• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الحال لا بد لها من صاحب
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية النكتة رؤية تداولية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الإعراب لغة واصطلاحا
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    مفهوم القرآن في اللغة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    أهل القرآن (قصيدة)
    إبراهيم عبدالعزيز السمري
  •  
    إلى الشباب (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    ويبك (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / مع الكُتاب
علامة باركود

هل أسلم القيصر؟

محمد حسام الدين الخطيب

المصدر: القصة الفائزة بالجائزة الثانية، بفرع القصَّة، بمسابقة موقعنا: (انصر نبيك وكن داعيًا).
مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 9/10/2006 ميلادي - 16/9/1427 هجري

الزيارات: 51067

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
كانت الشمس تضيَّف للمغيب.. وكانت أشعتها الذهبية تنعكس عن أسوار قصر والي مدينة حمص السورية، لتبهر الأبصار وتردها كليلة عن مداومة النظر.. ففي داخل القصر تجري أمور تحرم رؤيتها على العامة.. لأنها من شؤون الخاصة وعِلْيَة القوم من كبار الساسة والقواد..

لقد انعقد في ذلك اليوم وفي ذلك القصر؛ مجلس حرب ضم القيصر فمن دونه من عظماء الروم.. إنه آخر مجلس حرب يعقده القيصر هِرَقْل بشأن الحرب الدائرة بين الفرس والروم منذ سنين، وبتاريخ ذلك اليوم من عام /628م – 6هـ/ جرت أحداث آخر معركة دارت رحاها بين الطرفين.. وبعدها يتقرر مصير بلاد الشام.. أتكون تحت سيطرة الفرس، أم تحت سيطرة الروم؟ لا أحد يستطيع أن يجزم حتى الآن..

كان هِرَقْل قد عقد مجلسه ذاك منذ الصباح الباكر، مترقباً أخبار المعركة الدائرة.. وقد التف حوله بطارقة الروم وأشرافهم وذوو المكانة منهم، وفي مقدمتهم الأسقف الأكبر. ولم يغادر أحد منهم قاعة المجلس إلا وقت الغداء.. ثم عادوا جميعاً.. وعاد معهم صمت مطبق خيم على القاعة.. واستمر حتى ساعة المغيب.. إنه صمت الترقب والتوجس..

وقطع هرقل حبل الصمت مخاطباً الأسقف الأكبر:
- لئن نصرنا الله على الفرس هذا اليوم يا أبانا، واستنقذنا منهم صليبنا الأعظم الذي استلبوه منا في المعركة السالفة؛ لأنطلقنَّ حاجّاً إلى بيت المقدس مشياً على قدميَّ شكراً لله.

فقال الأسقف الأكبر بثقة واطمئنان: إني لأرجو من الله النصر، ولأحجنَّ معك يا مولاي، مشياً على الأقدام؛ برغم تقدم السن بي.

ثم اتصل حبل الصمت من جديد.. ولم يقطعه إلا صوت الحاجب الواقف على باب قاعة المجلس يقول: مولاي القيصر؛ بالباب رسول من ساحة المعركة.

واشرأبت أعناق الجميع.. وتلاقت أنظارهم على شفتي الحاجب.. وما كان أسرع من أن ارتفع صوت هرقل قائلاً: عليَّ به.

ودخل الرسول.. ووقف وسط المجلس لاهثاً وهو يؤدي التحية، ولم يمهله هرقل بل صاح به: ما وراءك؟.

فأجاب الرسول مبتهجاً: النصر يا مولاي!! لقد هزمناهم، واستنقذنا الصليب الأعظم، وهو مع القائد العام في الطريق إليك.

وتعالت صرخات الفرح والنشوة بالنصر؛ حتى ارتج لها المكان..
وبحث الصمت لنفسه عن ملجأ في القاعة.. فلم يجد سوى زاوية منعزلة من زواياها، استطاع فيها أن يخيم على الأسقف الأكبر وهو ساجد شكراً لله.
*        *        *

وفي اليوم التالي؛ كان موكب القيصر، يتقدمه الصليب الأعظم، قد تهيأ للانطلاق من حمص إلى بيت المقدس مشياً على الأقدام؛ وفاءً بالنذر..
ومشى هِرَقْل بأبهة الملك ونشوة الانتصار.. تُبسط له البُسط على الطريق.. وتلقى عليه الورود والرياحين.. حتى انتهى إلى أرض فلسطين.. فيمم شطر بيت المقدس في إيلياء.. وهناك؛ أقام الأسقف الأكبر طقوس صلوات الشكر، والكل سعيد مبتهج بحديث النصر!.
*        *        *

قضى هرقل في إيلياء أياماً كان يَعدُّها أسعد أيامه.. فقد اجتمع له فيها سرور الدنيا والدين. أما سرور الدنيا؛ فقد انتصر على عدوه، واسترد ما كان احتله الفرس من بلاد الشام.
وأما سرور الدين؛ فها هو يحج إلى الأرض المباركة، ويجدد فيها صلته مع الله، على طريقته التي تربى عليها..
وأقام هرقل على ذلك شطر مدة حجه.. إلى أن أصبح ذات يوم وقد استيقظ من نومه مكدراً مهموماً يقلِّب طرفه في السماء؟!
حاول جهده ليبدد عن نفسه ما اعتراها.. لكنْ عبثاً.. فما كان منه إلا أن أمر بعقد مجلس المُلك اليومي قبل وقته المعتاد.. وحضر عظماء الروم.. واصطفوا في المجلس على مراتبهم.. يتقدمهم الأسقف الأكبر، فخرج هرقل إليهم وهو على حاله التي استيقظ عليها.. وجلس على عرشه.

وهنا تقدم منه الأسقف الأكبر سائلاً بلطف وحُنُوّ: هل من شاغل يشغل بال مولاي؟
أجاب هرقل: أجل.
قال الأسقف: كلنا آذان صاغية يا مولاي.
قال هرقل: لقد أُريتُ الليلة رؤيا ما أظنها أضغاث أحلام.
قال الأسقف: خيراً إن شاء الله؛ ماذا رأيت يا مولاي؟
وتنبه جميع من في المجلس وأصغوا منصتين..
قال هرقل: لقد أُريت أن مَلِك الختان قد ظهر!
قال الأسقف الأكبر: أأولتها يا مولاي؟
قال هرقل بجد واهتمام: ما أراها إلا أحداثاً مزلزلة قادمة!
وأطرق الجميع متفكرين.. ما تفسير هذه الرؤيا؟!
ورفع الأسقف الأكبر رأسه وقال: مولاي القيصر؛ ما نعلم أُمةً تختتن إلا اليهود، وهم في سلطانك وتحت يدك.
وهنا تلقف القائد الأعلى للجيوش؛ عبارة الأسقف الأكبر متعجلاً وقال:
مولاي القيصر؛ ابعث إلى كل من لك عليه سلطان في بلادك؛ فمره فليضرب أعناق كل من تحت يده من اليهود؛ واسترح من هذا الهم.
وتناوب الحاضرون إبداء الآراء.. وتفرع الحديث.. ولم يتوصلوا إلى رأي قاطع.. فانفض المجلس ذلك اليوم على لا شيء.
    *        *        *

وفي اليوم التالي عُقد مجلس المُلك من جديد.. وعاد هرقل والحاضرون إلى تجاذب حديث نهار أمس.. وبينما هم كذلك؛ إذ بالحاجب يرفع صوته قائلاً: مولاي القيصر؛ بالباب رسول صاحب مدينة بصرى[1]، ومعه رجل آخر.
وتنبه الجميع.. وصدر إذن هرقل بدخول الرجلين.. فلما مثلا بين يديه، سأل هرقل الرسول قائلاً: ما الخبر؟.
قال الرسول: إن هذا الرجل الذي أحضرته معي؛ هو من بدو العرب؛ أهل الشاء والإبل، وقد حضر إلى سيدي صاحب بصرى وأخبره بحدث عجب قد ظهر في قلب بلاد العرب. فرأى سيدي أن يطلعكم عليه، ولو سألته حدثك.
فاستدعى هرقل ترجمانه الخاص وقال له: سل هذا العربي: ما الحدث الذي كان ببلاده؟
فسأله الترجمان، فقال العربي: خرج بين أظهرنا رجل يزعم أنه نبي، قد اتبعه ناس وصدقوه، وخالفه ناس، وقد كانت بينهم حروب، وتركتهم على ذلك.
فلما سمع هرقل الخبر قال: جردوا هذا العربي من ثيابه.
فجردوه، فإذا هو مختون، فسأله هرقل: لِمَ أنت هكذا؟
قال العربي: نحن العرب نختتن[2].
فالتفت إلى من في مجلسه وقال: هذا والله تأويل رؤياي؛ لا ما قلتم.
ثم رد على العربي ثيابه وصرفه مع الرسول الذي جاء به.
*        *        *

مرت بعد ذلك أيام.. وهرقل يقلِّب الأمور في فكره.. لعله يصل إلى رأي يبعد عنه الشواش الذي ألَـمَّ به من تفسير رؤياه.. تُرى؛ أظهر نبي حقاً؟ أم أن رجلاً كذاباً محتالاً يدعي هذا ليخدع به طائفة من البدو البسطاء؟.
 وضحوة آخر تلك الأيام.. خرج هرقل إلى مجلسه اليومي المعتاد.. واستغرق مع جلسائه في أحاديث السياسة والمُلك.. وبينما هم كذلك؛ إذ بصوت الحاجب يرتفع قائلاً: مولاي القيصر؛ بالباب رسول صاحب مدينة بصرى، ومعه رجل آخر.

وتنبه الجميع، وتساءل هرقل في سره: ما الذي جاء به؛ ولم يمض على قدومه إلي سوى أيام؟! وأَذِن بدخول الرجلين..

فلما مثلا بين يديه، قال للرسول: ما الذي عاد بك؟
فقال الرسول: لقد حضر هذا الرجل الذي يرافقني؛ إلى سيدي صاحب مدينة بصرى، وأعلمه أنه يحمل رسالة إلى مولاي القيصر، وطلب أن نوصله إليكم.
فاستدعى هرقل ترجمانه الخاص وقال له: سل الرجل من أنت؟

فسأله الترجمان.
فقال الرجل: أنا دحية بن خليفة الكلبي.
قال هرقل: ومن حمَّلك الرسالة إلي؟.
قال دحية: حمَّلنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ النبي الذي ظهر في مكة من أرض الحجاز.
قال هرقل والعجب بادٍ على محياه: أين هي؟!

فناولها دحيةُ الترجمانَ.
فقال هرقل للترجمان: فتشها؛ فإن وجدتَ عليها ختماً ففضها، وإن كانت بلا ختم فاضرب بها وجه حاملها[3].
ففتش الترجمان الرسالة، فوجد عليها ختماً نقشه: «محمد رسول الله».
فأخبر هرقل بذلك.
فأشار إليه أن فضها واقرأ ما فيها.

ففض الترجمان الرسالة وقرأ: «بسم الله الرحمن الرحيم: من محمد عبد الله ورسوله، إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد؛ فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم الإريسيين[4]. { قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ } .[5]
فتناول هرقل الرسالة من الترجمان؛ ووضعها بين فخذه وخاصرته، وأمر بإكرام الرسولين، ثم أمر بإخلاء المجلس إلا من الأسقف الأكبر.

ولما خلا الرجلان؛ هرقل والأسقف. قال هرقل: لقد رأيت وسمعت، فماذا تقول؟
قال الأسقف: يا مولاي؛ استدع الترجمان فليُعِد قراءة الرسالة.
فاستدعى هرقل الترجمان وأمره بإعادة القراءة.. فأعادها.. فلما انتهى منها؛ قال له الأسقف: أعد قراءة الفقرة الأخيرة منها مرة ثالثة، ثم انصرِف.
فأعاد الترجمان: { قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ }. ثم انصرف.
وعاد الرجلان إلى خلوتهما.. فقال هرقل: لماذا استعدت الترجمان قراءة الفقرة الأخيرة يا أبانا؟
أجاب الأسقف: لأنني ما أراها كلام بشر!
هرقل: كلام من هي إذاً؟
أجاب الأسقف: لست أدري، ولعلي سأعرف بعد حين.

قال هرقل: أتبينت أن صاحب الرسالة نبي حقاً أم هو دعيّ كذاب؟
أجاب الأسقف: أتثق بي يا مولاي؟
قال هرقل: كل الثقة، والروم تعلم ذلك.. فقل ما شئت وامحضني النصيحة.
فتروى الأسقف قليلاً ثم قال: والله! إنك لتعرف يا مولاي ما تبشر به كتبنا عن نبي هذا الزمان؛ مِن اسمه حتى صفته.. لكن حتى نكون على بينة من أمرنا؛ أرسل إلى مستشارك عالم اللاهوت في القسطنطينية واعرض عليه الأمر، وانظر بِمَ يجيبك؟.
قال هرقل: أصبت.

ثم كتب إلى مستشاره يعلمه بأمر الرسالة ويستنصحه.. وجاءه الرد بعد أيام يقول: إنه للنبي الذي كنا ننتظره، لا شك فيه، فاتَّبعْه وصدِّقه.
وخلا هرقل بالأسقف الأكبر من جديد، وعرض عليه مقالة مستشاره..
فقال الأسقف: أما أنا فإني موقن أن محمداً نبي صادق.
قال هرقل – وكان داهية -: أما أنا فلا بد لي من تحري الأمر بأكثر من هذا.
قال الأسقف: كيف؟
قال هرقل: سترى..
ثم استدعى صاحب شرطه وقال له: ابحث في كل أرض فلسطين؛ ولا تعد إلي إلا بصحبة رجل من قوم النبي الجديد الذي ظهر في أرض العرب.
*        *        *

مع انبلاج الفجر.. كانت جمال قافلة قريش تتهادى بأحمالها خارجة من مكة، وقد يمم بها أصحابها شطر بلاد الشام.. وكان زعيم تجار قريش؛ أبو سفيان صخر بن حرب بن أمية؛ على رأس تلك القافلة التي خرج أهل مكة لوداعها عن بكرة أبيهم، فقد كانت أول قافلة لهم إلى الشام بعد إمضاء صلح الحديبية بين المسـلمين والمشركين أواخر عام /6هـ/.. خرجت القافلة وهي مطمئنة إلى أن أحداً من المسلمين لن يعترضها عندما تمر في طريقها على يثرب مدينة المسلمين. فالآن بات الجميع في هدنة يحترمها الطرفان. أما قبل صلح الحديبية فقد توقفت تجارة أهل مكة إلى الشام بسبب الحرب القائمة بين الطرفين. لذلك كانت تلك القافلة تحمل تجارات لأغلب أهل مكة، الذين تنفسوا الصعداء وقد زال عنهم الحصار الاقتصادي.

تابعت القافلة طريقها.. ومرت على يثرب.. ومنها على كافة المحطات التجارية بين يثرب والشام.. حتى وصلت أرض فلسطين. وهناك؛ سأل رجال القافلة زعيمهم:
-  أين سنحط الرحال يا أبا سفيان؟
قال أبو سفيان: في غزة على ساحل البحر.
- ولِمَ لا نذهب إلى دمشق أو إيلياء أو غيرهما من عواصم الشام الكبيرة.
-  لأن البضائع التي نحملها تناسب أهل مصر، وهؤلاء يتسوقون بضائعهم من غزة.
وتابعت القافلة مسيرها حتى وصلت غزة.
وهناك؛ في الميدان الواسع الذي يحيط بغزة من جهة الشرق؛ حطت القافلة رحالها بين عشرات القوافل التي كانت تحط في ذلك الميدان. إنها السوق الرئيسة التي كانت تتم فيها المبادلات التجارية بين القوافل القادمة إلى غزة من مختلف أنحاء مصر والشام وبلاد العرب.
هذا عدا عن السفن التي كانت تفد أحياناً من أوربة عبر البحر المتوسط.
*        *        *

وفي سوق غزة، وبينما كان أبو سفيان ورجال قافلته يهمون بشد الرحال بعدما باعوا واشتروا.. إذ بمنادي السوق يناديهم قائلاً: أيها القرشيون؛ أجيبوا داعي القيصر. وبُهت القوم! وتناوبتهم الظنون.. فمثل هذا لا يبشر بخير.. لكنهم بادروا لاستطلاع الخبر..

فوجدوا صاحب شرط القيصر مع ثلة من رجاله بانتظارهم. وتقدم صاحب الشرط منهم قائلاً: من أين أنتم؟.
فتكلم أبو سفيان وقال: نحن من بلاد الحجاز.
- أمن قوم الرجل الذي يقول عن نفسه أنه نبي؟.
- أجل.
-  إذاً أنتم طِلْبة مولاي القيصر.
- ما الأمر؟! ألا أفصحت وطمأنتنا.
- لست أدري، لكن يجب أن ترافقوني إليه.
- وقافلتنا؟
- ليبق بعضكم مع القافلة، ولينطلق معي بعضكم الآخر.
وامتثل أبو سفيان وصحبه، فتركوا بعض الرجال صحبة القافلة، وأوصوهم أن ينتظروهم حتى يعودوا إليهم.. ثم انطلقوا مع الشرط حتى وصلوا إيلياء..
    *        *        *

وبينما كان هرقل في مجلسه يتجاذب أطراف الحديث مع علية القوم من رجاله؛ إذ بالحاجب يدخل المجلس رافعاً صوته: مولاي القيصر؛ صاحب الشرط بالباب ومعه جماعة من العرب.
فاهتم هرقل لِما سمع وقال: عليَّ بهم.

وهنا أترك أبا سفيان يقص ما جرى له ولأصحابه بعد دخولهم مجلس هرقل:
«قال أبو سفيان: أُدخلنا على القيصر، فإذا هو جالس في مجلس ملكه وعليه التاج، وإذا حوله عظماء الروم. فقال لترجمانه: سلهم أيُّهم أقرب نسباً إلى هذا الرجل الذي يزعم أنه نبيّ؟. قال أبو سفيان: فقلتُ أنا أقربهم إليه نسباً. قال: ما قرابة ما بينك وبينه؟. فقلت هو ابن عمّ. وليس في الرَّكب يومئذٍ أحدٌ من بني عبد مناف غيري. فقال قيصر: أدنوه. وأمر بأصحابي فجُعلوا خلف ظهري عند كتفِي. ثم قال لترجمانه: قل لأصحابه إني سائلٌ هذا الرجل عن الذي يزعُم أنه نبيّ، فإن كذَب فكذِّبوه. قال أبو سفيان: واللهِ لولا الحياءُ يومئذٍ من أن يَأْثُرَ أصحابي عني الكذب لكذَبته حين سألني عنه، ولكني استحييتُ أن يأثُروا الكذب عني فصدَقته. ثم قال لترجمانه: قل له كيف نسبُ هذا الرجل فيكم؟ قلت: هو فينا ذو نسب. قال: فهل قال هذا القولَ أحدٌ منكم قبله؟. قلت: لا. فقال: كنتم تتَّهمونه على الكذب قبل أن يقول ما قال؟. قلت: لا. قال: فهل كان من آبائه مِن ملِك؟. قلت: لا. قال: فأشرافُ الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم؟. قلت: بل ضعفاؤهم. قال فيزيدون أم ينقصون؟. قلت: بل يزيدون. قال: فهل يرتدُّ أحد سَخطةً لدِينه بعد أن يَدخل فيه؟. قلت: لا. قال: فهل يَغدر؟. قلت: لا، ونحن الآن منه في مدَّةٍ نخاف أن يغدر. قال أبو سفيان: ولم يُمْكِنِّي كلمةٌ أُدخل فيها شيئاً أتنقَّصه به – لا أخاف أن تُؤثَر عني – غيرُها. قال: فهل قاتلتموه أو قاتلكم؟. قلت: نعم. قال: فكيف كانت حربه وحربكم؟. قلت: دوَلاً وسِجالاً؛ يُدال علينا المرَّة ونُدال عليه الأُخرى. قال: فماذا يأمركم به؟. قلت: يأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشركُ به شيئاً، وينهانا عما كان يعبد آباؤنا، ويأمرنا بالصلاة، والصدقة، والعفاف، والوفاء بالعهد، وأداء الأمانة.

فقال لترجمانه حين قلت ذلك له: قل له إني سألتك عن نسبه فيكم، فزعمتَ أنه ذو نسب، وكذلك الرسل تُبعث في نسب قومها.
وسألتك هل قال أحدٌ منكم هذا القول قبله؟ فزعمتَ أن لا، فقلتُ لو كان أحدٌ منكم قال هذا القول قبله قلتُ: رجلٌ يأتمُّ بقولٍ قد قيل قبله.
وسألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ فزعمت أن لا، فعرفتُ أنه لم يكن ليدَعَ الكذب على الناس ويكذب على الله.
وسألتك هل كان من آبائه من ملِك؟ فزعمتَ أن لا، فقلتُ لو كان من آبائه ملِكٌ قلتُ يطلبُ مُلك آبائه.
وسألتك أشراف الناس يتَّبعونه أم ضعفاؤهم؟ فزعمتَ أن ضعفاءهم اتَّبعوه، وهم أتباع الرسل.
وسألتك هل يزيدون أو ينقصون؟ فزعمتَ أنهم يزيدون، وكذلك الإيمان حتى يتِمّ. وسألتك هل يرتد أحدٌ سَخطةً لدِينه بعد أن يدخل فيه؟ فزعمتَ أن لا، فكذلك الإيمان حين تخلِط بشاشتُه القلوبَ لا يسخَطُه أحد.
وسألتك هل يغدر؟ فزعمت أن لا، وكذلك الرسل لا يغدرون.
وسألتك هل قاتلتموه وقاتلكم؟ فزعمتَ أن قد فعل، وأن حربكم وحربه تكون دُوَلاً، ويُدال عليكم المرة وتُدالون عليه الأخرى، وكذلك الرسل تُبتلى وتكون لها العاقبة.
وسألتك بماذا يأمركم؟ فزعمتَ أنه يأمركم أن تعبدوا الله ولا تُشركوا به شيئاً، وينهاكم عما كان يعبد آباؤكم، ويأمركم بالصلاة، والصدق والعفاف، والوفاء بالعهد، وأداء الأمانة. قال: وهذه صفة نبي قد كنتُ أعلمُ أنه خارج، ولكن لم أعلمْ أنه منكم، وإن يكُ ما قلتَ حقاً فيوشكُ أن يملكَ موضع قدميَّ هاتين، ولو أرجو أن أخلُصَ إليه لتجَشَّمْتُ لقاءه، ولو كنتُ عنده لغسلتُ قدميه.
قال أبو سفيان: فلما أن قضى مقالتَه عَلَتْ أصوات الذين حولَه من عظماء الروم وكثُر لغطهم، فلا أدري ماذا قالوا. وأُمر بنا فأُخرجنا».[6]
*        *        *

وعاد أبو سفيان وصحبه أدراجهم نحو قافلتهم في غزة..
أما هرقل فقد أمر بإخلاء المجلس إلا من الأسقف الأكبر.. فلما خلا الرجلان قال هرقل: لقد رأيت وسمعت فماذا تقول؟.
قال الأسقف الأكبر: أما أنا فقد زاد يقيني أن محمداً نبي صادق.
قال هرقل: وأنا كذلك!
قال الأسقف: فماذا تنتظر؟.
قال هرقل: أما رأيت وسمعت اللغط الذي ساد المجلس عندما ألمحتُ إلى صدق هذا النبي في  حديثي مع العرب.
قال الأسقف: فما أنت فاعل؟.
قال هرقل: يجب أن أعرض الأمر صراحة على عظماء الروم، وأخبرهم أنني عازم على الدخول في دين الإسلام حتى أسبر غورهم.
قال الأسقف: نِعم الرأي؛ لكن لا تفعل هذا هنا وأنت بعيد عن عاصمة ملكك، بل انتظر حتى تعود إلى حمص، وهناك تكون أقرب إلى بلادك، فإن حدث ما تكره، توجهت من فورك إلى القسطنطينية.
قال هرقل: نعمَ الرأي رأيك.
*        *        *

وفي اليوم التالي صدرت أوامر هرقل بالتهيؤ للرحيل عن إيلياء، والتوجه بطريق العودة إلى حمص، وما هي إلا أيام قلائل حتى وصلتها مواكبه.. فاستراح فيها من وعثاء السفر، ثم دعا إلى اجتماع هام في قصر والي حمص!. وتوافد عظماء الروم إلى القصر.. حتى إذا اكتمل عددهم أمر هرقل سراً بإقفال جميع أبواب القصر، ومنع الدخول والخروج..
ثم أشرف هو على الجميع من مكان مرتفع حماية لنفسه من أي اعتداء قد يبدر من بعض الحاضرين.. ووقف هنيهة مطلاً عليهم حتى ساد الصمت.. ثم بدأ فقال:
-  يا معشر الروم؛ هل لكم في الفلاح والرشد، وأن يَثبتَ لكم مُلككم، فتبايعوا هذا النبي الذي ظهر بأرض العرب؟.
فنفروا نفرة حُمُر الوحش إلى الأبواب يبغون الخروج، فوجدوها قد أُقفلتْ. فلما رأى هِرَقْلُ نفرتهم، أيس من إيمانهم. فأمر بردهم إلى مكان الاجتماع.. فلما رُدُّوا إليه قال هرقل:
-  إني إنما قلت مقالتي آنفاً أختبر بها شدَّتكم في دينكم، فقد رأيت ما سرني.
فسجدوا له ورضوا عنه.
*        *        *

وفي اليوم التالي؛ خلا هرقل بالأسقف الأكبر وقال له:
- ليس إلى ما نفكر فيه من سبيل. ولن يوافقنا أحد من عظماء الروم على ما نحن بصدده.
قال الأسقف: أما أنت فقد حاولت معهم فأُعذرت. وأما أنا؛ فأرى من الواجب علي أن أحاول معهم أيضاً.
قال هرقل: كيف؟.
قال الأسقف: غداً يوم الأحد، وسوف أجتمع إليهم في الكنيسة لأداء الصلاة، وإلقاء الموعظة. وسنرى ما يكون.
*        *        *

وفي صباح يوم الأحد؛ طرح الأسقف الأكبر ثياباً سوداً كانت عليه، ولبس ثياباً بيضاً، ثم أخذ عصاه يتوكأ عليها، وانطلق إلى الكنيسة..
وما إن اكتمل المصلون، وفي مقدمتهم عظماء الروم؛ حتى أشرف الأسقف الأكبر على الجمع ليلقي موعظته، فقال:
- يا معشر الروم، إنكم تعلمون أنه قد جاءنا كتاب من أحمد نبي هذا الزمان، يدعونا فيه إلى الله عز وجل، وإني أشهد أن لا إله إلا الله، وأن أحمد عبده ورسوله.
وما كاد الأسقف الأكبر يتم لفظ الشهادتين؛ حتى وثب عليه عظماء الروم وثبة رجل واحد.. فضربوه حتى قتلوه!!.
    *        *        *

ووصل الخبر إلى مسامع هِرَقْل فقال: يرحمه الله، ما رأيته يوماً متنكباً عن الحق.
ثم أمر بدفنه.. وتهيأ من فوره للانطلاق نحو القسطنطينية.
انتهى
_____________________
[1]   مدينة بصرى جنوبي دمشق، كانت من أقرب مدن بلاد الشام إلى بلاد الحجاز.
[2]   كانت العرب في الجاهلية تختتن على دين إبراهيم.
[3]   كان من عادة الروم أن يهملوا الرسائل التي ترد إليهم بلا ختم، وقد نبه بعض الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هذا عندما كتب رسالته هذه إلى هرقل، فاتخذ خاتماً نقشه (محمد رسول الله).
[4]   الإريسيين: الفلاحين.
[5]   فتح الباري 1/32-8/162 – والآية من سورة آل عمران /64/.
[6]   صحيح البخاري – كتاب الجهاد والسير – الحديث رقم /2941/ - فتح الباري 6/136-137.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • عندما أسلم السير أوليفر تريسيليان

مختارات من الشبكة

  • المسلمون بين قيصر اليوم وقيصر الأمس(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • المسلمون بين قيصر اليوم وقيصر الأمس(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • إذا أسلم في المكيل وزنا وفي الموزون كيلا(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • تخريج حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب في كتابه آية إلى قيصر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة إجازة من علي الرضا بن عثمان الدوللي القيصري(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • تركيا: افتتاح مسجد السلطان عبدالحميد في مدينة قيصري(مقالة - المسلمون في العالم)
  • من النبوءات المحمدية .. زوال ملك كسرى وقيصر(مقالة - ملفات خاصة)
  • قبرص: رئيس الشؤون الدينية يزور "قيصري" التركية(مقالة - المسلمون في العالم)
  • الصين: وقفة احتجاجية للأيغور ضد الصين في مدينة "قيصري" التركية(مقالة - المسلمون في العالم)
  • ليست المشكلة في ما أعطاه الله قيصر!(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 


تعليقات الزوار
6- أحسنت السرد بارك الله فيك
Mohamed - Egypt 14-10-2022 11:25 PM

جزاك الله خير خيرا وأسبغ عليك نعمه سرد جميل للأحداث يأخذ لب القارئ ويحفظه من الملل.

5- هل اسلم هرقل
ابو طلال - السعودية 11-07-2007 11:55 AM
قصة رائعة بارك اللة لك هذا السرد الجيد
4- محترم
على عبدالمنعم على - مصر 05-02-2007 10:34 AM
اللة يزيدك ايمانا
3- قصة رائعة
أم عبد الله - السعودية 26-01-2007 02:24 PM
قصة رائعة , نفع الله بك و نريد المزيد من القصص الهادفة الجادة , نتمنى لك مستقبل قصصي زاهر .
2- رائعة
حسين العسقلاني - مصر 22-01-2007 10:17 AM
رائعة جدا وفقك الله
1- هناك قصة ذكية
مروان العمري - السعودية 05-12-2006 02:30 PM
هنا كان كاتبنا ذكيا حقا ، اولا جعل القصة تنتهي بالسؤال الأساس ولم ينهها بفرض اجابة علي القارئ ، فلم يحمل نفسه تبعة الحسم في مسألة تاريخية ، كما أن هذا ابعد تأثير عل القاري الغربي أن تقول له : انا أظن ، أنا اقدم فرضية ، هذا افضل من الجزم في غير محله وفي مسألة غير اعتقادية بطبيعتها

احييك

كما أحييه ايضا لأنه وازن بذكاء بين مقتضيات القصة ومقتضيات التحقيق العلمي والتاريخي ، فلم تجرفه القصة بعيدا عن التاريخ ، ولم يقتل القصة بسرد جامد


أحييك

أنت تستطيع ان تكتب عملا جيدا اذا لم تغرق في المراجع .. كما فعلت في البحث
1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب