• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    مفهوم القرآن في اللغة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    أهل القرآن (قصيدة)
    إبراهيم عبدالعزيز السمري
  •  
    إلى الشباب (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    ويبك (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
  •  
    الفعل الدال على الزمن الماضي
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    أقسام النحو
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    نكتب المنثور (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي
علامة باركود

وسائل التوفيق بين القاعدة النحوية والتطبيق

وسائل التوفيق بين القاعدة النحوية والتطبيق
أ. د. عبدالله أحمد جاد الكريم حسن

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/9/2015 ميلادي - 7/12/1436 هجري

الزيارات: 18042

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وسائل التوفيق بين القاعدة النحوية والتطبيق


توطئة: رأينا كيف وضع النحاة قواعدهم، حيث بدأت قواعدهم وصفيةً ثم تحولت إلى معيارية، حاول النحاة إطرادها، وبما أن الاستقراء كان ناقصًا عند جمع النصوص اللغوية؛ ولأسباب أخرى ذكرنا بعضها فيما سبق، وعند تطبيق القواعد وجد النحاة نصوصًا لغويةً مسموعةً فصيحةً لا تخضع لسلطان قواعدهم، فكان ضرورةً أن يتصدوا لإيجاد حل لهذا الإشكال وتلك المعضلة، ومحاولة التوفيق بين القاعدة النحوية والتطبيق، وهذا إكمال لدور النحاة في وضع القواعد أو لنقل هو تعديل وتكملة لبعض القواعد وترقيتها - كما يحدث مع كثير من القوانين الوضعية والدساتير - ولكننا نجدهم أحيانًا ينسبون ذلك إلى العرب أصحاب اللغة، والحقيقة أن مثل هذه الظواهر والمصطلحات من تسميتهم واستنباطهم وزعمهم، لأن مثل هذه الظواهر - سنذكر بعضها بعد قليل - موجودة في اللغة كغيرها من النصوص والظواهر اللغوية الأخرى؛ لذا كان لزامًا على النحاة أن يتصدوا لدراستها، ومحاولة نظمها في مكان يناسبها في منظومة القواعد النحوية وصرح النحو العربي الشامخ؛ كي يقوى للنهوض والاضطلاع بالدور المهم المنوط به.

 

يقول سيبويه:" وليس شيء يضطرون إليه إلا وهم يحاولون به وجهًا ".[1] ويقول ابن جني: "وسبب هذه الحمول والإضافات والإلحاقات كثيرة في هذه اللغة، وسعتها وغلبة حاجة أهلها إلى التصرف فيها والتركح في أثنائها لما يلابسونه ويكثرون استعماله من الكلام المنثور والشعر الموزون والخطب والسجوع، ولقوة إحساسهم في كل شيء شيئًا، وتخيلهم مالا يكاد يشعر به من لم يألف مذاهبهم"[2].

 

وأذكر فيما يأتي بعض الوسائل أو الظواهر التي ذكرها النحاة في تراثهم النحوي؛ محاولةً منهم لرأب الصدع بين القاعدة النحوية والتطبيق، أو ما أسميته " ضرورات التوفيق بين القاعدة النحوية والتطبيق "، أو بعبارة أخرى: محاولة إرجاع النصوص التي لم تتوفر فيها شروط الصحة نحويًا إلى موقف تتسم فيه بالسلامة النحوية، أو بتعبير آخر: هو صب ظواهر اللغة المنافية للقواعد في قوالب هذه القواعد[3].

 

من وسائل التوفيق في القواعد الخاصة بالحروف والمفردات:

القول بالزيادة:

إن كثيرًا من الحروف العربية – حروف المعاني - قد توافقت مع القواعد التي صنعها النحاة، وبعضها القليل تمرد على سلطان القواعد، فنجد النحاة يحكمون عليه بالزيادة. والزيادة المقصودة بالدراسة هاهنا هي الزيادة في السياق النحوي، وما ينتج عنها من معان ودلالات، وليس المقصود الزيادة بالمعنى الصرفي التي تجتمع حروفها في قولهم: (سألتمونيها).

 

والزيادة: مجيء كلمة في البنية السطحية للتركيب من دون أن يكون لها أثر في معنى البنية العميقة، لكن فائدتها في التركيب التوكيد والربط وتقوية المعنى، ويسميه اللغويون الجدد (الزيادة والإقحام).

 

ويرى السيوطي أن حروف الزيادة "دخولها كخروجها من غير إحداث معنى"[4]، ويقول ابن يعيش:" وقد أنكر بعضهم وقوع الأحرف زوائد لغير معنى، لأنه إذ ذاك يكون كالعبث، وليس يخلو إنكارهم لذلك من أنهم لم يجدوه في اللغة، أو لما ذكروه من معنى، فإن كان الأول فقد جاء منه في التنزيل والشعر ما لا يحصى، وإن كان الثاني فليس كما ظنوه، لأن قولنا " زائد " ليس المراد أنه دخل لغير المعنى البتة، بل زيد لضرب من التأكيد، والتأكيد معنى صحيح"[5]. ومن أنماطها عند النحاة العرب: زيادة بعض حروف الجر، وعن ذلك يقول سيبويه:" هذا باب ما يجري على الموضع لا على الاسم الذي قبله؛ وذلك قولك: ليس زيد بجبان ولا بخيلًا، وما زيد بأخيك ولا صاحبك" [6].

 

ومنه ما جاء في القرآن الكريم من زيادة بعض الحروف – على حد زعم بعضهم، وحاشا لله أن يكون في القرآن حرف زائد بل هي زيادة نحوية، وهذا أمر مشهور ومفهوم - كزيادة (الباء)؛ نحو قوله تعالى: ﴿ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا ﴾ [الرعد: 43] وزيادة (أن)؛ نحو قوله تعالى: ﴿ وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ ﴾ [العنكبوت: 33]. وزيادة (الكاف)؛ نحو قوله تعالى: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾ [الشورى: 11]. ومنه زيادة (لا) النافية؛ نحو قوله تعالى: ﴿ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ ﴾ [الأعراف: 12]، ومنه زيادة (ما)؛ نحو قوله تعالى: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ ﴾ [آل عمران: 159] ومنه زيادة (من)؛ نحو قوله تعالى: ما ترى في ﴿ مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ ﴾ [الملك: 3]. ومنه زيادة (الواو)؛ نحو قوله تعالى: ﴿ حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا ﴾ [الزمر: 73]. ومنه زيادة (كان) كما في قول الشاعر:

فكيف إذا مررت بدار قوم ♦♦♦ وجيران لنا كانوا كرام

 

ومن ذلك زيادة (اللام المزحلقة) في مثل قولنا: إن خالدًا لمؤدب.

 

القول بوقوع التقارض:

قد يجد النحاة بعض الكلمات لا تتفق مع قواعدهم فيما ألفوا لهذه الكلمات أو الحروف من عمل، وقد يجدوا أن كلمتين أو حرفين قد تبادلا العمل، فيقولون: وقع بينهما تقارض لغوي، فالتقارض هو:" أن تتبادل الكلمتان حكمًا خاصًا بهما؛ بمعنى أن تعطي كل منهما الأخرى حكمًا مساويًا لما أخذته منها". أو "هو أن يتبادل لفظان أهم صفاتهما أو عملهما، ويجري كل منهما مجرى الآخر" أو "هو أن يجري أحد اللفظين مجرى الآخر في إعماله أو إهماله والعكس صحيح".[7] ويقول ابن يعيش:" التقارض هو أن كل واحد منهما يستعير من الآخر حكمًا هو أخص به "[8].

 

ويقع التقارض في الحروف والأفعال والأسماء، وقد ذكر ابن هشام هذه الظاهرة في المغني، ومن ذلك قوله:" القاعدة الحادية عشرة: من ملح كلامهم تقارض اللفظين في الأحكام"[9]، وذكر أمثلة لها، منها:

1- (تقارض غير وإلا): فتعطى (غير) حكم (إلا) في الاستثناء بها؛ نحو قوله تعالى ﴿ لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ ﴾ [النساء: 95] فيمن نصب (غير). وتعطي (إلا) حكم (غير) في الوصف بها؛ كقوله تعالى: ﴿ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ﴾ [الأنبياء: 22] فـ(إلا) في الآية صفة للنكرة قبلها (آلهة) بمعنى (غير)؛ أي: لو كان فيهما آلهة غير الله. ومنه قول الشاعر:

وكل أخ مفارقه أخوه ♦♦♦ لعمر أبيك إلا الفرقدان

أي: وكل أخ غير الفرقدين مفارقه أخوه.

 

2- تقارض ( أن المصدرية وما المصدرية ): فتعطى (أن) المصدرية حكم (ما) في الإهمال؛ ومنه قراءة ابن محيصن: ﴿ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ﴾ [البقرة: 233] برفع (يتم). ومنه قو الشاعر:

أن تقرآن على أسماء ويحكما ♦♦♦ مني السلام وألا تشعرا أحدا

 

وتعطى (ما) المصدرية حكم (أن) في الإعمال، كما روي من قوله صلى الله عليه وسلم: " كما تكونوا يولى عليكم " بحذف النون من (تكونوا).

 

3- تقارض (إن الشرطية ولو): فتعطى (إن) الشرطية حكم (لو) في الإهمال، كما روي في الحديث:" فإن لا تراه فإنه يراك". وتعطى (لو) حكم (إن) الشرطية فيجزم بها. ومنه قول الشاعر:

لو يشأ طار بها ذو ميعة ♦♦♦ لاحق الآطال نهد ذو خصل

 

4- تقارض (ما النافية وليس): فتعطى (ما) النافية حكم (ليس) في الإعمال، وهي لغة أهل الحجاز كقوله تعالى: ﴿ مَا هَذَا بَشَرًا ﴾ [يوسف: 31] وتعطى (ليس) حكم (ما) في الإهمال عند انتقاض نفيها بإلا؛ كقولهم: " ليس الطيب إلا المسك "، وهي لغة بني تميم.

 

ويعلل ابن جني هذه الظاهرة بأن السر فيها توثيق الشبه بين الصيغتين المتقارضتين، فقال في الخصائص: "وهذه عادة مألوفة، وسنة مسلوكة: إذا أعطوا شيئًا من شيء حكمًا قابلوا ذلك بأن يعطوا المأخوذ منه حكمًا من أحكام صاحبه، عمارةً لبينهما وتتميمًا للشبه الجامع لهما".[10]

 

القول بالإهمال:

الإهمال هو عدم العمل، وأن الكلمة المهملة لا تأثير لها في إعراب الجملة الواقعة فيها، فالإهمال ترك العمل في الكلمة، ولا يدخل الإهمال الكلمة العاملة إلا لعارض يعرض لها، فيبطل عملها أو يعود بها إلى أصلها [11]. يقول ابن عقيل: " أما (لا) فمذهب الحجازيين إعمالها عمل (ليس) ومذهب تميم إهمالها ".[12] ويقول المرادي:" فالعامل هو ما أثر فيما دخل عليه؛ رفعًا، أو نصبًا، أو جرًا، أو جزمًا. وغير العامل بخلافه، ويسمى المهمل" [13].

 

والإهمال في العربية قسيم الإعمال، وينقسم إلى قسمين: إهمال جائز، وإهمال واجب، فالإهمال الجائز: يدور حول مفردات تعمل بشروط وهيئات خاصة، فإذا انتفى شرط أو أكثر من هذه الشروط أو انتقضت هيئة من هذه الهيئات أهملت وبطل عملها، وكأنها لم تكن عاملةً، أما الإهمال الواجب فإهمال الكلمة غير مرتبط بتغير الشروط أو تغير الهيئة، ويقع الإهمال في الحروف، والأسماء، والأفعال.

 

فالفعل التام: الأصل فيه أن يرفع الفاعل، ولكن يهمل إذا اتصلت به (ما) الكافة في نحو: قلما، طالما، كثرما، فلا نجد الفاعل بعد هذه الأفعال؛ نحو: قلما يقول ذلك أحد[14].

 

• والفعل الناسخ يهمل إذا كان زائدًا، فمثلًا (كان) وبعض أخواتها تأتي تامة؛ أي: لا تنصب خبرًا لها وعليه أهمل عملها، وكذلك إذا جاءت زائدة (حشوًا) تهمل ولا تعمل عملها المعتاد.

 

• والحرف: الحروف نوعان: حروف عاملة وحروف غير عاملة، وقد تهمل الحروف العاملة؛ فمثلًا (إن) وأخواتها إذا اتصل ب(ما)؛ نحو: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾ [الحجرات: 10]، ﴿ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ ﴾ [الأنفال: 6]، أو تخفيف النون مع (إن)؛ نحو: ) وإن كل لما جميع لدينا ﴿ وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ ﴾ [يس: 32]، وقول الشاعر:

أنا ابن أبًاة الضيم من آل مالك ♦♦♦ وإن مالك كانت كرام المعادن

 

وقول الشاعر:

شلت يمينك إن قتلت لمسلمًا ♦♦♦ حلت عليك عقوبة المتعمد

 

• وتهمل (ما) المشبهة ب(ليس) إذا تكررت؛ نحو: ما ما زيد قائم.

• كما تهمل (إلا) في الاستثناء الناقص المنفي؛ نحو قوله: ﴿ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ ﴾ [آل عمران: 144].

 

القول بوقوع التعليق:

في بعض أبواب النحو العربي كباب (ظن وأخواتها) الأفعال التي تنصب مفعولين وجد النحاة بعض المسموعات قد وردت فيها بعض أفعال هذه المجموعة ولم ينصب المفعولين، والقاعدة تنص على هذا العمل، فماذا يفعلون؟ وكيف يتصرفون؟ وجدناهم يقولون: إن الفعل علق عن العمل، والتعليق معناه: إبطال عملها لفظًا فقط وإبقاؤه محلاً، وسببه وجود كلمة تفصل بين الفعل ومفعوليه، بشرط أن تكون هذه الكلمة مما يستحق الصدارة في الجملة، ومعنى الصدارة ألا يعمل في الكلمة عامل قبلها، وهذا الفاصل يسمى "المانع"، أو المعلق[15]. وهذا الفاصل أنواع هي:

1- لام الابتداء: نحو: علمت لزيد كريم.

2- اللام الواقعة في جواب القسم: نحو: علمت لينجحن المجد.

3- الاستفهام؛ مثل: لا أدري أزيد حاضر أم غائب.

4- النفي بما أو لا أو إن: نحو: علمت ما زيد بخيل. وأظن ما زيد قائم وأنا ظان ما زيد قائم.

 

ويقول سيبويه عندما يتحدث عن التعليق عن العمل لفظًا:" هذا باب ما لا يعمل فيه ما قبله من الفعل الذي يتعدى إلى المفعول ولا غيره".[16] والتعليق مشهور فلا داعي للإطالة والاستطراد.

 

القول بالإلغاء:

صادف النحاة بعض الكلمات في بعض النصوص المسموعة التي لا يمكن ردها ووجدوها لا تعمل العمل المنوط بها الذي نصت عليه قواعدهم، لذلك نجدهم يقولون: إن هذا الحرف أو تلك الكلمة ملغاة. و(ألغيت) الشيء: أسقطته وأبطلته[17]، والإلغاء في باب ظن وأخواتها: هو أن يتوسط الفعل القلبي مفعوليه أو يتلوهما، فيجوز عند ذلك رفعهما، ولكن يظل نصبهما جائزًا أيضًا، أو هو: إبطال العمل لفظًا ومحلًا لضعف العامل بتوسطه[18]، نحو: زيد ظننت قائم. يقول الأنباري:" الإلغاء إنما يكون للمفردات لا للجمل"[19]، ويقول:" إلغاؤها يدل على إطراحها وقلة الاهتمام بها "[20]، ولا يدخل الإلغاء ولا التعليق في شيء من أفعال التصيير، ولا في قلبي جامد، وهو اثنان (هب، وتعلم)، فإنهما يلزمان الأمر، وما عداهما من أفعال الباب متصرف إلا (وهب)، والفرق بين الإلغاء والتعليق من وجهين:

أحدهما: أن العامل الملغى لا عمل له البته، والعامل المعلق له عمل في المحل، فيجوز "علمت لزيد قائم وغير ذلك من أموره " بالنصب عطفًا على المحل.

 

والثاني: أن سبب التعليق موجب فلا يجوز " ظننت ما زيدًا قائمًا "، وسبب الإلغاء مجوز فيجوز " زيدًا ظننت قائمًا " و" زيدًا قائمًا ظننت "، ولا يجوز إلغاء العامل المتقدم خلافًا للكوفيين والأخفش[21].

 

ولا داعي هنا للإطالة أيضًا، ولكننا نقصد بالإلغاء في هذه الدراسة كل ما قال عنه النحاة أنه ملغى لأنه لا عمل له وفق قواعدهم على الرغم من وروده في السماع عن العرب!!

 

• ومن ذلك (ما) و(إلا) في الاستثناء الناقص المنفي؛ نحو: ﴿ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ ﴾ [آل عمران: 144].

 

• عند تكرار (ما) النافية؛ نحو: ما ما زيد قائم.

 

• إلغاء عمل (لا) النافية إذا فصلت بينها وبين اسمها؛ نحو قوله تعالى: ﴿ لَا فِيهَا غَوْلٌ ﴾ [الصافات: 47]، وكذلك تلغى إذا دخل عليها حرف جر؛ نحو: جئت بلا زاد.

 

• إذا تكررت إلا لقصد التوكيد ألغيت. وفائدتها حينئذ: التأكيد اللفظي للأولى.

 

• زيادة (كان)؛ نحو: من كان يكلمك؟ [22] - تأخر (إذن)؛ نحو: أكرمك إذًا [23].

 

• إذا اتصلت (ما) الكافة ب(إن) وأخوتها ألغتها.- إذا خففت (إن) وبعض أخواتها تلغى.

 

وظاهرة الإلغاء مشهورة في الدرس النحوي ولا داعي أيضا للاستطراد في شرحها[24].

 

التضمين

التضمين:" أن يؤدي (أو يتوسع) في استعمال لفظ توسعًا يجعله مؤديًا معنى لفظ آخر مناسب له، فيعطي الأول حكم الثاني في التعدي واللزوم"[25]، أو هو: "إشراب لفظ معني لفظ آخر، وإعطاؤه حكمه لتصير الكلمة تؤدي معنى الكلمتين"[26]. يقول ابن جني:" اعلم أن الفعل إذا كان بمعنى فعل آخر وكان أحدهما يتعدى بحرف والآخر بحرف آخر؛ فإن العرب قد تتوسع فتوقع أحد الحرفين موقع صاحبه، إيذانًا بأن هذا الفعل في معنى ذلك الآخر؛ فلذلك جيء بالحرف المعتاد مع ما هو في معناه؛ وذلك كقوله تعالي: ﴿ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ ﴾ [البقرة: 187]، وأنت لا تقول (رفثت المرأة) ولكن تقول (رفثت بها أو معها)، لكنه لما كان الرفثً هنا في معنى الإفضاء، وكنت تعدي (أفضيت) بإلي؛ كقولك: أفضيت إلي المرأة؛ جئت ب (إلي) مع الرفث إيذانًا وإشعارًا أنه بمعناه[27].

 

وقد امتدح ابن جني التضمين قائلًا:" وهذا من أسد وأدمث مذاهب العربية، وذلك أنه موضع يملك فيه المعنى عنان الكلام، فأخذه إليه ويصرفه بحسب ما يؤثره عليه"[28]. فمن المؤكد أن التضمين جاء لتحسين المعنى والعناية به، لأن التضمين في الدرس النحوي ما هو إلا دراسة في المعنى، ويؤدي فيه المعنى دورًا بارزًا؛ لأن الاعتماد علي اللفظ المنطوق فحسب لا يكفي في تفسير الأسلوب؛ لأن" فيه كسرًا لقانون اللغة فقد يتعدى اللازم أو يلزم المتعدي، ولكن الذي يفسر كل هذه العلاقات النحوية هو النظر إلي المعنى؛ فوضوح المعنى هو الذي أباح ذلك"[29].

 

وقد اختلف حول تعريف التضمين ومفهومه وشواهده وأغراضه وهل يقاس عليه؟، وأخيرًا قرر مجمع اللغة العربية أن: "التضمين هو أن يؤدي فعل أو ما في معناه في التعبير مؤدى فعل آخر أو في معناه فيعطي حكمه في التعدية واللزوم، وهو قياسي لا سماعي بشروط ثلاثة:

أولا: تحقق المناسبة بين الفعلين.

ثانيًا: وجود قرينة تدل على ملاحظة الفعل الآخر يؤمن معها اللبس.

ثالثًا: ملائمة التضمين للذوق العربي.

ويوصي المجمع ألا يلجأ إلى التضمين إلا لغرض بلاغي"[30].

 

القول بالإلحاق الصرفي والنحوي:

والإلحاق في الصرف: زيادة في أصول الكلمة؛ لتكون على وزن أخرى أزيد منها في الحروف؛ لتعامل معاملتها في التصريف؛ كالجمع، والتكسير، والنسب، وغير ذلك، ويقول عنه ابن جني:" الإلحاق إنما هو صناعة لفظية "[31].

 

وهو يكون في الأفعال، وضابطه فيها اتحاد المصادر، ويكاد يكون محصورًا في الأوزان السالفة، أما في الأسماء، فيمكن أن يقال في تحديده: كل كلمة فيها زيادة - غير حرف المد - لا تطرد في إفادة معنى، وتكون موافقةً لوزن من أوزان الاسم الرباعي، أو الخماسي المجردين من الحركات والسكنات تكون ملحقةً به.

 

والزيادة التي للإلحاق لا تطرد في إفادة معنى، ليخرج مثل الميم في "مفعل"؛ فإنها للزمان، أو المكان، أو المصادر؛ وكذلك الهمزة في "أفعل" فإنها - فيه - للتفضيل؛ وكذلك؛ نحو: أكرم وقاتل وقدم، فذلك ونحوه، ليس من الإلحاق في شيء.

 

وكانت عدة دواع، تدعو العرب للإلحاق؛ منها: ضرورة الشعر، والتمليح، والتهكم...، وليس من حقنا اليوم، وليس من حق أحد أن يزيد شيئًا؛ للإلحاق، فأصبح مقصورًا على ما سمع من ذلك[32].

 

أما الإلحاق في النحو، فأقصد به الكلمات التي ألحقتها النحاة على بعض الأبواب النحوية؛ لأنها في نظرهم وحسب قواعدهم فقدت شرطًا أو أكثر، كالملحقات بالمثنى، والملحقات بجمع المذكر السالم، والملحقات بجمع المؤنث السالم...إلخ.

 

القول بالمشبهات في الصرف والنحو:

عندما صادف النحاة العرب بعض المسموعات التي خرجت على قواعدهم ألحقوها بما يشبهها من جهة ما لتعمل عملها، فنجد في الصرف: الصفة المشبهة باسم الفاعل، التي يقول عنها ابن السراج:" الصفات المشبهات بأسماء الفاعلين: هي أسماء ينعت بها كما ينعت بأسماء الفاعلين، وتذكر وتؤنث ويدخلها الألف واللام، وتجمع بالواو والنون؛ كاسم الفاعل وأفعل التفضيل، كما يجمع الضمير في الفعل، فإذا اجتمع في النعت هذه الأشياء التي ذكرت أو بعضها شبهوها بأسماء الفاعلين، وذلك نحو: حسن وشديد، وما أشبه، تقول: مررت برجل حسن أبوه وشديد أبوه، لأنك تقول: حسن وجهه وشديد وشديدة فتذكر وتؤنث، وتقول: الحسن والشديد، فتدخل الألف واللام، وتقول: حسنون، كما تقول: ضارب وضاربة وضاربون والضارب والضاربة، فحسن يشبه بضارب، وضارب يشبه بيضرب وضاربان...".[33]

 

ونجد في النحو أيضًا: المشبهات بليس [(ما) النافية، و(لا) النافية، و(إن) النافية، و(لات)]. وهذا التصرف من قبل النحاة ف هذه الظاهرة اللغوية مشهور أيضًا ولا داعي للاستطراد.

 

الإجراء

لا أقصد بالإجراء هنا الصرف وعدم الصرف، ولكني قصدت أن النحاة إذا صادفوا كلمةً تمردت على سلطان قواعدهم قالوا: إنها تجرى على كلمة كذا [34]، وفي هذا الشأن يقول ابن الأنباري: " لأنهم يجرون الشيء مجرى الشيء إذا شابهه، ألا ترى أن ما لا ينصرف لما أشبه الفعل من وجهين أجري مجراه في منع الجر والتنوين، فكذلك هاهنا لما أشبهت (ما) (ليس) من وجهين وجب أن تعمل عملها، فوجب أن ترفع الاسم وتنصب الخبر ك(ليس)"[35].

 

ويقول سيبويه:" وجاء على (فعال) كما جاء فيما ضارع الاسم حين أجري مجرى (فعيل) هو والاسم حين قالوا: (فعلان)، وقد يجرون الاسم مجرى الصفة والصفة مجرى الاسم، والصفة إلى الصفة أقرب؛ وذلك قولهم: جياع ونيام، وقالوا: (فعلان) في الصفة، كما قالوا في الصفة التي ضارعت الاسم؛ وهي إليه أقرب من الصفة إلى الاسم، وذلك: راع ورعيان وشاب وشبان..."[36]. ويقول أيضًا:" واعلم أن ما ضارع الفعل المضارع من الأسماء في الكلام ووافقه في البناء أجرى لفظه مجرى ما يستثقلون ومنعوه ما يكون لما يستخفون، وذلك نحو: أبيض وأسود وأحمر وأصفر"[37]، ويقول:" ومررت بالقوم حتى زيدًا مررت به، فحتى تجرى مجرى الواو وثم ".[38]

 

ويقول ابن جني:" وكانوا كثيرًا ما يجرون الجمع على حكم الواحد، وإن لم يستوف الجمع جميع أحكام الواحد..."[39]. ويقول أيضًا:" وهم مما يجرون الشيء مجرى نقيضه، كما يجرونه مجرى نظيره، ألا تراهم قالوا: "طويل" فجاءوا به على وزن "قصير"، وكذلك "قائم وقاعد، ونهض وجلس، وخفيف وثقيل" وجروا ب "كم" في الخبر؛ لأنها نقيضة "رب"، ألا ترى أن "رب" للتقليل و"كم" للتكثير. وقالوا: "كثر ما تقولون"، فألحقوا النون؛ لأنه نقيض "قلما تقولون"، وهذا ونحوه مطرد كثير في كلامهم" [40]. ومنه أن بعض العرب يجرون المعتل مجرى السالم في جميع أحواله، وإنهم قد يجرون المنفصل مجرى المتصل[41].

 

وليس أدل على شيوع هذه الظاهرة من أن سيبويه إمام النحاة قد عقد لها عدة أبواب في كتابه، ومن ذلك مثلًا في الجزء الأول:( هذا باب ما جرى في الاستفهام من أسماء الفاعلين والمفعولين مجرى الفعل كما يجرى فى غيره مجرى الفعل) [42]، (هذا باب من المصادر جرى مجرى الفعل المضارع في عمله ومعناه) [43]، (هذا باب حروف أجريت مجرى حروف الاستفهام وحروف الأمر والنهى) [44] وغيرها من الأبواب.

 

ومن ذلك أيضًا: إجراء القول مجرى الظن، وهو درس مشهور، وكذلك (عسى) أجريت مجرى (كان) في الاستخدام[45]... الخ.

 

القول بوقوع القلب المكاني:

القلب المكاني:هو تقديم بعض الحروف أو تأخيرها داخل الكلمة الواحدة؛ نحو: (أشياء)، يقولون: أصلها: شيئاء، و(جاه)، أصلها: وجه، و(جذب) أصلها: جبذ... الخ. ويرى النحاة العرب أن القلب "يعرف بأصله؛ كناء يناء مع النأي، كالجاه والحادي والقسي، وبصحته؛ كأيس، وبقلة استعماله؛ كآرام وآدر، وبأداء تركه إلى همزتين عند الخليل نحو: جاء أو إلى منع الصرف بغير علة على الأصح نحو: أشياء؛ فإنها لفعاء، وقال الكسائي: أفعال، وقال الفراء: أفعاء، وأصلها أفعلاء".[46]

 

ولجأ النحاة إلى القول بالقلب المكاني لأسباب شتى؛ منها مثلًا محاولة التوفيق والتعليل لصرف كلمة أو منعها من الصرف، كما حدث مع (أشياء)، وإذا استقرأت أمثلة القلب المكاني علمت أنه لابد أن يكون بين معنى اللفظ المقلوب والمقلوب عنه من المناسبة، لكن لا يلزم أن يكون هو نفسه، بل يجوز أن يكون مما شبه بمعنى المقلوب عنه أو من بعض أفراده. وهذا الموضوع أيضًا مشهور ولا داعي للإطالة والاستطراد[47].

 

العدل:

العدل في النحو والصرف: هو تحويل الاسم من حالة إلى حالة أخرى مع بقاء المعنى الأصلي، أو خروج الاسم عن صيغته الأصلية إلى صيغة أًخرى.[48] أو هو تحويل اللفظ من هيئة إلى أخرى لغير قلب أو تخفيف أو إلحاق.[49] وقيل: ومعنى العدل أن يشتق من الاسم النكرة الشائع اسم ويغير بناؤه إما لإزالة معنى إلى معنى وإما لأن يسمى به.[50] وقيل: معنى العدل أن تلفظ ببناء وأنت تريد بناءً آخر؛ نحو: عمر وأنت تريد عامرًا، وزفر وأنت تريد زافرًا[51]. وقال الرضى:" العدل إخراج الاسم عن صيغته الأصلية بغير القلب، لا للتخفيف، ولا للإلحاق، ولا لمعنى، فقولنا: (بغير القلب)، ليخرج نحو: أيس، في يئس، وقولنا: (لا للتخفيف) احتزار عن مقام، ومقول، وفخذ، وعنق، وقولنا (ولا للإلحاق)، ليخرج؛ نحو: كوثر، وقولنا:(ولا لمعنى) ليخرج نحو: رجيل ورجال. ويقال: اسم معدول؛ أي: مصروف عن بنيته، والعدول: الانصراف والخروج". [52]

 

أنواع العدل وضروبه: العدل على ضربين: واقع في المعارف وواقع في الصفات[53]، فالواقع في المعارف يأتي على وزنين:

أحدهما: (فعل) وذلك في المذكر، وعدله عن (فاعل)؛ كعمر وزفر وزحل وجمع.

والثاني: (فعال) وذلك في المؤنث، وعدله عن (فاعلة)؛ نحو: حذام وقطام ورقاش.

 

والواقع في الصفات ضربان: واقع في العدد وواقع في غيره. فالواقع في العدد يأتي على صيغتين:(فعال ومفعل)، وذلك في الواحد والأربعة وما بينهما تقول: أحاد وموحد وثناء ومثنى وثلاث ومثلث ورباع ومربع. والواقع في غير العدد: أخر.

 

والعدل إما حقيقي أو تقديري: فالعدل الحقيقي: ما إذا نظر إلى الاسم وجد فيه قياس غير منع الصرف، يدل على أن أصله شيء آخر، كآحاد وموحد وثناء ومثنى وثلاث. وهكذا إلى العشرة فإنها معدولة عن ألفاظ العدد الأصول؛ فأصل:(جاء القوم آحادًا)، جاءوا واحدًا واحدًا؛ وكذا أصل موحد، وأصل:(جاء القوم مثنى)، جاءوا اثنين اثنين، وكذا الباقي. [54] والعدل التقديري: ما إذا نظر إلى الاسم لم يوجد فيه قياس يدل على أن أصله شيء آخر، غير أنه وجد غير منصرف، ولم يكن فيه إلا العلمية فقدر فيه العدل حفظًا لقاعدتهم، كالأعلام التي على وزن (فعل) كعمر وزفر وزحل؛ فإنها لما سمعت ممنوعةً من الصرف، وليس فيها علة ظاهرة غير العلمية قدروا فيها العدل، وأنها معدولة عن عامر وزافر وزاحل. [55]

 

ويزيد الرضي الأمر وضوحًا؛ حيث يقول:" ويعني بالعدل المحقق، ما يتحقق حاله بدليل يدل عليه غير كون الاسم غير منصرف، بحيث لو وجدناه أيضًا منصرفًا لكان هناك طريق إلى معرفة كونه معدولًا، بخلاف العدل المقدر، فإنه الذي يصار إليه لضرورة وجدان الاسم غير منصرف وتعذر سبب آخر غير العدل، فإن (عمر) مثلًا، لو وجدناه منصرفًا، لم نحكم قط بعدله عن (عامر) بل كان ك(أدد) "[56].

 

والعدل باعتبار محله أربعة أقسام؛ لأنه:

(1) إما بتغيير الشكل فقط؛ ك(جمع) عند من قال إنه معدول عن (جمع).

(2) أو بالنقص فقط فيما عدل عن ذي أل وهو (سحر وأمس)، وكذا (أخر) في قول.

(3) أو بالنقص وتغيير الشكل؛ ك(عمر).

(4) أو بالزيادة والنقص وتغيير الشكل؛ ك(حذام ومثلث).[57] واشترط النحاة في العدل ما يأتي:

أولًا: أن يقع في الأسماء، فلا يكون في الأفعال ولا الحروف.

 

ثانيًا: أن يكون المعدول والمعدول عنه اسمًا واحدًا مفردًا. [58]

 

ثالثًا: لا بد من أن يكون البناء المعدول عنه غير المعدول إليه ومخالفًا له[59]؛ نحو: عامر (المعدول عنه) وعمر (المعدول إليه).

 

رابعًا: الأصل في كل معدول عن شيء ألا يخرج عن نوع المعدول عنه.[60]

 

خامسًا: بقاء المعنى الأصلي، فالعدل: تحويل الاسم من حالة إلى أخرى مع بقاء المعنى الأصلي، بشرط وجود أحد علامتين؛ الوصفية أو العلمية.

 

سادسًا: موافقة المعدول والمعدول عنه لأصول كلام العرب، وعن مثل ذلك يقول ابن جني:" العرب إذا غيرت كلمةً من صورة إلي أخرى، اختارت أن تكون الثانية مشابهةً لأصول كلامهم ومعتاد أمثلتهم، وذلك أنك تحتاج إلي أن تنيب شيئًا عن شيء؛ فأولى أحوال الثاني بالصواب أن يشابه الأول؛ ومن مشابهته له أن يوافق أمثلة القوم، كما كان المناب عنه مثالًا من مثلهم أيضًا[61]".

 

الاستغناء:

الاستغناء اصطلاحًا: "هو استغناء العرب بكلمة عن كلمة أو أكثر؛ عن طريق حذف بعضها أو تغيير صورتها، أو الاستعانة بكلمة ليست من اشتقاقها؛ لوجود قرينة، وذلك استحسانًا وطلبًا للخفة والاختصار، ولضرب من البلاغة وتجويد المعنى"[62]، يقول سيبويه: "ويستغنون بالشيء عن الشيء الذي أصله في كلامهم أن يستعمل حتى يصير ساقطًا[63]". ويقول ابن الأنباري:" قد يستغنى بالحرف عن الحرف في بعض الأحوال إذا كان في معناه[64]"، ويقول في موضع آخر:" قد يستغنى ببعض الألفاظ عن بعض إذا كان في المذكور دلالة على المحذوف"[65]. ويقول السيوطي:" قد يستغنون بالشيء عما هو في معناه"[66]. ويقول ابن جني:" لا ينكر أن يكون في كلامهم العرب أصول غير ملفوظ بها، إلا أنها مع ذلك مقدرة، وهذا واسع في كلامهم".[67]

 

ويؤكد النحاة أن الاستغناء من صنع العرب ووقع بقصد منهم "لأنه لا يستنكر الاعتداد بما لم يخرج إلي اللفظ؛ لأن الدليل إذا قام علي شيء في حكم الملفوظ به، وإن لم يجر علي ألسنتهم استعماله".[68] ويقول ابن جني: "وذلك أنا نرى العرب قد غيرت شيئًا من كلامها من صورة إلي صورة، فيجب حينئذ أن تتأتى لذلك وتلاطفه لا أن تخبطه وتتعسفه[69]"؛ أي: يشترط في الاستغناء السهولة والملاطفة، كما يشترط أن يتوافق اللفظ (المستغنى به) مع أمثلتهم وصورهم كما كان المحذوف (المستغنى عنه) موافقًا. وعن ذلك يقول ابن جني:" العرب إذا غيرت كلمةً من صورة إلي أخرى، اختارت أن تكون الثانية مشابهةً لأصول كلامهم ومعتاد أمثلتهم، وذلك أنك تحتاج إلي أن تنيب شيئًا عن شيء؛ فأولى أحوال الثاني بالصواب أن يشابه الأول؛ ومن مشابهته له أن يوافق أمثلة القوم، كما كان المناب عنه مثالًا من مثلهم أيضًا[70]". ويشترط أن لا يكون الاستغناء دون سبب أو دافع أو دون أن يهدف إلي شيء يخدم اللغة، وإلا كان ضربًا من الإفساد اللغوي والفوضى التي لا تقبلها قواعد اللغة العربية، ولذا يشترط أن يكون الكلام بعد الاستغناء وقبله جيدًا، ولكن بعده أجود وأبلغ، يقول سيبويه:" لو حسن الكلام بالذي لا يستغنى عنه لحسن الذي يستغنى عنه".[71]

 

وبعد فما ذكرته فيما سبق في معظمه يؤكد أن النحاة كانوا إذا صادفوا كلمةً أو حرفًا تمرد على سلطان قواعدهم حاولوا أن يبرروا مجيئه على هذا النحو، واتخذوا من الوسائل ما شأنه - حسب رأيهم - أن يوفق بين القواعد التي صنعوها وبين هذه الكلمات أو الحروف المسموعة عن العرب الفصحاء.



[1] الكتاب، لسيبويه (1/ 32)، وينظر: الخصائص (1/ 53، 214)، وسر صناعة الإعراب، لابن جني (1/ 165).

[2] الخصائص، لابن جني (1/ 215).

[3] الحذف والتقدير، لعلي أبو المكارم (ص200).

[4] الأشباه والنظائر، للسيوطي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1984م(ص 247 ).

[5] الأشباه والنظائر، للسيوطي (ص 247 ).

[6] ينظر: الكتاب، لسيبويه (1/ 6667).

[7] ينظر: مغني اللبيب عن كتب الأعاريب، لابن هشام الأنصاري، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، المكتبة العصرية، بيروت (2/ 697)، والأشباه والنظائر، للسيوطي (1/ 296)، وظاهرة التقارض في الدرس النحوي، لعبد الله جاد الكريم، مكتبة الآداب، القاهرة، الطبعة الأولى، 2002م (ص11) وما بعدها.

[8] شرح المفصل (2/ 88)، وينظر: الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، للزمخشري، تحقيق: عبد الرزاق المهدي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، (2/ 5/ 62).

[9] ينظر: مغني اللبيب، لابن هشام (2/ 697).

[10] الخصائص، لابن جني (1/ 69).

[11] للاستزادة ينظر: ظاهرة الإهمال في النحو العربي، لسعيد أحمد البطاطي، رسالة ماجستير، كلية التربية، الجامعة-المستنصرية، 1998م.

[12] شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك، لابن عقيل، تحقيق: محمد محيي الدين عبدالحميد، دار التراث، القاهرة، دار مصر للطباعة، سعيد جودة السحار وشركاه، الطبعة العشرون، 1400 هـ / 1980م (1/ 312)

[13] الجنى الداني في حروف المعاني، للحسن بن قاسم المرادي، تحقيق: فخر الدين قباوة، ومحمد نديم فاضل، دار الآفاق الجديدة، بيروت، الطبعة الثانية، 1983م، (ص23).

[14] الجنى الداني، للمرادي (ص333).

[15] ينظر: أوضح المسالك، لابن هشام الأنصاري، تحقيق: يوسف الشيخ محمد البقاعي، دار الفكر، بيروت(2/ 60).

[16] الكتاب، لسيبويه (1/ 235-236).

[17] ينظر: تهذيب كتاب الأفعال، لابن القطاع، عالم الكتب، بيروت، الطبعة الأولى، 1403هـ/ 1983م(3/ 61).

[18] أوضح المسالك، لابن هشام (2/ 54).

[19] أسرار العربية، لأبي البركات الأنباري، تحقيق: فخر قدارة، دار الجيل، بيروت، 1995م (ص91).

[20] أسرار العربية، لأبي البركات الأنباري، (ص153). وينظر: الكتاب، لسيبويه (1/ 56، 119، 396).

[21] أوضح المسالك، لابن هشام (2/ 62-63، 65).

[22] الأصول، لابن السراج (1/ 106).

[23] الجنى الداني، للمرادي (1/ 60).

[24] للاستزادة ينظر: ظاهرة إلغاء العمل، ليونس سويلم عودة، ماجستير، جامعة اليرموك، الأردن، 1996م.

[25] ينظر: الخصائص، لابن جني (2 / 308، 435).

[26] مغني اللبيب، لابن هشام (2 / 791). وينظر: الأشباه والنظائر، للسيوطي (1/ 13)، وحاشية الصبان على شرح

الأشموني لألفية ابن مالك، لمحمد بن علي الصبان، مطبعة الحلبي، القاهرة، 1366هـ (2 / 95).

[27] الخصائص، لابن جني (2/ 308).

[28] المحتسب، لابن جني، تحقيق: علي النجدي ناصف وآخرين، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، القاهرة، 1386هـ (1/ 52)، ينظر: مغني اللبيب، لابن هشام (2/ 609).

[29] الاتساع في الدراسات النحوية، لأحمد عطية المحمودي، رسالة ماجستير، دار علوم القاهرة، 1989م (ص50).

[30] مجموعة القرارات العلمية في خمسين عاماً، مجمع اللغة العربية بالقاهرة، 1984م (ص6).

[31] الخصائص، لابن جني (2/ 343، 483).

[32] للاستزادة ينظر: الشافية في علم التصريف، لابن الحاجب جمال الدين أبي عمرو عثمان بن عمر الدويني، تحقيق: حسن أحمد العثمان، المكتبة المكية، مكة المكرمة، الطبعة الأولى، 1995م(1/ 70)، وأوضح المسالك، لابن هشام (4/ 301)، واللباب في علل البناء والإعراب، لأبي البقاء العكبري، تحقيق: غازي مختار طليمات، دار الفكر، دمشق، الطبعة الأولى، 1995م (2/ 280).

[33] الأصول في النحو، لابن السراج (1/ 130).

[34] للاستزادة ينظر: الإجراء في الصيغ والتراكيب النحوية، لحسن محمد نور، رسالة دكتوراه، دار العلوم القاهرة، 1998م.

[35] الإنصاف في مسائل الخلاف، لابن الأنباري (1/ 166).

[36] الكتاب، لسيبويه (3/ 632).

[37] الكتاب (1/ 21).

[38] الكتاب (1/ 96).

[39] الخصائص، لابن جني (1/ 14).

[40] المنصف، لابن جني ( 1/ 84 ).

[41] ينظر: شرح شذور الذهب في معرفة كلام العرب، لابن هشام، تحقيق: عبد الغني الدقر، الشركة المتحدة للتوزيع، دمشق، الطبعة الأولى، 1984م (ص277).

[42] الكتاب (1/ 145).

[43] الكتاب (1/ 108).

[44] الكتاب (1/ 189).

[45] الكتاب (3/ 158).

[46] ينظر: الشافية، لابن الحاجب، (1/ 8 - 9).

[47] للاستزادة ينظر: الخصائص (1/ 5)، (2/ 134)، والمزهر في علوم اللغة، للسيوطي، (1/ 347).

[48] ينظر: شرح قطر الندى، لابن هشام، تحقيق: محمد محيى الدين عبد الحميد، القاهرة، الطبعة الحادية عشرة، 1383ه (ص314).

[49] معجم القواعد العربية؛ لعبد الغني الدقر، دار القلم، بيروت (2/ 87).

[50] الأصول في النحو، لابن السراج (2/ 88).

[51] اللمع في العربية، لابن جني، دار الكتب الثقافية، الكويت، 1972م (1/ 155). وينظر: خزانة الأدب، لعبد القادر البغدادي، تحقيق: عبد السلام هارون، مكتبة الخانجي، الطبعة الثالثة، القاهرة، 1409ه / 1989م (2/ 496).

[52] شرح الرضي على كافية ابن الحاجب، لرضي الدين الاستراباذي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الثانية، 1399هـ/ 1979م(1/ 113).

[53] ينظر: شرح قطر الندى (1/ 314316).

[54] ينظر: التعريفات، للجرجاني (1/ 47).

[55] ينظر: التعريفات (1/ 47)، وشرح الرضي على الكافية (1/ 113).

[56] شرح الرضي على الكافية (1 / 114).

[57] حاشية الصبان على شرح الأشمونى لألفية ابن مالك (1/ 1624).

[58] المخصص، لابن سيدة، لجنة إحياء التراث، مكتبة الآفاق الجديدة، بيروت (4 / 281).

[59] خزانة الأدب (2/ 496).

[60] شرح الرضي على الكافية (3 / 110).

[61] الخصائص، لابن جني (2/ 66 67).

[62] الاستغناء بين العرب والنحاة، لعبد الله جاد الكريم، مكتبة الآداب، القاهرة، الطبعة الأولى، 2002م (ص9).

[63] الكتاب (1/ 25)، (2/ 121).

[64] الإنصاف (2/ 485)، مسألة (68).

[65] الإنصاف (1/ 93)، مسألة (13).

[66] الأشباه والنظائر (1/ 78).

[67] المنصف (1/ 348).

[68] الخصائص (2/ 343).

[69] السابق (2/ 470).

[70] الخصائص (2/ 66 67).

[71] الكتاب (2/ 281).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • نشأة القاعدة النحوية وتطورها
  • سمات القاعدة النحوية
  • انتقادات القاعدة النحوية
  • لمحة عن الافتراض النحوي وأصنافه
  • نتائج ضرورات التوفيق بين القاعدة النحوية والتطبيق

مختارات من الشبكة

  • صور الصرف عبر وسائل الاتصال التي تنقل المكتوب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المقاطع الصوتية التعليمية وسيلة من وسائل تعليم الكتابة والهجاء(مقالة - حضارة الكلمة)
  • صور الصرف عبر وسائل الاتصال التي تنقل اللفظ(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من وسائل الإعلام المقروءة ( الكتاب )(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • وسائل كشف العلة وقواعد دراسة السند(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وسائل صناعة الكراهية بين الثقافات(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • من أقوال السلف عن التوفيق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وسائل التواصل بين المنافع والمآزق(مقالة - ملفات خاصة)
  • وسائل التواصل الاجتماعي بين التفريط والإفراط(مقالة - ملفات خاصة)
  • وسائل الإعلام بين الهدم والبناء(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب