصلحة لا مصلحة الدين ولا مصلحة الدنيا، ولا قوتل في خلافته كافر ولا فرح مسلم، فإن عليًا لا يفرح بالفتنة بين المسلمين وشيعته لم تفرح بها لأنها لم تغلب، والذين قاتلوه لم يزالوا أيضًا في كرب وشدة. وإذا كنا ندفع من يقدح في علي من الخوارج مع ظهور هذه الشبهة، فلأن ندفع من يقدح في أبي بكر وعمر بطريق الأولى والأحرى.

 

وإن جاز أن يظن بأبي بكر أنه كان قاصدًا للرياسة بالباطل مع أنه لم يعرف منه إلا ضد ذلك، فالظن بمن قاتل على الولاية[68] ولم يحصل له مقصوده أولى وأحرى.

 

فإذا ضرب مثل هذا وهذا بإمامي مسجد، وشيخي مكان، أو مدرسي مدرسة كانت العقول كلها تقول: إن هذا أبعد عن طلب الرياسة، وأقرب إلى قصد الدين والخير.

 

فإذا كنا نظن بعليّ أنه كان قاصدًا للحق والدين، وغير مريد علوَّاً في الأرض ولا فسادًا، فظن ذلك بأبي بكر وعمر - رضي الله عنهم - أولى.

وإن ظن ظان بأبي بكر أنه كان يريد العلوَّ في الأرض والفساد، فهذا الظن بعليّ أجدر وأولى.

 

أمَّا أن يقال: إن أبا بكر كان يريد العلوّ في الأرض والفساد، وعليُّ لم يكن يريد علوَّاً في الأرض ولا فساداً مع ظهور السيرتين فهذا مكابرة، وليس فيما تواتر من السيرتين ما يدل على ذلك، بل المتواتر من السيرتين يدل على أن سيرة أبي بكر أفضل.

 

ولهذا كان الذين ادَّعو هذا لعليٍّ أحالو على مالم يعرف، وقالوا: ثَمَّ نصٌّ على خلافته كتم، وثَمَّ عداوة باطنة لم تظهر، بسببها منع حقه.

 

ونحن الآن مقصودنا أن نذكر ما عُلم وتُيقن وتواتر عند العامة والخاصة، وأمّا ما يُذْكر من منقول يدفعه جمهور الناس، ومن ظنون سوء لا يقوم عليها دليل، بل نعلم فسادها، فالمحتج بذلك ممن يتبع الظن، وما تهوى الأنفس، وهو من جنس الكفار وأهل الباطل، وهي مقابلة بالأحاديث من الطرق الأخر.

 

ونحن لم نحتج بالأخبار التي رويت من الطرفين[69] فكيف بالظن الذي لا يغني عن الحق شيئاً؟.

 

فالمعلوم المتيقن المتواتر عند العام والخاص أن أبا بكر كان أبعد عن إرادة العلوِّ والفساد من عمر وعثمان وعليّ، فضلا عن عليّ وحده، وأنه كان أولى بإرادة وجه الله تعالى وصلاح المسلمين من الثلاثة بعده، فضلا عن عليّ، وأنه كان أكمل عقلا ودينًا وسياسة من الثلاثة، وأن ولايته الأمة خير من ولاية عليّ، وأن منفعته للمسلمين في دينهم ودنياهم أعظم من منفعة عليّ - رضي الله عنهم أجمعين -. وإذا كنا نعتقد أنه[70] كان مجتهدًا مريدًا وجه الله بما فعل، وأن ما تركه من المصلحة كان عاجزًا عنه. وما حصل من المفسدة كان عاجزًا عن دفعه، وأنه لم يكن مريدًا للعلوّ في الأرض ولا الفساد، كان هذا الاعتقاد بأبي بكر وعمر وعثمان أولى واخلق وأحرى.

 

فهذا وجه لا يقدر أحد أن يعارضه إلا بما يظن أنه نقل خاص، كالنقل لفضائل عليّ، ولما يقتضي بأنه أولى بالإمامة، وأن إمامته منصوص عليها، وحينئذ فيعارض هذا بنقل الخاص[71] الذين هم أصدق وأكثر لفضائل الصديق، التي تقتضي أنه أولى بالإمامة، وأن النصوص إنما دلت عليه.

 

فما من حجة يسلكها الشيعي إلا وبإزائها للسني حجة من جنسها أولى منها، فإن السنة في الإسلام كالإسلام في الملل، فما من حجة يسلكها كتابي إلا وللمسلم فيها ما هو أحق بالاتباع منها، قال تعالى: ﴿وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا﴾[72].

 

لكن صاحب الهوى الذي له غرض في جهة إذا وجَّه له المخالف لهواه ثقل عليه سمعه واتباعه، قال تعالى: ﴿وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ﴾[73].

 

7- وهنا طريق آخر وهو أن يقال: دواعي المسلمين بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت متوجهة إلى اتباع الحق، وليس لهم ما يصرفهم عنه، وهم قادرون على ذلك، فإذا حصل الداعي إلى الحق، وانتفى الصارف مع القدرة، وجب الفعل. فعلم أن المسلمين اتبعوا فيما فعلوه الحق، وذلك أنهم خير الأمم، وقد أكمل الله لهم الدين، وأتم عليهم النعمة، ولم يكن عند الصديق غرض دنيوي يقدمونه لأجله، ولا عند عليّ غرض دنيوي يؤخرونه لأجله، بل لو فعلوا بموجب الطبع لقدموا عليًا.

 

وكانت الأنصار لو اتبعت الهوى أن تتبع رجالا من بني هاشم أحب إليها من أن تتبع رجل من بني تيم، وكذلك عامة قبائل قريش لاسيما بنو عبد مناف وبنو مخزوم؛ فإن طاعتهم لمنافيٍّ كانت أحب إليهم من طاعة تيميٍّ لو اتبعوا الهوى.

 

وكان أبو سفيان بن حرب، وأمثاله يختارون تقديم عليٍّ. وقد روي أن أبا سفيان طلب من عليٍّ أن يتولى لأجل القرابة التي بينهما.

 

وقد قال أبو قحافة لما قيل له: إن ابنك تولى، قال: أو رضيت بذلك بنو عبد مناف، وبنوا مخزوم؟ قالوا نعم. فعجب من ذلك لعلمه بأن بني تيم كانوا من أضعف القبائل، وأن أشراف قريش كانت من تينك القبيلتين.

 

وهذا وأمثاله مما إذا تدبره العاقل علم أنهم لم يقدموا أبا بكر إلا لتقديم الله ورسوله. لأنه كان خيرهم، وسيدهم، وأحبهم إلى الله ورسوله، فإن الإسلام إنما يقدم بالتقوى لا بالنسب، وأبو بكر كان أتقاهم.

 

8- وهنا طريق آخر وهو أنه تواتر عن النبي أن خير هذه الأمة القرن الأول، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم[74] وهذه الأمة خير الأمم كما دل عليه الكتاب والسنة[75].

 

وأيضًا فأنه من تأمل أحوال المسلمين في خلافة بني أمية فضلا عن زمن الخلفاء الراشدين، علم أن أهل ذلك الزمان كانوا خيرًا وأفضل من أهل هذا الزمان، وأن الإسلام كان في زمنهم أقوى وأظهر.

 

فإن كان القرن الأول قد جحدوا حق الإمام المنصوص عليه، المولىَّ عليهم، ومنعوا أهل بيت نبيهم ميراثهم، وولَّوا فاسقًا وظالمًا، ومنعوا عادلا عالمًا، مع علمهم بالحق فهؤلاء من شر الخلق، وهذه الأمة شر الأمم، لأن هذا فعل خيارها فكيف بفعل شرارها[76].

 

9- وهنا طريق آخر. وهو أنه قد عرف بالتواتر الذي لا يخفى على العامة والخاصة أن أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم كان لهم بالنبي - صلى الله عليه وسلم - اختصاص عظيم، وكانوا من أعظم الناس اختصاصًا به وصحبة له وقربًا إليه، واتصالا به، وقد صاهرهم كلهم، وما عرف عنه أنه كان يذمهم ولا يلعنهم، بل المعروف عنه أنه كان يحبهم ويثني عليهم.

 

وحينئذ: فإما أن يكونوا على الاستقامة ظاهرًا وباطنًا، في حياته وبعد موته، وإما أن يكونوا بخلاف ذلك في حياته أو بعد موته، فإن كانوا على غير الاستقامة مع هذا القرب منه فليزم أحد أمرين: إما عدم علمه بأحوالهم. أو مداهنته لهم، وأيهما كان فهو من أعظم القدح في الرسول - صلى الله عليه وسلم -. كما قيل:

فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة
وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم.

 

إن كانوا انحرفوا بعد الاستقامة فهذا خذلان من الله للرسول - صلى الله عليه وسلم - في خواص أمته، وأكابر أصحابه.

 

ومن كان قد أخبر بما سيكون بعد ذلك، أين كان عن علم ذلك؟ وأين الاحتياط للأمة حتى لا يولىّ مثل هذا أمرها.؟

 

ومن وعد أن يظهر دينه على الدين كله، فكيف يكون أكابر خواصه مرتدين.؟[77].

 

فهذا ونحوه من أعظم ما يقدح به الرافضة في الرسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما قال مالك وغيره: إنما أراد هؤلاء الرافضة الطعن في الرسول، ليقول القائل: رجل سوء، كان له أصحاب سوء ولو كان رجلا صالحًا لكان أصحابه صالحين.

 

ولهذا قال أهل العلم: إن مذهب الرافضة دسيسة الزندقة، وأنه وضع عليها.

 

10- وطريق آخر [وهو] أن يقال: الأسباب الموجبة لعليّ - إن كان هو المستحق - قوية، والصوارف منتفية، والقدرة حاصلة ومع وجود الداعي والقدرة وانتفاء الصارف يجب الفعل، وذلك أن عليًا هو ابن عم نبيهم، ومن أفضلهم نسبًا، ولم يكن بينه وبين أحد عداوة، لا عداوة نسب، ولا إسلام، بأن يقول القائل: قتل أقاربهم في الجاهلية، وهذا المعنى منتف في الأنصار، فإنه لم يقتل أحدًا من أقاربهم، ولهم الشوكة، ولم يقتل من بني تيم، ولا عدي ولا كثير من القبائل أحدًا.

 

والقبائل التي قتل منها كبني عبد مناف كانت تواليه وتختار ولايته لأنه إليها أقرب، فإذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - نص على ولايته، أو كان هو الأفضل المستحق لها، لم يكن هذا مما يخفى عليهم، وعلمهم بذلك يوجب انبعاث إرادتهم إلى ولايته إذا لم يكن هناك صارف يمنع، والأسباب كانت مساعدة لهذا الداعي، ولا معارض لها ولا صارف أصلا.

 

ولو قدر أن الصارف كان في نفر قليل، فجمهور المسلمين لم يكن لهم فيها صارف يصرفهم عنه، بل هم قادرون على ولايته.

 

ولو قالت الأنصار: عليّ هو أحق بها من سعد ومن أبي بكر ما أمكن أولئك النفر من المهاجرين أن يدافعوهم، وقام أكثر الناس مع عليّ ولا سيما وقد كان جمهور الذين في قلوبهم مرض يبغضون عمر لشدته عليهم، وبغض الكفار والمنافقين لعمر أعظم من بغضهم لعليّ بما لا نسبة بينهما، بل لم يعرف أن عليًا كان يبغضه الكفار والمنافقون، إلا كما يبغضون أمثاله، بخلاف عمر فإنه كان شديدًا عليهم وكان من القياس أن ينفروا عن وجهة فيها عمر.

 

ولهذا لما استخلفه أبو بكر كره خلافته طائفة، حتى قال طلحة: ماذا تقول لربك إذا وليت علينا فظاً غليظاً؟ فقال: أبالله تخوفني؟ أقول: وليت عليهم خير أهلك[78].

 

فإذا كان أهل الحق مع عليّ فمن الذي يغلبه إذا كان الحق معه، وهب أنهم إذا قاموا لم يغلبوا، أما كانت الدعاوى المعروفة في مثل ذلك توجب أن يجري في ذلك قيل وقال، ونوع من الجدال، أوليس ذلك أولى بالكلام فيه من الكلام بولاية سعد؟ فإذا كانت الأنصار بشبهة لا أصل لها طمعوا أن يأتمر سعد فمن يكون فيهم المحق؟ ونص الرسول الجلي كيف لا يكون أعوانه أطمع في الحق؟ فإذا كان لم ينبز متكلم منهم بكلمة واحدة في ذلك ولم يدع داع إلى عليّ لا هو ولا غيره. واستمر الأمر على ذلك إلى أن بويع له بعد مقتل عثمان فحينئذ قام هو وأعوانه فطلبوا وقاتلوا، ولم يسكتوا حتى كادوا يغلبوا، فعلم بالإضطرار أن سكوتهم أولا كان لعدم المقتضى لا لوجود المانع، وأن القوم لم يكن عندهم علم بأن عليًا هو الأحق؛ فضلا عن نص جلي، وأنه لما بدا لهم استحقاقه قاموا معه مع وجود المانع، وقد كان أبو بكر - رضي الله عنه - أبعدهم عن الممانعة من معاوية بكثير كثير، لو كان لعليّ حق فإن أبا بكر لم يدع إلى نفسه، ولا أرغب ولا أرهب، ولا كان طالبًا للرئاسة بوجه من الوجوه، ولا كان في أول الأمر يمكن أحد من القدح في علي كما أمكن ذلك بمقتل عثمان، فإنه حينئذ نسبه كثير من شيعة عثمان إلى أنه أعان على قتله، وبعضهم يقول خذله، وكان قتلة عثمان في عسكره، وكان هذا من الأمور التي منعت كثيرًا من مبايعته، وهذه الصوارف كانت، منتفية في أول الأمر، فكان جنده أعظم، وحقه إذ ذاك - لو كان مستحقًا - أظهر، ومنازعوه أضعف داعيًا، وأضعف قوة، وليس هناك داع قوي يدعوا إلى منعه؛ كما كان بعد مقتل عثمان، ولا جند يجمع على مقاتلته كما كان بعد مقتل عثمان.

 

وهذه الأمور وأمثالها من تأملها تبين له انتفاء استحقاقه إذ ذاك بيانًا لا يمكنه دفعه عن نفسه، فلو تبين أن الحق لعليّ وطلبه لكان أبو بكر: إما أن يسلم إليه، وإما أن يجامله، وإما أن يعتذر إليه.

 

ولو قام أبو بكر وهو ظالم يدافع عليًا وهو محق، لكانت الشريعة والعقل توجب أن يكون الناس مع عليّ المحق المعصوم[79] على أبي بكر المعتدي الظلوم، لو كان الأمر كذلك، لاسيما والنفوس تنفر عن مبايعة من ليس من بيت الولاية أعظم وأكثر لو كان أحق، وهي عن أبي بكر من كل وجه كانت أبعد، لو كان ظالمًا.

 

لكن لما كان المقتضى مع أبي بكر - وهو دين الله - قويًا، والإسلام في جدته وطراوته وإقباله، كان أتقى لله ألا يصرفوا الحق عمَّن يعلمون أنه الأحق إلى غيره، ولو كان لبعضهم هوى مع الغير.

 

وأما أبو بكر فلم يكن لأحد معه هوى إلا هوى الدين الذي يحبه الله ويرضاه.

 

فهذه الأمور وأمثالها من تدبرها علم بالاضطرار أن القوم علموا أن أبا بكر هو الأحق بخلافة النبوة، وأن ولايته أرضى لله ورسوله فبايعوه وإن لم يكن ذلك لزم أن يعرفوا ويحرفوا، وكلاهما ممتنع عادة ودينًا ولأسباب متعددة.

 

فهذا المعلوم اليقيني لا يندفع بأخبار لا يعلم صحتها، فكيف إذا علم كذبها؟ وألفاظ لا تعلم دلالتها، فكيف إذا علم انتفاء دلالتها، ومقاييس لا نظام لها، يعارضها من المعقول والمنقول الثابت الإسناد المعلوم المدلول ما هو أقوى وأولى بالحق وأحرى.

 

وهؤلاء الرافضة الذين يدفون الحق المعلوم يقينًا بطرق كثيرة علمًا لا يقبل النقيض بشبهة في غاية الضعف، وهم من أعظم الطوائف الذين في قلوبهم الزيغ الذين يتبعون المتشابه ويدعون المحكم، كالنصارى والجهمية وأمثالهم من أهل البدع والأهواء الذين يَدَعُونَ النصوص الصحيحة الصريحة التي توجب العلم، ويعارضونها بشبه لا تفيد إلا الشك لو تجرده لم تثبت. وهذا في المقولات سفسطة كالسفسطة[80] في العقليات، وهو القدح فيما علم بالحس والعقل، بشبهة تعارض ذلك.

 

فمن أراد أن يدفع العلم اليقيني المستقر في القلوب بالشبه فقد سلك مسلك السفسطة، فإن السفسطة أنواع، أحدها: النفي والجحد والتكذيب، إما بالوجود، وإما بالعلم به.

والثاني: الشك والريب، وهذه طريقة اللا أدرية، الذين يقولون: لا ندري، فلا يثبتون ولا ينفون، لكنهم في الحقيقة قد نفوا العلم، وهو نوع من النفي.

الثالث: قول من يجعل الحقائق تبعًا للعقائد، فيقول: من اعتقد العالم قديما فهو قديم، ومن اعتقده محدثًا فهو محدث.

 

وإذا أريد بذلك أنه قديم عنده، ومحدث عنده فهذا صحيح فإن هذا هو اعتقاده. لكن السفسطة أن يراد أنه كذلك في الخارج.

 

11- وإذا كان كذلك فالقدح فيما علم من أحوال الرسول - صلى الله عليه وسلم - مع الخلفاء الثلاثة، وما علم من سيرتهم بعده بأخبار يرويها الرافضة يكذبهم فيها جماهير الأمة، من أعظم السفسطة.

 

ومن روى لمعاوية وأصحابه من الفضائل ما يوجب تقديمه على عليّ وأصحابه كان كاذبًا مبطلا مسفسطًا.

 

ومع هذا فكذب الرافضة الذين يروون ما يقدح في إيمان الخلفاء الثلاثة ويوجب عصمة عليّ، أعظم من كذب من يروي ما يفضّل به معاوية على عليّ، وسفسطتهم أكثر، فإن ظهور إيمان الثلاثة أعظم من ظهور فضل عليّ على معاوية من وجوه كثيرة، وإثبات عصمة عليّ أبعد عن الحق من إثبات فضل معاوية [على عليّ].

 

12- ثم خلافة أبي بكر وعمر هي من كمال نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - ورسالته، مما يظهر أنه رسول حق، ليس ملكًا من الملوك.

 

فإن عادة الملوك إيثار أقاربهم وبالولايات لوجوه: أحدها: محبتهم لأقاربهم أكثر من الأجانب، لما في الطباع من ميل الإنسان إلى قرابته.

 

والثاني لأن أقاربهم يريدون إقامة ملكهم مالا يريده الأجنبي، لأن في عز قريب الإنسان عز لنفسه، ومن لم يكن له أقارب من الملوك استعان بمماليكه ومواليه، فقربهم واستعان بهم، وهذا موجود في ملوك المسلمين والكفار.

 

ولهذا لما كان ملوك بني أمية وبنوا العباس ملوكًا كانوا يريدون أقاربهم ومواليهم بالولايات أكثر من غيرهم، وكان ذلك مما يقيمون به ملكهم.

 

وكذلك ملوك الطوائف كبني بويه، وبني سلجق وسائر الملوك بالشرق والغرب، والشام واليمن، وغير ذلك.

 

وهكذا ملوك الكفار من أهل الكتاب والمشركين، كما يوجد في ملوك الفرنج وغيرهم، وكما يوجد في آل جنكيز خان بأن الملوك تبقى في أقارب الملك، ويقولون: هذا من العظم، وهذا ليس من العظم، أي أقارب الملك.

 

وإذا كان كذلك فتولية أبي بكر وعمر بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - دون عمه العباس وبني عمه عليّ وعقيل، وربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، وأبي سفيان بن الحارث ابن عبد المطلب وغيرهم، ودون سائر بني عبد مناف كعثمان بن عفان وخالد بن سعيد وغيرهم من بني عبد مناف، الذين كانوا أجل قريش قدرًا وأقرب نسبًا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من أعظم الأدلة على أن محمدًا عبد الله ورسوله وأنه ليس ملكًا حيث لم يقدم في خلافته أحدًا لا بقرب نسب، ولا بشرف بيته، بل إنما قدم بالإيمان والتقوى.

 

ودل ذلك على أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - وأمته من بعده إنما يعبدون الله ويطيعون أمره، لا يريدون ما يريده غيرهم من العلو في الأرض، ولا يريدون أيضًا ما أبيح لبعض الأنبياء من الملك، فإن الله خير محمدًا بين أن يكون عبدًا ورسولا، وبين أن يكون ملكًا نبيًا، فاختار أن يكون عبدًا ورسولا[81].

 

وتوليه أبي بكر وعمر تعد من تمام ذلك، فإنه لو قدم أحدًا من أهل بيته لكانت تشتبهه لمن يظن أنه جمع المال لورثته.

 

فلما لم يستخلف أحدًا من أهل بيته، ولا خلَّف لهم مالا: كان هذا مما يبين أنه كان من أبعد الناس عن طلب الرئاسة والمال، وإن كان ذلك مباحًا، وأنه لم يكن من الملوك الأنبياء، بل كان عبدالله ورسوله، كما قال - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: ((إني والله لا أعطي أحدًا ولا أمنع أحدًا، وإنما أنا قاسم أضع حيث أمرت.))[82].

 

وقال: ((إن ربي خيرني بين أن أكون عبدًا ورسولا، أو نبيًا ملكاً، فقلت: بل عبدًا ورسولا.))[83].

 

وإذا كان هذا مما يدل على تنزيهه عن كونه من الملوك الأنبياء، فدلالة ذلك على نبوته، ونزاهته عن الكذب والظلم أعظم وأعظم.

 

ولو تولى بعده عليّ أو واحد من أهل بيته لم تحصل هذه المصالح، والألطاف العظيمة.

 

13- وأيضًا فإنه من المعلوم أن الإسلام في زمن علي كان أظهر وأكثر مما كان في خلافة أبي بكر وعمر، وكان الذين قاتلهم عليُ أبعد عن الكفر من الذين قاتلهم أبو بكر وعمر، فإن أبا بكر قاتل المرتدين وأهل الكتاب، مع ما حصل للمسلمين بموت النبي - صلى الله عليه وسلم - من الضعف العظيم، وما حصل من الإرتداد لأكثر البوادي وضعف قلوب أهل الأمصار، وشك كثير في جهاد مانعي الزكاة وغيرهم.

 

ثم عمر تولى قتال أمتين عظيمتين لم يكن في العادة المعروفة أن أهل الحجاز واليمن يقهرونهم، وهما فارس والروم فقهرهم وفتح بلادهم، وتمم عثمان ما تمم من فتح المشرق والمغرب.

 

ثم فتح بعد ذلك في خلافة بني أمية ما فتح بالمشرق والمغرب، كما وراء النهر والأندلس، وغيرهما مما فتح في خلافة عبدالملك.

 

فمعلوم أنه لو تولى غير أبي بكر وعمر بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل عليّ أو عثمان لم يمكنه أن يفعل ما فعلا، فإن عثمان لم يفعل ما فعلاه مع قوة الإسلام في زمانه، وعليّ كان أعجز من عثمان، وكان أعوانه أكثر من أعوانهما، وعدوه أقل وأقرب إلى الإسلام من عدوهما، ومع هذا فلم يقهر عدوه، فكيف يمكنه قهر المرتدين، وقهر فارس والروم، مع قلة الأعوان وقوة العدو؟!


وهذا مما يبين فضل أبي بكر وعمر، وتمام نعمة الله بهما على محمد - صلى الله عليه وسلم - وعلى الناس بعده، وأن من أعظم نعم الله تولية أبي بكر وعمر بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإنه لو تولى غيرهما كان لم يفعل ما فعلاه، إما لعدم القدرة وإما لعدم الإرادة.

 

فإنه إذا قيل: لِمَ لَمْ يغلب عليٌ معاوية وأصحابه؟ فلابد أن يكون سبب ذلك إما عدم كمال القدرة، وإما عدم كمال الإرادة، وإلا فمع كمال القدرة، وكمال الإرادة يجب وجود الفعل، ومن تمام القدرة طاعة الأتباع له، ومن تمام الإرادة ما هو الأصلح الأنفع لله ولرسوله.

 

وأبو بكر وعمر كانت قدرتهما أكمل وإرادتهما أفضل، فبهذا نصر الله بهما الإسلام، وأذل بهما الكفر والنفاق.

 

وعليٌ - رضي الله عنه - لم يؤت من كمال القدرة والإرادة ما أوتيا.

 

والله تعالى كما فضل بعض النبيين على بعض، فضل بعض الخلفاء على بعض، فلما لم يؤت ما أوتيا، لم يمكنه أن يفعل في خلافته ما فعلا، وحينئذ فكان عن ذلك بموت النبي صلى الله وسلم أعجز وأعجز، فإنه على أي وجه قدر ذلك فإن غاية ما يقول المتشيع: إن أتباعه لم يكونوا يطيعونه.

 

فيقال: إذا كان الذين بايعوه لم يطيعوه فكيف يطيعه من لم يبايعه.؟

 

وإذا قيل: لو بايعوه بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم - لفعل بهم أعظم مما فعل أبو بكر وعمر.

 

فيقال: قد بايعه أكثر ممن بايع أبا بكر وعمر ونحوهما، وعدوه أضعف وأقرب إلى الإسلام من عدو أبي بكر وعمر، ولم يفعل ما يشبه فعلهما فضلا عن أن يفعل أفضل منه.

 

وإذا قال القائل: إن أتباع أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - أعظم إيمانًا وتقوى فنصرهم الله لذلك.

 

قيل: هذا يدل على فساد قول الرافضة، فإنهم يقولون: إن أتباع أبي بكر وعمر كانوا مرتدين، أو فاسقين، وإذا كان نصرهم وتأييدهم لأيمانهم وتقواهم، دل ذلك على أن الذين بايعوهما أفضل من الشيعة الذين بايعوا عليًا.

 

وإذا كان المقرون بإمامتهما أفضل من المقرين بإمامة عليّ دل ذلك على أنهما أفضل منه.

 

وإن قالوا: إن عليًا إنما لم ينتصر لأن أتباعه كانوا يبغضونه، ويختلفون عليه.

 

قيل هذا أيضًا يدل على فساد قول الشيعة: إن الذين بايعوا عليًا وأقروا بإمامته أفضل ممن بايع أبا بكر وعمر وأقر بإمامتهما، فإذا كان أولئك الشيعة الذين بايعوا عليًا عصاة للإمام كانوا من أشر الناس، فلا يكون في الشيعة طائفة محمودة أصلا، ولا طائفة ينتصر بها على العدو فيمتنع أن يكون علي مع الشيعة قادرًا على قهر الكفار.

 

14- وبالجملة فلابد من كمال حال أبي بكر وعمر واتباعهما، فالنقص الذي حصل في خلافة عليّ [فلابد] من إضافة ذلك: إما إلى أتباعه وإما إلى المجموع، وعلى تقدير كلٍ فيلزم أن يكون أبو بكر وعمر وأتباعهما أفضل من عليّ وأتباعه.

 

فإنه إن كان سبب الكمال والنقص من الإمام ظهر فضلهما عليه، وإن كان من أتباعه كان المقرون بإمامتهما أفضل من القرين بإمامته.

 

فتكون أهل السنة أفضل من الشيعة وذلك يستلزم كونهما أفضل منه لأن مامتاز به الأفضل أفضل مما امتاز به المفضول.

 

وهذا بين لمن تدبره، فإن الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم - وقاتلوا معهم، هم أفضل من الذين بايعوا عليًا وقاتلوا معه، فإن أولئك فيهم من عاش بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان - رضي الله عنهم ورضوا عنه - وعامة السابقين الأولين عاشوا بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما توفي منهم او قتل في حياته قليل منهم.

 

والذين بايعوا عليًا فيهم من السابقين والتابعين بإحسان بعض من بايع أبا بكر وعمر وعثمان، وأما سائرهم فمنهم من لم يبايعه ولم يقاتل معه، كسعد بن أبي وقاص، وأسامة بن زيد وابن عمر، ومحمد بن مسلمة وزيد بن ثابت، وأبي هريرة وأمثال هؤلاء من السابقين والذين اتبعوهم بإحسان.

 

ومنهم من قاتله كالذين كانوا مع طلحة والزبير وعائشة ومعاوية من السابقين والتابعين.

 

وإذا كان الذين بايعوا الثلاثة وقاتلوا معهم أفضل من الذين بايعوا عليًا وقاتلوا معه لزم أن يكون كل من الثلاثة أفضل [منه] لأن عليًا كان موجودًا على عهد الثلاثة، فلو كان هو المستحق للإمامة دون غيره كما تقوله الرافضة، أو كان أفضل وأحق بها كما يقوله من يقوله من الشيعة[84] لكان أفضل الخلق قد عدلوا عمّا أمرهم الله به ورسوله، إلى مالم يؤمروا به، بل إلى ما نهوا عنه وكان الذين بايعوا عليًا وقاتلوا معه فعلوا ما أمروا به.

 

ومعلوم أن من فعل ما أمر به الله ورسوله كان أفضل ممن تركه، وفعل ما نهى الله عنه ورسوله، فلزم لو كان قول الشيعة حقًا أن يكون ما فعلوه من الخير أفضل مما فعله الثلاثة.

 

وهذا خلاف المعلوم بالإضطرار الذي تواترت به الأخبار وعلمته البوادي والحضار، فإنه في عهد الثلاثة جرى من ظهور الإسلام وعلوه وانتشاره، وانتصاره وعزه، وقمع المرتدين، وقهر الكفار من أهل الكتاب والمجوس وغيرهم مالم يجر بعدهم مثله.

 

وعليّ - رضي الله عنه - فضَّله الله وشرفه بسوابقه الحميدة وفضائله العديدة لا بما جرى في زمن خلافته من الحوادث بخلاف أبي بكر وعمر وعثمان، فإنهم فضلوا مع السوابق الحميدة، والفضائل العديدة بما جرى في خلافتهم من الجهاد في سبيل الله، وإنفاق كنوز كسرى وقيصر، وغير ذلك من الحوادث المشكورة والأعمال المبرورة.

 

وكان أبو بكر وعمر أفضل سيرة وأشرف سريرة من عثمان وعلي - رضي الله عنهم أجمعين - فهذا كانا أبعد عن الملام، وأولى بالثناء العام حتى لم يقع في زمانهما شيء من الفتن، فلم يكن للخوارج في زمنهما لا قول مأثور ولا سيف مشهور، بل كان كل سيوف المسلمين مسلولة على الكفار، وأهل الإيمان في إقبال وأهل الكفر في إدبار.

 

ثم إن الرافضة أو أكثرهم لفرط جهلهم وضلالهم يقولون: إنهم ومن اتبعهم كانوا كفارًا مرتدين، وأن اليهود والنصارى خير منهم، لأن الكافر الأصلي خير من المرتد.

 

وقد رأيت هذا في عدة من كتبهم، وهذا القول من أعظم الأقوال افتراءًا على أولياء الله المتقين وحزبه المفلحين وجنده الغالبين.

 

15- ومن الدلائل الدالة على فساد [هذا الإفتراء] أن يقال: من المعلوم بالاضطرار والمتواتر من الأخبار أن المهاجرين هاجروا من مكة وغيرها إلى المدينة، وهاجر طائفة منهم كعمر وعثمان وجعفر بن أبي طالب هجرتين: هجرة إلى الحبشة، وهجرة إلى المدينة وكان الإسلام إذ ذاك قليلا، والكفار مسئولون على عامة الأرض، وكانوا يؤذون بمكة ويلقون من أقاربهم وغيرهم من المشركين من الأذى مالا يعلمه إلا الله، وهم صابرون على الأذى متجرعون مرارة البلوى، وفارقوا الأوطان وهجروا الخلان لمحبة الله ورسوله والجهاد في سبيله، كما وصفهم الله تعالى بقوله: ﴿لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾.[85].

 

وهذا كله فعلوه طوعًا واختيارًا من تلقاء أنفسهم لم يكرههم عليه مكره، ولا ألجاهم إليه أحد، فإنه لم يكن للإسلام إذ ذاك من القوة ما يكره به أحد على الإسلام. وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ ذاك هو ومن تبعه منهيين عن القتال، مأمورين بالصفح والصبر، فلم يسلم أحد إلا باختياره، ولا هاجر أحد إلا باختياره، ولهذا قال أحمد بن حنبل وغيره من العلماء إنه لم يكن من المهاجرين من نافق، وإنما كان النفاق في قبائل الأنصار لما ظهر الإسلام بالمدينة ودخل فيه قبائل الأوس والخزرج.

 

ولما صار للمسلمين دار يمتنعون بها ويقاتلون دخل الإسلام من أهل المدينة وممن حولهم من الأعراب من دخل خوفًا، وكانوا منافقين، كما قال تعالى: ﴿وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاق لَاتَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ﴾[86].

 

ولهذا إنما ذكر النفاق في السور المدنية، وأما السور المكية فلا ذكر فيها للمنافقين فإن من أسلم قبل الهجرة لم يكن فيهم منافق، والذين هاجروا لم يكن فيهم منافق، بل كانوا مؤمنين بالله ورسوله محبين لله ولرسوله، وكان الله ورسوله أحب إليهم من أولادهم وأهلهم وأموالهم.

 

وإذا كان كذلك علم أن رميهم - أو رمي أكثرهم أو بعضهم بالنفاق كما يقوله من يقوله من الرافضة من أعظم البهتان الذي هو نعت الرافضة وإخوانهم من اليهود.

 

فإن النفاق كثير ظاهر في الرافضة إخوان اليهود، ولا يوجد في الطوائف أكثر وأظهر نفاقًا منهم حتى يوجد فيهم النصيرية، والإسماعيلية وأمثالهم ممن هو من أعظم الطوائف نفاقًا وزندقة وعداوة لله ولرسوله.

 

16- وكذلك دعواهم عليهم الردة من أعظم الأقوال بهتانًا فإن المرتد إنما يرتد لشبهة أو شهوة ومعلوم أن الشبهات والشهوات في أوائل الإسلام كانت أقوى، فمن كان إيمانهم مثل الجبال في حال ضعف الإسلام كيف يكون إيمانهم بعد ظهور آياته وانتشار أعلامه؟.

 

وأما الشهوة: فسواء كانت شهوة رياسة، أو مال، أو نكاح أو غير ذلك، كانت في أول الإسلام أولى بالإتباع، فمن خرجوا من ديارهم، وأموالهم وتركوا ما كانوا عليه من الشرف والعز، حبًا لله ورسوله طوعًا غير إكراه كيف يعادون الله ورسوله طلبًا للشرف والمال؟.


ثم هم في حال قدرتهم على المعاداة وقيام المقتضى للمعاداة لم يكونوا معادين لله ورسوله، بل موالين لله ورسوله معادين لمن عادى الله ورسوله.

 

فحين قوي المقتضى للموالاة، وضعفت القدرة على المعادات يفعلون نقيض هذا؟.

هل يظن هذا إلا من هو من أعظم الناس ضلالا؟.

 

وذلك أن الفعل إذا حصل معه كمال القدرة عليه وكمال الإرادة له وجب وجوده.

 

وهم في أول الإسلام كان المقتضى لإرادة معاداة الرسول أقوى لكثرة أعدائه، وقلة أوليائه وعدم ظهور دينه.

 

وكانت قدرة من يعاديه باليد واللسان حينئذ أقوى، حتى كان يعاديه آحاد الناس ويباشرون أذاه بالأيدي والألسن.

 

ولما ظهر الإسلام وانتشر كان المقتضي للمعاداة أضعف والقدرة عليها أضعف.

 

ومن المعلوم أن من ترك المعاداة أولا ثم عاداه ثانيًا لم يكن إلا لتغير إرادته أو قدرته.

 

ومعلوم أن القدرة على المعاداة كانت أولا أقوى والموجب لإرادة المعادات كان أولا أولى، ولم يتجدد عندهم ما يوجب تغير إرادتهم ولا قدرتهم فعلم علمًا يقينيًا أن القوم لم يتجدد عندهم ما يوجب الردة عن دينهم البتة.

 

والذين ارتدوا بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما كانوا ممن أسلم بالسيف كأصحاب مسيلمة وأهل نجد.

 

فأما المهاجرون الذين أسلموا طوعًا فلم يرتد منهم - ولله الحمد - أحد، وأهل مكة لما اسلموا بعد فتحها همَّ طائفة منهم بالردة ثم ثبتهم الله بسهيل بن عمرو.

 

وأهل الطائف لما حاصرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد فتح مكة، ثم رأوا ظهور الإسلام فأسلموا مغلوبين فهموا بالردة، فثبتهم الله بعثمان بن أبي العاص.

 

والأنصار هم الذين قاتلوا الناس على الإسلام، لهذا لم يرتد من أهل المدينة أحد، بل ضعف غالبهم بموت النبي - صلى الله عليه وسلم - وذلَّت أنفسهم عن الجهاد على دينه حتى ثبتهم الله وقواهم بأبي بكر الصديق - رضي الله عنه - فعادوا إلى ما كانوا عليه من قوة اليقين وجهاد الكافرين، فالحمد لله الذي منَّ على الإسلام وأهله بصديق الأمة، الذي أيد الله به دينه في حياة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وحفظه به بعد وفاته، فالله يجزيه عن الإسلام وأهله خير الجزاء.



[1] رواه مسلم رقم 2577 (ج4 ص 1994).

[2] مثل النبوات له فقد ذكر طرقًا كثيرة يعرف بها الصادق من الكاذب في هذا الباب.

[3] ذكره الذهبي في الميزان 3/561، وقال: اتهم بالزندقة فصلب.

[4] هو: وهب بن وهب بن كثير أبو البحتري القاضي قال أحمد كان يضع الحديث، انظر الميزان 4/353.

[5] انظر الميزان 1/106 وذكر بعض الأمثلة مما وضعه.

[6] لم أجد هذا الإسم في كتب الضعفاء والكذابين، فلعل الإسم فيه تحريف.

[7] هو سليمان بن عمرو، قال أحمد: كان يضع الحديث، وقال يحيى القطان: كان معروفًا بوضع الحديث، انظر الميزان 2/216.

[8] هو عبدالله بن لهيعة بن عقبة الحضرمي قاضي مصر وعالمها، ضعفوه، , انظر الميزان 2/475.

[9] رواه الإمام أحمد في المسند 4/126، 127. وأبو داود 5/13 رقم 4607، وابن ماجة 1/15، 16، 17. والترمذي 5/44 رقم 2676 وقال: حسن صحيح، وصححه غيره أيضًا من أهل العلم.

[10] رواه الإمام أحمد في المسند 4/378- 379، والترمذي 4/67 وقال: حديث غريب، ورواه ابن جرير بأسانيد صحيحة. انظر التفسير 1/186.

[11] رواه أبو داود في السنن 3/316 برقم 2894. والترمذي 3/419 برقم 2100. وابن ماجه 2/909 رقم 2724.

[12] رواه مسلم انظر رقم 1689، وأبو داود 4/697 رقم 4570، وابن ماجه رقم 3640.

[13] رواه البخاري في عدة مواضع من صحيحه انظر الإستئذان الباب رقم 13 والبيوع الباب رقم 9 والاعتصام الباب رقم 32، ومسلم في الأدب رقم 2153، وأبو داود رقم 5181 وغيرهم.

[14] رواه أبو داود في السنن 3/339 رقم 2927 والترمذي رقم 211 وابن ماجه رقم 2642.

[15] رواه أبو داود في السنن 2/723 رقم 2300 والترمذي 3/508 رقم 1204 والنسائي 6/199.

[16] رواه أبو داود 2/180 رقم 1521، والترمذي رقم 3009 وقال: حسن، وابن ماجه رقم 1395.

[17] أي الفقهاء السبعة وقد ذكرهم.

[18] رواه العقيلي وليس في هذا متن يصح، ورواه الدارقطني، انظر تنزيه الشريعة 2/69.

[19] هكذا وفي تذكرة الموضوعات: ((زكاة الأرض يبسها.)) وقال: احتج به الحنفية ولا أصل له في المرفوع، بل هو موقوف على محمد بن علي الباقر ص33، قال ابن عبدالهادي: لا يعرف له اسناد ولا أصل.

[20] قال في نصب الراية رواه الطبراني في الأوسط وذكر سنده وفيه قصة، انظره هناك 4/17.

[21] رواه الدارقطني في السنن 4/138 وكذلك 4/135 وصحح وقفه على عمر، وذكر عن ابن عمر أنه كره بيع المدبر، وقال: هذا هو الصحيح 4/138، وانظر ص 134.

[22] رواه الدارقطني بلفظ: ((نهى عن عسب الفحل وعن قفيز الطحان. )) انظر 3/47، وأبو يعلى 2/301.

[23] ذكره ابن عدي في ترجمة يحيى بن عنبسة وقال: هو من قول ابراهيم النخعي، ورواه البيهقي من طريق ابن عدي في السنن 4/132 وابن حبان في الضعفاء 3/124.

[24] رواه أحمد في المسند 1/231، والدارقطني في السنن 2/21 وفيه أبو حباب متروك.

[25] رواه الدارقطني في السنن 2/189 وابن أبي شيبة في المصنف 4/452.

[26] رواه ابن الجوزي في العلل المتناهية 2/307، ورواه أحمد في المسند 2/204.

[27] رواه الدارقطني في السنن من طريق مبشر بن عبيد وهو متروك الحديث 3/245 والبيهقي 7/133.

[28] رواه الدارقطني في السنن 3/35.

[29] رواه ابن الجوزي في العلل المتناهية 1/383 و384.

[30] هكذا وفي الميزان 3/53: ((نهى عن البتيراء أن يصلي الرجل واحدة يوتر بها قال ابن القطان: هذا شاذ لا يعرج على رواته، ورواه ابن عبدالبر في التمهيد.

[31] رواه ابن عدي في الكامل 2/524 - 525 في ترجمة ثابت بن حماد وابن الجوزي في العلل من طريقه انظر العلل المتناهية 1/331 وانظر تلخيص الحبير 1/32.

[32] رواه ابن عدي في الكامل 4/1340 و6/2042. والدارقطني في السنن 1/151 والبيهقي 1/116 وعبدالرزاق حديث رقم 100.

[33] رواه الدارقطني في السنن 1/293- 294 - 295 وانظر المنار المنيف 137.

[34] قال الإمام أحمد: هذا الحديث كذب منكر، والحديث في المسند 6/115.

[35] الأية 52 من سورة الأنعام.

[36] الأية 28 من سورة الكهف.

[37] قال السيوطي في الدر أخرجه الزبير بن بكار في أخبار المدينة وذكر قصة في المعنى 2/274.

[38] هذا من وضع الرافضة الحاقدين على الإسلام لما قتل عمر رفعوا قدره لأنه شفى بعض غيضهم.

[39] رواه الإمام أحمد في المسند 5/322 وألَّف جماعة في ذلك منهم السخاوي (نظم اللآل) والسيوطي (القول الدال) وغيرهما.

[40] حديث رأيت ربي تبارك وتعالى رواه أحمد في المسند 1/285- 290 وابن أبي عاصم في السنة 1/188، 189، 190 والآجري في الشريعة ص494، 496 وغيرهم، والحديث ((رأيت ربي الليلة في أحسن صورة)) رواه الطبراني في الكبير 1/296 والبغوي في شرح السنة 4/35، وكل أحاديث الرؤية المقصود بها رؤية منامية، ولم يقع المعراج في المدينة كما زعمه بعض العلماء كأبي شامة وغيره، ولو وقع ذلك لم يخف بل ينقل أكثر مما نقل ما وقع في مكة حيث كثر الصحابة وآمنوا وأمنوا من الكفار. وهو حدث عظيم كما نوه الله به لما وقع في مكة.

[41] رواه الترمذي رقم 3233.

[42] مما لا يشك عاقل بكذبه. وذكره ابن القيم في المنار وقال: لعن الله واضعه ما أجرأه على الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

[43] محمد بن طاهر بن علي القيسراني له ترجمة في سير أعلام النبلاء 19/361، وفي الميزان 3/587 وكتابه السماع طبع في القاهرة سنة 1390 ولم أجد هذا الحديث فيه.

[44] هو عمر بن محمد بن عبدالله السهروردي أحد أقطاب التصوف في وقته له عوارف المعارف المطبوع مع الإحياء توفي سنة اثنتين وثلاثين وستمائة، انظر السير للذهبي 22/373 وهذا الحديث رواه في كتابه ذلك انظر في هامش احياء علوم الدين للغزالي 2/294 ولايشك عاقل عارف بحال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأنه كذب.

[45] كانت العبارة غير مستقيمة فصححتها من عوارف المعارف المطبوع على هامش الإحياء 2/295.

[46] هكذا وهو غير واضح والمقصود أنهم يغدرون بالأنبياء وفي تعليق ابن عبدالهادي إذا كان القدر.

[47] يعني أنه لم يصح فيه إلا الأمر بصومه وفضله، وأما فضل الكحل وما عطف عليه فهو موضوع وقد ذكر ذلك ابن القيم في المنار ص111.

[48] ذكر الفتني في تذكرة الموضوعات أن العراقي قال إن حديث التوسعة على العيال في عاشور على شرط مسلم، والصواب ما ذكره الشيخ هنا.

[49] ذكر هذا شيخ الإسلام بتفصيل وبيان أكثر في مجموع الفتاوى 25/330، 312، 313، وذكر أن قول أحمد هذا رواه عن أحمد حرب الكرماني.

[50] قال الحافظ ابن حجر في تبيين العجب: (ولم يرد في فضل رجب ولا في صيامه ولا في صيام شيء منه معين ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه؛ حديث صحيح يصلح للحجة وقد سبقني إلى الجزم بذلك أبو اسماعيل الهروي ص21 ويظهر من هذا أنه لم يطلع على كلام شيخ الإسلام فيه.

[51] يعني لم يعملوا بها.

[52] في الأصل: (وأئمة الصحابة) والظاهر أن الصواب ما أثبته.

[53] ذكر ذلك شيخ الإسلام في مقدمة التفسير ص346 من الجزء الثالث عشر من المجموع، ورواه القيسراني بسنده ولفظه:

(ثلاثة كتب ليس لها أصل المغازي والملاحم والتفسير) انظر مسألة السماع ص77.

[54] يعني ابن المطهر صاحب نهج الكرامة كما زعم.

[55] الحديث في البخاري 8/162- 163، ومسلم 3/1296- 1298 وغيرهما.

[56] يعنى ما يدعيه الرافضة من أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نص على خلافة علي بعده.

[57] الزيدية تدعي أن عليًا نص على خلافته نصًا خفيًا يعني إشارة إلى خلافته في نحو قوله: ((من كنت مولاه فعلي مولاه)) وقوله: (أنت بمنزلة هارون من موسى) كما أنهم يزعمون أن عليًا أفضل من أبي بكر وعمر وعثمان، وهذا خلاف الحق.

[58] الجهل المركب هو: تصور الشيء على خلاف ما هو عليه في الواقع، والجهل البسيط هو: خلو الذهن من العلم بالشيء.

[59] انظر الموضوعات 1/338.

[60] انظر الموضوعات لابن الجوزي 1/341.

[61] انظر فضائل الصحابة رقم 999 ولكن بلفظ: (أنا أول من صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم -.) ورواه في المسند 1/141.

[62] انظر الموضوعات 1/341.

[63] لأنهم وضعوا عليهم ما يعلم قطعًا أنه كذب مثل ضرب فاطمة حتى أسقطت ولدها وقولهم أن عليًا أتى إليهم بالمصحف الذي جمعه فقال له عمر لا حاجة بنا إليه ونحو ذلك كثير هو كذب ظاهر.

[64] يعني فضائل الصحابة 2/650- 651 رقم 1108.

[65] تقدمت الإحالة عليه في فضائل الصحابة.

[66] قال الهيثمي رواه الطبراني ورجاله ثقات، مجمع الزوائد 5/189- 190.

[67] يعنى علي بن أبي طالب الذي زعموا أنه الوصي.

[68] يعني علي بن أبي طالب الذي زعموا أنه الوصي.

[69] يعني في هذا المقام، وهو الإحتجاج بما تواتر عند الناس، وما يثبته العقل قطعًا.

[70] يعني علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

[71] يعني أهل الحديث الذين يميزون بين الصدق والكذب، وما يصح عن الرسول الله - صلى الله عليه وسلم - مما لا يصح بخلاف الرافضة الذين يتعمدون الكذب، ومن لا يتعمد الكذب منهم لا يميز بين صدقه من كذبه كما هو معلوم.

[72] الآية 33 من سورة الفرقان.

[73] الآية 71 من سورة المؤمنون.

[74] انظر البخاري 3/171 ومواضع منه متعددة ومسلم 4/1962- 1965 وكثير من كتب الحديث.

[75] كما في قوله تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ الآية، وقوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾.

[76] وهذا هو مقتضى مذهب الرافضة، وقد عملوا بهذا المقتضى فصاروا يعلنون ذلك في كل مناسبة وغير مناسبة، وصاروا يلعنون خيار هذه الأمة ثم يلعنون الأمة عامة.

[77] وهذا مذهب الرافضة فإنها تزعم أنهم مرتدون، بل ويصرحون أنهم لم يكونوا مسلمين بل منافقون مداهنون، فهم يطعنون على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بل وعلى رب العالمين كما بين ذلك شيخ الإسلام رحمه الله تعالى.

[78] رواه ابن جرير في تاريخه بسند صحيح انظر 2/433.

[79] يعني على حد زعم الرافضة فإنها تزعم ذلك في علي.

[80] فسر الشيخ السفسطة بأنها القدح في الشيء المعلوم قطعًا بشبهة غير سائغة.

[81] رواه أحمد/ انظر المسند تحقيق أحمد شاكر 12/142- 143 رقم 7160 ومجمع الزوائد 9/18.

[82] انظر البخاري 4/85 والمسند تحقيق أحمد شاكر 12/180 ورقم 7193.

[83] تقدم قبل قليل.

[84] هذا قول الزيدية.

[85] الآية 8 من سورة الحشر.

[86] الآية 101 من سورة التوبة.





 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • الطرق التي يعلم بها صدق الخبر من كذبه(كتاب - موقع الدكتور عبدالله بن محمد الغنيمان)
  • الطرق التي يعلم بها دخول الشهر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الطرق التي سلكتها المصارف الإسلامية لإيجاد البدائل المصرفية (WORD)(كتاب - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • الطرق الثمانون مع الاستشهاد عليها من نظم الشيخ عامر السيد عثمان (WORD)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • أسرع الطرق لتكون مليارديرا (رحلة المليار) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الطرق العشرة نحو الاستثمار الأمثل لدورات قراءة السنن (WORD)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • شرح منظومة الأنيسة في اختلاف الطرق الثلاثة النفيسة: رواية ورش عن نافع من طريق الأزرق من طرق الشاطبية والطيبة والعشر النافعية (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أهم الطرق لمكافحة الزنا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الطرق التربوية الناجحة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • مساجد برمنغهام تشارك في حملة لسلامة الطرق(مقالة - المسلمون في العالم)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب