• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    مفهوم القرآن في اللغة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    أهل القرآن (قصيدة)
    إبراهيم عبدالعزيز السمري
  •  
    إلى الشباب (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    ويبك (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
  •  
    الفعل الدال على الزمن الماضي
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    أقسام النحو
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    نكتب المنثور (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / أدبنا / دراسات ومقالات نقدية وحوارات أدبية / أدب الأطفال (دراسات في أدب الأطفال)
علامة باركود

إبراهيم شعراوي وتكملة المسيرة من خلال النثر

محيي الدين صالح

المصدر: من دراسة بعنوان: أدب الأطفال من منظور إسلامي (إبراهيم شعراوي نموذجًا)
مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 7/8/2011 ميلادي - 7/9/1432 هجري

الزيارات: 8191

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أدب الأطفال من منظور إسلامي

(إبراهيم شعراوي نموذجًا)

 

شعراوي وتكملة المسيرة من خلال النثر

سيظَلُّ الشِّعر بسِحْره وألَقِه في الأدب العربيِّ، يغذي الأجيال المتعاقِبَة بالحكمة والمعرفة؛ وذلك مصداقًا لقول رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فيما روي عنه: ((إنَّ من البيان لسحرًا، وإن من الشعر لحكمةً))، ومع ذلك فإنَّ الإبحار عبر الكلمات المُجنحة التي صاغها "إبراهيم شعراوي" للأطفال، بأسلوبه الشعريِّ البديع - لعلَّه لا يصرفنا تمامًا عن إلقاء حُزْمة ضوءٍ مناسبة على إبداعاته النَّثرية الجميلة، والتي تحمل في طيَّاتها كثيرًا من المعاني النبيلة، والعظات البليغة، والعِبَر والدُّروس، وهذا اللَّون عند "شعراوي" أيضًا لا يخلو من الخيال الخصب الذي يشدُّ انتباه الطِّفل، ويجعله يشارك بوجدانيَّاته في الأحداث، وأثناء اندماجه مع تفاصيل القصة، وتأثُّره بالمواقف المختلفة لأبطالها، يكون قد تشرَّب بأسلوبٍ غير مباشر كلَّ المعاني التي يريد الكاتب بثَّها في أعماق الطفل.

 

وإذا كانت قصائد "شعراوي" في كتابه "حكايات وأغانٍ على حروف الهجاء" تُناسب الأطفال في المرحلة العمرية من 6 إلى 9 سنوات؛ فإنَّ إبداعاته النثريَّة تُناسب المرحلة التالية؛ أيْ: مِن 9 إلى 12 سنة؛ لأنَّ كثرة الأبطال أو الشخصيَّات التي تدور حولَها القصص، قد لا يستوعِبُها الصِّغار في مراحلهم السِّنِّية الأولى؛ وذلك لما فيها من تشابُكِ الأحداث وكثرتها وتتابعها، كما في قصَّة "العصفور الذكي" في كتاب "حكايات أسد عجوز"، حيث إنَّ شخوص هذه القصة هم: "عصفورة، وأسد، وشبل، وفيل، وزرافة، وفهد".

 

وقد أصدر "شعراوي" مجموعةً من القصص القصيرة للأطفال، كلها تقريبًا تدور حول البُعْد الأخلاقيِّ للمجتمع المسلم، وكيفيَّة نقل المعارف الإنسانيَّة، والعادات والتقاليد العريقة، والمُثل العليا إلى الأجيال الصاعدة، وكل هذه القصص أبطالها حيوانات، أو طيور، أو مخلوقات خرافيَّة من تلك التي استوحاها "شعراوي" من الأدب النوبي، وأحيانًا جمادات ناطقة، ومن هذه القصص الكثيرة المتنوِّعة، نستنتج أن "شعراوي" سار في إبداعاته للطِّفل عبر أربعة محاور، سلكها في طريقه إلى خيالات الأطفال:

المحور الأول هو: القصص المباشرة التي يقوم بدور البطولة فيها أطفالٌ مع ذويهم أو أصدقائهم.

والمِحور الثاني: تأتي فيه القصص على ألسنة الحيوان أو الطُّيور.

والمحور الثالث: هو اختلاق مخلوقات وهميَّة، وتحريك الجمادات، وإشراكها في بطولة القصَّة.

أما المحور الرابع: فهو تحريك خيال الطِّفل من خلال أخبار السَّحرة والمسحورين.

 

ومن نماذج المحور الأول عند "إبراهيم شعراوي"، قصة "السلام عليكم" و"شكرًا جزيلاً"، و"مجرد مسمار" في كتاب "الطفل الذي رأى الدنيا كلها"، وكذلك قصة (عازف) في كتاب "حكايات أسد عجوز"، وإذا أردنا أن نلقي بعض الضوء على قصة "مجرد مسمار صغير" كنموذج لهذا المحور، فإنَّ أبطال هذه القصة ثلاثة: "عصام" - الولد الطيب الذي يحب والديه وأهله وجيرانه، والناس جميعًا، كما جاء في مقدمة هذه القصة - و"أمه"، و"الشيخ حسان" بائع الألبان، والقصة تقول:

"إن "عصامًا" فكر في صنع عربة صغيرة، يدفعها أمامه، ويضع عليها الأشياء التي تطلب منه أمُّه أن يشتريها لها".

 

وهذه الجملة في بداية القصَّة رغم بساطتها، فيها الكثير من الدُّروس والعِبَر للأطفال، فإن "عصامًا" يفكر في وسيلة تساعده على قضاء شؤونه، وهو لا يعصي أمه، وإنما يحضر لها ما تطلبه من مشتريات رغم بُعد المسافة بينهم وبين السُّوق، وهو الذي سيقوم بتصنيع هذه العربة بنفسه، وهذه الرُّؤية القصصيَّة فيها إيحاء للطِّفل المتلقِّي بأن الإنسان عليه أن يفكر دائمًا في كيفية أداء ما يطلب منه من أعمال بأيسر السُّبل، وأن يكون عضوًا مفيدًا في أسرته، وأن يشارك في شؤون البيت حسب مقدرته بدون تغافل أو تكاسل.

 

وتسير أحداث القصة موضحة أن "عصامًا" شرع في صنع العربة التي يريدها، وأحضر الخامات والأدوات المطلوبة، ولكنه أهمل وَضْع بعض المسامير في مكانها الصحيح؛ ظنًّا منه أن ذلك شيء بسيط، لا يؤثِّر على متانة العربة وقوتها وصلاحيتها، ثم يذهب بها لشراء بعض الأغراض لأمِّه.

 

وأثناء العودة، وفي منحدر شديد من الأرض، تفلت العجلة التي لم يهتم "عصام" بدق مسمارها بشكل سليم، ويتصادف مرور الشيخ "حسان" بعربته التي يجرها الحمار، وعليها كميات من اللبن، فتندفع العجلة بسرعة من عربة "عصام" في اتجاه الحمار الذي يخاف، ويميل إلى جانب الترعة المجاورة، ويسقط في الماء ومعه العربة، فينسكب اللبن، ويجلس الشيخ "حسان" وهو يبكي سوء حظه، ويعود "عصام" إلى البيت، ويحكي ما حدث لأمه، فتطلب منه الأم أن يعود إلى الشيخ "حسان"، وأن يعتذر له، وأن يدفع له من "حصالته الخاصة" تعويضًا عما أصابه من خسارة.

 

وهنا يأتي الدرس الذي يريد "شعراوي" أن يختم به كل العظات والعبر التي وردت في ثنايا القصة، فإن الشيخ "حسانًا" قد فرح بحسن تصرف "عصام"، وقال له:

"خذ نقودك يا ولدي؛ فإن اعتذارك وحنانك أعظم من كل كنوز الدنيا".

 

وبالنسبة للمحور الثاني؛ فإن من أوضح النماذج لشعراوي قصة "رحلة ذئب" الصادرة عن مؤسسة دار الشعب بالقاهرة، والتي بدأها بقوله:

"الإنسان يُطعِم الدجاجة، فتُقدِّم إليه البيض في مقابل طعامها، ويُطعم الحمار فيحمل له الأثقال، ويطعم الحصان فينقله من مكان إلى آخَر، ويطعم البطَّ ليحصل على اللحم والريش، حتى دودة القزِّ، يرعاها الإنسان ويحافظ عليها؛ ليحصل على الحرير، ولكن الإنسان لا يُطعم أعداءه".

 

وبعد هذه اللَّفتة المباشرة كتمهيدٍ أو تشويق لما سيأتي من أحداث؛ تبدأ رحلة الذِّئب بدايةً غير متوقَّعة؛ حيث يتم تربيته في بيت أحد المزارعين، لكن الذئب عندما كبر وترعرع، تأثَّر بأصله ولم يتأثَّر بمن ربَّاه، فأعاد إلى الأذهان ذلك التساؤل القديم للشاعر الذي قال للذئب أيضًا، وفي موقف مماثل لهذا الموقف:

غُذِيتَ بِدَرِّهَا وَرُبِيتَ فِينَا
فَمَنْ أَنْبَاكَ أَنَّ أَبَاكَ ذِيبُ؟!

 

ففي قصة "رحلة ذئب" وبعد سلسلةٍ من المفارقات التي تثير حفيظةَ الطِّفل؛ ينتهي المَطاف بالذِّئب إلى حديقة الحيوان مأسورًا على يد طفلٍ شجاع، استطاع بالحيلة وبالتعاون مع الآخرين أن يضع حدًّا لمشاكسات الذِّئب في الغابة، و"شعراوي" يضع في البداية مبررًا مقنعًا في تلك العلاقة العجيبة التي نشأَتْ بين إنسانٍ وحيوان غير أليف، حيث يقول:

"فأحسَّ الفلاحُ بالحنان، فانحنى على الذِّئب الصغير، وربَتَ على ظهره، ثم حمله إلى بيته، وعندما تخوَّفَت الزوجة من هذه العلاقة؛ حاول الفلاح أن يطمئنها حسب قناعاته كإنسانٍ حَنون، فقال لها: لا تخافي؛ فسوف نطعم هذا الذئب من طعامنا، ونجعله يتعود عاداتنا، ونعلمه الوفاء والطَّاعة، وحُبَّ الزملاء الذين يعيشون معه، وعلى هذا الأمل الساذج للفلاح، يتربَّى الذِّئب بين الماشية، إلاَّ أن الطبع يغلب التطبُّع".

 

وكأن "شعراوي" يريد أن يوضح هذه المعلومة بشكل قَصصي للأطفال، ولكنَّه أجاد الحَبْكة الفنِّية عندما جعل الذِّئب يهجم فقط على عَنْزة صغيرة يريد أن يأكلها، ولم يقل: إن الذِّئب ذبح العنزة والتهَمها، حتَّى لا تكون أذهانُ الصِّغار في موقف معادٍ لهذا الذئب من بداية القصة؛ فأسلوب المعالجة في نهاية القصَّة عند وضع الذِّئب في حديقة الحيوان تُناسب بداية الأحداث؛ "حيث تنبَّه الفلاحُ، فأسرع إلى الذِّئب، وضربه وطرده"، فالجزاء من جنس العمل، لا يزيد، ولا ينقص.

 

ومن اللفتات الجميلة المقصودة: أنَّ الفلاح يعتذر لزوجته في خجل، ويقول لها: "إنني آسف لسوء تصرُّفي، ولأني لم أعتمد إلاَّ على رأيي"، وأظن أن هذا التصرُّف هو المقصود الرئيسَ الذي يريد "شعراوي" أن يبثَّه من خلال القصة ضمن الأغراض الكثيرة الأخرى المبثوثة في القصة، وفي هذا إيعازٌ غيرُ مباشر أن الاعتذار عن كلِّ خطأ يُعدُّ من ضرورات العلاقات السويَّة بين الناس؛ لدوام المحبَّة والتواصل والأُلْفة، والمعنى نفسه أيضًا كان في قصة "المسمار الصغير"، وهذا التركيز يوحي لنا بالهمِّ الأكبر لـ"شعراوي"، وهو ينمِّي الصغار على خصال الخير والفضيلة من خلال الأدب الهادف والأسلوب الآسر، والدعابة الجميلة.

 

والمعنى نفسه نجده في منتصف القصَّة عندما تخطئ إحدى العنزات الصغيراتُ التصرُّفَ، فتبكي وتعتذر لأخواتها، وفي ثنايا القصة إيمانيَّاتٌ عن ضرورة استخدام الذَّكاء وحُسْن التصرُّف عن المواقف الصعبة، كما أنَّ فيها تأكيدًا على أهمية التعاون بين الأصدقاء، وبعد رحلته بين مختلف المصاعب يعود الذِّئب، وقد عرف أنَّ خيانته لم تَجْلب إلاَّ الشقاء، ولكنه يعود هذه المرة محمولاً لِيُحبَس في حديقة الحيوان؛ جزاءً وِفاقًا، ومع ذلك فهو سعيدٌ بهذه العودة..

 

"أمَّا الذئب فلم يحزن لوصوله إلى حديقة الحيوان؛ فقد جرَّب في طفولته كرمَ الإنسان، والخير الكثيرَ والطعام الوفير".

 

أما فيما يتعلَّق بالخيال الذي يتعدَّى الحيوانات والطيور إلى ما هو أبعد من ذلك، وهو ما صنَّفتُه ضمن المحور الثالث، فإنَّ قصة "التفاحات المغردة" تعتبر نموذجًا للأساطير من هذا اللون، ولعلَّ عنوان القصة يوحي بذلك؛ فالقصة فيها حيوانٌ خرافي بسبعة رؤوس، بالإضافة إلى تفَّاحات تغرِّد مثل البلابل، وبداية القصة:

"طفلة مهذَّبة وذكيَّة، ومحبة ووفيَّة، تمتلك شجرة سحريَّة، تقدِّم كلَّ عام ثلاثَ تفاحات مغرِّدة مغنية".

 

بعد هذا المشهد الذي فيه أسطورة الجمادات المغرِّدة، تأتي الأسطورة الثانية في المشهد الثَّاني مباشرة، وهي عبارة عن "حيوان رهيب له سبعة رؤوس"، وبعد هذه الإثارة المبكِّرة في القصة لخيال الطفل، تبدأ أحداثها، وتدور تفاصيلها بين الطِّفلة الذكيَّة وبين أخيها، في مواجهة أطراف القصَّة الآخرين.

 

ونلاحظ انتقاءَ أسماء أبطال القصَّة بعناية شديدة؛ فالطفلة اسمها "هديَّة"، وأخوها اسمه "فارس"، وكلا الاسمين يناسب المسمَّى تمامًا، حسب دورهما في الأحداث، ويدور صراعٌ بين الخير ممثَّلاً في "فارس"، البطل الشجاع الذي يُحاول أن ينتصر للحقِّ بكل جَسَارة، وبين الشرِّ ممثَّلاً في الوحش الأسطورة، الذي يستولي بجبروتِه على التفاحات المغرِّدة أولاً بأول، ويَحْرِم منها صاحبتها، وفي هذه القصة نجد عددًا من الصِّراعات، فبعد صراع فارس الوحش الأسطورة في أكثرَ من موقعة تنتهي كلُّها بانتصار الخير على الشرِّ، هناك صراع آخر بين "فارس" وثعبان يحاول الْتِهام نسورٍ صغيرة، تركَتْهم أمُّهم لتقضي بعض شؤونها.

 

"وحين تعب من المسير نام "فارس" في ظلِّ شجرة، واستيقظ على أصوات طيورٍ خائفة، فرأى ثعبانًا يحاول التهام نسورٍ صغيرة، فضرب الثُّعبان بسيفه ضربة فلَقَتْه إلى نصفين، وعاد "فارس" إلى نومه من جديد".

 

وبطول القصة وعرضها، نلمح معاني التَّضحية والوفاء، والبطولة وردِّ الجميل، وتقديم الشُّكر، بالإضافة إلى التزام الصِّدق، وفي القصة إشارة إلى أهمية عدم التسرُّع في إصدار الأحكام على الأمور؛ وذلك عند استعراض ما حدث بعد أن أنقذ "فارس" النسور الصغيرة من بطش الثعبان..

 

"واعتقد النسر الكبير أن "فارسًا" هو الذي أزعج صغاره"، ولكن هناك قيمة إنسانيَّة لا تغفل، فمن يفعل الخير في موضعه الصحيح لا يضارُّ أبدًا؛ فقد نادى الصغار أباهم النسر الكبير قائلين له: "هذا الفارس هو الذي أنقذنا من الثعبان"، فيكون الجزاء من جنس العمل أيضًا، فيقف النسر عند قمة الشجرة، ويمد جناحيه ليظلل على الفارس النائم، ويحرك الجناح الآخر مثل المروحة؛ ليرسل الهواء إليه، وعندما يستيقظ البطل من نومه ينال الجزاء الأوفى نظير شجاعته.

 

وفي الاتجاه ذاتِه، نجد بعض الإبداعات الأخرى لـ"شعراوي"، مثل قصة "العصفور الذَّهبي"، وقصص أخرى في كتاب "الطفل الذي رأى الدنيا"، وقصص متنوِّعة في كتاب "حكايات أسد عجوز".

 

كما تعدُّ قصة "ماء الحياة" لونًا رابعًا من ألوان الإبداع عند "شعراوي"، وهي مصنَّفة في المحور الرابع، وتتناول العظات والعبر من خلال السَّحَرة وأعاجيبهم، والصِّراع الدائر بين الخير والشَّر والذي ينتهي دائمًا بانتصار الخير وأعوانه على الشرِّ ورموزه، وهذه القصَّة تدور أحداثُها في بلاد السودان، واختيار موقع الأحداث هنا له مغزى ودلالة وعُمْق، حيث كانت تشتهر بلادُ السُّودان بالسِّحر والشعوذة، وتحديد الزمان "بماضي الزمان" فيه براعةٌ من الكاتب، وإدراك حقيقيٌّ بالأبعاد الثقافية التي يجب أن تُلَقَّن للطفل؛ فإنَّ الخيال في المحاور الثلاثة الأولى له حدود يتوقَّف عنده، ولكن السِّحر وأخباره قد يمتدُّ في خيال الأطفال بدون حدود، وهذا يوضِّح أهمية تحديد زمان هذه القصة بأنَّها كانت في زمان بعيدٍ وفي مكان بعيد، حتى لا يبثَّ الرُّعب في نفوس الأطفال بطريقة غير مباشرة.

 

وأسماء الأبطال في هذه القصة: "عثمان" وزوجته "إحسان" والابنة "زينة البلاد"، وكلها أسماء من الواقع الإفريقيِّ، ويتعمَّد "شعراوي" ألا يضع أسماء محدَّدة لرموز الشرِّ في هذه القصة، مثل (الساحرة - النساء الشريرات)، فيكتفي بالصِّفات.

 

وفي القصة حَشْد كبير من المخلوقات التي تشارك في أحداثها؛ (كالقرود، والزرافة، والببغاء، والقطط، والأرانب، والثعلب، والفيل، والتمساح)، والخيال في هذه القصَّة يأخذ جانبًا قَصِيًّا من وجدانيات الأطفال، حيث تتعرَّض أسرة طيِّبة إلى كيد الجارات الشريرات، اللاتي يلجَأْن إلى الاستعانة بالساحرة في تحويل أبناء هذه الأسرة الوديعة إلى غربان سوداء، وبعد سلسلة من الأحداث تنجح "زينة البلاد" في استعادة إخوتها إلى عالم الإنسان، ويتمُّ الانتقام من الساحرة والجارات الشريرات، وفي الاتِّجاه نفسه كانت قصة "الهدايا المسحورة" التي اختلَطَ فيها السِّحر مع المخلوقات الخرافيَّة في نسيجٍ واحد يُداعب خيال الطفل.

 

وكل إبداعات "شعراوي" للأطفال نثرًا، يمكن تصنيفه من خلال هذا التقسيم، وكلُّ محور من المحاور الأربعة توضح مدى تأثُّر "شعراوي" بالثقافات المختلفة التي أُتِيحت له؛ فقد استقى من الثقافة العربيَّة الإسلامية قصصَه على ألسنة الحيوانات والطُّيور، كما استقى من الثقافة النوبيَّة والأدب الشَّعبي النوبيِّ إبداعاتِه في المحور الثالث "المخلوقات الوهمية والجمادات النَّاطقة"، وأخيرًا أرى أنَّه استقى قصصَه عن السَّحَرة والمسحورين من الثقافة الإفريقيَّة التي جاءته عبر بوَّابة الثقافة النوبية أيضًا، أمَّا قصص الأطفال التي يكون أبطالُها بشَرًا حقيقيين، فهي موجودة في كلِّ الثقافات العالمية تقريبًا بنِسَب متفاوتة، فلا نحدِّد وجهة التأثير والتأثُّر في هذا اللون.

 

ومن حُسْن حظِّ الأطفال الذين يقرؤون لـ"شعراوي" أنَّهم في سطورٍ قليلة يَنْهَلُون من مختلف الثقافات والمعارف، وفي الوقت نفسه يكتسبون كثيرًا من الأخلاق الحميدة، والصِّفات النبيلة، بالإضافة إلى المهارات، وكل هذه المحصِّلة تصبُّ في الجوانب الإيجابيَّة في دواخل الطِّفل، فتتهذَّب بها سلوكياته في الحياة، فيُقْبِل عليها بمفاهيم راسخة.

 

ولقد حرصتُ على ألا أغوص في أغوار الإبداعات النثريَّة لـ"شعراوي" أكثرَ من ذلك، وقد حدَّدتُ هذا التوجُّه منذ بداية هذه الدِّراسة، مكتفيًا بجولتي بين الإبداعات الشعرية التي أراها أقرب إلى وجدانيَّات الأطفال، وأحقَّ بالإسهاب عند التناول، ولا أخفي أنَّها أقرب أيضًا إلى ميولي الأدبيَّة ووجدانيَّاتي، وليس هذا تقليلاً من قيمة النثر عندي، ولكنْ لكلِّ مَقامٍ مقال، فالطِّفل الذي يبدأ علاقته بالحياة من خلال أغاني التَّرقيص، حاجته إلى الشِّعر أقوى من حاجته إلى النثر.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أدب الأطفال بين الواقع والتَّطلُّع
  • أدب الطفولة
  • الطفولة والأدب في شعر إبراهيم شعراوي
  • أمثلة على قصيدة النثر

مختارات من الشبكة

  • هل كان والد إبراهيم الخليل كافرا؟ وهل آزر هو والد إبراهيم؟ وهل أسلم أبو طالب؟ (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • إبراهيم بن أحمد الحمد أمير الزلفي لمحمد بن إبراهيم الحمد(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • نحو البصريين بين التقعيد والواقع اللغوي لإبراهيم محمد إبراهيم داود(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • واتخذ الله ابراهيم خليلا "إبراهيم عليه السلام"(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • حوار شبكة الألوكة مع الأستاذ "إبراهيم أنور إبراهيم" عن جمهورية باكستان(مقالة - المسلمون في العالم)
  • لماذا نذكر إبراهيم عليه السلام في التشهد عن دون الأنبياء؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الخطوات الأولى لـ"إبراهيم شعراوي" مع أدب الطفل(مقالة - حضارة الكلمة)
  • إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الجنة، وتكملة أشراط الساعة: المهدي(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • أفعال اللغة العربية في تاج العروس وتكملة المعاجم والمعجم الكبير (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب