• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الحال لا بد لها من صاحب
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية النكتة رؤية تداولية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الإعراب لغة واصطلاحا
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    مفهوم القرآن في اللغة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    أهل القرآن (قصيدة)
    إبراهيم عبدالعزيز السمري
  •  
    إلى الشباب (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    ويبك (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي
علامة باركود

في معنى النبي الأمي

في معنى النبي الأمي
د. محمد حسن عبدالعزيز

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 19/1/2015 ميلادي - 28/3/1436 هجري

الزيارات: 101207

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

في معنى النبي الأمي


شاع استعمال كلمة "أمِّي" بمعنى جهل القراءة والكتابة، مع أنها تعني معنًى قوميًّا اعتقاديًّا لسائر الناس من غير سلالة بني إسرائيل.

 

اعتقد بنو إسرائيل أنهم وحدهم أصحاب الحظوة عند الله الجديرون بتلقي خطابه؛ بما دسَّه أحبارهم على التوراة بجعل النبوة حِكرًا على إسحاق ونسله وإلى الأبد، وحرمان شقيقه إسماعيل ونسله من عهد الله، وهو ما يُعرف عندهم بشعب الله المختار، أو الشعب الذي اختاره الله وفضَّله على سائر خلقه.

 

وتَحكي التوراة سبب هذا الاختيار بخطأ ارتكبه حام بن نوح عليه السلام حين لم يغطِّ عورة أبيه الذي شرب خمرًا وسكر، وغطاه ولداه سام ويافث، فلما أفاق وعلم بذلك قال: "ملعون كنعان عبدَ العبيد يكون لإخوته"، وقال: "يبارك الرب إله سام، وليكن كنعان عبدًا لهم ليفتح الله ليافث فيسكن في مساكن سام، وليكن كنعان عبدًا لهم"؛ (تكوين: 9).

 

وقد ارتبطت الديانة اليهودية بسُلالة مُعيَّنة كالهندوكية والشنتية، وإن امتازت هاتان الديانتان بأن المؤمنين بهما لم يتعرَّضوا للشتات.

 

وتحت تأثير أكذوبة الشعب المختار اعتقد اليهود أن أرواحهم تتميز على باقي الأرواح؛ لأنها جزء من الله عزيزة عليه، والأرواح الأخرى شيطانية شبيهة بأرواح الحيوانات، وأطلقوا على الشعوب الأخرى صفة "الغويم"، وترجمتها العربية "الأمِّيين"، وهم الذين خلقهم الله على هيئة الإنسان؛ ليكونوا لائقين بخدمة شعب الله الذي خُلقَت مِن أجله الدنيا.

 

واعتبرَت المسيحية غير المسيحيين "أميين"؛ ذلك بأن المسيح عليه السلام جاء لخراف بني إسرائيل الضالة، وحذر من دعوة الغرباء إلى هذا الدين؛ ".. إلى طريق أمم لا تمضوا، وإلى مدينة للسامريين لا تدخلوا، ولكن اذهبوا بالحري إلى خراف بني إسرائيل الضالة"(متى: 10)؛ ولذلك أطلق على بولس الرسول "شاؤول" رسول الأمم؛ لأنه اتجه بدعوته إلى غير بني إسرائيل بعد أن يَئِس منهم.

 

وإذًا فالسلالات الأخرى من غير بني إسرائيل من الأمم أو الأميين التي لا ترقى إلا لمستوى الحيوان مُسخَّرة لخِدمة شعب الله.

 

وعلى أساس نعرة الاستعلاء هذه وعقدة الانفراد والتفرُّد، اتخذ بنو إسرائيل من نبي الإسلام عليه الصلاة والسلام موقفًا مُؤسفًا، مع أنه جاء مصدِّقًا لما بين أيديهم من التوراة والإنجيل، وكانوا من قبل يُبشِّرون ببعثه بالرسالة الأخيرة الخاتمة للرسالات، لكنهم رفضوا الإيمان به؛ لاعتقادهم أن النبوة لا تكون إلا منهم.

 

أما هو، فقد جاء من العرب "الأميين"؛ أي: من الأمم الأخرى.

 

ومِن هنا جاء اشتقاق كلمة (أمي)، التي شاع تفسيرها بمعنى جهل القراءة والكتابة على غير ما يَستوجبه اشتقاق الكلمة في سياق الآيات القرآنية، ومَدلولها اللغوي على لسان العرب.

 

فبعض المفسِّرين يَنسب كلمة (أمي) بمعنى جهل القراءة والكتابة إلى الأم، وقد كان الجهل بهما شائعًا في العرب رجالاً ونساءً، كما كان في غيرهم مثل اليهود، وإن كان في العرب أكثر منه في غيرهم، وإن عرف عنهم فصاحة اللسان، وبلاغة البيان، وقرض الشعر بالسليقة، وحفظ الأنساب، وكل ذلك غير منوط بقراءة وكتابة، فتلك طبيعة أهل البادية.

 

وكان النبي عليه الصلاة والسلام على عادة قومه، وقد نزل جبريل عليه السلام بأول آيات الوحي ﴿ اقْرَأْ ﴾ فقال: ((ما أنا بقارئ))؛ أي: أنا لست ممن يقرؤون؛ لأني لا أعرف القراءة.

 

ويرى البعض أن الكلمة جاءت بمعنى "عربي"، وهو أقرب المعاني لمقصد الآيات، بل هو معنى جزئي للكلمة التي تعني في إجمالها غير اليهود؛ لأن الكلمة بمعنى قومي اعتقادي، وجاء في سيرة ابن هشام (2: 209) بمعنى: مَن لا كتاب لهم، وهو أوفى المعاني لاشتقاق الكلمة.

 

وعلى كثرة ما افترى المفترون على رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يَفترِ أحد عليه أنه كان يقرأ ويكتب، ولم يَرِد بالقرآن الكريم آية واحدة تردُّ على ذلك.

 

ولا ينكر أحد أنه عليه الصلاة والسلام لم يشارك قومه فيما ألفوه من قرض الشعر؛ ﴿ وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ ﴾ [يس: 69]، وإن كان بليغًا فصيحًا.

 

ولأنه لم يكن قارئًا كاتبًا، محبًّا للعزلة ميالاً للفكر؛ فإنه لم يطَّلع على كتب السابقين التي ظهرت أول ترجمة عربية لها على يد سعديا الفيومي عام 942م؛ أي: بعد وفاته بأكثر من ثلاثمائة عام، ومِن ثَمَّ فإن ما أخبر به القرآن الكريم من أنباء الأمم السابقة إنما مصدره الوحي من الله؛ ﴿ وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ﴾ [العنكبوت: 48].

 

﴿ وَمَا آتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ ﴾ [سبأ: 44].

 

﴿ أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ ﴾ [القلم: 37].

 

ولم يعرف عن العرب دراسة بزراعة ولا صناعة ولا تجارة ولا علم، وغاية جهدهم الاشتغال بالنقل البري يَحملون التجارة على ظهور الإبل في رحلتَي الشتاء والصيف؛ ﴿ قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ ﴾ [الأنعام: 148]، ﴿ لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ * إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ ﴾ [قريش: 1، 2].

 

وقد شاع بينهم انتظار نبوة ودِين، وتطلُّع إلى شريعة إلهية تعيد لهم مجدهم ووحدتهم، ومنهم من تطلع إلى دين إبراهيم عليه السلام بعد أن خاب أمله في دين اليهود، الذي تحول على يد العبرانيين إلى دين خاصٍّ بأبناء إسحاق، وتحولت شريعتهم إلى جيتو فكري.

وقد كذَّب القرآن دعوى اليهود بأن الله لا يخاطب الأمم ولا يبعث أنبياءً إلا منهم؛ ﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [الجمعة: 2].

 

وإن محمدًا عليه الصلاة والسلام قد بُعث للناس جميعًا بما فيهم بنو إسرائيل: ﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ [الأعراف: 157، 158].

 

"فالنبي الأمي هو المبعوث من غير سلالة بني إسرائيل، وهو أيضًا أمي بين الرسل المَبعوثين من سلالة إسحاق، وهو مِن سلالة إسماعيل عليهما السلام، والقرآن العربي أميٌّ بين الكتب التي نزلت باللسان العبراني، فالرسالة الخاتمة لا يجوز لها أن تستأثر بأمة ولا تُحجب عن أمة، خلافًا لما زعَم اليهود".

 

ويقول أستاذنا العقاد - رحمه الله - في كتابه "حقائق الإسلام وأباطيل خصومه": ولعله من علامات الخير أن تَدول الدول، وأن يذهب ما أفسدَت مِن أمور الدين والدنيا، وتبقى للمسلم عقيدته في حقوق أمته مصونة في قلوب المحافظين والمجدِّدين، ملحوظة في آراء الوادعين والثائرين.

 

فالأمة بمعنى الناس جميعًا، فلا تمايز بين خَلقِ الله ولا استعلاء، وحسب المرء أن يفضله علمه وعمله، فالأمة الواحدة هي موضع خطاب الله، وهي الوعاء الذي تصب فيه نتائج التكاليف.

 

وقد ورد لفظ الأميين مقابلاً لأهل الكتاب أو مَن ليس لهم كتاب؛ ﴿ وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ ﴾ [آل عمران: 75]، ﴿ فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﴾ [آل عمران: 20].

 

وقد أنصف القرآن بعض أهل الكتاب ممَّن يعرفون حقيقة كتابهم، وهم مَن إذا اؤتمنوا على قنطار من الذهب ردُّوه، أما أولئك الذين يتبعون ما لحق كتابهم على يدِ كهانهم من تحريف وتزييف، فإنهم إذا اؤتمنوا على دينار لا يؤدونه لصاحبه؛ لأن شريعتهم المحرفة لا تلزمهم في معاملاتهم مع غيرهم من الأمم بردِّ تلك الأمانات.

 

جاء في التلمود: إن الله لا يغفر ذنبًا ليهوديٍّ يردُّ للأمي ماله المفقود، وغير مصرَّح لليهودي أن يُقرِض الأجنبي إلا برِبا، "من رأى أحد الأميين يقع في حفرة لزمه أن يسدَّها بحجر"، يحرم على اليهودي أن يُنجي أحدًا من باقي الأمم من هلاك، أو يخرجه من حفرة وقع فيها".

 

ولا يمكن أن ينصرف معنى لفظ "الأميين" إلى من لا يعرف القراءة والكتابة؛ حيث لا يستقيم المعنى مع سياق الآيتين المتقدمتين من القرآن الكريم، وأهل الكتاب شأنهم شأن غيرهم في جهل القراءة والكتابة، والتكليف لا يناط بعدم الجهل بهما، ﴿ وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ﴾ [البقرة: 78].

 

والأميون هنا جماعة من العرب تهوَّدوا وكانوا لا يعرفون ما يُتلى عليهم من التوراة بلغة لا يفهمونها ولا يعرفون معناها، وكل حظِّهم اتباع الظن والتحريف الذي دسَّه الأحبار على كتاب موسى عليه السلام، فهم جاهلون بحقيقة الكتاب، ومع ذلك اعتبرهم اليهود من الأميين؛ لأنهم ليسوا من سلالة بني إسرائيل.

 

فكل من ليس يهوديًّا من سلالة إسحاق هو أميٌّ أو من الأمم الأخرى؛ لأن اللفظ يعني معنى قوميًّا اعتقاديًّا يخصُّ السلالة الممتازة والشعب المختار، ولا يتصل بحالٍ بقراءة ولا كتابة، ولا يمس من قريب أو بعيد شخص النبي عليه الصلاة والسلام.

 

أما الحديث الشريف: ((إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب))؛ متفق عليه، فمعناه أن عبادات الإسلام من صلاة وصيام وحج لا تعتمد على كتاب وحساب؛ إنما تعتمد على رؤية القمر في تحديد أوائل الشهور؛ ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ﴾ [البقرة: 189]، أما أوقات الصلاة، فيعتمد في تحديدها على رؤية الشمس: ﴿ أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ ﴾ [الإسراء: 78].

 

ومعجزة نبي الإسلام لم تكن في عدم إلمامه بالقراءة والكتابة؛ وإنما كانت في نظم القرآن الكريم وبيانه، وبهما كان التحدي ولا يزال، وقد نزل باللغة الأولى التي علمها الله تعالى للإنسان الأول: ﴿ خَلَقَ الْإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ﴾ [الرحمن: 3، 4]، ﴿ وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ﴾ [البقرة: 31].

 

تلك اللغة الخصبة، فائقة الثراء والملكات والقابليات، المستجيبة بوفرة مفرداتها لدواعي الاشتقاق، القادرة على البيان والإيضاح، وقد تعهد الله بحفظها، ومهَّد بها للرسالة الخاتمة من يوم أن أمر خليله إبراهيم بالهجرة بولده إسماعيل عليهما السلام إلى مكة، ومع اتساع حركة أبناء إسماعيل صارت لغتهم لغة الثقافة والحكمة والأدب، ثم تحقَّق دعاء إبراهيم وولده: ﴿ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [البقرة: 129].

 

ومِن هذه السلالة الطيبة الطاهرة كان النبي الأخير بكتاب حافَظَ على لغتهم تُتلى بها آياته فلا يصمت أبدًا، وصار البيت الرمز المجسِّد لوحدتهم الفريدة يُذكِّرهم باليوم الآخر الذي هو غاية الدين والإيمان.

 

كان رسولاً من الأميين إلى الأميين وإلى الناس أجمعين، هكذا علم منه أهل الكتاب والمشركون في مكة والمدينة وفي كل مكان بلغت الدعوة خارج الجزيرة وما وراءها، ويثبتها الواقع العملي المتمثِّل في ردِّ المقوقس، وزواجه صلى الله عليه وسلم من مارية القبطية، وخطابه إلى هرقل والنجاشي.

 

نبي أمي؛ لأنه ليس من سلالة الشعب المختار الذي ظن أن النبوة حكرٌ عليه، وأنه اختار الإله واختاره الإله.

 

والأميون هم سائر خلق الله، بما فيهم السلالة الممتازة المزعومة.

 

وهكذا استخدم القرآن الكلمة.

 

أما تفسيرها بجهل القراءة والكتابة، ففيه إرهاق للنصوص وتحميلها بأكثر مما تحتمل، واستنباط ما لا يُفيد.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الأمية .. معجزته صلى الله عليه وسلم
  • بيان معنى "السورة" و"الآية"

مختارات من الشبكة

  • من فضائل النبي: أنه الأمي الذي علم البشرية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • النبي الأمي الذي علم الأمة(مقالة - ملفات خاصة)
  • من فضائل النبي: أكرم الله جبريل بأن رآه النبي صلى الله عليه وسلم في صورته الحقيقية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من فضائل النبي: استأذن ملك القطر ربه ليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من فضائل النبي: سرور الفرس بركوب النبي وخضوع البراق له(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من فضائل النبي: الوحش يتأدب عند دخول النبي بيته وإسراع جمل جابر الأنصاري طاعة له(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بركات الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام وقوله تعالى: ( إن الله وملائكته يصلون على النبي ) الآية(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • أسماء النبي صلى الله عليه وسلم ومعانيها (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم ومعانيها ومنزلتها (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب