• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة المولد
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    مفهوم المنهج الدراسي من منظور إسلامي
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    الحمد لله (3) حمد الله تعالى نفسه
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    شرح جامع الترمذي في السنن (المستحاضة تجمع بين ...
    الشيخ أ. د. سعد بن عبدالله الحميد
  •  
    حلق رأس المولود حماية ووقاية في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    هديه -صلى الله عليه وسلم- في التداوي بسور مخصوصة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    فوائد وعبر من قصة قارون (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    من محاسن الدين الإسلامي وجود بدائل لكل عمل صالح ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    من وسائل صناعة الكراهية بين الثقافات: الاستشراق ...
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    وسائل صناعة الكراهية بين الثقافات: الاستشراق ...
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    صفر.. والحر..
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    العناية بالشفتين في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    حديث: أبصروها فإن جاءت به أبيض سبطا فهو لزوجها
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    مكانة الصحابة رضي الله عنهم في الكتاب والسنة ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    خطبة (المولد النبوي)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. محمود بن أحمد الدوسري / خطب
علامة باركود

الأشهر الحرم: خصائصها وأحكامها (خطبة)

الأشهر الحرم: خصائصها وأحكامها (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 19/1/2025 ميلادي - 20/7/1446 هجري

الزيارات: 5828

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الأشهر الحُرُم

خصائصها وأحكامها

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَصْطَفِي مَا يَشَاءُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَيَصْطَفِي مَا يَشَاءُ مِنَ الرُّسُلِ وَالرِّسَالَاتِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ ﴾ [الْحَجِّ: 75]، وَيَصْطَفِي اللَّهُ مَا يَشَاءُ مِنَ الصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ، وَيَصْطَفِي مَا يَشَاءُ مِنَ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ، وَيَصْطَفِي مَا يَشَاءُ مِنَ الشَّعَائِرِ الزَّمَانِيَّةِ وَالْمَكَانِيَّةِ.

 

وَمِنَ الشَّعَائِرِ الزَّمَانِيَّةِ الَّتِي اصْطَفَاهَا اللَّهُ تَعَالَى وَعَظَّمَهَا، وَأَمَرَ بِتَعْظِيمِهَا: الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ﴾ [أَيْ: عَدَدَ الشُّهُورِ] ﴿عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ﴾[أَيْ: مُحَرَّمَةٌ] ﴿ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ﴾ [التَّوْبَةِ: 36]، يُخْبِرُ تَعَالَى بِأَنَّ عَدَدَ الشُّهُورِ عِنْدَهُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا قَمَرِيًّا، مَكْتُوبَةٌ فِي حُكْمِ اللَّهِ وَتَقْدِيرِهِ الْمُسَطَّرِ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ [يُونُسَ: 5]، وَهُنَاكَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ يَحْرُمُ فِيهَا الْقِتَالُ، وَيَحْرُمُ انْتِهَاكُ الْمَحَارِمِ فِيهَا أَشَدَّ مِمَّا يَحْرُمُ فِي غَيْرِهَا؛ وَهِيَ: ذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَمُحَرَّمٌ، وَرَجَبٌ. ذَلِكَ الدِّينُ الْمُسْتَقِيمُ، وَالْحِسَابُ الصَّحِيحُ، فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ بِارْتِكَابِكُمُ السَّيِّئَاتِ.

 

وَجَاءَ بَيَانُ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ: فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ؛ السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلَاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبٌ شَهْرُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. قَالَ ابْنُ رَجَبٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: (أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ، وَخَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ يَدُورَانِ فِي الْفَلَكِ، وَخَلَقَ مَا فِي السَّمَاءِ مِنَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالنُّجُومِ، وَجَعَلَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ يَسْبَحَانِ فِي الْفَلَكِ، وَيَنْشَأُ مِنْهُمَا ظُلْمَةُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ؛ فَمِنْ حِينِئِذٍ جَعَلَ السَّنَةَ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا بِحَسَبِ الْهِلَالِ. فَالسَّنَةُ -فِي الشَّرْعِ- مُقَدَّرَةٌ بِسَيْرِ الْقَمَرِ وَطُلُوعِهِ، لَا بِسَيْرِ الشَّمْسِ وَانْتِقَالِهَا، كَمَا يَفْعَلُهُ أَهْلُ الْكِتَابِ).

 

عِبَادَ اللَّهِ.. وَمِنْ خَصَائِصِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ، وَأَحْكَامِهَا:

1- شَرَّفَهَا اللَّهُ تَعَالَى، وَعَظَّمَهَا، وَمَيَّزَهَا عَنْ بَاقِي الشُّهُورِ: فَقَدْ مَدَحَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْمُعَظِّمِينَ لِشَعَائِرِ اللَّهِ وَحُرُمَاتِهِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ [الْحَجِّ:32] ؛ وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ ﴾ [الْحَجِّ: 30]، قَالَ الْقُرْطُبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (خَصَّ اللَّهُ تَعَالَى الْأَرْبَعَةَ الْأَشْهُرِ الْحُرُمَ بِالذِّكْرِ، وَنَهَى ‌عَنِ ‌الظُّلْمِ ‌فِيهَا؛ ‌تَشْرِيفًا لَهَا - وَإِنْ كَانَ مَنْهِيًّا عَنْهُ فِي كُلِّ الزَّمَانِ؛ كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 197])؛ فَيَنْبَغِي أَنْ نَتَّقِيَ اللَّهَ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهَا، وَنَجْتَهِدَ أَكْثَرَ؛ بِزِيَادَةِ الْوَرَعِ، وَالْبُعْدِ عَنِ الْآثَامِ وَالذُّنُوبِ.

 

2- ارْتِكَابُ الذُّنُوبِ فِيهَا أَعْظَمُ مِنْ غَيْرِهَا: فَالسَّيِّئَةُ – وَإِنْ كَانَتْ لَا تُضَاعَفُ – إِلَّا أَنَّهَا قَدْ يَعْظُمُ إِثْمُهَا أَحْيَانًا بِشَرَفِ الزَّمَانِ أَوِ الْمَكَانِ. قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ – فِي مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ﴾: (أَيْ: فِي هَذِهِ الْأَشْهُرِ الْمُحَرَّمَةِ؛ لِأَنَّهَا ‌آكَدُ ‌وَأَبْلَغُ فِي الْإِثْمِ مِنْ غَيْرِهَا؛ كَمَا أَنَّ الْمَعَاصِيَ فِي الْبَلَدِ الْحَرَامِ تُغَلَّظُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [الْحَجِّ: 25]، وَكَذَلِكَ الشَّهْرُ الْحَرَامُ تُغَلَّظُ فِيهِ الْآثَامُ).

 

3- يَحْرُمُ الْقِتَالُ فِيهَا ابْتِدَاءً- عَلَى الْقَوْلِ الرَّاجِحِ: إِلَّا أَنْ يَبْدَأَنَا الْكُفَّارُ بِالْقِتَالِ، أَوْ يَكُونَ الْقِتَالُ إِتْمَامًا لِقِتَالٍ سَابِقٍ؛ فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 2]؛ أَيْ: لَا تَنْتَهِكُوا حُرْمَةَ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ بِابْتِدَاءِ الْقِتَالِ فِيهَا، وَبِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الظُّلْمِ وَالْمُحَرَّمَاتِ؛ فَفِي الْآيَةِ إِرْشَادٌ إِلَى احْتِرَامِ أَعْظَمِ الْمَكَانِ: الْحَرَمِ، وَأَكْرَمِ الزَّمَانِ: الشَّهْرِ الْحَرَامِ. عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْزُو فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ، إِلَّا أَنْ يُغْزَى - أَوْ يُغْزَوْا - فَإِذَا حَضَرَ ذَلِكَ، أَقَامَ حَتَّى يَنْسَلِخَ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ أَحْمَدُ.

 

4- وَضَعَ اللَّهُ هَذِهِ الْأَشْهُرَ، وَسَمَّاهَا بِأَسْمَائِهَا، وَرَتَّبَهَا، وَشَرَعَهَا لِأَنْبِيَائِهِ: فَيُسْتَدَلُّ بِهِ لِمَنْ قَالَ: "إِنَّ اللُّغَاتِ تَوْقِيفِيَّةٌ".

وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ [أَيْ: فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ] يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ﴾ وَحُكْمُهَا بَاقٍ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ؛ وَلِذَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الزَّمَانَ [أَيِ: السَّنَةَ الْعَرَبِيَّةَ الْهِلَالِيَّةَ] قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ [أَيْ: عَلَى الْوَضْعِ الَّذِي كَانَ قَبْلَ النَّسِيءِ، لَا زَائِدًا فِي الْعَدَدِ، وَلَا مُغَيِّرًا كُلَّ شَهْرٍ عَنْ مَوْضِعِهِ؛ اسْتَدَارَ اسْتِدَارَةً عَلَى مَا تَوَارَثُوهُ مِنْ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، وَاسْتَدَارَ اسْتِدَارَةً مِثْلَ حَالَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ]؛ السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.

 

وَالْمُرَادُ: أَنَّ الْعَرَبَ كَانُوا يُؤَخِّرُونَ الْمُحَرَّمَ إِلَى صَفَرٍ، وَهُوَ النَّسِيءُ الْمَذْكُورُ فِي الْقُرْآنِ: ﴿ إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ ﴾ [التَّوْبَةِ: 37]؛ لِيُقَاتِلُوا فِيهِ، وَيَفْعَلُونَ ذَلِكَ كُلَّ سَنَةٍ بَعْدَ سَنَةٍ، فَيَنْتَقِلُ الْمُحَرَّمُ مِنْ شَهْرٍ إِلَى شَهْرٍ، حَتَّى جَعَلُوهُ فِي جَمِيعِ شُهُورِ السَّنَةِ، فَلَمَّا كَانَتْ تِلْكَ السَّنَةُ عَادَ إِلَى زَمَنِهِ الْمَخْصُوصِ بِهِ قَبْلَ النَّقْلِ، وَدَارَتِ السَّنَةُ كَالْأُولَى، فَوَافَقَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ عَوْدَهُ إِلَى أَصْلِهِ، فَوَقَعَ الْحَجُّ فِي ذِي الْحِجَّةِ، وَبَطَلَ النَّسِيءُ الَّذِي كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَعَادَتِ الْأَشْهُرُ إِلَى الْوَضْعِ الْقَدِيمِ.

 

5- الْأَشْهُرُ الْقَمَرِيَّةُ هِيَ الْمُعْتَبَرُ فِي حِسَابِ الشُّهُورِ وَالسِّنِينَ: وَعَلَيْهَا الْمُعْتَمَدُ فِي ابْتِدَاءِ صِيَامِ رَمَضَانَ وَانْتِهَائِهِ، وَنُسُكِ الْحَجِّ، وَعُدَّةِ الطَّلَاقِ وَالْوَفَاةِ، وَالرَّضَاعِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَهَذِهِ الْأَشْهُرُ الْقَمَرِيَّةُ هِيَ أَقْدَمُ أَشْهُرِ التَّوْقِيتِ وَأَضْبَطُهَا، وَيُمْكِنُ الْعِلْمُ بِهَا بِالرُّؤْيَةِ الْبَصَرِيَّةِ لِلْأُمِّيِّينَ وَالْمُتَعَلِّمِينَ، فِي الْبَدْوِ وَالْحَضَرِ عَلَى سَوَاءٍ، وَلَمَّا اسْتَعْمَرَ الْكُفَّارُ كَثِيرًا مِنَ الْبِلَادِ الْإِسْلَامِيَّةِ حَوَّلُوا التَّارِيخَ إِلَى تَارِيخِهِمْ؛ اسْتِذْلَالًا لِلشُّعُوبِ.

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ... أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ.. وَمِنْ خَصَائِصِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ، وَأَحْكَامِهَا:

6- أَنَّهَا تُوَافِقُ رُكْنَ الْحَجِّ الْعَظِيمَ: قَالَ تَعَالَى: ﴿ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 197]، قَالَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «أَشْهُرُ الْحَجِّ: شَوَّالٌ، وَذُو الْقَعْدَةِ، وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «مِنَ السُّنَّةِ: أَنْ لَا يُحْرِمَ بِالْحَجِّ إِلَّا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

7- أَعْظَمُ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى؛ كَانَتْ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ: فَفِيهَا: عَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ؛ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ غَيْرِهَا، وَفِيهَا: يَوْمُ عَرَفَةَ، وَيَوْمُ النَّحْرِ، وَيَوْمُ الْقَرِّ [الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ]، وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ. وَفِيهَا: فَضْلُ صِيَامِ شَهْرِ اللَّهِ الْمُحَرَّمِ؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَفِيهَا: صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ، وَفَضْلُ الصِّيَامِ فِيهِمَا عَظِيمٌ.

 

8- اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَ عُمَرٍ، كُلُّهُنَّ فِي ذِي الْقَعْدَةِ؛ مُخَالَفَةً لِأَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ: عَنْ قَتَادَةَ؛ أَنَّ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَخْبَرَهُ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَمَرَ أَرْبَعَ عُمَرٍ كُلُّهُنَّ فِي ذِي الْقَعْدَةِ إِلَّا الَّتِي مَعَ حَجَّتِهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَلَا خِلَافَ أَنَّ عُمَرَهُ ‌لَمْ ‌تَزِدْ ‌عَلَى ‌أَرْبَعٍ)، وَقَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَإِنَّمَا اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْعُمْرَةَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ؛ لِفَضِيلَةِ هَذَا الشَّهْرِ، وَلِمُخَالَفَةِ الْجَاهِلِيَّةِ فِي ذَلِكَ؛ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَرَوْنَهُ [أَيِ: الِاعْتِمَارَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ] مِنْ أَفْجَرِ الْفُجُورِ، فَفَعَلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّاتٍ فِي هَذِهِ الْأَشْهُرِ؛ لِيَكُونَ أَبْلَغَ فِي بَيَانِ جَوَازِهِ فِيهَا، وَأَبْلَغَ فِي إِبْطَالِ مَا كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ عَلَيْهِ). وَقَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ: (لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَخْتَارَ لِنَبِيِّهِ فِي عُمَرِهِ إِلَّا أَوْلَى الْأَوْقَاتِ، وَأَحَقَّهَا بِهَا، فَأَوْلَى الْأَزْمِنَةِ بِالْعُمْرَةِ أَشْهُرُ الْحَجِّ، وَذُو الْقَعْدَةِ أَوْسَطُهَا) بِتَصَرُّفٍ يَسِيرٍ.

 

9- لَمْ يَثْبُتْ فِي فَضْلِ شَهْرِ رَجَبٍ حَدِيثٌ صَحِيحٌ؛ إِلَّا أَنَّهُ مِنَ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ: فَلَا يُخَصُّ بِصِيَامٍ، أَوْ صَلَاةٍ، أَوْ عُمْرَةٍ، أَوْ بِشَيْءٍ مِنَ الْعِبَادَاتِ، وَمِنَ الْبِدَعِ الْمُحْدَثَةِ فِي شَهْرِ رَجَبٍ: صَلَاةُ الرَّغَائِبِ؛ تُصَلَّى بِصِفَاتٍ مَخْصُوصَةٍ، وَسُوَرٍ وَأَدْعِيَةٍ مُعَيَّنَةٍ! قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَكُلُّ حَدِيثٍ فِي ذِكْرِ ‌صَوْمِ ‌رَجَبٍ، وَصَلَاةِ بَعْضِ اللَّيَالِي فِيهِ فَهُوَ كَذِبٌ مُفْتَرًى).

 

10- أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ هَذَا هُوَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ﴿ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ﴾: لِيُبَيِّنَ أَنَّ مَا سِوَاهُ مِنْ أَمْرِ النَّسِيءِ وَغَيْرِهِ مِنْ عَادَاتِ الْأُمَمِ لَيْسَ قَيِّمًا؛ لِمَا يَدْخُلُهُ مِنَ الِانْحِرَافِ وَالِاضْطِرَابِ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تعظيم الأشهر الحرم وفضل عمرة شهر ذي القعدة
  • الأشهر الحرم
  • تذكير الأنام بحرمة الأشهر الحرم
  • تعظيم الأشهر الحرم (خطبة)
  • فضل الأشهر الحرم وعمرة شهر ذي القعدة
  • خطبة: الأشهر الحرم وخطر ظلم النفس وظلم الغير..
  • خطبة: الأشهر الحرم
  • أثر الإيمان بالكتاب المنشور يوم القيامة، وفضائل تعظيم الأشهر الحرم (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • خطبة في فقه الجزية وأحكام أهل الذمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: التدافع سنة ربانية وحكمة إلهية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد الحرام 16/8/1433 هـ - الإحسان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ما تركتهن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: فضائل الصلاة وثمارها من صحيح السنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: أشبعوا شبابكم من الاحترام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: الذكاء الاصطناعي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ألا إن سلعة الله غالية (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المولد(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • خطبة: فضل عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد ست سنوات من البناء.. افتتاح مسجد أوبليتشاني في توميسلافغراد
  • مدينة نازران تستضيف المسابقة الدولية الثانية للقرآن الكريم في إنغوشيا
  • الشعر والمقالات محاور مسابقة "المسجد في حياتي 2025" في بلغاريا
  • كوبريس تستعد لافتتاح مسجد رافنو بعد 85 عاما من الانتظار
  • 57 متسابقا يشاركون في المسابقة الرابعة عشرة لحفظ القرآن في بلغاريا
  • طلاب هارفارد المسلمون يحصلون على مصلى جديد ودائم بحلول هذا الخريف
  • المعرض الرابع للمسلمين الصم بمدينة دالاس الأمريكية
  • كاتشابوري تحتفل ببداية مشروع مسجد جديد في الجبل الأسود

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 27/2/1447هـ - الساعة: 9:48
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب