• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    مفهوم القرآن في اللغة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    أهل القرآن (قصيدة)
    إبراهيم عبدالعزيز السمري
  •  
    إلى الشباب (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    ويبك (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
  •  
    الفعل الدال على الزمن الماضي
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    أقسام النحو
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    نكتب المنثور (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / أدبنا / دراسات ومقالات نقدية وحوارات أدبية
علامة باركود

الصورة الكلية عند الصحابي الشاعر حميد بن ثور الهلالي

الصورة الكلية عند الصحابي الشاعر حميد بن ثور الهلالي
د. ياسر عبدالحسيب رضوان

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 24/1/2014 ميلادي - 22/3/1435 هجري

الزيارات: 79168

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الصورة الكلية عند الصحابي الشاعر

حُمَيد بن ثَور الهَلالي

 

مدخل:

1- الشاعِر:

يَنتمي حُمَيد بن ثور الهلالي الصحابي الشاعر شعريًّا إلى مرحلة الخضرمة الأولى؛ الجاهلية / الإسلام؛ حيث عاش في عصر الجاهلية ما يقرُب من عقدَين من الزمان، وأسلمَ مع الوفود التي وفدت على النبي صلى الله عليه وسلم بعد غزوة حُنَين، وتوفِّيَ على الأرجح في عهد الخليفة الأموي الوليد بن عبدالملك بن مروان[1]، بينما يَنتمي مكانًا إلى قبيلة بني عامر، هذه القبيلة العربية التي كانت تَسكُن وسط منطقة نجد، وكانت هذه القبيلة مُشتهِرةً بالشعراء الأعلام الفُحول، بل ذهب بعض الباحثين إلى أن شعراء بني عامر كانوا في الصدارة من بين القبائل العربية؛ من حيث عدد الشعراء الذين تنوَّعوا ما بين الشعراء القادة والشعراء الفرسان وشعراء الغزل[2]، وهذه الصدارة في واقع الأمر تجعلنا لا نستبعد أن يكون حُمَيد بن ثور الهلالي من فحول شعراء العربية؛ فقد عدَّه ابن سلام الجمحي من شعراء الطبقة الرابعة من طبقات فحول الإسلام مع كلٍّ مِن نهشل بن حَرِّيٍّ، والأشهَب بن رُمَيلة، وعُمَر بن لجأ التَّيمي[3].

 

وقد تناول حُمَيد في شِعره: الوصْف والغزل والمدح والهجاء والفخر والحِكمة، والشكوى، وهي المَوضوعات الشعرية المُتداوَلة عند شُعراء العربية منذ العصر الجاهلي، على أن موضوعات شعر حُمَيد السابقة كانت مُتفاوِتة فيما بينها من حيث سعة المساحة الشعرية التي شغلتها بعض الموضوعات في ديوانه الشِّعري، ويَبدو أن الموضوع الغالب على شِعره هو الوصْف، وقد اشتُهر حُمَيد بوصْف الناقة، وركَّز كثيرًا على فكرة الصراع بين الناقة والجمل، وربما من أجل ذلك أُطلق عليه لقب حُمَيد الجمَّال، وحُمَيد الجِمَالات، والحقيقة أن الناقة في شِعره كانت مِحوَرًا بارزًا؛ حيث قدَّمها في لوحات شعرية سوف نقف عندها في بحثنا هذا.

 

2- الصورة الكُلية:

تُباين الصورة الشعرية الكلية نظيرتَها الصورة الجزئية من حيث إنَّ هذه الصورة الكلية تكون "أشبه بلوحة كبيرة تضمُّ داخلها صورًا صغيرة لا تستقلُّ بنفسها، ولكنها تكون جزئيات هذه اللوحة الكبرى[4]، وهي عادة ما تتكون من عدة أبيات شِعرية، أو قصيدة كاملة تَدور في جملتها حول موضوع واحد، وحالة وجدانية تؤول في أصلها إلى مشاعر وأحاسيس ثابتة واحدة، ممَّا يَسِمُ القصيدة آنئذ بسمْتِ الوحدة العضوية؛ لأن الصورة الكلية تعدُّ عاملاً من عوامل الوحدة العضوية التي تجعل من القصيدة كيانًا واحدًا.

 

لقد تجسدت الوحدة العضوية عند حُمَيد بن ثور في نمط من أنماط الصورة الكلية، هو الصورة القصصية ذات الإيحاء الرمزي الذي يلمِّح إلى ما وراء التصوير من دلالات وإيحاءات يعمد المُبدِع إلى تجسيدها من خلال هذا الأسلوب القصصي المُظهِر للوحدة العضوية خاصة في الشعر الوجداني[5].

 

وربما تعدَّدت الصور الكلية في القصيدة الواحدة، ولا يغضُّ ذلك من ظهور الوحدة العضوية فيها؛ ذلك أن هذا التعدد قد يَنطلِق من شعور ذاتي واحد آثر الشاعر أن يُعبِّر عنه بأكثر من صورة كلية، وقد كان لمثْل هذا التعدُّد في الصور الكلية عند حُمَيد حضوره في بعض قصائده، ومع ذلك فهو لا يَنفي وجود الوحدة العضوية التي تربط القصيدة كلها برباط وجداني واحد ألحَّ الشاعر على إبرازه بأكثر من صورة، كان أبرزها حضورًا الصورة الكلية القصصية؛ إذ كان الأسلوب القصصي أبرز مظاهر تميُّز حُمَيد وفنه الشعري[6]، وإلى جانبها كان هناك نمط من التصوير الكلي هو الصورة الكلية الوصفية التي يقوم فيها الشاعر بوصف موضوع الصورة وصفًا خارجيًّا، أو داخليًّا يُحاوِل فيه أن يستجلي موضع الصورة من خلال الوصف الذي يُعدُّ "نزعة فطرية ملازمة لطبيعة الذات الإنسانية، بها يكتشف الإنسان العالم"[7]، وهي تلي سابقتها حضورًا في شِعر حُمَيد، وقد آثرتُ دراسة الصورة الكلية بنمطَيها؛ قصصية، ووصفية، دراسةً موضوعية مع الإشارة إلى نمط الصورة عند تحليلها؛ وذلك بسبب التداخل بينهما - موضوعيًّا - إذ نجد صورة المرأة - مثلاً - مرسومة من خلال الأسلوب القصصي والوصفي.

 

أولاً: صورة المرأة:

مثلت المرأة مِحوَرًا بارزًا من المَحاور الفنية التي ارتكزت عليها التجربة الشعرية عند حُمَيد بن ثور، شأنه في ذلك شأن غيره مِن الشُّعراء الذين اهتموا بالمرأة، وخاصة الجاهليِّين الذين اهتموا بالمرأة اهتمامًا شديدًا يكاد يَصِل بها إلى شيء من التقديس المرتبط بالمُعتقَد، ومما يؤكد ذلك كثرة تشبيهِهم المرأة بالشمس والغزالة والمَهاة[8]، وهي وإن كانت صورًا جزئية لا تتعدَّى البيت أو الجزء من البيت، فإن تكرارها عند عدد كبير من الشعراء الجاهليِّين مما يلفت النظر إلى ذلك الحضور البارز للمرأة في شِعرهم، وذلك من الأمور البدهية؛ فالمرأة كانت مُلهِمة الشاعر ومحبوبته التي يَبذُل في سبيل إرضائها كل غالٍ ثمين.

 

اتَّخذ تصوير حُمَيد للمرأة نمطَين من أنماط الصورة الكلية؛ أولهما: الصورة القصصية التي تُحيل إلى عدد من الرموز والإيحاءات التي يُمكن تعليلها في ضوء التجربة الشعرية التي مرَّ بها، والتي تَرتبِط بموضوع الغزل بصورة أو بأخرى، فقد تفوَّق الموضوع الغزلي على غيره من الموضوعات الأخرى، وأما النمط الثاني فهو الصورة الوصفية التي تهتمُّ بالأوصاف الظاهرية أو المعنوية للمرأة الموصوفة، سواء أكان السياق غزليًّا أم غير غزلي.

 

بدت المرأة في الصورة القصصية المِحوَر أو المركز الذي ارتكزت عليه أحداث القصيدة القصصية، من ذلك لاميَّته التي يُديرها بعناية فائقة حول امرأة تُمثِّل الشخصية المِحوَرية، وما حولها من شخوص إنما يوظِّفها لتفعيل دورها في رسم ملامح الشخصية المِحوَرية ودورها، هذه المرأة التي لم يرِد لها اسم بعينها، ولا زمان أو مكان يحدُّها.

 

يبدأ الشاعر القصيدة بداية تنمُّ عن أهمية ما وراءها، وذلك من خلال أسلوب القسم المؤكِّد للمُقسم عليه[9]:

حَلَفْتُ بِرَبِّ الرَّاقِصَاتِ إِلَى مِنىً
زَفِيفًا ورَبِّ الْوَاقِفِينَ عَلَى الْحَبْلِ
لَوَ انَّ لِيَ الدُّنْيَا وَمَا عُدِلَتْ بِهِ
وَجُمْلٌ لِغَيْرِي مَا أَرَدْتُ سِوَى جُمْلِ
أَتَهْجُرُ جُمْلاً أَمْ تُلِمُّ عَلَى جُمْلِ
وَجُمْلٌ عَيُوفُ الرَّيْقِ جَاذِبَةُ الْوَصْل

 

البداية أو المقدمة تنمُّ عن تجربة عاطفية صادقة، يُنفق الشاعر جهده اللغوي والبلاغي على تأكيدها بما لا يدع مجالاً لشكِّ مُتشكِّك في صدق ما يَشعُر به من عاطفة نحو تلك المرأة؛ إذ يبدأ القصيدة بفعل القسم المُسنَد إلى ضمير المتكلم الذي يُشير إلى أثرة الشاعر بالحديث؛ لأنه يريد أن يكشف عما بنفسه، وإيثاره مادة الحلف على غيرِها من دوال القسَم قد كان بدافع من رغبته في التأكيد على أن علاقته بهذه المرأة إنما هي علاقة مُتبادَلة، فمادة الحلف تستدعي معاني الحليف والمُحالف، وكلتاهما تؤكد على توحد الأمر والمصير بين طرفين يربطهما الوفاء[10]، وجاء المقسَم به "رب" بدلالتها على الربوبية المالكة والعارفة خبايا ما تَملِك، لتدلَّ على صدق ما يقوله، بل قُدسيَّة وشرف المُقسَم عليه جواب القسم؛ لكنه يَستدعي جوًّا من القداسة الدينية في رحلة لا يقوم بها إلا كل مُشتاق، إنه مشهد الإبل الراقصات في طريق تأدية مناسك الحج؛ حيث يقف الحجيج على الجبل يُناجون ربهم، وتتأخَّر جملة الجواب إلى البيت الثاني لتخلي المساحة الكلامية لتلك الدلالة التي ينتجها جوُّ الحج، وليأتي التأكيد على عدم ارتضاء الشاعر الدنيا كلها عِوَضًا عن محبوبته "جمل" التي يُكرِّر اسمها مُتلذِّذًا به خمس مرات في الأبيات الثلاثة السابقة، هذا الاسم الذي يستدعي بدوره عددًا من المعاني التي تدور في مجملها حول ما يتعلق بجمال المرأة وهيئتها، وهي المعاني التي يريدها الرجل في المرأة[11].

 

ويعود الشاعر ليُمسِك بطرف الحوار مرة أخرى؛ لكي يَقترب من موضوع قصته التي يريد سردها؛ ليُصوِّر حبه لهذه المرأة:

فَوَجْدِي بِجُمْلٍ وَجْدُ شَمْطَاءَ عَالَجَتْ
مِنَ الْعَيْشِ أَزْمَانًا عَلَى مِرَرِ القلِّ
فَعَاشَتْ مُعَنَّاةً بِأَنْزَحِ عِيشَةٍ
تَرَى حَسَنًا أَلاَّ تَموُتَ مِنَ الْهُزْلِ[12]

 

إن أثرة الشاعر الكلام بضمير المُتكلِّم حتى هذه اللحظة دليل على أنه لا يُريد الاختفاء من ساحة القصيدة، إلا لكي يَلفِتنا إلى ما يربطه بالأحداث التي سوف يَسردها فيما بعد بضمير الغائب الذي يلتفت إليه وهو يُوهمنا باختفائه هو، بينما يُحرِّك شخوصه من وراء حجاب، يقصُّ علينا الأشياء التي لا تعرفها شخصياته من مُنطلَق علمه بها، خاصة وأنه الذي صنعها.

 

إنه يحدِّث عن الآخر هذا الحديث الذي يربطه به من خلال توظيف الصورة الجزئية؛ التشبيه البليغ المُتكئ على طرفيْ الإسناد: وجده = وجد شمطاء في صدر البيت الأول - وفي هذه اللحظة يَختفي ضمير المتكلم ليحلَّ محله ضمير الغائب الذي يعني بدْء القص، قصة هذه المرأة الشمطاء البائسة التي مضى بها قِطار العمر، ولم تتزوج حتى هذه اللحظة، ومما يزيدها بؤسًا هذا الفقر المطبق عليها أزمانًا لا تعرف عدتها، وغاية أملها أن تعيش على الكفاف، فلا تموت من الضعف والهزال.

 

ولا يقنع الشاعر القاصُّ بهذا الوصف الذي يلفت المتلقي من خلاله إلى صورتها، وإنما يُفاجئه ببعض المفاجآت القصصية التي تَجذبه إلى النص، وأول هذه المفاجآت: أن تتزوج من رجل كفْءٍ حَليل، برغم فقرها وتقدم سنِّها[13]:

قَضَى رَبُّهَا بَعْلاً لَهَا فَتَزَوَّجَتْ
حَلِيلاً وَمَا كَانَتْ تُؤَمِّلُ مِنْ بَعْلِ

 

وبالرغم من غرابة هذه المفاجأة التي لا شك أنها قد أحدثت تغيُّرًا كبيرًا في حياة المرأة وحالتها النفسية، فإن الشاعر يَتناسى هذه الأمور إيمانًا منه بأن لغة القص الشعري "تَنأى عن الجزئيات والتفاصيل التي تصرف الفكر عن التدبر والاعتبار"[14] ليُتابع مفاجآته التي تعمل على تنمية الحدث القصصي، وإثارة المتلقي، فهو يقطع هذه التفاصيل والأحداث، ويمدُّ في أمل المرأة في الحياة عن طريق مخلوق جديد ينمو في أحشائها، ثم هو يَتغاضى عما وراء هذا المولود الجديد من أثر قلب كيان المرأة وحياتها رأسًا على عقب[15]:

وَعَدَّتْ شُهُورَ الْحَمْلِ حَتَّى إِذَا انْقَضَتْ
وَجَاءَتْ بِخِرْقٍ لا دَنِيءٍ وَلا وَغْلِ
فَهَفَّ إِلَيْهَا الْخِلُّ واجْتَمَعَتْ لَهَا
عُيُونُ الْعُفَاةِ الطَّامِحِينَ إِلَى الْفَضْل

 

لقد انتصر للمرأة على الزمن والفقر والعزوبة والإهمال، وجعلها محطَّ أنظار الطامِحين إلى الفضل، ثم راح من جديد يَتناسى أمرها ليُدير الحوار حول ولدِها الذي تجاوَز مرحلة الطفولة إلى حيث الرجولة، ومن خلال أسلوب القطع والاستئناف، أو الحذف والقفز الزمني فوق التراتُب الزمني الذي يُجسِّد الرغبة في تسريع الحدث القصصي.. يَتناسى الشاعر ما بين فترة الميلاد والرجولة في حياة هذا الابن ليصلَ بالأحداث إلى لحظة التثوير التي تَعترِض حياة المرأة وحياة ولدها الذي صار رجلاً، وأصبح قائد قومِه بعدما أبدى من البطولة ما جعله جديرًا بالقيادة، فهذا فارسٌ غريب يغزو قومه، ويدعو فرسانهم إلى منازلته، فيجيبه هذا الولد/ الرجل ويهزمه ومن معه من الفرسان[16]:

إِذَا رَاكِبٌ تَهْوِي بِهِ شَمَّرِيَّةٌ
غَرِيبٌ سِوَاهُمْ مِنْ أُنَاسٍ وَمِنْ فَضْلِ
فَقَالَ لَهمْ كِيدُوا بِأَلْفَيْ مُقَنَّعٍ
عِظَامٍ طِوَالٍ لا ضِعَافٍ ولاَ عُزْلِ
فَشَكُّوا طَبِيقًا أَصْلَهُمْ ثُمَّ أَسْلَمُوا
بِكَفِّ ابْنِهَا أَمْرَ الْجَمَاعَةِ وَالْفِعْلِ

 

ثم يخطو الشاعر بالحدث القصصي خطوة أخرى في سبيل تنميتِه، والاقتراب به من منطقة الأزمة التي ستؤذن بالنهاية، فيرسم صورة لهذا الفارس القائد، وهو يَخرُج على رأس جيش من قومه ليُقاتل الأعداء، ويثبت بهم في معركة حامية الوطيس، تدور فيها الدائرة على جنده الذين يفرُّون فرار المُنهزِمين، في حين يُحاول هو أن يثبت؛ ليثبت جنده من خلال نبرة فخرية تنم عن شجاعة مستميتة في وقت باتَت الهزيمة فيه أمرًا محتومًا، نبرة تجعل من صوت الفتى الصوت الأوحد في مسرَح القتال، والجنود مُجرَّد مُستمعين لما قاله لهم من قبل حملتموني أمركم - وها هو يقول لهم في هذا المشهد العصيب ما يُثبِّت به أفئدتهم الوجلة، والنهار يطول من بين أعينهم ليَزيدهم وجلاً فوق وجل[17]:

فَلَمَّا الْتَقَى الصَّفَّانِ كَانَ تَطَارُدٌ
وَطَعْنٌ بِهِ أَفوَاهُ مَعْطُوفَةٍ نُجْلِ
نَهَارًا طَوِيلاً ثُمَّ دَارَتْ هَزِيمةٌ
بِأَصْحَابِهِ مِنْ غَيْرِ ضَعْفٍ وَلاخَذْلِ
فَقَالَ لَهُمْ والْخَيْلُ مُدْبِرَةٌ بِهِمْ
وأَعْيُنُهُمْ مِمَّا يَخَافُونَ كَالْقُبْلِ
عَلَى رِسْلِكُمْ إِنِّي سَأحْمِي ذِمَارَكُمْ
وَهَلْ يَمْنَعُ الأَحْسَابَ إِلاَّ فَتًى مِثْلِي

 

ولكن الفتوَّة التي ارتبطت بها فكرة البطولة، وما تَستدعيه من شجاعة واعتداد بالنفس[18]لم تكن حائلاً يقف أمام مصرَع هذا الفارس المعتد بنفسه / فتىً مثلي؛ ففي اللحظة التي شُغل فيها بحماية جنده تأتيه طعنة نافذة يخرُّ على إثرها صريعًا في مشهد درامي بالغ الدلالة على مأساة تَنتظرِها أم غائبة عن مسرح الحدث بيد أنها حاضرة برُوحها المرفرفة حول ابنها، مشهد يظن فيه أتباعه لُقياه مصرعه، فيفرون إلى قومهم يندبونه ممتدحين شجاعته وشدة بأسه[19]:

فَبَيْنَاهُ يَحْمِيهُمْ وَيَعْطِفُ خَلْفَهُمْ
بَصِيرٌ بِعَوْرَاتِ الْفَوَارِسِ وَالرَّجْلِ
هَوَى ثَائِرٌ حَرَّانُ يَعْلَمُ أَنَّه
إِذَا مَا تَوَارَى الْقَوْمُ مُنْقَطِعُ النَّبْلِ
فَلَمْ يَسْتَطِعْ مِنْ نَفْسِه غَيْرَ طَعْنَةٍ
سُوًى فِي ضُلُوعِ الْجَوْفِ نَافِذَةِ الْوَغْلِ
فَخَرَّ وَكرَّتْ خَيْلُهُ يَندُبُونَهُ
وَيُثْنُونَ خَيْرًا فِي الأَبَاعِدِ وَالأَهْلِ

 

لقد كان هذا المشهد بما يَحمله من درامية مؤثِّرة حلقة الوصل إلى صورة المرأة الشمطاء، الذي يُعيدها الشاعر مرة أخرى إلى سياق القصِّ بعدما تناساها طيلة تلك الأبيات، فقد ترَكها في لحظة ارتفعت بها الفرحة برجولة ولدها الوحيد إلى القمَّة، ثم ها هو يُعيدها إلى مسرح الحدث وهي تَستقبِل النبأ الفاجع بمصرَع ولدها، وبين قمة الفرح وقمة الحزن ترسم المفارقة مشهد العقدة الدرامية الكبرى في القصيدة القصصية، إنها وهي المُولَهة بحب ولدها لا تملك من تصرُّف وقد بلَغها خبر الفاجعة إلا أن تعمد إلى سكينها لتذبح نفسها في مشهد دراميٍّ بالغ الأثر، مشهد يُصوِّر طقسًا من طقوس الحزن على الفقيد؛ حيث الانتحار الذي يعني ارتباط حياة الأم بحياة ولدها وجودًا وعدمًا[20]:

فَلَمَّا دَنَوْا لِلْحَيِّ أُسْمِعَ هَاتِفٌ
عَلَى غَفْلَةِ النِّسْوَانِ وَهْيَ عَلَى رَحْلِ
فَقَامَتْ إِلَى مُوسَى لِتَذْبَحَ نَفْسَهَا
وَأَعْجَلَها وَشكُ الرَّزِيئَةِ وَالثُّكلِ[21]

ولكن القدر الذي حباها غير مرَّة بأنعمه لا يريد أن يفقدها حياتها، وهي في غمرة فرحتها؛ إذ أعاد إليها ابنها في مشهد يَجمع مفارقة صارخة بين الموت وموسى تذبَح بها نفسها والحياة التي استمرت مع عودة الابن المثقَل بالجراح:

 

فَمَا بَرِحَتْ حَتَّى أَتَاهَا كَمَا بَدَا
وَرَاجَعَهَا تَكْلِيمَ ذِي حُلُقٍ جَزْلِ[22]

 

تَستوقِف هذه القصيدة القصصية بعناصرها الدرامية الباحث في مُحاولة لاستكناه هذا المَنحى الشِّعري الذي ربما يكون له نظائرُه في الشعر العربي القديم[23] مع ملاحظة صورة المرأة في حالات فرَحِها وترَحِها أمام تقلُّبات الدهر ومفاجآته لها، والعلَّة التي مِن ورائها حكى الشاعر قصتها.

 

لقد فقَد الشاعر محبوبته ووجد بها وجدًا شديدًا ناسبه أن يُقسم على صدقه بهذا القسم المُشعِر بجو القداسة الدينية المصاحبة موكب الحجيج، وذلك في بداية القصة القصيدة على نحو ما مرَّ واستقطاب صورة هذه المرأة لم يكن إلا مُحاولةً منه لإحداث معادلة بين حبه وحب تلك المرأة لولدها، ويَغدو هذا الحب الذي شهد تحوُّلات من القوة والوهن، الفرح والحزن، الأمل واليأس مُعادلاً موضوعيًّا لحبِّه والولد نفسه المعادل الموضوعي لعلاقته بمحبوبته[24]، والقصيدة بهذا البُعد الرمزي من خلال الأسلوب القصصي تلفِت الباحث إلى أمر ذي بال هو أن ذوبان الحدود الفارقة بين الأجناس الأدبية في الشعر العربي لم يكن وليد العصر الحاضر، بل هو قديم قِدَم هذا الشِّعر نفسه؛ فالشعر العربي القديم شأنه شأن أي شعر "يبدأ غنائيًّا مُطلقًا، ثم غنائيًّا مقيدًا بحدث، ثم يَميل إلى الحكاية والحبكة والسرد، والروح القصصي والملحمي، ثم يَقترِب من الدراما عفويًّا، فتتولد فيه جذور تعد النواة الدرامية الأولى"[25].

 

جعل حُمَيد من المرأة الشمطاء صورة نموذجية للمرأة الأم التي قطَّب القدر لها جبينه غير مرَّة، ثم عاد يهشُّ لها في مُفارَقات متوالية بدت فيها رمزًا مثاليًّا للأم التي اقترن إعزازها وتقديسها بتقديسِهم للشمس رمز الأمومة في الديانة العربية القديمة، وفي غيرها من الديانات، وإن اتخذ هذا التقديس صورًا مختلفة نابعة من اختلاف البيئة التي يَنتمي إليها هذا المعتقد أو ذاك[26].

 

وفي قصيدة قصصية أخرى جاءت المرأة فيها مِحوَرية، تتكشف أحداث القصيدة القصصية عن نفسية هذه المرأة التي تبدو بخيلة حريصة، يدخلها الشاعر في صراع غريب مع ذئب جائع لا يجد من طعامٍ سوى ما تملك مِن بهْمٍ وشياه، وهو يُحاور ويداور طورًا، ويَجري طورًا، ويتخفَّى مُتربصًا طورًا آخر في صورة ليست ببعيدة عن الشعر العربي القديم؛ إذ "قد عني شعراء الجاهلية بحركة الذئاب حتى شبَّهوا بها حركة جيادهم، وحتى سموا الذئاب باسم حركتها العُسْل، وصوروها في حلكة الليل وهي تعسل على أطراف الماء تبحث عن فرائسها"[27]، وذلك على نحو ما تظهره القصيدة القصصية التي يبدؤها الشاعر بوصف المكان الفلاة الواسعة التي تدفع الناقة إلى إلقاء ما في رحمها من جنين، أو دم من علقة فحل؛ حتى تُواصِل السير ولا يهلكها الحمل، فهي تضن بنفسها على الهلاك، ولا تضن بما تحمل في رحمها، والفلاة من سعتها لا تستطيع الرياح الشديدة أن تصل إلى نهايتها، وهي مُقفِرة لا ماء فيها، مما يدفع القطاة إلى ترك وليدها كاليتيم الذي جفته المراضيع لتبحث الأم عن ماء تحفظ به حياة الوليد، في صورة مفارقة تمامًا لصورة الناقة؛ يقول الشاعر[28]:

وَأَغْبَرَ يمْسِي الْعِيسُ قَبْلَ تَمَامِهَا
تَهَادَى بِهِ التُّرْبَ الرِّيَاحُ الزَّعَازِعُ
يَظَلُّ بِهِ فَرْخُ الْقَطَاةِ كَأَنّهُ
يَتِيمٌ جَفَتْ عَنْهُ الْمَرَاضِيعُ رَاضِعُ

 

وفي الأبيات الثمانية التالية للبيتين السابقين يتابع الشاعر حديثه عن تلك الفلاة، وحيواناتها من النعامة وولدها، والأمهات من الوحش، والظبية وولدها، والثور، والنوق، يلاحَظ الجمع بين الأم وولدها لما له من دور في قصة المرأة على ما سيأتي؛ حيث تدرك كل أمٍّ مخاطر هذه الفلاة الواسعة، فترشِد ولدها، أو ترعاه بما يَحفظ حياته، ثم ينتقل الشاعر إلى الحديث عن المرأة مستخدمًا ضمير الغائبة الذي يشير إلى إدراكه ومعرفته بكل صغير وكبير في حياة تلك المرأة[29]:

تَرَى رَبَّةُ الْبَهْمِ الْفِرَارَ عَشِيَّةً
إذَا مَا عَدَا فِي بَهْمِهَا وَهْوَ ضَائِعُ
تَلُومُ ولَوْ كَانَ ابْنَهَا قَنِعَتْ بِهِ
إِذَا هَبَّ أَرْوَاحُ الشِّتَاءِ الزَّعَازِعُ
فَقَامَتْ تَعُسُّ سَاعَةً مَا تُطِيقُهَا
مِنَ الدَّهْرِ نَامَتْهَا الْكِلابُ الظَّوَالِعُ


ويتبدى هذا الإدراك لدقائق أمور هذه المرأة لغويًّا في تقديمه جواب الشرط على الفعل والأداة في البيت الأول؛ إذ تهرع إلى فُرارها بضم الفاء[30]؛ هي أولاد الضأن الصغار وواحدها فرير حتى لا ينال الذئب الجائع منها شيئًا، وأخر الأداة وجملة الشرط إلى المِصراع الثاني ليكشف عن طبيعة هذه المرأة، وشدَّة حِرصها على بهمها الذي يفوق حرص الذئب على النَّيل منها، بل ربما لو كان ابنها لكان أهون عليها من فقدان شيء من الشياه، ولذلك لم تنم ليلتها، فقد ظلت ترعى بهمها؛ حفاظًا عليها، خاصة وأنها قد رأت الذئب الأطحل يربض بوضع قوائمه فوق بعضها، وهو يُراعي بهمها أنى تيمَّمت[31]:

يَظَلُّ يُرَاعِي الْخُنْسَ حَيْثُ يَمَّمَتْ
مِنَ الأَرْضِ مَا يَطْلُعْ لَهُ فَهْوَ طَالِعُ
رَأَتْهُ فَشَكَّتْ وَهْوَ أَطْحَلُ مَائِلُ إِلَى
الأرْضِ مَثْنِيٌّ إلَيهِ الأكَارِعُ

 

ثم يتناسى الشاعر أمر هذه المرأة الحذرة مثلما تناسى من قبل أمر المرأة الشمطاء ويركز حديثه على أوصاف الذئب الجائع البعِل الخائف، في صورة وصفية لجُوعه وخوفه وأطرافه التي تعسل، وجريه من مكان إلى آخر، ومكره وحيله ولونه فيقول[32]:

طَوِي الْبَطْنِ إلاَّ مِنْ مَصِيرٍ يَبُلُّهُ
دَمُ الْجَوْفِ أَوْ سُؤْرٌ مِنَ الْحَوْضِ نَاقِعُ
هُوَ الْبَعِلُ الدَّانِي مِنَ النَّاسِ كَالَّذِي
لهُ صُحْبَةٌ وهُوَ الْعَدُوُّ الْمُنَازِعُ
تَرَى طَرَفَيْهِ يَعْسِلانِ كِلاهُمَا
كَمَا اهْتَزَّ عُودُ السَّاسِمِ الْمُتَتَايِعُ
إذا خَافَ جَوْرًا مِنْ عَدُوٍّ رَمَتْ بِهِ
مَخَالِبُهُ وَالْجَانِبُ الْمُتَوَاسِعُ
وَإِنْ بَاتَ وَحْشًا لَيْلَةً لَمْ يَضِقْ بِهَا
ذِرَاعًا وَلَمْ يُصْبِحْ لَهَا وَهْوَ خَاضِعُ
وَيَسْرِي لِسَاعَاتٍ مِنَ الَّليْلِ قَرَّةٍ
يَهَابُ السُّرَى فيهَا الْمَخَاضُ النَّوَازِعُ
إِذَا احْتَلَّ حِضْنَيْ بَلْدَةٍ طُرَّ مِنْهُمَا
لأُخْرَى خَفِيُّ الشَّخْصِ لِلرِّيحِ تَابِعُ
وَإِنْ حَذِرَتْ أَرْضٌ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ
بِغُرَّةِ أُخْرَى طَيِّبُ النَّفْسِ قَانِعُ
يَنَامُ بِإِحْدَى مُقْلَتَيْهِ ويَتَّقِي
بِأُخْرَى الْمَنَايَا فَهْوَ يَقْظَانُ هَاجِعُ

 

بدا الحوار في هذه القصيدة القصصية داخليًّا؛ إذ لم يَبدُ أثر للحوار الخارجي من مادة القول ونحوها، وإنما لأن القصيدة مكاشفة لنفسية تلك المرأة، فلم يُحرِّك الشاعر لسانها بكلمة، وإنما جعل السياق دالاًّ على هذه الحوارية الصامتة في نفسها، وهي تلومها على مجرد التقصير في رعاية بهمها، وهي تحدث نفسها مقارنة بين مكانة ولدها ومكانة بهمها التي يبدو أنها كانت ميالة لهذه الأخيرة؛ ولذلك قدم بين يدي قصته ما يدلُّ على علاقة الأم بولدها في نطاق الحيوان الأعجم، أما هذه المرأة البخيلة فقد كانت لها رؤية أخرى، وقد يكون في الأمر مبالغة من الشاعر المأزوم بقضية البخل والتحريض عليه؛ لذا كان البخل سببًا في مفارقته البائنة زوجته في الصورة الوصفية التي سأشير إليها فيما بعد.

 

وإذا كان الشاعر قد جعل الحوار داخليًّا، ولم يُعطِه مساحة لفظية تشير إليه بوضوح، فإنه عمد إلى تصوير الزمان والمكان بما يخدم الصورة، ويكشف عن خباياها، فمِن المُتيسِّر على المتلقي أن يربط بين سعة الفلاة وطبيعة حياة الذئب والبهم، والمفارقة بين حرص الطيور والحيوانات على أولادها، كما رأينا في موقف القطاة والنعامة، وحرص المرأة على مالها قبالة ولدها، وأما الزمن فقد بدا عند الشاعر عاملاً من عوامل تنمية الأزمة التي تعيشها المرأة؛ لأن زمن الحدث قد كان الليل بكل ما يَستدعيه من معاني الخوف والرهبة والظُّلمة والمَخاطِر والهموم التي لا تجتمِع على صاحبها إلا فيه، والذئب لم يفكِّر في الاعتداء على بهْمِ المرأة إلا فيه، وإذا كان الليل بطبيعته الزمنية قصيرًا، فإن ليلَ تلك المرأة قد كان من الطول بحيث أخذت تُراقب فيه الذئب، وتطعم بهمَها، فلا يَقرب منها؛ بسبب وجود الحركة التي يَخشاها.

 

كانت الصورة السابقة نموذجًا للمرأة الحريصة، أو البخيلة في شِعر حميد، وهناك نماذج أخرى للمرأة بدت فيها سلبية بسبب الأسلوب التصويري الذي لجأ إليه حميد، وهو أسلوب التصوير الكلي الوصفي؛ حيث ينزع الشاعر إلى ذكر مجموعة من الأوصاف الحسية أو المعنوية المُرتبطة بهذه المرأة، ويعدُّ هذا الوصف نوعًا من أنواع التصوير[33]، وقد ارتبطت الصورة الكلية الوصفية عند حُمَيد بفن الهجاء، وكانت إحدى مهجواته زوجته التي لم يكن معها كما يقول الرواة على وفاق، فهو يقدم لها في مُقطَّعة شعرية من أربع أبيات صورة وصفية مال فيها إلى "التصوير الكاريكاتوري الهزلي"[34] يقول حُمَيد[35]:

لَقدْ ظَلَمتْ مِرْآتَهَا ابْنَةُ مَالِكٍ
بِمَا لامَتِ الْمِرْآةَ أَلاَّ تُجَدَّدَا
أَرَتْهَا بِخَدَّيْهَا غُضُونًا كَأَنَّها
مَجَرُّ غُصُونِ الطَّلْحِ صَادَفْنَ فَدْفَدَا
رَأَتْ مَحْجِرًا تَبْغِي الْغَطَارِيفُ غَيْرَهُ
وَفَرْعًا أَبَى إِلاَّ انْحِدَارًا فَأَصْعَدَا
وَأَسْنَانَ سَوْءٍ شَاخِصَاتٍ كَأَنَّهَا
سَوَامُ أُنَاسٍ سَارِحٍ قَدْ تَبَدَّدَا

 

تتضافر الأبيات الأربعة على تقديم لوحة وصفية ساخرة لهذه المرأة، يبدؤها الشاعر مقدمًا المفعول به على الفاعل، ليلفت المتلقي إلى أهمية المتقدم[36] وأن ما وقع عليها من ظلم كان محضَ افتراء من الفاعل ابنة مالك التي تلوم المرآة ظانَّة أن ما لقيته على صفحتها من علامات مقبوحة وشائهة لها، إنما كان من سوء حالة المرآة.

 

والحق أن ليست هذه الصورة الوحيدة التي برزَت فيها المرأة عند حُمَيد في صورة مقبوحة مُنفِّرة، سواء أكان قبحها بسبب صفاتها الشكلية كالذي رأيناه من هجائه زوجته في الأبيات السابقة، أم كان قبحُها بسبب بعض الصفات الخُلُقية التي تَسِمها، وكانت صفة البخل أساسية في هذا الهجاء الذي لقيته المرأة من حُمَيد[37]، كما جمع بين صفة البخل وقلة الحياء في هجائه لامرأة نزل عليها ضيفًا هو وصديق له يُدعى أبا الخشخاش[38] في قصيدة جمَع فيها بين أسلوب القص، وأسلوب الوصف.

 

ويرسم حُمَيد صورة أخرى لامرأة مأزومة نفسيًّا؛ بسبب وضعها الاجتماعي، وهو يميل في رسمها إلى المزج بين الأسلوب الوصفي والأسلوب القصصي، موظِّفًا ما عرف في الأدب القصصي بالفلاش باك، أو الردة الخلفية؛ حيث إنه يرتد من اللحظة الحاضرة إلى حيث الماضي الذي عاشته هذه المرأة[39]:

حَلَفَت بِرَبِّ الرَّاقِصَاتِ ضُحًى
بِفِنَاءِ زِمْزَمَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ
قَسَمًا لَنَا مَا بَاتَ مِنْ أَحَدٍ
مِنِّي عَلَى طَمَعٍ وَلا يَأْسِ
أَمَّا لَيَالِيَ كُنْتُ جَارِيَةً
فَمَشَيْتُ بِالرُّقَبَاءِ والْحَبْسِ
حَتَّى إِذَا مَا الْخِدْرُ أَبْرَزَنِي
نُبِذَ الرِّجَالُ بِزَوْلَةٍ جَلْسِ
وَبِجَارَةٍ شَوْهَاءَ تَرْقُبُنِي
وَحَمًا يَخِرُّ كَمَنْبِذِ الْحِلْسِ

 

 

إن أزمتها قديمة، يؤكِّد قدمها سيطرة أفعال الزمن الماضي، وتحديد المرحلة العمرية جارية؛ حيث القيد وسلب الحرية، والرقابة الصارمة: الأهل في الصِّغَر، والحمو والحماة بعد الزواج، ولم يعد يَلقى من يريدون رؤيتها إلا امرأة ذات فِطنة وذكاء، معهما نفس مأزومة ألقَت بظلال أزمتها على لغتِها الوصفية التي وصفت بها الحمو والحماة التي وصفتها بأنها شوهاء، وهو وصف يستدعي أحد أمرَين، أو كليهما معًا، أما أولهما: فهو تشوه الخِلقة وقبحُها، وأما ثانيهما، فهو حدة البصر[40]، وهو معنى يتفق ودلالة البيت الذي خُتم به المصراع الأول، وأما الحمو فقد وصفته وصفًا منتزعًا من البيئة، حيث حِلْس الناقة أو البرذعة التي لا تُفارق ظهرَها، في إشارة إلى طول الملازمة ودَيمومتها، وهكذا كان الحمو ملازمًا هو الآخر للبيت، ليَزيد من أزمتها بسبب فرض الحراسة الشديدة عليها.

 

ويستعين الشاعر بضمير الغائب، ليبدأ في وصْف هذه المرأة وصفًا شكليًّا يدل على جمال قديم، وقبول حسن، فيقول[41]:

وَبِعَيْنِهَا رَشَأٌ تُرَاقِبُهُ
مُتَكَفِّتُ الأَحْشَاءِ كَالسَّلْسِ
مِنْ وَحْشِ وَجْرَةَ أَوْ ظِبَاْءِ خُلائِلٍ
ضَمَرَتْ عَلَى الأَوْرَاقِ وَالْخَلْسِ
لَيْسَتْ إذَا سَمِنَتْ بِجَابِئَةٍ
عَنْهَا الْعُيُونُ، كَرِيهَةَ الْمَسِّ
مُسْتَأْثِرٍ بِالَّلحْمِ كَاهِلُهَا
وَقْصَاءُ مِنْطَقُهَا عَلَى حِلْسِ

 

 

يَصِفها بروعة المنظر، ولين المسِّ فلا تَنفِر منها العيون، وليست بكثيرة لحم الكاهل، ولا قصيرة العنق، بل إن عنقها من الطول والجمال لَيُشبِه عنق الظبية إذا ما وضعت عليه قلائدها، ولها ثياب طويلة تُغطِّي ما سفل من جسدها، واللافت في هذه الصورة الوصفية أن صاحبتها تُعدُّ - بما جمعت من تلك الصفات - نموذجًا لامرأة مثالية يُشغَف بها الرجال شغفًا ربما يصل بهم في بعض الأحيان إلى حدِّ التقديس أو العبادة، ومما يؤكِّد ذلك الصورة التشبيهية الجزئية التي تجمَع بين المرأة والغزالة والظبية والمهاة، وغيرها مما حفَل به الشعر العربي القديم[42].

 

وبعد فتلك صورة المرأة في شِعر حُمَيد، وقد تفنَّن في رسمها بريشة وصفية نأى فيها عن الإسفاف في الوصف، ولم يتطرَّق إلى ما يتنافى والذوق الشعري، أو العرف الاجتماعي بحيث يمكن تصنيفه بين طبقة شعراء الغزل العذري الذين يكلفون بإظهار العاطفة نحو المرأة التي تتخذ على ألسنتهم هالة قدسية تلمح إلى مكانتها من نفوسهم، ولم تكن أوصافهم المادية مما يشين المرأة أو يَخدش حياءها.

 

افتنَّ حُمَيد كذلك بالأسلوب القصصي وهو يرسم صورة المرأة، وقد مال الأسلوب القصصي إلى التوظيف الرمزي كما ظهَر من قصة العجوز، أو التوظيف الحقيقي الذي اهتم فيه بسرد قصة واقعية لامرأة بخيلة، ويبدو البخل صفة مِحوَريَّة للصفات التي اتخذ منها تكأة لهجاء المرأة، سواء أكانت زوجته أم غيرها، ولذا كثرت النماذج السلبية للمرأة، في حين كان النموذج الإيجابي هو المعادل الموضوعي لعلاقته بمحبوبته "جمل" التي ورَد ذِكرُها غير مرة في شِعره، وليست تعني النماذج المعروضة أن ليس غيرها؛ فقد كانت هناك نماذج أخرى للمرأة وردت في سياقات جزئية، وقد تم التعرض لها في مبحث الصورة الجزئية.

 

لم يهتمَّ حُمَيد كثيرًا بالحوار الخارجي الذي بدا في صورة باهتة؛ للاعتماد على دلالة السياق القصصي، مع الإعلاء من شأن الحوار الداخلي "المونولوج" الذي يَكشِف خبايا نفسية المرأة، خاصة تلك المرأة البخيلة، بينما اهتم بعنصري الزمان والمكان اهتمامًا واضحًا، ففي قصيدة جُمل (أو المرأة الشمطاء) بدا الزمن واضحًا في سطوته على المرأة "الكبَر، والضعف، والفقر، والعوز إلى حليل تأنس إليه"، هذا بالنسبة للشخصية المِحوَرية، أما زمن القص، فبرغم طوله المترتب على طول الحدث المسرود فقد نجح الشاعر في اختصاره ببعض الوسائل الفنية؛ كالحذف والوصول إلى الخلاصة، وقد أدَّيا إلى تسريع السرد، ثم يجعل من الزمن موطنَ قلق وألمٍ وخوف؛ وذلك عندما جعل - في قصيدة المرأة والذئب - زمن الليل طويلاً عليها برغم القصر الطبيعي لزمن الليل.

 

وأما المكان، فقد ارتكز على أمرَين؛ أولهما: الصحراء الواسعة التي كانت مسرحًا للحرب عند المرأة الشمطاء، ومرآةً تكشَّفت على صفحتها الطبيعة الذاتية لبعض الحيوانات، إذا ما وضعت في موقف اختيار بين النفس والولد، وثانيهما: البيت الذي بدا عند المرأة المأزومة، وكأنه قيد جديد أضيفَ إلى ما علق بها من قيود؛ الأهل، والأصهار، والزوج، وقد ترك كل من المكان والزمان أثرهما على الشخصيات التي أدار الشاعر حولها أحداث قصائده.

 

ثانيًا- صورة الناقة:

حظيَت الناقة بمكانة بارزة عند العربي القديم في حلِّه وترحاله، وحربه وسِلمه، وحياته الخاصة أو العامة، وإذا كانت حياة العربي القديم قصة مروية، فإن الناقة تُمثِّل شخصية مِحوَرية فيها، والشعراء كغيرهم في الاهتمام بالناقة اهتمامًا وصل ببعضهم إلى درجة من التقديس والإعزاز دفعت بعضًا من نقاد الأدب إلى تفسير العلاقة بين الشاعر والناقة تفسيرًا أسطوريًّا مرتبطًا ببعض الحيوانات الوهمية وبعض المَظاهر العقدية القديمة، وارتبط بعضها بطبيعة التصوير الفني للناقة، واقترَب بها من الصورة الإنسانية[43]، وأيًّا ما كانت نتائج تلك التفسيرات فإن الحقيقة التي لا يُختلَف فيها أن الناقة كانت مِحوَرًا من مَحاور الشعر العربي القديم.

 

وكان حُمَيد كغيره من الشعراء قد اهتمَّ بالناقة اهتمامًا كبيرًا بدا في ذلك الحيز الكبير الذي شغلته الناقة في بعض قصائده، وربما كان ذلك من أسباب تميُّزه على مَن سبقَه من الشعراء، خاصة أصحاب المعلَّقات، فإذا كان كلٌّ من: طرفة بن العبد، ولبيد بن ربيعة قد تحدَّثا عن الناقة في معلقتَيهما في ثلاثة وثلاثين بيتًا[44]، فإن حُمَيدًا تحدث عنها في ميميته المطولة في خمسة وخمسين بيتًا جاء ثلاثة وثلاثون منها مُجتمعة متوالية في موضع، واثنان عشرون بيتًا متوالية ولكن في موضع آخر، هذا بالإضافة إلى القصائد الأخرى التي تحدَّث فيها عن الناقة، وقد لُوحظ على حديثه عنها أمران: أولهما أن الناقة المذكورة في بعض المواضِع ناقة الآخر وليست ناقته، وثانيهما: أنه في تصويره للناقة استخدم أسلوبي القص والوصف، وجمع بينهما في بعض المواضع، ففي مشهد قصصي طويل يُحدِّث الشاعر عن ناقة الآخر/ المحبوبة المرتحلة مُصورًا التحول الطارئ على صورتها من الضعف والهزال إلى السمن والامتلاء بعدما ظلت ترعى ستة شهور كاملة من جمادى إلى المحرَّم يقول حُمَيد[45]:

أَجِدَّكَ شَاقَتْكَ الْحُمُولُ تَيَمَّمَتْ
هَدَانَيْنِ وَاجْتَابَتْ يَمِينًا يَرَمْرَمَا
عَلَى كُلِّ مَنْسُوجٍ بِيَبْرِينَ كُلِّفَتْ
قُوَى نِسْعَتَيْهِ مَحْزِمًا غَيْرَ َأَهْضَمَا
جِلاَدٌ تَخَاطَتْهَا الرِّعَاءُ فَأُهْمِلَت
وَآلَفْنَ رَجَّافًا جُرَازًا قَلَهْزَمَا
رَعَيْنَ الْمُرَارَ الْجَوْنَ مِنْ كُلِّ مِذْنَبٍ
شُهُورَ جُمَادَى كُلَّهَا وَالْمُحَرَّمَا
إلَى النِّيرِ فَالَّلعْبَاءِ حَتَّى تَبَدَّلَتْ
مَكَانَ رَوَاغِيهَا الصَّرِيفَ الْمُسَدَّمَا
وَحَتَّى تَعَفَّى النِّضْوُ مِنْهَا وَجُرِّدَتْ
حَوَالِبُهَا مِنْ مَرْبَعٍ قَدْ تَجَرَّمَا
وَعَادَ مُدَمَّاهَا كُمَيْتًا، وَشُبِّهَتْ
كُلُومُ الْكُلَى مِنْهَا وِجَارًا مُهَدَّمَا
وَخَاضَتْ بِأَيْدِيهَا النِّطَافَ وَذَعْذَعَتْ
بِأَقْتادِهَا إلاَّ سَرِيحًا مُخَدَّمَا
وَقَدْ عَادَ فِيهَا ذُو السَّفَاسِقِ وَاضِحًا
هِجَانًا كَلَوْنِ الْقُلْبِ وَالْجَوْنِ أَصْحَمَا
تَنَاوَلُ أَطْرَافَ الْحِمَى فَتَنَالُه
وَتَقْصُرُ عَنْ أَوْسَاطِهِ أَنْ تَقَدَّمَا

 

لقد دعا هذا التحول في صورة الناقة من الضعف إلى القوة بعض النقاد إلى اعتباره "التحول" معادلاً شعريًّا لحالة الشاعر المأزوم بقضية الزمن الذي يُطارده ويُلاحقه، مع عقد مقارنات بين حالة الجمل وحالة الشاعر[46]، صحيح أن الشاعر اشتكى الزمن وملاحقته، ولكن صورة التحول هنا في حالة الناقة يُمكن اعتبارها المعادِل الموضوعي للعلاقة بينه وبين محبوبته، وليس لمُلاحقة الزمن؛ لأمرين: أولهما: أن التحول الذي وصفه الشاعر توقَّف عند مرحلة القوة والفتوة، في حين أن الزمن مع الشاعر وصل به إلى حالة من الضعف العام الذي عبر عنه بضعف البصر في قوله الذي صار مضرب المثل في شكاية الهرم وضعف البصر بعد الحدة أيام الشباب، يقول في البيت الرابع من القصيدة[47]:

أَرَى بَصَرِي قَدْ رَابَنِي بَعْدَ حِدَّةٍ
وَحَسْبُكَ دَاءً أَنْ تَصِحَّ وَتَسْلَمَا

 

فلو أننا اعتبرنا التحول المُعادل الشِّعري لملاحقة الزمن فسوف تكون الصورة مبتورة، ولن يكون التوظيف الفني مُكتمِلاً، أما الأمر الثاني فهو أن الشاعر أقام القصيدة كلها بصورها الكلية وغيرها شكاية للقطيعة الحادثة بينه وبين محبوبته، أو لهجرة المحبوبة، وما ترتب عليها من حزن للفراق وما استدعاه من إصابته بالهزال، ومِن ثَمَّ يكون التحول في صورة الناقة مُعادلاً لحالة الضعف التي وصَل إليها الشاعر، والرغبة في وصل العلاقة مرة أخرى مثلما استعادت تلك الناقة قوتها بعدما رعت الشهور الستة المذكورة من قبل، ومما يؤكد ذلك قصة الرجلين اللذين أرسلهما إلى محبوبته المرتحلة راغبًا في وصل الحبل المُنصرِم، وذلك في نهاية هذه القصيدة.

 

إذا كانت النوق في المشهد السابق تُعاني من الهزال، وتَنتصِر عليه في نهاية الأمر، فإن الشاعر يُدخلها في صراع من نوع آخر، صراع مع مجموعة من العذارى رفيقات محبوبته في رحلة الهجران؛ حيث يقمن بمحاولة السيطرة على النوق الفتية، ولكنها تأبى الانقياد لهن مما يدفعهن إلى الاحتيال على جمل قوي من بينها لتستكمل المحبوبة رحلتها على ظهرِه[48]:

فَجَاءَ بِهَا الرَّوَّادُ يَحْجِزُ بَيْنَهَا
سُدًى بَيْنَ قَرْقَارِ الْهَدِيرِ وأَعْجَمَا
وَقَامَتْ إِلَيْهِنَّ الْعَذَارَى فَأُقْدِعَتْ
أَكُفَّ الْعَذَارَى عِزَّةً أَنْ تُخَطَّمَا
فَلَمَّا ارْعَوَى لِلزَّجْرِ كُلُّ مُلَبَّثٍ
كَصَدْرِ الصَّفَا يَتْلُو جِرَانًا مُلَدَّمَا
إِذَا عِزَّةُ النَّفْسِ الَّتِي ظَلَّ يَتَّقي
بِهَا حَبْلَهُ لَمْ تُنْسِهِ مَا تَعَلَّمَا
فَلَمَّا أَتَتْهُ أنْشَبَتْ فِي خِشَاشِهِ
زِمَامًا كَثُعْبَانِ الْحَمَاطَةِ أَرْثَمَا
شَدِيدٌ تَوَقِّيهِ الزِّمَامَ كَأَنَّمَا
يُرَاهَا أَعَضَّتْ بِالْخَشَاشَةِ أَرْقَمَا

 

فالأبيات تُصوِّر هذا الصراع القائم بين النوق والرواد الذين ينجحون في التفرقة بينها؛ حتى لا يهلك القويُّ الضعيف، وثَمَّ صراع آخر مع العذارى وهن يُحاولن وضع الخطم في آنافها، فتأبى الإبل عليهنَّ ذلك، وتكف أيديهن عن تمام المحاولة، مما يدفعهن إلى تخير جمل قويٍّ من بينها ليكون راحلة صاحبتهنَّ ولم يكن بأقل من النوق عزة نفس، ولكنها عزة لم تنسِه حُسن الانقياد لهنَّ، برغم شدة توقيه الزمام الذي تخيله ثعبان الحماطة الشديد العداء لها، وبرغم شدة هذا الصراع، والمعاناة التي لقيها الطرفان المتصارعان يَكشِف عن نجاح المهمة التي تدور في إطار إرضاء الصاحبة بإعداد راحلتها، وكأن هذا الصراع، وهذا الإصرار صورة مما في نفس الشاعر من رغبة في الوصول إلى هذه المرأة سيدة الرحلة مهما كلفه ذلك من عنَت ومشقَّة، فهو يملك من الأمل ما يدفعه إلى خوض مخاطر الوصول إليها.

 

ويترك الشاعر - إلى حين - هذا المشهد القصصي، ويفيء إلى مشهد وصفيٍّ يتعشقه؛ إذ يأخذ في وصف هذا الجمل أوصافًا شكلية تشير إلى بعض الصفات النفسية التي تبدَّت من قبل في الشعور بالعزة عند النوق جميعًا، وعند ذلك الجمل الذي انقاد مؤخرًا لزمام النسوة[49]:

وَقَرَّبْنَ مُقْوَرًّا كَأَنَّ وَضِينَهُ
بنِيقٍ إِذَا مَا رَامَهُ الْغُفْرُ أَحْجَمَا
صِلَخْدًا لَوَ انَّ الْجِنَّ تَعْزِفُ حَوْلَه
وَضَرْبَ الْمُغَنِّي دُفَّهُ مَا تَرَمْرَمَا
رَعَى الْقَسْوَرَ الْجَوْنِيَّ مِنْ حَوْلِ أَشْمُسٍ
وَمِنْ بَطْنِ سَقْمَانِ الدِّعَاعِ الْمُدَيَّمَا
تَرَاهُ إِذَا اسْتَدْبَرْتَهُ مُدْمَجَ الْقَرَا
وَفَعْمًا إِذَا أَقْبَلْتَهُ الْعَيْنَ سَلْجَمَا
بَعِيرُ حَيًا جَاءَتْ بِهِ أَرْحَبِيَّةٌ
أَطَالَ بِهِ عَامَ النِّتَاجِ وأَعْظَمَا
ضُبَارِمُ طَيِّ الْحَاجِبَيْنِ إِذَا غَدَا
عَلَى الأُكْمِ وَلاَّهَا حِذَاءً عَثَمْثَمَا

 

 

لقد نجَح الشاعر في سرد الصفات الشكلية التي تُعين على رسم صورة هذا الجمل الفتيِّ الذي تم اختياره ليكون مطية المرأة في رحلتها، فهو ضخم سمين كأنه الجبل، وقد ولد عام الخصب والنتاج لناقة أمٍّ تُنسب إلى بني الأرحب المشهورين بنجابة إبلهم؛ ولذا جاء الجمل طويل الظهر عظيمًا ممتلئ اللحم، وهذه القوة المتبدية في بنيان الجمل هي التي جعلت من الصعوبة بمكانٍ السيطرة عليه، إلا بالاحتيال الذي لجأت إليه الفتيات عندما وضعن في أنفه الزمام الذي يُشبه ثعبان الحماطة.

 

ويقص الشاعر في مشهد وصفيّ المعاناة التي لقيتها المرأة في ركوب هذا الجمل الضخم الفتيِّ، ولولا تدخُّل الفتيات ومساعدتهنَّ لها على الركوب ما استطاعت إليه سبيلاً، إذ يبدو أن الجمل كان من الضخامة بحيث لم تستطِع ارتقاءه وقد برك على الأرض، يقول الشاعر بعدما دعت الفتيات سيدتهنَّ لركوب الجمل مع مدِّ يد العون:

فَمَا رَكِبَتْ حَتَّى تَطَاوَلَ يَوْمُهَا
وَكَانَتْ لَهَا الأيْدِي إلَى الْخِدْرِ سُلَّمَا
وَمَا دَخَلَتْ في الْخِدْرِ حَتَّى تَنَقَّضَتْ
مَآسِرُ أَعْلَى قِدِّهِ فَتَحَطَّمَا
فَجَرْجَرَ لَمَّا صَارَ في الْخِدْرِ نِصْفُهَا
وَنِصْفٌ عَلَى دَأْيَاتِهِ مَا تَجَزَّمَا
سَرَاةَ الضُّحَى مَا رِمْنَ حَتَّى تَفَصَّدَتْ
جِبَاهُ الْعَذَارَى زَعْفَرَانًا وَعَنْدَمَا
وَمَا كَادَ لَمَّا أَنْ عَلَتْهُ يُقِلُّهَا
بِنَهْضَتهِ حَتَّى اكْلأزَّ وأَعْصَمَا
وَحَتَّى تَدَاعَتْ بِالنَّقِيضِ حِبالُهُ
وَهَمَّتْ بَوَاني زَوْرِهِ أنْ تَحَطَّمَا
وَأَثَّرَ في صُمِّ الصَّفَا ثَفِنَاتُهُ
وَرَامَ بِلَمَّا أَمْرَهُ ثُمَّ صَمَّما[50]

 

 

فتطاول اليوم فيه إيحاء بطول المدة التي استغرقتها عملية الركوب التي ساهم في إنجازها الفتيات المصاحبات للمرأة في رحلتها؛ حيث كانت أيديهنَّ للمرأة أشبه بسلم تصعده لتصلَ إلى هودجها، ولهذا التشبيه إحدى دلالتين؛ إما أن تكون المرأة من القصر بصورة كانت فيها بحاجة إلى عون صويحباتها، وإما أن الناقة كانت من الضخامة بحيث لم تستطع المرأة أن ترتقيها بالاعتماد على نفسها دون مَن معها، وضخامة الناقة هي الدلالة التي تسبَّبت في تلك المعاناة؛ لأن الشاعر عبر عن ضخامتها وطولها حتى إنها أشبهَت السفينة والجبل، وهي عندما تبرك تبدو ضخامتها واضحة في عدم قدرة المرأة الطويلة على الإمساك بزمامها[51]، وليس ثَمَّ علاقة طردية بين صورة الجمل وصورة المرأة بحيث يقال: "إنه كلما كانت المرأة ضخمة كان الجمل أعظم قوة، وكلما كانت محاولة الجمل للنهوض كانت المرأة أكثر ضخامة"[52]؛ لأن اللوحة المَرسومة هنا تركز على الصفات الخاصة بناقة الأسفار التي اتخذت وسيلة للرحلة، وهذه الوسيلة كانت جَملاً ذكرًا، وذلك على خلاف ما عرف ناقة الأسفار الأنثى، ومع ذلك فإن تشبيه تلك الناقة بالجمل الذكَر، أو الفحل القوي من الإبل شائع في الشِّعر الجاهلي، وكان تشبيه حُمَيد لها كذلك على نحو ما سأشير فيما بعد - ولكن الملاحَظ على الصورة السابقة أنها كانت لناقة الآخر وليست ناقة الشاعر الذي يرسم لها صورة وصفية في قوله[53]:

وَقُلْتُ لِعَبْدَيَّ اسْعَيا لي بِناقَتِي
فَما لَبِثَا إلاَّ قَلِي لاَ مُجَرَّمَا
دَعَوْتُ جَريرَينِ اسْتَخَفَّا بناقَتي
وَقدْ هَمْهَمَ الْحادي بِهِنَّ ودَوَّمَا
فَجَاءَا بِعَجْلَى وهْيَ حَرْفٌ كأنها
كدأريَّةٌ خَافَتْ أظافيرَ عُرَّمَا
دَعَوْتُ بِعَجْلَى فَاعْتَلَتْنِي صَبَابَةٌ
وَقَدْ طَلَعَ النَّجْدَيْنِ أَحْدَاجُ مَرْيَمَا
فَجَاءَا بِشَوْشَاةٍ مِزَاقٍ تَرَى بِها
نُدُوبًا مِنَ الأَنْسَاعِ فَذًّا وتَوْءَمَا
وَجَاءَتْ تَبُذُّ الْقَائِدَيْنِ ولمْ تَدعْ
نِعَالَهُما إلاَّ سَريحا مُخَدَّما
تَخَالُ الْحَصَى منْ بيْنِ مَنْسِرِ خُفِّهَا
رُضَاضَ الْحَصَى والْبَهْرَمَانَ الْمُقَصِّمَا

 

فوسيلة الرحلة هنا ناقته الأنثى التي تجمع كل الصفات التي تُناسب ناقة الأسفار؛ من حيث الشدة، والصلابة، كأنها جبل حرف مما يستدعي كل معاني العزة والشموخ، فلا تقنَع بالسير راغمةً بين يدي قائديها، بل تبذهم وتتمزَّق أربطة نعليهما من كثرة الجري خلفَها، فهي سريعة كالقطاة الكدرية، وعندما تَجري يتكسر الحصى تحت خفَّيها ويتفتَّت، وهي عقيم لا تَلِد كالذكر لم تقرأ جنينًا 1.9/253 كما شبَّهها الشاعر بالفنيق من الإبل، وهو الفحل المكرم على أهله فلا يَركبونه ولا يهينونه في قوله[54]:

كَائِنٍ حَسَرْنَا دُونَكُمْ مِنْ طَالِحٍ
رَوْعَاءُ يَنْقُرُهَا الْغُرَابُ الأعْوَرُ
بِسَوَاءِ مَجْمَعَةٍ كَأَنَّ أَمارَةً
مِنْهَا إذاَ بَرَزَتْ فَنِيقٌ يَخْطُرُ

 

ولعلَّ السر في ثبات هذه الأوصاف والصور الجزئية للناقة إنما لتُناسِبَ الرحلة التي سيقوم بها الشاعر بحثًا عن محبوبته، وقد عرضت لهذه الأوصاف في الفصل الثاني، وإن كان الذي أريد الإشارة إليه هنا هو أن الشاعر قد أُغرم بالناقة فتحدَّث عنها حديثًا طويلاً، سواء أكانت ناقته التي ارتبطت به رباط الوفاء الرابط بين الأخلاء[55] أو ناقة الآخر، مع التأكيد على أنه في تناوله لناقة الآخر، أبرزها مأزومة مُتعالية، لا يتمُّ السيطرة عليها إلا بعد الاحتيال، وكانت مع المرأة جملاً ذكرًا في حين كانت معه أنثى، وبالرغم من ذلك فقد داخل بينهما عندما شبَّه ناقته بالجمل الذكر، وجعل للمرأة الجمل.

 

ثالثًا- صورة الحمامة:

كانت السمة الغالبة على استخدام الحمامة في الشعر العربي القديم اقترانها بمَشاهد الحزن والبكاء، وخاصة تلك المتعلقة بكوارث الفقد والحرمان، فقدان المحبوبة بارتحالها، أو زواجها، أو غير ذلك، ولذلك تمَّ الربط بين صورة المرأة وصورة الحمامة، وتمَّ تفسير دلالة الحزن المقترنة بالحمام تفسيرًا عقديًّا أُرجع إلى عهد نبي الله نوح عليه السلام[56]، وربما ارتبطت الحمامة في الصورة التشبيهية الجزئية بالناقة، وذلك عند تشبيه سرعة هذه الأخيرة بسرعة الحمامة، ومن ثمة تكتمل العلاقة بين هذا الثالوث: المرأة، الناقة، الحمامة، فالناقة وسيلة المرأة للرحلة، ووسيلة الرجل للبحث عنها، أو وسيلة تسلية همومه المرتبطة برحلة المحبوبة، والحمامة تحكي هذه الصبوات الغرامية والعلاقات العاطفية بين الرجل والمرأة، وربما كانت الدليلَ على لُقيا الحبيبين، أو بشارة بالتقاء المحبوبة المفقودة بارتحالها عن حبيبها، وذلك على نحو ما ارتبط بها في الأساطير السامية القديمة[57] في توظيف دلالي لقصة الحمامة التي ابتعثَها نوح عليه السلام؛ لتبحث عن مكان يَصلُح مرفأً للسفينة، بعدما خان الغُراب نوحًا ولم يعد إليه عندما ابتعثه بالرسالة عينها[58]، أو يقوم هَديلها الحزين بدور الموسيقى التصويرية المؤازِرة لجوِّ الحزن المسيطر على المحب عند افتقاده مَن يُحبُّ، وبسرعة الحمامة تشبه الناقة، خاصة عندما يجري خلفها المحب أو يبحث عنها في متاهات الصحراء المترامية الأطراف.

 

لم يبتعد حُمَيد في تصويره للحمامة عما ارتبط بها من هذه الدلالات؛ دلالات الفقد والبكاء والحزن، فقد جاءت الحمامة في مشهدَين كبيرين من حيث الدلالة المرتبطة بكلٍّ منهما، في المشهد الأول يتوسَّل الشاعر بالأسلوب القصصي الذي مثَّلت فيه الحمامة دور البطولة؛ حيث ارتكزت حولها الأحداث التي تبدأ من اللحظة التي لعبت فيها الحمامة بالنسبة للشاعر دورَ المُثير الذي حرَّك كوامن الشوق الخبيئة في الذات[59]:

وَمَا هَاجَ هَذَا الشَّوْقَ إِلاَّ حَمَامَةٌ
دَعَتْ سَاقَ حُرٍّ تَرْحَةً وَتَرُنُّما
مِنَ الْوُرْقِ حَمَّاءُ الْعِلاطَيْنِ بَاكَرَتْ
عَسِيبَ أَشَاءٍ مَطْلِعَ الشَّمْسِ أَسْحَمَا
إذَا هزْهَزَتْهُ الرِّيحُ أوْ لَعِبَتْ بِهِ
أَرَنَّتْ عَلَيْهِ مَائِلاً أَوْ مُقَوَّما
تُنَادِي حَمَامَ الْجَلْهَتَيْنِ وتَرْعَوِي
إلَى ابْنِ ثَلاثٍ بَيْنَ عُودَيْنِ أعْجًمًا
مُطَوَّقٍ طَوْقًا لَمْ يَكُنْ عَنْ تَمِيمَةٍ
وَلاَ ضَرْبَ صَوَّاغٍ بِكَفَّيْهِ دِرْهَمَا

 

لقد وظَّف الشاعر أسلوب القصر في البيت الأول من هذه الأبيات؛ لكي يلفتنا منذ اللحظة الأولى إلى ما بينه والحمامة من أوجه للشبه كثيرة، وهو شبه يتخذ من معنى الفقد والحزن أداة للربط بينهما، فهو قد افتقد محبوبته بارتحالها، ويبدو أنه ارتحال الموت إلى غير رجعة عندما تمنَّى أن يحدث صداها صداه بعد الموت 184/276، أما الحمامة فإنها فقدت وليدها الذي ربَّته على عينها، والشاعر عندما يتحدَّث عن علاقة الحمامة بوليدها في هذا الإطار الحزين إنما يرمز بها إلى علاقته بصاحبته؛ فقد جعل من الحمامة "معادلاً موضوعيًّا أمينًا أسقط عليه أو من خلاله كل انفعالاته ومشاعره وعواطفه في عالم الغزل"[60].

 

ولم تكن هذه الصورة الدرامية وحدها التي جمعت بين الشاعر والحمامة في مشهد الفقد المروِّع، وفيه لعبَت الحمامة الثكلى دور المُثير، وإنما نراه يوظف الحمامة التي تنادي إلفها في مقطعة قصيرة أربعة أبيات في مشهد الحضور؛ لكي تثيره في موقف الفقد فتسيل دموعه؛ لأنه لا يستطيع مناجاة من يحب[61]:

إِذَا نَادَى قَرِينَتَهُ حَمَامٌ
جَرَى لصَبابَتِي دَمْعٌ سَفُوحُ
يُرَجِّعُ بِالدُّعَاءِ عَلَى غُصُونٍ
هَتُوفٌ بِالضُّحَى غَرِدٌ فَصِيحُ
هَفَا لِهَدِيلِهِ مِنِّي إِذَا مَا
تَغَرَّدَ سَاجِعًا قَلْبٌ قَرِيحُ
فَقُلْتُ: حَمَامَةٌ تَدْعُو حَمَامًا
وَكُلُّ الْحِبِّ نَزَّاعٌ طَمُوحُ

 

والصورة التي ترسمُها هذه المقطعة تجمع في توازٍ تَصويريين مشهد الحمام الذي يُنادي إلفه / قرينته، ومشهد الشاعر الذي تجري دموعه الغزيرة؛ لما يراه من موقف الحمامة مع إلفها، فتثير شجونه وتقرَح قلبه الذي يهفو لذاك الهديل، ذلك الموقف الدرامي للحمام وإلفه يخلص منه حُمَيد إلى قولته الحكمية في نهاية الأبيات: وكل الحِبِّ نزاع طموح.



[1] د. ياسر عبدالحسيب رضوان: شعر حُميد بن ثور الهلالي دراسة أسلوبية، ص: 171 - ط1/2006م.

[2] د. عبدالرحمن محمد الوصيفي: المستدرك في شعر بني عامر من الجاهلية حتى آخر العصر الأُموي 1/75 - 80، الكتاب رقم 87 من إصدارات نادي المدينة المنورة الأدبي.

[3] الجمحي: محمد بن سلام: طبقات فحول الشعراء - قرأه وشرحه: محمود محمد شاكر 2/ 583- مطبعة المدني 1974م.

[4] الصنعة الفنية في شعر المتنبي؛ د. صلاح عبدالحافظ، ص: 174 /دار المعارف/ ط1/1987 م، وحول مفهوم الصورة الكلية ومجازيتها: كتاب بنية القصيدة الجاهلية، الصورة الشعرية لدى امرئ القيس،؛ د. ريتا عوض ص40 ط1 دار الآداب بيروت 1992م.

[5] النقد الأدبي الحديث؛ د. محمد غنيمي هلال ص 249، دار نهضة مصر، ب ت.

[6] تطور الغزل بين الجاهلية والإسلام،؛ د. شكري فيصل سابق، ص: 250.

[7] الصورة الشِّعرية ونماذجها عند أبي نواس سابق، ص: 23.

[8] حول تقديس الجاهليين للمرأة يُمكن مراجعة: التفسير الأسطوري للشعر القديم؛ د. أحمد كمال زكي، والتفسير الأسطوري للشعر الجاهلي؛ د. إبراهيم عبدالرحمن: مجلة فصول مج1/ ع3 أبريل 1981م، وكتاب الصورة الفنية في الشعر الجاهلي؛ د. نصرت عبدالرحمن، ص: 115، 106، وكتاب الصورة الفنية في الشعر العربي؛ د. علي البطل، ص: 49 وما بعدها.

[9] الديوان، ص: 187، 188.

[10] لسان العرب لابن منظور 9/54 مادة حلف.

[11] انظر دلالات مادة جمل في لسان العرب 11/123.

[12] الديوان، ص: 188.

[13] الديوان، ص: 188.

[14] الأسطورة في الشعر العربي قبل الإسلام سابق، ص: 308.

[15] الديوان، ص: 189.

[16] الديوان الصفحة نفسها.

[17] الديوان، ص: 190.

[18] العناصر القصصية في الشعر الجاهلي؛ د. مي يوسف خليف، ص: 40 دار الثقافة 1988م.

[19] الديوان، ص: 191.

[20] حول طقوس الحزن على الميت عند العرب انظر: الصورة الفنية؛ د. علي البطل، ص: 179، 176.

[21] الديوان، ص: 191.

[22] الديوان، ص: 191.

[23] الصورة الفنية في الشعر العربي؛ د. علي البطل، ص: 178.

[24] حول مفهوم المعادل الموضوعي انظر: شعراء المدرسة الحديثة: م. ل. روزنتال، ترجمة جميل الحسني، ص: 123 - 124 - المكتبة الأهلية بيروت 1963م.

[25] معلقة امرئ القيس وقصائد أخرى: التشكيل الفني وملامح الرؤية؛ د. صلاح رزق، ص: 7 مكتبة الآداب 1997م.

[26] الأصول الدرامية للشعر العربي؛؛ د. جلال الخياط، ص: 57 - دار الرشيد - العراق 1985م.

[27] الصورة الفنية في الشعر الجاهلي؛ د. نصرت عبدالرحمن، ص: 84.

[28] الديوان، ص: 145.

[29] الديوان، ص: 148، 147.

[30] في نسخة الأستاذ الميمني، ص: 103 وفي منتهى الطلب لابن ميمون 7/408 وردت كلمة الفِرار بكسر الفاء، إشارة إلى معنى الهرب، وهي أكثر دقة لدلالتها على المعنى من نفس الكلمة بضم الفاء.

[31] الديوان، ص: 149.

[32] الديوان، ص: 149 – 152.

[33] مدخل إلى علم الأسلوب؛ د. شكري عياد، ص: 46 ط4/1985م جماعة أصدقاء الكتاب.

[34] الصورة الفنية في الشعر العربي؛ د. علي البطل، ص: 68.

[35] الديوان، ص: 71.

[36] وردت كلمة مرآة في نسخة الأستاذ الميمني مرفوعة، ص: 79، ورفعها على الفاعلية مجسِّد لنبرة السخرية المسيطرة على الأبيات، في حين أن الرواية هنا بفتحها على المفعولية، وهو ما يعني انتصار الشاعر للمرآة عندما أوقع عليها الظلم.

[37] انظر الأبيات الأربعة في هجاء زوجته، ص: 74، 73 من الديوان.

[38] انظر القصيدة رقم 16 من الديوان، ص: 55 64.

[39] الديوان، ص: 123 - 124.

[40] لسان العرب 13/509، 508 مادة شوه.

[41] الديوان، ص: 125، 124.

[42] حول هذا المعنى انظر: الشعر الجاهلي قضاياه الموضوعية والفنية؛ د. إبراهيم عبدالرحمن، ص: 344.

[43] حول التفسير الأسطوري لرمز الناقة في الشعر العربي القديم انظر: التفسير الأسطوري للشعر القديم؛ د. أحمد كمال زكي مجلة فصول سابق، ص: 122، 121، الشعر الجاهلي: تفسير أسطوري؛ د. مصطفى الشورى سابق، ص: 102 وما بعدها، الصورة الفنية في الشعر الجاهلي؛ د. نصرت عبدالرحمن سابق، ص: 73 وما بعدها، الصورة الفنية في الشعر العربي؛ د. علي البطل، ص: 122 وما بعدها، الأسطورة في الشعر العربي قبل الإسلام؛ د. أحمد إسماعيل النعيمي، ص: 18 وما بعدها، وانظر: قراءة ثانية لشعرنا القديم؛ د. مصطفى ناصف، ص: 98 - 104 دار الأندلس.

[44] في تاريخ الأدب الجاهلي؛ د. علي الجندي، ص: 306، 296 دار المعارف القاهرة 1984م.

[45] الديوان، ص: 222، 224.

[46] النص الشعري وآليات القراءة؛ د. فوزي عيسى، ص: 49 منشأة المعارف بالإسكندرية 1997م.

[47] الديوان، ص: 218.

[48] الديوان، ص: 225 - 227.

[49] الديوان، ص: 227 - 229.

[50] الديوان، ص: 243 - 245.

[51] انظر البيتين: 38/231، 105/251 من الديوان.

[52] تناول الدكتور علي البطل هذه الأبيات وربط بينها وبين وميل الشعراء إلى وصف المرأة بالخصوبة من خلال المبالغة في تصوير ضخامة جسدها؛ انظر: الصورة الفنية في الشعر العربي 81.

[53] الديوان، ص: 251 - 255.

[54] الديوان، ص: 113.

[55] انظر الأبيات: 24، 34، ص: 172، 169 من الديوان.

[56] حول تفسير غلبة طالع الحزن على الحمام يمكن مراجعة كتاب: الصورة الفنية في الشعر العربي؛ د. علي البطل ص: 60، 61، و: الأسطورة في الشعر العربي قبل الإسلام؛ د. أحمد إسماعيل النعيمي، ص: 201.

57 كان الحمامُ الطائرَ المفضَّلَ لأفروديت ربة الجمال النسوي والعلاقات الجسدية؛ لما له من صبوات غزلية لفتَت نظر الإنسان منذ أقدم العهود، كما كان الدليل المبشِّر بالأرض اليابسة في قصة الطوفان، راجع: الصورة الفنية في الشعر العربي؛ د. علي البطل، ص: 60، 61.

[57] كان الحمامُ الطائرَ المفضَّلَ لأفروديت ربة الجمال النسوي والعلاقات الجسدية؛ لما له من صبوات غزلية لفتَت نظر الإنسان منذ أقدم العهود، كما كان الدليل المبشِّر بالأرض اليابسة في قصة الطوفان، راجع: الصورة الفنية في الشعر العربي؛ د. علي البطل، ص: 60، 61.

[58] انظر: الحيوان؛ للجاحظ 2/321، 3/ 195 - 196.

[59] الديوان، ص: 260 - 262.

[60] أشكال الصراع في القصيدة العربية؛ د. عبدالله التطاوي 1/542 الأنجلو المصرية 1992م.

[61] الديوان، ص: 49.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • (أبو جابر) الصحابي الذي قال له ربه: يا عبدي سل تعط
  • سهيلة بنت ملحان.. الصحابية التي كان صداقها الإسلام
  • الصحابي الذي طلب من ربه الإعفاء من الإمارة فاستجاب له
  • عمرو بن الجموح: الصحابي الذى لقى ربه مبتسما
  • الصحابي الذي أعمل عقله فهداه إلى الإسلام
  • ثابت بن قيس الصحابي الذي قال له المصطفى: أنت من أهل الجنة

مختارات من الشبكة

  • الصورة الشعرية بين الثابت والمتحول في القصيدة العربية (صورة الليل والفرس نموذجا)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • بلاغة السرد .. أو الصورة البلاغية الموسعة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • حجية مرسل الصحابي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الدكتور مالك بن إبراهيم الأحمد في محاضرة بعنوان (عصر الصورة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل العقيل)
  • الصورة الشعرية عند شعراء الصنعة في الجاهلية والإسلام (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • فائدة في قاعدة إبدال الصحابي بصحابي آخر لا يضر الرواية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة وأجمل هيئة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صناعة الصورة باليد مع بيان أحكام التصوير الفوتوغرافي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الفرق بين (السورة) و (الصورة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • في النهي عن وصف الملائكة بقبح الصورة(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- أريد شرح الابيات اذ ممكن
حامد - جده 06-04-2015 05:12 PM

وما هاج هذا الشوق إلاحمامة دعت ساق حر ترحة وترنما
تروح عليه والها ثم تغتدي مولهة تبغي له الدهر مطعما

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب