• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الشرح الميسر على الآجرومية (للمبتدئين) (6)
    سامح المصري
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الحال لا بد لها من صاحب
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية النكتة رؤية تداولية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الإعراب لغة واصطلاحا
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    مفهوم القرآن في اللغة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    أهل القرآن (قصيدة)
    إبراهيم عبدالعزيز السمري
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي
علامة باركود

نحو بحر جديد (1)

نحو بحر جديد
أ. د. أحمد محمد عبدالدايم عبدالله

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 27/3/2012 ميلادي - 4/5/1433 هجري

الزيارات: 27257

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

نحو بحر جديد[1]

(من: "الوافر" و"الهزج")

 

1- لا أستطيع أن أدَّعي أنَّني أوَّل مَن استشعر وجود صلة مِن نوع قوي بين بحري "الوافر" و"الهزج"، فهذا هو أستاذنا المرحوم الدكتور أنيس يفرِد بحثًا خاصًّا في كتابه "موسيقا الشعر" تحت عنوان "الهزج ومجزوء الوافر"[2] يعالِج فيه ظاهرة القُربى بين البحرين، ويقرِّر فيه تلك الحقيقةَ، حيث يقول: "فالهزج وزنٌ وثيق الصِّلة بمجزوء الوافر، ويلتبس الأمر في بعض الأحيان، فلا ندْري أيُعدُّ البيت مِن مجزوء الوافِر أم من الهزَج"[3].

 

ومِن بعدِه تناول الموضوع أستاذنا الدكتور أمين السيِّد، حيث أفرَد لهذا الموضوع مبحثًا تناوله مع غيره مِن بحور أخرى يرى فيها رأيًا تحت عنوان "بحور الشعر كما أراها"[4] في كتابه "في عِلمي العَروض والقافية" اقترح فيه: "وضع أحد الاسمين للوزن الذي يتكوَّن منه بحرَا (الوافر والهزج) فيسميان معًا باسمٍ واحد، وليكن الهزج"[5].

 

والعلاقة قائِمة بين البحرين - إذا تجاوزنا وأطلقنا على الهزَج بحرًا - من عدَّة وجوه، تدعم اعتقادَنا بأنَّ الهزج ما هو إلا مجزوء للوافِر قد تطوَّر، يقول الدكتور أنيس: "ويظهر أنَّ الهزج تطوَّر لمجزوء الوافر، جاءتْ به عصور الغناء أيَّام العباسيين، ولم يكن معروفًا أيَّام الجاهليِّين، فقد تطوَّر الوافِر أولاً باقتطاع التفعيلة الأخيرة منه، وبذلك تكوَّن المجزوء، ثم نُظِم هذا المجزوء بحيث يوافِق الغِناء العباسي فجاءَنا الهزَج"[6].

 

نعمْ، وهذه حقيقةٌ لا يستطيع أن ينكرها باحِث، مهما هلَّل بعضهم لعثوره على بعض الأبيات أو على صور نادِرة أخرى، فإنَّ الأمر ما زال تحتَ باب الندرة أيًّا كان عدد القصائد أو الأبيات، يؤكِّد هذا نسبة شيوع "الهزج" في أشعار العباسيِّين، فإنها نسبة ضئيلة مِن مجموع ذلك التراث الضخْم، حتى إنَّ الدكتور أنيسًا يرَى أنها نسبة "لا تكاد تجاوز 1% مِن مجموع الأشعار"[7].

 

ثم إنَّ التفعيلة ذاتها التي يقوم عليها بحْر الوافِر هي "مفاعلتن"، حين العصْب تتحوَّل إلى "مفاعيلن"، وهي نفسها التي يتكوَّن منها "الهزج"، فإذا جاءتِ الأبيات مِن مكرَّر "مفاعلتن" وحْدها - كما يقول الدكتور أنيس[8]- فذلك هو مجزوءُ الوافِر في صورته الأصلية القديمة، وإذا رُويت من مكرَّر "مفاعيلن" وحْدَها، فهنا يلتبس الأمر بيْن مجزوء الوافِر والهزج، ويكون الحُكم هنا للقصيدة، فإنْ ورد فيها "مفاعلتن"، ولو مرَّةً واحدة حُكم عليها بأنَّها من مجزوء الوافِر، وإلا فهي من بحْر الهزج!

 

ولكن المشكلة، إذا لم يكن أمامي إلاَّ بيت واحد لا أعرِف قصيدتَه التي ينتمي إليها، فبِمَ أحكُم عليه؟!

 

على أنَّ العَروضيِّين اعتمدوا في التفريق بيْن البحرين - أو قل بيْن الوافر ومجزوئه المعصوب - على أساسين:

 

الأول: دائرة الخليل تفرق بيْن انتمائهما.

فالوافِر مِن دائرة المؤتلف.

والهزج مِن دائرة المجتلب.

 

ومعنى هذا أنَّ انفكاكَ البحرين - كما يقول العَروضيِون - مختلف، وهذا الاختلاف هو الذي باعَد بينهما، كما أنَّ الكثيرين حاولوا الحِفاظ على تُراث الخليل دون تغيير أو نظَر، فما دام الخليل فرَّق بينهما تفريقًا ذهنيًّا، فليبْقَ التفريق قائمًا!!

 

الثاني: أنَّ مفاعيلن الهزجيَّة يجوز أن تُكفَّ وتصير مفاعيل، بينما استقبحوا ذلك في مفاعيلن معصوبة الوافِر واستنكروه عليها" [9].

 

لذلك يستاءَل الدكتور أنيس - وأنا معه - قائلاً: "ولسْنا ندْري لِمَ استقبح أصحاب العَروض تغييرَ مفاعيلن إلى مفاعيل في مجزوء الوافِر، واستحسنوه في الهزَج، مع ما نراه فيما بينهما مِن صِلة وثيقة"[10].

 

وفي حقيقة الأمر، أنَّ الكفَّ لا يجوز في "مفاعلتن" حتى لا يلتقي خمسةُ متحرِّكات، وهو ممَّا تسكرهه اللغة العربية، بل تستقبحه وتستثقله، ولكن لماذا ينسحِب هذا الحكم على معصوبتها (مفاعيلن) وهي بالتأكيد غير مفاعلتن؟! ومعنى هذا إذا جاءتْ أجزاء البيت كلها على "مفاعيل" فإنَّنا - على رأي العَروضيِّين - نحكم على البيت "بالقطع" أنه مِن بحر الهزج؛ لأنها مستحسنة فيه.

 

فكيف الحال إذا جاءَ في بيت واحد "مفاعلتن - ومفاعيلن - ومفاعيل" أفلا يكون الحُكم شائكًا وملبسًا؟ انظرْ إلى قول الشاعر[11]:

 

إِلَى خُودِ مُنَعَّمَةٍ
خَفَفْنَ بِهَا وَفَدَّيْنَا

إلا خود منع عمتن خففن بها وفددينا

مفاعيل مفاعلتن مفاعلتن مفاعيلن

 

لا بد أن نحكم عليه بأنه مِن مجزوء الوافر، على الرَّغم مِن ورود مفاعيل، وهي "هزجية" صرفة فيه.

 

لذلك فأنا أرَى - مخالفةً لدائرة الخليل - وكما رأى أستاذي المرحوم الدكتور أنيس، أنَّ الهزج تطوّر لمجزوء الوافر، بل أذهب إلى أبعد مدًى منه، أن أُنكر تسمية "هزج" على هذا النَّوْع مِن الشعر، فإنَّه يخالف الواقِع المستعمل، جنوحًا إلى نظرية ذهنيَّة بعيدة كلَّ البُعد عن واقِع موروثنا الشِّعري.

 

وسوف أخطو إلى الأمام حيث لن أكتفيَ بذِكْر إحساسي بوجود صِلة قربى بين البحرين، بل أحاول مزْجَ الموروث الشِّعري للنوعين تحتَ مسمًّى واحد فقط هو "الوافر"؛ لننتقل من مجرَّد التعبير عن الإحساس باللفظ إلى مجالِ التطبيق الفِعلي متخطِّين بذلك الحدودَ التي وقَف عليها غيرُنا، وهذا ما سوف أعالجه في الصفحات التالية.

 

بحـر "الوافر الجديد"

الوافِر مبنيٌّ على "مفاعلتن" سِتَّة أجزاء، ويأتي على صورتين، تام ومجزوء.

 

أولاً: تام الوافر: وله الأضرب الآتية:

1- تامٌّ معصوب الضَّرْب معصوب العَروض، وقد حكَم عليه ابنُ القطَّاع بالشذوذ[12]؛ أي: إنه يأتي على "مفاعلتن" ستة أجزاء، وشاهِده:

 

مَضَى زَمَنٌ صَحِبْتُ بِهِ أَبَا كَرْبٍ
فَفَارَقَنِي أَبُو كَرْبٍ عَلَى كَرْبِ

مضى زمنن صحبتبهي أباكربن ففارقني أبو كربن على كربي

مفاعلتن مفاعلتن مفاعيلن مفاعلتن مفاعيلن مفاعيلن

 

وفي رأيي أنَّه وإنْ كان هذا الضَّرْب شاذًّا - كما يقول ابن القطاع - إلا أنَّه لم يكن هناك ما يَمنع مِن استخدامه، بل إني لم أحسَّ بنشاذ إيقاعي حين ترديده، بل العكس فإنَّ هناك تجانسًا موسيقيًّا حادثًا من ترديد وحدة وزنيَّة معيَّنة، ولم يذكر لنا ابنُ القطاع سببًا لحُكمه عليه بالشذوذ، اللهمَّ إذا كان يقصد بالشذوذ الندرةَ أو القِلَّة في الاستعمال، وهذا أمرٌ وجيه بالطبع، لكنَّه لا يجب أن يكون حائلاً مِن إباحة النظم عليه، طالما رغِب شاعر في ذلك.

 

2- تام مقطوفُ الضَّرْب والعَروض، والقطف إسقاط السبب الخفيف مِنَ التفعيلة وإسكان ما قبْله، وبه تتحوَّل التفعيلة إلى "مفاعل"، وتنقل إلى "فعولن"، وشاهده:

 

وَلَسْتُ أَرَى السَّعَادَةَ جَمْعَ مَالٍ
وَلَكِنَّ التَّقِيَّ هُوَ السَّعِيدُ

ولستأرس سعادت جم عمالن ولا كننت تقييهوس سعيدو

مفاعلتن مفاعلتن فعولن مفاعيلن مفاعلتن فعولن

 

ثانيًا: مجزوء الوافِر: وله الأضْرُب الآتية: (وهو مزْج لأضرب مجزوء الوافِر وما يُسمَّى بالهزَج).

 

1- مجزوء سالِم الضَّرْب والعَروض، ومثاله:

لَقَدْ عَلِمَتْ رَبِيعَةُ أَنْ (م) نَ حَبْلَكَ وَاهِنٌ خَلَقُ

لقد علمت ربيعة أن ن حبلك وا هنن خلقو

مفاعلتن مفاعلتن مفاعلتن مفاعلتن

 

ومثله:

هِيَ الأَيَّامُ وَالْعِبَرُ
وَأَمْرُ اللَّهِ يَنْتَظِرُ

 

2- مجزوء معصوب الضَّرْب، والعَروض سالمة، ومثاله:

 

عَجِبْتُ لِمَعْشَرٍ عَدَلُوا
بِمُعْتَمِرٍ أَبَا بِشْرِ

عجبتلمع شرن عدلو بمعتمرن أبا بشري

مفاعلتن مفاعلتن مفاعلتن مفاعيلن

 

ومعنى "سالم"؛ أي: التفعيلة غير مزاحفة بعصْب وغير معلولة بقطْف أو حذْف، ومعنى "مجزوء" أنَّه حُذِف منه تفعيلة مِن كل شطر مِن شطري البيت، وأنا أرَى أنَّ وقوع الحذف على التفعيلة الأولى مِن كل شطر أولى مِن وقوعه على الضَّرْب والعَروض؛ لأنهما يجب أن يبقيَا كما هما في التام والمجزوء، لا يمسهما شيءٌ إلا الزحاف والعِلَّة، علمًا بأنَّ القدماء لم يحدِّدوا صراحةً موضع التفعيلة التي تحذف عندما تستعمل مجزوء البحر، وإنْ مالوا إلى حذْف الضَّرْب والعَروض في الاستعمال.

 

3- مجزوء معصوب الضَّرْب والعَروض، وقد يأتي البيت كله معصوبًا (وهو الضرب الأوَّل مِن الهزج سابقًا)، ومثاله:

 

لَقَدْ مَرَّتْ بِنَا رِيمٌ
عَلَى تِلْكَ الْهَمَالِيجِ

لقد مررت بناريمن على تلكل هماليجي

مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن

 

أو: مفاعلتن مفاعلتن مفاعيلن مفاعيلن

 

4- مجزوء مقطوف الضَّرْب، معْصوب العَروض، ومثاله:

وَمَا ظَهْرِي لِبَاغِي الضَّيْ (م) مِ بِالظَّهْرِ الذَّلُولِي

وما ظهري لباغضضي م بظظهرذ ذلولي

مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن فعولن

 

أو: مفاعلتن........................

 

5- مجزوء مقطوف الضَّرْب والعَروض، وهذه صورة مستنبطة مِن قِراءتي العَروضيَّة، وقد قال بها ابنُ القطَّاع في كتابه "البارع" في نهاية كلامه عن زحاف الوافِر[13]، ومثاله:

 

عُمَيْرَةِ أَنْتِ هَمِّي
وَأَنْتِ الدَّهْرَ ذِكْرِي

عميرتأن تهممي وأنتدده رذكري

مفاعلتن فعولن مفاعيلن فعولن

 

ومثله أيضًا (وهو معصوب الحشو، مقطوف الضَّرْب والعَروض):

 

وَإِنْ يَهْلِكْ عُبَيْدٌ
فَقَدْ بَادَ القُرُونُ

وإن يهلك عبيدن فقد بادل قرونو

مفاعيلن فعولن مفاعيلن فعولن

 

6- وقد وردتْ صورة مِن صور المجتثّ في "البارع" لابن القطاع حينما يدخلها الشكْل (اجتماع الخبْن والكفّ)، فإذا بها بعدَ تفحُّصي لها صورة لمجزوء الوافر المقطوف الضرب والعَروض، بينما حشوه على (مفاعلتن) السالِمة، وهذا البيت هو[14]:

أُولَئِكَ خَيْرُ قَوْمٍ إِذَا ذُكِرَ الخِيَارُ

 

وقد قطعها ابن القطاع كالآتي:

ألائك خير قومن إذاذك رلخيارو

مفاعلُ فاعلاتن مفاعلُ فاعلاتن

 

أما أنا فأقطعها كالآتي:

ألائكخي رقومن إذاذكرل خيارو

مفاعلتن فعولن مفاعلتن فعولن

 

وإنَّ القارئ ليدرك الفرْق بين الإيقاعين، وإلى أيِّ مدًى وصل التعنُّت في تقطيع الأبيات الشِّعريَّة؛ حفاظًا على القاعدة النظرية التي خرجتْ مِن دائرة الخليل، بل يدرك إلى أي مدًى وصَل الفِكر العروضي الذي آلَى على نفْسه التمسك بالدائرة الخليليَّة والتقيُّد بها وعدم الخروج عنها.

 

7- الضرب السابِع: مجزوء مقصور والعَروض معصوبة، والقصْر حذف ساكِن السبب الخفيف وإسكان متحرِّكه، فتصير مفاعيلن إلى فعولان، والردْف لازم له[15]، ومثاله:

 

عَفَتْهُ الرِّيحُ أَحْيَانًا
وَهَطْلٌ ذُو عَرَانِينِ

عفتهرري حأحيانن وهطلن ذو عرانين

مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن فعولان

 

أو: مفاعلتن.....................

 

ولا أدْري - بعد هذا العَرْض - ما المانع مِن اعتبار "الهزج" مجزوءًا للوافِر، اللهمَّ إلا الخوف مِن الخروج على دوائر العَروض الخليليَّة، أو كما قال الدكتور أنيس: "والصِّفة التي تفرِّق بين الهزج ومجزوء الوافر هي أنَّ مفاعيلن في الهزج يجوز أن تُصبح مفاعيل فقط، وقد استقبحوه في الوافِر ولم يستسيغوه" [16]؛ أي: إنَّ ما يجوز في الهزج من زحاف قد لا يجوز في الوافِر.

 

نعمْ، استقبحوه ولم يستسيغوه، لكنَّهم لم يرْفُضوه، وهذه هي القشَّة التي قصمتْ ظهر البعير، وجعلتْ مجزوء بحر واضِح لا شكَّ في ذلك بحرًا مستقلاًّ لمجرَّد أنَّ الخليل - رحمه الله - يرى أنَّ مفاعيل تصلُح في الهزج دون الوافِر، وصورتها كالآتي:

مفاعيلن مفاعيلُ مفاعيلن مفاعيلُ

 

بل إنَّه يجوز في سائِر أجزائه الكف[17]- ما عدا الضَّرْب - فنقول:

مفاعيلُ مفاعيلُ مفاعيلُ مفاعيلن

 

ومثاله:

فَهَذَانِ يَذُودَانِ
وَذَا مِنْ كَثَبٍ يَرْمِي

 

وعندهم لا يصلح هذا في "مفاعلتن مفاعلتن"، وهذا صحيح، حتى لا تجتمع خمسة متحرِّكات، واللغة العربية تمجُّ هذا وترفُضه.

 

لكن لماذا ينسحب هذا الحُكم على معصوبته "مفاعلتن"؛ أقصد: "مفاعيلن"، ويأتي في "مفاعيلن" الهزجيَّة؟

 

والحقيقة التي لا مِراءَ فيها أنَّ واقع التراث يؤيِّد ما ذهبْنا إليه، بل واقِع اللغة أيضًا؛ لأن عصب (مفاعلتن) سيخفِّف من التقاء خمسة متحرِّكات إلى التِقاء ثلاثة متحرِّكات فقط، وقد ورد في ذلك قول الشاعر:

لِسَلَّامَةَ دَارٌ بِحَفِيرٍ كَبَاقِي الْخَلَقِ السُّحْقِ قِفَارُ

لسل لام تدارن ب حفيرن كباقلخ لقسسحق قفارو

مفاعيلُ مفاعيلُ فعولن مفاعيلُ مفاعيلُ فعولن

 

أو: مفاعلتُ مفاعلتُ فعولن مفاعلتُ مفاعلتُ فعولن

 

زحاف الوافر

وهو - أيضًا - مزْج لزَحاف بحْري الوافِر والهزج - والغريب أنَّ ما يجوز في الوافِر، نفْسه يجوز في الهزَج، مثل العصْب والعقْل، والخرب والخرم، والعقص والقصم، وهذه أمثلة لذلك:

 

1- العصْب: يجوز في سائِر أجزائه إلا الضَّرْب الثاني مِن المجزوء، حتى لا يلتبس بالضَّرْب الثالِث منه، والعصْب تسكين الخامس المتحرِّك.

 

مثله من التام:

 

إِذَا لَمْ تَسْتَطِعْ شَيْئًا فَدْعَهُ
وَجَاوِزْهُ إِلَى مَا تَسْتَطِيعُ

إذا لمتس تطعشيأن فدعهو وجاوزهو إلا ما تس تطيعو

مفاعيلن مفاعيلن فعولن مفاعيلن مفاعيلن فعولن

 

ومثاله مِن المجزوء، وهو الضَّرْب الثالث مِن هذا البحر:

 

لَقَدْ مَرَّتْ بِنَا رِيمٌ
عَلَى تِلْكَ الْهَمَالِيجِ

لقد مررت بنا ريمن على تلكل هماليجي

مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن

 

2- ويجوز فيه "العقل"، وهو إسقاط الخامس مِن "مفاعلتن"، وكذلك الخامِس مِن "مفاعيلن"، فتُصبح الأولى (مفاعلن)، وتصبح الثانية (مفاعلن)، ولم نقل: "الخامس المتحرِّك" كما يقول العَروضيُّون؛ لأنَّ الخامس عندنا قد يكون متحرِّكًا أو ساكنًا، أما العَروضيُّون فقد جعلوا حذْف الخامس المتحرِّك "عقلاً"، وحذف الخامس الساكن "قبضًا"، ولا أرَى ضرروةً لذلك؛ لأنَّ الخامس (متحركًا أو ساكنًا) عند حذفه سواء، لذلك آثرْنا إطلاق "العقل" عليه اختصارًا، وتحقيقًا للفائدة، وتسهيلاً للفَهْم والإحاطة، مثاله:

 

مَنَازِلٌ لِفرْتِنَا قِفَارُ
كَأَنَّمَا رُسُومُهَا سُطُورُ

منازلن لفرتنا قفارو كأننما رسومها سطورو

مفاعلن مفاعلن فعولن مفاعلن مفاعلن فعولن

 

هذا إذا كان الوافِر تامًّا، ويجوز "العقل" فيه إذا كان معصوبًا إلا الضَّرْب والعَروض؛ أي: إنه يدخل حشو المجزوء، حتى لا تختلِط الأضرب المجزوءة بعضها ببعض، مثال:

 

فَقُلْتُ لاَ تَخَفْ شَيْئًا
فَمَا عَلَيْكَ مِنْ بَاسِ

فقلت لا تخف شيأن فما علي كمنباسي

مفاعلن مفاعيلن مفاعلن مفاعيلن

 

وهناك مَن يميِّز هذا النوع مِن الزحاف[18] (حذف الخامس الساكن) في بعض أضرُبه المجزوءة المعصوبة (الضَّرْب الثالث مِن المجزوء عندنا) متمثلاً بقول الشاعر:

 

عَفَا الرَّأْسَ قُصَارَاهُ
فَأَكْنَافُ الجَزَاوِرِ

عفررأس قصاراهو فأكنافل جزاوري

مفاعيل مفاعيلن مفاعيلن مفاعلن

 

ولكنَّهم في النهاية وصموه بالشذوذ والقلَّة[19].

 

3- ويجوز فيه الخرْم، وهو ذَهابُ إحدى حركتي الوتد المجموع، مثاله قول الشاعر:

 

إِنْ نَزَلَ الشِّتَاءُ بِدَارِ قَوْمٍ
تَجَنَّبَ جَارَ بَيْتِهِمُ الشِّتَاءُ

إن نزلش شتاء بدا رقومن تجننبجا ربيتهمش شتاءو

فاعلتن مفاعلتن فعولن مفاعلتن مفاعلتن فعولن

 

أي: إنَّنا حذَفْنا ميم (مفاعلتن) فصارت (فاعلتن) كما نرى.

 

4- والجمم، يجوز فيه أيضًا، وهو اجتماع "العقل" و"الخرم" في تفعيلةٍ واحدة، مثل قولهم:

 

أَنْتَ خَيْرُ مَنْ رَكِبَ الْمَطَايَا
وَأَكْرَمُهُمْ أَخًا وَأبًا وَنَفْسَا

أنتخي رمن ركبل مطايا وأكرمهم أبن وأخن ونفسا

فاعلن مفاعلتن فعولن مفاعلتن مفاعلتن فعولن

 

ويُلاحَظ هنا أنَّ التفعيلة الأولى دخَلها الخرم بحذف "ميم" مفاعلتن، ودخلَها العقل بحذف خامسها فصارتْ - كما ترى - فاعلن، وهو ما يُطلق عليه عَروضيًّا "الجمم".

 

5- ويجوز فيه "الخرب"، وهو اجتماعُ الخرْم والكفّ، وإنَّما سمِّي أخرب؛ لأنَّ الخراب دخله في أوَّله (الخرْم)، وآخرِه (الكف)، ومثاله قول الشاعر:

 

لَوْ كَانَ أَبُو بِشْرٍ
أَمِيرًا مَا ارْتَضَيْنَاهُ

لو كان أبو بشرن أميرن مر تضيناهو

فاعيلُ مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن

 

أو: فاعلت بدلاً من فاعيل.

 

أو: مفعول.

 

وكلُّها تسميات تعبِّر عن التفعيلة الخرْباء؛ أي: التي دخلَها الخرب.

 

6- ويجوز فيه "القصم"، وهو اجتماع الخرْم والعصْب، مثاله في التام قولهم:

 

مَا قَالُوا لَنَا سُدُدًا وَلَكِنْ
تَفَاقَمْ أَمْرُهُمْ فَأَتَوْا بِهُجْرِ

ما قالوا لناسددن ولاكن تفاحشقو لهموأتو بهجري

مفعولن مفاعلتن فعولن مفاعلتن مفاعلتن فعولن

 

أو: فاعلين بدلاً من مفعولن.

 

ومثاله في المجزوء قولهم:

أَدُّوا مَا اسْتَعارُوهُ كَذَاكَ العَيْشُ عَارِيه

أددومس تعاروهو كذاكلعي شعاريهي

مفعولن مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن

 

أو: فاعيلن بدلاً من مفعولن.

 

7- ويجوز فيه "العقص"، وهو اجتماعُ الخرْم والنقص فيخلفه "مفعولُ"، ومثاله قولهم:

 

لَوْلاَ مَلِكٌ رَؤُفٌ رَحِيمٌ
تَدَارَكَنِي بِرَحْمَتِهِ هَلَكْتُ

لولام لكن رؤفن رحيمن تداركني برحمتهي هلكتو

مفعولُ مفاعلتن فعولن مفاعلتن مفاعلتن فعولن



[1] منشور في كتابنا "فن العروض قضايا وبحوث" (ص: 84 وما بعدها) طبعة ثالثة 2000م – 1420هـ.

[2] "موسيقا الشعر" (ص: 110).

[3] المصدر السابق.

[4] "في علمي العَروض والقافية" (ص: 89).

[5] المصدر السابق.

[6] "موسيقا الشعر" (ص: 111).

[7] "موسيقا الشِّعر" (ص: 111).

[8] المصدر السابق.

[9] "موسيقا الشِّعر" (ص:111).

[10] المصدر السابق.

[11] الأغاني 2/237)، وموسيقى الشعر112).

[12] انظر البارع في علم العروض ص112).

[13] انظر البارع ص114).

[14] البارع ص178).

[15] "البارع" (ص: 134).

[16] "موسيقا الشِّعر" (ص: 111).

[17] هذا الزحاف والمثال الذي سوف يأتي مِن كتاب "البارع" (ص: 132).

[18] "البارع في عِلم العَروض" (ص: 135).

[19] السابق نفس الصفحة.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • بحرُ القوافي
  • نحو بحر جديد (2)
  • نحو بحر جديد (3)

مختارات من الشبكة

  • من آثار النحو العربي في النحو العبري في الأندلس (PDF)(كتاب - حضارة الكلمة)
  • نحو النحو: مدخل علمي للمبتدئين بالخرائط والجداول (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تيسير النحو عند عباس حسن في كتابه النحو الوافي- دراسة وتقويم(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • الإجماع في النحو: دراسة في أصول النحو لدخيل العواد(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • النحو الصغير: الموطأ في النحو (عرض تقديمي)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • النحو والدلالة: مدخل لدراسة المعنى النحوي الدلالي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • سيمياء النحو: دراسة العلامات في النظام النحوي(مادة مرئية - موقع الدكتور بهاء الدين عبدالرحمن)
  • بيان ما يجب نحو إخوتنا المحاصرين والمضطهدين في حلب وإدلب وأنحاء سوريا(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • الافتراض النحوي (الافتراض في النحو)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • أثر إستراتيجية إعراب الفقرات إعرابا كاملا في اكتساب طالب اللغة العربية مهارات النحو وتحسين اتجاهاته نحوه(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 


تعليقات الزوار
2- أستاذنا
عادل نمير - مصر 26-01-2022 04:05 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كرما من حضرتكم أن توضحوا المصدر الذي تناول فيه أستاذنا د. أمين رأيه فيما يخص الهزج، أعني الطبعة وتاريخ النشر.
وشكرا

1- إضافة لطيفة
الشاعر علي شيخ - الصومال 05-04-2018 12:08 PM

ويمكن اعتبار بحر الطويل ضربا من أضرب الوافر..

مثلا..
(ن) تنوين نظرا لأني لا أملك الحركات في جهازي الحالي..

وظلم(ن) لقد قتل شعوري وعشرة(ن)
//0/0 //0/// //0/0 //0//0
فعولن مفاعلتن فعولن مفاعلن

وألقى بكل الناس خلف ظهورنا
//0/0 //0/0/0 //0/ //0//0
فعولن مفاعيلن فعول مفاعلن

والله أعلم

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/11/1446هـ - الساعة: 10:16
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب