• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الشرح الميسر على الآجرومية (للمبتدئين) (6)
    سامح المصري
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الحال لا بد لها من صاحب
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية النكتة رؤية تداولية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الإعراب لغة واصطلاحا
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    مفهوم القرآن في اللغة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    أهل القرآن (قصيدة)
    إبراهيم عبدالعزيز السمري
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / أدبنا / دراسات ومقالات نقدية وحوارات أدبية
علامة باركود

حوار مع الأديب الشاعر الدكتور حيدر الغدير (3)

الحوار مع الأديب الشاعر الدكتور حيدر الغدير (3)
شمس الدين درمش

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/12/2021 ميلادي - 28/4/1443 هجري

الزيارات: 2520

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حوار مع الأديب الشاعر الدكتور حيدر الغدير (3)


س: يشيع في شعرك التفاؤل بمستقبل الأمة؛ كيف لك بذلك ولها متاعبُ جمة، بعضها من ضعفها، وبعضها من سطوة أعدائها، وهم أقوياء وكثيرون؟

ج: أنا سعيد جدًّا بهذا التساؤل، وإليك الجواب: أمَّتُنا مثل سواها من الأمم تمر بفترات ضعف وقوة، لكنها قادرة على تجاوز ضعفها بما تملكه من العقيدة الدافعة التي تحملها على العدل، إن غَلَبت، وعلى النهوض إن غُلِبت، وبما تملكه من الثروات الهائلة المتجددة منها والناضبة، والممرات المائية الإستراتيجية المهمة التي تملك بعضها كاملة، وبعضها بالاشتراك، وتملك الأراضي الواسعة التي تعيش عليها، وتتصف بالتزايد السكاني الذي يجعلها تنمو أكثر من سواها.

 

ولقد مرت الأمَّة بنكبات هائلة، لو أصابت أمَّةً أخرى لانقرضت، ويكفي أن نتذكر حروب الردة، والغزو المغولي والتتاري، والحروب الصليبية، وحركة الاستعمار الحديث، التي سيطرت في القرنين الماضيين على العالم الإسلامي كلِّه إلا مناطقَ قليلة.

 

لقد هُزمت الأمة، لكنها نهضت، وأخطأت في نهوضها وأصابت، لكن العاقبة كانت للصواب، وبذلك صارت هذه النكبات القاتلة خبرًا دميمًا منسيًّا في صفحات التاريخ.

 

واليوم نجد الأمة بما لها وما عليها، بصوابها وخطئها، في المحصلة النهائية؛ لـمَّا تفعل يتحسن أداؤها، وتصح خطواتها. إن يومها خير من أمسها، وغدها سيكون -بإذن الله- خيرًا من يومها. إن الله عز وجل تعهَّد كتابَه العزيز بالحفظ، وبإظهار دينه على الدين كلِّه. والمؤشرات على ذلك تتكاثر، وأنا من المنحازين لهذا الرأي بقوة، وشهودي عليه مجرى الأحداث من ناحية، وأقوال مأثورة مشهورة، لعدد من كبار العلماء، والعقلاء والمفكرين، من أقطاب الأمة؛ منهم: الشيخ أبو الحسن الندوي، والشيخ محمد متولي الشعراوي، والشيخ علي الطنطاوي، والشيخ صالح بن حميد، والشيخ صبحي الصالح، والأستاذ عباس محمود العقاد، وهناك الكثيرون، وأهم من ذكر الأسماء أن التفاؤل وعدم اليأس، والنظر إلى المستقبل، وعدم الارتهان بأخطاء الماضي - خلقٌ وعقيدة إسلامية، فمن هنا ظهر في شعري هذا التوجه بوضوح.

 

ومن القصائد النابضة بالأمل والاستبشار بالمستقبل: "إلى الثالث الميمون"، و"غدًا نأتيك يا أقصى"، و"بشرى"، و"سل الزمان"، و"غد أغر"، و"حلم موسى"، و"أصنام"، و"بعض الرؤى"، وستظل ملء الدهر"، و"أمل".

 

وأختار بعض الأبيات والمقاطع الذي يسري فيها التفاؤل في مستقبل الأمة الإسلامي، فأقول في قصيدتي "من يطفئ الشمس؟"، وقد حمل الديوان اسم القصيدة:

يفنى المزوَّر من خَلْقٍ ومن خُلُق
والخالد الحقُّ لا الأشباح والصورُ
ونحن باقون تُعلينا هُويَّتُنا
وهي الرسالة لا ما زيَّف البشرُ
من يطفئ الشمسَ نحن الشمسُ خالدةً
أمَّا عِدانا فآلٌ ثم ينحسرُ

(من يطفئ الشمس؟)

 

وأخاطب المسلمين بكل ثقة ويقين في قصيدتي "موتوا تعيشوا":

أيها المسلمون موتوا تعيشوا
وتسُودوا وتخلدوا عظماء
جلَّ موتٌ يُحيي وبئستْ حياة
شانها وهنها فكانت فناء

الديوان (الجزء الثالث)

 

وأقول مخاطبًا الأمة الإسلامية أيضًا بعنوان "ستظل ملء الدهر":

اثنان لا يأتي الفناءُ عليهما
مهما استبدَّ البغي والإجرامُ
لدة النجوم الزهر أمَّةُ أحمد
ستظلُّ ملءَ الدهر والإسلامُ

(عادت لنا الخنساء)

 

ويملؤني اليقين الجازم بخلود هذه الأمة، فأقول مخاطبًا الديار التي خرج منها الجيل الأول في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم بعنوان "موئل":

يا ديارًا جادتْ فأعطت فأغْنَتْ
وتعالت عن امتنان وألْتِ
سوف يبقى بك الزمان حفيًّا
شاكرًا حالمًا ويرجوك أنتِ
فعِديهِ والوعدُ منك فعالٌ
أن تعودي كما الغداة بدأتِ
عاش مجدُ الإسلام يعلو وعاشت
أمة تنتمي إليه وعِشتِ

(عادت لنا الخنساء)

 

وعن فلسطين والقدس أقول موقنًا بتحريرهما، بعنوان "صباح مؤمن":

يا قدسُ موعدنا صباح مؤمن
يأتي به الأنجاد نضرًا مؤمنَا
صنعوه من نصر تزيَّنَ بالتُّقى
وتزيَّنوا للقائه وتزيَّنَا
هم مؤمنون ومحسنون فهل ترى
نصرًا لهم إلا نبيلًا محسنَا

(غدًا نأتيك يا أقصى)

***

 

س: يلحظ في أعمالك بوضوح أثر الرثاء، دراسة وإبداعًا؛ فما دوافع هذا الاهتمام؟

ج: ذكر الجاحظ في كتابه البيان والتبيين أنه: "قيل لأعرابي: ما بال المراثي أجود أشعاركم؟ قال: لأنا نقول وأكبادنا تحترق. وقال أبو الحسن: كانت بنو أمية لا تقبل الراوية إلا أن يكون راوية للمراثي. قيل: ولم ذاك؟ قال: لأنها تدل على مكارم الأخلاق".

 

إن ما قاله هذا الأعرابي، وما روي عن بني أمية صحيحٌ بشكل عام، وينطبق عليَّ قول الأعرابي بالخصوص، فأنا أرثي من أحب وأجلُّ، ثم إن الصدق ديدني في الحياة من الصغر، وهي سجية وهبية لا كسبية، واجتماع الصدق مع الحزن يرتقي بالمراثي.

 

وقصائدي في الرثاء قليلة بالقياس لمجموع شعري، والحب والإجلال سبب ذلك، وإني أعتز بالمراثي التي كتبتها على قلتها، ومنها "شهيد القدس"، وهي في الملك فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله، الذي كان علامة فارقة في عصره، ومنها "شاهد القرن" في الشيخ علي الطنطاوي، و"ترجلت في التسعين" في الشيخ عبدالعزيز بن باز، و"لوحت للناس" في الشيخ أبي الحسن الندوي، وهؤلاء الدعاة الأعلام من أعظم الدعاة في عصرهم، وقصائد أخرى: "الصقر" في نجم العربية الأكبر في عصره محمود محمد شاكر، و"نم في البقيع" في الشاعر الكبير عمر بهاء الدين الأميري، و"مأتم الشعر" في الشاعر عمر أبي ريشة، وهما من أعلام الشعراء في عصرهما، و"ستبقى في فؤادي" في الدكتور الألمعي العصامي المتميز عبدالباسط بدر، و"قد كنت أرجو" في الوالدة الغالية، و"نم هنيئًا" في أخي مصطفى الغدير، وفي شعري قصائد جيدة أخرى، وأذكر أنك كتبت مقالة مطولة عن هذه القصائد نشرت في المدونة.

 

فمن رثائي لأخي مصطفى الغدير بعنوان "نم هنيئًا" أقول:

أيها الفارس الذي عاش شهمًا
أصغراه الإسلام والإقدامُ
فيه طبع الحسام صلتًا صقيلًا
هزَّه في الوغى المدمَّى حسامُ
نم هنيئًا فأنت ضيفٌ كريم
عند مولاك والهبات جسامُ

(من يطفئ الشمس؟)

 

ومن رثائي للشيخ أبي الحسن الندوي بعنوان "لوحت للناس":

لبيت أحلى نداء عشتَ ترقُبُهُ
لما دعاك إليه الواحد الصمدُ
وقلت والبشر ريان ومؤتلق
قد طاب أمسي وأرجو أن يطيب غدُ
لوَّحت للناس إذ ودَّعتَهم بيد
لما دعتك إلى دار البقاء يدُ

(من يطفئ الشمس؟)

 

وفي رثائي للشيخ محمود محمد شاكر بعنوان "الصقر"، أقول:

صقرٌ على شم الرعان يحلِّقُ
ومداه مغرب شمسها والمشرقُ
نسَجتْه من أرض الجزيرة ريحها
وخيولها ونخيلها والأينقُ
وحراء والآي الزواهر تزدهي
فيه وتهدي العالمين وتعبقُ
فأتى أبر رجالها وأعزهم
وأحب ما يرجو الفخار ويعشقُ
باقٍ عطاؤك في الزمان مفاخرًا
كالنيرات زواهرًا تتألقُ
ستظلُّ للفصحى وإن كره العدا
العلم يروى والصوارم تبرقُ
أما عِداك ففي غدٍ راياتهم
تُطوى كما يطوى الظلام وتُمحَقُ
فيقول راوٍ عارَهم وشنارَهم
انظر إليهم لا بقين ولا بقُوا
شعري أبا فِهرٍ وحبي دمعةٌ
مهراقة والصدق مني موثقُ
نم حيث أنت فدارُ مثلك رحبة
فيحاء والدنيا فناء ضيقُ

(من يطفئ الشمس؟)

 

ومن رثائي للشاعر عمر أبي ريشة بعنوان "مأتم الشعر":

عفوًا أبا شافعٍ، الفجرُ موعدنا
والشعرُ والنصر والرايات والشررُ
غدُ العروبة والإسلام ملحمة
بالنصر زاحفة والبغي مندحرُ
فغَنِّها غَنِّها في الخلد قافية
واطرب ورنح بها التاريخ يا عمرُ

(عادت لنا الخنساء)

 

وقلت في رثاء أديب العربية الفذ مصطفى صادق الرافعي قصيدة بعنوان "لأنك آليت":

بيانك باق بقاء الزمانْ
يوشِّيه من كل فنٍّ بنانْ
إذا أنت أدمنته تستزيد
ويزداد حسنًا ولا تسأمانْ
فتغدو نضارته كالصباح
وتغدو وسامته كالجِنانْ
سيبقى بقاء السُّها والسنا
وما امتدت الضادُ عبر المكانْ
وما طاب في الأيك نفحُ الشذا
وما طاب للعربي البيانْ

(غدًا نأتيك يا أقصى)

 

رحمهم الله جميعًا، وأسكنهم جنات النعيم.

***


س: يرى بعض القريبين من شعرك أنك تطيل القصائد، وكثير منها فاقت المعلقات المعروفة في الشعر العربي، فماذا تقول؟

ج: هذا صحيح؛ والسبب أن شوقي كان أستاذي الأول في الشعر، وظل منفردًا بهذه الأستاذية، حتى زاحمه عليها سواه، وشوقي ممن يطيلون. هذا سبب؛ والسبب الثاني أني أنظم القصيدة في موضوع ملك عليَّ فؤادي، وهذا يدعوني إلى الثناء والتنويع في الصور، وقد نبهني إلى هذه الظاهرة في شعري بعضهم، وأنت أحدهم، فصرت أميل إلى القصائد المتوسطة، أو الموجزة. والسبب الثالث أني حين أدمنت النظر في ديوان المتنبي وجدته يميل إلى الإيجاز والإحكام، فعملت على تقليده في ذلك، وشكرًا له ولك.

***


س: يحمد لك في شعرك ما نظمته عن أبنائك، وأحفادك، ولكن يلاحظ أنه احتل مساحة كبيرة عددًا وتنوعًا.

ج: هذا صحيح، قلت لك من قبل: إني مولع بالأطفال جدًّا، منذ صباي الأول، وأذكر أني كنت أداعب الأطفال الصغار من أبناء زملائي، الذين سبقوني إلى الزواج، ومن المعارف والجيران، وقد رافقني هذا الولع دائمًا، وازداد بعد أن أكرمني الله عز وجل بالأبناء ثم الأحفاد، وأنا الآن تجاوزت الثمانين، ولا أزال على ما كنت عليه، والآن أداعب حفيدتي "دالة"، وعمرها سنة واحدة فقط، وأكون في منتهى السعادة، حتى إن من يراني يخيل إليه أني فزت بأول مولود أو أول حفيد بعد قلق وانتظار.

 

أما كثرة القصائد فمردُّها إلى أني أكتب لكل واحد قصيدة، أدون فيها تاريخ ولادته، ومكانه، فضلًا عن اسمه. ثم تتعدد القصائد لكل واحد، بمناسبة العيد، أو التفوق العلمي، أو حفظ القرآن الكريم، وأقدر أن لدي من قصائد الأبناء والأحفاد ما يزيد على ستين قصيدة، وأحيانًا أحرص على إهداء من أكتب فيه القصيدة وهي بخط يدي في نسخة، وهي مطبوعة في نسخة أخرى.

 

إنني أعتز بهذه القصائد جدًّا، وذلك هبة العقل السوي، والفطرة النقية، وتواصل الأجيال، بين جيل يولد، وجيل ينمو، وجيل يكتمل، وجيل يودع. ومن أفضل قصائدي في هذا المجال قصيدة "أبني كونوا"، وقد كتب عنها الدكتور عبدالباسط بدر -رحمه الله- مقالًا ضافيًا عنوانه: "الأدب الإسلامي والأبوة الحانية"، نشر في مجلة الأدب الإسلامي العدد (113)، أجاد فيه وتألق، وهو ذو حس نقدي رائع، وأثنى عليها ثناء أرجو أن أستحقه.

 

واسمح لي أن أختار من هذه القصيدة المطولة أبياتًا مميزة؛ لسببين: الأول: أنها في الأبناء أجمعين لا في واحد منهم، والثاني: أني كتبتها بعد الستين من العمر، وهي سن النضج، وقبل هذا وذاك عون الله عز وجل وتوفيقه:

أعطيتُكم عمري وذوبَ شبابي
وجعلتكم في العين والأهدابِ
وجعلتكم في النوم حلمي شائقًا
وإذا صحوت ففرحتي ورغابيِ
أحلى لديَّ من الشهاد لقاؤكم
ومن النعيم النضرِ والأكوابِ
وحبوتكم من أصدقائي عصبةً
كالشمس قد طلعت بغير نقابِ
أصفى من الماء الزلال قلوبُهم
أما العقول فأكرمُ الألبابِ
من كل ميمونِ النقيبة أروع
وأخي فداء في الوغى وثَّابِ
أسماؤهم كصفاتهم محفورة
في الخافقين وما بها من عابِ
أبَنِيَّ إني عن قريب راحلٌ
فلقد وهى عظمي ورثَّ إهابي
والموت آتٍ غير أني موقن
أني سألقى في اليمين كتابي
أبَنِيَّ كونوا لي كما أرجو المنى
لأرى بكم بعد الشبابِ شبابي

 

ومن الشعر الخاص في الأبناء والأحفاد -وهو كثير- ما كتبته في ابنتي "أمامة" بعنوان: "أُمامُ موعدنا":

ظلَّتْ أُمامةُ في صبحي وإمسائِي
ظلِّي وأفضل أحفادي وأبنائِي
وتوءمَ الروح في حلي ومرتحلي
وإن خلوت فأسماري وأشذائي
قالت وفي وجهها خوفٌ تنوء به
أراه ما بين إظهار وإخفاءِ
ألستَ تخشى نيوبَ الغدر فاتكة
وسطوها سطو أعداءٍ ألداءِ
إني لمشفقة والخوف في خلدي
نار وأعداؤك الباغون أعدائي
وإنهم لُجُّ أمواج ومهلكة
وبطش عاصفة سكرى وهوجاءِ
أجبتُها واليقين الجمُّ لي وَزَرٌ
أنا الغدير فما خوفي من الماء
عناية الله أنَّى كنتُ تحفظني
ونحن للموت من دانٍ ومن نائي
إن جاء سلمًا فضيفٌ كنت أرقبه
أو جاء قتلًا زؤامًا فهو رُغْبائي
أُمامُ موعدُنا واللهُ راحمنا
في روضة من جنان الخلد غناءِ

الديوان (الجزء الثالث)

 

ومن شعري في ابني "معاذ" قلت بعنوان "عدني معاذ":

عِدْني معاذُ فإن الحرَّ ميفاءُ
وأنت حر وأشهادي الألباءُ
ممن رأوك فكنت العزم متقدًا
ونية كلها طهر وأشذاءُ
لما حفظت كتاب اللَّه فزت بها
فكل حرف من القرآن وضاءُ
يَهْدي، ويُهْدي عطاء لا نفاد له
وذرة منه نعماء وآلاءُ
بأن تظلَّ بحبل اللَّه معتصمًا
حتى تموت ولا وهن وإعياءُ
تلقَ المفازَ جنانَ اللَّه وارفة
وفضلها ما له عدٌّ وأمداءُ

الديوان (الجزء الثالث)

 

ومما قلته في ابني "أحمد" بعنوان "وأوما إليه":

يا همامًا تلوح في مقلتيهِ
سطوة الصقر باسطًا مخلبيهِ
يتنزَّى كأنما فيه عشق
للعلا مقلق يجور عليه
كره العجز منذ شبَّ وآلى
أن تكون الأمجاد طوع يديه
هو سيف، كلا، فللسيف غمدٌ
ربما اشتاق أن يفيء إليه
وهو ما اشتاق أن يفيء لغمد
فمُناه دومًا على راحتيه
يرتضيها غمدًا إذا ما اقتناها
عَنوة تستكين في ساعديه
هو ملك لها ويهفو إليها
وهي ملك له وتهفو إليه

(غدًا نأتيك يا أقصى)

 

وكتبت في ابني "محمد" وهو بار بي كثيرًا، فقلت:

أمحمدٌ والنبل أنت وزهوه
جمع الطريف إلى تليد المحتدِ
بالأمس قد طوقتك البر الذي
أعلاك فوق الطامعين الحُسَّدِ
كن لي الوفيَّ فإن شيبي خاذلي
وأرى قواي وهَتْ وقلَّ تجلُّدِي
وكن التقيَّ ومن يشار لطُهره
في الطاهرين وكن حمامةَ مسجدِ
قل للجميع أنا المرجَّى للعلا
وحساميَ الإيمانُ في أنقى يدِ

(قسمًا لن أحيد)

***


س: كنتَ قريبًا من الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله، وكان يشجعك ويثني عليك، وقد أحسن الظن بك شاعرًا؛ فكيف كان ذلك؟

ج: أنا من الجيل الذي تفتح وعيه والشيخ علي الطنطاوي ملء السمع والبصر، فبهرني جدًّا، واتصلت به من خلال الخطبة والإذاعة والتلفاز والكتاب، ثم اتصلت به صلة شخصية طويلة وطيبة، سمعت منه وسمع مني؛ لذلك لي أن أقول باعتزاز: إنه أحد أساتذتي البارزين الذين وضعوا بصماتهم عليَّ علمًا وفكرًا وبيانًا، وقد زرته مرات لا أحصيها، في بيته في مكة المكرمة، وفي بيته الآخر في جدة، وكنت أحرص على أن أسأله عن أشياء تشغلني؛ حتى لا تكون الزيارة مجرد تحية وتهنئة وسلام، وكنت أسأله بشكل خاص عن أفكار شكلتها ببطء، واقتنعت بها، مع أنها تخالف كثيرًا أو قليلًا مَنْ حولي فيلومونني لومًا هادئًا أو حادًّا، وكان الشيخ في معظم الأحوال يؤيدني ويربط على قلبي.

 

وكنت حريصًا جدًّا على معرفة رأيه في شعري؛ لأني خشيت أن أكون مجرد ناظم، ولأني سمعت أنه قرأ لي قطعة صغيرة فلم تعجبه، وفي إحدى زياراتي طلبت منه أن يقول لي: أنت شاعر بالفطرة والممارسة، أو أن يقول لي: دع الشعر فأنت مجرد ناظم، وقلت له يومها: سأقرأ عليك قصيدة أعدها من أجود شعري، وبعدها قل لي رأيك بصراحة وأنا سعيد بما تقول أيًّا كان الجواب!.. فأبى الشيخ أن يَعِدَ بشيء، وكررت الطلب، فظل الشيخ على إبائه؛ ذلك أنه أراد أن ينفي عن نفسه الحرج، وعني الإحباط إن كانت النتيجة سلبية.

 

وعلى كلٍّ قرأت له القصيدة، وهي بعنوان: "جرح الشام"، فسُرَّ كثيرًا وطرب، وكرر قوله عدة مرات: عظيم!.. ثم أردف قائلًا: إن المرء يسكت أحيانًا من شدة الإعجاب، ففرحت كثيرًا، ووجدت أن الشيخ أجازني شاعرًا؛ فشجعني هذا على مزيد من العناية بالشعر نظمًا وتحسينًا، ولقد كتبت فيه عدة قصائد، لعل أجودها رثائي إياه في قصيدتي "شاهد القرن"، ومن فرحي بثنائه الطيب دونت تاريخ هذه الزيارة فورًا بدافع الاعتزاز بها، وهو يوم الجمعة 6/2/1412هـ، الموافق 16/8/1991م، مكة المكرمة حرسها الله.

 

وحين حصلت على الدكتوراه (1414هـ/1994م)؛ بادر بالاتصال بي من بيته في مكة المكرمة، إلى حيث أنا في الرياض، ليقول لي: أنا ما اتصلت بك لأهنئك بالدكتوراه، بل لأهنئ الدكتوراه بك!.. فاستبدَّ بي فرح غامر، وألهمني الله عز وجل هذا الجواب البليغ، فقلت له بديهة: هذا الثناء أجلُّ عندي من قرار اللجنة العلمية التي منحتني الدكتوراه.

 

وحين طُبعت رسالة الدكتوراه، وهي عن الشاعر "عمر أبو ريشة"، وقرأها الشيخ أثنى عليها ثناء كبيرًا، ووصف كتابي أنه مدهش ممتاز!.. وأن لغته عالية، وقال لي: لقد أنصفت الشاعر، وكنت أقر بجودتك كاتبًا، لكني لم أظنك بهذا المستوى، وأنا الآن أشيد بقدرتك كاتبًا بعد أن أشدت بقدرتك شاعرًا. عندها تشجعت وطمعت بمزيد من ثناء الشيخ، فقرأت له قصيدتي "يا شام"، فسُرَّ بها كثيرًا، ومن فرحتي بذلك دونت فورًا تاريخ الزيارة التي كانت في بيته العامر في جدة، وهو: الخميس (21/2/1428هـ، الموافق 26/7/1997م).

 

وأنا الآن إذ أدون ذلك أجد فائدتين نبيلتين فيه: الأولى أن على الأساتذة الكبار أن يشجعوا تلامذتهم الواعدين، والأخرى أن على التلامذة الطامحين أن يعرضوا ما لديهم على أساتذتهم، ويستفيدوا من إجاباتهم نقدًا أو تشجيعًا.

 

وأختار مقطعًا من قصيدة "يا شام" في الجزء الثالث من الديوان، فأقول:

يا شامُ أنت على الدهور كتيبةٌ
للمسلمين وراية وقيادُ
والنصر أنت بشارةٌ لطيوبه
ومثابة ومنارة وعمادُ
السيف زادُك يا شآم على المدى
والمصحفُ الهادي ونعم الزادُ
بهما الخلود مواكبًا فوق الدُّنا
تَفنى الدهورُ وما لهن نفادُ

 

وقد قلت في رثاء الشيخ علي الطنطاوي قصيدة بعنوان "شاهد القرن"، أراها من جياد قصائدي، ومنها:

حمَّ الرحيلُ وما رأيتُك تُشفِقُ
وأجبتَه والوجه طلق مشرقُ
فعجبتُ يا شيخي وجئت مسائلًا
فيمَ البشاشة والرضا والرونقُ
والعهدُ أن الموت يرهبه الفتى
ويخافه حتى التقيُّ الأصدقُ
فأجبتَ إني للرحيم مسافر
فعلامَ أشكو يا بُنيَّ وأقلقُ
والله رحْمتُه ملاذي مُشْرِعًا
أبوابَه وبي الرجاء المطلق
أني ظفرت بها فماتت خشيتي
قبلي فقل أنَّى أخاف وأشفقُ

(من يطفئ الشمس؟)





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حوار مع الأديب الشاعر الدكتور حيدر الغدير (1)
  • حوار مع الأديب الشاعر الدكتور حيدر الغدير (2)
  • حوار مع الأديب الشاعر الدكتور حيدر الغدير (4)

مختارات من الشبكة

  • حوار مع " بول موجز " حول الحوار بين المسيحيين والمسلمين(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • حوار مع الدكتور ساجد العبدلي صاحب كتاب القراءة الذكية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • حوار مع الشيخ الدكتور ذو الكفل محمد البكري مفتي ماليزيا(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • حوار مع الدكتور عبدالرحمن بودرع أستاذ اللسانيات وتحليل الخطاب بجامعة عبدالمالك السعدي بتطوان(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • حوار مع الدكتور محمد شبانة: رئيس وحدة حماية الطفل بمنظمة اليونيسيف(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • حوار مع الدكتور يوسف إبراهيم - مدير مركز الاقتصاد الإسلامي بجامعة الأزهر(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • حوار مع الدكتور يشار شريف أوغلو - نائب مفتي اليونان(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • حوار مع الدكتور إبراهيم سالم أبو محمد مفتي أستراليا(مقالة - المسلمون في العالم)
  • حوار مع الدكتور إسماعيل كمارا - الداعية الإسلامي العاجي وإمام المسجد الكبير ببواكيه(مقالة - المسلمون في العالم)
  • حوار مع الدكتور محمد شريف أوغلو مفتي اليونان(مقالة - المسلمون في العالم)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/11/1446هـ - الساعة: 14:43
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب