• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    من حافظ عليها..
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    مفهوم القرآن في اللغة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    خطبة (المرض والتداوي)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    تحية الإسلام الخالدة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    آداب التلاوة وأثرها في الانتفاع بالقرآن الكريم
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    الأحاديث الطوال (22) حديث أم زرع
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    أمثال القرآن: حكم وبيان (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    خطبة .. من سره أن يلقى الله تعالى غدا مسلما
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    نتائج بحث بلوغ المرام في قصة ظهور أول مصحف مرتل
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أثر الإيمان بالكتاب المنشور يوم القيامة، وفضائل ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    ابن تيمية وعلم التفسير
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري / مقالات
علامة باركود

التطير بشهر صفر (خطبة)

التطير بشهر صفر (خطبة)
الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/10/2017 ميلادي - 7/2/1439 هجري

الزيارات: 13451

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

التطيُّر بشهر صفر

 

الحمدُ لله مُصرِّفِ الأوقاتِ والدُّهورِ، ومُدبِّرِ الأحوالِ في الأيام والشهور، ومُسهِّلِ الصِّعابِ ومُيسِّرِ الأُمور، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له وإليه المنتهى والمصير، كما قال سبحانه وقولُه الحقُّ: ﴿ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ ﴾ [الشورى: 53]، وأشهدُ أن محمداً عبدُه ورسولُه البشيرُ النذير، اللهُمَّ صلِّ وسلِّم على محمدٍ وعلى آله وأصحابه وضاعفِ اللهُمَّ لهم الأُجور.


أمَّا بعدُ: أيها الناس، اتقوا الله تعالى، واعلموا أن الأُمورَ كُلَّها بيدِ العزيز الحكيم، فمَا شاءَ اللهُ كان، وما لم يشأ لم يكن من صغيرٍ وعظيم، ﴿ مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [فاطر: 2] ﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [التوبة: 51]، ﴿ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [يونس: 107]، فالأمرُ كُلُّه بيدِ الله، والتصاريفُ كُلُّها مُنقادةٌ لقَدَرِ الله، والأسبابُ والمسبِّباتُ تَبَعٌ لحكمةِ الله، ليسَ لشيءٍ من الأوقاتِ والشُّهورِ عَمَلٌ ولا تأثيرٌ، وإنما الأوقاتُ تجري مُسخَّراتٍ بتقديرِ الْمَلِكِ الكبير، إنما جَعَلَها اللهُ رحمةً و﴿ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا ﴾ [الفرقان: 62]، وظُروفاً للأعمالِ نافِعِهَا وضارِّها، فكُلٌّ مُيسَّرٌ لِما خُلقَ له تيسيراً، قال صلى الله عليه وسلم: (اعْمَلُوا فكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِما خُلِقَ لَهُ، أمَّا مَن كانَ مِن أهلِ السَّعادَةِ فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أهلِ السَّعادَةِ، وأمَّا مَن كانَ مِن أهلِ الشَّقَاءِ فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أهلِ الشَّقَاوَةِ) رواه البخاري ومسلم، فأوقاتُ الموفَّقين زاهرةٌ بالأعمالِ النافعةِ والخيرات، وأوقاتُ المجرمين قد مُلئت من الشرور والآفات، وليسَ لشهرِ صَفَرٍ وغيره نحسٌ ولا سَعْدٌ ولا شُؤْمٌ، قال صلى الله عليه وسلم: (لا عَدْوَى ولا طِيَرَةَ ولا هَامَةَ ولا صَفَرَ) رواه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري.


واختلفَ العلماءُ في تفسيرِ قولهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: (ولا صَفَر)، فقال الأئمة ابن عيينة وأحمد والبخاري وغيرهم: بأنَّه داءٌ في البطن، يُقالُ إنه دودٌ فيه كبارٌ كالحيَّات، وهو أعدى من الْجَرَبِ عند العَرَب، فنفى النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذلك.

وقال جابرٌ رضي الله عنه: (كانَ يُقَالُ دَوَابُّ البَطْنِ) رواه مسلم، وكان أهل الجاهلية يعتقدون أنَّ مَن أصابه قَتَلَهُ، فردَّ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذلك بأن الموتَ لا يكون إلا إذا فَرَغَ الأجل، فقال: (قَدَّرَ اللهُ تعالى على كُلِّ نَفْسٍ رِزْقَهَا ومُصِيبَتَهَا وأَجَلَهَا) رواه ابن أبي عاصم في السنة وصحَّحه الألباني.


وقال طائفة: بأن المراد به شهر صفر، وأن المراد نفي ما كان أهل الجاهلية يفعلونه في النسيء فكانوا يُحلِّون المحرَّم، ويُحرِّمون صَفَرَ مكانه، وقيل بأن المراد تشاؤم أهل الجاهلية بشهر صَفَر، فأبطلَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم ذلك.

وهذه الخصلة الجاهلية لا تزال موجودة إلى يومنا هذا، فبعض الناس يتشاءمون من شهر صفر، ومن السفر فيه، فلا يُقيمون فيه فرَحَاً ولا مناسبة، وبعضهم يتشاءم ببعض الأشخاص ذوي العيب كالأعور والأحول والأعرج، وببعض الأشجار المتجردة من أغصانها، وببعض الأرقام كرقم 13 لدرجة إلغاءه في بعض الدول في المعاملات أو المباني فلا يوجد دور ثالث عشر ولا غرفة ثلاثة عشر، والتشاؤم ببعض الأصوات، كصوت الغراب والبومة، وبالمقص إذا كان مفتوحاً، وبالحذاء إذا كان مقلوباً، وبتقليم الأظفار ليلاً، وبتسمية الأبناء على الآباء وهم أحياء، وبمشاهدة ما يسوء أول النهار كحادثٍ مَثَلاً، أو بمشاهدة عدوٍّ، أو بحكَّة الرِّجل، ورفَّة العين اليُسرى، أو التشاؤم بالبنات، وببعض الأيام كيوم الجمعة والسبت، وبالعُطاس، وبالكنس بمكنسة جديدة قبل تقليم أطرافها، وببعض الألوان كالأسود والأزرق، وبشرب الماء عند اصفرار الشمس، وبكتابة الوصية، وذكر العقرب والحية، وغير ذلك من التشاؤم والتطيُّر.


فأبطلَ اللهُ هذه الخرافاتِ الساقطةِ، وأخبرَ أن التطيُّر والتشاؤم هو من خصال أهل الجاهلية، فقال تعالى مُخبراً عن تطيُّر قوم صالح عليه السلام: ﴿ قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ ﴾ [النمل: 47]، وقال تعالى مُخبراً عن تطيُّر فرعون وقومه بموسى عليه السلام: ﴿ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف: 131]، وقال تعالى مُخبراً عن تطيُّر أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون: ﴿ قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ * قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ ﴾ [يس: 18، 19]، وقال تعالى مُخبراً عن تطيُّر قريش برسولنا صلى الله عليه وسلم: ﴿ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا * مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا ﴾ [النساء: 78، 79]، وتبرَّأ النبيُّ صلى الله عليه وسلم ممن تطيَّر، وأخبرَ أنها من الشرك، فقال: (ليسَ مِنَّا مَن تَكَهَّنَ أو تُكُهِّنَ لَهُ، ومَن تَطَيَّرَ أو تُطُيِّرَ لَهُ) أخرجه الدولابي وجوَّد إسناده الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله، وقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: (الطِّيَرَةُ مِنَ الشِّرْكِ) رواه الترمذي وحسنه، وقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: (مَن رَدَّتْهُ الطِّيَرَةُ مِن حاجَةٍ فقَدْ أَشْرَكَ) رواه الإمام أحمد وصحَّحه الألباني.


وأخبرَ صلى الله عليه وسلم أن الأسبابَ النافعة قسمان: أسبابٌ دينيةٌ ترجعُ إلى الأعمال الصالحة الحسان، المبنيَّةِ على الإخلاصِ والتقوى والإيمان، وأسبابٌ دنيويةٌ تُصلحُ المعاشَ يقومُ بها العبدُ مستعيناً بالرَّحمن، وكُلُّ هذا داخلٌ في قوله عليه السلام: (احْرِصْ على ما يَنْفَعُكَ، واسْتَعِنْ باللهِ ولا تَعْجَزْ، وإنْ أصابَكَ شيءٌ، فلا تَقُلْ لَوْ أنِّي فعلْتُ كانَ كَذا وكَذَا، ولكنْ قُلْ قَدَرُ اللهِ وما شَاءَ فَعَلَ، فإنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيطانِ) رواه مسلمٌ، فليسَ شيء من الخرافاتِ سَبَباً لخيرٍ ولا لشَرٍّ، ولكنها خَلَلٌ في العُقول والأديان، فمَن علَّقَ بشيءٍ منها أَمَلَهُ فهو جاهلٌ ضالٌ، وإنما المؤمنُ يتعلَّقُ بربِّه الكبيرِ المتعال، لأن التشاؤم مما ينافي تحقيق التوحيد، وتحقيق التوحيد منه ما يكون واجباً، ومنه ما يكون مندوباً، فالواجب: تخليصه وتصفيته عن شوائب الشرك والبدع والمعاصي، فالشرك يُنافيه بالكلية، والبدع تُنافي كماله الواجب، والمعاصي تقدحُ فيه وتُنقص ثوابه، فلا يكونُ العبدُ مُحقِّقاً التوحيد حتى يَسلَمَ من الشركِ بنوعيه ويَسلم من البدع والمعاصي.


قال الإمام محمد بن عبد الوهاب في كتاب التوحيد: (باب من حقَّق التوحيد دخَلَ الجنةَ بغيرِ حسابٍ) وذكَرَ فيه حديثَ ابنَ عباس رضي الله عنهما عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: (عُرِضَتْ علَيَّ الأُمَمُ، فأَخَذَ النبيُّ يَمُرُّ مَعَهُ الأُمَّةُ، والنبيُّ يَمُرُّ مَعَهُ النَّفَرُ، والنبيُّ يَمُرُّ مَعَهُ العَشَرَةُ، والنبيُّ يَمُرُّ مَعَهُ الخَمْسَةُ، والنبيُّ يَمُرُّ وَحْدَهُ، فنَظَرْتُ فإذا سَوَادٌ كَثيرٌ، قُلتُ: يا جِبْرِيلُ، هؤُلاَءِ أُمَّتِي؟ قالَ: لاَ، ولَكِنِ انْظُرْ إلى الأُفُقِ، فنَظَرْتُ فإذا سَوَادٌ كَثيرٌ، قالَ: هؤُلاَءِ أُمَّتُكَ، وهؤُلاَءِ سَبْعُونَ أَلْفاً قُدَّامَهُمْ لا حِسَابَ عليهِم ولا عَذَابَ، قُلْتُ: ولِمَ؟ قالَ: كانُوا لا يَكْتَوُونَ، ولا يَسْتَرْقُونَ، ولا يَتَطَيَّرُونَ، وعلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) رواه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري.


فالخلاصةُ أن التطيُّرَ والتشاؤم بشهر صفر وغيره من الأزمنة ونحو ذلك، من البدع الشركية، التي يجبُ تركُها والابتعادُ عنها، يَسَّرَ اللهُ لنا ولوالدينا وأهلينا كُلَّ خيرٍ ومطلوبٍ، وحفظنا من كُلِّ سوءٍ وشرٍّ ومرهوبٍ، ومَنَّ علينا بالهُدى والتقى والعَفاف والغنى، وغفرَ لنا في الآخرة والأولى.

♦ ♦ ♦ ♦

 

إِنَّ الحمدَ للهِ، نَحمَدُه ونستعينُه، مَن يَهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضلل فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأنَّ مُحمَّداً عبدُه ورسولُه.

أمَّا بعدُ: أيها المسلمون: لقد نهى النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن التطيُّر وذمَّ المتطيِّرين، وكان صلى الله عليه وسلم يُحبُّ الفألَ ويكرَهُ الطِيَرة، قال صلى الله عليه وسلم: (لا عَدْوَى ولا هامَةَ ولا طِيَرَةَ، وأُحِبُّ الْفَأْلَ الصَّالِحَ) رواهُ مسلمٌ، وفي روايةٍ: (قِيلَ: يا رسُولَ اللهِ ومَا الْفَأْلُ؟ قالَ: الكَلِمَةُ الصالحةُ يَسْمَعُهَا أَحَدُكُمْ) رواه البخاري ومسلم.


قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله: (والفرقُ بينهما: أن الفألَ الحسَنَ لا يُخلُّ بعقيدةِ الإنسانِ ولا بعقلهِ، وليسَ فيه تعليقُ القلبِ بغيرِ اللهِ، بل فيه من المصلحةِ: النشاطُ والسرورُ وتقويةُ النفوسِ على المطالبِ النافعةِ، وصفةُ ذلك: أن يَعزِمَ العبدُ على سَفَرٍ أو زواجٍ أو عقدٍ من العُقودِ، أو على حالةٍ من الأحوالِ المهمَّةِ ثم يَرَى في تلكَ الحالِ ما يَسُرُّه، أو يَسمعُ كلاماً يَسُرُّه، مثلُ يا راشدٌ أو سالمٌ أو غانمٌ، فيَتفاءلُ ويزدادُ طَمَعُه في تيسيرِ ذلكَ الأمرِ الذي عَزَمَ عليه، فهذا كُلُّه خيرٌ وآثارُهُ خيرٌ، وليسَ فيه من المحاذيرِ شيءٌ.


وأمَّا الطِيَرَةُ فإنه إذا عَزَمَ على فعلِ شيءٍ من ذلكَ من الأُمورِ النافعةِ في الدِّين أو في الدُّنيا، فيرَى أو يَسمعُ ما يكرَهُ أثَّرَ في قلبهِ أحدُ أمرين، أحدُهما أعظمُ من الآخر:

أحدُهُما: أنْ يَستجيبَ لذلك الداعي فيتركَ ما كان عازماً على فعله أو بالعكس، فيتطيَّرُ بذلك وينكصُ عن الأمرِ الذي كان عازماً عليه، فهذا كما تَرَى قد علَّق قلبَهُ بذلك المكروه غايةَ التعليق وعَمِلَ عليه، وتصرَّفَ ذلك المكروهُ في إرادته وعزمِه وعَمَلِه، فلا شكَّ أنه على هذا الوجه أثَّرَ على إيمانه وأخلَّ بتوحيده وتوكُلِّه، ثمَّ بعدَ هذا لا تسأل عمَّا يُحدِثه له هذا الأمرُ من ضعفِ القلبِ وَوَهنه وخوفه من المخلوقين وتعلُّقِه بالأسبابِ وبأُمورٍ ليست أسباباً، وانقطاعِ قلبهِ من تعلُّقِه بالله، وهذا من ضعفِ التوحيدِ والتوكُّلِ، ومِن طُرُقِ الشركِ ووسائله، ومن الخرافات المفسدةِ للعقل.


الأمر الثاني: أن لا يَستجيبَ لذلك الداعي، ولكنه يُؤثِّرُ في قلبه حُزناً وهمَّاً وغمَّاً، فهذا وإن كان دون الأول لكنه شرٌّ وضَرَرٌ على العبد، وضعفٌ لقلبه ومُوهنٌ لتوكُّله، وربَّما أصابه مكروهٌ فظنَّ أنه من ذلك الأمر فقوي تطيُّره، وربَّما تدرَّج إلى الأمر الأول، فهذا التفصيلُ يُبيِّنُ لكَ وَجْهَ كراهةِ الشارع للطِيرَةِ وذمِّها، ووجهُ منافاتها للتوحيد والتوكُّل، وينبغي لِمن وَجَدَ شيئاً من ذلك، وخافَ أن تَغْلِبَهُ الدواعي الطبيعية أن يُجاهدَ نفسه على دفعها ويستعينَ اللهَ على ذلك، ولا يركنُ إليها بوجهٍ ليندفع الشرُّ عنه) انتهى.


ولقد أشارت الدراسات والبحوث في علم النفس: إلى أن التشاؤم يتسبب في الاكتئاب والقلق والتوتُّر والضغوط وفقد الأمل والإحباط والانتكاس، عِيَاذاً بكَ اللهُمَّ مِن مُخالَفَةِ أَمْرِكَ وارتكابِ نَهْيكَ، آمين، ولذلك أرشدَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى علاجٍ سريعٍ عندما يُبتلى المسلم بالتطيُّر بأن يقول: (اللهُمَّ لا خَيْرَ إلاَّ خَيْرُكَ، ولا طَيْرَ إلاَّ طَيْرُكَ، ولا إِلَهَ غَيْرُكَ) رواه أحمد وصحَّحه الألباني، وبأن يقول: (اللهُمَّ لا يأتي بالحَسَنَاتِ إلا أنْتَ، ولا يدَفْعَ السَّيئَاتِ إلا أنت، ولا حَوُلَ ولا قُوةَ إلا بكَ) رواه أبو داود وصحَّحه النووي.


اللهُمَّ ربَّنا لَكَ الحَمْدُ، مِلْءُ السماوَاتِ ومِلْءُ الأرضِ، ومِلْءُ ما شِئْتَ مِن شَيْءٍ بَعْدُ، اللهُمَّ صلِّ على محمدٍ وعلى أهلِ بيتِهِ وعلى أزواجِه وذُرِّيَّتِه، لا إله إلا الله، اللهُمَّ إنا نسألُكَ يا اللهُ بأنكَ النافعُ الضار، لا إلهَ إلاَّ أنتَ، لكَ الحمدُ فأنتَ النافعُ لمن تشاءُ من عبادكَ بالمنافع الدينيةِ والدنيويَّةِ، الضارُّ لمن فعلَ الأسبابَ التي تُوجبُ ذلكَ بعدلكَ وحِكْمَتكَ وحمدكَ، فإنَّ لكَ الحكمةَ في خفضِ مَن تخفضهُ وتُذلِّهُ وتَحرِمُه، ولا حُجَّةَ لأحدٍ عليكَ، كما لكَ الفضلُ الخفيُّ على مَن رفعته وأعطيته وبسَطَتَ له الخيرات، اللهُمَّ فيسِّر لنا عَمَلَ أهلِ السعادة، وأعذنا من عمل أهل الشقاوة، اللهُمَّ وارزقنا القيامَ بتوحيدك، والاعتمادَ عليك، وفعل الأسباب النافعة،لبيكَ ربَّنا وسعدَيْكَ، والخيرُ في يَدَيكَ، وعِزَّتكَ لا غِنَى بنا عن بَرَكَتِكَ، نستَقدِرُكَ بقُدرَتِكَ، ونسألُكَ من فضلِكَ العظيمِ، يا بصيراً بالعبادِ فوَّضنا أُمورنا إليكَ فقنا سيئاتِ مكرِ الماكرين، فأنتَ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ، و﴿ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ ﴾ [الأنعام: 62]، يا عليمُ يا حليمُ يا عليُّ يا عظيمُ اكفنا شرَّ كلِّ ذي شرٍّ بما شئت، اللهم أعزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذلَّ الشرك والمشركين، وانصر عبادك الموحِّدين، واحمِ بلادنا وبلاد المسلمين من سوءٍ وفتنةٍ، اللهم وفِّق وليَّ أمرنا وولي عهده وولاة أمور المسلمين لِما تُحبُّ وترضى، اللهمَّ ارحم موتانا، واشف مرضانا، وعاف مبتلانا، وأصلح أزواجنا وذرياتنا، يا ربنا فارزقنا حُبَّكَ، واجعلنا من أحبابكَ وأصفيائكَ، وارزقنا الإكثارَ من ذكركَ والثناءِ عليكَ وكثرةِ الإنابةِ إليكَ، وقوَّة التوكُّلِ عليكَ، والتقرُّبَ إليكَ بالفرائضِ والنوافلِ، وتحقيقِ الإخلاصِ لكَ في الأقوالِ والأفعالِ، ومتابعةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ظاهراً وباطناً، اللهُمَّ ربَّنا آتنا في الدُّنيا حَسَنَةً، وفي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وقِنَا عذابَ النارِ، آمين، سُبحانَ اللهِ وبحمدِهِ، سُبحانَ اللهِ العظيمِ، أستغفرُ اللهَ وأتوبُ إليه.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ما جاء في التطير بشهر صفر وسبل علاجه
  • معنى التطير وحكمه
  • خطبة عن شهر صفر
  • خطبة للدكتور صالح العصيمي بعنوان "صفر"
  • التطير بالصالحين
  • خطبة شهر صفر 1445هـ

مختارات من الشبكة

  • ما جاء في التطير بشهر صفر، وسبل علاجه(محاضرة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • التطير والتشاؤم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التطير والتشاؤم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطورة التطير والتشاؤم، وعلاجه في ضوء الكتاب والسنة (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • التطير والتشاؤم ( خطبة )(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شهر صفر (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صفر وما فيه من التشاؤم (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ أحمد بن حسن المعلِّم)
  • خطبة: الحذر من التشاؤم بصفر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة (التشاؤم بصفر)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • خطبة صفر 1444(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب