• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة (المرض والتداوي)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    تحية الإسلام الخالدة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    آداب التلاوة وأثرها في الانتفاع بالقرآن الكريم
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    الأحاديث الطوال (22) حديث أم زرع
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    أمثال القرآن: حكم وبيان (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    خطبة .. من سره أن يلقى الله تعالى غدا مسلما
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    نتائج بحث بلوغ المرام في قصة ظهور أول مصحف مرتل
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أثر الإيمان بالكتاب المنشور يوم القيامة، وفضائل ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    ابن تيمية وعلم التفسير
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد من قصة يونس عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    طبيعة العلم
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    فضل ذي القعدة (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الدكتور أحمد إبراهيم خضر / مناقشة رسائل / مناقشة رسائل دكتوراه
علامة باركود

مناقشة رسالة دكتوراه بجامعة أسيوط عن التحول الديموقراطي والتنمية الاقتصادية

د. أحمد إبراهيم خضر

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 22/2/2017 ميلادي - 25/5/1438 هجري

الزيارات: 19890

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مناقشة رسالة دكتوراه بجامعة أسيوط

عن التحول الديموقراطي والتنمية الاقتصادية


كلمة الترحيب

بسم الله الرحمن الرحيم، وصلاة وسلامًا على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أُحيِّيكم بتحية الإسلام، وهي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

هذه هي المرة الثانية التي أتشرَّف فيها بالحضور إلى أسيوط لمناقشة رسالة بها، وأسيوط محافظةٌ عزيزة على نفسي؛ لأنها تذكرني دائمًا بابنةِ قرية الشيخ داود الأستاذة الدكتورة حكمت أبو زيد، التي تتلمَذْتُ على يدَيْها منذ بدايات العشرين مِن عمري، إلى أن ابيضَّ شعري، ووهن العظم مني، وحتى رحيلِها منذ فترة وجيزة، رحمها الله رحمة واسعة، وغفر لها، وأكرم نُزُلَها، ووسَّع مدخَلَها.

 

أبدأُ بتوجيه خالص شكري للأخ والصديق العزيز الأستاذ الدكتور أحمد عسكر، لهذه الدعوة الكريمة التي تلقيتُها منه لمناقشة هذه الرسالة، وليست هذه هي المرة الأولى التي أجلس مع سيادته فيها على منصَّة المناقشة؛ فقد سعدتُ بمزاملته في مناقشة رسالة سابقة بجامعة الأزهر، كما كنت أحرصُ على حضور كل مناقشاته عندنا مستمعًا له، مستفيدًا من علمه، وأشهد له بأنه صاحب الأدب الجمِّ، ودماثة الخُلق، والذوق الرفيع، وهاتِ ما شئتَ من الأوصاف، ولا نُزَكِّيه على الله، ولولا قولُه صلى الله عليه وسلم لمادح: ((ويحَك قصمت ظهره))، لقلنا فيه المزيد، بارك الله له في نفسه، وفي أهله، وفي علمه.

 

كما أني أسعد لأول مرة بمزاملة الأستاذ الدكتور محمود عبدالرشيد، الأستاذ بجامعة المنيا، الذي سمعتُ عنه الخير كله، سواء من زملائي بالقسم، وحتى من الباحثين فيه، أرحب بسعادة الأستاذ الدكتور عبدالرشيد، وأسأل الله تعالى أن تكون هذه المناقشة بدايةً للقاءات متكررة مفيدة ومثمرة بإذن الله.

 

وأرحب كذلك بالدكتورة إيمان عبدالنعيم، التي ما أن وجدتُ اسمَها على غِلاف الرسالة حتى استعدتُ هذا الكم من المديح والثناء والتقدير من الباحثين لها، بارك الله فيها وأكرمها، حتى نراها أستاذًا مساعدًا، وأستاذًا بإذن الله، إنه على كل شيء قدير.

 

أُرحِّب بالباحثة وبأهلها وبالحضور، وأقول لهم: طبتم وطاب ممشاكم، وتبوأتم جميعًا من الجنة منزلًا، وأسال الله الكريم جل وعلا - الذي جمعني بكم في هذا المقام - أن يجمعنا في الآخرة مع سيد المرسلين وإمام النبين في جنته ودار مُقامته، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

 

افتتاحية المناقشة:

حينما اتصلَتْ بي الباحثة لتسلمني نسخةً مِن رسالتها، كنتُ أحاول أن أفهم عبر إيقاع كلماتها، كيف تعبِّر عن نفسِها وعن رسالتِها، فلاحظتُ أنها متحمِّسة لموضوع بحثها، مبرزة للجهد الذي بذلَتْه فيه، فتوقَّعت أنه لا بد في هذه الرسالة من شيء ما، خاصة وأن الباحثين قد تُفرض عليهم موضوعات بعينها، فيفقدون الحماس لها، فينعكس ذلك على إنتاجهم فيها.

وصدق توقعي، ووجدت في هذه الرسالة ما افتقدته في رسائلَ كثيرة، وخاصة رسائل الدكتوراه، وهو عنصر "الإبداع".

الإبداع هو نتاجٌ عقلي جديد ومفيد، يرى الباحث المألوف بطريقة غير مألوفة، أو أن يرى ما لا يراه الآخرون، وفيه أيضًا تنظيم للأفكار، وإظهارها في بناء جديد؛ انطلاقًا من عناصر قائمة.

من الطبيعي أن يكون في هذه الرسالة إبداع، ولِمَ لا؟ والذي أشرف عليها هو الأستاذ الدكتور أحمد عسكر، وتابعَتْها الدكتورة إيمان.

 

ما موطن الإبداع في هذه الرسالة؟

موطن الإبداع هو أن الباحثة دخلَتْ بموضوع بحثها في دائرةٍ تُعرَف بدائرة "علوم التخصصات المتداخلة Interdisciplinary Sciences"؛ بمعنى أن في موضوع الباحثة تماسًّا مع مناطق علوم مختلفة، وهي علم السياسة، وعلم الاجتماع، وعلم الاقتصاد السياسي.

 

وحتى أثبت أن في رؤيتي بأن في هذه الرسالة إبداعًا، وليس مجاملةً للأستاذ الدكتور أحمد عسكر، هو ما جاء في كتابٍ بعنوان "دليل مختصر لخطط بحوث التخصصات المتداخلة لمؤلِّفَيْه - جويس تيت Joyce Tait، وكاترين لايال Cathrene Lyal، الأستاذين بجامعة "أدنبرج" - يقول هذان الأستاذان:

"إن بحوث التخصصات المتداخلة تتطلب جهدًا، ووقتًا، وتخيلًا، ومصادر، ومالًا أكثر مما يتطلبه البحث في تخصص واحد، كما أن فيه مخاطرة تحمل النجاح والفشل، لكن النتيجة عادةً ما تكون كبيرة وثرية وسخية".

يضاف إلى ذلك أن مثل هذا النوع من البحوث يتطلَّب - غير مهارة الإبداع - مهاراتِ المرونة، والقابلية للتكيُّف، وحب الاستطلاع، وإرادة التعلم من التخصصات الأخرى، كما تتطلب عقلًا منتجًا، قادرًا على التعامل مع أفكار وخبرات هذه التخصصات.

 

وهناك وجهٌ آخر للإبداع في هذه الرسالة، وهو أن الباحثةَ في اختيارها موضوع "التحول الديموقراطي" دخلَتْ مِنطقةً شائكة للغاية، فموضوع التحول الديموقراطي يطرح على الفور سؤالًا مُؤدَّاه: كيف يمكن قياس التحول الديموقراطي؟

هل يُقاس كَميًّا أو يقاس كيفيًّا؟

وهذا الموضوع وإن كان التراث العالَمي قد تناوله باستفاضة، إلا أنه كان موضعَ الاهتمام على المستوى المصري والعربي، وهذه الجزئية لم تتعرَّض لها الباحثة لا من قريب ولا من بعيد؛ فلم تُشِرِ الباحثة إلى جهود تأسيس مرصد الإصلاح العربي في مكتبة الإسكندرية عام 2004، كما لم تُشِرْ إلى شراكة مكتبة الإسكندرية في المشروع العلمي الكبير، وهو مبادرة الإصلاح العربي، الذي ضم عشرة مراكز أوروبية وعربية، وجمعت له ميزانية طائلة، لدراسة التحول الديموقراطي.

 

الإبداع في نظري هو أن الباحثة ضربت عرض الحائط بكل ذلك، وقرَّرت بطريقتها الخاصة حلَّ هذه المعضلة، فقررت تبنِّي المدخل الكيفي وإن لم توضح مبرراتها، ثم أغرقَتْنا معها في بحرينِ آخرين، وهما ربط التحول الديموقراطي بالتنمية الاقتصادية، ثم تطبيق ذلك على شركات القطاع الصناعي! أنا أصرُّ على أن هذا إبداع رغم كل نقائصه.

 

ويهمني هنا أن أشير إلى جزئية هامة، وهي أن المشرف وهيئة الإشراف غير مسؤولين عن النقائص في هذا البحث، فالباحث هو المسؤول بالدرجة الأولى عن كل الأمور المتعلِّقة برسالته من الألف إلى الياء، ولا سيما فيما يتعلق بالتفاصيل، فهو مسؤول عن مصداقية المادَّة العلمية، وعن تفاصيل الطريقة التي يُحلِّلُ بها هذه المادة، وعن الطريقة التي يَعرِضُ بها نتائجه، وهو مسؤول أيضًا عن كافة الأخطاء الموجودة في الاقتباسات التي نقلها من باحثين آخرين، وكذلك كافة الأخطاء المطبعية، والنَّحْوية والإملائية، سواء أكانت صادرة منه أو نقلها وضمها إلى بحثه من دراسات استعان بها.

 

ومن ثَمَّ لا تتحمل هيئةُ الإشراف أخطاء الباحث مطلقًا، وإنما يتحملها الباحث وحدَه، وقد لخص أحد أساتذتنا الكرام كل ذلك في مقولةٍ مختصرة وشهيرة له قوامها: "أن للمشرف توجيهاتِه وإرشاداتِه، وللباحث قدراتِه وإمكاناتِه".

 

وفي هذا الصدد أشيدُ بأنه رغم وجود القليل من الأخطاء النَّحْوية والمطبعية والإملائية في الرسالة، فإنها نادرة، وللباحثة أن تفخر بذلك؛ إذ إن معظم الرسائل مليئة بهذه الأخطاء، كما أشيد أيضًا بحسن طباعة الرسالة، وحسن تنسيقها، خاصة إذا قورنت بغيرها.

 

ليس هناك من عملٍ مكتمل، وهذه قاعدة معروفة، ومن ثم أقول: إن لي عددًا من الملاحظات، لكن هذه الملاحظات لا تبخسُ حقَّ الباحثة في الجهد الذي بذلَتْه، والمعاناة التي عانَتْها حتى تخرج الرسالةُ بهذه الصورة الطيبة، ولا أقول: يكفيها شرف المحاولة، بل أقول: يكفيها شرف هذا الجهد الذي عانَتِ الكثير من أجله، وكان الله في عون زوجِها وأولادها الذين تحمَّلوا معها هذه المعاناة، وآن لهم أن يحصدوا اليوم ثمرةَ صبرهم ومعاناتهم.

 

وأؤكِّد أيضًا أن هذه الملاحظات التي أُبديها تهدف في المقام الأول إلى تصحيح مسار الإبداع الذي بدأَتْه الباحثة، كما تهدف في الوقت ذاته إلى تقديم الجديد في ميدان البحث العلمي والمنهجي؛ لعله يفيد الباحثة وغيرها من الباحثين في خُطاهم نحو الأحسن والأفضل.

سأقسم ملاحظاتي إلى ثلاث: الملاحظات الشكلية أولًا، ثم الملاحظات الموضوعية، وأخيرًا الملاحظات المنهجية.

 

أولًا: الملاحظات الشكلية:

الملاحظة الأولى: توجيه للباحثين بالحذرِ عند التعامل مع الرسائل:

يسير الكثير من الباحثين على نفس النهج الذي تتبعه الرسائل السابقة؛ لاعتقادهم أنه طالما أن هذه الرسالة أو تلك قد أُجِيزت، فكل ما فها صحيح، هذا التصور يحتاج إلى تصحيح.

 

هناك نوعان من الأخطاء:

الخطأ الأول: هو الخطأ في المنهج الذي اتَّبعه الباحث، أو في الخطوات التي سار عليها في تنفيذ هذا المنهج، فإذا اتَّبع الباحث المقلِّدُ نفس هذا المنهج أو سار عليه، يكون قد أخطأ، وإذا سار على نهج الباحث المقلِّد باحثٌ آخر، حدث النوع الثاني من الأخطاء، ويسمَّى هنا بمنهجية الأخطاء؛ أي: إن الأخطاء في الرسائل العلمية أصبحت ممنهجة؛ بسبب تكرار هذه الأخطاء، ومن هنا فإن الباحث الواعي هو الباحث الناقد، وليس الباحث الناقل.

 

الملاحظة الثانية: عدم وجود صفحة الشكر والتقدير:

لَفَتَ نظري خُلُوُّ الرسالة تمامًا من كلمات الشكر والتقدير لمن ساهموا في ظهورها بهذه الصورة الطيبة، أنا لا أعرف كيف فات الباحثةَ ذلك، ولماذا فعلَتْ ذلك، ولكني سأقدم للباحثة السندَ العلمي والديني لضرورة كتابة صفحة الشكر.

 

السند العلمي يقول المختصون ما نصه:

"إن صفحة الشكر والتقدير هي من المكوِّنات الأساسية التي يجب أن تتضمَّنها الرسائل العلمية، ولا تقل أهميتُها عن أهمية أي جزء آخر في الرسالة، فعلى الباحث أن يشكر كلَّ شخص أو هيئة خارجية قدَّمت له عونًا في رسالته، وهو هنا كمَن يُقدِّم الشكر إلى الطبيب الذي أجرى له عملية جراحية ناجحة".

وقد بلغت أهمية الشكر والتقدير أن هناك مواقعَ متخصِّصة في هذه المسألة تضم نماذج للصيغة الخاصة بالشكر والتقدير.

الحظر الوحيد هنا أن يشكر الباحث مناقشيه، الذين يفترض أنه لا يعرفهم قبل قرار التشكيل، فإن كتب ذلك يكون هذا الشكر بمثابة رِشوة معنوية تُعرقِل إبداءَ رأيهم بصراحة في الرسالة.

أما عن السند الديني، فهو ما رواه البيهقي من حديثٍ لرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيه: ((أخبرني جبريل أنه إذا كان يومُ القيامة جمع الله الأولين والآخرين، يقول الله ‏لعبده: عبدي هل شكرت فلانًا على ما كان منه إليك؟ فيقول: لا، يا رب شكرتُك؛ لأن ‏النعمة كانت منك، قال: فيقول الله: ما شكرتني إذ لم تشكر مَن أدَّيت النعمة لك على ‏يديه))، يقول علماء الحديث: إن الحديث وإن كان ضعيفًا سندًا، إلا أنه صحيحٌ معنًى.

 

الملاحظة الثالثة: افتقاد الرسالة إلى الملخص الوصفي:

استمرارًا لمسيرة تصحيح الإبداع في الرسالة، نقول: إن كتابة ملخص للرسالة في نهايتها أمرٌ لا غبار عليه، لكن الصحيح هو أن يكتب الطالب ملخصًا آخرَ لرسالته في بداية الرسالة بعد صفحة الشكر مباشرة، ويصبح السؤال بالتالي: ما الفرق بين الملخصين؟

 

1- الملخصان يطلق عليهما Abstract، لكنه يحمل نفس الاسم في أول الرسالة، أما الذي يكتب في آخر الرسالة فيحمل اسم Summary.

 

2- الملخص الذي في بداية الرسالة الذي يحمل اسم Abstract، هو ملخص وصفي Descriptive Abstract، يتكوَّن مِن مائة كلمة أو أقل، ونموذج هذا الملخص يكون على الشكل التالي:

"تبحث هذه الرسالة في مشكلة...، وهذه المشكلة مبنية على ادِّعاء (حجية) مُؤدَّاه...، وأجريت في الفترة مِن... إلى...، واعتمد البحث على المدخل... (الكمي و/ أو الكيفي)، وأداة البحث هي...، وقد جمعت البيانات من...، الكلمات الافتتاحية (الأساسية)...،...،...".

 

3- الملخص الذي في آخر الرسالة يُسمَّى بالملخص المعلوماتي Informative Abstract، يكون حجمه عادة 10% من حجم الرسالة، وله عدة نماذج، أشهرها ما يعرف بنموذج IMRAD.

 

ويتضمَّن هذا الملخص أربعة أركان أساسية؛ هي: )المشكلة البحثية، والمنهج وآلياته، ثم النتائج والتفسيرات، وأخيرًا الاستنتاجات)، ومن شروط هذا الملخص أنه لا يُسمَح فيه بكتابة أية مادة جديدة خارج موضوع الرسالة، ولا يتضمن أية جداول أو أشكال، أو مراجع، ويلخص الباحث فيه كلَّ فصل في الرسالة في سطر واحد أو أكثر.

 

الملاحظة الرابعة: وضع الفصل الخاص بمشكلة البحث في غير موضعه:

لا أجد تفسيرًا للسبب الذي مِن أجله وضعَتِ الباحثةُ الفصلَ الخاص بمشكلة البحث في آخر الرسالة، وعلى وجه التحديد في الفصل السابع، وكذلك ربط هذا الفصل بفصل الإجراءات المنهجية، نحن ننصح الباحثين بإرجاء كتابة فصل مشكلة البحث إلى أن تتضح كلُّ معالم وفصول الرسالة، ثم وضعه في الفصل الأول للرسالة، مع مراعاة استقلاليته عن فصل الإجراءات المنهجية، وآمل من الباحثة أن تلتزم بذلك.

 

الملاحظة الخامسة: حول ثبت المراجع:

1- النظرة العامة لثبت المراجع تُبيِّن أن الباحثة تتمتع بحرفية كبيرة في هذا المجال، لكني أوجِّه انتباه الباحثة إلى الآتي:

هناك ثلاثة وسبعون مرجعًا باللغة الإنجليزية، فمِن المنطقي أن يطرح السؤال الآتي: هل اطَّلعتِ الباحثةُ على هذه المراجع جميعها مرجعًا مرجعًا، ونقلَت وترجمَتْ ما تريده بنفسها، أم أنها فعلت مثلما يفعل الباحثون الآخرون، ونقلت من الرسائل أو الكتب الفقرات التي تحتاجها فيها، وضمت إليها مراجعها.

إن لم تفعل الباحثة ذلك، واطَّلعت بالفعل على هذه المراجع بنفسها واحدًا تلو الآخر، فهي باحثة واعدة وممتازة بلا شك، وإن فعلت مثلما يفعل الباحثون الآخرون، فإن الأمر يختلف، ونطلق عليه في هذه الحالة "إخلال بالأمانة العلمية"، والذي شكَّكني في هذا هو ذكرها في ص (5) مرجعًا لإيمان أحمد عبدالحليم كمرجع سبق ذكره، ولا وجود له فيما قبل ص (5)، وكذلك المرجع رقم 176، مكتوب فيه رقم الصفحة، وهذا لا يصح في ثبت المراجع، وأنزِّه الباحثة من أن تقع في ذلك.

 

2- المرجع رقم (146) وهو مأخوذ من شبكة الإنترنت، مكتوب في تسلسل حرف الـ T بالإنجليزية، وهذا خطأ، المفترض أن المواد المأخوذة من الإنترنت يفرد لها قسم خاص في ثبت المراجع، ولا تكتب بهذه الطريقة، وإنما يُكتب صاحب المادة، وموضوعها، ثم تاريخ الاسترجاع، ويعني اليوم الذي قامَتِ الباحثة فيه بمشاهدة الصفحة، وتكتب: "استرجعت في تاريخ 25 مايو 2016" مثلًا، ويقابلها بالإنجليزية "Retrieved May 25،from، ويتم تقديم الشهر على اليوم، وتكتب الأشهر دومًا على شكل أسماء كاملة، وليست مختصرة أو في شكل أرقام.

 

الملاحظة السادسة: أخطاء في غِلاف الرسالة المكتوب بالإنجليزية:

هذا الغِلاف فيه عدة أخطاء:

1- مكتوب فوق العنوان A summary study about، وهذا خطأ، فلا يكتب في عنوان الرسالة أنها ملخص لدراسة كذا، ويبدو لي أن الذي كتب ذلك كان يعده للملخص وليس الغِلاف.

2- مكتوب تحت اسم الباحثة To obtain doctorate degree of Arts (Sociology)؛ أي: للحصول على درجة الدكتوراه في علم الاجتماع، والصحيحُ أو الصيغة المعتمدة هنا هي:

A dissertation submitted in partial fulfillment of the requirements for the degree of Doctor of Philosophy (Sociology)

كما أن كلمة Arts بمفردِها لا تعني الآداب؛ وإنما تعني الفنون.

مع ملاحظة أن هناك مَن يعترض مِن الكتَّاب الغربيين على هذه الجملة، لكن درجت كتابة الرسائل العلمية عندهم بهذا الشكل.

3- في كتابة أسماء الأساتذة المشرفين يكتب الاسم مجردًا، وفي آخره كلمة PH.D، ثم يكتب بعدها Professor of Sociology.

4- يجب أن يصحح اللقب العلمي للدكتورة إيمان؛ فالدكتورة إيمان ليست محاضرًا أي Lecturer؛ وإنما هي مدرِّس، واللقب العلمي للمدرس هو Assistant Professor، وهي تختلف عن الأستاذ المساعد الذي لقبه هو Associate Professor.

5- صفحة الملخص باللغة الإنجليزية لا تكتب بدون عنوان، وإنما تصدر بكلمة Summary فقط.

وباختصار صفحة الغلاف مع الملخص يحتاجان إلى إعادة ترجمة مِن متخصص في علم الاجتماع، وليس إلى مجرد مترجم.

6- الملاحظة الشكلية الأخيرة ملاحظةٌ فيها اجتهاد مني، الباحثة كتبَتْ في وظيفة الأستاذ الدكتور أحمد عسكر، أنه رئيس قسم الاجتماع، وترجمت كلمة رئيس بـ Head، وكنت أُفضِّل الاستبدال بها كلمة Chairman، والفرق بينهما - كما يقول المهتمون بذلك - أن كلمة Head توحي بالسلطوية والاستبداد، أما كلمة chairman، فتوحي بالتعاونية والمشاورة؛ ولهذا أرى أن الكلمة الأخيرة أنسب الكلمات لشخصية الدكتور أحمد عسكر.

 

ثانيًا: الملاحظات الموضوعية:

الملاحظة الأولى: ذوبان هُوِيَّة الباحثة في تخصصات علوم السياسة والاقتصاد السياسي:

اقتحام دائرة علوم التخصصات المتداخلة يُلزم الباحثَ أن يكون حذرًا ويقظًا من احتمال ضياع هُوِيَّته التخصصية في زحمة تماسِّه مع هذه العلوم، إن مهمته هنا هو أن يوجِد جسرًا بين تخصصه والتخصصات الأخرى، لكن أن يُسلِّم نفسه طواعيةً لهذه التخصصات، فإنها ستغمره حتمًا، ولا يجد نفسه بينها، وهذا ما حدث للباحثة فعلًا.

سأختار هنا تشبيهًا لهذا الموقف مستنبطًا من نفس دراستها، الباحثة هنا - كباحثةٍ في علم الاجتماع - تُشبِه بالضبط شركتَي المطاحن وسيد؛ كشركتين تابعتين لشركتين قابضتين؛ هما: الشركة القابضة للصناعات الغذائية، والشركة القابضة للصناعات الكيماوية، وهما يمثلان عندي تخصصات علم السياسة وعلم الاقتصاد السياسي.

الأصل في الشركة القابضة أنها لا تنتج السلع والخدمات، بل هي تملك أسهمَ الشركات الأخرى، وتشارك في رأس مال الشركتين اللتين تنتجانِ السلع والخدمات؛ أي: إن الشركتينِ القابضتين هنا استَوْلَتا تمامًا على الشركتينِ التابعتين لهما، وهذا ما حدث للباحثة بالضبط، ضاعَتْ هُوِيَّتُها التخصصية في علم الاجتماع، ووقعت في قبضة التخصصات الأخرى، وآمل أن تكون الباحثةُ قد فهِمَتْ قصدي من هذا التشبيه.

 

ودليلي على ذلك هو أن المختصين في الببليوجرافيا، الذين يعملون على تصنيف الأبحاث والرسائل في القوائم الببليوجرافية في المكتبات، سيجدون أن الكلمات الافتتاحية الأساسية في هذا البحث Key Words هي التحول الديموقراطي والتنمية الاقتصادية، فيصنِّفون رسالتها تحت قوائم علوم الاقتصاد، والاقتصاد السياسي، والسياسة والتنمية، ولا أتوقع مطلقًا منهم أن يصنفوا الرسالة تحت تخصص علم الاجتماع، أو حتى علم الاجتماع السياسي أو الصناعي.

 

أما كيف سلَّمت الباحثة نفسَها طواعيةً لعلم السياسة والاقتصاد، فكان ذلك باختيارِها مفهومَ التحول الديموقراطي، هنا جعلت علم السياسة هو المنطلق الأساس في دراستها.

 

الواقع هو أن مفهوم التحول الديموقراطي مفهومٌ بُذلت فيه العديد من المحاولات منذ الأربعينيات من القرن الماضي؛ سعيًا وراء تكميم عملية التحول الديموقراطي؛ أي: قياسه كميًّا، ونجحَتْ هذه المحاولات في بناء قائمة لقياسه تتكوَّن من خمسة وأربعين مؤشرًا، موزعة على ست مجموعات، وأُعطيت المؤشرات الفرعية درجات رَقْمية قائمة على أوزان معينة، بحيث تعكس أهميتها في قياس التحول نحو الديموقراطية كميًّا.

 

يضاف إلى ذلك أن الأوزان المستخدمة عرضت في شكل استفتاء رأي بين الصفوة في القطاعات المختلفة، وقد وُوجهت هذه المحاولة بانتقادٍ شديد من أنصار الاتجاه الكيفي، فإذا أرادت الباحثة قياس التحول الديموقراطي في قطاع الصناعة، كان عليها أن تنتبه إلى أن القياس ليس سهلًا بحيث يمكن اختزاله في أبعاد الحراك والانضمام إلى مجالس الإدارة والنقابات، وكان عليها أن تحدد بوضوح كيف انتهى الأمر بخبراء العديد من دول العالم والمراكز والمراصد البحثية في عملية القياس هذه، قبل أن تفكر في تطبيقها على المجال الصناعي.

 

كان بإمكان الباحثة - ودون عناء - أن تخرج من هذا المأزق، لكنها ربما لم تنتبه إليه!

في ص(95) تقول الباحثة: "يتضح مِن تحليل الدراسات السابقة أن هناك اهتمامًا مبكرًا بالديموقراطية الصناعية يرجع إلى حقبة الثمانينيات".

وفي ص(96): تقول: "وربما استفدنا مِن تصورات الديموقراطية الصناعية ومحاولات التأثير في عملية صنع القرار...".

 

لو أن الباحثة حذفت كلمة (ربما) لكانت استفادت فعلًا من "الديموقراطية الصناعية"، وجعلَتْها منطلقًا لها بدلًا من "التحول الديموقراطي"، وتكون بذلك قد أوجدَتْ لها مرتكزًا ثابتًا في علم الاجتماع الصناعي، تتحرَّك مِن خلاله في تعاملها مع الأسدينِ الكبيرين، وهما علم السياسة وعلم الاقتصاد السياسي، هذا بالنسبة لمفهوم "التحول الديموقراطي".

 

أما بالنسبة لمفهوم "التنمية الاقتصادية"، الذي يقصد به "تغييرات حقيقية في البنيان الاقتصادي للدولة، وتحقيق عدالةٍ أكبر في توزيع الدخل"، فالذي يبدو لي أن الباحثة خلطَتْ بين مفهومَي النمو الاقتصادي والتنمية الاقتصادية، فإذا كانتِ الباحثةُ قد قاست التنمية الاقتصادية بمجرَّد الزيادة في دخل الفرد الحقيقي عن فترة معيَّنة من الزمن، تكون هنا قد قاسَتْ جانبًا من جوانب النمو الاقتصادي، وليس التنمية الاقتصادية، ومِن المعروف أن النمو الاقتصادي يتم بدون أية قرارات من شأنها إحداث تغييرٍ هيكلي في المجتمع، ويركز فقط على التغيير في الحجم أو الكم الذي يحصل عليه الفردُ من السلع والخدمات، وهذا يختلف في الواقع عن التنمية الاقتصادية التي هي عملية مخططة تهدف إلى تغيير البناء الهيكلي للمجتمع ككل، ولا يمكن الحكم بحدوث تنمية اقتصادية إلا بعد ضمان استمرار تدفُّق الفائض الاقتصادي أو المتبقي بعد إشباعِ حاجات الأفراد.

 

ما أقصده أن هذا الخلط عند الباحثة أمرٌ طبيعي؛ لانطلاقها في البداية من منطلقات ليست سوسيولوجية في الأصل، فوقعت في حبائل المتغيرات السياسية والاقتصادية.

وإذا انتقلنا إلى مسألة العَلاقة بين التحوُّل الديموقراطي والتنمية الاقتصادية، سنُفاجأ بسيطرة متغيرات علم السياسة أيضًا.

 

هناك مدخلانِ لدراسة العَلاقة بين التحول الديموقراطي والتنمية الاقتصادية: مدخل ( الماكرو)، ومدخل ( الميكرو):

المدخل الأول هو الذي يُحلِّل مجموع البيانات الاقتصادية في بلد ما، أو مجموعة من البلدان، ويربطها بنشأةِ وحياة وسقوط النظام السياسي.

 

ويرى هذا المدخل أن التحول من الأنظمة الاستبدادية إلى الديموقراطية هو شأن التنمية الاقتصادية التي يعيشها المجتمع، بمعنى أن بناء الديموقراطية يعتمد على التنمية الاقتصادية، وواضحٌ هنا أن التحليل في هذا المدخل سياسي بحت.

 

أما مدخل (الميكرو)، فيرى أن التحول الديموقراطي هو ناتج اختيارات وإستراتيجيات تجري بين الفاعلين السياسيين المختلفين، المهيمنين على المجتمع، ويقصد بهم هنا الصفوةُ داخل وخارج النظام؛ أي: إن التحوُّل الديموقراطي هو نتاج التفاعل بين مختلف القوى السياسية، وهذا المدخل سياسي أيضًا.

 

أُضيف إلى ذلك أن آدم بريزفوريسكي "Adam Prezworski - الأستاذ في جامعة نيويورك - وضع القضيةَ في صورة سؤالين، وهما:

كيف تؤثِّر التنمية الاقتصادية على ظهور وبقاء الأنظمة السياسية؟ وكيف تؤثر الأنظمة السياسية على الإنجاز الاقتصادي؟

وكيف تظهر الأنظمة السياسية وكيف تستمر؟

صحيح أن الباحثة أشارت في ص (8) إلى أن هذا المصطلح له تعريفاتٌ مختلفة في قطاع الصناعة، لكن الواضح هنا أن هُوِيَّة الباحثة - كمتخصصة في علم الاجتماع - ذابَتْ تمامًا في بوتقة تحليلات ونظريات علم السياسة، وهذا ما حدث لها.

 

أُضيف إلى ذلك ثانيًا: أن الباحثة لم تضعِ الحدودَ التي تُميِّز التحول الديموقراطي كمفهوم سياسي بحت، عن التحول الديموقراطي في المؤسسات غير السياسية مثل قطاع الصناعة، ومن هنا فإن مصطلح التحول الديموقراطي كمصطلح سياسي شيءٌ، وانتقاله إلى المؤسسات غير السياسية أو تطبيقه عليها شيءٌ آخر.

 

وأنا أقرأ رسالة الباحثة ومنغمِس في القراءة شاهدت "فيديو" ذكرني بموقف الباحثة السالف الذكر، شاهدت غزالة قوية دخلَتْ عرين أسود فحاصرها أسدانِ؛ أحدهما عن يمينها والآخر عن يسارها، مستعدَّان لالتهامها، وكان واضحًا أنها أدركت أنها ميتة لا محالة، فوقفَتْ بينهما شامخةَ الرأس لم تهتزَّ ولم تخَفْ، كوقفة صدام حسين قبل إعدامه، وكأن لسانَها ينطق:

وإذا لم يكن مِن الموت بدٌّ ♦♦♦ فمن العجزِ أن تموتَ جبانَا

 

هكذا كانت الباحثة؛ لكن الذي حدث أن الأسدينِ تصارَعَا عليها، وجرى أحدهما وراء الآخر، فانتهزَتِ الغزالة الفرصةَ وهربت منهما، فلو أن الباحثة تمهلت قليلًا في البحث عن ثغرة للهرب، لأسعفَتْها الديموقراطية الصناعية، وبذلك تكون أضافت إلى إبداعها قوةً ما بعدها قوة.

 

الملاحظة الثانية: عدم وجود مشكلة بحثية:

الواقع أنه ليست هناك مشكلة بحثية يمكن وضع اليد عليها، فموضوع الرسالة يدخل تحت خاصية أنه واسع جدًّا Too Broad؛ مما يستلزم تضييق نطاقه وتحويله من قضية إلى مشكلة بحثية، وهو بشكله الحالي يصلح كمادةٍ ممتازة لكتاب يحمل نفس الاسم، وليس مشكلة بحثية لرسالة دكتوراه، وقد حاولتُ تطبيق معظم التعاريف الخاصة بالمشكلة البحثية، فلم أجدها تنطبق على موضوع الرسالة، وهذه أمثلة لذلك:

المشكلة البحثية هي معضلة نظرية أو إمبيريقية، يثور بشأنها جدلٌ غير محسوم، يأخذ شكل ادِّعاءات متنافسة بشأن تفسير الواقع، أو ادعاءات بشأن القيم التي يجب أن تسودَ في هذا الواقع، ويجتهد الباحث في ترجيح أحد الادِّعاءين على الآخر بالأدلة الميدانية في البحوث الميدانية، أو بالمطارحات العقلية في حال البحوث الفلسفية، وبتطبيق هذا المفهوم على موضوع الدراسة نجد أنه لا ينطبق.

 

وهناك مفهومٌ آخر للمشكلة البحثية هو: "صعوبة ما، نظرية أو عملية، يعاني منها فرد، أو جماعة، أو تنظيم ما، يحاول الباحث إيجادَ حل لها"، هذا المفهوم لا ينطبق أيضًا.

 

خلاصة الأمر أنه ليست هناك مشكلة بحثية في هذه الرسالة، ومن هنا نستحضر مقولة برتراند راسل: "إن التحدي الحقيقي لأي مفكر (أو باحث) هو تقرير مشكلة تحتاج إلى حل"، وهناك مقولة للصحفية الكندية "ماريا فروم" يستشهد بها خبراء البحث العلمي، وهي: "قل لي شيئًا جديدًا حول شيءٍ يهمني".

 

ومن هنا نطرح السؤال: لماذا وقعَتِ الباحثة في مشكلة عدمِ وجود مشكلة بحثية؟ وكيف كان من الممكن تجاوز هذا المأزق؟

الواقع أن ما وقعت فيه الباحثة هو خطأ يقع فيه معظم الباحثين، وليس الباحثة بمفردها، فكل اهتمام الباحث يكون منصبًّا حول موضوع أو مجال البحث، أكثر من تفكيره في مشكلة البحث، ومِن ثَمَّ يخلط الباحثون بين المجال العامِّ للمشكلة البحثية، والمشكلة ذاتها.

 

المجال العام شيءٌ تقرؤه، ومعلومات تحصل عليها، بينما المشكلة صعوبة ما، يراد إيجاد حل لها؛ ولهذا يضرب علماء البحث العلمي مثالًا واضحًا للكيفية التي يحل بها الباحث هذا الإشكال، وهي أن يعتبر مجال البحث أشبه بقطعة الصلصال مربعة الشكل، أما المشكلة البحثية فهي الصورة أو النموذج الذي يريد الباحث أن يُعِيد تشكيل قطعة الصلصال هذه ليستخرج منها حيوانًا، أو بيتًا، أو غير ذلك، وهو هنا يقوم بتفتيتِ قطعة الصلصال إلى أجزاء، ثم يعيد صبَّها وتشكيلها ورسم حدودها؛ بحيث تكون صالحة لجمع المعلومات عنها وتحليلها، وعندما يتوصل إلى مشكلة بحثية محددة، ينظر فيها هل هي واسعة جدًّا Too Broad، أو ضيقة جدًّا Too Narrow، فإذا كانت واسعةً يقوم بتضييق نطاقها، وإذا كانت ضيقة يضيف إليها بعض المتغيرات، فمن شروط المشكلة البحثية ألا تكون واسعة جدًّا، وألا تكون ضيقة جدًّا، وقد وضع علماء البحث العلمي إستراتيجيات خاصة أَسْمَوها بإستراتيجيات تضييق المشكلة البحثية، وذلك بتضييق (المحتوى، أو المكان، أو الزمان، أو العَلاقات، أو النمط)، فإذا وضع الباحث هذه الإستراتيجيات في اعتباره، فإنها تساعده في اختيار مشكلته البحثية من المجال العامِّ لها، والتعامل معها وَفقًا للمنهج العلمي المناسب لها.

 

الملاحظة الثالثة: عدم وجود بيان المشكلة البحثية Problem statement، وهذا أمر منطقي؛ لعدم وجود مشكلة بحثية في الأصل:

يُعرَّف بيان المشكلة البحثية بأنه ملخَّص وخطَّة عمل للبحث، تجعل القارئ يفهم جوهر المشكلة، هذا البيان له قواعدُه ومحدداته، واهتم به المختصُّون في البحث العلمي إلى درجة أنهم صمموا عدة نماذج يختار منها الباحثون ما يتَّفِق مع طبيعة بحوثهم، سنختار هنا واحدًا منها، وسأتخيل هنا أن الباحثة حدَّدت مشكلتها البحثية، ولنفترض أن هذه المشكلة قائمة في شركتَي المطاحن وسيد، فمن المفترض أن يكون بيان المشكلة البحثية وَفقًا للنموذج الآتي:

هناك مشكلة في شركة سيد أو شركة مطاحن الجنوب هي...، وعلى الرغم من أن هناك محاولات لحل هذه المشكلة (الدليل)، فإنها لم تُحَلَّ، وقد أثرت هذه المشكلة على الكثير من... (الضحايا)، بسبب...، هذه الدراسة التي تبحث في...، ومنهجها...، ومدخلها...، كمي/كيفي، تسعى إلى حل هذه المشكلة.

 

الملاحظة الرابعة: أن المقدِّمة أخذت منحى مختلفًا عما يجب أن تكون عليه من الناحية العلمية؛ بسبب عدم وجود مشكلة بحثية، فافتقدت إلى الأسس الصحيحة التي يجب أن تقوم عليها، وخاصة وجود قاعدة 1 + 5، والإجابة على سؤال SO WHAT، وبيان ذلك على النحو التالي:

1- من الملاحظ في مقدِّمات العديد من الرسائل أنه يغلب عليها الطابع الإنشائي، دون الالتزام بقواعد الكتابة الأكاديمية المقررة في هذا الصدد.

ورغم حرص الباحثة - كما يبدو - على أن تكتب مقدمة قوية، فإن بعض العبارات التي استخدمَتْها في مقدمة رسالتها إنشائية خانَتْها ومالت بها إلى الإنشائية؛ مثل قولها: (الديموقراطية تراث إنساني...، البعد عن الظلم والاستبداد والفساد...، البطء والتردد والافتقار إلى الإرادة القوية...، هل يمكن للديموقراطية أن تخلق مناخًا...، لا ديموقراطية في الصناعة بدون حرية...)، كل هذه العبارات غير علمية.

2- الكتابة العلمية للمقدمة تلزم الباحث أن يغطي عشر نقاط أساسية، وهي النقاط التي لم تستوفِها الباحثة كاملة، وذلك على النحو التالي:

• تعريف المشكلة البحثية التي يسعى لإيجاد حل لها.

• عَلاقة المشكلة بالمجال المعرفي الذي تنتمي إليه، وغيره من المجالات ذات العَلاقة.

• عرض خلفية المشكلة، بَدءًا من الوجود الحقيقي للمشكلة في المجتمع إلى وضعها الحالي، ويندرج تحت ذلك الوضع التاريخي لها، وبيان كيف كانت تُفهم في الماضي والحاضر فهمًا خاطئًا، مع بيان الأسباب التي أدَّت لذلك، وتوضيح لماذا كان هذا الفهم خاطئًا.

• الآثار السلبية المترتبة على عدم حل المشكلة.

• الآثار الإيجابية المترتبة على حل المشكلة.

• لماذا وقع اختيار الباحث على هذه المشكلة لتكون موضعَ بحثه؟

• كيف سيعمل الباحث على حلِّ هذه المشكلة بطريق مخالفة لِما قام به الآخرون؟

• كيف سيُضيف الباحث بهذا البحث معرفةً علمية جديدة؟

• مَن هي الجهات المستفيدة من البحث؟

• عرض أبواب وفصول الدراسة.

هذه النقاط العشر تمثل إجابة على السؤال SO WHAT، الذي أشرنا إليه آنفًا.

 

وقصة هذا السؤال جاءت على لسان أحد الأساتذة في الخارج، الذي يقول: إنه حينما تقدَّم بخطته البحثية لمشرفه، قام المشرف بقراءتها، ثم كتب ملاحظة واحدة، هي عبارة SO WHAT، التي تعني: ثم ماذا بعد، أنا لم أفهم شيئًا؟ يقول هذا الأستاذ: لقد كانت هذه العبارة أهم شيء تعلمته على مدى ربع قرن في تاريخي العلمي، ومِن ثَمَّ أصبحت هذه العبارة أهم ما يجب أن يلتزم به الباحث عند كتابته مقدمة بحثه.

 

3- العديد من الرسائل العلمية في الخارج تحرص على أن تكون المقدمة في فصل مستقل، وكذلك الدراسات السابقة في فصل مستقل كذلك، أما البحوث عندنا، فيجري معظمها على دمج المقدمة ومشكلة البحث والدراسات السابقة في فصل واحد، وبغضِّ النظر عن هذه الاختلافات، فالذي أراه هو الآتي:

• فصل المقدمة عن مشكلة البحث؛ لتختص مشكلة البحث بعناصرها التقليدية من أهداف البحث، وتساؤلاته، ومنهجه وأدواته، ومجالاته، وهكذا.

• اتِّباع قاعدة: (مقدمة عامَّة للبحث، وتمهيد وخاتمة لكل فصل)؛ وذلك منعًا لاختلاط الفهم بين المقدمة العامة ومقدمة المشكلة البحثية، ومقدمات الفصول، ومنعًا للخلط بين التمهيد والتقديم، وهكذا.

 

4- أما ما يتعلق بقاعدة 1 + 5 أو ما يعرف بالدبليوز الخمس التي يجب أن تتضمَّنها المقدمة، فإنها تعني أدوات الاستفهام التي تبدأ بحرف W: (ماذا WHAT، ومَن WHO، ومتى WHEN، وأين WHERE، ولماذا WHY)، وهي تمثل الأحرف الخمسة الأولى من كل أداة استفهام W، أما (+ (1، فهو حرف H، وهو الحرف الأول من أداة الاستفهام كيف HOW، الذي يختلف عن الحروف الخمسة التي تبدأ بحرف W.

 

المقصود من هذه القاعدة أن يلمَّ الباحث بها كل مشكلته البحثية، أو بالمعنى الدارج أن يحزمها؛ حتى لا تفلتَ أو تشرد منه، وبمقتضى ذلك يذكُرُ الباحث في مقدمتِه إجابة على الأسئلة التي تشكل الأساس لجمع معلومات البحث أو لحل المشكلة البحثية، فيذكر الباحث: ما هي مشكلته البحثية WHAT، ومتى حدثت WHEN، وأين حدثت WHERE، ولماذا حدثت WHY، ومَن هم المستهدَفون منها WHO، وكيف حدثت HOW، وبهذه الطريقة تكون المقدمة قد استوفَتْ أركانها العلمية دون أن تكون إنشائية بلا معنى.

 

5- تكتب المقدمة بلغة الباحث، ولا يكتب فيها مراجع أو مصادر؛ ولهذا أرى أن تعيد الباحثة كتابة المقدمة مراعيةً هذه الاعتبارات.

 

الملاحظة الخامسة: التعامل مع الدراسات السابقة يحتاج إلى إعادة نظر:

طالما أننا نتحدث عن الإبداع، وطالما أن أحد تعريفات الإبداع هو التعامل مع ما هو مألوفٌ بطريقة غير مألوفة، فليكُنْ هذا التعريف هو أحد مسارات الإبداع في التعامل مع الدراسات السابقة.

الباحثة تناوَلَتِ الدراسات السابقة من زوايا: دراسات تتعلق بالتحول الديموقراطي، ودراسات تتعلق بالتنمية الاقتصادية، ودراسات تتعلق بالعلاقة بين هذين المتغيرين معًا، هذه المعالجة في تصوري معالجة مألوفة.

 

السؤال هنا: كيف نتعامل مع الدراسات السابقة بطريقة غير مألوفة؟

الصحيح هنا هو أن يتعامل الباحث في الدراسات السابقة وَفْق قاعدة: "النقل، ثم النقد، ثم الابتكار والإضافة، ويحرص في الإضافة على تقديم طرح بديل، مع توضيح الخلل القائم في الطرح الأصلي"، وذلك على النحو التالي:

1- أن يفصل الباحث بين المادة التي توضع في الدراسات السابقة وبين المادة التي توضع في المتن، وذلك باتباع القاعدة التالية: "الدراسات التي تخصص فصلًا مستقلًّا أو مبحثًا أو مطلبًا يرتبط ارتباطًا مباشرًا بالمشكلة البحثية توضع تحت سقف الدراسات السابقة، أما تلك التي ترتبط بها ارتباطًا غير مباشر فتوضع في المتن".

2- أن يستفيد بالمادة التي لا ترتبط ارتباطًا مباشرًا بالمشكلة البحثية، والتي تكون متناثرةً ومتفرقة في مراجع عدة، فيقوم بجمع ما تناثر وتفرَّق منها؛ لتوضيح قضية هامة، أو استنتاج جديد في موضوع البحث، مع مراعاة ترابط الفقرات بشكل متسق ومنطقي.

3- أن يُدقِّق الباحث في كل دراسة من هذه الدراسات في المنهج والأدوات المستخدمة فيها؛ ليقف على إيجابياتها وسلبياتها، وما يمكن أن يستفيده منها، كما يمكن للباحث أن يستفيد من المقاييس المستخدمة فيها، التي ثبت صدقُها وثباتها، دون الحاجة إلى وضع مقياس جديد، ويمكنه أيضًا الاستفادة من التعريفات الإجرائية بدون ما يعرف "بإعادة اختراع العجلة Re- Invent the wheel".

4- أن يحدد المراجع والمصادر التي استخدمَتْها هذه الدراسات ولم يكن قد اطَّلع عليها.

5- أن يقف على العقبات التي واجهتِ الباحثين قبله؛ ليعرف كيف تغلَّبوا عليها؛ وبذلك لا يقع هو فيها مرة أخرى.

6- أن يتوصَّل من خلال هذه الدراسات إلى خلفية يناقش فيها نتائج بحثه، ويحدد ما اتفق معها وما اختلف.

7- أن يحدد موقع بحثه من مجموع هذه الدراسات، ويحدد الإسهام الذي يسهم به بحثه بما يحقق تراكمية المعرفة.

8- لا يركز الباحث على ما قالَتْه كل دراسة بشكل مستقل، وإنما ما قالته هذه الدراسات مجتمعة حول جزئيات بحثه، هل هي متشابهة أو متناقضة، وما هو توجهها العام، وما هو حجم مَن كتبوا فيها، وكيف كتبوا فيها؟

 

وجه آخر لتصحيح مسار الإبداع، يمكن تطبيقه في مختلف جزئيات البحث العلمي، ولكنا سنضرب له مثالًا في جزئية التعامل مع الدراسات السابقة، يتمثَّل هذا المسار في حرص أساتذة البحث العلمي في الخارج على مراجعة هذه الجزئيات في ضوء ما يُسمُّونه بقائمة المراجعة Checking List، التي يتأكد الباحث بها أنه عالج هذه الجزئيات البحثية بالطريقة الصحيحة، من قوائم المراجعة هذه: قائمة مراجعة الدراسات السابقة، التي تتضمن ما يلي:

• هل استطاع الباحث أن يكشِف عن الفجوة الموجودة في هذه الدراسات، التي جعلها موضوع بحثه؟

• هل استطاع الباحث من هذه الدراسات تطويرَ سؤاله البحثي؟

• هل ترتبط هذه الدراسات ارتباطًا مباشرًا بموضوع بحثه؟

• هل أوضحت هذه الدراسات المداخلَ المختلفة التي تساعد الباحث على التعامل مع موضوع بحثه؟

• هل كشفت هذه الدراسات للباحث عن جزئيات كان يبحث عنها؟

• هل كشفت هذه الدراسات للباحث التطوراتِ التي حدثت في مجال بحثه؟

• هل لَفَتت هذه الدراسات انتباهَ الباحث لأوجه القصور في الجانب النظري؟

• هل استطاع من مراجعته لهذه الدراسات الكشفَ عن أوجه القصور في المنهج والأدوات؟

• هل كشفت له هذه الدراسات عن أوجه التشابه والاختلاف بينها وبين موضوع بحثه؟

• هل وضعت هذه الدراسات توصياتٍ واقتراحات أمكنه الاستفادة منها؟

يجب أن تكون الإجابة عن كل هذه الأسئلة بنعم، فإن كانت بلا، فإن هذا يعني قصورًا في معالجة هذه الدراسات لموضوعات بحثها، والتي إذا اقتدى بها باحثون آخرون سُمِّي ذلك بمنهجية الأخطاء، باختصار نحن في حاجة إلى ثورة في التعامل مع الدراسات السابقة.

 

ثالثًا: الملاحظات المنهجية:

الملاحظة الأولى: حاجة فصل الإجراءات المنهجية إلى تعديل جذري:

خصصت الباحثةُ الفصل السابع للإطار المنهجي للدراسة، وتحت البند "رابعًا" تحدَّثت عن منهج الدراسة وأدواتِها، واختصرَتْ ما يلزم عليها أن تكتبه في فصل كامل في سطر وربع سطر، تقول الباحثة في ص100: (اعتمدتِ الدراسة الراهنة على منهج دراسةِ الحالة وأداته دليل المقابلة باعتبارها أنسب أدوات جمع البيانات)، واكتفت بذلك.

 

هذا الأمر غير صحيح، الصحيح هنا أن تخصص الباحثة فصلًا مستقلًّا للإجراءات المنهجية يتضمن تسعَ جزئيات؛ هي:

1- المشكلة التي يتعامل معها المنهج الذي تبنَّاه الباحث، والأسئلة التي يحاول الإجابة عليها.

2- أسباب استخدام الباحث لهذا المنهج خاصة، وآلياته، وعلى الباحث أن يقدم تفسيرًا لقراره بعدم استخدام المناهج الأخرى، على أن يكون هذا التفسير نقديًّا، يدافع فيه الباحث عن منهجه، وعليه أن يبين مزايا وعيوب كل منهج، بما فيهم منهجه الذي تبنَّاه.

3- أن يعطي الباحث وصفًا تفصيليًّا للآليات التي استخدمها بصورة تجعل الباحثين الآخرين يقتنعون بها، علمًا بأن الباحثة اقتصرَتْ على آلية المقابلة دون الآليات الأخرى الضرورية في منهج دراسة الحالة.

4- أن يبين إطار العيِّنة وأسباب اختيارها، وفي حالة اختيار الباحث لجماعة معينة واستثنائه لجماعات أخرى، عليه أن يبين لماذا اختار هذه واستثنى تلك.

5- أن يبرز مسائل الصدق والثبات؛ للتأكيد على دقة النتائج، وبيان مصادر احتمالات الخطأ فيها.

6- عند مناقشته للمنهج المستخدم، عليه أن يناقش المتغيِّرات ذات التأثير على النتائج.

7- أن يتضمن هذا الفصل وصفًا شاملًا للإجراءات التي اتَّخذها لجمع البيانات، وكذلك الإجراءات التي سوف يتَّبعها في تحليلها.

8- أن يجيب مباشرة في هذا الفصل على السؤال الآتي: إلى أي مدى يمكن أن يُعمِّم النتائج التي يجمع بها بياناته.

9- أن يُبيِّن أنه سيضعُ في ملحقات الرسالة كلَّ ما يتصل بها مِن آليات المنهج المستخدم؛ مثل الاستبانة، أو استمارة المقابلة، أو دليل الملاحظة، أو أي آليات أخرى، مع ملاحظة هامة هنا، وهي أن استمارة المقابلة في صفحة الملحقات تحتوي فقط على المحاور التي انطلقت منها في تنفيذ المقابلات، وكان مِن المفترض أن تضع الأسئلة التفصيلية التي سألَتْها للمبحوثين.

 

الملاحظة الثانية: تحفظات على استخدام منهج دراسة الحالة:

أتحفَّظ كثيرًا على استخدام الباحثة منهجَ دراسة الحالة في البحث الحاليِّ؛ لأن اختيار المنهج تحكمه قواعدُ:

وقبل أن أبين سبب تحفظي هذا، فإن لي بعض الأسئلة للباحثة:

(1) ما الذي كانت تهدف إليه الباحثة من بحثها: هل كانت تسعى إلى توليد نظرية، أم اختبار نظرية، أم اكتشاف نظرية؟

 

الجدول الآتي يربط بين الهدف من النظرية ونوع المنهج المختار:

الهدف من النظرية

نوع المنهج

توليد نظرية

كيفي

اختبار نظرية

كمي

اكتشاف نظرية

كيفي وكمي

 

وهناك سؤال آخر يتعلق بتوافر النظرية والدراسات السابقة في موضوع البحث:

جدول يوضح الارتباط بين وجود النظرية والدراسات السابقة ونوع الدراسة:

وجود وعدم وجود النظرية والدراسات السابقة

نوع الدراسة

ملاحظات

لا دراسات سابقة ولا نظرية

استطلاعية

التعرف على وجود العلاقة بين المتغيرين، هل توجد علاقة بين المتغيرين أو لا توجد؟

توجد دراسات سابقة ولا توجد نظرية

وصفية

الباحث يعرف مسبقًا بوجود العلاقة كما حددته الدراسات السابقة، لكنه لا يعرف هل هذه العلاقة موجودة في مجتمع البحث أم لا

توجد دراسات سابقة وتوجد نظرية

تحليلية

هنا يصيغ فرضيات ليعرف شدة أو اتجاه العلاقة

 

 

أما تحفظي، فهو للأسباب الآتية:

1- أن الدراسة تهدفُ إلى الوقوف على تأثيرِ متغيرٍ مستقل، وهو التحول الديموقراطي، على متغيرٍ تابع، وهو التنمية الاقتصادية، هذه الدراسة لا بد أن تكون دراسة كمية Quantitative، يمكن أن تستكمل بمنهج دراسة الحالة، فهي ليست دراسة نوعية أي كيفية Qualitative، يكون المرتكز الأساس فيها هو دراسة الحالة، وتستكمل بالدراسة الكمية.

 

2- أعتقد أن السبب الأساس في اختيارِ الباحثة منهج دراسة الحالة، هو وقوعها تحت تأثير تعريف دراسة الحالة على أنها البحثُ المتعمِّق في فردية وحدة اجتماعية، سواء أكانت هذه الوحدة فردًا أو أسرة أو منظمة أو مجتمعًا محليًّا، يتصوَّر الباحث هنا أنه طالما أن هذا التعريف ينطبق على الوحدة التي يقوم بدراستها، فإن المنهج الملائم هنا هو منهج دراسة الحالة، الخطأ هنا هو أن الباحث لم يُفرِّق بين دراسة الحالة كوحدة للتحليل، ودراسة الحالة كمنهج، والأصل أن الحالة كوحدةِ للتحليل يمكن أن يطبق فيها منهج دراسة الحالة وغيره من المناهج، ولا يلزم بالضرورة أن الوحدة المدروسة كحالة يلزم أن يكون منهجها منهج دراسة الحالة، فاللزومية هنا ليست لازمة.

 

3- هناك عوامل محدَّدة هي التي تجعل الباحث يقرِّر استخدام منهج معيِّن دون غيره، ومن ثَمَّ عليه أن ينظر في هذه العوامل قبل أن يحدد المنهج بِناءً على فهمه الخاص، من هذه العوامل: أهداف البحث، ومدى أهميته الإحصائية، ونوع البيانات التي يجمعها كمية أو كيفية، وحجم العيِّنة، والزمن المطلوب لإنهاء الدراسة، ومدى توافر البيانات والمصادر، ومدى تناسب المنهج للبحث، والبعد الأخلاقي له.

 

4- يضاف إلى ذلك أن منهج دراسة الحالة يتطلب شروطًا معينة، أرى أنها غير قائمة مع نوعية البحث الحالي؛ من هذه الشروط:

• أن تكون أداة الاستفهام في أسئلة البحث: كيف HOW، ولماذا WHY، وهذا ما أكد عليه "روبرت ين"، أبرز وأشهر أساطين منهج دراسة الحالة، والواقع أن كل أسئلة البحث الحالي تدور حول أداة الاستفهام ماذا WHAT: ما أثر التحول الديموقراطي على...، ما أثر التحول الديموقراطي في الشركات الصناعية...، ما مدى الاهتمام بعملية التنمية الاقتصادية...؟

• أن منهج دراسة الحالة يُستخدم عند الرغبة في دراسة المواقف المختلفة للوحدة دراسةً تفصيلية في مجالها الاجتماعي والإيكولوجي والثقافي؛ أي: محتويات ثقافة الوحدة من عاداتٍ وقيم وأفكار، إضافة للمكونات المادية، وهذا ليس من أهداف البحث الحالي.

• حينما يريد الباحث معرفةَ التطور التاريخي للوحدة المدروسة، وهذا وإن كانت الباحثة قد قامت به، فهو ليس من أهداف البحث.

• حينما يريد الباحث أن يسبر غورَ الحياة الداخلية لفرد ما أو أفراد معينين بدراسة حاجاتهم الاجتماعية واهتماماتهم ودوافعهم، وهذا ليس من أهداف البحث.

الحالة الوحيدة التي يسمح بها استخدام منهج دراسة الحالة في دراسة تأثير متغير على آخر، هو أن يكون مكملًا وشارحًا ومفسرًا لهذا التأثير.

 

الملاحظة الثالثة: عن ارتباط التوصيات بالمشكلة البحثية:

القاعدة في كتابة توصيات البحث أن تكون مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالمشكلة البحثية؛ لأن الهدف من البحث هو إيجاد حلٍّ لمشكلة ما، أو وضع عدة اختيارات أو بدائل أفضل تساعد في حل المشكلة، أو التخفيف من حدتها.

فإذا افترضنا أن مشكلة البحث مرتبطةٌ بقضية التحول الديموقراطي وأثره على التنمية الاقتصادية، فكان لزامًا أن تكون التوصيات مرتبطة بهذه المشكلة، والذي أراه هو أن توصيات البحث الخمس؛ مثل: ربط التعليم الجامعي بالخبرة العملية للشركات والمصانع، والعمل على تخفيف البيروقراطية والروتين الحكومي، وإعادة هيكلة القطاع العام بدلًا من خصخصته، وضرورة الاهتمام بدور الجامعات في تطوير الفكر، وتقليل الاعتماد على التكنولوجيا المستوردة - كلها لا ارتباط لها بمشكلة البحث، إذا كانت هناك مشكلةٌ في الأصل، وكان على الباحثة على الأقل أن توضح كيف أن هذه التوصيات مرتبطة بالتحول الديموقراطي والتنمية الاقتصادية.

 

أؤكد أخيرًا أن هذه الملاحظات ليست انتقاصًا أو انتقادًا للجهد الذي بذلَتْه الباحثة؛ وإنما هي مِن باب تصحيح مسار الإبداع الذي بدأته، أتمنى لها التوفيق في الفترة القادمة، وألا تعتبر أن الحصول على الدكتوراه هو نهاية المطاف، إنما هو أول الطريق، ويعز عليَّ كثيرًا أن أجد طاقة وحماسًا وجهدًا - مثل هذا الذي هو عند الباحثة - يضيع ولا تحتضنه مؤسسة أكاديمية، وما عليها إلا أن تسعى وتسعى حتى يوفقها الله تعالى في موقع هنا أو هناك.

أكرِّر شكري للأستاذ الدكتور أحمد عسكر، والأستاذ الدكتور محمود عبدالرشيد، وللدكتورة إيمان عبدالنعيم، وللباحثة التي كانت سببًا في اجتماعي بهذه الكوكبة الفاضلة من العلماء، كما أشكر أهل الباحثة، والحضور على تحمُّلهم طول مناقشتي.

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

د أحمد إبراهيم خضر

أستاذ غير متفرغ بكلية التربية جامعة الأزهر

25 مايو 2016





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ماذا بعد مناقشة رسالتك العلمية؟

مختارات من الشبكة

  • مناقشة رسالة للدكتوراه بجامعة الأزهر(مقالة - موقع الدكتور أحمد إبراهيم خضر)
  • مناقشة رسالة عن ظاهرة الأخذ بالثأر بجامعة الأزهر(مقالة - موقع الدكتور أحمد إبراهيم خضر)
  • مناقشة خطة رسالة للماجستير بجامعة الأزهر(مقالة - موقع الدكتور أحمد إبراهيم خضر)
  • دليل الرسائل الحضرمية المناقشة في الجامعات السودانية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مناقشة خطة بحث دكتوراه بجامعة الأزهر(مقالة - موقع الدكتور أحمد إبراهيم خضر)
  • كلمتي يوم مناقشة رسالة الدكتوراه(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مناقشة لخطة رسالة دكتوراه حول التخفيف من حدة النزاعات الزوجية للمتزوجين حديثا(مقالة - موقع الدكتور أحمد إبراهيم خضر)
  • مناقشة خطة رسالة دكتوراه عن تلاميذ الدمج(مقالة - موقع الدكتور أحمد إبراهيم خضر)
  • مقطع نادر للشيخ ابن جبرين في مناقشة رسالة دكتوراه(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • مناقشة رسالة دكتوراه عن (القرآن الكريم في مواقع الإنترنت العربية: دراسة تحليلية نقدية)(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معاضة الشهري)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب