• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    التأويل بالحال السببي
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    الشرح الميسر على الآجرومية (للمبتدئين) (6)
    سامح المصري
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الحال لا بد لها من صاحب
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية النكتة رؤية تداولية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الإعراب لغة واصطلاحا
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    مفهوم القرآن في اللغة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي
علامة باركود

الغنة

الغنة
الشيخ علي محمد الضباع

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/11/2012 ميلادي - 26/12/1433 هجري

الزيارات: 146046

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الغنة


ينحصر الكلام على الغنة في أحد عشر مبحثاً وتتمة.

 

المبحث الأول: في حدها:

الغنة تطلق في اللغة على الصوت الخارج من الخيشوم سواء قام بالنون والميم أو قام بنفسه. في المصباح: الغنة صوت يخرج من الخيشوم. وفي المختار: الغنة صوت في الخيشوم. وفي القاموس: الغنة بالضم جريان الكلام في اللهاة، واستعملها يزيد بن الأعور في تصويت الحجارة.

 

والأغن الذي يتكلم من قبل خياشيمه. وقيل الأغن من الغزلان، وغيره الذي في صوته غنة. ومنه قول كعب: إلا أغن غضيض الطرف مكحول.

 

وحديث: كان في الحسين غنة حسنة.

 

يقال: رجل أغن وظبي أغن أي يخرج صوته من خياشيمه. وواد أغن أي كثير العشب لأنه إذا كان كذلك ألفه الذباب وفي أصواتها غنة.

 

ويقال: امرأة غناء لمن تتكلم من قبل خياشيمها. وقرية غناء أي كثيرة الأهل والعشب أو تمر الريح فيها غير صافية الصوت لكثافة عشبها، وفي القاموس غنّ يغن بالفتح فهو أغن. وغننه تغنيناً جعله أغن. ا هـ. وأغن النخل أدرك. وأغن السقاء امتلأ. وأغن الذباب صوت. وأغن الله غصته جعله ناضراً.

 

والغنة في اصطلاح أهل الأداء صوت لذيذ مركب في جسم النون ولو تنويناً والميم: وقال بعضهم صوت يشبه صوت الغزالة إذا ضاع ولدها، ويختص بالنون والميم، ولا عمل للسان فيه. وقال مكي: الغنة حرف شديد.

 

وتعقبه الجعبري وأشار إليه في نونيته:

والغنة أبطل قول مكي بها       بأنها حرف وأم بياني

في أنها لا تستقل بنفسها     وتحل حرفاً رتب استعلان

 

وقد نص العلماء على أنها من الصفات اللازمة. قال الجعبري: الغنة صفة النون ولو تنويناً؛ والميم تحركتا أو سكنتا ظاهرتين أو مخفاتين أو مدغمتين. ا هـ - إن قلت - الصفة كيف تقوم بنفسها - قلنا -: الغنة لها مخرج غير مخرج موصوفها، ولذا أمكن التلفظ بها وحدها بخلاف سائر الصفات.

 

• وإن قلت - قد ظهر أن الخيشوم مخرج الغنة أيضاً فلِمَ لم تعد حرفاً؟.

قلنا: النون المخفاة عدت حرفاً لاستقلالها بخلاف الغنة فإنها قائمة بالحرف وصفة له فلم تعد حرفاً. ولذا قال بعضهم عند قول ابن الجزري: وغنة مخرجها الخيشوم.

 

كان ينبغي أن يذكر هنا عوضاً عن الغنة النون المخفاة، فإن مخرجها أيضاً الخيشوم وهي حرف بخلاف الغنة. "وفي المرعشي": إن قلت - ما الفرق بين النون المخفاة وبين الغنة "قلنا" هما متحدان ذاتاً مختلفان اعتباراً لأن كلا منهما وإن كان صوتاً خارجاً من الخيشوم، لكن ذلك الصوت صفة في الأصل للنون والميم الساكنتين الظهرتين كما في عن ولم ويسمى حينئذ غنة. وقد تخفى النون ومعناه أن تعدم ذاتها وتبقى صفتها التي هي الغنة كما في عنك وسميت الباقية نوناً مخفاة ا هـ.

 

المبحث الثاني: في مخرجها:

مخرجها الخيشوم وهو أقصى الأنف. أي تخرج أحرفها منه، وذلك لأن النون و الميم يتحولان حالة إدغامهما أو إخفائهما أو تشديدهما عن مخرجهما الأصلي الذي هو رأس اللسان في الأول وما بين الشفتين في الثاني إلى الخيشوم كما يتحول بعض حروف المد عن مخرجه الأصلي إلى الحرف.

 

ولا ينافي ذلك أن النون من طرف اللسان والميم من بين الشفتين لأن المراد بهما ثم المتحركتان أو الساكنتان حالة الإظهار و المراد بهما هنا الساكنتان حالة الإخفاء والإدغام، ولا يقال لا بد من عمل اللسان في النون والشفتين في الميم مطلقاً حتى في حالة الإخفاء والإدغام بغنة ولا بد من عمل الخيشوم حتى في حالة التحرك والإظهار ولا داعي إلى هذا التخصيص. لأنهم نظروا للأغلب فحكموا له بأنه المخرج، فلما كان الأغلب في حالة إخفائهما أو إدغامهما بغنة عمل الخيشوم جعلوه مخرجهما حينئذ، وإن عمل اللسان والشفتان أيضا.

 

ولما كان الأغلب في حالة التحرك والإظهار عمل اللسان والشفتان جعلوهما المخرج وإن عمل الخيشوم حينئذ أيضا، أفاد ذلك بعضهم عن العلامة الشبراملسي. واستحسنه شارح القول المفيد بقوله: إن عبارة شيخنا المصنف القائل بأن الخيشوم هو مخرج النون والميم المخفاتين أحسن من قول بعضهم: إن الخيشوم هو مخرج الغنة لأن الغنة صوت في الخيشوم وهو صفة من صفات النون ولو تنوينا، والميم الساكنتين حالة الإخفاء أو ما في حكمه من القلب والإدغام بغنة، واللائق بالصفات ذكرها في محلها لا في المخارج. ا هـ.

 

"ومثل ذلك قال العلامة الملا علي" في شرحه على قوله ابن الجزري:

وغنة مخرجها الخيشوم بعد أن أقام الدليل على أن الغنة مخرجها الخيشوم بأن الشخص لو أمسك أنفه لم يمكن خروجها، ثم الغنة من الصفات لأنها صوت أغن لا عمل للسان فيه فكان اللائق ذكرها مع الصفات لا مع مخارج الذوات.

 

"ومثلهما ابن الناظم حيث قال":

والغنة صفة النون ولو تنوينا، والميم المدغمتين والمخفاتين فكان ينبغي أن يذكر هنا عوضا عنها مخرج النون المخفاة فإن مخرجها من الخيشوم وهي حرف بخلاف الغنة ا هـ.

 

وإن أجيب عن عبارة ابن الجزري بأن فيها حذفا والتقدير وغنة مخرج محلها الخيشوم، أو بأنه جرى على أن الغنة هي النون المخفاة فلم تخرج إذاً عن الحرفية ا هـ.

 

"تنبيه" إن قلت:

النون المخفاة من الحروف المتفرعة وقد ذكروا مخرجها فلِمَ لم يذكروا مخارج سائر الحروف المتفرعة؟ قلنا: ذكروا أن مخرج النون المخفاة زائد على مخارج الحروف الأصول بخلاف سائر الحروف المتفرعة فإن مخارجها ليست زائدة على مخارج الحروف الأصول، ولما كان الخيشوم مخرجا لحرف فرعي أخر عن مخارج الحروف الأصول. ا هـ مرعشي.

 

المبحث الثالث: في حكم إظهارها:

حكمه الوجوب عند وجود الشرط المقتضى لذلك. فتجب المحافظة على الغنة وعلى إظهارها أيضا من الميم والنون المشددتين نحو: أن، وكأن، ولكن، وصم ومن غم وأشباهها مما تشديده ثابت في أصل وضعه. واعلم أن التشديد فيهما يشمل المدغمتين في كلمة وفي كلمتين أيضاً، فالنون المدغمة في كلمة نحو من الناس وفي كلمتين نحو من ناصرين والميم المدغمة في كلمة نحو: المزمل محمد رسول الله، وفي كلمتين نحو مالهم من الله، كم من فئة، وقال بعضهم ما كان تشديده ثابتا في أصل وضعه مستكمل التشديد وما كان عن إدغام ناقصه.

 

المبحث الرابع: في محلها:

محلها النون الساكنة والتنوين حالة إدغامهما بغنة أو إخفائهما، والنون والميم المشددتان والميم إذا أدغمت في مثلها أو أخفيت عند الباء، والنون أغن من الميم كما في التمهيد. وقال الرضى في الميم غنة وإن كانت أقل من غنة النون. وقال جماعة من أهل الأداء: النون حرف أغن آصل في الغنة من الميم لقربه من الخيشوم فإذا سكنت تخرج من الخيشوم لا من مخرج المتحركة، والميم أيضا حرف أغن وتظهر من الخيشوم إذا كان مدغما أو مخفي. ا هـ.

 

المبحث الخامس: في الأصل فيها:

الأصل فيها النون. ولذا قال أكثر النحاة واللغويين: النون أشد الحروف غنة ا هـ. والميم فرع عنه بدليل أن النون تعمل في غيرها كالميم ولا كذلك الميم.

 

المبحث السادس: في قدرها:

قدرها حركتان والنقص عنهما والزيادة عليهما لحن على التحقيق وما ذكره بعضهم من تقديرها بحركة ونصف أو بحركة خطأ لا يلتفت إليه لأنها دالة على حرف ولا تقوم ذات الحرف بأقل من هذا القدر أو لأن ميزانها في النطق بها كميزان المد الطبيعي في النطق به وقد أجمعوا على أن قدره حركتان.

 

المبحث السابع: في صورها:

صورها أربعة، لأنها إما قوية أو ضعيفة وعلى كل إما ظاهرة أو مستترة، فتكون قوية في النون ضعيفة في الميم لأصالتها في الأول كما مر. ويدل على قوتها في النون ظهور غنتها عند غالب الحروف بدليل أنها لا تستتر إلا عند ملاقاتها حروف الحلق وتظهر مع سواها وأن بعضه محل وفاق وبعضه محل خلاف. وأيضا النون جمعت بين مزيتين: مزية الحروف ومزية الصفات.

 

المبحث الثامن: في شرط ظهورها:

شرط ظهورها كل من الحروف الثلاثة النون الأصلية ونون التنوين والميم ووقوع كل منها عندما يخفى عنده أو ما يدغم فيه، وهل هي باقية فيها عند إظهارها أم ساقطة؟ ذهب الجمهور إلى أنها باقية وهو مذهب النحاة وبه صرحوا في كتبهم وذكر الداني عن فارس بن أحمد في مصنف له أنها ساقطة من النون الساكنة والتنوين إذا ظهرا، وقال المرعشي: ويمكن أن يكون النزاع لفظيا لأن من قال ببقائها أراد عدم انفكاك أصل الغنة عن النون ولو تنوينا، ومن قال بسقوطها أراد عدم ظهورها. ا هـ.

 

وأما الميم فلا تخلو عن أصل الغنة إذ لولاه لكانت باء لاتفاقهما في المخرج والصفات والقوة، وكذلك النون المتحركة لا تخلو عن أصل الغنة بدليل أنك لو أمسكت أنفك حين النطق بها لا يمكنك الإتيان بها على حقها.

 

المبحث التاسع: في مانعها:

مانعها تباعد المخرج وذلك في النون عند ملاقاتها الهمزة والهاء والعين والحاء عند الجمهور والغين والخاء والواو والياء والراء واللام عند بعضهم وفي الميم عند ملاقاتها حروف المعجم سوى الميم اتفاقا والباء عند بعضهم والتباس المعنى وذلك في النون عند ملاقاتها الباء والواو من كلمة نحو: الدنيا وبنيان وصنوان وقنوان.

 

المبحث العاشر: في مراتبها:

قال الجعبري: هي في الساكن أكمل منها في المتحرك. وفي الساكن المخفي أزيد من الساكن المظهر. وفي الساكن المدغم أوفى من الساكن المخفي. ا هـ.

 

فمراتبها عنده أربع:

1- الساكن المدغم.

2- الساكن المخفي.

3- الساكن المظهر.

4- المتحرك. ا هـ.

 

وقال المرعشي:

أقوى الغنات غنة النون المشددة فهي أكمل من غنة الميم المشددة وغنة النون المخفاة أكمل من غنة الميم المخفاة ا.هـ.

 

فهي عنده على خمس مراتب:

1- غنة النون المشددة.

2- غنة الميم المشددة.

3- غنة النون المخفاة.

4- غنة الميم المخفاة.

5- غنة النون والميم المدغمتين والمتحركتين.

 

وذهب أكثر المؤلفين إلى أنها على ست مراتب:

1- النون المخفاة.

2- النون المدغمة في مثلها.

4- الميم المدغمة في الميم.

5- الميم عند الباء.

6- النون المدغمة في الواو والياء.

 

وذهب بعضهم إلى أنها على سبع مراتب:

1- غنة النون والميم المشددتين.

2- غنة النون المنقلبة عند الباء.

3- غنة النون المخفاة.

4- غنة النون المدغمة في مثلها.

5- غنة النون والميم عند إدغامهما في الميم.

6- غنة الميم عند الباء.

7- غنة النون عند إدغامهما في الواو والياء.

 

وجعلها بعضهم ثلاثة فقط:

1- غنة المدغم.

2- غنة المنقلب.

3- غنة المخفي.

 

المبحث الحادي عشر: في صفاتها:

هي تابعة في الإخفاء الحرف المخفي عنده ترقيقا وتفخيما ويظهر ذلك في النون حالة إخفائها عند الصاد والقاف والطاء والضاد والظاء وكذا حالة إدغامها في الراء بغنة وترقق فيما عدا ذلك.

 

التتمة: في ذكر أحوال موصوفيها:

قد علمت أن موصوفي الغنة حرفان وهما النون ولو تنويناً والميم، والمراد بهما هنا الساكنتان، ولكل منهما عند حروف المعجم سوى الألف اللينة أحوال أما النون فلها أربعة أحوال: الإظهار والإدغام والإقلاب والإخفاء.

 

وأما الميم فلها ثلاثة فقط وهي ما عدا الإقلاب. وكل من هذه الأحوال الأربعة يتعلق به خمسة مباحث:

1- معناه لغة.

2- معناه اصطلاحا.

3- محله.

4- وجهه.

5- مراتبه.

 

ولنتكلم على كل منهما فنقول:

الإظهار:

الإظهار معناه لغة البيان واصطلاحا إخراج كل حرف من مخرجه من غير غنة في المظهر.

 

فتظهر النون والتنوين إذا وقع من بعدهما حرف من حروف الحلق الستة وهي الهمزة، والهاء، والعين، والحاء، والغين، والخاء نحو: من آمن، وكل آمن، وينأون، ومنهم، ومن هاد، وجرف هار، وأنعمت، ومن عمل، وحقيق علي، وتنحتون. ومن حكيم وعليم حكيم، ومن فسينغضون ومن غل وقولا غير والمنخنقة، ومن خزي ويومئذ خاشعة. والعلة في إظهارهما عند هذه الأحرف بعد مخرجهما من مخرجهن لأنهن من الحلق والنون من طرف اللسان والإدغام إنما يسوغه التقارب. ثم لما كان التنوين والنون سهلين لا يحتاجان في إخراجهما إلى كلفة، وحروف الحلق أشد الحروف كلفة وعلاجاً في الإخراج حصل بينهما وبينهن تباين لم يحسن معه الإخفاء كما يحسن الإدغام إذ هو قريب منه فوجب الإظهار الذي هو الأصل فكلما بَعُد الحرف كان التبيين أعلى وهو أن تظهر النون الساكنة أو التنوين عند الهمزة والهاء إظهاراً بيناً ويقال له أعلى، وعند العين والحاء أوسط وعند الغين والخاء أدنى، ولا خلاف بين القراء العشرة في ذلك إلا ما كان من مذهب أبي جعفر من إخفائهما عند الغين والخاء ووجهه عندهما قربهما من حرفي أقصى اللسان القاف والكاف، ووجه الإظهار العلة المشتركة وهي بُعد مخرج حروف الحلق من مخرج النون وإجراء الحروف الحلقية مجرى واحداً.

 

وتظهر الميم وجوبا عند جميع حروف المعجم ما عدا الألف اللينة كما مر وما عدا الباء والميم، وذلك ستة وعشرون حرفا سواء وقعت في كلمة نحو نعمت وتمسون، أو في كلمتين نحو لعلكم تتقون ومثلهم كمثل.

 

وحقيقة الإظهار أن ينطق بالنون ولو تنويناً أو بالميم على حدهما، ثم ينطق بحروف الإظهار من غير فصل بين المظهر والمظهر عنده فلا يسكت على النون أو الميم ولا يقطعان عن حروف الإظهار ولا يقلقلان بميل إلى حركة من الحركات، ولا يميلان إلى غنة بل يسكنان بلطف من غير تعسف.

 

مبحث الإدغام:

الإدغام معناه لغة الإدخال يقال: أدغمت اللجام في فم الفرس، إذا أدخلته فيه، وأدغمت الميت في اللحد إذا جعلته فيه، واصطلاحا خلط الحرفين المتماثلين أو المتقاربين أو المتجانسين فيصيران حرفا واحداً مشدداً يرتفع اللسان عند النطق بهما ارتفاعة واحدة، وكيفية ذلك أن تجمل الحرف الذي يراد إدغامه مثل المدغم فيه، فإذا حصل المثلان وجب إدغام الأول في الثاني حكما إجماعياً.

 

وإدغام النون يكون في ستة أحرف يجمعها قولك يرملون وهي تنقسم إلى قسمين:

القسم الأول:

ما تدغم النون والتنوين فيه بغنة بإجماع القراء وذلك في النون والميم نحو من نذير وشيء نكر من ماء وعذاب مقيم إلا ما ورد عن حمزة فإنه أظهر النون من هجاء سين عند الميم من طسم أول الشعراء والقصص، قال مكي في الرعاية أنهما - يعني النون والتنوين يدغمان في النون والميم مع إظهار الغنة في نفس الحرف الأول فيكون ذلك إدغاما غير مستكمل التشديد لبقاء بعض الحرف غير مدغم وهو الغنة. وقال أبو شامة: وأما إدغامهما في النون والميم فهو إدغام محض لأن في كل من المدغم والمدغم فيه غنة فإذا ذهبت إحداهما يعني غنة المدغم بالإدغام بقيت الأخرى ا هـ. وهذا هو مذهب الجمهور فالتشديد مستكمل على مذهبهم.

 

• فإن قلت: النون من طرف اللسان وفوق الثنايا والميم من بين الشفتين وبينهما مخارج، فلِم ساغ الإدغام مع التباعد؟

قلنا: قد يحصل للمتباعد وجه يسوغ إدغامه، فالوجه الذي قرب بين النون والميم ونحوهما الغنة التي اشتركا فيها فصارا بذلك متقاربين ا هـ لطائف. وفي شرح الميهي على التحفة وجه إدغامهما في النون التماثل فهو من باب إدغام المثلين وفي الميم التجانس للاشتراك في الغنة والجهر والانفتاح والاستفال والكون بين الرخوة والشديدة. ا هـ.

 

القسم الثاني:

ما تدغمان فيه بغنة عند أكثر القراء وذلك في الواو والياء نحو من وإلا ومن يقول ويومئذ واهية وآية يعرضوا فقد اتفق القراء على إدغامهما فيهما من كلمتين ولكن اختلفوا في بقاء الغنة فروى خلف عن حمزة عدم بقائها أصلا مع إدغامهما فيهما فيكون إدغاما تاما مستكمل التشديد وقرأ الباقون بإدغامهما فيهما مع بقاء الغنة ظاهرة فيكون إدغاما ناقصا غير مستكمل التشديد، ووجهة إدغامهما في الواو وفي الياء التجانس في انفتاح والاستفال والجهر ومضارعتهما النون والتنوين باللين الذي فيهما لأنه شبيه بالغنة حيث يتسع هواء الفم فيهما، وأيضا فإن الواو لما كانت من مخرج الميم أدغما فيها كما أدغما في الميم ثم أدغما في الياء لشبهها بما أشبه الميم وهو الواو، والحجة للأكثرين في بقاء الغنة عند الياء والواو ما في بقائها من الدلالة على الحرف المدغم ويقوى ذلك أنهم مجمعون على بقاء صوت الاطباق مع الطاء إذا أدغمت في التاء نحو أحطت وبسطت فبقاء الأطباق مع إدغام الطاء شبيه ببقاء الغنة مع إدغام النون، والحجة لخلف في إذهاب الغنة أن حقيقة الإدغام أن ينقلب الحرف الأول من جنس الثاني ويكمل التشديد ولا يبقى للحرف ولا لصفاته أثر واتفق العلماء على أن الغنة مع الواو والياء غنة المدغم ومع النون غنة المدغم فيه واختلفوا مع الميم فذهب أبو الحسن بن كيسان النحوي وأبو بكر بن مجاهد المقري وغيرهما إلى أنها غنة المدغم من النون والتنوين تغليبا للأصالة لأن النون أو التنوين قد انقلبا إلى لفظ الميم وهو اختيار الداني والمحققين وهو الصحيح لأن الأول قد ذهب بالقلب فلا فرق بين من من وأن من وبين هم من وأم من ولا بد أن تكون الغنة في النونين أظهر من غيرهما.

 

"تنبيه" التحقيق كما في شرح الحلبي على الجزرية أن الإدغام مع عدم الغنة محض كامل التشديد ومعها غير محض ناقص التشديد من أجل صوت الغنة الموجودة معه فهو بمنزلة الأطباق الموجود مع الإدغام في أحطت وبسطت انتهى، ومقتضاه أنه متى وجدت الغنة كان الإدغام غير محض ناقص التشديد سواء قلنا أنها للمدغم فيه، أو للمدغم ومقتضى كلام الجعبري أنه محض كامل التشديد مع الغنة حيث كانت للمدغم فيه لا للمدغم، ا هـ وما ذكر من أن الإدغام إذا صاحبته الغنة يكون إدغاما ناقصا هو الصحيح في النشر وغيره خلافا لمن جعله إخفاء وجعل إطلاق الإدغام عليه مجازاً كالسخاوي رحمه الله، ويؤيد الأول وجود التشديد فيه إذ التشديد ممتنع مع الإخفاء، ا هـ إتحاف البشر.

 

واعلم أن النون الساكنة مع حروف الإدغام لا تدغم إلا إذا كانت متطرفة بأن يكون المدغم والمدغم فيه من كلمتين أما إذا كانت متوسطة بأن كانا أي المدغم والمدغم فيه من كلمة نحو الدنيا وبنيان وقنوان وصنوان ولا خامس لها فإنها تظهر لئلا يلتبس بالمضاعف لو أدغم، والمضاعف هو ما تكرر أحد أصوله كصنوان ورمان وديان لأنك إذا قلت الديا وصوان البس ولم يفرق السامع بين ما أصله النون وبين ما أصله التضعيف فلم يعلم أنه من الدني والصنو أو من الدي والصو فأبقيت النون مظهرة.

 

ولذلك أشار الشاطبي فقال:

وعندهما للكل أظهر بكلمة    مخافة أشباه المضاعف أثقلا

 

• فإن قلت هلا أدغم بغنة فيحصل الفرق بها بين المضاعف وغيره، فالجواب أنها لما كانت فارقة فرقاً خفياً لم يكن الفرق معتبراً فمنع الإدغام خوفاًَ من اللبس ظاهراً ولذلك أظهرها العرب مع الميم في كلمة واحدة حيث قالوا شاة زنما وغنم زنم ولم يقع في القرآن مثله. ا هـ.

 

القسم الثالث:

وما يدغمان فيه بلاغته من طرق الشاطبية والدرة عند جميع القراء وعند بعضهم من طرق الطيبة، وذلك في اللام والراء فيبدل كل من النون الساكنة والتنوين لاماً ساكنة عند اللام وراء ساكنة عند الراء، ويدغم فيما بعده إدغاماً تاماً لجميع القراء على ما قرأنا به من طرق الكتابين المذكورين نحو من لدنه ويومئذ لخبير، وعن ربهم؛ ورءوف رحيم. وقرأنا لنافع وأبي جعفر وابن كثير وأبي عمر ويعقوب وابن عامر وحفص؛ بإدغامهما بغنة عن الحرفين المذكورين من طرق الطيبة. ويسمى الأول إدغاماً كاملاً لذهاب الغنة منه وهذا هو المشهور المأخوذ به ويسمى الثاني إدغاماً ناقصاً لبقاء أثر الغنة معه.

 

• (إن قلت) أليس يستثنى من الإجماع المذكور قوله تعالى من راق فإن حفصاً لا يدغم النون في الراء منه بل يسكت على من ثم يقول راق.

(قلنا) لا يستثنى لأن إدغامهما فيهما إنما يكون عند ملاقاتهما إياهما والسكتة تمنع الملاقاة وتفصل بين الحرفين فلو لم يسكت حفص هنا لأدغم ألبتة.. ووجه إدغامهما فيهما قرب مخرجهن لأنهن من حروف طرق اللسان أو كونهن من مخرج واحد على رأي الفراء. وكل منهما يستلزم الإدغام. وأيضاً لو لم يدغما فيهما لحصل الثقل لاجتماع المتقاربين أو المتجانسين فبالإدغام يحصل الخفة لأنه يصير في حكم حرف واحد. ووجه حذف الغنة المبالغة في التخفيف لأن بقاءها يورث ثقلا ما.

 

وسبب ذلك قلبهما حرفا ليس فيه غنة ولا شبيها بما فيه غنة. واختير عدم الغنة حيث لم تثبت النون رسماً نحو ألن نجعل لكم، وألن نجمع، وألا تزور وازرة، وألا يرجع إليهم، وألا تعبدوا إلا الله إنني لكم منه نذير، ونحو إلا تنصروه وإلا تنفروا. فإن ثبتت النون في الرسم نحو أن لا ملجأ، وأن لا يقولوا كما سيأتي بيان ذلك في المقطوع والموصول جاز إدغامه في اللام وإظهار الغنة معها.

 

وإدغام الميم الساكنة يكون في الميم فتدغم الميم بغنة عند ميم مثلها وجوباً سواء كانت الميم الأولى مقلوبة من النون الساكنة أو التنوين نحو من ماء مهين وقد سبق بيانه أو أصلية، نحو خلق لكم ما في الأرض وأم من أسس ويطلق ذلك في كل ميم مشددة، نحو قوله دمر ويعمر، ويلزم أن يؤتى بكمال التشديد وإظهار الغنة في ذلك لأن الغنة عندهم للمدغم فيه فلا فرق عندهم بين ممن وأم من. ا هـ.

 

مبحث الإقلاب:

الإقلاب لغة تحويل الشيء عن وجهه يقال قلبه أو حوله عن وجهه. واصطلاحاً جعل حرف مكان آخر؛ وقال بعضهم هو عبارة عن قلب مع إخفاء لمراعاة الغنة.

 

والمراد هنا قلب النون الساكنة والتنوين ميمًا مخفاة قبل الباء الموحدة مع بقاء الغنة الظاهرة وهذا بإجماع القراء كما صرح به في التيسير سواء كانت النون مع الباء في كلمة أو كلمتين والتنوين لا يكون إلا من كلمتين وذلك نحو أنبئهم وأن بورك وسميع بصير. قال في النشر فلا فرق حينئذ في اللفظ بين أن بورك وبين يعتصم بالله إلا أنه لم يختلف في إخفاء الميم المقلوبة عند الباء ولا في إظهار الغنة في ذلك بخلاف الميم الساكنة، يعني أنه وقع اختلاف في إخفائها مع إظهار غنتها فذهب الجمهور إلى ذلك، وذهب البعض إلى إظهارها مع إخفاء غنتها كما سيأتي ولا تشديد في ذلك لأنه بدل لا إدغام فيه إلا أن فيه غنة لأن الميم الساكنة من الحروف التي تصحبها الغنة. قال المرعشي: والظاهر أن معنى إخفاء الميم ليس إعدام ذاتها بالكلية بل إضعافها وستر ذاتها في الجملة بتقليل الاعتماد على مخرجها وهو الشفتان لأن قوة الحرف وظهور ذاته إنما هو بقوة الاعتماد على مخرجه، وهذا كإخفاء الحركة في قوله: لا تأمنا إذ ذلك ليس بإعدام الحركة بالكلية بل تبعيضها. ا هـ وبالجملة فالميم والياء يخرجان بانطباق الشفتين، والباء أدخل وأقوى انطباقاً فتلفظ الميم في نحو أن بورك بغنة ظاهرة وبتقليل انطباق الشفتين جداً ثم تلفظ بالباء قبل فتح الشفتين بتقوية انطباقهما وتجعل المنطبق من الشفتين في الباء أدخل من المنطبق في الميم فزمان انطباقهما في أن بورك أطول من زمان انطباقهما في الباء لأجل الغنة الظاهرة حينئذ في الميم، إذ الغنة الظاهرة يتوقف تلفظها على امتداد ولو تلفظت بإظهار الميم هنا لكان انطباقهما فيه كزمان انطباقهما في الباء لإخفاء الغنة حينئذ ويقوى انطباقهما في إظهار الميم فوق انطباقهما في إخفائه، لكن دون قوة انطباقهما في الباء إذ لا غنة في الباء أصلا بخلاف الميم الظاهرة فإنها لا تخلو عن أصل الغنة وإن كانت خفية، والغنة تورث الاعتماد ضعفاً ووجه قلبهما ميما عند الباء أنه لم يحسن الإظهار لما فيه من الكلفة من أجل الاحتياج إلى إخراج النون والتنوين من مخرجهما على ما يجب لهما من التصويت بالغنة فيحتاج الناطق بهما إلى فتور يشبه الوقت وإخراج الباء بعدهما من مخرجهما يمنع من التصويت بالغنة من أجل انطباق الشفتين بها أي بالباء، ولم يحسن الإدغام للتباعد في المخرج والمخالفة في الجنسية حيث كانت النون حرفا أغن، وكذلك التنوين والباء حرف غير أغن، وإذا لم تدغم الميم في الباء لذهاب غنتها بالإدغام مع كونها من مخرجها فترك إدغام النون فيها مع أنها ليست من مخرجها أولى ولم يحسن الإخفاء كما لم يحسن الإظهار والإدغام لأنه بينهما، ولما لم يحسن وجه من هذه الأوجه أبدل من النون والتنوين حرف يؤاخيها في الغنة والجهر ويؤاخي الباء في المخرج والجهر وهو الميم فأمنت الكلمة الحاصلة من إظهار النون قبل الباء ميهي. وفي المنح وجه القلب عسر الإتيان بالغنة في النون والتنوين مع إظهارهما ثم إطباق الشفتين لأجل الباء ولم يدغم لاختلاف نوع المخرج وقلة التناسب فتبين الإخفاء وتوصل إليه بالقلب ميما لتشارك الباء مخرجا والنون غنة ا هـ.

 

وفي النهاية فليحذر القارئ عند التلفظ به من كذ الشفتين على الميم المقلوبة في اللفظ لئلا يتولد من كذهما غنة من الخيشوم ممططة فليسكن الميم بتلطف من غير نقل ولا تعسف.

 

مبحث الإخفاء:

الإخفاء معناه لغة الستر يقال اختفى الرجل عن أعين الناس بمعنى استتر عنهم واصطلاحا النطق بحرف ساكن عار أي خال من التشديد على صفة بين الإظهار والإدغام مع بقاء الغنة في الحرف الأول وهو النون الساكنة أو التنوين وحروفه خمسة عشر جمعها العلامة الجمزوري في أوائل كلمات قوله.

صف ذا ثنا كم جاد شخص قد سما     دم طيبا زد في تقى ضع ظالما

 

وهذه الحروف لا خلاف بين القراء في إخفاء النون الساكنة والتنوين بغنة عندها سواء اتصلت النون بهن في كلمة أو انفصلت عنهن في كلمة أخرى نحو ينتهوا ومن تحتها وجنات تجرى، ومنثوراً ومن ثمرة و جميعاً ثم، وأنجيناكم وإن جاءكم وشيئا جنات، وأنداداً ومن دابة وقنوان دانية، ومنذر ومن ذكر وسراعا ذلك، و فأنزلنا و فإن زللتم ويومئذ زرقا، و منسأته وأن سيكون وعظيم سماعون، وينشر لكم ولمن شاء وعليم شرع، وينصركم وإن صدوكم وريحا صرصرا ومنضود وإن ضللت وقوما ضالين، وينطقون ومن طين وصعيداً طيبا وانظروا من ظهير وظلا ظليلا وانفروا وإن فاتكم وخالداً فيها، وينقلبون ولئن قلت وسميع قريب وينكثون ومن كل وعاداً كفروا، والحجة لإخفاء النون الساكنة والتنوين عند هذه الأحرف أنهما لم يقربا من هذه الحروف كقربهما من حروف الإدغام فيجب إدغامهما فيهن من أجل القرب ولم يبعدا منهن كبعدهما من حروف ال‘ظهار فيجب إظهارهما عندهن من أجل البعد فلما هدم القرب الموجب للإدغام والبعد الموجب للإظهار أعطيا حكما متوسطا بين الإظهار والإدغام وهو الإخفاء لأن الإظهار إبقاء ذات الحرف وصفته معا والإدغام التام إذهابهما معاً والإخفاء هنا إذهاب ذات النون والتنوين من اللفظ وإبقاء صفتهما التي هي الغنة فانتقل مخرجهما من اللسان إلى الخيشوم لأنك إذا قلت عنك وأخفيت تجد اللسان لا يرتفع ولا عمل له ولم يكن بين العين والكاف إلا غنة مجردة ولا يرد أنتم ونحوه فإن ارتفاع الطرف من اللسان لخروج التاء لا للنون، ثم اعلم أن الإخفاء يكون تارة إلى الإظهار أقرب وتارة إلى الإدغام أقرب وذلك على حسب بعد الحرف منهما وقربه ولفظ ذلك قريب بعضه من بعض، والذي نقله المرعشي في رسالته عن ابن الجزري أن حروف الإخفاء على ثلاث مراتب، أقربها مخرجاً إلى النون ثلاثة أحرف الطاء والدال المهملتان والتاء المثناة الفوقية، وأبعدها القاف والكاف والأحرف الباقية متوسطة في القرب والبعد وأن الإخفاء على ثلاث مراتب أيضا فكل حرف هو أقرب إلى النون يكون الإخفاء عنده أزيد وما قرب إلى البعد يكون الإخفاء عنده دون ذلك وما كان بعيداً يكون الإخفاء عنده أقل مما قبله فإخفاؤها عند الأحرف الثلاثة الأول إخفاء أعلى يعني أن المخفي منهما عند هذه الأحرف أكثر من الباقي، وغنتهما الباقية قليلة، يعني أن زمان امتداد الغنة قصير وإخفاؤهما عند القاف والكاف إخفاء أدنى يعني أن يكون المخفى منهما أقل من الباقي وغنتهما الباقية كثيرة بمعنى أن زمان امتدادها طويل وإخفاؤهما عند الأحرف الباقية إخفاء أوسط وزمان غنتهما متوسط ولم أر في مؤلف تقدير امتداد الغنة في هذه المراتب، انتهى مرعشي، وقال في حاشيته عليها قوله ولم أر في مؤلف لو قلنا أن أعلاها قدر ألف وأدناها قدر ثلث ألف وأوسطها قدر ثلثي ألف لأصبنا الحق أو قربنا منه والله أعلم، والذي نقلناه عن مشايخنا وعن العلماء المؤلفين في فن التجويد المتقنين أن الغنة لا تزيد ولا تنقص عند مقدار حركتين كالمد الطبيعي لأن التلفظ بالغنة الظاهرة يحتاج إلى التراخي لما ذكره في التمهيد أن الغنة التي في النون والتنوين أشبهت المد في الواو والياء لكن ينبغي التحذير عن المبالغة في التراخي انتهى.

 

"تتمة" قال المرعشي:

يجب على القارئ أن يحترز في حالة إخفاء النون من أن يشبع الضمة قبلها أو الفتحة أو الكسرة لئلا يتولد من الضمة واو في مثل كنتم ومن الفتحة ألف في مثل عنكم وفي الكسرة ياء في مثل منكم كما يقع من بعض القراء المتعسفين فإن ذلك خطأ صريح وزيادة في كلام الله تعالى، وليحترز أيضا من المد عن الإتيان بالغنة في النون والميم في نحو إن الذين وإما فداء وكثيراً ما يتساهل في ذلك من يبالغ في إظهار الغنة فيتولد منها حرف مد فيصير اللفظ إين الذين وإيما فداء وذلك خطأ أيضا، وليحترز أيضا من إلصاق اللسان فوق الثنايا العليا عند إخفاء النون فهو خطأ أيضا، وطريق الخلاص منه أن يجافي اللسان قليلا عن ذلك، وليحترز عن ترك الغنة في موضعها وعن إظهار النون فإنه خطأ فاحش ممن يعلم وممن لم يعلم إذ الجهل ليس بعذر ا هـ.

 

وأما الميم فتخفى عند الباء بغنة ظاهرة على ما اختاره الحافظي الداني وغيره من المحققين وهو الذي عليه أهل الأداء بمصر والشام والأندلس وسائر البلاد العربية سواء كان سكونها متأصلا نحو يعتصم بالله ويوم هم بارزون أو عارضا نحو أعلم بالشاكرين وأعلم بالظالمين في قراءة أبي عمرو ويعقوب، وذهب جماعة كأبي الحسن أحمد بن المنادى وغيره إلى إظهارها عندها إظهاراً تاما أي من غير غنة وهو اختيار مكي القيسي وغيره وهو الذي عليه أهل الأداء بالعراق وسائر البلاد الشرقية وحكى أحمد بن يعقوب التائب إجماع القراء عليه والوجهان صحيحان مأخوذ بهما إلا أن الإخفاء أولى للإجماع على إخفائها عند القلب وعلى إخفائها في قراءة أبي عمرو ويعقوب حالة الإدغام وهذا هو المسمى عندهم بالإخفاء الشفوي لخروج الباء والميم من الشفتين، وفي المرعشي نقلا عن الرعاية.

 

• "إن قلت" من أظهر الميم هنا فليظهر غنتها.

"قلت" المنقول عن نشر ابن الجزري أنه لا يظهرها وإن كانت الميم لا تخلو عن أصل الغنة إذ لولا أصل الغنة لكانت الميم باء لاتفاقهما في المخرج والصفات والقوة انتهى. وفي القول المفيد: ووجه إخفاء الميم عند الباء أنهما لما اشتركا في المخرج وتجانسا في الانفتاح والاستفال ثقل الإظهار والإدغام المحض فذهبت الغنة فعدل إلى الإخفاء، انتهى.

 

"تنبيه" اعلم أن الإخفاء على قسمين إخفاء الحركة وإخفاء الحرف، والأول بمعنى تبعيض الحركة كما في قوله لا تأمنا ونحوه، والثاني على قسمين أحدهما تبعيض الحرف وستر ذاته في الجملة كما في الميم الساكنة قبل الباء أصلية أو مقلوبة في النون الساكنة أو التنوين، وثانيهما إعدام ذات الحرف بالكلية وإبقاء غنته كما في إخفاء النون الساكنة والتنوين عند الحروف الخمسة عشرة المتقدمة: والله أعلم.

 

المصدر: مجلة كنوز الفرقان؛ العدد: (الثالث والرابع)؛ السنة: (الثانية)





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أحكام النون الساكنة والتنوين
  • أحكام الميم والنون المشددتين
  • أحكام اللام
  • أحكام المثلين والمتقاربين والمتجانسين
  • أحكام المد
  • العلة النحوية في رفع المبتدأ والخبر
  • الابتداء بهمز الوصل

مختارات من الشبكة

  • مخطوطة البرهان الأصدق والصراط المحقق في منع الغنة للأزرق(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • المنة في تحقيق الغنة للعلامة برهان الدين الجعبري (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة البرهان الأصدق والصراط المحقق في منع الغنة للأزرق(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • من أحكام المد المنفصل (قراءة ابن كثير المكي - رواية البزي)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أحكام متعلقة بالمد المنفصل عند ابن عامر الشامي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أحكام النون الساكنة والتنوين ( الإقلاب وكيفية أدائه ووجهه وضوابطه )(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة جود قراءتك للمبتدئين (الحلقة الثالثة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كان خلقه القرآن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • توسط المنفصل في التجويد وأمثلة عليه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أمثلة على قصر المنفصل للأصبهاني عن أصحابه عن ورش(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- الغنة
أحمد 02-03-2016 05:58 AM

بارك الله فيكم

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 22/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب