• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    من حافظ عليها..
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    خطبة (المرض والتداوي)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    تحية الإسلام الخالدة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    آداب التلاوة وأثرها في الانتفاع بالقرآن الكريم
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    الأحاديث الطوال (22) حديث أم زرع
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    أمثال القرآن: حكم وبيان (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    خطبة .. من سره أن يلقى الله تعالى غدا مسلما
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    نتائج بحث بلوغ المرام في قصة ظهور أول مصحف مرتل
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أثر الإيمان بالكتاب المنشور يوم القيامة، وفضائل ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    ابن تيمية وعلم التفسير
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد من قصة يونس عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض / مقالات
علامة باركود

البيان

الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/8/2010 ميلادي - 7/9/1431 هجري

الزيارات: 9968

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

 

إنَّ مِن البيان لَسِحْرًا، فكم أزال البيانُ من جفوة، وقرَّب من ودّ، ونقَّى من كدر، وأطاب نفوسًا ملأها الغضبُ فتأهبت للانتقام، واستعدتْ للفتك، فإنَّ سِحر البيان يبدِّد العداء، ويستجلب الصفاء، فيتحول الخِصامُ إلى وئام، والجفاءُ إلى حبّ، قال عامر الشعبي:

وفدتْ سودةُ بنت عمارة بن الأشتر الهَمْدانية على معاوية بن أبي سفيان، فاستأذنتْ عليه فأذن لها، فلمَّا دخلت عليه سلَّمت، فقال لها: كيف أنت يا ابنةَ الأشتر؟ قالت: بخير يا أمير المؤمنين، قال لها: أنت القائلة لأخيك:

شَمِّرْ لِفِعْلِ أَبِيكَ يَا ابْنَ عُمَارَةٍ
يَوْمَ الطِّعَانِ وَمُلْتَقَى الْأَقْرَانِ
وَانْصُرْ عَلِيًّا وَالْحُسَيْنَ وَرَهْطَهُ
وَاقْصِدْ لِهِنْدٍ وَابْنِهَا بِهَوَانِ
إِنَّ الْإِمَامَ أَخَا النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ
عَلَمُ الْهُدَى وَمَنَارَةُ الْإِيمَانِ
فَقُدِ الْجُيوشَ وَسِرْ أَمَامَ لِوَائِهِ
قُدُمًا بِأَبْيَضَ صَارِمٍ وَسِنَانِ

 

قالت: يا أمير المؤمنين مات الرأس، وبتر الذَّنَب، فدع عنك تَذْكار ما قد نُسي، قال: هيهات، ليس مثل مقام أخيك يُنْسَى، قالت: صدقتَ والله يا أمير المؤمنين، ما كان أخي خفيَّ المقام، ذليلَ المكان، ولكن كما قالت الخنساء:

وَإِنَّ صَخْرًا لَتَأْتَمُّ الْهُدَاةُ بِهِ
كَأَنَّهُ عَلَمٌ فِي رَأْسِهِ نَارُ

 

وبالله أسألك يا أمير المؤمنين، إعفائي ما استفيته، قال: قد فعلت، فقولي حاجتَك، قالت: يا أمير المؤمنين، إنَّك للناس سيِّد، ولأمورهم مقلَّد، واللهُ سائلُك عمَّا افترض عليك من حقِّنَا، ولا تزال تُقدِّم علينا مَن ينهض بعزِّك، ويبسط بسلطانك، فيحصدنا حصادَ السنبل، ويدوسنا دياسَ البقر، ويسومنا سَوْم الخسيسة، ويسألنا الجليلة، هذا ابن أرطأة قَدِم بلادي، وقتل رجالي، وأخذ مالي، ولولا الطاعةُ لكان فينا عزٌّ ومنعة، فإمَّا عزلتَه فشكرناك، وإمَّا لا فعرفناك، فقال معاوية: إيَّاي تُهدِّدين بقومك؟ والله لقد هممتُ أن أردَّك إليه على قتْب أشرس، فينفذ حكمُه فيك، فسكتتْ، ثم قالت:

صَلَّى الْإِلَهُ عَلَى رُوُحٍ تَضَمَّنَهُ
قَبْرٌ فَأَصْبَحَ فِيهِ الْعَدْلُ مَدْفُونَا
قَدْ حَالَفَ الْحَقَّ لاَ يَبْغِي بِهِ ثَمَنًا
فَصَارَ بِالْحَقِّ وَالْإِيمَانِ مَقْرُونَا

 

قال: ومَن ذلك؟ قالت: عليُّ بن أبي طالب، قال: ما أرى عليك منه أثرًا، قالت: بلى، أتيتُه يومًا في رجلٍ ولاَّه صدقاتِنا، فكان بيننا وبينه ما بين الغثِّ والسمين، فوجدتُه قائمًا يصلِّي فانفتل عن الصلاة، ثم قال - برأفة وتعطُّف -: ألكِ حاجة؟ فأخبرتُه خبرَ الرجل فبَكَى، ثم رَفَع يديه إلى السماء، فقال: اللهمَّ إني لم آمرْهم بظلم خلقِك، ولا تَرْك حقِّك.

 

ثم أخرج مِن جيبه قطعةً من جراب، فكتب فيه: "بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ ﴾ [الأعراف: 85]، ﴿ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ * بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ ﴾ [هود: 85 - 86].

 

إذا أتاك كتابي هذا فاحتفظْ بما في يديك، حتى يأتيَ مَن يقبض منك، والسلام".

 

فعزلَه يا أمير المؤمنين، ما خزمه بخزام، ولا خَتَمه بختام، فقال معاوية: اكتبوا بالإنصاف لها، والعدْل عليها، فقالت: ألِي خاصَّة، أم لقومي عامَّة؟ قال: وما أنت وغيرك؟ قالت: هي والله إذًا الفحشاء واللؤم، إن كان عدلاً شاملاً، ولا يسعني ما وسع قومي، قال: هيهات، لمظكم ابن أبي طالب الجرأة، وغرَّكم قوله:

فَلَوْ كُنْتُ بَوَّابًا عَلَى بَابِ جَنَّةٍ
لَقُلْتُ لِهَمْدَانَ ادْخُلُوا بِسَلاَمِ

وقوله:

نَادَيْتُ هَمْدَانَ وَالْأَبْوَابُ مُغْلَقَةٌ
وَمِثْلُ هَمْدَانَ سَنَّى فَتْحَةَ الْبَابِ
كَالْهُنْدَوَانِيِّ لَمْ تُفْلَلْ مَضَارِبُهُ
وَجْهٌ جَمِيلٌ وَقَلْبٌ غَيْرُ وَجَّابِ

اكتبوا لها بحاجتها.

 

 ♦ قال معاوية لصحار العبدي:

ما البلاغة؟ قال: أن تجيبَ فلا تبطئ، وتصيبَ فلا تخطئ، ثم قال: أقِلْني يا أميرَ المؤمنين، قال: قد أقلتُك، قال: ألاَّ تبطئَ ولا تخطئ، قال أبو حاتم: استطال الكلام الأوَّل، فاستقال وتكلَّم بأوجزَ منه.

 

♦ قيل لبعضهم: ما البلاغة؟ قال: إيجاز الكلام، وحذْف الفضول، وتقريب البعيد.

 

الأديب:

قالوا في الأديب: هو مَن يأخذ مِن كلِّ علم بطَرَف.

 

وفي التنويع دفْع السآمة، وتنقُّل مِن واحة إلى واحة، ومِن فَنَنٍ إلى فَنَن؛ محاكاةً للعصافير والبلابل، فيتجدَّد النشاط، ويسلو الفؤاد، ويطيب الحديث، وقد أوصى كثيرٌ من العلماء بأخْذ قسط من الراحة؛ لئلاَّ يقعَ الملل، ويحلَّ الضجر، ويتبلَّد الذهن، وينغلق الفَهْم، ويكون كالمنبتِّ؛ لا أرضًا قطع، ولا ظهرًا أبقَى.

 

الشاعر والخطيب:

كان للشاعرِ والخطيب شأنٌ عند العرب، وكانوا يتباهَوْن بهما، ويستبشرون إذا نَبَغ فيهم شاعر، أو برَّز خطيب، وقد كانَا لسانَ القبيلة، والذابَّين عنها، والمشيدَين بمفاخرها، والرادَّين على مَن يثلبها.

 

البلاغة:

نسمع خطيبًا مُجيدًا فنعجب به، ونقرأ كلمة جميلة فنستحسنها، وتشنَّف أسماعنا قصيدة فنستعذبها، وننعتها بالطلاوة والبلاغة، ونقول: ما أعذبَ هذا القولَ وأبدعَه، وقد يزول الإعجاب بها عند تشريحها وتحليلها، والبحث عن مصدرِ جمالها، وما طَفِق الشعراء يتغنَّوْن بالقمر، ويُشبِّهون به محبوبهم، ومن العسير على الشاعر - لو سألتَه - عن سرِّ التشبيه ووجه الشبه أن يُجيب بجواب له في الرَّوْعة والإعجاب مثل ما لتشبيهه المحبوبَ بالبدر ليلةَ تمِّه، والشمس في إشراقها.

 

أبو العتاهية مستودع شِعر:

قال أبو العتاهية: لو شئتُ أن يكون حديثي كلُّه شِعرًا موزونًا لكان.

 

ما البلاغة؟

سئل ابن المقفَّع: ما البلاغة؟ فقال: البلاغة اسمٌ جامع، ومعانٍ تجري في وجوه كثيرة، فمنها ما يكون في السُّكوت، ومنها ما يكون في الاستماع، ومنها ما يكون في الإشارة، ومنها ما يكون في الحديث، ومنها ما يكون في الاحتجاج، ومنها ما يكون جوابًا، ومنها ما يكون ابتداءً، ومنها ما يكون شِعرًا، ومنها ما يكون سَجْعًا وخُطبًا، ومنها ما يكون رسائلَ.

 

ما هو أجودُ بيت تقوله العرب؟

هذا سؤال تضاربتْ حوله الآراء: قيل لأبي عمرو بن العلاء: أيُّ بيت تقوله العرب أشعرُ؟ قال: البيت الذي إذا سَمِعه سامعُه سوَّلت له نفسه أن يقول مثله، ولأنْ يُخدشَ أنفُه بظفر كلبٍ أهونُ عليه من أن يقول مثلَه.

وقيل للأصمعي: أيُّ بيت تقوله العرب أشعرُ؟ قال: الذي يسابق لفظه معناه.

وقيل للخليل: أيُّ بيت تقوله العرب أشعرُ؟ قال: الذي يكون في أوَّلِه دليلٌ على قافيته.

 

وقال زُهَير بن أبي سُلْمى:

وَإِنَّ أَحْسَنَ بَيْتٍ أَنْتَ قَائِلُهُ
بَيْتٌ يُقَالُ إِذَا أَنْشَدْتَهُ: صَدَقَا

 

وقال بعض الشعراء:

إِذَا الشِّعْرُ لَمْ يَهْزُزْكَ عِنْدَ سَمَاعِهِ
فَلَيْسَ خَلِيقًا أَنْ يُقَالَ لَهُ: شِعْرُ

 

الزعم بأنَّ أعذبَ الشعر أكذبُه:

قيل: أعذب الشِّعر أكذبُه، وهو قولٌ جانَبَه الصواب، وحالَفَه الخطأ، فالمبالغات في الشِّعر قد تصل إلى حدِّ الإسفاف والابتذال، وتمجُّها الأسماع، وتنبو عنها الأذواق، ويستهجنها السامعون، ومِن براهين بطلان تلك الدعوى أنَّ شعراء الحِكمة وأصحاب الأمثال يَحظُون بنصيب الأسد من رواية شِعْرهم، وحفظ قصائدهم، وزُهَير بن أبي سُلْمى والمتنبي، وغيرهما قد لقي شعرُهم من التجاوب والعناية ما يُثير الدهشةَ، ويبعث على الاعتزاز.

 

مَن أشعر الشعراء؟

كان عمر بن الخطَّاب - رضي الله عنه - جالسًا في أصحابه يتذاكرون الشِّعر والشعراء، فيقول بعضهم: فلان أشعر، ويقول آخَرُ: بل فلان أشعر، فقيل: ابن عبَّاس بالباب، فقال عمر - رضي الله عنه -: قد أتى مَن يحدِّث مَن أشعرُ الناس، فلمَّا سلَّم وجلس، قال له عمر: يا ابنَ عبَّاس، مَن أشعر الناس؟ قال: زُهير يا أمير المؤمنين، قال عمر: ولِمَ ذلك؟ قال ابن عباس: لقولِه - يمدح هرمًا وقومه بني مرَّة -:

لَوْ كَانَ يَقْعُدُ فَوْقَ الشَّمْسِ مِنْ كَرَمٍ
قَوْمٌ بِأَوَّلِهِمْ أَوْ مَجْدِهِمْ قَعَدُوا
قَوْمٌ أَبُوهُمْ سِنَانٌ حِينَ تَنْسِبُهُمْ
طَابُوا وَطَابَ مِنَ الْأَوْلاَدِ مَنْ وَلَدُوا
جِنٌّ إِذَا فَزِعُوا إِنْسٌ إِذَا أَمِنُوا
مُرَزَّؤُونَ بِهَالِيلٌ إِذَا اجْتَهَدُوا
مُحَسَّدُونَ عَلَى مَا كَانَ مِنْ نِعَمٍ
لاَ يَنْزِعُ اللَّهُ عَنْهُمْ مَا بِهِ حَشَدُوا

 

قيل لبعضهم: مَن أشعرُ الناس؟

قال: امرؤ القيس إذا رَكِب، والنابغة إذا رَهِب، والأعشى إذا طَرِب.

 

إنكار للأدب:

منذ مدَّة قريبة كان بعضُ منتحلي الأدب يزعمون أنَّ هذه البلاد خلوٌ من الآداب، وأنَّ ثقافة أهلها المعاصرين لا تؤهِّل إنتاجَهم للتصدير - على لغة التجار - وأنَّه أدبٌ سقيم ركيك، مهترئ الأسلوب، ضَحْل الفكرة، سقيم البنيان، هزيل المعنى، وأنَّ مكانه اللائق به الطمر والإحراق.

 

وقد تخفَى الدوافع لمِثل هذا التحطيم والجحود، وبعضُ الناس يعزُوه إلى جنون العظمة، وادِّعاء الإحاطة بالمعارِف، وحتى يتخيَّل الناس صاحبَ تلك القذائف البهلوانية فلْتة من فلتات الزمن، وعبقرية نادرة، لا ترى فيما يعدُّه الآخرُون جيِّدًا إلاَّ تفاهة وضحالة، وردَّد بعضُهم هذا الرأي الجانح مرَّاتٍ عديدات.

 

وقد كنتُ منذ سنوات قد رددتُ هذا القول وفندتُه، كما تصدَّى بعض الأدباء لدحضه وإبطاله، وها نحن نشهد بوضوح أنَّ أدب البلاد ليس كما رماه أولئك المتنطِّعون، وأنَّه أدب صالِح لعرضه وإبرازه في داخل المملكة وخارجها، وها هي المقالات والكتب تُعدُّ لتبيانه، والإفصاح عنه، وها هو يَجِدُ تجاوبًا طيبًا في كلِّ مكان يَحُلُّ فيه.

 

على أنَّ ذلك لا يعني أنَّه لا يخلو مِن الزلاَّت، ولا يبرأ مِن السقطات، ولا يَسْلم من الأخطاء، ولكنَّه في مجمله أدبٌ لا يقلُّ عن الآداب في البلدان العربيَّة الأخرى.

 

قيل عن الشِّعر الكثير، ولا يزال القول فيه يكثُر، ويتردَّد التعليل والتحليل، وما هو الشعر الجدير بهذه الصفة، وليس هذا ما أعنيه، ولكنِّي تذكرت أشخاصًا في هذا العصر قد اتَّخذوا من الشِّعر أداةً للوقاحة، وذريعةً للكفر، وسُلَّمًا للمجون!!

 

وقد اشتهر شاعرٌ بحومِه في هذه الساحات، وهذيانه في تلك المستنقعات، وكان يقذف بسمومه في دواوين أنيقة مزخرَفة، وتَنشر ما يسميه قصائدَ بعضُ المجلاَّت والصحف ذات الأغراض المشبوهة، وكان شِعره عن النهود والخصور، والخمور والمراقص، وما زال يتطاول في الإثم، ويتجاوز في الإلْحاد، حتى قال في رثاء أحد المتزعِّمين: إنَّه آخر الأنبياء، ومنذ وقت قريب سبَّ الله، وافترى عليه بوقاحة وخِسَّة، وقال: وتزوَّج الله حبيبته - تعالى الله عن قول هذا المدَّعِي الفاجر علوًّا كبيرًا.

 

والمؤلِم أن يجد هذا الهاذي الملحِد مَن يستحسن شعرَه ويمدحه، والواجب محاربتُه وأشباهِه، فهو مرتدٌّ أثيم، ومَن يشجعه، ويثني عليه فهو في ريب وضلال، فعليه أن يتوبَ قبل أن تصيبَه الفتنة، أو يصيبه عذابٌ أليم.

 

الأعشى:

مِن الناس مَن يكون موفقًا ميمونًا، إن أشار دلَّ على خير، وإن حذَّر نفَّر مِن شَرّ، وإن قال سدَّد في مقاله، أو عمل كان مِن العاملين لما يُصلِح ويُفيد، ومِن ثَمَّ كان اختيار المشير والجليس والقرين والبطانة مِن أهمِّ الأشياء وأجلِّها خطرًا، وقد كان العرب في شعرهم ونثرهم يقيسون القرينَ على القرين، والجليس بالجليس، والصاحب على الصاحب.

 

أعشى قيس:

وكان أبو بصير ميمون - أعشى قيس صنَّاجةُ العرب - قد اعتزم الإسلام، وأعدَّ قصيدةً يمدح بها النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فاعترضه كفَّارُ قريش، وذكروا له بعضًا من المحرَّمات في الإسلام بغَرَض تنفيره، بَيْد أنَّه لم يرَ في قولهم ما يمنعه ممَّا اعتزم ما عدَا الخمر، فقد كان له فيها بقيَّة وَطَر، ودفعوا له مائةً من الإبل، فعاد ليفكِّر ويشربَ ما تبقَّى من خمر لديه، ولَمَّا قرب من اليمامة سَقط عن ناقته، فدقَّتْ عنقَه ومات، ومن قصيدته المومَى إليها:

أَلَمْ تَغْتَمِضْ عَيْنَاكَ لَيْلَةَ أَرْمَدَا
وَعَادَكَ مَا عَادَ السَّلِيمَ الْمُسَهَّدَا
أَلاَ أَيُّهَذَا السَّائِلِي أَيْنَ يَمَّمَتْ
فَإِنَّ لَهَا فِي أَهْلِ يَثْرِبَ مَوْعِدَا
فَآلَيْتُ لاَ أَرْثِي لَهَا مِنْ كَلاَلَةٍ
وَلاَ مِنْ حَفًى حَتَّى تُلاَقِي مُحَمَّدَا
مَتَى مَا تَنَاخَى عِنْدَ بَابِ ابْنِ هَاشِمٍ
تُرِيحِي وَتَلْقَيْ مِنْ فَوَاضِلِهِ يَدَا
نَبِيٌّ يَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ وَذِكْرُهُ
أَغَارَ لَعَمْرِي فِي الْبِلاَدِ وَأَنْجَدَا
لَهُ صَدَقَاتٌ مَا تُغَبُّ وَنَائِلٌ
وَلَيْسَ عَطَاءُ الْيَوْمِ مَانِعَهُ غَدَا
أَجِدَّكَ لَمْ تَسْمَعْ وَصَاةَ مُحَمَّدٍ
نَبِيِّ الْإِلَهِ حِينَ أَوْصَى وَأَشْهَدَا
إِذَا أَنْتَ لَمْ تَرْحَلْ بِزَادٍ مِنَ التُّقَى
وَلاَقَيْتَ بَعْدَ الْمَوْتِ مَنْ قَدْ تَزَوَّدَا
نَدِمْتَ عَلَى أَنْ لاَ تَكُونَ كَمِثْلِهِ
وَأَنَّكَ لَمْ تَرْصُدْ لِمَا كَانَ أَرْصَدَا
فَإِيَّاكَ وَالْمَيْتَاتِ لاَ تَأْكُلَنَّهَا
وَلاَ تَأْخُذَنْ سَهْمًا حَدِيدًا لِتَفْصِدَا
وَذَا النُّصُبِ الْمَنْصُوبَ لاَ تَنْسُكَنَّهُ
وَلاَ تَعْبُدِ الْأَوْثَانَ وَاللَّهَ فَاعْبُدَا
وَصَلِّ عَلَى حِينِ الْعَشِيَّاتِ وَالضُّحَى
وَلاَ تَحْمَدِ الشَّيْطَانَ وَاللَّهَ فَاحْمَدَا
وَلاَ السَّائِلَ الْمَحْرُومَ لاَ تَتْرُكَنَّهُ
لِعَاقِبَةٍ وَلاَ الْأَسِيرَ الْمُقَيَّدَا
وَلاَ تَسْخَرَنْ مِنْ بَائِسٍ ذِي ضَرَارَةٍ
وَلاَ تَحْسَبَنَّ الْمَرْءَ يَوْمًا مُخَلَّدَا
وَلاَ تَقْرَبَنَّ جَارَةً إِنَّ سِرَّهَا
عَلَيْكَ حَرَامٌ فَانْكِحَنْ أَوْ تَأَبَّدَا

 

لبيد بن عامر:

دَخَل عامرُ بن مالك، وهو عمُّ لبيد بن عامر، وكان شيخًا على النعمان، فعبث به الربيعُ بن زياد، وأضْحَك منه الحاضرين فخجل الشيخ، وانصرف وشكاه إلى لبيد فقال: دعْه لي، فدخل على النعمان وهو يؤاكل الربيع، فقال: مهلاً أبيتَ اللعن لا تأكلْ معه.

 

فقال النعمان: لِمَه؟!

فقال:

إِنَّ اسْتَهُ مِنْ بَرَصٍ مُلَمَّعَهْ

وَإِنَّهُ يُدْخِلُ فِيهَا إِصْبَعَهْ

يُدْخِلُهُ حَتَّى يُوَارِيَ أَشْجَعَهْ

كَأَنَّهُ يَطْلُبُ شَيْئًا ضَيَّعَهْ

 

فأمسك النعمان، ولم يأذنْ له بعد ذلك، فأرسل إليه يقول: إنَّه كاذِب، فأرْسِل مَن يفتشني؟ فقال النعمان:

قَدْ قِيلَ مَا قِيلَ إِنْ صِدْقًا وَإِنْ كَذِبًا
فَمَا اعْتِذارُكَ مِنْ قَوْلٍ إِذَا قِيلاَ

 

عمرو بن الأهتم والزبرقان بن بدر:

وَفَد إلى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - الزبرقان بن بدر، وعمرو بن الأهتم، فقال الزبرقان: يا رسول الله، أنا سيِّد تميم، والمطاع فيهم، والمجاب منهم، آخذ لهم بحقِّهم وأمنعهم من الظُّلم، وهذا يعلم ذلك؛ يعني: عمرًا.

 

فقال عمرو: أجَلْ يا رسول الله، إنَّه لمانِع لحوزته، مطاعٌ في عشيرته، شديدُ العارضة فيهم، فقال الزبرقان: أمَا إنَّه – والله - قد علم أكثرَ مما قال، ولكنَّه حسدني شرفي.

 

فقال عمرو: أمَا والله، لئن قال ما قال، فوالله ما علمتُه إلاَّ ضَيِّق العطن، زَمِر المروءة، أحمق الأب، لئيم الخال، حديث الغِنى، فَرَأَى الكراهةَ في وجه رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - - لَمَّا اختلف قولُه، فقال: يا رسول الله، رضيتُ فقلتُ أحسن ما علمت، وغضبتُ فقلتُ أقبح ما علمت، وما كذبتُ في الأولى، ولقد صدقتُ في الثانية، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - -: ((إنَّ مِن البيان لَسِحْرًا)).

 

من شعراء الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم -:

كان حسَّان بن ثابت - رضي الله عنه - شاعرًا عظيمًا، ينافح عن الإسلام، ويدافع عن الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - ويصبُّ على المشركين من شعره ما يفوق المدافعَ والسيوف، وكان للشعر في مختلف العصور دورٌ بارز في المعارك، إبَّان الحروب، وفي السلم والأمن.

 

وقد كان مِن واجب مَن ينتمون للعرب والمسلمين أن يُجنِّدوا أنفسَهم للذَّوْد عن دِينهم، والدعوة إلى نهوض المسلمين، واعتزازهم بتاريخهم الوضَّاء، ومن المؤسِف أنَّ كثيرين منهم قد تنكَّب هذا السبيل، وفي هذه الأيَّام - ومنذ مدة - نسمع ضجيجًا حول شاعر مزعوم، تُكال له المدائح، وتنشر في إطرائه القصائد والمقالات، ولم يكن أكثرَ من شيوعي عميل للصِّهْيَونية، وأداة من أدواتها!!

 

تُرَى ما الهدف مِن ذاك المديح الذي أزجى له؟ وكيف يُترك لأولئك العابثين المستهترين الجاهلين أن يَخبِطوا خبطَ عشواء، ويَقْلِبوا الحقائق؟! وهل بمثل مدَّعي الشعر هذا وأنصاره ينتصر المسلمون، أو يحقق العرب ما يُؤمِّلون؟!


شعراء النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -:

كان مِن شعراء النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - الذين يذبُّون عن الإسلام، وينافحون دونه:

كعبُ بن مالك، وعبدالله بن رواحة، وحسَّان بن ثابت، وكان حسان أشدَّهم على الكفَّار، يُعيِّرهم بالكفر والشرك.

وكان خطيبُه - صلَّى الله عليه وسلَّم - ثابتَ بن قيس بن شماس.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • البيان العربي (لغة القرآن الكريم)

مختارات من الشبكة

  • في رسم كتاب الجاحظ (البيان والتبيين) أم (البيان والتبين)؟(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مخطوطة بنان البيان في علم البيان(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • عطف البيان في اللغة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • اهدنا الصراط المستقيم (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • إن من البيان لسحرا(مقالة - حضارة الكلمة)
  • البيان لما صح من فضائل شهر شعبان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • البيان المفيد في تفسير آيات التوحيد (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • من تجليات سورة الرحمن عروس القرآن (4)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عشقي للغة العربية: لغة الضاد وروح البيان(مقالة - حضارة الكلمة)
  • فائدة في الفارق بين (البيان) و (الجدل والبرهان)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب