• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطورة إنكار البعث (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    التنظف بعد قضاء الحاجة حماية من الأمراض
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    شناعة جحود النعم وقوله تعالى (إن الإنسان لربه ...
    الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع
  •  
    البنية المعرفية للمواد الدراسية (عرض تقديمي)
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    قراءات اقتصادية (59) الثلاثة الكبار في علم ...
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    بشارة القرآن لأهل التوحيد (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    حديث: أن رجلا ظاهر من امرأته، ثم وقع عليها
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    فوائد ترك التنشيف بعد الغسل والوضوء
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الصحة الجنسية في السنة النبوية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    سيرة المحدث المربي فضيلة الشيخ الدكتور خلدون ...
    أ. أيمن بن أحمد ذو الغنى
  •  
    من وسائل صناعة الكراهية بين الثقافات: تصنيف ...
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة} (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    إزالة الغفلة (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    كثرة تلاوته صلى الله عليه وسلم القرآنَ على فراشه ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    شذرات من الفضل والتاريخ لشهر المحرم ويوم عاشوراء
    الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر اشرح كتاب السنة لأبي بكر ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

أرجى آيات القرآن (4)

أرجى آيات القرآن (4)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/4/2022 ميلادي - 27/9/1443 هجري

الزيارات: 20911

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أرجى آيات القرآن (4)

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ الرَّحِيمِ الرَّحْمَنِ، الْكَرِيمِ الْمَنَّانِ؛ أَنَارَ قُلُوبَ الْمُؤْمِنِينَ بِالْقُرْآنِ، وَهَدَاهُمْ لِلصِّيَامِ وَالْقِيَامِ، وَفَتَحَ لَهُمْ أَبْوَابَ الْبِرِّ وَالْإِحْسَانِ، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ مَلَأَ بِمَحَبَّتِهِ وَتَعْظِيمِهِ قُلُوبَ الْمُؤْمِنِينَ، وَفَتَحَ أَبْوَابَ الرَّجَاءِ لِلْعَامِلِينَ، وَأَمَرَهُمْ بِحُسْنِ الظَّنِّ وَالْيَقِينِ، وَوَعَدَهُمْ بِالْقَبُولِ وَالْجَزَاءِ الْعَظِيمِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ كَانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ مِنْ طُولِ الْقُنُوتِ، وَكَانَ لِصَدْرِهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ الْمِرْجَلِ مِنَ الْبُكَاءِ وَالْخُشُوعِ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ؛ فَإِنَّكُمْ فِي آخِرِ جُمُعَةٍ مِنْ هَذَا الشَّهْرِ الْكَرِيمِ، فَأَرُوا اللَّهَ تَعَالَى مِنْ أَنْفُسِكُمْ خَيْرًا؛ فَإِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 70-71].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: الْقُرْآنُ كِتَابُ رَجَاءٍ وَخَوْفٍ، وَتَرْغِيبٍ وَتَرْهِيبٍ، وَوَعْدٍ وَوَعِيدٍ. وَهَذِهِ اللَّيَالِي هِيَ لَيَالِي الرَّجَاءِ، بِمَا يُتْلَى فِيهَا مِنَ الْقُرْآنِ، وَمَا يُرْفَعُ فِيهَا مِنَ الْعَمَلِ وَالدُّعَاءِ، وَمَا يَتَنَزَّلُ فِيهَا مِنَ الرَّحْمَةِ وَالْعَفْوِ وَالْغُفْرَانِ، وَمَنْ عَرَفَ اللَّهَ تَعَالَى حَقَّ الْمَعْرِفَةِ لَمْ يَيْأَسْ مِنْ مَغْفِرَتِهِ، وَلَمْ يَقْنَطْ مِنْ رَحْمَتِهِ، وَلَمْ يَفْتُرْ عَنْ دُعَائِهِ وَسُؤَالِهِ، وَلَمْ يَتَعَاظَمْ شَيْئًا يَسْأَلُهُ؛ فَلَيْسَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى عَظِيمٌ، وَرَحْمَتُهُ سُبْحَانَهُ تَسْبِقُ غَضَبَهُ، وَرَحْمَتُهُ وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ، فَكَيْفَ بِعِبَادٍ لَهُ انْقَطَعُوا لَيَالِيَ الْعَشْرِ فِي بُيُوتِهِ، يَتْلُونَ آيَاتِهِ، وَيَرْكَعُونَ لَهُ وَيَسْجُدُونَ، وَيُلِحُّونَ فِي الدُّعَاءِ، فَلَا يَظَنُّ أَنَّهُمْ يُرَدُّونَ إِلَّا مَنْ أَسَاءَ الظَّنَّ بِاللَّهِ تَعَالَى.

 

وَفِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ آيَاتٌ هِيَ أَرْجَى الْآيَاتِ، يَفْرَحُ بِهَا أَهْلُ الْإِيمَانِ، وَحِينَ يَتْلُونَهَا تَعْظُمُ رَغْبَتُهُمْ فِي اللَّهِ تَعَالَى، وَتَحْسُنُ ظُنُونُهُمْ بِهِ سُبْحَانَهُ، فَيَحْسُنُ بِالْمُؤْمِنِ أَنْ يَقْرَأَ هَذِهِ الْآيَاتِ، وَيَتَدَبَّرَ مَعَانِيَهَا، وَيَفْهَمَ مَا فِيهَا مِنَ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ، وَمِنْ تِلْكُمُ الْآيَاتِ آيَةُ سُورَةِ غَافِرٍ، وَسُمِّيَتِ السُّورَةُ بِهَا، بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ: ﴿ حم * تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ ﴾ [غَافِرٍ: 1-3]، وَحُكِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهَا أَرْجَى آيَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى. وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ: «أَنَّ رَجُلًا كَانَ ذَا بَأْسٍ، وَكَانَ يُوفَدُ عَلَى عُمَرَ لِبَأْسِهِ، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، وَأَنَّ عُمَرَ فَقَدَهُ فَسَأَلَ عَنْهُ، فَقِيلَ لَهُ: تَتَابَعَ فِي هَذَا الشَّرَابِ، فَدَعَا كَاتِبَهُ فَقَالَ: اكْتُبْ: مِنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إِلَى فُلَانٍ، سَلَامٌ عَلَيْكَ، فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكَ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ﴿ غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ ﴾، ثُمَّ دَعَا وَأَمَّنَ مَنْ عِنْدَهُ، وَدَعَوْا لَهُ أَنْ يُقْبِلَ لِلَّهِ تَعَالَى بِقَلْبِهِ، وَأَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا أَتَتِ الصَّحِيفَةُ الرَّجُلَ جَعَلَ يَقْرَأُهَا وَيَقُولُ: ﴿ غَافِرِ الذَّنْبِ ﴾، قَدْ وَعَدَنِي اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَغْفِرَ لِي، وَ﴿ قَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ﴾ قَدْ حَذَّرَنِي اللَّهُ تَعَالَى عِقَابَهُ، ﴿ ذِي الطَّوْلِ ﴾ وَالطَّوْلُ الْخَيْرُ الْكَثِيرُ، ﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ ﴾، فَلَمْ يَزَلْ يُرَدِّدُهَا عَلَى نَفْسِهِ، ثُمَّ بَكَى، ثُمَّ نَزَعَ فَأَحْسَنَ النَّزْعَ -أَيْ: تَابَ فَحَسُنَتْ تَوْبَتُهُ-، فَلَمَّا بَلَغَ عُمَرَ أَمْرُهُ قَالَ: هَكَذَا فَاصْنَعُوا، إِذَا رَأَيْتُمْ أَخًا لَكُمْ زَلَّ زَلَّةً فَسَدِّدُوهُ، وَوَفِّقُوهُ، وَادْعُوا اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِ، وَلَا تَكُونُوا عَوْنًا لِلشَّيْطَانِ عَلَيْهِ» رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي قَتَلْتُ فَهَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَرَأَ عَلَيْهِ: ﴿ حم * تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ﴾ وَقَالَ: اعْمَلْ وَلَا تَيْأَسْ». وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «غَافِرُ الذَّنْبِ لِمَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَقَابِلُ التَّوْبِ مِمَّنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، شَدِيدُ الْعِقَابِ لِمَنْ لَا يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، ذُو الْغِنَى عَمَّنْ لَا يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ».

 

وَوَجْهُ كَوْنِ هَذِهِ الْآيَةِ مِنْ أَرْجَى آيَاتِ الْقُرْآنِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدَّمَ الْمَغْفِرَةَ عَلَى قَبُولِ التَّوْبَةِ، وَقَدَّمَهُمَا جَمِيعًا عَلَى التَّرْهِيبِ وَالتَّخْوِيفِ، وَهَذَا يُوَافِقُ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 156]، وَقَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ لَمَّا قَضَى الْخَلْقَ كَتَبَ عِنْدَهُ فَوْقَ عَرْشِهِ: إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي»، وَفِي رِوَايَةٍ: «إِنَّ رَحْمَتِي تَغْلِبُ غَضَبِي» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

وَفِي تَقْدِيمِ مَغْفِرَةِ الذُّنُوبِ عَلَى قَبُولِ التَّوْبَةِ فِي الْآيَةِ: ﴿ غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ ﴾ إِغْرَاءٌ لِلْعِبَادِ بِالتَّوْبَةِ؛ فَإِنَّ الْمَغْفِرَةَ تَكَادُ تَسْبِقُ تَوْبَتَهُمْ مِنْ قُرْبِهَا لَهُمْ. وَفِيهِ أَنَّ مَغْفِرَةَ الذُّنُوبِ غَيْرُ قَبُولِ التَّوْبَةِ، وَأَسْبَابُ الْمَغْفِرَةِ كَثِيرَةٌ جِدًّا، وَهِيَ تَعُودُ إِلَى ثَلَاثَةٍ:

أَوَّلُهَا: مَحْضُ فَضْلٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْعَبْدِ، فَيَغْفِرُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ.

 

وَثَانِيهَا: أَسْبَابٌ تَعُودُ لِلْعَبْدِ بِمَا يَقُومُ بِهِ مِنْ أَعْمَالٍ صَالِحَةٍ، فَالْوُضُوءُ سَبَبٌ لِلْمَغْفِرَةِ، وَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ، وَالصَّدَقَةُ، وَالصِّيَامُ، وَالْحَجُّ، وَالْعُمْرَةُ، وَالِاسْتِغْفَارُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْأَعْمَالِ الْكَثِيرَةِ الَّتِي وَرَدَ أَنَّهَا سَبَبٌ لِلْمَغْفِرَةِ، وَكَذَلِكَ الِابْتِلَاءَاتُ الَّتِي تُكَفَّرُ بِهَا الْخَطِيئَاتُ.

 

وَثَالِثُهَا: أَسْبَابٌ خَارِجَةٌ عَنِ الْعَبْدِ؛ كَدُعَاءِ وَالِدَيْهِ لَهُ، وَدُعَاءِ أَوْلَادِهِ وَأَقَارِبِهِ، بَلْ وَدُعَاءِ مَنْ لَا يَعْرِفُهُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ؛ فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا دَعَا بِالْمَغْفِرَةِ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَاسْتُجِيبَ لَهُ فِيهِمْ لَحِقَتِ الْمَغْفِرَةُ جَمِيعَهُمْ وَهُوَ مِنْهُمْ، فَيَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا لِلْمَغْفِرَةِ قَدْ لَا يَعْلَمُهُ. وَكُلُّ الذُّنُوبِ تُغْفَرُ بِهَذِهِ الْأَسْبَابِ إِلَّا الشِّرْكَ فَإِنَّهُ لَا يُغْفَرُ.

 

وَأَمَّا التَّوْبَةُ فَإِنَّهَا عَمَلٌ يَقُومُ بِهِ الْمُذْنِبُ، وَاللَّهُ تَعَالَى يَغْفِرُ بِالتَّوْبَةِ كُلَّ ذَنْبٍ، حَتَّى الشِّرْكَ الْأَكْبَرَ، فَمَنْ تَابَ مِنْهُ تَابَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ، وَغَفَرَ لَهُ مَا سَلَفَ مِنْ شِرْكِهِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْإِسْلَامَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.

 

وَهُوَ سُبْحَانَهُ مَعَ كَوْنِهِ غَافِرَ الذَّنْبِ، وَقَابِلَ التَّوْبِ؛ فَإِنَّهُ كَذَلِكَ شَدِيدُ الْعِقَابِ عَلَى الْمُسْتَكْبِرِينَ الْمُعَانِدِينَ؛ لِتَظْهَرَ قُدْرَتُهُ وَقُوَّتُهُ سُبْحَانَهُ مَعَ رَحْمَتِهِ وَمَغْفِرَتِهِ. وَهُوَ ذُو الطَّوْلِ؛ أَيِ: «التَّفَضُّلِ وَالْإِحْسَانِ الشَّامِلِ»، ﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ ﴾ فَيَجِدُ كُلُّ عَامِلٍ مَا عَمِلَ.

 

وَإِذَا كَانَ رَجَاءُ الْعَاصِينَ بِاللَّهِ تَعَالَى حُصُولَ الْمَغْفِرَةِ، وَرَجَاءُ التَّائِبِينَ قَبُولَ التَّوْبَةِ، فَكَيْفَ بِالطَّائِعِينَ الْمُخْبِتِينَ؟ وَكَيْفَ بِمَنْ صَامُوا رَمَضَانَ فَصَانُوا الصِّيَامَ؟ وَقَامُوهُ فَأَحْسَنُوا الْقِيَامَ، وَاجْتَهَدُوا فِي عَشْرِهِ الْأَخِيرَةِ، وَتَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ؟ وَاللَّهِ لَا يَخْذُلُهُمُ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ، وَلَا يَرُدُّهُمُ الْغَنِيُّ الْكَرِيمُ، فَطِيبُوا قَلْبًا بِمَا هُدِيتُمْ إِلَيْهِ مِنَ الْإِيمَانِ وَالطَّاعَةِ، وَأَحْسِنُوا الظَّنَّ بِاللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّهُ سَرِيعُ الْإِجَابَةِ، وَامْلَئُوا قُلُوبَكُمْ بِالرَّجَاءِ وَالْإِنَابَةِ، وَأَحْسِنُوا الْخِتَامَ فَإِنَّ الْأَعْمَالَ بِالْخَاتِمَةِ ﴿ وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 56].

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ، وَأَقِيمُوا عَلَى الطَّاعَةِ بَعْدَ رَمَضَانَ؛ فَإِنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أَدْوَمُهَا وَلَوْ كَانَ قَلِيلًا؛ كَمَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: «دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعِنْدِي امْرَأَةٌ، فَقَالَ: مَنْ هَذِهِ؟ فَقُلْتُ: امْرَأَةٌ لَا تَنَامُ تُصَلِّي، قَالَ: عَلَيْكُمْ مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ، فَوَاللَّهِ لَا يَمَلُّ اللَّهُ حَتَّى تَمَلُّوا، وَكَانَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَيْهِ مَا دَاوَمَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: شُرِعَ لَكُمْ فِي خِتَامِ الشَّهْرِ الْكَرِيمِ أَدَاءُ زَكَاةِ الْفِطْرِ، وَالسُّنَّةُ فِيهَا أَنْ تُخْرَجَ يَوْمَ الْعِيدِ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَقَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ، وَيَجُوزُ تَقْدِيمُهَا قَبْلَ الْعِيدِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، وَتُخْرَجُ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ؛ لِمَا رَوَى نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «فَرَضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ -أَوْ قَالَ: رَمَضَانَ- عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَالْحُرِّ وَالْمَمْلُوكِ؛ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، فَعَدَلَ النَّاسُ بِهِ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ، فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يُعْطِي التَّمْرَ، فَأَعْوَزَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنَ التَّمْرِ، فَأَعْطَى شَعِيرًا، فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُعْطِي عَنِ الصَّغِيرِ، وَالْكَبِيرِ، حَتَّى إِنْ كَانَ لَيُعْطِي عَنْ بَنِيَّ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يُعْطِيهَا الَّذِينَ يَقْبَلُونَهَا، وَكَانُوا يُعْطُونَ قَبْلَ الْفِطْرِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.

 

وَيَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِينَ حُضُورُ صَلَاةِ الْعِيدِ؛ إِذْ يُلَاحَظُ تَخَلُّفُ كَثِيرٍ مِنْهُمْ عَنْهَا؛ تَسَاهُلًا بِهَا، أَوْ نَوْمًا عَنْهَا، أَوِ اشْتِغَالًا بِسَفَرٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَهِيَ فَرْضُ كِفَايَةٍ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَسُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ لِلْأَفْرَادِ، وَقَالَ جَمْعٌ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ: إِنَّهَا فَرْضُ عَيْنٍ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ، فَلَا يَحْسُنُ التَّسَاهُلُ فِي التَّخَلُّفِ عَنْهَا بَعْدَ رَمَضَانَ. وَتَحْضُرُهَا النِّسَاءُ بِلَا زِينَةٍ وَلَا طِيبٍ؛ لِئَلَّا يُفْتَنَ الرِّجَالُ بِهِنَّ؛ قَالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «أُمِرْنَا أَنْ نُخْرِجَ الْحُيَّضَ يَوْمَ الْعِيدَيْنِ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ، فَيَشْهَدْنَ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ، وَدَعْوَتَهُمْ وَيَعْتَزِلُ الْحُيَّضُ عَنْ مُصَلَّاهُنَّ، قَالَتِ امْرَأَةٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِحْدَانَا لَيْسَ لَهَا جِلْبَابٌ؟ قَالَ: لِتُلْبِسْهَا صَاحِبَتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

 

وَاحْذَرُوا الْمُنْكَرَاتِ فِي الْعِيدِ؛ فَإِنَّهُ يَوْمُ شُكْرٍ لِلَّهِ تَعَالَى، وَالْمَعْصِيَةُ فِيهِ كُفْرٌ بِنِعْمَةِ الْعِيدِ، وَنِعْمَةِ رَمَضَانَ، وَنِعْمَةِ الصِّيَامِ وَالْقِيَامِ.

 

وَأَتْبِعُوا رَمَضَانَ بِصِيَامِ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ؛ لِتَكُونَ لَكُمْ مَعَ رَمَضَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ؛ لِأَنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا؛ لِحَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَأَكْثِرُوا مِنَ الِاسْتِغْفَارِ وَالدُّعَاءِ بِالْقَبُولِ فِي خِتَامِ الشَّهْرِ الْكَرِيمِ؛ فَإِنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَى الْقَبُولِ ﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 27].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أرجى آيات القرآن (1)
  • أرجى آيات القرآن (2)
  • أرجى آيات القرآن (3)
  • أرجى آيات القرآن (5)
  • أرجى آيات القرآن (6)
  • أرجى آيات القرآن (7)

مختارات من الشبكة

  • أرجى آية في القرآن الكريم(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • أرجى آية في القرآن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كلمات وصفت القرآن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح حديث: يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • فوائد من حديث: يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أرجى آية في كتاب الله مع المفسر الشوكاني(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أرجى آية في كتاب الله (عز وجل)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • واجبنا نحو القرآن الكريم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التربية في القرآن الكريم: ملامح تربوية لبعض آيات القرآن الكريم - الجزء الثاني (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • التربية في القرآن الكريم: توجيهات تربوية لبعض آيات القرآن الكريم (PDF)(كتاب - مجتمع وإصلاح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • إعادة افتتاح مسجد تاريخي في أغدام بأذربيجان
  • ستولاك تستعد لانطلاق النسخة الثالثة والعشرين من فعاليات أيام المساجد
  • موافقة رسمية على مشروع تطويري لمسجد بمدينة سلاو يخدم التعليم والمجتمع
  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي
  • بعد 14 عاما من البناء.. افتتاح مسجد منطقة تشيرنومورسكوي
  • مبادرة أكاديمية وإسلامية لدعم الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في التعليم بنيجيريا
  • جلسات تثقيفية وتوعوية للفتيات المسلمات بعاصمة غانا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 24/1/1447هـ - الساعة: 15:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب