• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الحال لا بد لها من صاحب
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية النكتة رؤية تداولية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الإعراب لغة واصطلاحا
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    مفهوم القرآن في اللغة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    أهل القرآن (قصيدة)
    إبراهيم عبدالعزيز السمري
  •  
    إلى الشباب (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    ويبك (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي
علامة باركود

القياس العربي والقياس اليوناني في تحليل اللغة البشرية

القياس العربي والقياس اليوناني في تحليل اللغة البشرية
عبدالكريم بن مسعود جيدور

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/1/2013 ميلادي - 16/3/1434 هجري

الزيارات: 20719

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

القياس العربي والقياس اليوناني في تحليل اللغة البشرية

الأسس والمميزات المعرفية والمنهجية


حاولنا في هذا البحث أن نقدِّم مجموعة من الومضات التحليلية حول نوعين من أنواع القياس، التي استعملها علماء اللسان في تحليل اللغات البشرية:

النوع الأول: هو ما نسميه "القياس العربي"، وهو عند النحاة العرب القدامى: "حمل شيء على شيء، على سبيل التناظر، بعد استنباط الجامع بينهما".

والنوع الثاني: هو "القياس اليوناني"، المعروف بالسلوجيسموس، وهو: "قول منطقي مركَّب من ثلاثة أجزاء: القضية الكبرى، والقضية الصغرى، والنتيجة؛ حيث إن القضية الصغرى محتواة في الكبرى، والنتيجة محتواة في كليهما"، والهدف من هذا البحث هو: التعريف بالقياس العربي الأصيل، الذي قلَّ استعماله حتى عند النحاة العرب منذ قرون مديدة، وأصبح القياس اليوناني هو النموذج الوحيد المعمول به.

 

1- نظرة عامة:

كلمة "قياس" في اللغة العربية معناها: التقدير والمساواة[1]، ولم تَرِد هذه المادة في القرآن الكريم. يناظر هذه الكلمة عند الغربيين، وفي البحث العلمي المعاصر عمومًا مصطلح [2] "Analogy" ومعناه عندهم: "الاشتراك بين شيئين في الهيئة العامة" [3] "Features"، بغرض المقارنة بينهما؛ فهو عملية عقلية أساسها تعيين هذه الأشياء المتشابهة التي تجمع بين شيئين - أو أكثر - في المواصفات العامة"[4]، وتنطلق أهميته في البحث العلمي عمومًا، والبحث اللغوي خصوصًا، من كونه أداة مساعدة على فَهم الواقع وإعادة صياغة عناصره وتعريفها، وبما أنه عملية ذهنية، فإن طبيعة الخطوات التحليلية والتركيبية التي يشتمل عليها لها دور حاسم في شكل النتائج المتوصل إليها، وبالتالي محتوى المفاهيم والتصورات التي تصاغ أو يعاد صياغتها.

 

إن الخطوات التي يمر بها القياس - البسيطة أو المركبة - لها أصول ومنطلقات معرفية عميقة، تنطلق من التصور العام الفكري والعقلي، الذي يرى الناس العالم من خلاله، فبالنسبة للقياس في الحضارة العربية التي أنشأها الإسلام كان الأساس المعرفي فيها هو ما نسميه: "التصور المركزي في العالم"[5]، وأهم قانون يرتبط بهذا التصور هو قانون "الأصل والفرع"[6]؛ حيث إن الأصل هو الأول؛ أي: الذي ليس له رتبة على سبيل التعيين والتحديد في العدد، ويتفرَّع على الأصل لوازم؛ لكل منها رتبة محفوظة، ولا بد لها من علامة تميزها عن الأصل وعن باقي الفروع المرتبة، وقد بنى النحاة جلَّ تحليلاتهم على هذا القانون العام الكبير، ونعتقد أنهم لم يخترعوه من عند أنفسهم، وإنما استلهموه من التصور الإسلامي للعالم، كما يدل عليه الوحي، وكما شرحه وعبَّر عنه العلماء الأوائل.

 

وبناءً على ذلك، فإن اللغة عند هؤلاء الأوائل المتقدمين كانت كلها عبارة عن أصول وفروع؛ أي: مجموعة منظمة من الثنائيات المترابطة، لكل أصل فروع، ولكل فرع رُتبة وموضع، وكما يمكن النزول من الأصل إلى الفروع "طرديًّا"[7]؛ فإنه يمكن الصعود من الفروع إلى الأصل "عكسيًّا"، وقد استعملوا هذا النوع الثاني من الحركة التركيبية لتفسير الشواذ عن القياس، ويمكن به أيضًا استنتاج شكل الأصل إذا كان مبهمًا؛ "مثل أن يكون لغة قديمة غابرة، أو لفظًا أميت في الاستعمال".

 

الشكل1: (التصور المركزي Centralisation) يظهر فيه الأصل في نقطة فرضية، وهو ما لا رتبة له، فله الأولية المطلقة ومنزلته الصورية (0)، وتتفرع عليه فروع مرتبة بالزيادة، من الأقل زيادة إلى الأكثر (ف1،ف2،ف3،ف4،ف5،ف6،.......ف(س)).

 

أما القياس في الحضارة الغربية المعاصرة، فهو امتداد للتصور اليوناني[8] القديم، الذي يصور العالم على أنه مجموعة من الدوائر أو المراتب المتداخلة والمتنازعة، تأتي الواحدة منها تحت الأخرى مباشرة، ولا تتحدد هُوِيَّة[9]؛ أي: عنصر في هذا التصور، إلا بمعرفة المستوى أو الفئة التي ينتمي إليها، وهذا ما نسميه "التصور السلمي للعالم"؛ فالسلم هنا هو إشارة إلى الدرجات المتدرجة التي تلي الواحدة منها الأخرى، وكل درجة تحت الأخرى هي مندرجة - أي: داخلة ومحتواة - بالضرورة فيما فوقها، وهكذا حتى يصل التحليل إلى أصغر وحدة ليس تحتها شيء، وهي "الذرة"[10] حسب هذا التصور.

 

لقد استلهم علماء اللسان الغربيون هذا التصور اليوناني، وطبَّقوه في تحليلهم العلمي للغاتهم، وبنَوا على ضوئه نظريات كبيرة، واستفادوا به في اكتشاف عدد كبير من المفاهيم العلمية واللغوية الهامة، وطوَّروا به طريقتهم في القياس؛ حتى أصبح يوصف بأنه منطق الرتبة الأولى [11] "First Order Logic".

 

الشكل2: ( التصور السلمي الاندراجي Inclusion)، وتظهر فيه العلاقة الأساسية وهي الاندراج فكل دائرة أصغر داخلة في دائرة أكبر، ولا تتحدد هُوِيَّتها إلا بمعرفة الفئة أو الدائرة التي تنتمي إليها

 

ومن الناحية المنهجية أيضًا هناك اختلاف أساسي بين القياس العربي والقياس اليوناني؛ فالقياس العربي الذي طبقه النحاة، هو حمل الأشياء على بعضها بغرض بيان التكافؤ بينها في البنية، وينتج عنه كيان اعتباري جديد[12]، يمثل الجامع الذي يوحد بين العناصر اللغوية، ويلحق بعضها إلى بعض في الحكم، ويسمى هذا الناتج بابًا أو أصلاً أوحدًا؛ حيث إن التناظر بين الوحدات تراعى فيه ثلاثة شروط رئيسية؛ وهي:

1- الانتماء إلى نفس المستوى التحليلي.

2- الاشتراك في نفس الترتيب من حيث عدد الوحدات ورتبها المتسلسلة.

3- الاشتراك في هيئة عامة مطردة، وهي مثال أو رسم تدخل تحته تلك الوحدات المتكافئة باعتبار الشروط المذكورة.

 

وبحمل القطع اللغوية بعضها على بعض، يكتشف النحاة هذا المثال الجامع بينها، وهو الذي به يتعادل الحكم، ويستدل به على أن هذه القطع هي من باب واحد.

 

وبناءً على ذلك، فإن الباب النحوي عند النحاة العرب الأوائل هو: هذه "المجموعة المطردة "المتكافئة بالتعميم الرياضي"، من الأحداث، والوقائع اللغوية"[13]، وقد يقابله في اللسانيات المعاصرة مفهوم "Set" أو" bundle"، وبالمقياس الرياضي هو زمرة أو مجموعة ذات بنية "structure de groupe".

 

أما القياس اليوناني، فأساسه قانون الاشتمال، والغرض فيه بيان أجناس الوحدات على سبيل التدرج من الأعلى "العام" إلى الأسفل "الخاص"، وبهذه الطريقة تعرف ذوات الوحدات وتشخص هُوِيَّتها[14]، من خلال تصنيفها في فئات محددة "Classes"، يندرج بعضها تحت بعض على شكل سلالم أو علب متداخلة، والعمدة في هذا التحليل هو مبدأ التقابل السلبي بين الوحدات الذي به تتمايز الوحدات بعضها عن بعض وتتحدد وظائفها.

 

2- الأسس المعرفية للقياسين العربي واليوناني في ميدان البحث اللساني:

2-1- وجهة النظر إلى اللغة:

اللغة عند النحاة العرب الأوائل: هي وضع واستعمال، وهما وجهان غير متماثلين لظاهرة واحدة، وبالتالي لا بد من التمييز بينهما في التحليل، ولا بد من استقلال كل منهما بقوانينه وطرق البحث فيه.

 

أما الوضع، فيمكن أن يقال هو: "مجموعة منسجمة من الدوال والمدلولات ذات بنية عامة ثم بنى جزئية تتدرج فيها"[15]، وبما أنه بنية أو نظام من الدوال؛ فهو صورة أو رسم يضبطه اللغوي ذهنيًّا، وبعبارة النحاة العرب أنفسهم هو: "عقل من نقل"؛ أي: مجموعة من العمليات التنظيمية والتحويرية التي يُجرِيها العقل على مادة الحواس، وينتج عنها مثل ورسوم، أو قوانين كلية تصوِّر الأوضاع والتصرفات الممكنة للوحدات اللغوية كما يؤديها جمهور الناطقين الفصحاء[16]، وهي في مجموعها لسان هذا الجمهور، وأما الاستعمال، فهو: "كيفية إجراء الناطقين لأوضاع لسانهم في واقع الخطاب"[17]، وقد دل الاستقراء والتصفح الواسع لكلام العرب الموثوق بهم إلى ملاحظة هامة، وهي أن هذا الاستعمال لا يلزم أن يطابق الوضع، وأهم من ذلك أن له اعتبارات تحليلية أخرى تخصه.

 

ولاحظ النحاة العرب شيئًا آخر بالغ الأهمية، وهو أن اللغة هي أداء جارٍ لا يتوقف، وأن قوانينه الأدائية لابد أن تأخذ في الحُسبان هذه الميزة الرئيسية؛ ولذلك بنوا تحليلهم على مفهوم آخر عميق جدًّا وهو المجاري، ويقصدون به وضع اللغة في مجراها؛ أي: تحليلها انطلاقًا من الأداء المتداوَل، وليس من الصيغ الافتراضية، أو من نظرة ساكنة، وهذا ما يجعل النظرية العربية في اللغة "نظرية حركية" تأخذ في الحسبان أن اللغة إنتاج واستقبال؛ أي: إن كلا القطبين: المتكلم والمستمع معتبران في التحليل بنفس الأهمية؛ يقول الحاج صالح: "النظرة العربية الخليلية "للغة" هي ... نظرة دينامية يهتم فيها أصحابها بما يجري من الأحداث في حدوث الكلام، ولا تهتم بذوات الوحدات في نفسها؛ ولذلك لا يكتفون بتقطيع الكلام، بل يتجاوزون ذلك إلى كيفية إدراج عناصره في سياق متسلسل"[18].


أما علماء اللسانيات الغربية "المتأثرون بالمنطق اليوناني"، فاللغة عندهم هي نظام من الوحدات المتقابلة سلبيا، وتحليلها هو في الوقت نفسه تقطيع الكلام إلى مكوناته بدلالة هذا التقابل، ويميزون بين اللغة والكلام؛ أي: بين البنية اللسانية "أو اللغوية" باعتبارها صورة أو هيكلاً، وبين سلوك المتكلم واختياره، ومن أجل ذلك رفضوا ما يسمونه "Norma"؛ أي: المعايير التي يدخلها اللغوي على تحليله، وهي من صنيع الباحث، أو من صنيع المحلل هو نفسه، بما أنه يحلل لغة يتكلمها، فيكون هذا المعيار حاصل ارتداد التأمل السلبي الذي يرتد من الباحث إلى الموضوع، واخترعوا ما يسمى "Les Méthodes Descriptives"؛ أي: المنهج الوصفي الذي ينظر في اللغة الناتجة فقط، ولا يهتم إطلاقًا بمنتِج اللغة، ولاحظوا أن النظرة إلى اللغة يجب أن تكون في نقطة زمانية محددة، وبمعنى آخر أن ينظر إلى اللغة بصرف النظر تمامًا عن الاعتبار الزماني؛ لأن الدقة في الوصف والتشخيص لا يمكن أن تجتمع في نفس الوقت مع التطور والانتقال.

 

وبعبارة أخرى، فإن النحاة العرب لهم دائمًا نظرة إجرائية عملية إلى الموضوع؛ ولذلك فهم ينظرون إلى اللغة من خلال مجاريها وتحوُّلاتها؛ أي: عندما تتحقق وحداتها في سياق متسلسل، وهذا جوهر الديناميكا اللغوية، أو ما يطلق عليه بعض الباحثين "النظرة الحركية"، واللغة بهذا المنظور ليست مجموعة من الوحدات المتقابلة في نظام بنيوي فقط، ولكنها بالإضافة إلى ذلك تحقيق وتجسيد لهذا النظام في سياق الكلام والأداء الفعلي، ومن هنا يصبح التمييز الذي خلقه اللسانيون الغربيون بين اللغة والكلام هامشيًّا جدًّا، وغير ذي معنى كبير في التحليل.

 

ومن جهة أخرى، فإن اللغة وَفقًا لهذا المنظور "العربي" هي ظاهرة جماعية أو "اجتماعية"، وتتحدد في ضوء هذا الاعتبار: أولاً بكونها مجموعة منسجمة من الظواهر الأدائية، التي يتفق عليها هذا المجموع، وفي داخل هذا الانسجام هناك معايير جماعية أيضًا تَضبط الصواب والخطأ، والحسن والقبيح، وغير ذلك من مستويات الأداء، التي يمكن لأي ناطق فصيح من هذا المجموع أن يلاحظها، ويمكنه أيضًا أن يوجهها - "أي أن يصححها" - فمجموع هذه المعايير هو مكون أساسي من مكونات اللغة؛ لأنه من إنتاج الجماعة، وليس من إنتاج الفرد، والدليل على ذلك أنه يمكن ضبطها وصياغتها صوريًّا بنفس الطريقة التي تضبط بها الظواهر الأدائية، ولا توجد لغة في الدنيا ليس فيها هذا النوع من المعايير.

 

فنحن إذًا أمام طريقتين مختلفتين في النظر إلى الظاهرة اللغوية:

طريقة ترى اللغة إنتاجًا أدائيًّا "مجموعة من الظواهر الصوتية"، يظهر في الوجود كمجموعة من القوانين الكبرى الكلية "الأصول" تتفرع عليها بطريقة مرتبة قوانين صغرى جزئية "فروع"، والموضوع في هذا المنظور - "أي اللغة نفسها" - هو المنطلق، ولكنه ليس موضوعًا مقدسًا أو معتبرًا لذاته، فبالنسبة للنحاة العرب لم تكن تهمهم اللغة في ذاتها بقدر ما يهمهم كيفية إجرائها واستعمالها من طرف الناطقين، فاللغة هنا هي آلة تتوسط بين الصانع وصناعته؛ أي: بين المتكلم ورسالته، ويترتب على ذلك أن الخطاب والتبليغ هو أعظم وأكبر أهمية من اللغة نفسها؛ لأنه هو الغاية، فدراسة اللغة تكتسب أهميتها القصوى من هذا الوضع الاستثنائي الذي يجعلها أهم واسطة في إقامة التبليغ والتواصل الإنساني، وبالنظر في الدور الكبير الذي يلعبه التبليغ اللغوي في حياة الكائن البشري، تكتسب اللغة في ذاتها والدراسة العلمية المرتبطة بها أكبر مبرراتها إقناعًا، وأكبر العوامل المحفزة على دعمها وتطويرها.

 

أما الطريقة الثانية في النظر، فهي التي لخصها أبو اللسانيات العامة الحديثة - "فرديناند دي سوسير" - حين قال: "يجب أن تدرس اللغة في ذاتها ومن أجل ذاتها"، وإذا حملنا هذه العبارة على معناها الظاهر؛ فإنها ليست سوى تأمل وتمجيد مبالغ فيه للموضوع، وهي بذلك أبعد شيء عن الروح العلمية، وإذا اعتبرنا فيها ما يذكره المؤرِّخون من أنها تلخيص لرد فعل على المناهج التطورية التي أهملت دراسة المادة اللغوية في ذاتها، وأدخلت في التحليل العلمي جوانب منطقية وفلسفية وفيلولوجية، ليست من صميم الموضوع - فإن هذا الموقف سيناسب وجهة نظر واحدة إلى اللغة، وهي النظرة البنوية البحتة[19]، وهذه النظرة ليست النظرة الوحيدة التي يقول بها كل علماء اللسان في العالم، وفي رأينا أن كلام "سوسير"، وتحليله في كتابه أبلغ من هذه العبارة المنسوبة إليه[20].


وفي ضوء هذا التحليل يمكن أن نقول بأن الباحث الذي يتحرى التمحيص ويدافع عن الموضوعية العلمية، لا بد ألا يقدس الموضوع في ذاته ومن أجل ذاته؛ لأن هذا الاعتبار هو نفسه يقلل من الموضوعية المطلوبة بما أنه يدخل في الموضوع ما ليس منه، وأحسن من ذلك أن تنطلق همة الباحث وتحليله الدقيق من الموضوع، دون تقديس أو مواقف تأملية، بالإضافة إلى ما ينتج عن هذا الموضوع في الواقع المتحقق، حتى تكون لعملية البحث أهدافها، وغاياتها الخاصة الجديرة بالاعتبار.

 

2-2- الهدف من التحليل العلمي للغة:

أول شيء قام به العلماء العرب هو الحملة الميدانية الواسعة النطاق "La Grande Mouvement Systématique au Terrain"، لجمع كلام العرب وتدوينه، وفي سياق هذا العمل الأول كان هناك عمل ثان مزامن له، وهو التحليل التصفحي لهذا الكلام، والهدف من هذا العمل الثاني هو تحديد المقاييس العلمية لجمع الكلام؛ أي: بناء الأدوات المنهجية للجمع، وقد انشغل بهذا العمل الهام رجال مخضرمون متعددو المعارف، اشتهر منهم - بشكل خاص - "الإمام أبو عمرو بن العلاء"، كرائد ومؤسِّس لهذا النوع من الدراسات التي تقابل في زماننا ما يعرف باللسانيات الجغرافية، والهدف المعقود على هذه الحملة العلمية الميدانية توفير قاعدة البيانات "Data Base" الضرورية لاستثمارها في الميادين المختلفة التي تحتاجها الدولة التي اتخذت من اللسان العربي لغة رسمية لها، وبالفعل فإن سرعة توفير هذه القاعدة من البيانات يفسر سرعة استثمارها أولاً في مَيدان علم المعاجم، ثم في مَيدان النحو النظري، ثم في مَيدان تعليم العربية، وفي نفس الفترة استعملت هذه القاعدة على نطاق واسع في تأسيس علم التشريع "الفقه الإسلامي"، وعلوم الدستور "علوم القرآن"، وعلوم الأخلاق "علم التربية"، وهذا الهدف هو هدف إستراتيجي تماشيًا مع الغايات الكبرى لوجود الدولة نفسها ولضمان بقائها وازدهارها.

 

وخلاصة القول: إن العلماء "المشتغلين بالبحث العلمي" عبروا عن استجابتهم الطوعية والرسمية لمجموع الأهداف الكبرى للدولة، من خلال توظيف أقصى إمكانياتهم كمتخصصين؛ ولذلك كان هدفهم الوحيد - كعلماء ومختصين في اللغة واللسان العربي - أن يجمعوا كلام العرب، ويدوِّنوا أكبر قدر ممكن منه، مع الاجتهاد في ضبط مقاييس هذا الجمع، وكانت لهذه المقاييس أهداف علمية بحتة أيضًا.

 

نلخصها كما يلي:

1- أنها تعصمهم من تضييع الجهود البدنية، والمادية، والذهنية.

2- أنها تظهر لـ"الخلفاء والولاة والعلماء الآخرين"، وجمهور الأمة صواب عملهم وإتقانه.

3- أنها تجعل العمل التحليلي - "استثمار قاعدة البيانات" - أكثر نجاعة ودقة.

 

وبالفعل، فإن العمل التحليلي الذي طبَّقه العلماء على هذه المدونة، كان دقيقًا وشاملاً، إلى درجة جعلت أغلب المؤرخين القدامى - من غير العرب - يزعمون افتراضًا أن هذا العمل "الذي هو النحو العربي الأصيل"، قد ساهمت فيه - بطريقة مباشرة وغير مباشرة - عناصر خارجية هندية وخاصة يونانية، وبهذا التصور الخيالي المزعوم فقط يمكن أن يرتاح المؤرِّخ الغربي لوجود ظاهرة أو "طفرة" مثل كتاب سيبويه.

 

وكان لهذا التحليل أيضًا أهدافه العلمية البحتة، وهي كما يلي:

1- استنباط القوانين الكلية التي يتألف فيها هذا الكلام، ومجموعها هو اللسان العربي نفسه في صورته وشكله الأدائي، أو هو نظام هذا اللسان، وتكوينه الداخلي العميق بتعبير اللسانيات الحديثة.

 

2- تحديد سلوك المتكلمين ومعاييرهم اللغوية الجماعية، وتصنيفها وصياغتها صياغة علمية، وهذا ما يعرف عندهم بالعلة والتعليل، وهو في نفس الوقت تعليل وتفسير لهذا الجانب من جوانب اللغة، وكذلك تعليل وتفسير للنظرية العلمية المستنبطة من هذه اللغة.

 

3- بناء أدوات المعالجة التحليلية للكلام[21].

 

ويختلف الأمر بالنسبة للسانيين الغربيين؛ لأن الهدف العلمي من المدونة اللغوية عندهم هو الحصول على أكبر قدر ممكن من الكلام الطبيعي، الذي يمثل كلام مجموعة معينة من الناطقين في فترة زمنية محددة وحدود جغرافية محددة، فتكون هذه المدونة هي العينة الملائمة للوصف الموضوعي الخاص بهذا الكلام، فما يسمونه وصفًا هو المنطلق، وهو أيضًا هدف التحليل وغايته، وهذه حلقة مفرغة.


وبعبارة أخرى، فإن الوصف كمنهج - أو كخطوات ومسالك يتبعها الباحث في تحليله للغة - هو شيء مختلف عن النتائج الحاصلة بهذا المنهج نفسه[22].

 

وجمهور اللسانيين الغربيين يسلكون هذا المسلك حين يقولون: "نحن نريد أن نقوم بدراسة وصفية للغة؛ بهدف الوصول إلى وصف شامل ودقيق للغة".

 

نعم هذا شيء حسن، ولكن: ما الهدف العلمي من هذا الوصف الشامل للغة؟!

 

وبعبارة أخرى:

ما الذي يدفع الباحث ويُحفزه على تحمُّل كلفة البحث ومشاقه؛ ليخرج بوصف شامل ودقيق للغة؟

فوصف الشيء على ما هو عليه هو شيء حسن، ولكن: هل هذا هو شغل الباحث وحدود تخصُّصه؟

ألا ينبغي عليه أن يتجاوز مرحلة الوصف والتشخيص البسيط إلى الكشف عن تحولات الظاهرة في أثناء حدوثها، والقوانين العميقة التي تضبط هذه التحولات، وأن يبحث عن العلل والأسباب التي تحدث الظواهر وتفسر مجاريها وتحولاتها، وأن يجتهد في صياغة هذه الأشياء صياغة علمية تمثيلية، يحوِّل فيها المحسوسات إلى مجردات؛ حتى يمكن التعامل معها تحليليًّا واستثمارها على أوسع نطاق؟

 

نحن نعتقد أن النظريات العلمية غير المعللة هي نظريات تفتقر إلى شيء رئيسي جدًّا، وهو الأسس العقلية لقبول المعطيات الحاصلة بالمشاهدة والتصفح؛ لأن العقل العلمي ليس مستقبلاً سلبيًّا يقبل أي وصف يعرض عليه، بل إن أول ما يطالب به هذا العقل هو الأسس والبراهين المنطقية التي نسج في ضوئها هذا الوصف، وعلى أي شيء من المعارف والمعطيات قد بني، وهكذا هو التحرج العلمي، فهو ليس تحكمًا أو تدخلاً في الظواهر - كما يقول الوصفيون والإيجابيون - بل هو آلية تقديرية مهمة جدًّا، ورئيسية في قَبول النظريات العلمية والارتياح إلى نتائجها، وقد أدى هذا التعسف ببعض الباحثين إلى رفض حرية الباحث في الافتراض، بحجة أنه تدخل تحكمي في الظواهر.

 

والذي نريد أن نوضِّحه هنا هو أن الاختلاف بين وجهتي النظر العربية والغربية إلى ظاهرة اللغة، هو اختلاف عميق وجوهري، فهو اختلاف في الأصول المعرفية والفكرية التي انطلق منها هؤلاء وهؤلاء، وقد انعكس هذا الاختلاف في الهدف العلمي المنعقد على الدراسة العلمية للغة، فالنحاة العرب يريدون أن يفهموا كلام الناطقين العرب فَهمًا كليًّا، فالنحو بالنسبة لهم هو: مجموع الأنشطة والعمليات التي يقوم بها النحوي، من أجل أن يعرف على وجه التحديد كيف ينتج الناطق العربي كلامه الذي يخاطب به غيره ويتواصل معهم؟

 

ولم يفترضوا أبدًا أن هذا الكلام عبارة عن مجموعات مركبة أو "جمل"، بل بدؤوا من الصفر، وهو أقل ما ينطق به من الكلام "المفيد" منفردًا، ثم باشروا العمليات العلاجية المختلفة لاختبار هذه المادة في أحوال الوقف والوصل، وأحوالها عندما تُبنى على غيرها وهكذا، وهذا هو النحو عندهم، وهذا هو اختصاصهم.

 

أما علماء اللسانيات الغربيون، فمنطلقهم هو الوصف، وهدفهم هو هذا الوصف نفسه، وهذا هو شغلهم وتخصُّصهم.

 

3- الأسس المنهجية والتطبيقية للقياسين العربي واليوناني في تحليل اللغة البشرية:

نريد أن نوضح أولاً أن القياس العربي الذي نقصده في هذا البحث هو النموذج الاستنباطي "Le Model Abstractif" الذي طوره العلماء العرب الأوائل[23]، وطبقوه عمليًّا في جميع الميادين التي احتاجوا فيها إلى هذا النوع من المعالجة العقلية للأشياء، وخاصة في الفقه والنحو، ويعرفونه بكلمة جامعة مانعة[24]، فيقولون: "هو حمل شيء على شيء لجامع بينهما"؛ فهذا الجامع هو الذي به يتعادل الحكم بين الشيئين، والحمل في تصورهم هو اتباع شيء بشيء أو بعبارتهم: "إلحاق شيء بشيء"، ويقاربه في هذا المعنى مفهوم البناء عند النحويين، عندما يقولون: "إن هذا الشيء مبني على هذا"، وهذا الحمل هو حمل للنظير على النظير؛ أي: بمراعاة مجموعة من الاعتبارات المشتركة، وليس الشبه الخارجي فقط.

 

أما القياس اليوناني المعروف بالسلوجيسموس، فهو النموذج من الاستنتاج "Déduction" الذي صاغه أرسطوطاليس اليوناني، وتابعه فيه كل من جاء بعده، وهو نفس القياس الذي يستعمله اللسانيون الغربيون جميعًا؛ لأنه موروث حضاري بالنسبة لهم، وهم لا يعرفون غيره، وهو عبارة عن محاكمة عقلية تصاغ بالألفاظ هكذا: "هو قول مركب من قضيتين أو أكثر إذا سلم به، لزم عنه لذاته قول آخر"[25].

 

وأساسه المنطقي "تمايز الهُوِيَّات"؛ أي: ذوات الأشياء"، والعملية العقلية الموصلة إليها هو البحث عن احتواء شيء في شيء آخر؛ أي: دخوله واندراجه تحته, فيكون لازمًا له بهذا الاعتبار.

 

وقد طبَّق هذا النموذج من القياس على نطاق عالمي واسع جدًّا، وهو عمليًّا الأشهر والأكثر استعمالاً بين العلماء.

 

أما العملية التطبيقية لهذين النموذجين من القياس في تحليل اللغات البشرية، فيمكن النظر إليها كمراحل متتابعة، وهذا ما سنبينه فيما يلي:

3-1- المنهجية التطبيقية للقياس العربي:

3-1-1- الانطلاق:

من أول ما يفكر فيه النحوي العربي "من النحاة الأوائل"، أن يطرح على نفسه - باعتبار حرفته وصنعته كنحوي - السؤال التالي:

1- ما الشيء الذي ينبغي أن أبدأ منه في تحليل الكلام؟

ج: الكلام الطبيعي والمخاطبات العادية = الكلام المفيد.

 

2- ما الذي يمكن أن ينطلق منه من الكلام المفيد؟

ج: أقل ما ينطق به من الكلام على حدته.

 

وهنا يرجعون إلى المتكلم نفسه، فيطرحون عليه سؤالاً مثل: ما هذا؟

 

فيكون للمتكلمين عدة أجوبة كما يلي:

1- هذا كتاب.

2- هذا الذي في يدي كتاب.

3- كتاب.

4- كتابي.

5- إن هذا كتاب...".

 

فالمنطلق الذي يختارونه حسب المقياس "أقل ما ينطق به منفردًا"، هو القطعة رقم "3- كتاب"، فيسجلون أول وأهم ملاحظة علمية حول هذه القطعة، وهي: أنها وحدة لفظية ووحدة إفادية في نفس الوقت[26].


والدليل عندهم على أنها أقل ما ينطلق منه أنه لا يمكن الوقف على جزءٍ منها عند النطق، بحيث يبقى الكلام مفيدًا؛ ولذلك فهي وحدة لفظية تحد باللفظ وحده من هذه الجهة، ثم إنها كلام مفيد بدليل أنها بمنزلة واحدة عند المتكلم مع وحدات أخرى مركبة كما رأينا: "كتاب = هذا كتاب = إن هذا كتاب...".

 

وهذا دليل أنها وحدة إفادية؛ "أي: تفيد المخاطب شيئًا؛ سواء أكان جديدًا، أم سابقًا".

 

والملاحظة الثانية الهامة أن هذه الوحدة تنفصل وتبتدأ في الوقت نفسه؛ بمعنى أنها تستقل بنفسها في الكلام المحصل، ويمكن أيضًا أن ينطلق منها أو أن يبني عليها غيرها، يسمي النحاة هذا الشيء "الانفراد".

 

3-1-2- الاختبار: " تعريض المادة اللغوية إلى المؤثرات".

عندما يحصل النحاة على القطعة اللغوية المنفردة يعرضونها لما نسميه بالاختبار النحوي للمادة اللغوية[27]؛ وذلك بتطبيق طريقة "الإدخال والإخراج = Input/Output"، فيقومون بحمل هذه القطعة على قطع أخرى بمنزلتها؛ أي: سبق وأن تأكدوا بأنها تنفصل وتبتدئ، فيحصلون على المجموعة التالية من القطع المتكافئة:

الإجراء النحوي

القطعة المحصلة في الكلام

ميزتها النحوية

1

ما هذا؟

# كتاب #

تنفصل وتبتدأ[28]

2

//

# الكتاب #

// //

3

بم تمسك؟

# بالكتاب #

// //

4

//

# بكتاب زيد #

// //

5

ما في يدك؟

# كتاب مفيد #

// //

6

بم تمسك؟

# بكتاب زيد المفيد #

// //

 

3-2-3- الاستنباط: " الحد أو المثال أو الباب".

ثم يقوم النحاة بترتيب هذه العبارات على أساس تفريعي؛ وذلك بتحديد أيها أصل للأخرى؛ فتتبين لهم بهذه الطريقة المواضع المرتبة المحفوظة للعناصر اللغوية، كما يلي:

زيادة تفريعية على اليمين

الأصل:

زيادة تفريعية على اليسار

2

1

0

1

2

3

حروف الجر

(أل) التعريف

اسم العلم المتمكن

علامة الإعراب

التنوين/المضاف

الصفة

1

# Ø

Ø

# كتاب #

Ø

Ø

Ø #

2

# Ø

# الـــــ

ــكتاب #

Ø

Ø

Ø #

3

# بــ

ــالــــ

ــكتاب #

Ø

Ø

Ø #

4

# Ø

Ø

# كتاب

ُ

زيد #

Ø #

5

# Ø

Ø

# كتاب

ُ

(ن) #

Ø #

6

# Ø

Ø

# كتاب

ٌ

زيد

المفيد #

 

قطعة اللغوية المتمكنة = القابلة للزيادة التفريعية المرتبة = اللفظة الاسمية = حد الاسم ومثاله الإجرائي

 

وتتبيَّن الأهمية القصوى لهذا العمل النحوي في هذه النتيجة الجديدة التي تظهر من خلال عمليات الحمل القياسية، فالرسم السابق يمثل ما يسميه النحاة العرب مثالاً، وهو مجموعة من المواضع المرتبة ترتيبًا اعتباريًّا، لكل موضع رُتبة محفوظة، ويختلف محتواه باختلاف الوحدة المحصلة في الكلام، لكنه يحافظ على هذه الرتبة التقديرية باستمرار.

 

ويمكن بهذا المثال الجامع المانع تحليل أي كلام عربي محصل في هذا المستوى من الإفادة، الذي يسمونه اللفظة، وهي: أقل وحدة لفظية مفيدة، فهذه حقًّا عبقرية النحاة العرب، وأساسها العقلي والمنهجي هو حمل الأشياء على بعضها لاستنباط الجامع بينها وهو القياس العربي الأصيل.



[1] يقال: "قاس الشخص الشيء؛ أي: قدر طوله وعرضه"؛ (أشرف طه أبو الدهب، المعجم الإسلامي، دار الشروق - ط1 - ص 458)، وجاء في المعجم الوسيط ما يلي: "قاس الشيء بغيره، وعلى غيره قيسًا وقياسًا: قدره على مثاله، والقياس في اللغة - أي: معناه العام الأصلي في اللغة العربية- : رد الشيء إلى نظيره؛ أي: الذي يكافئه، ويساويه من كل الجهات"؛ مجمع اللغة العربية بالقاهرة، المعجم الوسيط، مكتبة الشروق الدولية، ط4 - 2004م، ص 770.

[2] - وله مقابلات أخرى مرادفة له وأقل استعمالاً؛ وهي: (analogous/analoge/ressemblance/similitude) oxford.38-Larousse64.

[3] أو ( الصفات العامة) و قد اعتمد رومان جاكبسون (أحد مؤسسي المدرسة الفونولوجية و الوظيفية) على هذا المفهوم في تحديد الفونيم، وبالتالي تكون (Features) عندهم هي الصفات الصوتية المميزة التي تتحدد بها هوية الفونيم كأقل وحدة صوتية ذات وظيفة.

[4] هذا تعريف الأكسفورد (المعجم الإنجليزي الرسمي)، وقد جمع معنيين متقاربين لهذا المفهوم، وعبارته كما يلي:

«analogy : 1/a similar feature,condition,state,etc shared by two things that are copared /2/a process of reasoning based on the similar featueres of two things» Oxford Dictionary,2nd Impression,1998,p:38.

[5] التصور المركزي للعالم (La vision Centrale du Monde=La Centralisation).

[6] الأصل والفرع (Le Racine et La Branche).

[7] وهذا هو أصل مفهوم الاطراد عند النحاة، ويقابله بهذا المعنى مفهوم التعميم (Généralisation).

[8] امتداد تاريخي وثقافي، وهذا شيء منطقي وطبيعي، لكن الصياغة العلمية للقياس في الحضارة الغربية المعاصرة تطورت كثيرًا عما كان عليه الأمر عند اليونان القدامى، إلا أن جوهر هذه العملية العقلي والمنهجي بقي واحدًا، وهو البحث في هُوِيَّة الأشياء واندراج بعضها تحت بعض.

[9] مبدأ الهُوِيَّة (Principe d identities).

[10] الذرة (Atom) الوحدة الصغرى المكونة للعالم، ويصح على ذلك أن يسمى هذا التصور بالذري (Atomique).

[11] هذه صفته عند بعض العلماء الغربيين المتحمسين للتراث اليوناني القديم - ومن حقهم أن يكون لهم هذا الحماس - ولكنه ليس النوع الوحيد للقياس؛ يراجع نبيل علي، الثقافة العربية وعصر المعلومات، عالم المعرفة، عدد - يناير، 2001م - ص: 246.

[12] هو عند النحاة المثال، وترجمه صاحب النظرية الخليلية؛ (عبدالرحمن الحاج صالح العالم اللغوي الجزائري الكبير)، (Schème Générateur/ Generator Pattern).

[13] وبالتالي فهو مجموعة (Ensemble) بالمفهوم الرياضي؛ يراجع: الحاج صالح، بحوث ودراسات في علوم اللسان،23.

وقد تداخل هذا المفهوم العربي للباب بالمفهوم اليوناني (الجنس=Genre)، كأحد الكليات المنطقية عند النحاة المتأخرين، تأثرًا بالمنطق والفلسفة اليونانية، والباب بهذا الاعتبار = الجنس، وهو: "النسبة القائمة بين جماعة من الأفراد (العناصر) ترد إلى واحد بوجه من الوجوه"؛ (الحاج صالح، بحوث ودراسات في علوم اللسان، 23).

[14] فالفونيم مثلاً - كأقل وحدة تمييزية من الكلام - ناتج عن التقابل الذي يُجرِيه المحلِّل - الوظيفيون مثل جاكبسون ومارتينيي - بين الصفات المميزة للأصوات، فيكون مجموع العلاقات والنظام الناتج (الفونولوجي) تحقيقًا لهذه الوظيفة؛ أي: إن وظيفة النظام الفونولوجي هو التمييز بين هذه الوحدات الصغرى (الفونيمات)، وعلى الرغم من أن هذا التحليل هو عمل علمي بحت، فإن غايته الأساسية هي الكشف عن ذوات الأشياء، وتشخيصها بالصفات المميزة، التي يسميها جاكبسون (Features)؛ ولذلك فإن جوهره هو مبدأ الهُوِيَّة، ولا يطبَّق فيه إلا القياس اليوناني.

[15] الحاج صالح، بحوث و دراسات في علوم اللسان: 195.

[16] الفصاحة عند النحاة الأوائل لها معنيان:

أولهما: الفصاحة اللغوية، وهي الكلام الصادر عن الناطقين السليقيين، (يقابله إلى حد ما مفهوم الناطقين الأصليين Native Speakers عند أتباع المدرسة التوليدية).

والثاني: هو الفصاحة البلاغية؛ أي: البراعة و الفن في القول.

[17] الحاج صالح، بحوث ودراسات في علوم اللسان، ص: 195.

[18] الحاج صالح، بحوث و دراسات في اللسانيات العربية،1/172.

[19] أو البينوية الصماء (Structuralisme dogmatique)، كما يصفها الأستاذ عبدالرحمن الحاج صالح؛ أي: المتصلبة على آرائها، كأنها عقائد لا تقبل الجدال، وهذا موقف وجد عند عدد من أقطاب البنيوية الأوروبية بالخصوص، ووجد أيضًا عند مَن تابعهم من (البنيويين العرب)، و في أيامنا - مطلع الألفية الثالثة - برد هذا التصلب وخفَّت مبراته كما يقولون؛ وذلك تحت وطأة الضربات القوية التي وجهها إليهم "تشومسكي" أولاً، ومن ثم مجموعة البحوث والدراسات الهامة في مَيدان تحليل الخطاب البشري، كما أن بعض اللسانيين والنقاد العرب قد هاجموا هذا المنهج السكوني، مثل ما فعله الأستاذ الحاج صالح في العديد من مقالاته، والأستاذ عبدالعزيز حمودة في سلسلة (المرايا المحدبة والمقعرة).

[20] لاحظ عدد من الاختصاصيين في اللسانيات أن هذه العبارة هي خلاصة الناشرين (سيشهاي وبالي)، وليست من كلام دي سوسير الحرفي، وعلى الرغم من ذلك، فإنها أمينة إلى حد بعيد في التعبير عن مجمل موقف دي سوسير الناقد للمنهج العلمي المتبع في زمانه في دراسة اللغة.

[21] كما أن اللغويين الجامعين للغة انشغلوا طويلاً ببناء أدوات جمع المادة وتدوينها، فإن النحاة قد شغلوا هم أيضًا ببناء أدوات المعالجة النحوية؛ لأن النحو هو: إجراء أي عملية علاجية يُجرِيها العقل على المادة المجموعة، فيحتاج فيها إلى أدوات، وهي مجموع المفاهيم النحوية الخلاقة؛ مثل: العامل، والموضع، والمثال، والعلة، والباب، والقياس نفس وهو أهمها في رأينا.

[22] وهذا يشبه كثيرًا قولتهم الشهيرة: "اللغة في ذاتها ومن أجل ذاتها"، فهم يقولون: (من الوصف وإليه)، ويعدون هذا السلوك قمة المنهجية العلمية، ويرفضون به أي بديل، والواقع أن هذه العبارات وما يترتب عليها من مفاهيم، هي عبارات غير علمية، بدليل أنها تتقابل في المعطى الدلالي مع عبارات؛ مثل: (من الشعب و إلى الشعب - بالعلم وللعلم -...)، فهو كلام إنشائي لا بأس فيه من حيث التعبير، لكنه غير ذي بال في العلم البحت.

[23] وذروة تطبيقه تظهر في كتاب سيبويه، فهو حقًّا لازم من اللوازم التقنية لدى المدرسة الخليلية القديمة.

[24] هذه الكلمة ليست وصفًا معياريًّا، بل هي شيء دقيق، ومعناها أن الحد الذي يحد العلماء العرب به الأشياء يكون في نفس الوقت جامعًا لكل ما هو من ذات هذا الشيء لا يفارقه، ومانعًا لأي شيء غير ذاتي - أي عارض و استثنائي - أن يتدخل فيه.

[25] كقولنا مثلاً: "السلحفاة حيوان و الحيوان يلد".

هذا قول مركب يلزم عنه لذاته - أي منه هو نفسه - قول آخر هو: "السلحفاة تلد"؛ يراجع: مجمع اللغة العربية بالقاهرة، المعجم الوسيط، مكتبة الشروق الدولية، ط4-2004م، ص 770، وكذلك: لويس معلوف، المنجد في اللغة و الأعلام، 665، وهو نفس تعريفه (Syllogisme) في المعجم الفرنسي الرسمي (Larousse) ص:1522 ، وهو نفسه أيضًا بالحرف في المعجم الإنجليزي الرسمي (Oxford) ص: 1210.

[26] وحدة لفظية تحد باللفظ وحده، ووحدة إفادية؛ أي: كلام مفيد في الاستعمال والسياق (unite grammatical et semiologique en meme temps).

[27] الاختبار النحوي للمادة اللغوية (Le test grammaticale de la langue)، وهو اختبار أي عملية علاجية تسلط على المادة ترافقها الملاحظة الدقيقة وتدوين النتائج.

[28] أي إن كل واحدة منها تكون كلامًا مفيدًا، ولا يمكن الوقف على جزء منها مع بقاء الإفادة، وبمعنى آخر: فإن القطعة ستتلاشى وتنحل إذا وقف على جزء منها، وبهذا يستدل النحاة على أنها أقل ما يمكن النطق به منفردًا في هذا المستوى؛ أي: مستوى الإفادة.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الأسس العلمية اللغوية لتعليم اللغة البشرية من منظور اللسانيات

مختارات من الشبكة

  • القياس(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • القياس في النحو العربي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • القياس الجلي والقياس الخفي(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • القياس الأصولي عند ابن رشد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نسخ القياس والنسخ به(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قياس الطرد وقياس العكس(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • المسائل التي على خلاف القياس في كتاب الزكاة عند متأخري الحنابلة: جمعا ودراسة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تطرق الفساد إلى القياس(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • شرح روضة الناظر وجنة المناظر (95) (أركان القياس)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • شرح روضة الناظر وجنة المناظر (94) (أركان القياس)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب