• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    التوحيد: روح العبادة وأساس قبولها (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    يوم الحسرة (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    فضل العلم وأهله وبيان مسؤولية الطلاب والمعلمين ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    هديه - صلى الله عليه وسلم - في التداوي بسور
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أتعجبون من غيرة سعد؟! (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    العلاج بأبوال الإبل في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    هل هناك فرق بين (رب المشرِق والمغرِب)
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    قراءات اقتصادية (62) كتب غيرت العالم
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    من محاسن الدين الإسلامي وجود بدائل لكل عمل صالح ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    وسائل صناعة الكراهية بين الثقافات: الاستشراق ...
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    بر الوالدين (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    أسس بناء المنهج من المنظور الإسلامي
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    حديث: أمر رجلا أن يضع يده عند الخامسة على فيه ...
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    أربع من الجاهلية..
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    قراءات اقتصادية (61): اليهود والعالم والمال
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    خطبة المولد
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

الغدر بالمسلمين

الغدر بالمسلمين
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/3/2019 ميلادي - 14/7/1440 هجري

الزيارات: 15424

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الغدر بالمسلمين


الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِيمِ الْحَكِيمِ؛ يَبْتَلِي عِبَادَهُ بِالسَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ؛ لِيَسْتَخْرِجَ شُكْرَهُمْ مِنْ سَرَّائِهِمْ، وَصَبْرَهُمْ مِنْ ضَرَّائِهِمْ، ثُمَّ يَجْزِيهِمْ عَلَيْهِ أَوْفَى الْجَزَاءِ، نَحْمَدُهُ حَمْدَ الشَّاكِرِينَ، وَنَسْتَغْفِرُهُ اسْتِغْفَارَ التَّائِبِينَ، وَنَسْأَلُهُ الاسْتِقَامَةَ عَلَى الدِّينِ، فَهُوَ سُبْحَانَهُ مُقَلِّبُ الْقُلُوبِ وَمُثَبِّتُهَا، فَمَنْ ثَبَّتَهُ لَا يَزِيغُ، وَمَنْ خَذَلَهُ لَا يَسْتَقِيمُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ لَا يَقْضِي قَضَاءً لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَّا كَانَ خَيْرًا لَهُمْ؛ فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَعَلَيْهِ السَّخَطُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ كَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفًا رَحِيمًا، حَرِيصًا عَلَيْهِمْ، يَعِزُّ عَلَيْهِ عَنَتُهُمْ، وَيَفْرَحُ لِفَرَحِهِمْ، وَيَحْزَنُ لِحُزْنِهِمْ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَسَلُوهُ الثَّبَاتَ عَلَى الْحَقِّ، وَحُسْنَ الْخَاتِمَةِ؛ فَإِنَّ كُلَّ حَيٍّ لَا بُدَّ أَنْ يَمُوتَ، فَمَنْ وَافَتْهُ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ عَلَى عَمَلٍ صَالِحٍ أَفْلَحَ، وَذلِكَ الَّذِي أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ خَيْرًا؛ كَمَا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا اسْتَعْمَلَهُ، فَقِيلَ: كَيْفَ يَسْتَعْمِلُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: يُوَفِّقُهُ لِعَمَلٍ صَالِحٍ قَبْلَ الْمَوْتِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ: لَا شَيْءَ فِي الْعَلَاقَةِ بَيْنَ النَّاسِ أَقْبَحُ مِنَ الْغَدْرِ، وَلَا أَشَدَّ وَطْأَةً عَلَى النَّفْسِ مِنْهُ؛ إِذْ يَأْمَنُ الرَّجُلُ رَجُلًا فَيَغْدِرُ بِهِ، وَيَأْمَنُ الْقَوْمُ قَوْمًا فَيُقَابِلُونَهُمْ بِالْغَدْرِ؛ وَلِذَا يُفْضَحُ أَهْلُ الْغَدْرِ عَلَى رُؤُوسِ الْأَشْهَادِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا جَمَعَ اللَّهُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يُرْفَعُ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ، فَقِيلَ: هَذِهِ غَدْرَةُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.

 

وَفِي السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ حَوَادِثُ غَدْرٍ وَقَعَتْ عَلَى قَوْمٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَتَأَثَّرَ بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَزِنَ عَلَى الْمَغْدُورِ بِهِمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَدَعَا عَلَى الْغَادِرِينَ، وَمِنْ ذَلِكَ حَادِثَةُ الْغَدْرِ بِخُبَيْبِ بْنِ عَدِيٍّ وَأَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَحَادِثَةُ الْغَدْرِ بِقُرَّاءِ الصَّحَابِةِ فِي بِئْرِ مَعُونَةَ:

فَأَمَّا قِصَّةُ الْغَدْرِ بِخُبَيْبٍ وَأَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَرَوَاهَا أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ: «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشَرَةً عَيْنًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيَّ... حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْهَدَةِ بَيْنَ عَسْفَانَ وَمَكَّةَ، ذُكِرُوا لِحَيٍّ مِنْ هُذَيْلٍ يُقَالُ لَهُمْ: بَنُو لِحْيَانَ، فَنَفَرُوا لَهُمْ بِقَرِيبٍ مِنْ مِائَةِ رَجُلٍ رَامٍ، فَاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ حَتَّى وَجَدُوا مَأْكَلَهُمُ التَّمْرَ فِي مَنْزِلٍ نَزَلُوهُ، فَقَالُوا: تَمْرُ يَثْرِبَ، فَاتَّبَعُوا آثَارَهُمْ، فَلَمَّا حَسَّ بِهِمْ عَاصِمٌ وَأَصْحَابُهُ لَجَؤوا إِلَى مَوْضِعٍ فَأَحَاطَ بِهِمُ الْقَوْمُ، فَقَالُوا لَهُمْ: انْزِلُوا فَأَعْطُوا بِأَيْدِيكُمْ وَلَكُمُ الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ: أَنْ لَا نَقْتُلَ مِنْكُمْ أَحَدًا، فَقَالَ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ: أَيُّهَا الْقَوْمُ: أَمَّا أَنَا فَلَا أَنْزِلُ فِي ذِمَّةِ كَافِرٍ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ أَخْبِرْ عَنَّا نَبِيَّكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَمَوْهُمْ بِالنَّبْلِ فَقَتَلُوا عَاصِمًا، وَنَزَلَ إِلَيْهِمْ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ عَلَى الْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ، مِنْهُمْ خُبَيْبٌ، وَزَيْدُ بْنُ الدَّثِنَةِ، وَرَجُلٌ آخَرُ، فَلَمَّا اسْتَمْكَنُوا مِنْهُمْ أَطْلَقُوا أَوْتَارَ قِسِيِّهِمْ، فَرَبَطُوهُمْ بِهَا، قَالَ الرَّجُلُ الثَّالِثُ: هَذَا أَوَّلُ الْغَدْرِ، وَاللَّهِ لَا أَصْحَبُكُمْ، إِنَّ لِي بِهَؤُلَاءِ أُسْوَةً، يُرِيدُ الْقَتْلَى، فَجَرَّرُوهُ وَعَالَجُوهُ فَأَبَى أَنْ يَصْحَبَهُمْ، فَانْطُلِقَ بِخُبَيْبٍ، وَزَيْدِ بْنِ الدَّثِنَةِ حَتَّى بَاعُوهُمَا بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، فَابْتَاعَ بَنُو الْحَارِثِ بْنِ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلٍ خُبَيْبًا، وَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ قَتَلَ الْحَارِثَ بْنَ عَامِرٍ يَوْمَ بَدْرٍ، فَلَبِثَ خُبَيْبٌ عِنْدَهُمْ أَسِيرًا حَتَّى أَجْمَعُوا قَتْلَهُ، فَاسْتَعَارَ مِنْ بَعْضِ بَنَاتِ الْحَارِثِ مُوسًى يَسْتَحِدُّ بِهَا فَأَعَارَتْهُ، فَدَرَجَ بُنَيٌّ لَهَا وَهِيَ غَافِلَةٌ حَتَّى أَتَاهُ، فَوَجَدَتْهُ مُجْلِسَهُ عَلَى فَخِذِهِ وَالْمُوسَى بِيَدِهِ، قَالَتْ: فَفَزِعْتُ فَزْعَةً عَرَفَهَا خُبَيْبٌ، فَقَالَ: أَتَخْشَيْنَ أَنْ أَقْتُلَهُ؟ مَا كُنْتُ لِأَفْعَلَ ذَلِكَ، قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ أَسِيرًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ خُبَيْبٍ، وَاللَّهِ لَقَدْ وَجَدْتُهُ يَوْمًا يَأْكُلُ قِطْفًا مِنْ عِنَبٍ فِي يَدِهِ، وَإِنَّهُ لَمُوثَقٌ بِالْحَدِيدِ، وَمَا بِمَكَّةَ مِنْ ثَمَرَةٍ، وَكَانَتْ تَقُولُ: إِنَّهُ لَرِزْقٌ رَزَقَهُ اللَّهُ خُبَيْبًا، فَلَمَّا خَرَجُوا بِهِ مِنَ الْحَرَمِ لِيَقْتُلُوهُ فِي الْحِلِّ، قَالَ لَهُمْ خُبَيْبٌ: دَعُونِي أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، فَتَرَكُوهُ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَوْلَا أَنْ تَحْسِبُوا أَنَّ مَا بِي جَزَعٌ لَزِدْتُ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا، وَاقْتُلْهُمْ بَدَدًا، وَلَا تُبْقِ مِنْهُمْ أَحَدًا، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:

فَلَسْتُ أُبَالِي حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِمًا
عَلَى أَيِّ جَنْبٍ كَانَ لِلَّهِ مَصْرَعِي
وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الْإِلَهِ وَإِنْ يَشَأْ
يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ

 

ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ أَبُو سِرْوَعَةَ عُقْبَةُ بْنُ الْحَارِثِ فَقَتَلَهُ، وَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ سَنَّ لِكُلِّ مُسْلِمٍ قُتِلَ صَبْرًا الصَّلَاةَ، وَأَخْبَرَ أَصْحَابَهُ يَوْمَ أُصِيبُوا خَبَرَهُمْ، وَبَعَثَ نَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَى عَاصِمِ بْنِ ثَابِتٍ -حِينَ حُدِّثُوا أَنَّهُ قُتِلَ- أَنْ يُؤْتَوْا بِشَيْءٍ مِنْهُ يُعْرَفُ، وَكَانَ قَتَلَ رَجُلًا عَظِيمًا مِنْ عُظَمَائِهِمْ، فَبَعَثَ اللَّهُ لِعَاصِمٍ مِثْلَ الظُّلَّةِ مِنَ الدَّبْرِ، فَحَمَتْهُ مِنْ رُسُلِهِمْ، فَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَقْطَعُوا مِنْهُ شَيْئًا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

وَأَمَّا قِصَّةُ الْغَدْرِ بِالْقُرَّاءِ فِي بِئْرِ مَعُونَةَ فَرَوَاهَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ: «جَاءَ نَاسٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: أَنِ ابْعَثْ مَعَنَا رِجَالًا يُعَلِّمُونَا الْقُرْآنَ وَالسُّنَّةَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ سَبْعِينَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ، يُقَالُ لَهُمْ: الْقُرَّاءُ، فِيهِمْ خَالِي حَرَامٌ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، وَيَتَدَارَسُونَ بِاللَّيْلِ يَتَعَلَّمُونَ، وَكَانُوا بِالنَّهَارِ يَجِيئُونَ بِالْمَاءِ فَيَضَعُونَهُ فِي الْمَسْجِدِ، وَيَحْتَطِبُونَ فَيَبِيعُونَهُ، وَيَشْتَرُونَ بِهِ الطَّعَامَ لِأَهْلِ الصُّفَّةِ وَلِلْفُقَرَاءِ، فَبَعَثَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ، فَعَرَضُوا لَهُمْ، فَقَتَلُوهُمْ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغُوا الْمَكَانَ، فَقَالُوا: اللَّهُمَّ بَلِّغْ عَنَّا نَبِيَّنَا أَنَّا قَدْ لَقِينَاكَ فَرَضِينَا عَنْكَ وَرَضِيتَ عَنَّا، قَالَ: وَأَتَى رَجُلٌ حَرَامًا، خَالَ أَنَسٍ مِنْ خَلْفِهِ، فَطَعَنَهُ بِرُمْحٍ حَتَّى أَنْفَذَهُ، فَقَالَ حَرَامٌ: فُزْتُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: إِنَّ إِخْوَانَكُمْ قَدْ قُتِلُوا، وَإِنَّهُمْ قَالُوا: اللَّهُمَّ بَلِّغْ عَنَّا نَبِيَّنَا أَنَّا قَدْ لَقِينَاكَ فَرَضِينَا عَنْكَ، وَرَضِيتَ عَنَّا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْوَامًا مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ إِلَى بَنِي عَامِرٍ فِي سَبْعِينَ، فَلَمَّا قَدِمُوا قَالَ لَهُمْ خَالِي: أَتَقَدَّمُكُمْ فَإِنْ أَمَّنُونِي حَتَّى أُبَلِّغَهُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِلَّا كُنْتُمْ مِنِّي قَرِيبًا، فَتَقَدَّمَ فَأَمَّنُوهُ، فَبَيْنَمَا يُحَدِّثُهُمْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ أَوْمَئُوا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ فَطَعَنَهُ، فَأَنْفَذَهُ، فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، فُزْتُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، ثُمَّ مَالُوا عَلَى بَقِيَّةِ أَصْحَابِهِ فَقَتَلُوهُمْ إِلَّا رَجُلًا أَعْرَجَ صَعِدَ الْجَبَلَ، فَأَخْبَرَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُمْ قَدْ لَقُوا رَبَّهُمْ فَرَضِيَ عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمْ، فَكُنَّا نَقْرَأُ: أَنْ بَلِّغُوا قَوْمَنَا أَنْ قَدْ لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِيَ عَنَّا وَأَرْضَانَا، ثُمَّ نُسِخَ بَعْدُ، فَدَعَا عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَبَنِي لَحْيَانَ وَبَنِي عُصَيَّةَ الَّذِينَ عَصَوُا اللَّهَ وَرَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» «فَمَا رَأَيْتُهُ وَجَدَ عَلَى أَحَدٍ مَا وَجَدَ عَلَيْهِمْ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

اللَّهُمَّ ارْضَ عَنْهُمْ وَعَنِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، وَاجْمَعْنَا بِهِمْ فِي دَارِ النَّعِيمِ.

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 123].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: حَادِثَةُ الْغَدْرِ بِإِخْوَانِنِا الْمُصَلِّينَ فِي نِيُوزِلَنْدَا، هِيَ مِثْلُ غَدْرِ أُولَئِكَ الْمُشْرِكِينَ بِالْمُؤْمِنِينَ، وَالْمُجْرِمُ الْقَاتِلُ قَصَدَ قَوْمًا آمِنِينَ فِي الْمَسْجِدِ يَتَعَبَّدُونَ لِلَّهِ تَعَالَى بِأَدَاءِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ، فَأَفْرَغَ فِيهِمْ حِقْدَهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَتَرَكَهُمْ بَيْنَ قَتِيلٍ وَجَرِيحٍ وَمَفْجُوعٍ، وَصَوَّرَ ذَلِكَ لِلتَّبَاهِي بِهِ، وَدَعْوَةِ غَيْرِهِ لِتَكْرَارِهِ. وَكُلُّ مَنْ فِي قَلْبِهِ إِيمَانٌ يَتَأَلَّمُ لِهَذَا الْمُصَابِ الْعَظِيمِ. بَلْ تَأَلَّمَ لَهُ مَنْ فِيهِمْ بَقَايَا مِنَ الْفِطْرَةِ السَّوِيَّةِ مِنْ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَمْ يُسَوِّغْهُ أَوْ يُقَلِّلْ مِنْ جُرْمِهِ إِلَّا حَاقِدٌ مَوْتُورٌ، أَوْ مُرْتَزِقٌ مَأْجُورٌ، نَعُوذُ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنَ الْخِذْلَانِ، وَمِنَ اتِّبَاعِ الْهَوَى وَالشَّيْطَانِ.

 

وَحَادِثَةُ الْغَدْرِ هَذِهِ أَظْهَرَتْ مَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مِنَ التَّكَاتُفِ وَالتَّآلُفِ وَالْمَحَبَّةِ وَالْمَوَدَّةِ؛ إِذْ فُجِعَ بِهَا أَهْلُ الْإِيمَانِ فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَعَبَّرُوا عَنْ تَوَجُّعِهِمْ بِهَا بِالْقَوْلِ وَالْكِتَابَةِ وَالدُّعَاءِ، وَحَقَّقُوا قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ﴾ [الْأَنْبِيَاءِ: 92]، وَنَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَرْحَمَ الْقَتْلَى، وَأَنْ يَجْعَلَ الْجَنَّةَ مَأْوَاهُمْ، وَأَنْ يَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِ ذَوِيهِمْ بِالصَّبْرِ وَالِاحْتِسَابِ، كَمَا نَسْأَلُهُ تَعَالَى أَنْ يُعَافِيَ الْجَرْحَى، وَأَنْ يَحْفَظَ الْمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ. وَيَا لَحُسْنِ خَاتِمَةِ الْمَقْتُولِينَ، قُتِلُوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهُوَ أَفْضَلُ الْأَيَّامِ، وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ مَنْ مَاتَ فِيهِ نُجِّيَ مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ، وَقُتِلُوا وَهُمْ مُقِيمُونَ عَلَى طَاعِةٍ هِيَ أَفْضَلُ طَاعَاتِ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَهِيَ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ، وَمَنْ مَاتَ عَلَى شَيْءٍ بُعِثَ عَلَيْهِ.

 

وَأَظْهَرَتْ هَذِهِ الْحَادِثَةُ أَنَّ الْحَاقِدِينَ مِنْ أَعْدَاءِ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ لَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَ مُسَالِمٍ وَغَيْرِ مُسَالِمٍ، وَلَا بَيْنَ قَادِرٍ وَعَاجِزٍ؛ فَالْكُلُّ عِنْدَهُمْ مُسْتَبَاحُ الدَّمِ مَا دَامَ مُسْلِمًا يُوَحِّدُ اللَّهَ تَعَالَى وَيُصَلِّي لَهُ؛ وَلِذَا قَتَلَ الْمُجْرِمُ شِيبًا وَنِسَاءً وأَطْفَالًا، وَأَجْهَزَ عَلَى الْجَرْحَى، وَصَدَقَ اللَّهُ تَعَالَى حِينَ قَالَ: ﴿ إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا ﴾ [النِّسَاءِ: 101].

 

وَمِنَ الْخَيْرِ فِي هَذِهِ الْفَاجِعَةِ الْأَلِيمَةِ: إِقْبَالُ كَثِيرٍ مِنَ الْكُفَّارِ الْمُتَأَثِّرِينَ بِهَا عَلَى تَعَلُّمِ الْإِسْلَامِ، وَالسَّمَاعِ مِنْ دُعَاتِهِ، وَإِسْلَامُ بَعْضِهِمْ، وَالْمُتَوَقَّعُ أَنْ يُسْلِمَ عَدَدٌ كَبِيرٌ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ دِينُ الْفِطْرَةِ، وَإِذَا أُزِيلَتْ عَنْهُ مَوْجَاتُ التَّشْوِيهِ الْإِعْلَامِيِّ، وَعَرَفَهُ النَّاسُ مِنْ أَهْلِهِ دَخَلُوهُ رَغْبَةً وَطَوَاعِيَةً، فَيَنْقَلِبُ الْأَمْرُ عَلَى خِلَافِ مُرَادِ الْمُتَعَصِّبِينَ الْمَوْتُورِينَ، الَّذِينَ يُنَادُونَ بِإِبَادَةِ الْمُسْلِمِينَ ﴿ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ [النِّسَاءِ: 19]. وَالْمُؤْمِنُ لَا يَخْسَرُ أَبَدًا؛ فَإِنْ عَاشَ عَاشَ بِالْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ يَبْنِي بِهِ آخِرَتَهُ، وَإِنْ قَضَى فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَوَادِثِ لَقِيَ اللَّهَ تَعَالَى فَجَزَاهُ بِإِيمَانِهِ وَعَمَلِهِ الصَّالِحِ، وَارْتَاحَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَكْدَارِهَا. وَلَنْ يَجِدَ الْأَعْدَاءُ بِحَرْبِهِمْ لِدِينِ اللَّهِ تَعَالَى إِلَّا مَا يَسُوؤُهُمْ مِنْ ظُهُورِهِ وَانْتِشَارِهِ، وَعُلُوِّ حَمَلَتِهِ وَانْتِصَارِهِمْ ﴿ يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ﴾ [التَّوْبَةِ: 32- 33].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • غزوة بني قريظة الغدر والعقوبة
  • وقفات مع غروب الغدر
  • العفو والصفح من شيم الكرام والغدر والخيانة من شيم اللئام
  • الخوف والغدر من صفات اليهود
  • الغدر والخيانة خلق أعداء الأمة

مختارات من الشبكة

  • من مائدة الحديث: التحذير من الإضرار بالمسلمين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • طلب العلم وتعليمه عند وقوع النوازل بالمسلمين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وطن على الغدر عسير (قصيدة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الغدر ردة إيمانية وأخلاقية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أسباب النصر والتمكين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من قصص الأنبياء (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • رسالة بعنوان: كيف يستثمر المسلم وقته: فوائد وتوجيهات لطالب العلم (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مدارس إسلامية جديدة في وندسور لمواكبة زيادة أعداد الطلاب المسلمين(مقالة - المسلمون في العالم)
  • استحباب أن يقدم المسلم صدقة بين يدي صلاته ودعائه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإسلام أمرنا بدعوة وجدال غير المسلمين بالحكمة والموعظة الحسنة(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • طلاب مدينة مونتانا يتنافسون في مسابقة المعارف الإسلامية
  • النسخة العاشرة من المعرض الإسلامي الثقافي السنوي بمقاطعة كيري الأيرلندية
  • مدارس إسلامية جديدة في وندسور لمواكبة زيادة أعداد الطلاب المسلمين
  • 51 خريجا ينالون شهاداتهم من المدرسة الإسلامية الأقدم في تتارستان
  • بعد ست سنوات من البناء.. افتتاح مسجد أوبليتشاني في توميسلافغراد
  • مدينة نازران تستضيف المسابقة الدولية الثانية للقرآن الكريم في إنغوشيا
  • الشعر والمقالات محاور مسابقة "المسجد في حياتي 2025" في بلغاريا
  • كوبريس تستعد لافتتاح مسجد رافنو بعد 85 عاما من الانتظار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 4/3/1447هـ - الساعة: 10:49
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب