• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الشرح الميسر على الآجرومية (للمبتدئين) (6)
    سامح المصري
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الحال لا بد لها من صاحب
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية النكتة رؤية تداولية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الإعراب لغة واصطلاحا
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    مفهوم القرآن في اللغة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    أهل القرآن (قصيدة)
    إبراهيم عبدالعزيز السمري
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي
علامة باركود

الاستصحاب لدى المبرد

مجالي الاستصحاب عند النحاة العرب (2) المبرد (ت 285هـ)
د. تامر عبدالحميد أنيس

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/11/2017 ميلادي - 24/2/1439 هجري

الزيارات: 8673

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مجالي الاستصحاب عند النحاة العرب

(2) المبرد (ت 285هـ)

 

عرضنا في المقالة السابقة لمَجالِي عملية الاستصحاب عند إمام النحاة سيبوَيْهِ في كتابه، وسنحاول اليوم أن نتلمس تلك المجاليَ لدى نحْويٍّ من أبرز النحاة بعد سيبويه، وهو المُبرِّد أبو العبَّاس محمَّدُ بنُ يَزِيدَ (ت285هـ).

 

والحق أنَّ المتتبِّع لكتاب "المقتضب" لهذا العالِم الكبير، يجده يستعمل الاستصحاب في حوالي سبعين مسألةً، وهو يعبِّر عنه بالعديد من العبارات، منها ما استعمله سيبويهِ، ومنها ما زاده هو.

 

وقبل ذكر هذه العبارات وبيان المسائل التي تتعلَّق بها، ينبغي الإشارة إلى أنَّ المبرِّد قد استعمل لفظ (تستصحب) مرة واحدة في كتابه، ولكنْ بمعناه اللغويِّ، يقول: "اعلم أنَّ الأشياء التي لا تستصحب فتحتاج إلى الفصل بين بعضها وبعضٍ، تلحقها ألقاب تميِّز جنسها من جنس غيرها، وذلك قولك: هذه أُمُّ حُبَيْن، وهذا سامُّ أبرصَ، وأبو بريص، وهذا أبو جُخادِب لضربٍ من الجنادب، وكذلك هذا أبو الحارث للأسد، وهذا أسامة، وهذا ثعالة للثعلب"[1].

 

فمن الواضح أنَّ مراده هنا بالأشياء التي لا تستصحب: ما لا يستأنسه الإنسان فيلازمه من الحيوانات ونحوها، ومعنى الملازمة هو المعنى اللغويُّ للاستصحاب، وعلى هذا يصحُّ القول بأنَّ (الاستصحاب) ومشتقاته باعتباره مصطلحًا علميًّا لم يرد في كتاب "المقتضب" للمبرد.

 

وأمَّا عملية الاستصحاب بوصفها عمليةً منهجية، وإجراءً من إجراءات التعامل مع المادة اللغوية، فقد عَبَّر عنها المبرد بعبارات كثيرة، يمكن أن تجمع في اتجاهات:

أحدها: أن يذكُر الحُكمَ أو الرأي ويُعْقِبَه بقوله: "لأنَّ الأصلَ كذا"، من ذلك قوله في الحديث عن حركة همزة الوصل: "هذه الألف الموصولة أصلها أن تبتدئ مكسورة... فإن كان الثالث من (يَفْعل) مضمومًا ابتُدئت مضمومة... تقول لها: اُغْزِي، اُعْدِي؛ لأنَّ الأصل كان أن تثبت الواو قبل الياء، ولكنَّ الواو كانت في (يَعْدُو) ساكنة، والياء التي لحقت للتأنيث ساكنة، فذهبت الواو؛ لالتقاء الساكنين، والأصلُ أن تكون ثابتة"[2].

 

ومنه قوله عن دلالة اسم الفاعل: "وأمَّا (قاتل)، فيكون للقليل والكثير؛ لأنه الأصل"[3].

ومنه قوله: "إذا اجتمع مذكَّر ومؤنَّث، جُعل الكلام على التذكير؛ لأنه الأصل"[4].

 

ومنه قوله في الحديث عن الصفة المشبهة إذا أضيفت: "ويجوز أن تقول: هذا رجلٌ حسنُ الوجهِ، فالوجه لم يَجْعَل (حَسَنًا) معرفة، وإن كان مضافًا إليه؛ وذلك لأنَّ التنوين هو الأصل"[5].

♦♦ ♦♦ ♦♦

 

وفي اتجاه ثانٍ يأتي التعبير بـ "جرى على الأصل"، وهو تعبير سبق أن استعمله سيبويه في كتابه، ومن أمثلته عند المبرد قولُه عن عمل المصدر: "فإن لم تنون ولم تدخل ألفًا ولامًا، أضفت المصدر إلى الاسم الذي بعده، فاعلًا كان أو مفعولًا، وجرى الذي بعده على الأصل"[6].

 

وقوله فيما يُجمع على (فِعَلَة): "اعلم أنَّ كُلَّ ما كان من هذا الجمع من بنات الياء والواو اللتين هما عينان، فإنَّ الياء منه تجري على أصلها، والواو إن ظهرت في واحِدِه ظهرت في الجمع"[7].

 

وقوله عن (ابن أمّ) و(ابن عمّ): "وإجراؤهما على أصل الباب في الجودة على ما ذكرت لك"[8]؛ يعني بأصل الباب أن يقال: يا بن أمِّي، ويا بن عَمِّي.

 

ويلي ذلك التعبير بـ"كذا على الأصل"، ومن استعمال المبرد لهذا التعبير قوله: "وكسرت نون الاثنين؛ لالتقاء الساكنين، على أصل ما يجب فيهما إذا التقيا، ولم تكن فيهما مثل هذه العلة فتمتنع"[9]، يشير إلى علة فتح نون جمع المذكر السالم، وهي "أنَّ الكسر والضم لا يصلحان فيها؛ ذلك لأنَّها تقع بعد واو مضموم ما قبلها، أو ياء مكسور ما قبلها، ولا يستقيم توالي الكسرات والضَّمات مع الياء والواو؛ ففُتحت"[10].

 

ومنه قوله: "فأمَّا (أمَّهات) فالهاء زائدة... ولو قلت: (أُمَّات)، لكان هذا على الأصل، ولكنَّ أكثر ما يستعمل (أمَّهات) في الإنس، و(أمَّات) في البهائم، فكأنها زِيدت للفرق"[11]، فذكر ـ أوَّلًا ـ جواز أُمَّات بعموم، مُبَيِّنًا أنه على الأصل، ثم ذكر الأكثر في الاستعمال، ويفهم من هذا أنه أجاز (أمَّات) في الإنس؛ لأنه الأصل.

 

ويقرب من هذا التعبيرُ بمجيء الشيء على أصله، وقد سبق أنَّ سيبويه استعمله، ومن أمثلته عند المبرد قوله عن إلحاق الواو بعد هاء الغائب: "وإن جئت بها على الأصل، كما بدأنا به، فعربيٌّ جيد"[12].

 

وقوله عن مصدر (فعَّلَ): "وكان أصل هذا المصدر أن يكون (فِعَّالًا) كما قلت: أفعلت إفعالًا، وزلزلت زلزالًا، ولكنه غُيِّرَ لبيان أنه ليس بملحق، ولو جاءَ به جاءٍ على الأصل لكان مصيبًا"[13].

 

كما يقرب من ذلك أيضًا التعبيرُ بـ "كذا على حاله"؛ كقوله عن لام الأمر: "واعلم أنَّ هذه اللام مكسورة إذا ابْتُدِئَت، فإذا كان قبلها فاء أو واو، فهي على حالها في الكسر، وقد يجوز إسكانها"[14].

♦♦ ♦♦ ♦♦

 

وهناك طائفة ثالثة من التعبيرات استعمل فيها كلمات: الإبقاء، والترك، والإقرار:

فعبَّر بـ "بقاء الشيء على حاله" كما في قوله عن ألف (مصطفى) في الجمع: "فحذفت الألف لالتقاء الساكنين، فبقيت واو الجمع أو ياء الجمع، وما قبل كلِّ واحد مفتوح؛ لأنه كان مفتوحًا قبل الألف، فحُذفت الألف وبقي الشيء على حاله"[15]، والمراد هنا بقاء الفتحة الموجودة قبل الألف المحذوفة.

 

ويقول المبرد ردًّا على من أجاز تقديم الفاعل على فعله: "ومن فساد قولهم أنك تقول: رأيت عبدَ اللهِ قام، فيدخل على الابتداء ما يُزيله، ويبقى الضمير على حاله"[16]؛ أي: على الحال التي كان عليها قبل دخول الناسخ.

 

كما عَبَّر بـ " ترك الشيء على حاله"، وقد سبق أنَّ سيبويه استعمله، وجاء ذلك في قول المبرد عن نحو (ذا) و(تا): "فإذا صغِّرت هذه الأسماء خولف بها جهةُ التصغير، فتُركت أوائلها على حالها، وأُلحقت ياء التصغير؛ لأنها علامة، فلا يعرى المصغَّر منها"[17].

 

وعَبَّر بـ "يدَعونها على حالها" في قوله: "وأمَّا بنو تميم، فيقولون: ما زيدٌ منطلقٌ، يدَعونها حرفًا على حالها بمنزلة (إنما) إذا قلت: إنما زيد منطلق"[18].

 

وعبر أيضًا عن الاستصحاب بـ "ترك الشيء على أصله وعلى لفظه"، فهو يقول تعليقًا على من قال: مَسْتُ: "فهذا الذي فتح الميم حذفَ لِـمَا ذكرت لك، وتَرَكَ الميم على أصلها للتغيير"[19].

 

ويقول في موضع آخر: "هذا باب ما تقلب فيه السين صادًا، وتركها على لفظها أجود؛ وذاك لأنها الأصل، وإنما تقلب للتقريب مِمَّا بعدها"[20].

 

وممَّا استعمله في هذا الإطار "الإقرار على الحال"، وذلك في قوله: "اعلم أنَّك إذا صغرت جمعًا على بناءٍ من أبنية أدنى العدد، أقررت اللفظ على حاله"[21].

ويلاحظ أن عبارات الإبقاء والترك يستعمل فيها لفظ (الحال) أكثر من لفظ (الأصل).

♦♦ ♦♦ ♦♦

 

وهناك اتجاه رابع في التعبير عن عملية الاستصحاب، وهو استعماله "عدم التغيير"، وهو من العبارات التي استعملها سيبويه من قبل، ومن استعمال هذا التعبير عند المبرد قوله: "وأمَّا ما كان من الواو، فإنك لا تغيره اسمًا ولا صفةً"[22]، وذلك ممَّا كان على (فَعْلَى).

 

وقوله: "هذا باب ما إذا دخلت عليه (لا) لم تغيِّره عن حاله؛ لأنه قد عمل فيه الفعل، فلم يجز أن يَعمل في حرفٍ عاملانِ، وذلك قولك: لا سَقْيًا، ولا رَعْيًا، ولا مَرْحَبًا، ولا أهلًا..."[23].

♦♦ ♦♦ ♦♦

 

وثمة اتجاه أخير تبدو فيه هذه العملية عند المبرد يتمثل في قوله - عن نحو (يَدٍ) و(دَمٍ) و(غَدٍ) -: "ولو جاء شيء منه لا يُعْلمُ ما أصله من هذه المنقوصات، لكان الحكم فيه أن يكون (فَعْلا) ساكنَ العين؛ لأنَّ الحركة زيادة، والزيادة لا تثبت"[24]، فهو يتمسك - هنا - بأصلٍ في الاستدلال على وزن بعض الكلمات، وذلك أنَّ الأصل عدم الزيادة، لكنه يشير إليه ولا ينص عليه، وجاءت إشارته إليه في قوله: "لأنَّ الحركة زيادة، والزيادة لا تثبت"، والمراد: لا تثبُت إلا بدليل، وما لا يثبت إلا بدليل فليس أصلًا، فيكون نقيضه هو الأصل، يؤكد هذا قولُه في موضع آخر: "وحقُّ هذه الأسماء المحذوفة أن يحكم عليها بسكون الأوسط، إلا أن تثبت الحركة؛ لأنَّ الحركة زيادة، فلا تثبت إلا بحجة"[25].

 

ومثل هذا قوله: "أرى إذا سُمِّيَ بأحمر وما أشبهه ثم نُكِّر: أن ينصرف؛ لأنه امتنع من الصرف في النكرة لأنه نعت، فإذا سُمِّيَ به فقد أزيل عنه باب النعت، فصار بمنزلة (أفعل) الذي لا يكون نَعْتًا، وهذا قول أبي الحسن الأخفش، ولا أراه يجوز في القياس غيرُه"[26].

 

هنا أيضًا إبقاءٌ للشيء على أصله؛ لزوال علة العدول عنه، لكنه لم ينص على الإبقاء والأصل، وإنما ذكر الأصل بقوله: "أن يصرف"، ثم ذكر أنَّ ذلك لزوال علة العدول، وهي كونه نعتًا.

♦♦ ♦♦ ♦♦

 

بقيت عدة عبارات أخرى استعملها المبرد على قلة، وهي: "يبلغ به الأصل"[27]، وقد سبق أن استعملها سيبويه قليلًا أيضًا، وقوله: "الأصل مستعمل"[28]، و"الضمُّ الأصل"[29]، و"تحكي حالَه"[30]، وقال مرة: "فأمَّا أهل الحجاز، فعلى الأمر الأول فيها يقرؤون: (فخسفنا بهو وبدارهو الأرضَ) [القصص: 81] لزموا الأصل"[31]، والتعبير بلزوم الأصل قريب جدًّا من التعبير بالاستصحاب.

 

مما سبق يتضح أنَّ المُبَرِّد - كسيبويه - لم يلتزم بمصطلح واحد مُعَيَّن للتعبير عن عملية الاستصحاب؛ وإنما عَبَّر بعبارات متعددة، تدور بين إثبات الأصل، والبقاء، والإقرار، وعدم التغيير، كما أنه ربما فُهم الاستصحاب من كلامه بأن يذكُر الحكم الأصلي ويعلِّله بما يفيد أنه يتمسك بالأصل.

♦♦ ♦♦ ♦♦

 

أمَّا عن المسائل التي استعمل فيها المبرد الاستصحاب، فهي بالنسبة لسالفه نوعان: مسائل لم يذكرها سيبويه وستأتي، ومسائل موجودة عند سيبويه، لكنَّ عبارة سيبويه أحيانًا تخلو من الإشارة إلى الاستصحاب بإحدى العبارات السابقة، فالمبرد يقول: "وكسرت نون الاثنين؛ لالتقاء الساكنين، على أصل ما يجب فيهما..."[32]، وسيبويه يقول: "ونونها مفتوحة، فرَّقوا بينها وبين نون الاثنين، كما أنَّ حرف اللين الذي هو حرف الإعراب مختلف فيهما"[33]، فالمبرد يعلِّل كسر نون المثنى بأنَّ ذلك هو الأصل، ويعلل فتح نون الجمع بعلة الاستثقال، وسيبويه لما ذكر حركة نون المثنى قال: "وحركتها الكسر"[34]، ولم يعلِّلْها، ثم عَلَّل فتح نون الجمع بعلة الفرق، فالظاهرة واحدة، والتعليل مختلف.

 

ومثل هذا قول المبرد: "وإن نوَّنت أو أدخلت فيه ألفًا ولامًا، جرى ما بعده على أصله، فقلت: أعجبني ضربٌ زيدٌ عمرًا"[35]، وقد قرر سيبويه الحكمَ نفسَه دون أن يذكر الجريان على الأصل، فقال: "وتقول: كأنه قال: عجبت من أنه يضرب زيدٌ عمرًا، ويضرب عمرًا زيدٌ"[36]، نعم، في قوله: "كأنه قال... إلخ" إشارة إلى أنَّ أصل الفاعل الرفع، والمفعولِ النصبُ، لكنه ليس تصريحًا كعبارة المبرد.

 

ومن ذلك قول المبرِّد عن ابن أبي إسحاق الحضرمي: "وكان يقول في جمع خطيئة - إذا جاء به على الأصل: هذه خطائئُ، ويختار في الجمع التخفيف، وأن يقول: خطايا، ولكنه لا يرى التحقيق فاسدًا"[37]، وعندما تعرض سيبويه لهذه المسألة، حكى تحقيق الهمزتين عنه وعن بعض العرب، وحكم عليه بالرداءة، ولم يذكر أن هذا هو الأصل[38].

 

ومن ذلك قول المبرد: "تقول: غُضِّ، وغُضُّ، وغُضَّ؛ أمَّا الكسر، فعلى أنه الأصل في التقاء الساكنين"[39].

وذكر سيبويه الحكمَ نفسَه، ووَجَّهَه التوجيهَ نفسَه، إِلَّا أنَّ عبارته لا يلمح فيها عملية الاستصحاب، إذ يقول: "ومن العرب من يكسر ذا أجمَعَ على كلِّ حال، فيجعله بمنزلة اضربِ الرجل، واضربِ ابنك، وإِنْ لم تجئ بالألف واللام؛ لأنه فعل حرِّك لالتقاء الساكنين، وكذلك اضربِ ابنك، واضربِ الرجل"[40].

♦♦ ♦♦ ♦♦

 

أمَّا المسائل التي زادها المبرد ولم يكن سيبويه قد ذكرها في كتابه، فهي ثمانيَ عشرةَ مسألة، منها:

1 - قوله عن حركة همزة الوصل: "هذه الألف الموصولة أصلها أن تبتدئ مكسورة... فإن كان الثالث من (يَفْعُل) مضمومًا ابتُدئت مضمومة... تقول لها: اُغْزِي، اُعْدِي؛ لأنَّ الأصل كان أن تثبت الواو قبل الياء، ولكنَّ الواو كانت في (يَعْدُو) ساكنة، والياء التي لحقت للتأنيث ساكنة، فذهبت الواو؛ لالتقاء الساكنين، والأصل أن تكون ثابتة، فاستؤنفت ألف الوصل مضمومة على أصل الحرف؛ لأنَّ (يعدو) بمنزلة يَقْتُل"[41].

 

2 - قوله في باب ما كان من الجمع على (فِعَلَة): "اعلم أنَّ كل ما كان من هذا الجمع من بنات الياء والواو اللتين هما عينان، فإنَّ الياء منه تجري على أصلها"[42].

 

3 - قوله عن (فُعْلَى) معتل العين: "فإن كان هذا الباب من الواو، جرى على أصله اسمًا وصفة"[43].

 

4 - قوله عن لام الأمر: "ولو كانت للمخاطب، لكان جيِّدًا على الأصل... ورُوِيَ أنَّ رسولَ الله قرأ: ﴿ فبذلك فلتفرحوا ﴾ [يونس: 58][44] بالتاء"[45].

 

5 - قوله عن مصدر (فَعَّل): "وكان أصل هذا المصدر أن يكون (فِعَّالا) كما قلت: أفعلت إِفعالا، وزلزلت زِلزالا... ولو جاءَ به جاءٍ على الأصل لكان مصيبًا، كما قال عزَّ وجَلَّ: ﴿ وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا ﴾ [النبأ: 28]"[46].

 

6 - قوله: "ولو أراد مريد في التثنية ما يريده في الجمع، لجاز ذلك في الشعر؛ لأنه كان الأصل؛ لأنَّ التثنية جمع، وإنما معنى قولك: "جمع": أنه ضَمُّ شيءٍ إلى شيءٍ، فمن ذلك قول الشاعر[47]:

كأنَّ خُصْيَيْهِ مِنَ التَّدَلْدُلِ

ظرفُ جرابٍ فيه ثِنْتا حَنْظَلِ"[48]

 

7 - ويقول معلِّلا عدمَ إعلال الواو والياء في (جَوَزات) و(بَيَضات) على لغة هذيل: "فَصَحَّ العَوَر والصَّيَد، وعَوِر وصَيِدَ؛ لأنَّ أصل الفعل افْعَلَّ"[49].

 

8 - قوله: "وقد قالوا: فارس وفوارس؛ لأنَّ هذا لا يكون من نعوت النساء، فأمِنوا الالتباس، فجاؤوا به على الأصل"[50].

 

9 - قوله: "وإذا حذفت حروف الجر، وصل الفعل فعَمِلَ، وكان حذفها حسنًا لطول الصلة، كما قال عز وجل: ﴿ وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ ﴾ [الأعراف: 155]؛ أي: مِن قومه، فهو مع الصلة والموصول حسن جدًّا، وإن شئت جئت به، كما تقول: الذي ضربتُ زيدٌ، فتحذف الهاء من الصلة، ويحسن إثباتها؛ لأنها الأصل"[51].

 

10 - قوله عن نحو: "أعجبني ما صنعت": "فإن أردت بـ(ما) معنى الذي، فذاك ما ليس فيه كلام؛ لأنه الباب والأكثر وهو الأصل، وإنما خروجها إلى المصدر فرع"[52].

 

11 - قوله عن عبارة: "أنت زيد ضاربه أنت": "ولو أدخلت على هذا (كان) لم تغيره عن لفظه، إلا أنك تجعل زيدًا مرفوعًا بـ(كان)، ولو أدخلت عليه (ظننت) أو (إنَّ) لنصبت زيدًا، وتركت سائر الكلام على حاله؛ لأنه قد عمل بعضه في بعض"[53].



[1] المقتضب؛ للمبرد 4/ 319.

[2] السابق 1/ 219.

[3] السابق 2/ 112.

[4] السابق 2/ 180.

[5] السابق 4/ 158.

[6] السابق 1/ 159.

[7] السابق 1/ 268.

[8] السابق 4/ 252.

[9] السابق 1/ 144.

[10] السابق 1/ 144.

[11] السابق 3/ 169.

[12] السابق 1/ 399.

[13] السابق 2/ 99.

[14] السابق 2/ 131.

[15] السابق 1/ 395.

[16] السابق 4/ 128.

[17] السابق 2/ 286.

[18] السابق 4/ 188.

[19] السابق 1/ 381.

[20] السابق 1/ 360.

[21] السابق 2/ 278.

[22] السابق 1/ 306.

[23] السابق 4/ 380.

[24] السابق 1/ 367.

[25] السابق 3/ 153.

[26] السابق 3/ 312.

[27] السابق 1/ 251، 383.

[28] السابق 2/ 111.

[29] السابق 1/ 318.

[30] السابق 4/ 36، 388.

[31] السابق 1/ 175.

[32] السابق 1/ 144.

[33] الكتاب 1/ 18.

[34] السابق 1/ 18.

[35] المقتضب 1/ 152.

[36] الكتاب 1/ 189.

[37] المقتضب 1/ 296.

[38] انظر: الكتاب 4/ 443.

[39] المقتضب 1/ 320.

[40] الكتاب 3/ 534.

[41] المقتضب 1/ 219 وانظر: 2/ 88.

[42] السابق 1/ 268.

[43] السابق 1/ 305.

[44] وهذه قراءة يعقوب في رواية رُوَيْس، وهو من العشرة، انظر: حجة القراءات؛ لابن زنجلة ص333، والنشر في القراءات العشر؛ لابن الجزري 2/ 285، وقد عزاها ابن جني إلى النبي صلى الله عليه وسلم، انظر: المحتسب 1/ 313.

[45] المقتضب 2/ 44 وانظر: 2/ 129.

[46] السابق 2/ 99.

[47] البيتان في خزانة الأدب 7/ 400 لخطام المجاشعي، ونُسِبَا لغيره، وبلا نسبة في إصلاح المنطق لابن السكيت ص168 شرح وتحقيق: أحمد محمد شاكر وعبدالسلام هارون، ط. دار المعارف، مصر، الرابعة د.ت، وأمالي ابن الشجري 1/ 28.

[48] المقتضب 2/ 153.

[49] السابق 2/ 192.

[50] السابق 2/ 216.

[51] السابق 2/ 341.

[52] السابق 3/ 201.

[53] السابق 3/ 263.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • مواقف النحاة من الاستشهاد بالحديث
  • مقاصد النحاة من ذكر الشواهد الحديثية
  • كتاب إنباه الرواة على أنباه النحاة للقفطي (ت 646هـ / 1248م)
  • كتاب طبقات النحاة واللغويين لابن قاضي شهبة (ت 851هـ / 1447م)
  • كتاب بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة للسيوطي (ت 911هـ / 1505م)
  • الاستصحاب لدى سيبويه
  • الاستصحاب لدى ابن السراج
  • الاستصحاب عند ابن يعيش (ت 643هـ) ورضي الدين الاستراباذي (ت 686هـ)
  • الاستصحاب عند ابن مالك (ت 672هـ)

مختارات من الشبكة

  • الاستصحاب لدى ابن جني(مقالة - حضارة الكلمة)
  • أدلة التشريع المختلف في الاحتجاج بها: القياس، الاستحسان، الاستصلاح، الاستصحاب (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الاستصحاب عند أبي البركات الأنباري (ت 577هـ)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الاستصحاب: أقسامه وحجيته(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الاستصحاب(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • الاستصحاب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المبرد النحوي، وابن المبرد الفقيه(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • استصحاب الحال ودوره في الدرس اللغوي: دراسة نظرية تحليلية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أدلة الأحكام (4) (استصحاب العدم الأصلي عند عدم الدليل الشرعي)(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • وداع رمضان استصحاب روحه - الخطبة الأخيرة من رمضان(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 17/11/1446هـ - الساعة: 9:44
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب