• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الشرح الميسر على الآجرومية (للمبتدئين) (6)
    سامح المصري
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الحال لا بد لها من صاحب
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية النكتة رؤية تداولية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الإعراب لغة واصطلاحا
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    مفهوم القرآن في اللغة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    أهل القرآن (قصيدة)
    إبراهيم عبدالعزيز السمري
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي
علامة باركود

العلة في الدرس اللغوي العربي القديم بين المآزق التحليلية والحلول الأبوفونية

العلة في الدرس اللغوي العربي القديم بين المآزق التحليلية والحلول الأبوفونية
جواد عامر

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 29/12/2021 ميلادي - 24/5/1443 هجري

الزيارات: 4373

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

العلة في الدرس اللغوي العربي القديم بين المآزق التحليلية

والحلول الأبوفونية


إن أي قارئ للدرس اللغوي العربي سيدرك أن تناول أية ظاهرة في الدرس النحوي أو الصرفي تحديدا لها ما يبررها على مستوى الاشتغال وأنه لا وجود البتة لقضية أو ظاهرة دون علة، لذلك أقام الدرس اللغوي لبنات العلل ليفسر اشتغال اللغة في نسقها الجملي وبنيات ألفاظها في تأليفها الصرفي، كل ذلك تم على أساس الملاحظة العميقة والتأويل ذي المنطلقات المتباينة من منطق وفلسفة وعلم رياضة وبلاغة وما تحمل إليه هاته المنطلقات من نتائج مختلفة تعبر عن أفهام عديدة صنعت لنا في تاريخ الدرس اللغوي ما عرف بالخلاف بين مدرستي الكوفة والبصرة، خلاف أغنى الدرس اللغوي وأثراه من حيث المادة التعليلية بدرجة كبيرة، مادة لا يمكن الحكم عليها بصبغتها المطلقة، بحكم خضوعها للتأويل المنبثق عن اختلاف المرجعيات الفكرية والثقافية الماتحة من الفقه وعلم الكلام، وفي هذا الصدد يقول الخليل بن أحمد الفراهيدي (1*): لما سئل عن العلل التي يعتل بها في النحو فقيل له: إن العرب نطقت على سجيتها وطباعها، ورفت مواقع كلامها وقام في عقولها علله وإن لم ينقل ذلك عنها واعتللت أنا بما عندي أنه علة لما عللته منه، فإن أكن أصبت العلة فهو الذي التمست وإن تكن هناك علة له، فمثلي في ذلك مثل رجل حكيم دخل دارًا محكمة البناء عجيبة النظم والأقسام، وقد صحت عنده حكمة بانيها بالخبر الصادق أو بالبراهين الواضحة، والحجج اللائحة، فكلما وقف هذا الرجل في الدار على شيء منها، قال: إنما فعل هذا هكذا لعلة كذا وكذا، ولسبب كذا وكذا سنحت له، وخطرت بباله محتملة لذلك.فجائز أن يكون الحكيم الباني للدار فعل ذلك للعلة التي ذكرها هذا الذي دخل الدار، وجائز أن يكون فعله لغير تلك العلة، إلا أن ذلك مما ذكره هذا الرجل محتمل أن يكون علة لذلك، فإن سنح لغيري علة لما عللته من النحو أليق مما ذكرته بالمعلول، فليأت بها".

 

إن الطرح الذي قدمه الخليل يظهر بجلاء الميزة التي طبعت فَهم العلة اللغوية، فهي ذات منشأ تأويلي محض منبعه الفهم الذاتي مما يمنحها القدرة على الامتداد عبر مسالك التأويل، وصنع الخلاف الذي يعتبر ظاهرة صحية مكنت الدرس اللغوي من القدرة على التململ وعدم الوقوف جامدًا أمام رهبة التعليل المعتمد على الحدس الفردي في غالب الأحوال، وهو ما نبَّه إليه بن جني حينما أشار إلى تصنيف العلة النحوية، فقال[1]: "اعلم أن علل النحويين على ضربين: أحدهما ما لابد منه وهو لاحق بعلل المتكلمين وهو قلب الألف واوًا لانضمام ما قبلها.. وضرب آخر غير مطرد الحكم ويمكن أن يتخلف الحكم بوجودها وهي غير ملزمة وهذه العلل مفتقرة إلى شيء خارج فيها وهو الاحتياط لتجنب تخصيصها بأن تستوفي جميع شروط العلة.."، وبذلك فإن الحديث عن العلة عند ابن جني تلحق بعلل المتكلمين أكثر مما تقترب من علل المتفقهين يضيف ابن جني قائلًا[2]: "اعلم أن علل النحويين وأعني بذلك حذاقهم المتقنين لا ألفاقهم المستضعفين أقرب إلى علل المتكلمين منها إلى علل المتفقهين"، فإذا كان هذا منظور ابن جني للعلة، فلابد أنه سيطرح العلل القريبة للواقع الفقهي، مما سيولد نوعًا من التمايز في تلقف العلة من لدن المتلقي الذي وجد نفسه أمام رهبة الاختلاف المفسر لقضايا لغوية متشابهة سببها الفهم وكيفيات التلقي، فقوله تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا ﴾ [الرعد: 12].

 

جعل البعض يزعم أن خوفًا وطمعًا مفعول لأجله، وزعم آخرون أنها حال، وذهبت جماعة إلى أنها مفعول مطلق، واعتل الفريق الأول بأن المعنى المقصود هو لأجل الخوف والطمع، والثاني رأى أنها إجابة عن سؤال الكيف، والثالث أنها بمعنى لتخافون خوفًا وتطمعون طمعًا، والحق أنها أفهام لا يمكن ردها، فالآية تحتمل الوجوه كاملة من حيث المعنى، وتبقى مسألة التلقي هي الحكم الفاصل في القضية، فكل متلقٍ سيقرأ الآية لابد أن يخضع لتأويل خاص يمليه الفهم المتباين، المنطلق من الفهم الذاتي، وهنا تكمن واحدة من مشكلات التعليل النحوي في درسنا العربي، وهي مشكلة ولدتها قدرة التركيب العربي على الامتداد لمعانقة معان لا تفسد الفهم على الإطلاق.

 

كما طرح القياس النحوي والصرفي بطرائقه المختلفة نفس الإشكال، فمنح الدرس اللغوي انفتاحه المطلق على التأويل الذاتي الخارج غالبًا عن نسق الجمهور والجماعة، لنجد أن هناك علماء لغة انفردوا بقرارات تعليلية نأت عن تلك التي احتج بها الجمهور، ذلك أن المسألة تظل اجتهادية بمنظور الخليل، وأن سقوط العلة أو ارتفاعها أمر سيان؛ لأن ضعفها سيؤدي إلى ردها في سياق تعليل العلة نفسها داخل دائرة الخلاف، أو يصرف النظر عنها إيمانًا بقبولها؛ مما جعل المتلقي يخضع لسلطة التعليل الاجتهادي متلقفًا هذه العلة وتلك، وإن تضاربت العلل أحيانًا، فالنسبة إلى الرباعي من الأسماء المقصورة مثلًا مما كان ثانيه ساكنًا فيه إجماع على قلب الألف واوًا أو حذفها لزيادة لاحقة النسب؛ مثل نُعْمَى نُعْمَوِيٌّ أو نُعْمِيٌّ، لكن ابن عصفور قال بوجود حالة ثالثة هي نُعْمَاوِيٌّ بزيادة الألف قياسًا على الممدود في حمراويٌّ، ولم يقل بها غيره، وهو قياس مقبول بالنظر لتشابه البنية الوزنية ووجود علامة التأنيث.

 

وأيًّا كان الأمر، فإن قضية التأويل والقياس ليستا بالقضيتين الأخطر في إشكالية العلة، إذ يطرح مشكل الاختلاف في اللسان العربي أخطر الإشكالات التي اصطدم بها اللغويون؛ مما خلق نوعًا من الارتباك في تعليل قضايا لغوية عدة، ولعلنا نضرب مثالًا بسيطًا على هذا الارتباك باسمية المكان والزمان؛ حيث عمد العالم اللغوي إلى عملية الاستقراء، ليجد أن وزني مفعَل ومفعِل ينتجان عن تخريجات صرفية عميقة قوامها الماضي والمضارع، لكن المشكلة تكمُن في اختلاف اللسان العربي في نطق أسماء المكان والزمان، فبين من ينطق نفس اللفظ بالكسر، ومن ينطقه بالفتح، ارتبكت العلة ووجدت نفسها حائرة ضائعة، ولنوضح الرؤية أكثر نسوق الأمثلة التالية:

• مسجِد بكسر الجيم لغة في القرآن تكلمت بها العرب مضارعه يسجُد مضموم العين، ومِن ثم فاستقراء الكلام العربي أثبت أن ما ضمَّت عينه يأتي المكان والزمان منه على وزن مفعَل بفتح العين لا بكسرها؛ لأن من العرب من تكلمت بلغة الكسر.

 

• وفي لغة القرآن دليلٌ على صحة مزعمنا، ففي سورة القدر تجوز قراءة كلمة مطلع بالفتح وبالكسر؛ قال تعالى: ﴿ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴾ [القدر: 5]، رغم أن قراءتها بالكسر يخالف العلة؛ لأن مضارعها مضموم العين، وقس على ذلك الكثير من البنيات التي أجاز فيها اللسان العربي النطق بالحركتين جاء في القاموس المحيط: "المسجِد ويفتح جيمه والمفعَل من باب نصر بفتح العين، اسمًا كان أو مصدرًا، إلا أحرفًا كمسجِد ومطلِع ومشرِق ومفرِق ومسكِن ومرفِق ومنبِت ومنسِك ألزموها كسر العين والفتح جائز وإن لم نسمع به"[3].

 

طرح من هذا القبيل لابد أن يوقع العلة في مأزق كبير لا سبيل لها من الخلاص منه إلا عبر الاستقراء الإحصائي، والهروب نحو دائرة الشذوذ اللغوي، أو التسليم بإطلاقية اللسان العربي وامتداداته التركيبية، لتجد نفسها حائرة، غير قادرة على التفسير المطلق والنهائي محتجة بمنطق السماع ومنطق: هكذا قالت العرب.

 

لذلك فالملفت في التعليل اللغوي ـ رغم القدرات الاجتهادية والعبقرية اللغوية ـ أن العلة لم تقتحم الكثير من أعماق الدرس اللغوي، فظلت سابحة في السطح خاصة ما تعلق بالدرس الصرفي والصوتي، فلم تقدم تبريرات حاسمة لظواهر امتزج فيها الصرفي بالنحوي والصوتي؛ مما جعلها تائهة تبحث لنفسها عن مخرج من هذا المأزق، ولعل البناء للمجهول يعد واحدًا من أكبر المآزق التي نتكلم عنها، ذلك أن النحويين تكلموا عن تغير البنية إلى الضم مع كسر أو فتح ما قبل الآخر في البنيات الصحيحة، وما يعتري البنيات المعتلة، أو المزيدة من متغيرات هيكلية دون أن يبرر الدرس اللغوي الأسباب التي دعت إلى هذا الانتقال الصرفي والفونولوجي، فكان الانصراف إلى التعليل البلاغي، عبر بيان أسباب الانتقال من البناء للمعلوم إلى البناء للمجهول؛ كالخوف من الفاعل أو الخوف عليه، أو تحقيره واشتهاره، وغير ذلك من المعاني؛ مما ولَّد نوعًا من التداخل بين الدرسين البلاغي واللغوي، وهو ما حاولت الأبوفونيا تداركه في الدرس الصرفي الحديث تحديدًا، مفسرةً الفراغ الذي تركه علماء اللغة في درس البناء للمجهول، والنسبة والمصادر والإعلالات والإبدالات الصوتية؛ مما شكل عقبة تعليلية حقيقية لعلماء اللغة.

 

ونجن نتكلم عن الأبوفونيا هنا بمنظورجيرزي كيروليفتش أحد فقهاء الدراسات الهندوأوروبية بحكم أن أعماله التي تندرج ضمن ما يسمى بالفيلولوجيا الدياكرونية، التي أدخلت الأبوفونيا إلى الدراسات السامية، ولم تقصرها فقط على الدراسات الهندوأوروبية، وبذلك فهي تتميز بخصائص موحدة قائمة على مبادئ التناسبية والاستقطابية، وعدم التنبؤ بجرس حركة المشتق، فالانتقال من الأساس نجم إلى الصورة المؤسسة نُجَيْم هو انتقال لعلاقة دلالية ونحوية ثابتة، والانتقال من الدخل المعجمي ضرب إلى الخرج (المضارع) يضرِب انتقال استقطابي بينهما مسافة قصوى، وذلك أن المضارع مشتق أبوفونيا من الماضي، أما الانتقال من كتب إلى يكتُبُ فهو ليس مشتقًّا أبوفونيا؛ لأنه لا وجود لعلاقة أبوفونية بين الماضي والمضارع من نمط ( u/a ) أي لا نجد فَعُلَ / يَفْعَلُ، بينما نستطيع الانتقال أبوفونيا من فعَلَ / يَفْعِلُ وفَعِلَ / يَفْعَلُ مثل رجع يرجع وسئم يسأم، أما الحديث عن مبدأ التنبؤ بجرس حركة المشتق انطلاقًا من جرس حركة الأصل المشتق منه، فهو يجعل من الأبوفونيا ظاهرة معجمية صرفة.

 

حاولت الأبوفونيا أن تعلل العديد من القضايا الصرفية كالبناء للمجهول الذي ذكرناه آنفًا، وذلك عبر ميكانيزمات محددة؛ يقول الأستاذ محمد بلبول: " لرصد التناوب الأبوفوني في نسق الفعل في العربية نحتاج لعاملين: ( أ الميكانيزم الأبوفوني ب) الصيغة النغمية الأساس " وقد حدد الأستاذ التناوب الأبوفوني في وجود أربعة نماذج باعتبار ثلاثة دخول فقط: / aiu، وبين الصياغة الخطية للائحة التناوبات الأبوفونية بما يسمى بالمسار الأبوفوني وهو على الشكل التالي[4]:

 

إن اشتقاق الماضي المبني للمجهول: كُتِبَ من الماضي المعلوم كَتَبَ أي الانتقال إلى ضم الأول وكسر الثاني متنبأٌ به صرفيًّا بموجب المسار الأبوفوني الموضح أعلاه، وهو ما يجعل النسق الأبوفوني نسقًا شفافًا يخرج من مجال العارض إلى ما هو متنبأ به أبوفونيا، لذا فتأمل التناوبات الأبوفونية يجزم بهذا الأمر ويجعل البنيات الصرفية (الخرج) متحقق عبر التنبؤ، فحركات الأصل الفرعي ( الماضي ) متوقعة في بنيات صرفية، فالانتقال من ضرب إلى يضرِب ومن لبس إلى يلبَسُ ومن كبُر إلى يكبُرُ، ومن علِم إلى يعلَم، لكنها قد تلتبس في بنيات أخرى مثل يئِس وشرُف عند دخول الزوائد المعجمية؛ مثل التضعيف لتصير يأَّس وشرَّف وهذا التحليل تسقطه الأبوفونيا على البناء للمجهول الذي لا يعرف ثباتًا على المستوى الحركي؛ مما يجعل الأبوفونيا نفسها محفوفة بشيء من الالتباس، ورغم ذلك فإن قواعد الاشتقاق الأبوفوني قادرة على تجاوز ذلك والتنبؤ بالتغيير الحركي للهيكل، وتبرير الخرج الذي لا يدخل المعجم، فمثلًا يعمل الميكانيزم الأبوفوني عملية اشتقاق الماضي المبني للمجهول من الماضي المعلوم بناءً على المسار الأبوفوني المذكور آنفًا، فيظهر أن فاء الماضي تتناوب أبوفونيا مع فاء الصيغة المشتقة، فنحصل على الضم في البنية الجديدة، وبناءً على هذا الطرح فقد كان من المتوقع أن نحصل على خرج في المضارع محقق بهذا الشكل يُضْرِبُ وليس يَضْرِبُ إلا أن فتحة الفاء في الماضي لا تقرأ أبوفونيا؛ مما يجعل المسار المنطلق من الفاء يقاوم أبوفونيا، وهذا ما أشار إليه الأستاذ محمد بلبول بقوله: "وبالنظر إلى أن الفتحة بعد فاء الماضي تتناوب أبوفونيا مع فاء الصيغة المشتقة ( المبنية للمجهول ) فيكون الخرج الضمة، فمن المنتظر أن يكون المضارع ( المعلوم ) المأخوذ أبوفونيا من الماضي المعلوم على صورة يُضْرِب لا يَضْرِبُ الصيغة المتحققة فعلًا، الواقع أن ظهور يضرب بدل يُضْرب مرده إلى أن فتحة الفاء في صيغة الماضي لا تقرؤها الصيغة الأبوفونية؛ مما يعني أن المسار الذي ينطلق من فاء الصيغة يقاوم الأبوفونيا"[5].

 

وبذلك فإن الأبوفونيا حاولت أن تجد التبريرات للمزالق التي وقع فيها الدرس اللغوي القديم من وجهة نظر فونولوجية محضة، خاصة وأن الدرس اللغوي القديم لم يقتحم أعماق الصوت، فكان وقوفه عند الهوامش والسطوح، مما جعل نظرته واقفة عند حدود ما سمحت به العدة المنهجية في ذلك التاريخ، لذلك فاستفادتنا من حقول المعرفة الإنسانية، وتلقفنا للتراكمات المعرفية في شتى العلوم مكنت الدارس اللساني اليوم من التنبه إلى قضايا تتسم بالدقة التعليلية لقضايا لغوية، لن يكون درسنا اللغوي قادرًا على اختراقها والنفاذ إلى أعماقها، ليقدم تبريرات أكثر عمقًا تتلاءم وطبيعة الظاهرة اللغوية.

 

لقد مكنت الأبوفونيا حقيقة من تفسير وكشف هفوات الدرس اللغوي القديم حينما بررت العلل وراء الانتقالات الصرفية، سواء عبر زيادة اللواحق في النسبة، أو الانتقالات الهيكلية في المصادر والتغييرات الصوتية في الإعلالات والإبدالات، وبنيات المجهول، باعتبار هذه الظواهر ذات طبيعة فونولوجية محضة تتحكم فيها العلة الصوتية التي وقف عندها علماء اللغة عند نقاط محدودة واضحة المعالم، كانت تحتاج إلى علة العلة، وهو ما ستقدمه الأبوفونيا في الدرس اللغوي العربي، باعتبار أنها ظاهرة من ظواهر اللغات الطبيعية، تندرج كمشروع في سياق بناء جزء من النحو الكلي؛ لأن الوصف الذي يتواءم في نحو من الأنحاء لابد أن يكون متوائمًا مع كل الظواهر في اللغات الطبيعية.



[1] الزجاجي الإيضاح في علل النحو.

[2] ابن جني الخصائص ج 2 تح محمد علي النجار دار الكتاب العربي بيروت لبنان د. ت ص 284.

[3] الفيروز آبادي القاموس المحيط ص 300.

[4] محمد بلبول بنية الكلمة في اللغة العربية تمثيلات ومبادئ منشورات فكر ط 1 2008 ص 91.

[5] المرجع السابق ص 105.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • إجازات السماع في الدرس اللغوي
  • اللغة العربية بين الدرس اللغوي والنقد الأدبي
  • الدرس اللغوي وعلاقته بالنص الديني في الثقافة الإسلامية
  • الصوت في الدرس اللغوي
  • المنهج الرياضي في الدرس اللغوي العربي القديم
  • معاني (الأب) في القرآن أربعة (الوالد، العم، الجد، ما تأكله وترعاه الماشية)
  • في التثقيف اللغوي لنسرين أكرم عبيد

مختارات من الشبكة

  • تعريف العلة، وأقسامها، وأبرز المؤلفات فيها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بيان الفرق بين العلة والحديث المعل وعلم العلل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الفرق بين العلة الأصولية والعلة المقاصدية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العلة في المصطلح الأصولي (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العلة في المصطلح الأصولي (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التعليل في النحو بكثرة الاستعمال وأمن اللبس والفرق(مقالة - حضارة الكلمة)
  • أشهر قوادح العلة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كيفية إدراك العلة الشرعية التي هي مناط الحكم(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • مسالك العلة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الفرق بين العلة والحكمة عند الأصوليين(محاضرة - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/11/1446هـ - الساعة: 15:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب