• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من حافظ عليها..
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    مفهوم القرآن في اللغة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    خطبة (المرض والتداوي)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    تحية الإسلام الخالدة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    آداب التلاوة وأثرها في الانتفاع بالقرآن الكريم
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    الأحاديث الطوال (22) حديث أم زرع
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    أمثال القرآن: حكم وبيان (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    خطبة .. من سره أن يلقى الله تعالى غدا مسلما
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    نتائج بحث بلوغ المرام في قصة ظهور أول مصحف مرتل
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أثر الإيمان بالكتاب المنشور يوم القيامة، وفضائل ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

الكسوف والخسوف (4) ماذا يفعل في الكسوف؟

الكسوف والخسوف (4) ماذا يفعل في الكسوف؟
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/6/2020 ميلادي - 25/10/1441 هجري

الزيارات: 19575

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الكسوف والخسوف (4)

ماذا يفعل في الكسوف؟

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النِّسَاءِ: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 70-71].

 

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ: الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ تَعَالَى خَلَقَهُمَا بِقُدْرَتِهِ عَزَّ وَجَلَّ ﴿ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ﴾ [الْأَنْبِيَاءِ: 33]، وَسَخَّرَهُمَا لِمَنَافِعِ أَهْلِ الْأَرْضِ، وَيُدَبِّرُهُمَا سُبْحَانَهُ كَيْفَ يَشَاءُ ﴿ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ [النَّحْلِ: 12]، وَيَنْتَهِي عَمَلُهُمَا بِقِيَامِ الْقِيَامَةِ ﴿ فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ * وَخَسَفَ الْقَمَرُ * وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ * يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ ﴾ [الْقِيَامَةِ: 7 - 10]، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ مُكَوَّرَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

وَمِنْ حِكَمِ خَلْقِهِمَا تَخْوِيفُ الْعِبَادِ بِهِمَا، وَهَذَا التَّخْوِيفُ يَكُونُ بِالْكُسُوفِ وَالْخُسُوفِ؛ تَنْوِيهًا بِنِعْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ بِخَلْقِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَانْتِفَاعِ الْبَشَرِ بِهِمَا، وَتَذْكِيرًا بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ؛ إِذْ يُطْفَأُ نُورُهُمَا. وَيَوْمُ الْقِيَامَةِ يَوْمٌ شَدِيدٌ خَوْفُهُ، عَظِيمٌ فَزَعُهُ، يَجِبُ أَنْ يَخَافَهُ الْمُؤْمِنُ؛ وَلِذَا شَرَعَ جُمْلَةً مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ حَالَ وُقُوعِ الْكُسُوفِ أَوِ الْخُسُوفِ، وَهِيَ أَعْمَالٌ قَلْبِيَّةٌ وَبَدَنِيَّةٌ وَمَالِيَّةٌ، جَمَاعِيَّةٌ وَفَرْدِيَّةٌ:

فَأَعْظَمُهَا وَأَهَمُّهَا: الْخَوْفُ وَالْفَزَعُ حَالَ وُقُوعِ الْكُسُوفِ، وَإِذَا خَافَ الْعَبْدُ وَفَزِعَ أَدَّى الْأَعْمَالَ الْأُخْرَى الْمَأْمُورَ بِهَا فِي الْكُسُوفِ وَالْخُسُوفِ، وَإِذَا سُلِبَ مِنْ قَلْبِهِ الْخَوْفُ وَالْفَزَعُ، وَأَمِنَ الْعَذَابَ؛ قَسَا قَلْبُهُ، وَلَمْ يَأْبَهْ بِالْكُسُوفِ وَالْخُسُوفِ، وَلَمْ يُؤَدِّ الْعِبَادَاتِ الْمُتَعَلِّقَةَ بِهِمَا. وَالْخَوْفُ وَالْفَزَعُ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِمَا فِي النُّصُوصِ الْقُرْآنِيَّةِ وَالنَّبَوِيَّةِ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا ﴾ [الْإِسْرَاءِ: 59]، وَفِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُخَوِّفُ بِهَا عِبَادَهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

وَقَدْ خَافَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَزِعَ لَمَّا كَسَفَتِ الشَّمْسُ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «خَسَفَتِ الشَّمْسُ فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَزِعًا يَخْشَى أَنْ تَكُونَ السَّاعَةُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَبَلَغَ مِنْ خَوْفِهِ وَفَزَعِهِ أَنَّهُ أَخْطَأَ فَأَخَذَ دِرْعَ امْرَأَتِهِ وَأَرَادَ الْخُرُوجَ بِهِ إِلَى النَّاسِ حَتَّى أَدْرَكُوهُ بِرِدَائِهِ؛ لِاشْتِغَالِ قَلْبِهِ بِأَمْرِ الْكُسُوفِ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهَا قَالَتْ: «فَزِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا -تَعْنِي يَوْمَ كَسَفَتِ الشَّمْسُ- فَأَخَذَ دِرْعًا حَتَّى أُدْرِكَ بِرِدَائِهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

فَلَا يَلِيقُ بِأَهْلِ الْإِيمَانِ أَنْ يُخَوِّفَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِالْكُسُوفِ وَالْخُسُوفِ فَلَا يَخَافُونَ، وَالْأَوْلَى بِهِمْ أَنْ يَتَأَسَّوْا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ عَلِمَ بِالْكُسُوفِ فَخَافَ خَوْفًا شَدِيدًا، وَخَرَجَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ مِنْ شِدَّةِ خَوْفِهِ يَفْزَعُ إِلَى الصَّلَاةِ، وَقَدْ أُمِرَ بِذَلِكَ، كَمَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَافْزَعُوا إِلَى الصَّلَاةِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَفِي حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَقُومُوا فَصَلُّوا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَهَذَا أَمْرٌ بِصَلَاةِ الْكُسُوفِ، وَقَدْ حَمَلَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ عَلَى الْوُجُوبِ الْعَيْنِيِّ أَوِ الْكِفَائِيِّ، وَحَمَلَهُ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى السُّنِّيَّةِ الْمُؤَكَّدَةِ، فَلَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُفَرِّطَ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ مَفْزَعُ الْمُؤْمِنِينَ عِنْدَ الْخَوْفِ.

 

وَهِيَ صَلَاةٌ مَخْصُوصَةٌ بِهَذِهِ الْآيَةِ الْعَظِيمَةِ، رَكْعَتَانِ طَوِيلَتَانِ، فِي كُلِّ رَكْعَةٍ رُكُوعَانِ وَقِيَامَانِ وَسَجْدَتَانِ، وَهِيَ أَطْوَلُ صَلَاةٍ مَحْفُوظَةٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَمَّ بِهَا النَّاسَ، حَتَّى إِنَّ بَعْضَ الصَّحَابَةِ أَصَابَهُمُ الْإِغْمَاءُ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ أَسْمَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: «خَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ وَهِيَ تُصَلِّي، فَقُلْتُ: مَا شَأْنُ النَّاسِ يُصَلُّونَ؟ فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا إِلَى السَّمَاءِ، فَقُلْتُ: آيَةٌ، قَالَتْ: نَعَمْ، فَأَطَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقِيَامَ جِدًّا، حَتَّى تَجَلَّانِي الْغَشْيُ، فَأَخَذْتُ قِرْبَةً مِنْ مَاءٍ إِلَى جَنْبِي، فَجَعَلْتُ أَصُبُّ عَلَى رَأْسِي، أَوْ عَلَى وَجْهِي مِنَ الْمَاءِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «كَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَوْمٍ شَدِيدِ الْحَرِّ، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَصْحَابِهِ، فَأَطَالَ الْقِيَامَ، حَتَّى جَعَلُوا يَخِرُّونَ، ثُمَّ رَفَعَ فَأَطَالَ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ، ثُمَّ رَفَعَ فَأَطَالَ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ قَامَ فَصَنَعَ نَحْوًا مِنْ ذَاكَ، فَكَانَتْ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: «كَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَلَّى بِالنَّاسِ، فَقَامَ فَحَزَرْتُ قِرَاءَتَهُ، فَرَأَيْتُ أَنَّهُ قَرَأَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ قَامَ فَأَطَالَ الْقِرَاءَةَ، فَحَزَرْتُ قِرَاءَتَهُ أَنَّهُ قَرَأَ بِسُورَةِ آلِ عِمْرَانَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

 

وَيَنْبَغِي أَنْ يَشْتَغِلَ الْعَبْدُ قَبْلَ صَلَاةِ الْكُسُوفِ وَبَعْدَهَا بِالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَالِاسْتِغْفَارِ، إِلَى أَنْ يَنْجَلِيَ الْكُسُوفُ؛ لِمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَإِذَا رَأَيْتُمْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَافْزَعُوا إِلَى ذِكْرِهِ وَدُعَائِهِ وَاسْتِغْفَارِهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

وَيُشْرَعُ الْبُكَاءُ أَثْنَاءَ الدُّعَاءِ فِي الْكُسُوفِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ مُفْزِعٌ مَخُوفٌ؛ وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَكَى وَهُوَ يَدْعُو؛ كَمَا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَجَاءَ فِيهِ: «فَجَعَلَ يَنْفُخُ فِي آخِرِ سُجُودِهِ مِنَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، وَيَبْكِي وَيَقُولُ: لَمْ تَعِدْنِي هَذَا وَأَنَا فِيهِمْ، لَمْ تَعِدْنِي هَذَا وَنَحْنُ نَسْتَغْفِرُكَ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ.

 

وَالذِّكْرُ يَشْمَلُ التَّسْبِيحَ وَالتَّحْمِيدَ وَالتَّهْلِيلَ وَالتَّكْبِيرَ، وَقَدْ فَعَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «قُلْتُ: وَاللَّهِ لَأَنْظُرَنَّ إِلَى مَا حَدَثَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ، قَالَ: فَأَتَيْتُهُ وَهُوَ قَائِمٌ فِي الصَّلَاةِ رَافِعٌ يَدَيْهِ، فَجَعَلَ يُسَبِّحُ وَيَحْمَدُ وَيُهَلِّلُ وَيُكَبِّرُ وَيَدْعُو حَتَّى حُسِرَ عَنْهَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُعَامِلَنَا بِعَفْوِهِ وَمَغْفِرَتِهِ، وَأَنْ يُسْبِغَ عَلَيْنَا عَافِيَتَهُ، وَأَنْ يَتَغَمَّدَنَا بِوَاسِعِ رَحْمَتِهِ، وَأَنْ لَا يُؤَاخِذَنَا بِذُنُوبِنَا، وَلَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا، إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ مُجِيبٌ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 131- 132].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: تُشْرَعُ الصَّدَقَةُ فِي الْكُسُوفِ؛ لِمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ، فَادْعُوا اللَّهَ، وَكَبِّرُوا وَصَلُّوا وَتَصَدَّقُوا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. كَمَا يُشْرَعُ عِتْقُ الرَّقِيقِ، وَهُوَ مَأْمُورٌ بِهِ فِي حَدِيثِ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَتْ: «أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعَتَاقَةِ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ عَنْهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: «كُنَّا نُؤْمَرُ عِنْدَ الْخُسُوفِ بِالْعَتَاقَةِ».

 

وَتُشْرَعُ الْخُطْبَةُ لِلْكُسُوفِ، وَبِذَلِكَ قَالَ جُمْهُورُ السَّلَفِ، قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «فَخَطَبَ النَّاسَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ... ثُمَّ قَالَ: يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، وَاللَّهِ مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ أَنْ يَزْنِيَ عَبْدُهُ أَوْ تَزْنِيَ أَمَتُهُ، يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

وَيُشْرَعُ كَذَلِكَ التَّعَوُّذُ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ عَذَابِ النَّارِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى فِي كُسُوفِهِ أَحْوَالَ الْمُعَذَّبِينَ، فَقَالَ «إِنِّي قَدْ رَأَيْتُكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ كَفِتْنَةِ الدَّجَّالِ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَكُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ، يَتَعَوَّذُ مِنْ عَذَابِ النَّارِ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ عَنْهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهُ لَمَّا انْصَرَفَ مِنْ صَلَاةِ الْكُسُوفِ أَمَرَهُمْ فِي خُطْبَتِهِ بِذَلِكَ، قَالَتْ: «ثُمَّ أَمَرَهُمْ أَنْ يَتَعَوَّذُوا مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ».

 

فَحَرِيٌّ بِأَهْلِ الْإِيمَانِ إِذَا وَقَعَ الْكُسُوفُ أَوِ الْخُسُوفُ أَنْ يَفْزَعُوا إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَيُطِيلُوا الصَّلَاةَ، وَيَشْتَغِلُوا بِالذِّكْرِ وَالِاسْتِغْفَارِ وَالدُّعَاءِ، وَيَتَأَسَّوْا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَفْعَلُوا مَا فَعَلَ فِي الْكُسُوفِ حَتَّى يَنْجَلِيَ، وَلَا يُشْغَلُوا بِشَيْءٍ آخَرَ عَنْ ذَلِكَ؛ فَإِنَّهُ مُقَامُ ذُلٍّ وَخَوْفٍ وَمَسْكَنَةٍ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَعِبَادَةٌ عَظِيمَةٌ تَفُوتُ عَلَى الْمُفَرِّطِينَ، وَيَغْنَمُ فِيهَا الْمُشَمِّرُونَ. «وَمَنْ خَافَ أَدْلَجَ، وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ الْمَنْزِلَ، أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ غَالِيَةٌ، أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ الْجَنَّةُ».

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الكسوف والخسوف (1)
  • الكسوف والخسوف (2)
  • هل الكسوف والخسوف غضب أو تخويف أو ظاهرة طبيعية؟
  • الكسوف والخسوف
  • بشأن الكسوف والخسوف
  • الكسوف والخسوف (3) الخوف من العذاب
  • خطبة: الخسوف الثلاثة

مختارات من الشبكة

  • الكسوف أحكام وعبر وآيات، مع ذكر الرواية الكاملة لصلاة وخطبة الكسوف(محاضرة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • الكسوف: أحكام وعبر وآيات مع ذكر الرواية الكاملة لصلاة وخطبة الكسوف (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (21)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صـلاة الكسوف(مقالة - آفاق الشريعة)
  • آية الكسوف والخسوف (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أقوال السلف في الكسوف والخسوف(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كلمة حول ظاهرة الكسوف والخسوف(مادة مرئية - موقع الشيخ عبدالرحمن بن عبدالعزيز الدهامي)
  • كيفية صلاة الكسوف والخسوف(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • مسائل فقهية يحتاج إليها في الكسوف(مقالة - آفاق الشريعة)
  • توجيه إلى أئمة المساجد والخطباء عن اجتماع الكسوف والجمعة(مقالة - موقع الشيخ أحمد بن حسن المعلِّم)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب