• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    مراحل تنزلات وجمع القرآن - دروس وعبر
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    ستندمل جراح الشام (قصيدة)
    د. وليد قصاب
  •  
    ما يلقاه الإنسان بعد موته
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    نعم أجر العاملين (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    سورة آل عمران (5) الثبات والتثبيت
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    حف الشارب وإزالة شعر الإبطين والعانة في السنة ...
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    آداب استعمال أجهزة الاتصالات الحديثة (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    التمر غذاء ودواء في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    أعلى النعيم رؤية العلي العظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    كان صلى الله عليه وسلم يتداوى بالقرآن
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    من محاسن الدين الإسلامي وجود بدائل لكل عمل صالح ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    التحذير من الافتتان والاغترار بالدنيا الفانية ...
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    استراتيجيات تدريس المهارات (عرض تقديمي)
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    صحة العيون في السنة النبوية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. محمود بن أحمد الدوسري / خطب
علامة باركود

القلب ملك الجوارح (خطبة)

القلب ملك الجوارح (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/1/2025 ميلادي - 15/7/1446 هجري

الزيارات: 6046

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

القلب مَلِك الجوارح


الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ لِلْقَلْبِ خُطُورَةً وَأَهَمِّيَّةً بَالِغَةً؛ فَهُوَ مَلِكُ الْأَعْضَاءِ، وَهُوَ الْمُحَرِّكُ الْأَسَاسِيُّ لَهَا؛ نَحْوَ الْإِيمَانِ، أَوِ الْفُجُورِ وَالنِّفَاقِ وَالْكُفْرِ؛ وَلِذَا كَانَ الْقَلْبُ كَالْمَلِكِ لِلْأَعْضَاءِ، يَمْلِكُ مَعَهَا الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ، وَلَا تَمْلِكُ هِيَ إِلَّا الِاسْتِجَابَةَ وَالْإِذْعَانَ، وَالطَّاعَةَ وَالِالْتِزَامَ، بَلِ الْقَلْبُ مِفْتَاحٌ لِلْجَنَّةِ أَوِ النَّارِ، فَأَمْرُهُ خَطِيرٌ، وَأَثَرُهُ عَلَى الْجَوَارِحِ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ عَظِيمٌ؛ وَلِذَلِكَ جَاءَ ذِكْرُ الْقَلْبِ فِي الْقُرْآنِ فِي (مِائَةٍ وَاثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ مَرَّةً).

 

عِبَادَ اللَّهِ.. تَبْرُزُ مَكَانَةُ الْقَلْبِ وَفَضْلُهُ عَلَى الْجَوَارِحِ فِيمَا يَلِي:

1- الْقَلْبُ هُوَ الْأَسَاسُ وَالْبَاعِثُ: فَفِيهِ تَبْدَأُ الْإِرَادَاتُ وَالْخَوَاطِرُ، وَتَتَحَرَّكُ الدَّوَاعِي وَالصَّوَارِفُ، وَعَنْهُ تَنْشَأُ أَعْمَالُ الظَّاهِرِ، وَأَفْعَالُ الْجَوَارِحِ؛ فَقَوْلُ الْقَلْبِ – تَصْدِيقًا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ – يُتَرْجِمُهُ اللِّسَانُ نُطْقًا بِالشَّهَادَتَيْنِ، وَعَمَلُ الْقَلْبِ – مَحَبَّةً وَرَجَاءً وَخَوْفًا – تُعَبِّرُ عَنْهُ حَرَكَةُ الْأَعْضَاءِ اسْتِقَامَةً عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ، وَتَنْفِيذًا لِأَمْرِهِ جَلَّ فِي عُلَاهُ.

 

فَأَصْلُ الِاسْتِقَامَةِ هِيَ اسْتِقَامَةُ الْقَلْبِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَسْتَقِيمُ إِيمَانُ عَبْدٍ حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ» حَسَنٌ – رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَحِينَ يَفْسَدُ الْقَلْبُ، وَتَسْتَوْلِي عَلَيْهِ الْأَهْوَاءُ، وَالتَّعَلُّقُ بِغَيْرِ اللَّهِ؛ تَفْسَدُ الْجَوَارِحُ؛ «أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً، إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ؛ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.

 

2- إِيمَانُ الْقَلْبِ وَإِخْلَاصُهُ أَصْلٌ فِي قَبُولِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ: وَبِدُونِهِ لَا نَفْعَ، وَلَا ثَمَرَةَ، وَلَا قَبُولَ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا ﴾ [الْإِسْرَاءِ:19]، وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ ﴾ [الْأَنْبِيَاءِ:94]، فَلَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ تَقَدُّمِ إِيمَانِ الْقَلْبِ وَتَصْدِيقِهِ، وَإِذَا تَعَطَّلَتْ عُبُودِيَّةُ الْقَلْبِ؛ تَعَطَّلَتْ مَعَهَا عُبُودِيَّةُ الْجَوَارِحِ الظَّاهِرَةِ.

 

وَفِي السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ نُصُوصٌ كَثِيرَةٌ تُؤَكِّدُ عَلَى ضَرُورَةِ إِخْلَاصِ الْقَلْبِ وَصِدْقِهِ؛ لِيَجِدَ الْعَمَلُ الْقَبُولَ وَالْجَزَاءَ الْحَسَنَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، وَمِنْ ذَلِكَ: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ أَحَدٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صِدْقًا مِنْ قَلْبِهِ إِلَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ؛ بَلَّغَهُ اللَّهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ، وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

3- عَمَلُ الْقَلْبِ هُوَ الْمِيزَانُ لِتَفَاضُلِ عِبَادَةِ الظَّاهِرِ: أَقْوَالُ اللِّسَانِ وَأَفْعَالُ الْجَوَارِحِ قَدْ تَشْتَرِكَانِ فِي الظَّاهِرِ، وَيَعْظُمُ تَمَايُزُهَا وَتَفَاوُتُهَا بِحَسَبِ أَحْوَالِ الْقُلُوبِ، فَقَدْ يَقْتَرِنُ بِالطَّاعَةِ – مِنَ الْخَشْيَةِ وَالْإِنَابَةِ وَالْإِخْلَاصِ وَغَيْرِهَا مِنْ حَالِ الْقَلْبِ – مَا يَرْفَعُ مِنْ قَدْرِ الْعِبَادَةِ، وَيُعْلِي مَرْتَبَتَهَا، وَفِي الْمُقَابِلِ قَدْ يَقْتَرِنُ بِهَا مِنْ ضَعْفِ حَالِ الْقَلْبِ مَا يُقَلِّلُ مِنْ دَرَجَتِهَا، وَيُصَغِّرُ مِنْ قِيمَتِهَا وَأَثَرِهَا، قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ: (إِنَّ الْأَعْمَالَ لَا تَتَفَاضَلُ ‌بِصُوَرِهَا ‌وَعَدَدِهَا، وَإِنَّمَا تَتَفَاضَلُ بِتَفَاضُلِ مَا فِي الْقُلُوبِ)؛ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْعَبْدَ لَيُصَلِّي الصَّلَاةَ؛ مَا يُكْتَبُ لَهُ مِنْهَا إِلَّا عُشْرُهَا، تُسْعُهَا، ثُمُنُهَا، سُبُعُهَا، سُدُسُهَا، خُمُسُهَا، رُبُعُهَا، ثُلُثُهَا، نِصْفُهَا» صَحِيحٌ – رَوَاهُ أَحْمَدُ.

 

4- إِخْلَاصُ الْقَلْبِ يَجْعَلُ الْمُبَاحَ طَاعَةً وَقُرْبَةً: فَعَنْ طَرِيقِ الْقَلْبِ؛ يُصْبِحُ الْأَكْلُ، وَالشُّرْبُ، وَالنَّوْمُ، وَالنِّكَاحُ، وَالسَّعْيُ فِي طَلَبِ الْمَعِيشَةِ؛ عَمَلًا صَالِحًا، يَرْفَعُ مِنْ دَرَجَاتِ صَاحِبِهِ فِي الْآخِرَةِ، مَعَ اسْتِمْتَاعِهِ بِهَا فِي الدُّنْيَا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ». قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيَأْتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ! قَالَ: «أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ، فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلَّا أُجِرْتَ عَلَيْهَا، حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأَتِكَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

5- الْقَلْبُ هُوَ الْأَصْلُ فِي الْمَدْحِ أَوِ الذَّمِّ: يَشْتَمِلُ الْقَلْبُ عَلَى أَعْمَالٍ وَأَحْوَالٍ يُحْمَدُ عَلَيْهَا؛ كَالْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ، وَالتَّوَكُّلِ وَالْإِنَابَةِ، وَالصَّبْرِ وَالشُّكْرِ، وَالْإِخْلَاصِ وَالرِّضَا، وَنَحْوِهَا، وَيَشْتَمِلُ عَلَى عِلَلٍ وَأَسْقَامٍ يُذَمُّ عَلَيْهَا؛ كَالْكِبْرِ وَالْخُيَلَاءِ، وَالْحَسَدِ وَالْحِقْدِ، وَالسُّخْطِ وَكَرَاهِيَةِ الْهُدَى، وَالْغِشِّ وَالطَّمَعِ، وَنَحْوِهَا. وَالْأُولَى: أَصْلٌ لِأَفْعَالِ الْجَوَارِحِ الْمَحْمُودَةِ، وَالثَّانِيَةُ: أَصْلٌ لِأَفْعَالِهَا الْمَذْمُومَةِ.

 

يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى – فِي مَعْرِضِ الْمَدْحِ لِلْقُلُوبِ حِينَ تَصِحُّ: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ﴾ [الْأَنْفَالِ: 2]؛ ﴿ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ﴾ [الزُّمَرِ: 23]، وَيَقُولُ تَعَالَى – فِي مَعْرِضِ الذَّمِّ لِلْقُلُوبِ حِينَ تَمُوتُ: ﴿ ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ﴾ [الْبَقَرَةِ: 74]؛ ﴿ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ﴾ [الْحَجِّ: 46]، وَالنُّصُوصُ الشَّرْعِيَّةُ فِي الثَّنَاءِ عَلَى عِبَادَاتِ الْقَلْبِ، وَفِي ذَمِّ أَمْرَاضِهِ وَعِلَلِهِ كَثِيرَةٌ جِدًّا.

 

6- الْقَلْبُ مَنْبَعُ الْإِيمَانِ: وَدَلِيلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ ﴾ [النَّحْلِ:106]، وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ ﴾ [الْمُجَادَلَةِ:22]، قَالَ الْقُرْطُبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (خَصَّ الْقُلُوبَ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهَا مَوْضِعُ الْإِيمَانِ)، بَلْ إِنَّ نُطْقَ اللِّسَانِ غَيْرُ ذِي بَالٍ؛ إِذَا لَمْ يَتَأَسَّسْ عَلَى عَقِيدَةٍ صَادِقَةٍ فِي الْقَلْبِ؛ وَهَذَا هُوَ حَالُ الْمُنَافِقِينَ، الَّذِينَ كَشَفَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ: ﴿ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 167].

 

7- الْقَلْبُ مَحَلُّ التَّقْوَى: قَالَ تَعَالَى: ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ [الْحَجِّ:32]، فَإِضَافَةُ التَّقْوَى إِلَى الْقُلُوبِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَصْلَ التَّقْوَى، وَحَقِيقَتَهَا وَمَرْكَزَهَا، يَكْمُنُ فِي الْقَلْبِ، ثُمَّ تَظْهَرُ آثَارُهُ عَلَى الْجَوَارِحِ اسْتِقَامَةً عَلَى شَرْعِ اللَّهِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ؛ لَا يَظْلِمُهُ، وَلَا يَخْذُلُهُ، وَلَا يَحْقِرُهُ. التَّقْوَى هَا هُنَا» وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَلَا رَيْبَ أَنَّهُ أَرَادَ الْقَلْبَ. فَلَا تَحْصُلُ التَّقْوَى بِالْأَعْمَالِ الظَّاهِرَةِ فَقَطْ؛ بَلْ تَحْصُلُ – قَبْلَ ذَلِكَ – بِمَا يَسْتَقِرُّ فِي الْقَلْبِ؛ مِنْ تَعْظِيمِ اللَّهِ وَإِجْلَالِهِ، وَخَوْفِ عِقَابِهِ، فَإِذَا بَرَّ الْقَلْبُ وَاتَّقَى؛ تَحَرَّكَتِ الْأَعْضَاءُ بِالْبِرِّ وَالطَّاعَةِ، وَتَحَقَّقَتْ بِالتَّقْوَى.

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ... أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ..

وَمِنْ مَكَانَةِ الْقَلْبِ الْعَظِيمَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْجَوَارِحِ:

8- أَنَّهُ مَوْطِنُ الْهِدَايَةِ، وَمَوْضِعُ الْكُفْرِ وَالنِّفَاقِ: قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ﴾ [التَّغَابُنِ: 11]، وَفِي الْمُقَابِلِ: ﴿ يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ ﴾ [التَّوْبَةِ: 64]؛ ﴿ فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ﴾ [التَّوْبَةِ: 77]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ * الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ ﴾ [الْهُمَزَةِ: 6-7]، وَسَبَبُ تَخْصِيصِ الْأَفْئِدَةِ بِذَلِكَ: أَنَّهَا مَوْطِنُ الْكُفْرِ، وَالْعَقَائِدِ الْخَبِيثَةِ، وَالنِّيَّاتِ الْفَاسِدَةِ.

 

9- الْقَلْبُ مَرْكَزُ الْفِقْهِ وَالْعَقْلِ، وَالِانْتِفَاعِ بِالْعِلْمِ: قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا ﴾ [الْأَعْرَافِ: 179]؛ وَقَالَ أَيْضًا: ﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا ﴾ [الْحَجِّ:46]، فَالْكُفَّارُ لَا يَنْتَفِعُونَ بِقُلُوبِهِمْ فِي الْعِلْمِ الَّذِي يَهْدِيهِمْ إِلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ، وَيُحَقِّقُ لَهُمُ الْإِيمَانَ وَالْيَقِينَ، وَقَالَ تَعَالَى: – فِي شَأْنِ الْكُفَّارِ الْمُعَانِدِينَ: ﴿ خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ ﴾ [الْبَقَرَةِ:7]، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (خَصَّهُ بِالْخَتْمِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْفَهْمِ).

 

10- كَثْرَةُ تَقَلُّبِ الْقَلْبِ بَيْنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ: عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: «كَانَ أَكْثَرُ دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ» فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ؟ فَقَالَ: «إِنَّهُ لَيْسَ آدَمِيٌّ إِلَّا وَقَلْبُهُ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ؛ فَمَنْ شَاءَ أَقَامَ، وَمَنْ شَاءَ أَزَاغَ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

 

فَمِنْ تَقَلُّبِ الْقَلْبِ فِي جَانِبِ الْخَيْرِ: أَنَّهُ مَحَلُّ الِارْتِيَاحِ وَالسَّعَةِ: ﴿ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 125]؛ وَمَوْطِنُ الطُّمَأْنِينَةِ وَالسُّكُونِ: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرَّعْدِ: 28]، وَمَوْقِعُ الْقُوَّةِ وَالثَّبَاتِ: ﴿ وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ﴾ [هُودٍ: 120].

 

وَمِنْ تَقَلُّبِهِ فِي جَانِبِ الشَّرِّ: أَنَّهُ مَحَلُّ الرُّعْبِ وَالرَّهْبَةِ: ﴿ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 151]؛ ﴿ لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ﴾ [الْحَشْرِ: 13]؛ وَهُوَ مَوْطِنُ الْحِقْدِ وَالْحَسَدِ وَالْعَدَاوَةِ: ﴿ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [الْحَشْرِ: 10]، وَمَوْقِعُ النَّدَمِ وَالْحَسْرَةِ؛ كَقَوْلِ الْكَافِرِينَ لِإِخْوَانِهِمْ: ﴿ لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 156]، وَمَحَلُّ وَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ وَإِلْقَاءَاتِهِ: ﴿ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ ﴾ [النَّاسِ: 5].

 

وَالْقَلْبُ مُسْتَقَرُّ الْحُبِّ وَالْمَيْلِ وَالْهَوَى: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُتِبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ نَصِيبُهُ مِنَ الزِّنَا، مُدْرِكٌ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ: فَالْعَيْنَانِ زِنَاهُمَا النَّظَرُ، وَالْأُذُنَانِ زِنَاهُمَا الِاسْتِمَاعُ، وَاللِّسَانُ زِنَاهُ الْكَلَامُ، وَالْيَدُ زِنَاهَا الْبَطْشُ، وَالرِّجْلُ زِنَاهَا الْخُطَا، وَالْقَلْبُ يَهْوَى وَيَتَمَنَّى، وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ الْفَرْجُ وَيُكَذِّبُهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَالْمُرَادُ – بِمَا يَتَعَلَّقُ بِالْقَلْبِ: فِكْرُهُ وَتَصَوُّرُهُ، وَرَغْبَتُهُ وَمَيْلُهُ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ألم يأن للذين آمنوا؟ (خطبة)
  • التحذير من فتنة المال (خطبة)
  • أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات (خطبة)
  • خصائص العبادات في الإسلام (خطبة)
  • قصة يوسف وامرأة العزيز: فوائد وأحكام (خطبة)
  • كل الناس يغدو (خطبة)
  • قصة المقترض ألف دينار (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • قسوة القلب (2)(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • الاستمرارية: فريضة القلب في زمن التقلب(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • بين الاجتهاد الشخصي والتقليد المشروع: رد على شبهة «التعبد بما استقر في القلب»(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قسوة القلب (1)(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • من القلب إلى القلب(مادة مرئية - موقع الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل العقيل)
  • الشيخ: عبدالرحمن بن عبدالعزيز المحرج في محاضرة بعنوان ( كلمة من القلب إلى القلب )(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل العقيل)
  • ابدأ بقلبك قبل أن يحل الضيف(مقالة - ملفات خاصة)
  • أعمال يسيرة وراءها قلب سليم ونية صالحة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دع القلق واهنأ بشهر الصيام(مقالة - ملفات خاصة)
  • القلب ملك الجوارح(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد جديد يزين بوسانسكا كروبا بعد 3 سنوات من العمل
  • تيوتشاك تحتضن ندوة شاملة عن الدين والدنيا والبيت
  • المعرض الرابع للمسلمين الصم بمدينة دالاس الأمريكية
  • كاتشابوري تحتفل ببداية مشروع مسجد جديد في الجبل الأسود
  • نواكشوط تشهد تخرج نخبة جديدة من حفظة كتاب الله
  • مخيمات صيفية تعليمية لأطفال المسلمين في مساجد بختشيساراي
  • المؤتمر السنوي الرابع للرابطة العالمية للمدارس الإسلامية
  • التخطيط لإنشاء مسجد جديد في مدينة أيلزبري الإنجليزية
  • مسجد جديد يزين بوسانسكا كروبا بعد 3 سنوات من العمل
  • تيوتشاك تحتضن ندوة شاملة عن الدين والدنيا والبيت
  • المعرض الرابع للمسلمين الصم بمدينة دالاس الأمريكية
  • كاتشابوري تحتفل ببداية مشروع مسجد جديد في الجبل الأسود

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 19/2/1447هـ - الساعة: 11:19
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب