• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الحال لا بد لها من صاحب
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية النكتة رؤية تداولية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الإعراب لغة واصطلاحا
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    مفهوم القرآن في اللغة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    أهل القرآن (قصيدة)
    إبراهيم عبدالعزيز السمري
  •  
    إلى الشباب (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    ويبك (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / أدبنا / دراسات ومقالات نقدية وحوارات أدبية
علامة باركود

شعر صالح الشاعر.. قراءة نقدية

محمد الشحات أبو ستيت

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/4/2015 ميلادي - 1/7/1436 هجري

الزيارات: 31776

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

شعر صالح الشاعر.. قراءة نقدية

بقلم: محمد الشحات أبو ستيت[1]

 

• مقدمة.
• طبيعة التجربة الشعرية.
• اللغة.
• التناص.
• الموسيقا.

♦    ♦    ♦


الشعر وميضٌ من النبض الإنساني، مشترك بين الناس جميعًا، من مبدِعين أو دارسين أو نقَّاد، وعلى أيدي النُّقاد والدارسين تتألق جذوة الشعر، وتتضح خوافيه، وتتعطر مسيرته إلى جميع الناس، فإذا كان الشاعرُ هو صاحبَ قارورة العطر فإن الدارس والناقد هو الذي ينزع عن هذا العطر الغِطاء، ويتيح لأريجه الانتشار.

 

والواقع أن الدراسة الأسلوبية تركِّز على دراسة الظواهر اللغوية، وبيانِ ما تؤديه من معانٍ بلاغية، ومقاصدَ أسلوبية؛ وذلك من خلال المستويات الصوتية، والصرفية، والمعجمية، التي تهدف إلى إيضاح العلاقة بين اللفظة المفردة، وتأثيرها في الشعور النفسي للمتلقِّي، مع سماحها بالوقوف على دراسة التركيب من خلال دراسة الأساليب الإنشائية، وما يُعاونها من أساليبَ تكشف براعةَ التركيب ودقةَ الأسلوب، ومن خلالها نُدرك الصِّلة الوثيقة بين النظرية والتطبيق.

 

إن التطبيقات في المنهج الأسلوبي ليست بالأمر الهين؛ حيث يتبين من خلالها قدرةُ الدارس، ومدى فَهمه للمنهج الأسلوبي وكيفية تطبيقه، وكيفية تحليل النصوص، والوقوف على بلاغتها، وإبراز محاسن صياغتها ونظمها.

 

والشاعر صالح عبدالعظيم فتحي خليل الشاعر، أحد الشعراء المعاصرين، شاعر ولغوي، وردَت ترجمته في الطبعة الثالثة من معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين، المجلد الثامن عام 2014م[2]، وترجمَت له الموسوعة الكبرى للشعراء العرب (1956 - 2006 م)، الصادرة في الرِّباط عن دار التوحيدي للنشر والتوزيع، عام 2012م، وهو عضوُ حركة شعراء العالم في أمريكا اللاتينيَّة، وعضو الاتحاد العالمي للشعراء.

 

بالإضافة إلى الشعر فهو لغوي نحوي، له دراسة نحويَّة نصية في شعر محمد مهدي الجواهري، حصَل بها على درجة الدكتوراه، ودراسة نحوية دلالية في شعر حسن كامل الصيرفي، شاعر (أبوللو) الرومانسي، حصل بها على درجة الماجستير، وله تحقيق ديوان الإمام الشافعي، وتحقيق الكافية والشافية لابن الحاجب، وله كذلك كتاب "المختارات الشعرية" للإمام أبي حامد الغزالي، وعددٌ من البحوث المحكمة، مثل: الزحاف والعلة في شعر التفعيلة، والتصريع في وسط القصيدة، مما يدل على وعيه بالشعر وعُمقِ تجربته لدَيه.

 

لصالح الشاعر أربعةُ دواوينَ شعرية منشورة، هي: (من قلبي 2003م دار نوبار - الزمن الضائع 2004م دار نوبار - همس الروح 2006م مكتبة الآداب - حقائق الأشياء 2010م مكتبة مدبولي الصغير)، وتقع في ثلاثمائة وثلاثين صفحة من الحجم الصغير، وتشتمل على خمس وسبعين قصيدة، تنوَّعَت ما بين الشعر العمودي، وشعر التفعيلة، وصولاً إلى فنِّ البند[3]في قصيدة (نعيم) من ديوان حقائق الأشياء.

 

تتنوع قصائده العمودية بين البحور: (البسيط والخفيف والهزج والوافر والكامل والرمل والرجز والسريع والمجتث والمتقارب والمتدارك)، كما جاءت قصائدُ التفعيلة في شعره على تفعيلات: (الكامل، والرجز، والوافر، والرمل، والمتقارب، والخبب)، ولغة الديوان العربيةُ الفصحى، الملتزمةُ بالسهولة والسلاسة، والخالية من التعقيد والمعاظَلة، لغةٌ تَستلهم التراث الشعريَّ العربي، وتسترفد لغة القرآن الكريم، وتنأى عن الغريب والنادر.

 

وهي تجربة شعرية قوامها 75 قصيدة، احتوت على ألف ومائتين وثلاثة وسبعين بيتًا (1273)، وجاءت على صورٍ كثيرة من بحور الخليل العَروضية، بالإضافة إلى الشكل الحديث من قصيدة التفعيلة، وفن البند، وتعدد القوافي، ولزوم ما لا يَلزم، وتقسيم القصيدة إلى مَقاطع، وكلها صورٌ من التجديد في الموسيقا.

 

طبيعة التجربة الشعرية عند صالح الشاعر:

استولَت القصائد الوجدانية وقصائد الحب على شعر صالح الشاعر، ولكن بالإضافة إلى ذلك برَز غرضان كان لهما وجود في بعض دواوينه، فظهر الشعرُ الوطني في ديوان الزمن الضائع بكثافة.

 

في ديوان (من قلبي) يَظهر الطابع الوجداني في العديد من القصائد، منها قصيدة: (بعد السفر)، التي يقول فيها:

علَّمتِني قبل السفرْ

أن أهزم الأحزان بالألحانِ..

في لعب الوتَرْ

أن أختبي من أدمعي..

بين الخميلة والزَّهَرْ

لكنَّني ما عدتُ مبتهجًا بها..

بعد السفرْ

بل صرتُ أحيا في همومٍ..

مِلء قلبي المنكسِرْ

بعد السفرْ..

لم أستطع وحدي..

مواجهة القَدَرْ

بعد السفرْ..

غابت نجوم الليلِ..

وارتحل القمرْ

ذبلت زهوري..

ماتت الألحانُ..

وانقطع الوتر!

 

إن الأشياء تَفقد قيمتها عند الشاعر بسبب السفر والتَّرحال، فلا يجد إلا أن يعبر عن ذلك في نَغم راقٍ، يملؤه الشجن والحزن، وإذا كانت الأشياء تفقد قيمتها بالسفر لدى الشاعر؛ فإن زمان الوفاء قد ولَّى، وما عاد للوفاء مكانٌ في قلوب الأصدقاء، بل تبدل إلى نكران للجميل، مما حَدا بالشاعر أن يبكي الزمن في: (زمان الوفاء):

بقلبي سطورٌ.. تريد الفَناءْ
كتبتُ عليها.. زمان الوفاءْ
وفي الصدر ركنٌ عَرَاه الظلامُ
تمرُّ عليه بقايا ضياءْ
وأسألُ قلبي عليكِ فيبكي
يحارُ القنوطُ به والرجاءْ
نهاري ظلام.. وليلي قَتَام
وبين الكرى وعيوني عداءْ
ثلاث سنين.. وقلبي حزينٌ
وما للحزين لديَّ دواءْ
فأنتِ الدواءُ.. ولو تعلمينَ
لجئتِ تزيلين كلَّ العناءْ

 

إن الشاعر لا يجد حبيبًا يبث إليه شكواه، ولا صديقًا يُعرِب له عن بلواه، ولا يجد مَن يؤنسه إلا البدر، فيحاكيه ويبثُّه، ورغم ذلك يغيب البدر اللياليَ الطِّوال، فيعده الشاعر بأن يستغني عنه ويداوي نفسه بنفسه، وجروحَه بروحه، ولا يرجع إلى تلك المناجاة مرة أخرى، في قصيدة (أنا والبدر) من ديوان الزمن الضائع:

ظللتُ يا بدرُ دهرًا
أشكو إليك همومي
ظننتُ أنَّك حِبِّي
وصاحبي ونديمي
مسامرٌ ذو بهاءٍ
تختالُ بين النجومِ
دومًا تجيء بوجهٍ
مستبشرٍ ووسيمِ
لكنْ عجبتُ لشيءٍ
يحتاج للتفهيمِ
في وجهكَ المتلالي
آثار جرحٍ قديمِ
أأنت مثلي جريحٌ؟
أفيك مثلُ كُلومي؟
ظننتُ أنَّك حِبِّي
وصاحبي.. ونديمي
لكنْ بدأتَ تُوَلِّي
وتختفي في الغيومِ
وغبتَ عنِّي طويلاً
تركتني في جحيمِ
تركتني في ظلامٍ
بلا صديقٍ حميمِ
فهل مللتَ شكائي
من لوعتي وغمومي؟
أم قد ظننت كلامي
خرافة المحمومِ؟

 

إن الشعراء باختلاف مشاربهم وأفكارهم وأطروحاتهم وتطلُّعاتهم أجمعوا على شيء واحد هو الوطن، وحب الوطن، فكان الحنين إلى الأوطان وذِكْر الديار قاسمًا مشتركًا بين الشعراء والأدباء، والشعر العربي حافلٌ بقصائدَ عديدة حفلَت أبياتها الشعرية بحبِّ الوطن والحنين إلى الديار والأرض، والمتأمل لشعر صالح الشاعر يجد حبَّ مصر يَسري بين شرايينه وينبض به قلبُه وقلمُه؛ فها هو يقول:

والشمس قالت:

إنَّ هذا الشرق لن يبقى كما هوَ

مرتعًا للأغبياءْ

قد كنتُ أطلع سابقًا من مشرفي

كي أحميَ الغربيَّ من بردِ الشتاءْ

والآن سوف ترون معجزةً

وسوف ترونَ

كيف أدير ظهري للوراءْ

من مغربي سأعود أشرقُ

كي أعيد لحِلفيَ المهزومِ قربان الوفاءْ

 

إن الشمس التي يتحدث عنها الشاعر هي رمز (مصر)، التي قلَّ نورها بعدما كان ينير للعرب طريقهم، كالشمس يحجبها غيمٌ عابر، لكنها سرعان ما تعود لتنير للناس حياتهم، وهو رغم ذلك ينتقدها إلى حدِّ الجلد أحيانًا، فيقول منفعِلاً في (أسئلة حائرة):

لماذا صار في وطني

لكُلِّ معربِدٍ مرتعْ؟

لماذا صار في قومي

لكُلِّ مخادِعٍ مطمعْ؟

 

إن الشاعر لا ينسى أبدًا عروبته الأصيلة، حتى وإن كتم القهرُ والاستبداد إظهارَ هذه العروبة فإنَّ الشاعر يَدلِف إليها عن طريق الرمز، فيتحدث عن فلسطين في: وغدًا أنتِ من الأحرار:

طلبوكِ بليْلٍ ونهارِ
وعَدُوكِ بذلٍّ ومرارِ
التهمة أنَّكِ ماضيةٌ
في البحر بعكس التيَّارِ
في رأسكِ ثائرُ بركانٍ
وبه عقلٌ كالإعصارِ
كانوا يَبغونكِ دُمْيتَهمْ
خُدِعوا بالحُسن السَّحَّارِ
وضَعوكِ بسجنٍ.. جعلوكِ
قابعةً خلف الأسوارِ
حسبوا أنَّكِ في سجنِهمُ
ستخور قواكِ وتنهاري
ما علموا أنَّ مساعِيَهُمْ
ذاهبةٌ من غير ثمارِ
لكِ عزمٌ يغلب كيدَهمُ
كالصخرة.. تُرْمَى بغبارِ
أنا إن كنتُ عليكِ السجَّا
نَ فإنِّيَ لستُ بمختارِ
لكنِّيَ مثلكِ مسجونٌ
وخضعْتُ لحكم الفجَّارِ
لا بأس لديَّ فأقهرَهمْ
بيديَّ.. ولستُ بجبَّارِ
ما بعد الليل وظلمتهِ
إلا إشراقٌ لنهارِ
فاصطبري.. إنَّ صنائعَهمْ
يومًا صائرةٌ لِدَمَارِ

 

فهي قصة تدور حول كفاح مناضلةٍ عنيدة ضدَّ الأشرار، ونصير معجب ومؤمن بقضيتها لكنه عاجز عن نُصرتها، وحين نفكُّ شفرة القصيدة نكتشف أن السجينة ما هي إلا فلسطين! وذلك السجان العاجز ليس إلا العرَب الذين انفصَم موقفهم بين الإيمان والعجز.

 

كما يَرمز للكيان الصِّهيَوني بأنه جارة لا يؤمَن مكرها، ولا سبيل للتطبيع معها، قائلاً في (أنا وجارتي):

تمدِّين طرْفًا فيهرب طرْفي
تمدِّين كفًّا فأسحبُ كفِّي
تقولين: أَقْبِل وفي مقلتيكِ
بريقٌ يَزيدُ شكوكي وخَوفي
وفوق الشفاهِ يلوح ابتسامٌ
وتحت الضلوعِ كتيبةُ عُنْفِ!
أعيشُ برُعبٍ وأنتِ جواري
وأسمعُ صوتكِ في كلِّ زحفِ
فأغفو بعينٍ.. وأفتح عينًا
لأحميَ منكِ جداري وسقفي
وأقبلُ منكِ الهدايا ولكنْ
أُحاذرُ أن تَفْجَئيني بنسفِ!
أخافُ هدوءَكِ في كلِّ فعلٍ
وأخشى القِناعَ المَزينَ بلُطفِ
وأقبلُ منكِ عهودًا أمامي
وأسمع همس التآمر خلفي
وُعودُكِ دومًا بها همهماتٌ
تكادُ تبوحُ بنيَّةِ خُلفِ!
تَمُدِّين للحبِّ والوُدِّ حبلاً
صبيغًا بألوان غشٍّ وزيفِ
ولستُ مُحِبًّا لمن جعَلَتني
أنام على مثل شوكٍ ورَضْفِ
سألتُكِ أن ترحلي عن جواري
فقد صرتِ لي جارةً رغم أنفي!

♦   ♦   ♦


ويتساءل الشاعر في حيرة: (أين العراق؟) متخذًا صورة حبيبة فقدت حبيبها سبيلاً لترميز قضية وطن:

جَلَسَتْ تَذْكُرُ الأَمْسَ والذِّكرياتْ
وتُغَنِّي على عُودِها الْمُنْكَسِرْ
تَبعثُ الحزنَ بِاللَّحنِ والأُغنياتْ
ويُرَوِّي الثَّرى دَمعُها المنهمِرْ

♦   ♦   ♦


لا تَرَى غَيْرَ أطلالِ بَيْتٍ قَدِيمْ
مُقْفِرٍ قَدْ بَكَى الجِنُّ فيه وناحْ
تَسْأَلُ الصَّمْتَ في القَفْرِ: أينَ النَّعيمْ؟
فيُجيبُ الصَّدى: لَيسَ غَيْرُ الجراحْ

♦   ♦   ♦


كانَ بالأَمْسِ أُنْسٌ ودِفْءٌ ونُورْ
في بِلادِي.. ولَو في مَساءِ الشِّتاءْ
كانَت الأَرْضُ مُلْتَفَّةً بالسُّرورْ
ما لَها الآنَ مَكْسُوَّةً باسْتِياءْ؟!

♦   ♦   ♦


غابَتِ الشَّمْسُ بَيْنَ بُحُورِ الدِّماءْ
وانْتَضَى اللَّيْلُ سَيْفَ السُّكُونِ الحَزِينْ
يَمْسَحُ الأَرْضَ.. يَقْطَعُ حَبْلَ الرَّجاءْ
فَيَعُمُّ الأسَى.. الأسَى والشُّجُونْ

♦   ♦   ♦


صَرَخَتْ.. شَقَّت الجَيْبَ.. ثُمَّ بَكَتْ
وَانْحَنَتْ تَلْثِمُ الخَدَّ بَيْنَ الدُّمُوعْ
أَدْرَكَتْ حَلْقَها غُصَّةٌ أَوْشَكَتْ
أَنْ تُمَزِّقَ أَوْصالَ قَلْبٍ صَدِيعْ

♦   ♦   ♦


ذا حَبِيبي.. وهَذا نَعِيمُ الفُؤادْ
ماتَ بَيْنَ تُرابٍ ودَمٍّ مُراقْ
مَنْ أَراقَ الدِّماءَ وباعَ البِلادْ؟
أَيْنَ مِنِّي حَبِيبي؟ وَأَيْنَ العِراقْ؟

♦   ♦   ♦


إن التجربة الشعرية عند صالح الشاعر مستقاة من الحياة، فهو يقول في مقدمة ديوانه حقائق الأشياء: "هذا الديوان مجرَّد تعليق على أمور في الحياة، يَعرِضها كما هي على حقيقتها، يُريك النَّعيم، والشَّهوة، والتَّوبة، والإسراء، والمعصية، فيه شوقٌ وسفر، كما فيه عودة، يصُفُّ بك في محراب الحب ناظرًا إلى قِبلة القلب، وقد قصدت أن أريَك الحقائق مجرَّدة، إلا أنَّه ليس باستطاعةِ أحدٍ منَّا أن يتخلَّص من بصمة عينه، وكلِّي أملٌ أن ترى (حقائق الأشياء) من زاوية مقاربة لزاويتي، وحينها أكون قد نجَحت، ويكون الدِّيوان مؤتيًا ثماره.

 

سمِّ هذا الدِّيوان وصنِّفه كما شئتَ، وكن متأكِّدًا أنَّ تصنيفه لا يُخرجه عن حقيقته وما هو عليه، كما أنِّي اجتهدتُ أن لا تَعلو اللُّغة على المعاني، لكن تأكَّد من قراءتك دائمًا لما بين السُّطور وما خلف الحروف، ولا تُلغِ دورك كقارئٍ واعٍ ومدرك لكواليس النصِّ الشِّعري، فإذا قمتَ بدورك فهذا ما أريده لقارئِ نصِّي ومتلقِّيه، وهذا ما قصدتُه حين قدَّمتُ لك (حقائق الأشياء)".

 

اللغة هي الوسيلة الأولى لعملية التواصل مع الآخرين، غير أنها تتعدَّى وظيفتها الاجتماعية المحدودةَ هذه، فتشكِّل الأساس في عملية بناء القصيدة؛ إذ تمثِّل الطريق الموصلة بين المبدع والمتلقِّي، فتؤدي بذلك وظيفةً أخرى، تتمثَّل في إيجاد روابطَ انفعالية بينهما، فتتَجاوز بذلك لغة التقرير إلى لغة التعبير، وتسعى للكشف عن العواطف والأحاسيس، والانفعالات الكامنة في قلب الشاعر، ومحاولة إيصالها في نفس المتلقي.

 

يختار صالح الشاعر من اللغة وإيحاءاتها، ويولِّد منها ما قدر على التوليد، لا ليأتي بمعانٍ يجهلها الناس تمامًا، ولكن ليصور صفوةَ معارفهم من زوايا متفردةٍ تدهشهم وتعيش إحساسات جماليةً لا تنتهي، وحجارة هذا البناء الموضوعيِّ الألفاظ، إلا أن الألفاظ في الشعر تومئ إلى ما وراء المعاني، فتُضيف إليها أبعادًا جديدة، وبذاك تتجدد وتحيا، وبغير ذلك تذبل وتموت؛ إذ نجد ألفاظه تقدِّم صورة إنسانية وفنية بغرَض إماطة اللِّثام عن هذه الألفاظ.

 

ويسعى الشاعر في بعض قصائده إلى لغةٍ شفافة تعتمد على الوضوح والواقعيَّة؛ فهي لغة تكاد تكون خاصة بالشاعر، لغة تنطلق من الواقع ومن وعي الشاعر بأدواته الفنيَّة، فالنظر في التجربة الشعوريَّة وفَهم الحالة الذهنية لقصيدةٍ ما يتطلَّب القدرة على الانغماس في العالم النفسي للشاعر واستحضار حالته النفسية من خلال كتابته لهذه القصيدة، وفَهمُ الحالة الذهنية تَعني القدرة على استعادة الجوِّ الشعوري ومُعايَشتِه من جديد، ولا يتم ذلك إلا إذا استطاع الناقد أن يُمعِن النظر في الظروف والوقائع التي أدَّت إلى ولادة القصيدة، وبدون ذلك قد تُنزع القصيدة عن سياقها النفسيِّ وتَبقى تراكمًا لغويًّا وشكلاً دون معنى، وتفقد الحسَّ الشعري؛ ففي قصيدة إسراء تضرُّع ودعاء، يقول الشاعر بلغة واضحة مؤثرة:

أَتَيْتُ إِلَيْكَ.. وما كُنْتُ أَدْرِي

بِأنِّي إِلَيْكَ سَأَسْرِي

فَما كُنْتُ إلاَّ ظَلُومًا جَهُولاً

وَذَنْبيَ أَنْقَضَ ظَهْرِي

إِلَيْكَ أَتَيْتُ فَكُنْ لِي

فَإنِّي رَفَضْتُ التَّوَلِّي

وَجِئْتُ أُقَدِّمُ عُذْرِي

فَمَنْ ذا سَيَشْرَحُ صَدْرِي

إذا لَمْ أَكُنْ لَكَ أَسْرِي؟!

 

وهو في غمرة هذا التجلي يستلهم مفرداتٍ وتراكيبَ ومصطحبات قرآنية، على شاكلة (أنقض ظهري)، (يشرح صدري)، (ظلومًا جهولاً)... وهو ما يستدعينا إلى الحديث عن التناص.

 

التناصُّ ظاهرةٌ من الظواهر المهمة في الديوان؛ لأن الشاعر يَستعمله في إثراء قصائده، بتعابيرَ مشهورة، ومصطحبات معجميَّة قرآنية، ويتنوع غرضُ التناصِّ عند صالح الشاعر ما بين التجمل بقِطَع من التراث، والإحالة على نصٍّ سابق والربط به، وإطالة النص.

 

فمن التجمل بقِطَع من التراث بعض المسكوكات الجاهليَّة؛ كقوله في قصيدة (ببساطة) من ديوان (همس الروح):

أنا لسْتُ بَكَّاءً ولا نَكِدًا
ما لِي أنا والْهَمِّ والنكَدِ؟
أنا لَم أقِفْ يومًا على طلَلٍ
خَلِقٍ.. ولمْ أغْدو بِمُنْجَرِدِ!
ما كنتُ يومًا في بنِي عبسٍ
عبدًا.. ولَم أملك بني أسَدِ

 

ومن الإحالة على نص سابق والربط به قولُه في قصيدة (البيت الخراب) من ديوان (همس الروح):

لا الْحُبُّ شهْدٌ مُصَفًّى
ولا الأمانِي عِذابْ

 

فهو في عنوان القصيدة ناظرٌ إلى الشاعر (إليوت) وقصيدته الشهيرة (الأرض الخراب)، وفي شطر (ولا الأماني عِذاب) قصَد معارضة المعنى لدى الشاعر محمد بن عبود العامودي الذي يقول:

سكن الليل والأماني عِذابُ
وحنيني إلى الحبيب عَذابُ

 

أما إطالة النص فتبدو في قطعة صغيرة في ديوان (من قلبي) بعنوان (ليل الهوى) يقول فيها:

إنَّ ليلَ الهوى..

طويلٌ طويلْ

قَدَرُ العاشقينَ فيه الرحيلْ

فيه مَنْ باتَ..

ناعمًا بوصالٍ

فيه مَنْ باتَ..

فوقَ جمرٍ شَعيلْ

ناعسَ الطَرْفِ.. هل لديكَ دواءٌ..

أشتفي من جراحِ سهمٍ كحيلْ؟

وأجبني قُبَيْلَ ذاك الرحيل!

هل إلى نظرةٍ إليكَ سبيلْ؟

 

فالشطر الأخير مصراع مطلع قصيدة لإسحاق الموصلي يقول فيها:

هل إلى نظرةٍ إليكِ سبيلُ
فيُروَّى الصَّدَى ويُشفى الغليلُ
إن ما قلَّ منك يكثُرُ عندي
وكثيرٌ ممن تُحِبُّ القليلُ

 

وهنا نجد (صالح الشاعر) قد أطال قطعته بالإحالة بهذا الشطر إلى بيتَي الموصلي، محاكيًا أسلوبًا كَثُر في شِعر أبي نواس، الذي قال في ختام قصيدة:

حسناءُ تُسمِعُنا والعُودُ يُطرِبُنا
ودِّعْ هُرَيرةَ إنَّ الرَّكبَ مُرتَحِلُ

 

ومن نماذج التناص أيضًا ما نراه حين نتأمل قصيدة (بسمة)، من ديوان (حقائق الأشياء)، فهي تذكِّر القارئ بشيء محفور في داخله، يقول فيها:

بَسْمةٌ لا تَزالُ في خاطِرِ الكَوْ
نِ ولا زالَ سِرُّها مَجْهُولا
وَسَتَبْقَى يَحْكُونَ عَنْها حَكايا الْ
حُبِّ جِيلاً في العاشِقِينَ فَجِيلا
فَبِها أَصْبَحَ الكَلامُ عَبِيرًا
وبِها أَصْبَحَ الجَمِيلُ جَمِيلا

♦   ♦   ♦


مَنْ رَأَى بَسْمَةً تَرُوقُ كَهَذي؟
أَتَحَدَّى.. فَما رَأَيتُ مَثيلا!
حِينَما أَشْرَقَتْ هَدَتْ كُلَّ قَلْبٍ
وَأَضَلَّتْ لِلْعاشِقِينَ عُقُولا

♦   ♦   ♦


الكَلامُ انْتَهَى.. وَلا شِعْرَ عِنْدِي
واصِفًا حَقَّ وَصْفِها لأَقُولا
فَاعْذُرِيني.. فَكُلُّ ما كانَ عِنْدِي
صارَ بَهْرًا.. وَدَهْشَةً.. وَفُضُولا

♦   ♦   ♦


أَنا مُنْذُ ابْتَسَمْتِ صِرْتُ أَسِيرًا
أَحْسِني وَارْحَمِي أَسِيرًا نَبِيلا
وَانْثُري ذلكَ الشُّعاعَ عَلَى الكَوْ
نِ ضِياءً لَهُ.. نَسِيمًا عَلِيلا
واكْتُمِي السِّرَّ - لَوْ سَمَحْتِ - عَنِ الشَّمْ
سِ كَفَى غَيْرَةً لَها وَأُفُولا

♦   ♦   ♦


هَذِهِ البَسْمَةُ الَّتي سَوْفَ تَبْقَى
فِيكِ سِرًّا.. تَجاوَزَ الْمَعْقُولا
اسْمَحِي لِي تَكُونُ بَيْنَ قَصِيدِي
رُبَّما صِرْتُ في الهَوَى قِنْدِيلا!

♦   ♦   ♦


إن منشأ هذا الإبداع ثقافةُ الشاعرِ الواسعةُ؛ فلقد كانت أطروحته التي نال بها درجة الدكتوراه في (شعر محمد مهدي الجواهري - دراسة نحوية نصية)، كيف لا أتذكر الجواهري؟ نعم، إنها قصيدته الرائعة (أسعف فمي)، التي نظمها الجواهري في مدح الملك حسين:

يا سيِّدي أَسْعِفْ فَمِي لِيَقُولا
في عيدِ مولدِكَ الجميلِ جميلا
أَسْعِفْ فَمِي يُطْلِعْكَ حُرًّا ناطِقًا
عَسَلاً، وليسَ مُدَاهِنًا مَعْسولا

 

ولقد كان الشاعر بارعًا حين اختار تغيير الغرض، وإن كان تغييرًا طفيفًا، فهل الغزل سوى مديح؟ الذي اختلف هو الهدف المتوجِّه إليه، بدلاً من الملك أصبح مَلِكة القلب المتوَّجة!

 

كما أنه كان بارعًا حين اختار تغيير الوزن الشعري، فاختار بحر الخفيف بدلاً من الكامل، والخفيف من البحور التي لا تُدرِكها الأذن بسهولة، فتبدو نَثرًا إلا للأذن الموسيقية المدرَّبة.

 

نأتي إذًا إلى العنصر الذي أظهر عملية التناص، والذي يبدو وكأنه متروك عمدًا ليدل على المصدر، وهو عنصر القافية، والذي لم يكتف فيه شاعرنا بكلمة القافية وحدها، بل أضاف إليها بعضَ المصاحَبات المعجمية، فأخذها من الجواهري كتلة واحدة، فنجده يقول مثلاً في البيت الأول:

بَسْمةٌ لا تَزالُ في خاطِرِ الكَوْ
نِ ولا زالَ سِرُّها مَجْهُولا

 

وهو ما سبق إليه الجواهري في قوله:

يُهْدِيهِ ضَوْءُ العبقريِّ كأنَّهُ
يَسْتَلُّ منها سِرَّهَا المجهولا

 

فقد غدا سرُّ الحياة عند الجواهري سرَّ البسمة عند صالح الشاعر، ثم يقول:

وَسَتَبْقَى يَحْكُونَ عَنْها حَكايا ال
حُبِّ جِيلاً في العاشِقِينَ فَجِيلا

 

وهو ما قاله الجواهري:

يا ابنَ الهواشِمِ من قُرَيشٍ أَسْلَفُوا
جِيلاً بِمَدْرَجَةِ الفَخَارِ، فَجِيلا

 

فتحول أجداد الممدوح الذين تتابعوا بمدرجة الفخار، إلى أجيال من العاشقين تحكي الحكايات عن سر البسمة التي أعجب بها الشاعر.

ثم يقول:

فَبِها أَصْبَحَ الكَلامُ عَبِيرًا
وبِها أَصْبَحَ الجَمِيلُ جَمِيلا

 

معربًا بذلك عن إعجاب بختام قصيدة الجواهري الذي يقول فيه:

ولسوفَ تَعْرِفُ بعدَها يا سيِّدي
أَنِّي أُجَازِي بالجَمِيلِ جَمِيلا

 

لكنه حوَّل الأمر من مادِّيته الفجَّة إلى روحيٍّ معنوي رقيق شفاف؛ حيث إن البسمة سببٌ لجمال كلِّ جميل، وليست العلاقة مجرد شاعر يمدح فيُعطَى ليَمدح!

 

ثم يَمضي صالح الشاعر في قصيدته، مفضلاً صوته الخاصَّ على الجواهري وقوافيه، وكأنه اكتفى بإرشادها في الأجزاء الأولى من النص، إلى أن يصل إلى ختام قصيدته، فيأبى أن يكون إلا اقتباسًا أيضًا، لكنه هذه المرة استعان بنزار قباني، القائل:

قولي أحبُّكَ كي تصير أصابعي
ذهَبًا وتصبح جبهتي قنديلا

 

إلا أن الأمر اختلف عند شاعرنا؛ فهو يريد بذاته كلها - لا جبهته فحسب - أن يصبح قنديلاً:

اسْمَحِي لِي تَكُونُ بَيْنَ قَصِيدِي
رُبَّما صِرْتُ في الهَوَى قِنْدِيلا!

 

الموسيقا في شعر صالح الشاعر تسير على نمطٍ يُغريك بانسيابه، حتى إذا اطمأننت فاجَأك بخروجه! فهو رغم عموديَّته الصارمة في بعض القصائد نجده قد بسَطها إلى حدِّ الهلهلة أحيانًا في قصائدَ أخرى! ومن الصعب أن نتوقع خطأ عَروضيًّا في شعر باحث لغوي متخصص، وله بحوث في العَروض، بما يدلنا على أنَّ هلهلة الموسيقا مقصودة في غالب الأمر.

 

فعلى سبيل المثال، استعمل الشاعر تفعيلة (فاعلُ) في قصائد على الخبب؛ كقوله في (الزمن الضائع):

في زمني أصبحت الدنيا
سوداءَ وغطَّاها الدخَّان
ما عادَت ناصعة بيضاءْ
اصطبغَت بنفاق ورياء

منقوشٍ في ثوب البهتان

 

وذلك واضح في شطر (اصطبغت بنفاق ورياء)، ووزنه: (فاعلُ فاعلُ فعْلن فعِلان)، فالتفعيلة الأصلية للبحر (فعلن)، وتفعيلة الضرب (فعلان) في جميع القصيدة، أما هذا الشطر فقد دخلَت فيه التفعيلة (فاعلُ).

 

وفي قصيدته التائية (أنا والطريق والأمنيات) نجده طعَّمَها بهذه الشطور يائيةِ الروي في وسط القصيدة:

لِمَ لا ترجع الأماني إليَّا؟
وبريق الأحلام في مقلتيَّا؟
أَزَماني هو البخيل عليَّا؟
أم هو الحُلْم صار داءً دَوِيَّا؟
ليتني قد رجعتُ طفلاً صبيَّا
طابعٌ بسمتي على شفتيَّا
أحضن الأمنيَّات بين يديَّا
وأغنِّي فأُوسِعُ الحزنَ كَيَّا

وبعد ذلك يعود فيكمل القصيدة على رويها الأصلي.

 

وفي قصيدة (نعيم) يأتي بالقافية في منتصف الكلمة، فيقول:

في عالَمِ الحُبِّ الجَمِيلِ هُنا

تَلَوَّنَتْ الدُّنا

وَالعاشِقُونَ بِها غَدَوْا طَيْرًا يُرَفْرِفُ فَوْقَ أَغْصانٍ

وَطَوَّحَتِ الحَياةُ هُمُومَ ماضِيهِمْ

وَهَوَّنَ حُبُّهُم كُلَّ الصِّعابِ

فَكُلُّ مَوْعُودٍ بِشَيْءٍ نالَهُ

حتَّى وَلَوْ طَلَبَ الـمُحالَ

وَلَمْ يَعُدْ لِلْحُزْنِ ثَوْراتٌ... إلخ

 

والوزن يقتضي أن تكون القافية واوًا ساكنة، وبعض الأشطر على ثلاث تفعيلات والبعض الآخر على أربع، هكذا:

في عالم الحب الجميل هنا تلَوْ

وَنت الدنا والعاشقون بها غدَوا

طيرًا يرفرف فوق أغصان وهَوْ

وَن حبُّهم كلَّ الصعاب فكل مو

عود بشيء ناله حتى ولو...

إلى آخر القصيدة.

 

وتَظهر لنا قصيدة (السياسة) بنمط قافية أقرب إلى نظام الموشَّحات الأندلسية، مع بساطة ورشاقة في الجمل القصيرة؛ حيث يقول:

في لُعبة السياسهْ

يُلوَّن الزمانْ

وتُرسَم الجِنانْ

وتُوهب الصكوكْ

ويُرفع الرَّعاعْ

من طينةٍ وقاعْ

لقِمَّة الملوكْ

وتلك عبقريَّهْ

لها يدٌ خفيَّهْ

في غاية الكياسهْ

باللين والهوادهْ

تجمَّل السياسهْ

♦    ♦    ♦

في مسرح السياسهْ

كل الوجوه زَيْفْ

والصدق فيه ضَيْفْ

يحلُّ يرتحلْ

والرابح الكذوبْ

الناعم اللعوبْ

هذا الذي يصلْ

وفيه طيِّبونْ

«نعمْ» «موافقونْ»

ومَن يهزُّ راسهْ



[1] رئيس قسم الثقافة والإرشاد الديني بأوقاف القليوبية، حاصل على ماجستير البلاغة والنقد الأدبي والأدب المقارن.

[2] معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين، المجلد الثامن، ص474.

[3] يُعتبر البند فنًّا أدبيًّا جاء ليخلص الكاتب من قيود الوزن والقافية، وهو يَختلف عن الشعر الحر؛ إذ يتميز كل منهما بسِماته الخاصة، وقد يوضع البند فى منزلةٍ بين الشعر والنثر، وكلمة (بند) كلمة فارسية؛ ولها معانٍ كثيرة مثل: "ما يُسكر من الماء، العلم الكبير، العَقد والرَّبط"، وأول مَن اشتهر بكتابة البنود الشاعر معتوق بن شهاب الموسوي، ولا يتوفَّر ديوانه سوى على خمسة بنود، وما يجعل هذا الفنَّ غير معروف هو انحصاره في مدينة البصرة منذ العصور المتأخرة قبل سقوط بغداد سنة 656 هـ؛ وكذلك قلَّ صانعوه، ويُنظَم البند على تفعيلة واحدة تتكرَّر من البداية حتى النهاية وهي: (مفاعيلن)، كما تعتمد على بعض الزِّحافات مثل (الكف) فتصير (مفاعيل)، و(الحذف) فتصير (مفاعي)، كما يَعتريها الخرم أو الخزم، كما أن البند لا يَعتمد على قافية واحدة، ويَقبل تَكرار الكلمات ذات الرَّوي الواحد مثل السجع؛ مما يُضفي عليه إيقاعًا جميلًا.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • قصيدة أما في الحياة لنا قيمة؟ (قراءة نقدية)
  • شغف شرقي؛ لغصباء الحربي .. قراءة نقدية
  • " ثم عاد.. " للدكتور صبري رجب : قراءة نقدية
  • ( كتاب أخبار نيل مصر ) لابن العماد الأقفهسي ( قراءة نقدية )
  • نحو منهج نقدي إسلامي

مختارات من الشبكة

  • الشعر في ديوان جولة في عربات الحزن(مقالة - حضارة الكلمة)
  • مهمة الشاعر(مقالة - حضارة الكلمة)
  • مكانة النبي صلى الله عليه وسلم ومكانة أتباعه في شعر الشاعر الدكتور عبدالرحمن العشماوي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • من حكم شعرية في شعر فضيلة الشيخ الشاعر عبدالله بن علي العامري(مقالة - حضارة الكلمة)
  • قضايا كونية في شعر الشاعر الدكتور عبدالرحمن العشماوي (مختارات شعرية)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • فضل الأم على الأبناء وصبرها وكفاحها في شعر الشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي (نماذج مختارة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • ترجمة الشاعر عدي بن زيد العبادي، وبعض الدراسات التي تناولت شعره وحياته(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • أثر المدح النبوي على الإبداع الشعري ( الشاعر البحريني أحمد محمد الخليفة نموذجا )(مقالة - موقع د. محمد الدبل)
  • مع الشاعر محمد التهامي في ديوان شعره (أشواق عربية)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • ترجمة الشعر(مقالة - حضارة الكلمة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب