• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الشرح الميسر على الآجرومية (للمبتدئين) (6)
    سامح المصري
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الحال لا بد لها من صاحب
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية النكتة رؤية تداولية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الإعراب لغة واصطلاحا
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    مفهوم القرآن في اللغة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    أهل القرآن (قصيدة)
    إبراهيم عبدالعزيز السمري
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي
علامة باركود

نيابة (أو) عن حرف العطف الواو

نيابة (أو) عن حرف العطف الواو
د. حجاج أنور عبدالكريم

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 13/12/2014 ميلادي - 20/2/1436 هجري

الزيارات: 98564

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

نيابة (أو) عن حرف العطف الواو


من المقرر لدى جمهور النحاة ومحققيهم أن المعنى الأصلي الموضوعة له (أو) العاطفة إنما هو الدلالة على أحد الشيئين أو الأشياء؛ لأن مبناها على عدم الاشتراك، بيد أنه قد يتفرع عن هذه الدلالة الأصلية معانٍ أخر تستفاد أو تستمد من القرائن السياقية المختلفة، كالتخيير، والإباحة في الطلب، والشك، والإبهام، والتقسيم أو التنويع، أو غيرهما، في الخبر[1]. ومن جملة هذه المعاني الفرعية التي قد تدل عليها (أو) بالقرينة وتخرج إليها معنيان تصير فيهما نائبة عن غيرها ومؤدية لمعنى هو في الأصل يؤدَّى بغيرها من حروف العطف، وهذان المعنيان هما: معنى الواو في مطلق الجمع، ومعنى (بل) في الإضراب؛ وذلك بحسب نص كثير من النحاة على ما سيأتي.


وفيما يلي نناقش هذا المسلك في تحول دلالة (أو) إلى هذين المعنيين، أو نيابتها عن هذين الحرفين في الاستعمال القرآني، ومتابعة هذا التحول الدلالي فيه، وبيان مدى صحته أو صدقه على بعض الأساليب القرآنية، وذلك في إطار المطلبين الآتيين:

ذهب الكوفيون ووافقهم بعض البصريين إلى أن حرف العطف (أو) قد يستعمل بمعنى الواو عند أمن اللبس، فيجيء في بعض الأحيان ويراد به مطلق الجمع بين المتعاطفين[2]؛ لأنه - كما يقول الرضي -: "لمّا كثُر استعمال (أو) في الإباحة التي معناها جواز المجمع، جاز استعمالها بمعنى الواو[3]. ويرى بعضهم أن هذا المسلك في تحول دلالة (أو) ونيابتها عن الواو إنما يكثر فيما إذا جاءت عاطفة لِمَا لا بد منه، أو لِمَا يتحتم ذكره[4]؛ وذلك كأن تجيء بعد (بين)، أو سواء، أو سيان، أو بعد كل ما يتطلب شيئين ويستلزم اثنين، كما في قول الشاعر:

قومٌ إذا سمعوا الصريخ رأيتهم
ما بين ملحم مهره أو سافع[5]


وكما في قول الآخر:

وكان سيان أن لا يسرحوا نعماً
أو يسرحوه بها واغبرت السوح[6]


ومثله قول الآخر:

فسيان حربٌ أو تبوءوا بمثله
وقد يقبل الض.م الذليل المسير[7]

 

فالواقع أن (سواء) و(سيان) لا يستعملان - في الأصل - إلا بالواو؛ لأن كلاً منهما يقتضي اثنين؛ إذ يفيدان التسوية بين الشيئين، والبينية من المعاني النسبية التي لا يعطف فيها إلا بالواو، فلما وقعت (أو) بعدهما دلت القرينة على أنها بمعنى الواو، وأنها تفيد الجمع[8].


وبمتابعة هذا المسلك في تحول دلالة (أو) ومجيئها بمعنى الواو في الأساليب القرآنية المختلفة نجد أن هذا التحول قد تحقق في كثير من الاستعمالات القرآنية بصورة تكاد تكون راجحة في بعض المواضع، وبصورة محتملة وعلى سبيل الجواز في بعض المواضع الأخرى. أما المواضع التي يترجح أو يكثر فيها أن تكون (أو) بمعنى الواو، فهي - على الجملة - تلك المواضع التي قد تشي بشيء من التلازم والاقتران أو المصاحبة بين المتعاطفين، أو تلك التي هي من قبيل عطف المرادِف والمؤكِّد، أو التي تقع فيها (أو) بعد النفي وشبهه، فهذه مواضع ثلاثة يكثر أن تعاقب (أو) فيها الواوَ[9].


فمن الأول - وهو ما يشي بشيء من بالتلازم والاقتران - قوله تعالى: ﴿ فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴾ [طه: 44]، وكذلك قوله تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا ﴾ [طه: 113]؛ فالمعنى الراجح في الآيتين لدى كثيرين تقديره: لعله يتذكر ويخشى، ولعلهم يتقون ويُحْدِث لهم ذكراً، أي: عظة وعبرة؛ لأن كلاً من الخشية والتقوى لا يتنافى مع التذكر وحدوث الذكر؛ إذ لا تصح التقوى إلا مع الذكر، فهو من لوازمها، كما لا تصحَ الخشية إلا بالتذكر؛ لأن التذكّر أيضاً من لوازم الخشية، وعليه فالمعنى على الجمع والمصاحبة بين المعطوف والمعطوف عليه وعدم الإفراد، وهذا ما تفيده الواو وتدل عليه، بخلاف (أو) المبنية في الأصل على عدم الاشتراك، والدلالة على أحد الشيئين فقط[10].


وقريب من هذا قوله قال تعالى: ﴿ أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ * أَوَآَبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ ﴾ [الصافات: 16 - 17] في قراءة من أسكن الواو من (أو)[11]؛ حيث تعدّ الآية على هذه القراءة - كما يرى الخليل بن أحمد[12] - من الشواهد القاطعة على تحول (أو) إلى معنى الواو؛ وذلك من جهة ما يدل عليه المعنى في الآية من ضرورة تسلط الاستفهام على كل من المعطوف والمعطوف عليه معاً؛ إذ هذا هو مناط القدرة الإلهية من جهة، وموضع زيادة الاستبعاد من قبل هؤلاء المنكرين من جهة أخرى؛ بدليل القراءة المشهورة للآية بالواو عند الجمهور. كما يقرب من ذلك أيضاً ما يراه بعضهم[13] في قوله تعالى: ﴿ فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا * عُذْرًا أَوْ نُذْرًا ﴾ [المرسلات: 5 - 6] من أن المعنى القريب للآية هو على تقدير: عذراً ونذراً؛ لأن الذكر الملقَى أو الموحَى به إنما هو لأجل الإعذار والإنذار معاً، وليس مقصوراً على أحدهما فقط، دون الآخر[14]. ولعل ما يرجح أنها بمعنى الواو ويقويه ما حُكِي من قراءة إبراهيم التيمي وقتادة للآية بالواو مكان (أو)[15].


ومن الثاني - وهو عطف المرادف أو المؤكّد - قوله تعالى: ﴿ فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ﴾ [البقرة: 182]، وقوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 110]، وقوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾ [النساء: 112]، فالراجح هنا - كما يرى ابن مالك وغيره[16] - أن (أو) في هذه الآيات ونحوها بمعنى الواو؛ لأن الإثم هو الجَنَف؛ ولأن ظلم النفس هو من عمل السوء، وكذلك الإثم فهو الخطيئة ذاتها، فلما كانت (أو) مبنية في الأصل على عدم التشريك من جهة، وكان كل من المعطوف والمعطوف عليه بمعنى واحد من جهة ثانية، وكان من المقرر لدى النحاة - من جهة ثالثة - أن عطف الشيء على مرادفه إنما هو من خصائص الواو التي تنفرد بها؛ بدليل قوله تعالى: ﴿ قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ ﴾ [يوسف: 86]، وكذلك قوله تعالى: ﴿ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ﴾ [المائدة: 48] - ترجَّح لأجل كل هذا أن تكون (أو) بمعنى الواو في هذه المواضع.


ومن الثالث - وهو ما تقع فيه (أو) بعد النفي وشبهه - قوله تعالى: ﴿ فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آَثِمًا أَوْ كَفُورًا ﴾ [الإنسان: 24]؛ حيث يرى كثير من النحاة والمفسرين ان (أو) إذا وقعت بعد النفي وشبهه صارت في معنى الواو[17]، وصار الحكم المتعلق بطرفيها متسلّطاً على كلّ واحد منهما، وانصرف إلى كلّ من المعطوف والمعطوف عليه، سواء على سبيل الإفراد أو المعية والمصاحبة، ولمّا كان كل ذلك مراداً في الآية الكريمة ومقصوداً؛ إذ لا يعقل غيره - عُدِل عن الواو إلى (أو)؛ منعاً لتوهم تعليق النفي بالمجموع، لا بكل واحد، أو توهم اقتصاره على الجمع والمصاحبة بين المتعاطفين، دون الإفراد، قال الزركشي: "وإنما دُكِرت (أو) لئلا يتوهم أن النهي عن طاعة من اجتمع فيه الوصفان[18]. فالواقع أن استعمال (أو) في الآية هو أقوى في المعنى وأبلغ في الدلالة على المراد من الواو؛ لأنها تدل على ما تدل عليه الواو وتزيد في أنها تدفع ما قد تحتمله الواو في مثل هذا الموضع ويتنافى مع المعنى المراد في الآية، وهو احتمال تسلط النفي - فقط - على المعية والمصاحبة بين المتعاطفين؛ لأن من المقرر لدى محققي النحاة أن الواو بعد النفي وشبهه لا تكون نصاً في الدلالة على نفي كل واحد من المتعاطفين؛ إذ قد تحتمل أن يكون النفي متسلطاً على أحدهما دون الآخر، وذلك من جهة أنها تحتمل تسلط النفي على المعية أو المصاحبة فقط دون غيرها، أي: تعلقه بالمجموع، لا بكل واحد[19].


ونظير ذلك قوله تعالى: ﴿ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ﴾ [الأنعام: 146]، وقوله تعالى: ﴿ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ ﴾ [النور: 31]، وكذلك قوله تعالى: ﴿ وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آَبَائِكُمْ ﴾ [النور: 61]؛ حيث ذهب كثير من النحاة والمفسرين إلى أن (أو) في هذه الآيات بمعنى الواو، والتقدير في الأول: أو الحوايا وما اختلط بعظم، وفي الثانية: وآبائهن، وفي الثالثة: وبيوت آبائكم وبيوت أمهاتكم[20].


وبعيداً عن هذه المواضع الثلاثة السابقة فإن ثمة مواضع أخرى كثيرة في القرآن الكريم، قد وردت فيها (أو) وحُمِلت - في بعض التوجيهات - لدى كثير من اللغويين والمفسرين على أنها بمعنى الواو؛ وذلك من حيث قبول المعنى لهذا المسلك فيها وتحملُّه له، ولا يسعنا في هذا المقام الضيق إلا أن نقتصر في النظر على بعضها وأن نناقش ما اشتهر منها وكثر تردُّده. ومنها قوله تعالى: ﴿ فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى ﴾ [آل عمران: 195]؛ فقد أجاز بعضهم أن تكون (أو) في هذه الآية بمعنى الواو، واحتج لذلك أبو حيان ودلّل عليه بقوله: "لأنه لما ذَكَر (عمل عامل) دلّ على العموم، ثم أبدل منه على سبيل التوكيد، وعطف على حد الجزأين ما لا بد منه؛ لأنه لا يؤكد العموم إلا عموم مثله - فلم يكن بد من العطف حتى يفيد المجموعُ من المتعاطفين تأكيدَ العموم، فصار نظير: ما بين ملجم مهره أو سافع[21].


ومثل ذلك في قوله تعالى: ﴿ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا ﴾ [النساء: 135]؛ حيث ذهب بعض النحويين والمفسرين إلى أن (أو) في هذه الآية بمعنى الواو؛ بديل ورود الضمير العائد (بهما) مثنى؛ وذلك على خلاف الأصل في وجوب إفراد الضمير عند العطف بـ(أو)؛ لأنها في الأصل لأحد الشيئين أو الأشياء، كما تقدم. وقد تأول بعضهم الآية على أن المعنى على تقدير: إن يكن الخصمان، ومن ثم عاد الضمير المثنى حملاً على هذا المعنى، كما حملها آخرون على أن (أو) فيها للتفصيل[22].


ومن هذه المواضع كذلك التي حُمِلت فيها (أو) على أنها بمعنى الواو - قوله تعالى: ﴿ وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ﴾ [الصافات: 147]؛ حيث ذهب بعض النحاة واللغويين إلى أن المعنى في الآية على تقدير: إلى مائة ألف ويزيدون؛ وذلك دفعاً لِمَا قد يوحي به ظاهر الآية من الشك والتردد؛ إذ يستحيل على الله عز وجل أن يعترضه الشك أو يدخل عليه التردد في شيء من خبره. ورفض آخرون هذا التوجيه وذهبوا إلى أن (أو) في الآية إنما هي على بابها، ثم اختلفوا في معناها، فقال بعضهم: إنها للإبهام على المخاطب مع علم الله تعالى بهم وبعددهم، وقيل: إنها للتفصيل والتنويع، أي أن بعض الناس يقدرهم كذا وبعضهم كذا، وقيل: إنها للشك المصروف إلى الرائي المشاهِد لهم، وذلك على سبيل الحكاية لكلام المخلوقين، والتقدير: وأرسلناه إلى جمع لو رأيتموهم لقلتم أنتم فيهم: هؤلاء مائة أو يزيدون، كما قيل كذلك: إنها للإضراب بمعنى (بل)، إلى غير ذلك من أقوال[23]. ولا يخفى ما تنطوي عليه هذه الأقوال أو بعضها من التكلف الظاهر والتأويل البعيد الذي لا داعي إليه، خاصة في ظل ما حُكِي عن بعضهم من قراءة الآية بالواو مكان (أو)[24]، وهو الأمر الذي يعضّد أن تكون (أو) في هذه الآية بمعنى الواو ويقويه.


وعلى هذا المسلك أيضاً حُمِلت (أو) في قوله تعالى: ﴿ ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ﴾ [البقرة: 74]، وذلك في أحد الوجوه التي تخرجت عليها الآية عند كثير من اللغويين والمفسرين؛ لأنه لما كان ظاهر الآية قد يشعر أو ينبئ بدلالة (أو) على الشك والتردد، وهو مما يستحيل على الله عز وجل ولا يليق به، تأولها بعض العلماء على أكثر من وجه، فقيل: إنها بمعنى الواو، وقيل: إنها للتنويع، بمعنى أن من القلوب ما يشبه الحجارة في القسوة، ومنها ما هو أشد، وقيل: إنها للإبهام على المخاطب وقد علم الله تعالى بها، وقيل: إنها للإضراب بمعنى (بل)، كما قيل كذلك: إنها للشك المصروف إلى المخاطب أو السامع، إلى غير ذلك من أقوال وتوجيهات[25]. والملاحظ على هذه الأقوال أن أكثرها مبني على التأويل ويحتاج إلى التقدير، هذا فضلاً عن أن بعضها يَبْعُد ويضعف من جهة المعنى، ومن ثم فلا نرى مانعاً من حيث المعنى يمنع أن تكون (أو) في الآية بمعنى الواو؛ وذلك تجنباً لهذا التأويل والتقدير المبالغ فيه أحياناً، والذي يتكرر في كثير من الآيات بالأوجه السابقة ذاتها، كما في قوله تعالى: ﴿ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آَبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا ﴾ [البقرة: 200]، وفي قوله تعالى: ﴿ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً ﴾ [النساء: 77].


وكذلك ذهب بعض النحاة والمفسرين - ومنهم أبو عبيدة[26] - إلى أنها بمعنى الواو في قوله تعالى: ﴿ فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ ﴾ [الذاريات: 39]، وقد احتج لهذا المسلك واستدل عليه بثبوت القولين وورودهما جميعاً على لسان فرعون وقومه، كما في قوله تعالى: ﴿ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ ﴾ [الأعراف: 109]، وقوله تعالى: ﴿ قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ ﴾ [الشعراء: 27]. ورفض آخرون هذا التوجيه ورأوا أنْ لا ضرورة تدعو إلى جعل (أو) بمعنى الواو، وإنما هي على بابها من الإبهام على السامع وقد علم فرعون أنه رسول الله حقاً، أو أنها للشك والتردد، بمعنى أن فرعون قد نزّل نفسه منزلة الشاكّ المتردد في أمر موسى - مع معرفته بأنه رسول حقاً - تمويهاً على قومه[27].


كما ذهب جماعة - ومنهم أبو عبيدة[28] أيضاً - إلى أنها بمعنى الواو في قوله تعالى: ﴿ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [سبأ: 27]؛ وذلك منعاً لتوهم ما قد يقتضيه ظاهر الكلام من نسبة الشك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وتردّده في الخبر، وعلى هذا تكون الآية من باب اللف والنشر المرتّب، فيكون قوله تعالى (لعلى هدى) راجعاً لقوله (إنّا)، وقوله (في ضلال) راجعاً لقوله (إياكم)، وذلك على ما يقتضيه العقل ويحكم به المنطق، والتقدير: وإنا لعلى هدى وإياكم في ضلال مبين، فأخبر عن كلِّ بما يناسبه. ورد بعضهم هذا الوجه بناء على أنه لا حاجة ملحة تلجئ إليه، ولا ضرورة تدعو إلى إخراج (أو) عن أصلها، وغنما هي على بابها من الإبهام، وأن هذا الكلام إنما هو جارٍ على ما تستعمله العرب وتتخاطب به في مثل هذا، وذلك إذا لم يُرِد المخبر أن يُبين، وهو عالم بالمعنى، وهذا ما يسميه أهل البيان الاستدراج، وذلك كأن يقول قائل لصاحبه: أحدنا كاذب، وهو يعلم أنه صادق وأن صاحبه كاذب[29].



[1] انظر: الجنى الداني ص 231، ومغني اللبيب عن كتب الأعاريب، لجمال الدين بن هشام، ت: د. مازن المبارك، ومحمد علي حمد الله، دار الفكر للطباعة، والنشر، ط1 - 1998م، ص 79، وما قبلها.

[2] انظر: الجنى الداني ص 229 - 230، والمغني ص 74، وهمع الهوامع للسيوطي، ت: د. عبد الحميد هنداوي، المكتبة التوفيقية - مصر، دون تاريخ، 3/ 204.

[3] شرح الرضي على الكافية، للرضي، ت: يوسف حسن عمر، منشورات جامعة فاريونس - بنغازي، ط 2 - 1996م، 4/ 398.

[4] انظر: الخصائص، لأبي الفتح عثمان بن جني، ت: محمد علي النجار، عالم الكتاب - بيروت، دون تاريخ، 1/ 348، 2/ 465، والبحر المحيط، لأبي حيان الأندلسي، ت: عادل أحمد عبد الموجود والشيخ علي محمد معوض، دار الكتب العلمية - بيروت، ط 1 - 2001م، 3/ 151.

[5] البيت لحميد بن ثور الهلالي الصحابي الجليل، انظر: ديوانه، ت: د. عبدالعزيز الميمني، الدار القومية للطباعة والنشر - القاهرة، 1965م، ص 111. ورواية الديوان: من بين ملحم مهره أو سافع.

[6] البيت: قيل إنه لرجل من النبيت (حي من الأنصار)، وقيل: إنه لأبي ذؤيب الهذلي في لسان العرب: مادة (سوا)، وتاج العروس: مادة (سوو)، والذي في الديوان أنه مأخوذ من بيتين مختلفين، انظر: ديوان الهذليين، بعناية: أحمد الزين، وأحمد زكي العِدوي، دار الكتب المصرية - القاهرة، ط 2 - 1995م، 1/ 107، 108.

[7] البيت مجهول النسبة، انظر: الخصائص 1/ 348، وتاج العروس: (سوو)، ولسان العرب: (سوا).

[8] ومن هنا أجاز مجمع اللغة العربية بالقاهرة بعض الأساليب اللغوية المعاصرة التي تستعمل فيها (أو) بعد (سواء) و(سيان)، نحو قولهم: سواء كذا أو كذا، وسيان كذا أو كذا، ولا خلاف بين هذا أو ذاك؛ وذلك بناء على هذه القرينة التي تسوغ هذا المسلك وتجيزه، ومن منطلق ما روي عن العرب من نصوص شعرية ونثرية تؤيده، وما نصّ عليه بعض أئمة النحاة من أن (أو) قد تجيء لمطلق الجمع. انظر: القرارات المعجمية في الألفاظ والأساليب (من 1934 إلى 1987م)، إعداد ومراجعة: محمد شوقي إبراهيم، وإبراهيم الترزي، مجمع اللغة العربية - القاهرة، الهيئة العامة لشؤون المطابع، 1989م، ص 197. وانظر: لسان العرب: مادة (سوا).

[9] انظر: شرح التسهيل، لابن مالك، ت: د. عبد الرحمن السيد، ود. محمد بدوي المختون، دار هجر للطباعة والنشر، مصر، ط1 - 1990م، 3/ 364 - 365.

[10] انظر: اللباب في علوم الكتاب، لأبي حفص عمر بن علي الدمشقي الحنبلي، تحقيق: الشيخ عادل أحمد عبد الموجود، والشيخ علي محمد معوض، دار الكتب العلمية - بيروت، ط 1 - 1998م، 13/ 398.

[11] وهي قراءة أبي جعفر وشيبة وابن عامر ونافع في رواية قالون، انظر: البحر المحيط 7/ 339.

[12] انظر: الجمل في النحو، المنسوب للخليل بن أحمد الفراهيدي، ت: د. فخر الدين قباوة، مؤسسة الرسالة - بيروت ط 5 - 1995م، ص 307.

[13] انظر: البرهان في علوم القرآن، لبدر الدين الزركشي، ت: محمد ابو الفضل إبراهيم، دار إحياء الكتب العربية، مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركائه - القاهرة، ط 1 - 1957م، 4/ 210.

[14] انظر: تتمة أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن في (جزأين)، للشيخ عطية محمد سالم: طبع على نفقة: محمد بن عوض بن لادن)، ط 2 - 1980م، 1/ 686، واللباب في علوم الكتاب 20/ 63.

[15] انظر: الجامع لأحكام القرآن، لأبي عبد الله شمس الدين القرطبي، ت: هشام سمير البخاري، دار عالم الكتب - الرياض، 2003م، 19/ 156، والبحر المحط 8/ 396، واللباب في علوم الكتاب 20/ 63.

[16] انظر: شرح التسهيل 3/ 365، والبرهان في علوم القرآن 2/ 270.

[17] انظر: شرح التسهيل 3/ 365، ومفاتيح الغيب (التفسير الكبير)، للإمام فخر الدين محمد بن عمر التميمي الرازي، دار الكتب العلمية - بيروت، ط 1 2000م، 9/ 176.

[18] البرهان في علوم القرآن 4/ 212.

[19] انظر: المقتضب للمبرد، ت: محمد عبد الخالق عضيمة، عالم الكتب - بيروت، دون تاريخ، 2/ 134، وشرح الرضي على الكافية 4/ 383، ومغني اللبيب ص 246.

[20] انظر: التبيان في إعراب القرآن، لأبي البقاء العكبري، ت: محمد علي البجاوي، طبعة عيسى البابي الحلبي - مصر، دون تاريخ، 1/ 546، ومفاتيح الغيب للرازي 3/ 118، وشرح التسهيل 3/ 365.

[21] البحر المحيط 3/ 151.

[22] انظر: إعراب القرآن للنحاس 1/ 495، والتبيان في إعراب القرآن 1/ 379، والجامع لأحكام القرآن 5/ 413، والبرهان في علوم القرآن 4/ 40.

[23] انظر: إعراب القرآن للنحاس 3/ 443، والخصائص 2/ 461، والجامع لأحكام القرآن 15/ 132، واللباب في علل البناء والإعراب 1/ 424 - 425، والجنى الداني ص 230، والبحر المحيط 7/ 360.

[24] انظر: الكشاف عن حقائق التنزيل، لأبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري، تحقيق: عبد الرزاق المهدي، دار إحياء التراث العربي - بيروت، دون طبعة أو تاريخ، 4/ 64، والبحر المحيط 7/ 360.

[25] انظر: مفاتيح الغيب للرازي 3/ 118، والجامع لأحكام القرآن 1/ 463، والبحر المحيط 1/ 428، وروح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، للألوسي، دار إحياء التراث العربي - بيروت، دون تاريخ، 1/ 295.

[26] انظر: مجاز القرآن لأبي عبيدة معمر بن المثنى، ت: د. محمد فؤاد سزكين، مكتبة الخانجي بالقاهرة، دون تاريخ، 2/ 227.

[27] انظر: إعراب القرآن للنحاس 4/ 246، والجامع لأحكام القرآن 17/ 50، والبحر المحيط 8/ 139، واللباب في علوم الكتاب 18/ 93، وروح المعاني للألوسي 27/ 15.

[28] انظر: مجاز القرآن 2/ 148.

[29] انظر: الجامع لأحكام القرآن 14/ 298 - 299، والبحر المحيط 7/ 268، واللباب في علوم الكتاب 16/ 59 - 60، وروح المعني للألوسي 22/ 140.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أثر واو العطف في الاستنباطات الفقهية
  • تنبيه الأخيار إلى جواز العطف على الضمير المجرور دون إعادة الجار
  • نيابة (أو) عن حرف العطف (الواو)
  • مجيء (أو) للإضراب بمعنى (بل)
  • نيابة الواو عن حرفي العطف: أو والفاء
  • ألف حرف ولام حرف وميم حرف
  • حرف العطف: الواو
  • حرف العطف: أو
  • حرف العطف: الفاء
  • العطف والصرف كلاهما حرام

مختارات من الشبكة

  • نيابة (ثم) عن حرفي العطف الواو والفاء(مقالة - حضارة الكلمة)
  • نيابة الفاء عن الواو(مقالة - حضارة الكلمة)
  • نيابة الواو عن الفاء(مقالة - حضارة الكلمة)
  • تجاهل كتاب الصف الأول الابتدائي إثراء مد الواو بالواو، وصوت الياء المكسورة وصوت الياء الممدودة بالياء(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • المفعول معه(مقالة - حضارة الكلمة)
  • س و ج على شرح المقدمة الآجرومية (9/ 44)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • جواز الوكالة في الخلع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حرف الواو (نشيد للأطفال)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • قصة حرف الواو للأطفال(مقالة - حضارة الكلمة)
  • تعلم كتابة حرف ( الواو والياء )(كتاب - موقع عرب القرآن)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/11/1446هـ - الساعة: 10:16
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب