• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الشرح الميسر على الآجرومية (للمبتدئين) (6)
    سامح المصري
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الحال لا بد لها من صاحب
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية النكتة رؤية تداولية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الإعراب لغة واصطلاحا
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    مفهوم القرآن في اللغة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    أهل القرآن (قصيدة)
    إبراهيم عبدالعزيز السمري
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي
علامة باركود

ألوفونات صوت الضاد

كبير بن عيسى

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 31/10/2012 ميلادي - 15/12/1433 هجري

الزيارات: 29407

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ألوفونات صوت الضاد


بمرور الزَّمن، واختلاط العرب بالعجم؛ ظهرت أشكالٌ جديدة للنُّطق بصوت الضاد الأصلي؛ "فمنهم من يُخرِجُه ظاء، ومنهم من يمزجه بالذال، ومنهم من يجعله لاما مفخما، ومنهم من يشمّه الزاي" [1]، وربما أخرجها البعض ممزوجة بالدال أو بالطاء المهملة.

 

فالضَّاد نُطِقَت شَبيهَةً بستة أصوات - على الأقل -؛ هي: الظاء والذال واللام والزاي والدال والطاء. وهذه الأصوات جميعُها ذاتُ مخارجَ قريبةٍ من مخرج الضاد الأصليَّة، ما يجعل انتقال الناطق بالضاد إلى أحد تلك الأحرف أمرا غير مُستَبعَدٍ خاصة في ظل خاصية التخفيف التي تخضع لها اللغات عمومًا.

 

وَيميلُ كثيرٌ من البَاحثين المُحدَثين في درسهم لصوت الضَّاد إلى الحديث عن ضاد قديمة وأخرى حديثة، وأُفضِّل أن يدور الكلام حول ضادٍ أصلية وأُخرَياتٍ فرعية هي ألوفونات لها؛ لأنَّ تلك الألوفونات أو بعضها - على الأقل - قديمةٌ قِدَم الضاد الأصليَّة نفسها، فنعتُها بالحديثة لا يعكِسُ واقعها الصوتي.

 

وفي بحثي هذا سَأُرَكِّز، كما هو الحال في أكثر المؤلفات الصوتية، على ألوفونين اثنين لصوت الضاد، هُما: الضاد الضعيفة والضاد الدالية، وربما أُشيرُ إلى غيرهما، إنْ اقتضى المقام ذلك.

 

الضاد الضعيفة:

ذكر هذا الألوفون سيبويهِ في سياق كلامه عن الأصوات العربيَّة الفرعيَّة، غيرِ المُمَثَّلَةِ كتابيًّا، والتي هي: "غيرُ مستحسنةٍ، ولا كثيرةٍ في لغة من تُرتضى عربيته، ولا تُستحسن في قراءة القرآن ولا في الشعر؛ وهي: الكاف التي بين الجيم والكاف والجيم التي كالكاف، والجيم التي كالشين، والضاد الضعيفة، والصاد التي كالسين والطاء التي كالتاء، والظاء التي كالثاء، والباء التي كالفاء" [2].

 

وهذه الأحرف الثمانية تُقابلها ستة: "كثيرةٌ يُؤخذُ بها، وتُستحسَنُ في قراءة القرآن والأشعار، وهي: النون الخفيفة، والهمزة التي بين بين، والألف التي تمال إمالة شديدة، والشين التي كالجيم، والصاد التي تكون كالزاي، وألف التفخيم، يعني بلغة أهل الحجاز، في قولهم: الصلاة والزكاة والحياة" [3]. فتلك الحروف الفرعيات ناتجةٌ؛ إمَّا عن تغيير في بِنيَة الصَّوت (إما بالتفخيم، و إما بالإضعاف، وإما بالتخفيف (أو الإخفاء)، وإما بالإمالة الشديدة)، وإما بتشبيهها بحرف آخر، أو بتوسُّطِها بين حرفين. ولا يتَّسع المقام لبسط الكلام فيها.

 

ولَإِن كان سيبويه اعتذر عن إهماله وصف غالب تلك الحروف، بكونها: "لا تتبيَّن إلاَّ بالمُشافهة" [4]، فإنه فيما يتعلَّق بالضاد الأصليَّة؛ عُني بالحديث مُفصَّلاً عن ضَرَّتها التي نَعَتها بـ(الضعيفة)، والتي هي كما يقول غانم قدُّوري الحَمَد: "نوعٌ من أنواع الضاد التي لم تَستوفِ صفات الضاد العربية كاملة" [5]، إنها صُورةٌ لنُطق الضاد (ألوفون للضاد) مُدرَجَةٌ ضمن الأحرف المُستهجنَة.

 

ولِأنَّ تلك (الضَّادَ الضعيفة) "مظهرٌ من مظاهر عدم تمكُّن بعض العرب القُدَماء من نُطق الضَّاد" [6]، فقد استدرك سيبويه على اعتذاره السالف بقوله: "إلاَّ أنَّ الضاد الضعيفة تُتَكَلَّفُ من الجانب الأيمن، وإن شئتَ تَكَلَّفْتها من الجانب الأيسر، وهو أخفُّ؛ لأنها من حافة اللسان مُطْبقة؛ لأنك جمَعْتَ في الضاد تكلُّف الإطباق مع إزالته عن موضعه. وإنما جاز هذا فيها؛ لأنك تُحَوِّلها من اليسار إلى الموضع الذي في اليمين. وهي أخفُّ لأنها من حافة اللسان، وأنها تخالط مَخْرَج غيرها بعد خروجها، فتستطيل حين تخالط حروف اللسان، فسَهُل تحويلها إلى الأيسر؛ لأنها تصير في حافة اللسان في الأيسر إلى مثل ما كانت في الأيمن، ثم تَنْسَلُّ من الأيسر حتى تتَّصِلُ بحروف اللسان كما كانت كذلك في الأيمن" [7]. وإذا جاز لي أن أُقسِّم عبارة سيبويه هذه إلى قسمين؛ أحدهما: المتن، والآخر: شرحه. فسيكون المتن قوله: "الضاد الضعيفة تُتكلَّفُ من الجانب الأيمن، وإن شئتَ تَكَلَّفْتها من الجانب الأيسر، وهو أخفُّ"، وتكون عبارة: "لأنها...اليمين" شرحًا للمتن إلا قوله: "وهو أخفُّ"؛ فتشرَحُهُ عبارة: "لأنها...الأيمن".

 

واضحٌ أنَّ سيبويه لم يُعنَ ببيان مخرج هذه (الضاد الضعيفة) كما فعل في الضاد الأصلية، ولكنَّه ركَّز على توضيح الجانب الموكَلِ إليه نُطقها، وهو ما لم يفعله في الضاد الأصلية. ومُجمَل ما ذكره هنا:

1- أنها ضادٌ مُتكلَّفَةٌ؛ يُتَكَلَّف فيها الإطباق لتُحافظ الضاد على وجودها، وتُتَكَلَّف إزالة الإطباق عن موضعه، رُبَّما لِيتأتَّى إخراجها من الجانب الأيمن، حتى تَبدُوَ كالضاد الأصليَّة. وعن هذا التَّكلُّف يقول مكي درار: "ولم يَقُل بهذا في غيرها، فكُلُّ الأصوات تحدُثُ بعَفوِيَّة ويُسرٍ، ولا يكون التكلُّف إلاَّ في غير المألوف المُعتَاد" [8]؛ لأنَّه جرى على لِسانٍ لم يَعتَد النُّطق بالضَّاد الأصلي.

 

2- أنَّ تَكلُّف إخراجها من الجانب الأيسر أخف؛ "لأن الجانب الأيمن قد اعتاد الضاد الصَّحيحة، وإخراج الضعيفة من موضعٍ قد اعتاد الصحيحة أصعبُ من إخراجها من موضعٍ لم يَعتَد الصَّحيحة" [9]، كما لا يخفى.

 

3- أنَّه باحتكاك هواء الزَّفير المجهور بحافة اللسان اليمنى، والأضراس المقابلة لهذا الجانب يتولَّدُ صوتٌ يستطيلُ ليُخالِط مَخْرَج غيره من حروف اللسان، فيسهُل تحويله إلى الحافة اليسرى، ثم يَنْسَلُّ منها ليتَّصِل بحروف اللسان كما كان في الحافة اليمنى.

 

4- أنَّها ضاد مُطْبقة مستطيلة فيها رخاوة.

وسيبويه لم يُمَثِّل لتلك (الضاد الضعيفة)، ولا ذكر علَّة ضعفها، لكن المؤكَّدَ أنَّ سببَ الضعف راجعٌ إمَّا إلى تغيير في مخرج الضاد الأصلي أو تغيير في صفاته، ولأنَّ الضاد باستطالتها قد تخالط صوتًا أو أكثر من أصوات اللسان، فلابد أن يكون فيها شَبَهٌ من بعضها. والأصوات المَعنِيَّةُ هنا هي التي تَلي مخارجها مخرج الضاد الأصلي وهي عند سيبويه: النون، والراء، والطاء، والدال، والتاء، والزاي، والسين، والصاد والظاء، والذال، والثاء، واللام. لكن أيُّ تلك الأصوات هو الذي أَثَّر في الضاد فأضعَفَها؟

 

يُركِّزُ كثيرٌ من الباحثين على صوت الثاء؛ فيميل مَبرَمان (ت 345 هـ) وابن عصفور (ت 669 هـ) إلى أنَّ الضاد الضعيفة مُبدلَةٌ من الثاء؛ كما يُقال في (اثرِد له): (اضرِد له)، يُقرِّبون الثاء من الضاد، ويُعلِّل ذلك ابن الأنباري بقوله: "وذلك في لغة قوم ليس في أصل حروفهم الضاد، فإذا تكلَّفوها ضعُف نطقهم بها" [10]، ويُرجِّحُ تمام حسان هذا القول بِناءً على اشتراك الثاء مع الضاد في صفة الرخاوة؛ فيقول: "ومن هنا نجد بعض العرب حين ينطقون كلمة تشتمل على صوت الثاء مَتلُوًّا بحرف مفخم مجهور، يحدُث في نطق الثاء شيء من عدوى التفخيم والجهر الضعيفة، فتصير الثاء بذلك ضادا ضعيفة" [11]. ويَعترِضُ أبو حيَّان النَّحوي على هؤلاء بقوله: "في تفسير الضاد الضعيفة بهذا، وفي تمثيله نظرٌ! والذي يظهر أن الضاد الضعيفة هي التي تقترب من الثاء - عكس ما قال مَبرَمان وابن عُصفور -. فتقول في (اضرِب زيدا): (اثرب زيدا)؛ بين الضاد والثاء" [12]. وهذا أوجَهُ من الأول؛ لأنَّ الضُّعف لا يتعلَّق بالثاء التي استَقوَت بتقريبها من الضاد، بل بالضَّاد التي ينبغي أن تكون قويَّة.

 

أمَّا أبو علي الفارسي (ت 377هـ)؛ فيرى أن ضَعف الضاد مَرجِعُه ضَعف إطباقها؛ فيقول: "كما إذا قلت: (ضرب) ولم تُشبِع مخرجها، ولا اعتمدت عليه ولكن تُخفِّف وتختلِس؛ فيضعُف إطباقها" [13]، فعلى هذا تكون شبيهةً باللاَّم.

 

ويَميل السِّيرافي (ت368هـ) إلى أنها: "منلغة قومٍ ليس في أصل حروفهم ضادٌ، فإذا احتاجوا إلى التكلم بها من العربيَّة اعتاصتْ عليهم فربّما أخرجوها ظاءً وذلك أنهم يخرجونها من طرف اللسان وأطراف الثنايا العليا، وربّما تكلَّفوا إخراجها من مخرج الضاد، فلم تتأتَّ لهم فخرجتْ من بين الضاد والظاء" [14]. أي: أنها ضادٌ ظائيَّة.

 

ويُعلِّق غانم قدُّوري الحَمد على هذه الآراء بقوله: "ويبدو أن مصطلح (الضاد الضعيفة) لم يَعُد يُطلق على صوت مُحدَّد؛ فإذا كان سيبويه قد أطلقه على صوت مُحدَّد فإننا نجد العلماء بعده يستخدمونه للإشارة إلى أكثر من صوت، وذلك حسب ما تؤول إليه الضاد، سواء كان ذلك الصوت ظاءً، أو بين الضاد والظاء، أو بين الضَّاد والثَّاء" [15] أو لامًا، كما يُفهَم من كلام أبي علي الفارسي.

 

الضاد الدالية:

تَراجَعَ بعضُ العرب بصوت الضاد الأصلي حتى جعلوه قريبًا من مخرج الدال وقد أشار إلى هذا الألوفون ابن سينا؛ حيث مَيَّز في درسه الصوتي بين نوعين من الأصوات: "مُركَّبةٌ، وحدوثها عن حُبسَاتٍ غير تامة لكن تتبع إطلاقات" [16] وأخرى "مُفردةٌ، وحدوثها عن حُبسات تامَّةٍ للصَّوت أو الهواء الفاعل للصَّوت يتبَعُها إطلاقٌ دفعةً" [17]. ويعني بالأصوات المفردة: "الباء، والتاء، والجيم والدال والضَّاد أيضًا من وجه". ومن المَعلوم أنَّ الأصوات الأربعة الأولى شديدةٌ، فإلحاقه الضَّاد الرِّخوة بها، وتقييدُه لها بقوله: "من وجه" يعني: أنه يتحدَّث عن ألوفون آخر للضَّاد الأصليَّة يَتَّصِفُ بالشِّدَّة، قد يكون (الضاد الضعيفة) التي تحدَّث عنها سيبويه وقد يكون غيرَها.

 

وفي وصفه لطريقة خروج تلك الأصوات المُفرَدة، يقول ابن سينا إنها: "تشترك في أنَّ وُجودها وحدوثها في الآن الفاصل بين زمان الحبس وزمان الإطلاق، وذلك لأنَّ زمانَ الحَبس التام لا يُمكِن أن يحدُث فيه صوت حادث عن الهواء وهو مُسَكَّنٌ بالحبس. وزمان الإطلاق ليس يُسمع فيه شيء من هذه الحروف، لأنها لا تمتد ألبتة إنما هي مع إزالة الحَبس فقط" [18]. واضحٌ من قوله: "لأنها لا تمتد ألبتة" [19] نفي الرَّخاوة والاستطالة عنها، و(الضاد الضعيفة) نعتها سيبويه بالاستطالة في قوله: "فتستطيل حين تُخالِط حروف اللسان" [20]، وهذا يُلغي احتمال أن تكون (الضاد الضعيفة) هي التي عناها بقوله: "والضاد أيضا من وجه"، فلم يبق إلا احتمال ألوفون آخر للضاد الأصليَّة هو الضاد الدالية الشديدة (الانفجارية).

 

ويؤكِّد هذا الاستنتاج ما ذكره ابن سينا نفسه في حديثه عن (أن هذه الأصوات اللغوية قد تُسمع من حركات غير نطقية)؛ حيث يُصرِّح بـ"أن الضاد تُسمع عن انفلاق فقاقيع كبار من الرطوبات" [21]، أي: أنها ذات طابع انفجاري. فالألوفون الضادي المصري الذي شغل الباحثين المُحدَثين عُمُره يزيد عن ألف سنة، إنه نسخة طبق الأصل لذاك الذي تحدَّث عنه ابن سينا في القرن الخامس الهجري.

 

ونجد حديثًا عن هذا الألوفون في سياق كلامٍ لابن الجزري يقول فيه: "ومنهم من لا يوصلها إلى مخرجها، بل يُخرجها دونَه ممزوجةً بالطَّاء المُهمَلة، لا يقدِرون على غير ذلك، وهم أكثر المصريين وبعض أهل المغرب" [22]، وهذا إخبارٌ من ابن الجزري عن نُطقٍ كان شائعًا في القرن التاسع الهجري.

 

والضاد الدَّالية التي تجري على الألسُن المصرية حَظِيت بحصة الأسد من الدرس الصَّوتي الحديث؛ لأنَّ الجيل الأول من الأصواتيين العرب الذين ألَّفوا في مجال الصوتيات كان من المُبتَعَثين المصريين، ولأنَّ مَشيخَة الإِقراء قد تمركَزَت في مصر. وعن كيفية نُطقِها يقول رمضان عبد التواب "تُنطق بـ: أن تلتصق مقدمة اللسان باللثة والأسنان العليا التصاقا يمنع مرور الهواء الخارج من الرئتين، كما ترتفع اللَّهاة والجزء الخلفي من سقف الحلق (وهو المسمى بالطَّبَق) ليسُدَّ التجويف الأنفي، في الوقت الذي تتذبذب فيه الأوتار الصوتية، وترتفع مؤخرة اللسان قليلاً نحو الطَّبق، ثم تُزال هذه السُّدود فجأة، فيندفع الهواء المحبوس إلى الخارج" [23] وينفتح معه الوتران الصوتيان ويهتزان؛ فيُسمع صوت الضاد الدالية.

 

فالضاد الدالية: صوت أسناني لثوي [24]شديد مجهور مُطبَق، وهو أيضًا "الصوت الذي يعتمده المتخصصون وقراء القرآن الكريم في مصر، النظير المفخم للدال. ورمزه في الكتابة الصوتية الدولية [d]، وله وظيفة مستقلة في النظام الصوتي تختلف عن وظيفة نظيره الدال (وغيره)، كما يبدو ذلك واضحا من نحو: (ضل دل)" [25]. وكذلك هو "النظير المجهور للطاء، فلا فرق بينهما إلا أن الطاء صوت مهموس، والضاد صوت مجهور، كما أنه لا فرق بين الدال والضاد إلا أن الضاد مطبق (مفخم)، والدال لا إطباق فيه" [26]. هي إذن: ضادٌ فَقَدَت رَخاوتها واستطالتها.

 

بين الضاد الأصلية والضاد الدالية:

في محاولة منهم تلمُّسَ العلاقةَ بين الضاد الأصليَّة بوصوفها النطقية والوظيفية وأحد ألوفوناتها المتداولة في أيامنا، وهي الضاد الدالية (المصرية)، طرح الباحثون احتمالات عدة؛ منها:

الأول: أن يكون الدَّارسون القُدامى أخفقوا في تحديد الموضعِ الدَّقيقِ لنُطقِ الضاد، لاعتمادهم التجربةَ باللِّسان والأذن في وصف الأصوات اللغوية؛ يقول المستشرق شاده (Shaade) مُعلِّقًا على تقسيم سيبويه للمخارج ووصفه لها: "نشاهد غاية التَّفصيل مَثلاً في تقسيمه للأسنان، وقد قسَّمها إلى الثنايا والرباعيات والأنياب والأضراس، ويخالِف هذا التَّدقيق معاملته للحلق، فإن سيبويه، وإن قسَّمَه إلى أقصى الحلق، وأوسط الحلق، وأدنى الحلق، لم يكن يعرف الحنجرة، ولا أجزاءها كالمزمار والأوتار الصوتية، وسبب هذا الاختلاف واضحٌ فإن الأسنان مكشوفة للرؤية، وأما الحنجرة وأجزاؤها وعملها، فتقتضي مُلاحظتها التَّشريحُ، وما أظنُّ سيبويه يجترِئ عليه، أو إلى بعض الآلات الفنّية، كمنظار الحَنجرة، أو الأشعة المجهولة، ولم تكن مثل هذه الآلات بين يديه...؛ فثبت أن الخلل المذكور في مدارك سيبويه، منعه من أن يفهم بعض المسائل الصوتية، حق الفهم" [27]. ويرُدُّ كمال بشر قائلا: "هذا الاحتمال بعيدٌ في رأينا؛ إذ تناقضه الشواهد الكثيرة الواردة عنهم" [28]. إضافة إلى ما أثبته اللغويون القدماء، من دقة بالغة، في وصف الصوامت بشكلٍ عامٍّ، بل تجاوزوا ذلك إلى وصف الحركات وتقديرِها.

 

وإن افتُرِض أنَّ القُدامى أخطؤوا في الجانب الوصفي القياسي التحليلي من علم الأصوت، فلا شكَّ أن تخطئتهم في جانبه التاريخي الذي يعتمدُ الرِّوايةَ مُجازفةٌ كبيرةٌ؛ فالعَيِّنةُ الَّتي تُطَبَّقُ عليها قوانين علم الصوت المُستَجِدَّة هي عَيِّنةٌ قد ظهرت قبل مئات السِّنين، ولا سبيل إلى تخطي هذا الحاجز الزَّمني إلاَّ بمُراجعة النُّصوص المكتوبة التي ظهرت في تلك الفترة أو قريبًا منها، مع اعتماد ضوابط وَصفِيَّةٍ وقوانين مَوضُوعِيَّةٍ، للوصول إلى مُقارَبةٍ صادقة لتلك الظواهر الصَّوتيَّة.

 

الثاني: أن يكون القُدامى إنما وصفوا الضَّاد المُوَلَّدة لا الضاد العربية الأصلية وإلى هذا الاحتمال يجنح كمال بشر، ويراه: "هو الأرجح، ربما لكثرة استعمال الصَّوت المولَّد، وشيوعه على الألسنة عند قيام حركة التأليف اللغوي" [29]. ويُعَزِّزُ هذا الاحتمال -في رأيه- أن مُستشرِقًا مَشهورًا هو: يوهان فك يرى أن حرف الضاد: "هو في أصله الحرف المُطبَق القَسيم للدَّال، خاصٌّ بالعربية"؛"أي: أنها حينئذ كانت تشبه ضادنا الحالية أو هي هي، غير أنَّ هذا الصوت -في نظره- قد تغيَّر فيما بعدُ في اللغة الدَّارجة أو المُولَّدة، بسبب اختلاط العرب بغيرهم منذ بداية الفتوح الإسلامية الأولى"[30]. هذا ما استنتجه كمال بشر!

 

وبمراجعة النص من الأصل الألماني (Arabiya,S.58,35)؛ يتبيَّنُ أنَّ (بِشر) كان ضحيةَ تصحيفٍ وقع في الترجمة العربية، إذ التَّرجمة الصَّواب هي: "الحرف المُطبَق القَسيم للذَّال" [31]، وهذا يُؤكِّدُ أنَّ الضاد الموصوفة في كتب الأقدمين هي القُحَّة، وأنَّ الداليَّة هي المُوَلَّدة.

 

وتُعزِّزُ هذا الرَّأي المستشرقة مارية هنفر قائلةً: "إن هذه الضاد احتكاكية في الحبشة، ولابد أنها كانت كذلك في العربية الجنوبية. والدليل على صحة ذلك: ورود بعض الكلمات مكتوبةً بالضاد في بعض النقوش، وبالزاي في بعضها الآخر" [32]. فلو كانت هذه الضاد انفجارية -كما ظنَّ كمال بشر-، لما التبست على الكاتب إطلاقاً فدلَّت كتابته إيَّاها بصورة الزاي على أنها كانت احتكاكية [33] في اللسان العربي الأصلي لا المُوَلَّد.

 

الثالث: أن يكون هناك تطوُّرٌ مَا طرأ على الضاد، فحوَّلها من صوت احتكاكي جانبي إلى تلك الألوفونات المتعددة، ومنها الدالي. وهذا أقوى الاحتمالات؛ يقول كمال بشر: "ومما يُرجِّحُ هذا الاحتمال كذلك: وصفُهم لكيفية نُطقها، وحالة ممر هوائها عند هذا النُّطق" [34]. فهي بذلك مُختلِفَةٌ عن تلك الضاد التي أشار إليها ابن سينا في القرن الخامس الهجري، والتي هي بلا شكَّ نُسخة مُعدَّلة عن الأصليَّة.

 

وعن كيفية حدوث هذا التطور في صوت الضاد الأصلي؛ يقول برجشتراسر: "نشأ نطق الضاد عند البدو من نطقها العتيق، بتغيير مخرجها من حافة اللسان إلى طرفه. ونُطقها عند أهل المُدن نشأ من هذا النُّطق البدوي؛ بإعماد طرف اللسان على الفك الأعلى بَدلَ تقريبه منه فقط، فصار الحرف بذلك في نُطقه شديداً، بعد أن كان رِخوًا" [35] مُستطيلاً.

 

وخلاصة القول:

أنَّ الضاد الأصليَّة الموصوفة في كُتُب اللغويين والقُرَّاء هي أُمُّ الضادات التي ينطقها أكثر العرب اليوم، وهذا التَّبايُن بين النُّطق الرَّسمي واليومي لصوت الضاد ليس وليد السَّاعة، بل هو ضاربٌ بجذوره في أعماق التاريخ، حتى قبل أن تُصنَّف تلك الكتب، وما (الضاد الضعيفة) التي تحدَّث عنها سيبويه إلاَّ واحدةٌ من ضرائر الضاد العديدة.



[1] ابن الجزري، محمد بن محمد، النشر في القراءات العشر، تح: علي محمد الضباع، دار الكتبة العلمية، لبنان، دط، دت. ج1ص248.

[2] سيبويه، عمرو بن عثمان، الكتاب. ج4ص432.

[3] المصدر نفسه.

[4] نفسه.

[5] غانم قدوري الحمد، الدراسات الصوتية عند علماء التجويد. ص238.

[6] رمضان عبد التواب، مشكلة الضاد العربية، مجلة المجمع العلمي العراقي. ج2 ص220.

[7] سيبويه، عمرو بن عثمان، الكتاب. ج4ص432.

[8] انظر: مكي درار، الضاد العربية إلى أين؟، مجلة القلم. ص91.

[9] القرطبي، عبد الوهاب بن محمد، الموضح في التجويد. ص84.

[10] ابن الأنباري، عبد الرحمن بن محمد، أسرار العربية، تح: فخر صالح قدارة، دار الجيل لبنان، ط1، 1995. ص359.

[11] تمام حسان، اللغة العربية معناها ومبناها. دار الثقافة، المغرب، 1994. ص55.

[12] النحوي أبو حيان، محمد بن يوسف، ارتشاف الضرب من لسان العرب. ج1ص16.

[13] النحوي أبو حيان، محمد بن يوسف، ارتشاف الضرب من لسان العرب. ج1ص13.

[14] السيرافي، الحسن بن عبد الله، شرح كتاب سيبويه. ج5ص390.

[15] غانم قدوري الحمد، الدراسات الصوتية عند علماء التجويد. ص239.

[16] ابن سينا، الحسين بن عبد الله، أسباب حدوث الحروف، تح: محمد حسان الطيان ويحيى مير علم، دار الفكر، دمشق، ط1، 1983.ص60.

[17] ابن سينا، الحسين بن عبد الله، أسباب حدوث الحروف. ص60.

[18] المصدر نفسه. ص61.

[19] نفسه.

[20] سيبويه، عمرو بن عثمان، الكتاب. ج4ص432.

[21] ابن سينا، الحسين بن عبد الله، أسباب حدوث الحروف. ص 94.

[22] ابن الجزري، محمد بن محمد، التمهيد في علم التجويد. ص131.

[23] انظر: رمضان عبد التواب، مشكلة الضاد العربية، مجلة المجمع العلمي العراقي. ج2 ص220.

[24] كمال بشر، علم الأصوات. ص 254.

[25] المرجع نفسه. ص116.

[26] نفسه. ص253.

[27] انظر: رمضان عبد التواب، المدخل إلى علم اللغة، مصر، 1980. ص31.

[28] كمال بشر، علم الأصوات. ص254.

[29] المرجع نفسه. ص258.

[30] كمال بشر، علم الأصوات. ص259.

[31] يوهان فك، العربية: دراسات في اللغة واللهجات والأساليب، تح: رمضان عبد التواب مكتبة الخانجي، مصر، 1980. ص111.

[32] انظر: رمضان عبد التواب، مشكلة الضاد العربية، مجلة المجمع العلمي العراقي. ج2 ص220.

[33] المرجع نفسه.

[34] كمال بشر، علم الأصوات. ص 256.

[35] برجشتراسر، التطور النحوي للغة العربية. ص19.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الضاد
  • الضاد في المعاجم العربية
  • صدر حديثاً (الفرق بين الضاد والظاء في كتاب الله عز وجل) لأبي عمرو الداني
  • لغة الضاد أو لغة الظاء
  • الخصائص الكتابية لصوت الضاد وصوت الظاء
  • صرخة الضاد: قراءة في كتاب: اللغة العربية ( سحر، وجمال، وعبقرية )
  • كاملية الضاد الفصيح: الأيقونة الفريدة لجيد الظبي المستحيل
  • التراث والنبراس (1) نظرات في أعياد الضاد

مختارات من الشبكة

  • الرتب المختلفة لصوتي الضاد والظاء(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الضاد والظاء والفرق بينهما(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عشقي للغة العربية: لغة الضاد وروح البيان(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الضاد بالمرصاد(مقالة - حضارة الكلمة)
  • حرف الضاد (نشيد للأطفال)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • تحرير مخرج حرف الضاد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أمة الضاد نحن (قصيدة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • في حب الضاد شاركت الألوكة مجمع اللغة العربية بالقاهرة احتفالها باللغة العربية(مقالة - الإصدارات والمسابقات)
  • قصة حرف الضاد للأطفال(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الضاد عشقي(مقالة - حضارة الكلمة)

 


تعليقات الزوار
3- إضاءة وتنوير وتوجيه
الودغيري محمد - الولايات المتحدة 08-12-2012 05:56 PM

أخي وجاري الكريم كبير بن عيسى

1- أرجو منك في المستقبل أن تتريث قبل استعمال بعض المسكوكات والألفاظ اللسانية من مثل قولك في آخر ردك السابق : ( أرجو أن يتسع صدر الأخ محمد لهذه الكلمات .... لتتضح له بعض الأبجديات فيها .) . فصاحب الأبجديات بالتأكيد سيكون شخصا آخر وليس أنا , للرد على هذه النقطة الأولى أقول , لست ممن يعودون إلى الأبجديات بل أنا من أولئك الذين يهدمون الأبجديات والمبادئ التي قامت عليها تلك الأبجديات , إذا كانت طبعا على خطأ فهي لا تشكل بالنسبة لي أي مادة علمية صحيحة حتى لو وجدت او قدمت ( أنت ) لي كتبا أخرى غربية أو عربية مهما حملت من الأسماء العلمية , بدليل ...
2- أن المصادر او المراجع التي دكرتها وهي : 
1 – علم الأصوات اللغوية، الفونيتيكا، عصام نور الدين، دار الفكر، بيروت، ط 1992م.
2 – الأصوات اللغوية، محمد علي الخولي، دار الفلاح، الأردن، ط 1990م.
3 – مبادئ علم الأصوات العام، ديفيد ابر كرومي، ترجمة محمد فتيح، دار كلية العلوم، القاهرة، ط 1988م ) ولو أضفت الى هذه المراجع كل الكتب الاصول التي ألفت ونشرت في نفس الموضوع, بما في ذلك كتابات بانيني الهندي ( القرن الخامس قبل الميلاد ) في علم الاصوات السنسكريتية , أو كتاب ( البويتيقا ) لأرسطو( القرن الثالث قبل الميلاد) , أو كتاب العين للخليل رحمه الله ( القرن الثاني الهجري ) , أو كتاب ( الخصائص ) لابن جني ( بداية القرن الخامس , ( يضاف إليها في الحقيقة كل المصادر التي كتبها ابن جني بدون استثناء ) , فابن جني وأستاذه الخليل عبقريو اللغة العربية واللغات العالمية من دون منازع , إن العرب المحدثون لم يظهروا تلك العبقرية بعد , أو يضاف اليها نظرية اللسان عند أبو اللسانيات الحديثة ( فيرديناند دوسوسور ) في كتابه ( محاضرات في اللسانيات العامة ) في بداية القرن العشرين ) و ( الحقيقة في نهاية القرن التاسع عشرة ), يضاف إلى كل ذلك بعض الإضاءات العلمية الرصينة عند بعض علماء أصوات اللغة العربية. مثل السيوطي والزجاج , وأبو حيان الاندلسي , وغيرهم , هذه المصادر وشخصياتها الفاعلة هي أهم و أم المصادر عندي , وبدون الرجوع إليها و الأخذ منها ونقدها وغربلتها وإعادة قرائتها وهو أمر واجب على كل من أراد القول سواء في علم الأصوات المعياري Phonetic أو علم الأصوات الوظيفي phonology لا يمكن فتح باب الحوار , غير هذا غير مقبول عندي ما جاء من أفكار في باقي المصادر والمراجع بما في ذلك كما ذكرته أنت أو غيره من المصادر العربية و الغربية او الشرقية , وأتمنى أن يكون هذا القرار وهذا الكلام واضحا لديكم وللقراء . حتى لا نبخس الناس أعمالهم , لابد من ذكر بعض الاضاءات العلمية القليلة و المحدودة , وهي مثل إشراقات شمس في نهار أربد داكن لبعض المحدثين من مثل بعض المقالات والكتب للدكاترة حنون مبارك من جامعة محمد الخامس بالرباط خصوصا كتابه ( مدخل إلى اللسانيات الحديثة ) الذي ظهر سنة 1987 , ومقاله الذي قدمه حول ( المد والسكون ) في أول مؤتمر عالمي للسانيات في المغرب في الثمانينيات من القرن السالف والذي نشره بمجلة التواصل اللساني سنة 1994 في أحد أعدادها .والدكتور يزن في أحد مقالاته وفي نقده لمفهوم الصوائت عند علماء الأصوات العرب المحدثين وعند بعض المستشرقين ومنهم من ذكرت أنت نفسك ( برجشتراسر ) على الخصوص وويوهان فك وشادة و من أخذ عنهم من العرب والمصريين على الخصوص , وأنت تستطيع الوصول اليه عبر الشابكة حاليا , والدكتور أحمد عليوة أيضا من جامعة القاضي عياض في مقال له حول ( الصوائت المركبة ) وهو مقال منشور بمجلة الفكر العربي المعاصر في بداية التسعينيات , ومصطفى صفوان في مقال له في مجلة الكرمل في بداية التسعينيات حول لسانيات سوسور في البلاغة العربية , وعند الدكتور غانم قدوري في مراجعته للأصوات الحلقية العربية في علاقتها بالأوتار الصوتية وكشفه عن المكشوف علميا وبيولوجيا بشكل مسبق عن وجود نوعين من الأوتار الصوتية في التجويف الحلقي الإنساني , واعتقد أنه أستاذ بإحدى دول الخليج , ثم وبشكل مثير جدا وعلمي إكلينيكي عند جاك لاكان في كل ما كتبه حول اللغة من المنظور اللساني السوسوري, و يمكن مراجعة ذلك بشكل مترجم في أحد اعداد المجلة التونسية ( بيت الحكمة ). أقول إن اإشراقات التي أشرت اليها سابقا سواء في المصادر أو المراجع في الغرب أو في الشرق لا تقدم حلا علميا لعلم الأصوات عند العرب أو ذلك المتعلق باللغة العربية, لكن تجميعها والتدقيق فيها علميا معرفيا ومنهجيا ومنهجيا يفتح الأفق واسعا نحو نظرية علمية صحيحة لعلم أصوات عربي نظريا وتطبيقا ومن المختبر وأدواته, وبمعنى آخر يفتح المجال لتأسيس وخلق نظرية علمية عربية في علم الأصوات , ستكون بحق أول نظرية علمية إنسانية في تاريخ اللغة البشرية على الإطلاق وأنا متأكد أن الأمريكيين لن يصلوا الى ذلك قبل العرب , وأعلم جيدا أسباب ذلك على الأقل في المدى المنظور , وهذا معناه أن الغرب بكل مؤسساته وأدواته التكنولوجية لم يقدم أي جديد في علم اصوات اللغة الغربية والإنسانية فالأحرى العربية , ونتوجه بالنقد هنا على الخصوص إلى صاحب الكليات الصوتية رومان جاكبسون وصاحب الكليات النحوية تشومسكي ويمكن أن تضيف اليهم بعض العلماء والاجتهادات في الغرب . أما بالنسبة للعرب فهو كما تعودنا منهم نقل وتحنيش اتباعي للغرب باطل علميا سواء تعلق الأمر بتمام حسان رحمه الله أو كمال بشر او عبده داوود وغيرهم كثير , باستثناء تلك الإشراقات التي ذكرنا ( ربما كانت هناك إشراقات أخرى لم نطلع عليها ) , انه لا وجود لعلم أصوات عربي بفرعيه المعياري والوظيفي لا في القديم ولا في الحديث , أي ليس هنا أي نظرية علمية عربية- أو حتى غربية أو شرقية - يصاحبها عمل تطبيقي مختبري يؤكد ويتبث علميا تلك النظرية . هذه المسلمات والحقائق التي ذكرناها هنا, ليس الاطلاع عليها بالضرورة إلا فاتحة نحو تصور يعد في المستقبل مهدا لتأسيس نظرية صحيحة علميا في ما يتعلق بعلم أصوات اللغة العربية من منظور لساني عربي ,
أنت تلاحظ أنني في ردي السابق لم أقم باي عمل نقدي علمي لما جاء في المقال الاصلي , بل إن النقد الذي قدمته كان عاما وتوجيهيا , وفي هذا الرد لم أقترب لا من المقال الأصلي ولا من النقد الذي وجهته أنت لردي الأول على مقالك , وأنا تعمدت تأخير تلك الردود إلى أن يحصل توافقا واتفاقا بيني وبينك على الأصول والتوابث وليس على الفروع, بعد ذلك يمكن الانتقال إلى نقد المادة موضوع الخلاف بيني وبينك , فالضبط العلمي المنهجي والمعرفي والاصطلاحي من مقومات البحث العلمي الرصين أليس كذلك ؟
مبادئ وأسس الحوار العلمي في هذا الموضوع من وجهة نظرنا؟؟؟
هل تتفق معي في المنطلقات والمعطيات والمبادئ التالية المؤسسة لهذا الموضوع ؟؟؟
يتبع

2- تنويه وإرشاد
كبير بن عيسى - الجزائر 08-12-2012 01:10 PM

شكرا جزيلا - أخي الكريم محمد - على هذا التعليق، واسمح لي بمناقشتك لنستفيد جميعًا .
أولا- استهللت تعليقك بعبارة (وجب إعادة النظر في مفهوم ومصطلح الألفون علميا) ؛ ولست أدري : إذا كانت إعادة النظر التي تشير إليها ، من اجتهادك أم مما هو متداول (علميا) . لأنك تقرر فيما بعد:
• أن (حقيقة الألفون هو صفة أو أكثر للصوت اللغوي الواحد) ؛ ثم ذكرت أنه (قد تكون الصفة أصلية، ويسمى الصوت اللغوي آنذاك ( الصامت) ، وقد : تكون الصفة غير أصلية أي فرعية ويسمى الصوت اللغوي (ألفونا) ) .
• والحقيقة في أن هذا الكلام مغالطات عدة:
الأولى : أنك وقعت في تناقض واضح ؛ حيث جعلت الألوفون صفة للصوت اللغوي، ثم جعلته اسما له ، ثم قررت تناقضك بقولك : (الألفون ليس صوتا لغويا قائما بذاته وإنما هو صفة أو صفات ترتبط بإنجاز الصوت الواحد في سياقات صوتية متعددة ومختلفة) .
الثانية : أن ما عرفت به الصامت خطأ ؛ ذلك أن الأصوات اللغوية تنقسم إلى صوامت وصوائت ؛ وتعرف الصوامت: بأنها الأصوات التي ينحبس الهواء، أثناء النطق بها، انحباسا محكما، و ذلك بأن يقوم عائق ما في جهاز النطق، فلا يسمح لهواء الزفير بالمرور، لحظة ما من الزمن يتخطى، بعدها هذا الهواء المنحبس هذا الحاجز أو ذاك العائق، فيحدث الصوت الانفجاري، أو يضيق مجرى الهواء، فيحدث هواء الزفير نوعا من الصفير و الحفيف مما يعني أنَّ الأصوات الصامتة أقل وضوحا في السمع من الأصوات الصائتة . والصوامت العربية الثمانية والعشرون صوتا هي : ( /ء/همزة القطع، /ب/، /ت/، /ث/، /ج/، /ح/، /خ /، /د/، /ذ/، /ر/، /ز/، /س/، /ش/، /ص/، /ض/، /ط /، /ظ/، /ع/، /غ/، /ف/، /ق/، /ك/، /ل/، /م/، /ن/، /ه/، /و / /ي/ غير المديتين) .
الثالثة : أنَّ ما عرفت به الألفون ، خطأ عقلا ونقلا .
* فمن حيث النقل (وأعني به المنقول في كتب الصوتيات) :
"Sounds that are merely phonetic variants of the same phoneme are allophones. Notice that any two sounds of a given language represent either two allophones of the same phoneme (if the sounds can be interchanged in words with no resulting change in meaning, such as the p's of pit and keep) or two different phonemes (if the sounds cannot be interchanged without a resulting change in meaning, such as the m and s of milk and silk). . . .

"Now consider the word stop. If you say the word several times, you will probably notice that sometimes the final /p/ contains more aspiration and sometimes, less. (In fact, if you end the word with your lips together and do not release the /p/, it contains no aspiration at all.) Since you are not pronouncing stop as part of a larger chunk of language that varies from utterance to utterance (for example, John told Mary to stop the car versus Stop and go versus When you come to the sign, stop), the phonetic environment of the /p/ remains constant--it is at the end of the word and preceded by /a/. In other words, we cannot predict when a particular allophone with more or less aspiration is likely to occur, so the allophones of /p/ must be in free variation."
(Thomas Murray, The Structure of English. Allyn and Bacon, 1995)

"[E]very speech sound we utter is an allophone of some phoneme and can be grouped together with other phonetically similar sounds."
(William O'Grady, et al., Contemporary Linguistics. Bedford, 2001)


"[T]he choice of one allophone rather than another may depend on such factors as communicative situation, language variety, and social class. . . . [W]hen we consider the wide range of possible realisations of any given phoneme (even by a single speaker), it becomes clear that we owe the vast majority of allophones in free variation to idiolects or simply to chance, and that the number of such allophones is virtually infinite."
(Paul Skandera and Peter Burleigh, A Manual of English Phonetics and Phonology. Gunter Narr Verlag, 2005)
Site : http://grammar.about.com/od/ab/g/allophoneterm.htm

An allophone : is a phonetic variant of a phoneme in a particular language.
Examples (English)
[p] and [pH] are allophones of the phoneme /p/.
[ t] and [tH] are allophones of the phoneme /t/.
Examples (Spanish)
[b] and [B] are allophones of the phoneme /b/.
[ d] and [D] are allophones of the phoneme /d/.
Site:
http://www.sil.org/linguistics/GlossaryOfLinguisticTerms/WhatIsAnAllophone
فالألوفون - يا أخي محمد - : هو مصطلح صوتي يدل على مظهر من مظاهر متعددة للفونيم الواحد، فكل ألوفون هو شكل من أشكال الصوت الواحد ، كما هو واضح من الأمثلة التي بين يديك .
* وأما من حيث العقل : فلا يمكن للألوفون أن يكون صفة أو صفات ، لأن الصفات أعراض ، ولا يمكنها أن تستقل بذاتها، فالألوفون صوت لغوي ، وماهية الصفة اللغوي يحددها المخرج والصفة . فما قررته من كون (الألفون ليس صوتا لغويا قائما بذاته وإنما هو صفة أو صفات ترتبط بإنجاز الصوت الواحد في سياقات صوتية متعددة ومختلفة) هو بالإضافة إلى كونه خطأ ، فهو يوقعك في مشكل آخر ، وهو : كيف تسمي الصور المختلفة التي تنشأ للصوت الواحد في سياقات صوتية متعددة ومختلفة ؟ إنها ببساطة : الألوفونات .
ثانيا - قولك : (ذلك أن أن أصواتا مثل اللام والدال والظاء والطاء الخ ليست ألفونات للصوت اللغوي الضاد...) ؛ فلعل الأخ لم يتنبه إلى ما نقله هو عني ( فالضَّاد نُطِقَت شَبيهَةً بستة أصوات - على الأقل -؛ هي: الظاء والذال واللام والزاي والدال والطاء) . واضح من قيد (شبيهة) أن تلك الأصوات المشار إليها ليست هي ألوفونات الضاد .
ثالثا ، وأخيرا – قولك : (وقد تمت مناقشة الظاهرة داخل المقال على أسس معرفية غير صحيحة علميا) ؛ فقد ذكرت أن ثمة (أسسا معرفية) غير صحيحة علميا، ولكنك في الحقيقة لم تتحدث إلا عن أساس واحد هو : الألوفون -الذي ناقشه على أسس غير معرفية ولا علمية - ؛ فأين البقية ؟
أرجو أن يتسع صدر الأخ محمد لهذه الكلمات ، وأدعوه إلى إعادة النظر في كتب الصوتيات ، لتتضح له بعض الأبجديات فيها .
وأحيلك على بعض المصادر :
1 – علم الأصوات اللغوية، الفونيتيكا، عصام نور الدين، دار الفكر، بيروت، ط 1992م.
2 – الأصوات اللغوية، محمد علي الخولي، دار الفلاح، الأردن، ط 1990م.
3 – مبادئ علم الأصوات العام، ديفيد ابر كرومي، ترجمة محمد فتيح، دار كلية العلوم، القاهرة، ط 1988م.

تحية طيبة.

1- تنبيه وتوجيه
الودغيري محمد - الولايات المتحدة الأمريكية 03-12-2012 05:49 PM

السلام عليكم

وجب إعادة النظر في مفهوم ومصطلح الألفون علميا , قال صاحب المقال ( فالضَّاد نُطِقَت شَبيهَةً بستة أصوات - على الأقل -؛ هي: الظاء والذال واللام والزاي والدال والطاء.) وقد تمت مناقشة الظاهرة داخل المقال على أسس معرفية غير صحيحة علميا ,
إن حقيقة الألفون هو صفة او أكثر للصوت اللغوي الواحد, وقد تكون الصفة أصلية ويسمى الصوت اللغوي آنذاك ( الصامت ) وقد تكون الصفة غير أصلية أي فرعية ويسمى الصوت اللغوي (ألفونا) , فالالفون صفة فرعية وليست أصلية , أما التمييز الثاني فيقع على المستوى المخرع أو لنقل على مستوى التقطيع المزدوج Double articulation , ذلك أن أن أصواتا مثل اللام والدال والظاء والطاء الخ ليست ألفونات للصوت اللغوي الضاد , لأن تلك الاصوات اللغوية كلها وغيرها تمتلك مخارج صوتية تختلف عن بعضها البعض اختلافا جذريا , فلكل صوت لغوي مخرج خاص به , قد تندرج بعضها داخل مدرجة واحدة لكن المدرجة ليست هي المخرج . أما التمييز الثالث فيظهر في كون الصوت اللغوي الواحد يكون صامتا ويحمل صفة أو صفات أصلية حين يرتبط بحركة السكون , لأن حركة السكون لا تقلقل الصوت اللغوي الواحد , في يتحقق الالفون مع الصوت اللغوي الواحد لاعتبارات متعددة ومن الحركات , سواء ارتبطت تلك الحركات بذلك الصوت اللغوي أو اترتبط بالسياق الصوتي لذلك الصوت نفسه كأن تسبه مثلا , في قولنا (بالله و والله ) نلاحظ أن صوت اللام هو نفسه لم يتغير لا خطا ولا صوتا وإنما صاحبه ترقيق مع كسر باء القسم , وصاحبه تفخيم مع فتح أو نصب واو القسم , إن الألفون هنا ليس هو صوت اللام
وإنما الصفات المرتبطة به أثناء الإنجاز والتوظيف أي التفخيم أو الترقيق , وبناء عليه أن الألفون ليس صوتا لغويا قائما بذاته وإنما هو صفة أو صفات ترتبط بإنجاز الصوت الواحد في سياقات صوتية متعددة ومختلفة , أما الخلط بين الأصوات المختلفة في اللهجات فلا يعتد به كمعيار علمي يحدد ويضبط الالفون مثل قولهم في اللهجة المصرية ( قال لي ) و ( ءال لي ) ( قلبي و ءلبي ) هذا استبدال صوت بصوت آخر وليس ألفونا ,
إن الألفونات صفات طارئة وليست أصواتا لغوية .
تحية طيبة ,

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/11/1446هـ - الساعة: 8:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب