• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    مفهوم القرآن في اللغة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    أهل القرآن (قصيدة)
    إبراهيم عبدالعزيز السمري
  •  
    إلى الشباب (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    ويبك (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
  •  
    الفعل الدال على الزمن الماضي
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    أقسام النحو
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    نكتب المنثور (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / أدبنا / دراسات ومقالات نقدية وحوارات أدبية
علامة باركود

التشاكل والتناص في نماذج من شعر أبي العباس الجراوي

التشاكل والتناص في نماذج من شعر أبي العباس الجراوي
سليمان لمراني علوي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/3/2017 ميلادي - 7/6/1438 هجري

الزيارات: 24564

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

التشاكل والتناص في نماذج من شعر أبي العباس الجراوي

 

المبحث الأول: التشاكل وأنماطه في نماذج من شعر أبي العباس الجراوي:

لا شك أن الشعراء في قصائدهم وكتاباتهم يعمدون إلى العديد من التقنيات والآليات، وللتناص أيضا آلية تحدد انطلاقا من مفهومين أساسيين هما: الامتصاص والتحويل؛ أي أن النص لا يتم إبداعه من خلال رؤية المبدع، بل تتم ولادته من خلال نصوص أدبية وفنية أخرى، مما يجعل التناص يتشكل من مجموعة استدعاءات خارج نصية، يتم إدماجها وفق شروط بنيوية خاضعة للنص الإبداعي الجديد.

فهذه التقنيات والآليات هي ما تميز كل سياق تناصي، كونه إعادة كتابة السالفين أو الأسلاف من خلال استخدام أنماط التناص المختلفة، فإن الشاعر أو الكاتب سوف يعيد هذا الإنتاج من خلال استخدام التقنيات، لإضافة شكل جديد للنص المعاد وتحويره بما يخدم هدفه ومقصده.

"فالتناص، إذن للشاعر، بمثابة الهواء والماء والزمان والمكان للإنسان فلا حياة له بدونهما ولا عيشة له خارجها، وعليه، فإن من الأجدى أن يبحث عن آليات التناص لا أن يتجاهل وجوده هروبا إلى الأمام"[1].

وهكذا كما ذكر الدكتور "محمد مفتاح"، أنه لا استغناء عن التناص وبالتالي يجدر البحث عن آليات وتقنيات مناسبة، لكن قبل الحديث عن هذه الآليات يجدر بنا الحديث عن أنواع التشاكل من خلال بعض النماذج الشعرية "لأبي العباس الجراوي"، من خلال قصيدة يمدح فيها السيد أبا الربيع بن أمير المؤمنين.

سر في ظلال السَعد والإقبالِ
معطى المراد مبلَغ الآمالِ
مستصحبا لسلامة وكرامة
موصولة في الحل والترحالِ
واسبق إلى الغايات كل مبادر
بمكارم أحرزتها ومعالِ
وابهر بفضلك كل فضل باهر
واستغرق الأفضال بالإفضالِ
ترنو العيون إليك وهي حديدة
فتعود مغضية من الإجلالِ
رق الزمان بكم وراق فكله
في الحسن كالأسحار والآصالِ
وردت بحار نوالكم آمالنا
ولطالما حامت على الأوشالِ
سيما أمير المؤمنين عليكم
ومشابه الآساد في الأشبالِ
وعلو همَات وحلم راجع
لا تدَعيه شوامخ الأجبالِ
لو كان منتسبا إليه البدر لم
يترك لكيوان المكان العالي[2]

 

من خلال هذا النموذج الشعري "لأبي العباس الجراوي" نستحضر عدة تشاكلات تكون لنا هذه القصيدة. ومن بينها:

1- التشاكل الصوتي:

لا يمكن في هذا التشاكل أن نغفل ما للأصوات من قيمة تعبيرية تأتيها من مظهرها الفيزيائي أو الأكوستيكي السمعي، ومن التداعيات المشابهة، وقد كان لهذه الظاهرة حيزا جلياً في قصيدة "أبي العباس الجراوي". فمن قبيل التمثيل نأخذ البيتين الأولين:

سر في ظلال السعد والإقبال
معطى المراد مبلَغ الآمال
مستصحبا لسلامة وكرامة
موصولة في الحل والترحال

 

فنجد فيهما تكرار لبعض الأصوات أو الحروف في البيتين نحو:

تكرار حرف اللام في الكلمات: (ظلال، الإقبال، مبلغ، الآمال، لسلامة، موصولة، الحل، الترحال).

وتكرار حرف السين في الكلمات: (سر، السعد، مستصحبا، لسلامة).

فإذا تدبرتا إيحاءات هذا التشاكل الصوتي نجده يولد انسيابية مزدوجة على مستوى المبنى الصوتي والمعنى، هذه الانسيابية المزدوجة هي التي زاوجت الصوت بالمعنى والمعنى بالحرف، فهذا التشاكل الصوتي يسهل على القارئ المتلقي للقصيدة فهم محتوياتها، ويقرب المعاني للأذهان.

 

2- التشاكل في التعبير

إن مضمون القصيدة هو المركز الذي تدور حوله التراكمات الصوتية من تكرار للحروف، والكلمات، والصيغ النحوية، والتفعلة والنبر، ولذا نجد تشاكل المعنى أساسا من خلال مدح "الجراوي" لأبي الربيع بن أمير المؤمنين.

نلاحظ مثلا تجانس بعض الكلمات واختلافها في المعنى كقول الشاعر الجراوي:

وابهر بفضلك كل فضل باهر  ♦♦♦ واستغرق الأفضال بالإفضال

 

في هذا البيت هناك تجانس بين (الأفضال الإفضال).

هذا التجانس حدده "ابن جني" في خصائصه بأنه "أن يتفق اللفظان ويختلف أو يتقارب المعنيان".

ومن الملاحظ أن هذا النوع من التشاكل لا يجعل المتلقي يعيش صعوبات كبيرة أثناء وجوده في عمل إبداعي ما.

 

وهناك بيت شعري في القصيدة نفسها للجراوي يقول:

فليس نظيره إيوان كسرى ♦♦♦ وليس له نظير في أوان [3]

 

هذا البيت يضيف لنا تشاكلا من نوع آخر، وهو تشاكل تركيبي نحوي لا يجب أن نفهمه على أنه صناعة، بل هو تبليغ لرسالة اعتمادا على تعادل التراكيب النحوية، التي تأخذ الطابع التأثيري الجمالي إلى جانب الطابع المعنوي العلائقي.

 

3- تشاكل المعنى

هذا النوع من التشاكل يتجاوز تشاكل التعبير، حيث إن المضمون يبقى قطب العملية التواصلية وليس بواسطة تراكم الأصوات، وتبقى وظيفة هذا التشاكل أنه يجعل المتلقي يفهم الخطاب أو الرسالة انطلاقا من تكرار المقولات السياقية.

ولكي يتضح الأمر أكثر سنعمد إلى تحليل مثال: (ترنو العيون).

• ترنو : (+فعل)، (محمول إلى فاعل حي أو مجرد)، (دال على التأثير).

• العيون : (+اسم)، (+مجرد)، (+دال على الإبصار)، (+معتقد تأثيره).

فالموضوع المحمول بين "ترنو" و "العيون" مقوم مشترك وهو (+دال على التأثير).

 

4 - تشاكل الكلمة

أي تلك الكلمات المركبة من أصوات تكون متقاربة مما يجعل من معانيها أيضا متقاربة، سواء الكلمات التي تكرر فيها حرف واحد، أو حرفين، أو ثلاثة حروف، أو بأكملها. من قبيل: (الهجر، الوفر)، (مردود، مهدود)، (بخائب، براغب)، (سلامة، كرامة)، (مواعيد، مواعيد).

 

5- تشاكل القافية

إن كل هذه الأنواع التي سبق ذكرها سواء ذلك التشاكل حول تكرار لبعض الأصوات والكلمات في النص ليس خاضعا لقانون يضبطه، فإننا الآن أمام التكرار المقنن، وذلك اعتمادا على بعض المقاييس كالمقياس الجمالي، الذي كان يفرض على الشعراء القدامى ضرورة التناسب على المستوى الصوتي؛ أي تكرار حرف الروي أو حركة ما قبله، وإن لم يحصل هذا التكرار المقنن هناك عيب في القافية كالإقواء والإصراف والإشباع...

فقد اعتمد الجراوي في هذه القصيدة على روي اللام (الآمال، الترحال)، حيث جعله موحدا. والقافية أيضا موحدة نحو(مال، حال، عال، شال...).

 

6- تشاكل النبر

هناك تنوع وقع النبر، وقد ولَد تراوحا أكسب القصيدة نفسا شعرياً زاوج بين مسار المعنى وانسياب الموسيقى الشعرية.

نأخذ على سبيل التمثيل هذا البيت الشعري من بحرالكامل:

وردت بحار نوالكم آمالنا
ولطالما حامت على الأوشال
///0 //0///0///0/0/0//0
///0//0/0/0//0/0/0/0
متفاعلن متفاعلن متفاعلن
متفاعلن متفاعلن متفاعلن

 

لا نجد في هذا البيت الشعري توازنا بين النبر الخفيف والنبر القوي، لكن يظهر طغيان النبر الخفيف على البيت، وهذه الخفة تتوازى مع معاني القصيدة المدحية لأبي العباس الجراوي.

 

7 - التشاكل والتباين على مستوى المعجم

إذا قمنا بقراءة مسحية لمعجمية أبي العباس الجراوي نجد تشاكلا واضحا في قاموسه اللغوي من خلال بعض الحقول المعجمية حيث نجد معجم الصفات والأخلاق الحميدة نحو: (مكارم، الأفضال، الإجلال، الحسن، علو الهمات، حلم...).

فهذه البنيات المعجمية تشكل النواة الحقيقية التي ينبثق منها معنى القصيدة الشعرية.

 

8- التشاكل على مستوى التركيب :

إن هذا التشاكل التركيبي يجب النظر إليه كونه تراكيب تؤدي نوعا من معنى القصيدة الشعرية وجماليتها، وليس اعتبارها تراكيب لا تؤدي أية معنى داخل القصيدة. ويمثل هذا فيما يسمى بالترصيع والموازنة من قبيل قول الشاعر:

سر في ظلال السعد والإقبال ♦♦♦ معطى المراد ومبلغ الآمال

 

وقال أيضا:

وابهر بفضلك كل فضل باهر
واستغرق الأفضال بالإفضال
ترنو العيون إليك وهي حديدة
فتعود مغضية من الإجلال

ففي البيت الأول نجد الترصيع من مثل: (الإقبال، الآمال).

أما في البيتين نجد الموازنة نحو: (الإفضال، الإجلال).

وهذا يوضح أن هذا التشاكل سواء الجزئي من خلال تكرار الحرف الأخير من الكلمة، أو التكرار الكلي من خلال تكرار الصيغة الصرفية، ليعرف هذا التشاكل التركيبي عدة أنواع كالتشاكل في الزمن والنفي والمكان والضمائر...

 

وللتوضيح أكثر نمثل بيت شعري. وهو كالآتي:

على ما طرقتها الظنون ولا جرت ♦♦♦ على فكر ذي فكر ولا وهم واهم[4]

• فمقولة النفي تتمثل في: "ولا جرت"، "ولا وهم".

• مقولة المطابقة في كل شيء نحو: "فكر"، "فكر".

• مقولة المطابقة في الصيغة الصرفية نحو: "فكر"، "وهم".

وبالرجوع إلى ما أشرنا إليه في بداية التطبيق حول الآليات والتقنيات للتناص، سواء المظهر الداخلي أو الخارجي، الأول يمتص من نصوصه أو يحاورها أو يتجاوزها، في حين الثاني فهو يقوم بهذه المهمة مع نصوص غيره.

 

وسبيله إلى ذلك آليتا التمطيط والإيجاز:

فالتمطيط يأتي بأشكال مختلفة منها:

أ- الأناكرام:

وهو الجناس بالقلب وبالتصحيف.

القلب نحو: (قال، قول).

التصحيف نحو: قول الشاعر الجراوي.

"في راحتيه لمعتف ولمعتد  ♦♦♦ يوما ندى ووغى منى ومنون"[5]

 

فهذا التصحيف يتمثل في: (لمعتف، لمعتد)، وفي (ندى، وغى).

ب- الشرح

إذ يعمد الشاعر إلى تمطيط نواة معنوية، على شكل كلمة محور أو قول سواء في الأول أو في الوسط أو في الأخير في صيغ مختلفة تكون مجرد توضيح وشرح لتك النواة.

 

وذلك في قول الشاعر الجراوي وهو يصف الخليفة:

إن الإمام هو الطبيب وقد شفى
علل البرية ظاهرا ودخيلا
حمل البسيطة وهي تحمل شخصه
كالروح توجد حاملا محمولا[6]

 

فالإمام الخليفة هو النواة الأساسية، وكل ما جاء بعده فهو شرح وتوضيح لهذه النواة.

ج- الاستعارة

وهي بأنواعها المختلفة سواء المرشحة منها والمجردة والمطلقة، إذ تلعب دورا أساسيا في الشعر لما تضفي عليه من حياة وتشخيص على الجمادات.

 

ومثال ذلك:

"ونازعتهم سيوف الهند أنفسهم  ♦♦♦ فلم يفدهم عن الهيجاء تعريد" [7]

فبدل أن يستعمل كلمة الجيوش استعمل وسيلة للجيوش أثناء المعركة وهي السيوف.

 

4- التكرار

الذي يتمثل في تكرار بعض الأصوات والكلمات والصيغ، من قبيل قول الشاعر:

إذا لم يتَفق رأي ورأي
أفاد في محبَتك اتفاقا
صفا لك كلَ قلب غير صاف
وزحزح عن ضمائره النفاقا[8]

 

فتكرار الأصوات نحو: حرف التاء في (يتفق، اتفاقا، محبتك)، وحرف الفاء في (أفاد، النفاقا، صفا).

وتكرار الكلمات نحو: (رأي، رأي)، (صفا، صفا).

وتكرار الصيغ نحو: (اتفاقا، النفاقا).

 

هذا من حيث آليات التمطيط في التناص، أما من حيث آليات الإيجاز فله دور كبير في عملية التناص، فالمتلقي للإيجاز يحتاج إلى نوع من الشرح والتوضيح خاصة إذا كان من المتلقين العاديين، ويتجلى هذا الإيجاز في قول أبي العباس الجراوي وهو يمدح اليعقوب المنصور.

"ما في الحياة لمن ناواكم طمع
إن ندَ خوفا ففي أحبولة يقع
عن كل قوس صروف الدهر ترشقه
فما له في سوى التسليم منتفع
ما للعدو بما أعددته قبل
ولا بغير انقياد منه يمتنع"[9]

 

فالمتلقي العادي لا يعرف من هو يعقوب المنصور وبعض الكلمات مما يحتاج إلى شروح وتوضيح قصد الفهم.

ومما تطرقت إليه حول أنواع التشاكل مع التمثيل لكل نوع على حدا بمثال توضيحي خلصت إلى أن هذه الأنواع تدرس وبشكل واضح مسألة التناص الداخلي في شعر أبي العباس الجراوي.

 

ولا شك أن الحديث عن التناص الداخلي (Interatexte) يدفعنا إلى الحديث عن التناص الخارجي (Intertexte)، وهذا ما سأحاول معالجته وفق أمثلة توضيحية في المبحث الثاني من الشق التطبيقي.

 

ومما تقدم يمكن القول أن أي نص إبداعي كيفما كان جنسه نثرا أو شعرا أثناء معالجته ودراسته دراسة بنيوية تحليلية، إلا وقفنا على ما تم الحديث عنه من التشاكلات وآليات وتقنيات التناص الداخلي التي تكون مرتبطة ارتباطا ليس اعتباطيا، وإنما ارتباطا من محض إرادة ذلك المبدع كونه العارف بخبايا نصه.

 

المبحث الثاني. التناص الخارجي في شعر أبي العباس الجراوي

يختلف التناص الخارجي"Intertexte" عن التناص الداخلي"Intra texte" في كونه يصل النص بنصوص أو مقتبسات من خارجه وهو حوار بين نص ونصوص أخرى متعددة المشارب والمصادر والمستويات، وهي تشير إلى ما يطلبه الشاعر عمدا في نصوص سابقة أو مزامنة في ثقافته أو خارجها.

 

إن الشاعر الموحدي أبي العباس الجراوي من خلال نظمه الشعري حاول أن يتناص أولا مع الشعراء القدامى في الشكل الهندسي للقصيدة حيث اعتمد على وحدة البيتين المتناظرين والمتساويين ووحدتي الروي والقافية. إلا أن هذا التناصب على مستوى الشكل الهندسي لا يقف عند هذا الحد، بل تجاوزه إلى تناصات مع القرآن الكريم ، وبعض الأحداث التاريخية، فضلا عن بعض الأبيات الشعرية من دواوين بعض الشعراء وعلى وجه الدقة والتحديد ديوان المتنبي وشعراء آخرين.

 

فمن مصادر وآليات التناص الخارجي في شعر أبي العباس الجراوي بعض المصادر يمكن إجمالها في ما يلي:

بادئ ذي بدأ لا بد من الحديث عن جملة من العلل والعوامل التي تفاعلت آثارها في الشخصية الأدبية الموحدية وعلى وجه التحديد والدقة الشاعر الموحدي "أبي العباس الجراوي" الذي حقق التميز في وجه الأندلس والمشرق العربي مسايرة لعظمة الدولة ومجدها الحضاري، حيث كثير الشعر وانتشاره.

 

وقد ساهم في كل هذا العناية بالأدب وأهله وحركته من خلال ذلك التشجيع المادي للأدباء، وممارسة الأدب حيث أن كثير من الخلفاء والموحدين يتعاطون نظم الشعر وتذوقه، منذ بداية الدعوة الموحدية، إلا أن هذا التذوق لن يخلو من تفهم الأدب ونقده، إلى اقتراح البحور على الشعراء وحثهم على النظم فيها، مثل "ما وقع لأمير المسلمين أبي يوسف يعقوب المنصور الموحدي عندما عاد من غزوة الأرك، فأنشده ابن حزمون قصيدة في عروض ما يسمى الخبب كان يقترحه على الشعراء"[10]، فضلا عن تميز عصر الموحدين بالصراع والمنافسة بين المغاربة والأندلسيين، وكذا ذلك الطموح إلى العمل على خدمة الدواوين في تلك الفترة، مما دفع بهم إلى الجد في تحصيل العلم والأدب.

 

إن فترة عصر الموحدين كانت فترة زاخرة بالأدب والعلم بفضل تلك العناية به والتشجيع عليه بالغالي والنفيس من طرف الخلفاء الموحدين، فضلا عن الزوايا التي كانت تهتم بتحفيظ القرآن الكريم، مما جعل من أبي العباس الجراوي يستفيد مما تلقاه في فترته ليعمل على إخراج قصائد رائعة النظم والجمالية. فعند قراءتنا لقصائده نستشعر وكأننا نقرأ ذلك الشعر الجاهلي للفحول خاصة النابغة وامرئ القيس والأعشى أو الشعر العباسي مع أبي الطيب المتنبي.

 

إن ذلك الاهتمام في العصر الموحدي بتحفيظ القرآن الكريم كان من أهم الآليات المنتجة للدلالات، فهو معين لا ينضب بما يشمله من قصص وعبر وأحداث، كيف لا وهو كلام الله المعجز ودستور الأمة، حيث نرى أن أغلب الشعراء يتكئون على مفرداته ومعانيه ويقتبسون من آلياته، ليعكسوا ما يشعرون به تجاه أحداث وقضايا إنسانية، أخلاقية، سياسية اجتماعية...

 

لذا فالنصوص القرآنية من أهم المصادر التي يعبر بها الشعراء في قصائدهم ويرمزون ويلمحون بها.

 

وسوف أحاول من خلال بعض قصائد الجراوي التبحر والخوض في أعماقها وإلقاء النظرة عن كثب حول الاستدعاءات القرآنية التي التجأ إليها في تناصه القرآني.

 

وذلك في قول"أبي العباس الجراوي":

"في الملك أنتم سليمان سميكم   ♦♦♦ وفي التبتل في المحراب داود"[11]

 

وهذا البيت الشعري يتناص مع قوله تعالى: ﴿ وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ * إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ ﴾ [ص: 21، 22].

 

ويقول أيضا:

"فسلني بما عانيته من خشوعه ♦♦♦ فإني بما شاهدته جد عالم"[12]

فالقارئ لهذا البيت الشعري يتبادر إليه قول الله عز وجل من سورة المعارج الآية: ﴿ سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ﴾ [المعارج: 1].

 

وفي موضع آخر يقول الجراوي:

"ولست وإن طاشت سهامي بآئس ♦♦♦ فإن مع العسر الذي يتقى يسرا"[13]

 

فهذا البيت يتناص مع قوله عز وجل: ﴿ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴾ [الشرح: 5].

ويقول مدحه الخليفة عبد المؤمن لما قفل من الأندلس عقب نصره على الروم بفحص سنة 556 ه.

"ترمي شياطين الأعادي في الوغى ♦♦♦ برجوم خيل من سماء غبار"[14]

 

فهذا يتناص مع قول الله جل جلاله: ﴿ وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ ﴾ [الملك: 5].

ويقول الشاعر أيضا:

"وهدَ ما كان مبنيا على جروف ♦♦♦ هار ولم يبن من تقوى على دعم"[15]

 

فهذا البيت الشعري أثناء قراءته يتبادر إلى ذهننا قوله تعالى: ﴿ أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ﴾ [التوبة: 109].

وقول الجراوي أيضا:

"عن أمركم يتصرف الثقلان   ♦♦♦ وبنصركم يتعاقب الملوان"[16]

 

فهذا يتناص مع قوله تعالى: ﴿ سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ ﴾ [الرحمن: 31].

 

وفي قصيدة لأبي العباس الجراوي بعدما انتصر فيها يعقوب المنصور بالأندلس انتصارا باهرا يقول:

"رأى السبل شتى فاتقاعا تورعا   ♦♦♦ وسار على المثلى فيسر لليسرى"[17]

 

هذا البيت الشعري يتناص مع قوله تعالى: ﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ﴾ [الليل: 5 - 7].

 

هذا مما استخلصته من شعر أبي العباس الجراوي حول التناص الديني المتجسد في الاقتباسات والتناصات من القرآن الكريم.

 

أما بالنسبة للتناص الشعري فإذا أردنا الحديث عنه لا بد أن يتجسد من خلال استقراء مجموعة من الأشعار المتمثلة في شعر أبي العباس الجراوي بغية الوقوف عليها وكشف أشكال التوظيف فيها. حيث سأحاول الكشف عن تقنية توظيف النصوص الشعرية، وتوضيح آليات توظيفها في شعر أبي العباس الجراوي الذي وجد في الموروثات الشعرية السابقة على عصر الموحدين مادة خصبة تحمل طاقات هائلة، معبرة عن تجاربهم الذاتية والجماعية فانساقوا إليها طائعين ويحملون عبق الماضي والتاريخ وينسجون منه دلالاتهم لتحاكي لسان حالهم.

وهذا لا يمنع من وجود صعوبة واتخاذ الحذر وذلك في مدى قدرة الجراوي وهو يضمن شعره أشعار سواه على أن يجعل ذلك البيت المضمن جزءا من بنية قصيدته ومدى تمكنه كذلك من إيصال الدلالة إلى المتلقي الذي يفترض فيه الشاعر إحاطته بما ضمنه من أبيات غيره، وهذا التضمين يكون إما عن طريق التوظيف الكلي أو الجزئي أو المضموني.

إن هذا التناص الشعري يتضح من خلال قصيدة لأبي العباس الجراوي التي يهنئ فيها المنصور بالشفاء من وعكة أصابته إثر عودته من الأندلس إلى حضرة مراكش سنة 587هـ، من بحر البسيط وهي كالأتي:

"برء الإمام حياة الخلق كلهم
عمَ السُرور به و انثالت النعم
شكا فلا مقلة إلا أضر بها
سهد ولا قلب إلا شفَه ألم
تجهم الدهر لما أن شكا وبدا
ببرئه وهو طلق الوجه مبتسم
صحَت بصحته الآمال وانتعشت
وزاحت زحلا في أفقه الهمم
أفاض عدلا على الدنيا وألبسها
نورا فلم يبق لا ظلم ولا ظلم
وبث في كل إقليم هدى وندى
فليس يوجد لا جهل ولا عدم
لولا سياسته ما كان ملتئما
شعب ولا كانت الأسباب تنتظم
والله يختص أقواما برحمته
تجري بحكمته الأرزاق والقسم
حاط الإله لنصر الدين مهجته
وعوفيت تلكم الأخلاق والشيم"[18]

 

هذه القصيدة التي تتناص مع قصيدة للمتنبي:

"المجد عوفى إذ عوفيت والكرم
وزال عنك إلى أعدائك الألم
صحت بصحتك الغارات وابتهجت
بها المكارم وانهلَت بها الديم
وراجع الشمس نور كان فارقها
كأنما فقده في جسمها سقم
ولاح برقك لي من عارضي ملك
ما يسقط الغيث إلا حين يبتسم
يسمى الحسام وليست من مشابهة
وكيف يشتبه المخدوم والخدم
تفرَد العرب في الدنيا بمحتده
وشارك العرب في إحسانه العجم
واخلص الله للإسلام نصرته
وإن تقلب في آلائه الأمم
وما أخصك في برء بتهنئة
إذا سلمت فكل الناس قد يسلموا"[19]

 

وفي قصيدة أخرى لأبي العباس الجراوي يمدح فيها السلطان الموحدي يعقوب المنصور بمناسبة ظفره بالثائر الجزيري الذي ظهر بمراكش وفتن الناس في فاس والأندلس حتى ظفر به الموحدون بمرسية، واستقدم إلى إشبيلية حيث صلب سنة 586هـ. نجد بعض الأبيات من شعر المتنبي تتناص مع شعره وهي من بحر البسيط. وهي كالتالي:

"ما في الحياة لمن ناواكم طمع
إن ندَ خوفا ففي أحبولة يقع
عن كل قوس صروف الدهر ترشفه
فما له سوى التسليم منتفع
ما للعدو بما أعددته قبل
ولا بغير انقياد منه تمتنع
عزاهم الرعب في جيش بلا لجب
فأحجموا من وراء الدَرب وانقمعوا
دارت عليهم كؤوس الذل مترعة
تستقيهم جرعا من بعدها جرع
كل الممالك ملك خالص لكم
وكل ممتنع طوعا لكم تبع
والبحر تعتمد الأنهار موضعه
فتلتقي في نواحيه وتجتمع
والشعر إن لم يكن في نفسه حسنا
فما تحسنه الأصحاب والشيع
من رام وصفك مستوفى فغفلته
يبدي ومن فهمه عند الورى يضع
أضحت علاك مكان النجم عن مدحي
ما حيلتي وبلوغ النَجم ممتنع"[20]

 

فمن الأبيات التي تتناص مع شعر المتنبي في ديوانه مع قصيدة أبي العباس الجراوي في مدحه للسلطان الموحدي يعقوب المنصور من قبيل:

1 "بالجيش تمتنع السادات كلهم
والجيش يا بن أبي الهيجاء يمتنع
2 يدرى اللقان غبارا في مناخرها
وفي حناجرها من آلس جرع
3 غزو فكل إليكم بعد ذا فلة
وكل غاز لسيف الدولة التبع
4 هلا على عقب الوادي وقد طلعت
أسد تمر فرادى لست تجتمع"[21]

 

فالبيت الثالث من قصيدة الجراوي يتناص مع البيت الأول الذي عمدت إلى ترقيمه للتوضيح مع قول المتنبي.

والبيت الخامس من قصيدة الجراوي يتناص مع البيت الثاني من بيت المتنبي.

أما البيت السادس فهو يتناص مع البيت الثاني.

في حين البيت السابع فهو يتناص مع البيت الرابع.

 

إن أبي العباس الجراوي في شعره لم يقتصر تناصه على شعر المتنبي، بل إن إحدى قصائده تأخذ من شعر امرئ القيس دون تغيير ودون تقديم أو تأخير. وهذا ما يطلق عليه بالتناص الكلي أو المطابق مع تقسيم صدر وعجوز البيت في القصيدة وكأنهما سطر شعري في القصيدة، وهذا يتمثل في قصيدة المخمسة في رثاء الحسين بن علي بن أبي طالب بقوله:

"خليليَ دعوى برَحت بخفاء
ألا أنزلا رحل الأسى بفنائي
وهدَا من الصبر الجميل بنائي
قفا ساعداني لات حين عزائي

 

1- قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل

أيترك ربع الرسالة سبسب
تجيء به هوج الرياح وتذهب؟
ولا تنهمي فيه العيون وتسكب
وتظلع أعناق الذنوب وتنهب

 

2- بسقط اللوى بين الدخول فحومل"[22]

هذا فضلا عن قول الجراوي:

"تكرٌ عليهم كل يوم وليلة   ♦♦♦ عصائب خيل تهتدي بعصائب"[23]

 

فهذا البيت الشعري يتناص مع قول النابغة الذبياني"عصائب طير تهتدي بعصائب"[24]

 

وفي قصيدة للجراوي التي يستميل عرب رياح في تونس لخدمة الخليفة عبد المؤمن في جهاده بالأندلس سنة 553، نجد بيتين شعريين 20 - 21 يقول فيهما:

"20 يثور إليه حاسرا غير دارع
ويقضي عليه دراعا غير حاسر
21 بني عامر أنتم صميم فصمموا
إليه الموت تصميم اللُيوث الخوادر"[25]

 

فالمتأمل في 20 يجد أنه يتناص مع قول الأعشى وذلك في قوله:

"في فيلق جأواء ملمومة   ♦♦♦ تقذف بالدارع والحاسر"[26]

 

وأما البيت 21 فيتناص مع بيت شعري لكعب بن زهير وذلك في قوله:

"من خادر من ليوث الأسد مسكنه  ♦♦♦ ببطن عتَر غيل دونه نحيل"[27]

 

إن شعر أبي العباس الجراوي لم يقتصر فقط في تناصاته الشعرية على ما أشرت إليه في بحثي هذا المتواضع، ولكن هناك تناصات عديدة مع شعراء آخرين تعمدت عدم الإشارة إليها وذكرها، لأن ذكرها لا يمكن لبحثي حول التناص أن يضمها ويجملها كاملة، وإنما تحتاج إلى أطروحات عديدة حتي يستفيض فيها الباحث للدراسة والتحليل والمناقشة، ولا بد من التأكيد على أن هذه التناصات العديدة المتضمن في شعر أبي العباس الجراوي لا تضعف من شأن وجودة شعره، بل تفصح على تلك التجربة الشعرية التي تميز بها العصر الموحدي آنذاك.

 

مما تقدم، يمكن القول حول إن النص وقوانينه والعوامل الفعَالة في توجيه شاعريته ميدانا رحبا لنشوء فكرة التناص التي لا تخلو من بعد فلسفي وإيديولوجي فكانت في بعض جوانبها ردة فعل تجاه ما أشيع على أيدي الشكلانيين الروس من تعمية على كل مؤثر في النص يقع خارجه مكتفية بالقوانين الخاصة النابعة من النص وعلاقاته الداخلية.

 

وبما أن الحوارية التي جاء بها "باختين" من خلال بحوثه ودراساته حول الأعمال الروائية الروسية لدستيوفسكي التي كانت أولى بوادر التناص، إلا أن هذا لا يعني اقتصار التناص على الحوارية فقط بل يمكن عدها جزءا رئيسا من التناص.

 

وبالرغم من كثرة تعريفات التناص التي أسهمت في تضخم مفهومه بصورة لا طائل منها، إلا أنه يعني في الأعم الغالب حضور مظاهر معرفية من أدب وتاريخ وفن وفلسفة وغيرها عبر ذاكرة المبدع متجلية بأشكال عدة في عمله الإبداعي.

 

وقد عرفت الآداب العربية علاقات التداخل النصي وتداول المعاني بين المنشئين، وكان هذا التداخل والتداول ضمن إطار عام تمثل بنظرية عمود الشعر العربي التي صاغها النقاد لكي يتبع الشعراء سننها وقواعدها والتناص مع نماذجها العليا وفي إطار خاص قد تمثل ذلك التداخل والتداول بموضوعات السرقات الشعرية والنقائض والمعارضات، وكان لتلك العلاقات بعد معياري يقوم النص الجديد من خلال بعده أو قربه من النصوص السابقة. كما كان لعلاقات التداخل النصي بعد تأويلي وتفسيري خصوصا في الدراسات القرآنية. لذا نرى أنه ليس هناك مبرر لحجب هذه المعرفة عن الدراسات العربية القديمة واقتصارها على الدراسات الغربية الحديثة مع مراعاتنا للفارق الزمني ودوره في تطور الوسائل والآليات التي درس بها التناص حديثا.

 

وقد تعددت تقسيمات النقاد لأنواع التناص وآلياته وقوانينه واجتهدوا في ذلك اجتهادات متنوعة والسبب في ذلك هو عدم استقرار مفهوم المصطلح بعد كونه لا يزال في طور التشكيل النظري ومع ذلك فقد تم تقسيم التناص من حيث النص المناصص إلى تناص خارجي وتناص داخلي أمر له قيمته المنهجية في الكشف عن المرجعيات النصية للعمل الأدبي مع التأكيد على أهمية التناص الواعي والهادف والمقصود التناص الذي يقع بالصدفة أو الإضطرار. ونلمح اختلافا في تسميات آليات التعامل مع النص المناصص، وهذا يعني بالضرورة الإختلاف في مفهومها وحقيقتها، بل هواختلاف في التسمية مع بقاء المضمون متشابها.

 

لذلك سيكون للتناص دور في تقسيم النص من خلال أهمية تناصاته وإسهاماته في تعزيز شعرية النص أو أدبيته، فالتناص كغيره من الأدوات الفنية الإجرائية لا بد أن يلقي بظلاله على النص ويكسبه طابعا معينا، ويعد هذا من أقدم المهام النقدية التي سجلها النقد لعلاقات التداخل النصي.

 

وقد زخر شعر أبي العباس الجراوي بالتناص، فضلا عن التزامه بقضايا اجتماعية وسياسية في العصر الموحدي لذلك شكل نموذجا صالحا للبحث في معيارية التناص، إذ شكل التناص مرجعية رئيسية لتشكيل صور الشاعر عبر تناصاته الخارجية والداخلية في الخطاب الشعري، حيث كونت مهيمنات صورية استحدثها لتشكيلات صورية عديدة لم تنج من فخ التكرار والإعادة. فضلا عن أن التناص الداخلي واستنادا لقانون التناص العام كانت له علاقة بالتناص الخارجي لأن النص الخاص بالشاعر استمد أسس بنائه من عناصر خارجية وعندما يتناص الشاعر مع نصوصه نفسها سيكون متناصا أيضا مع تلك العناصر الخارجية.

 

وبذلك يكون التناص الخارجي أكثر فعالية وتأثيرا في النص الإبداعي والمتلقي من التناص الداخلي الذي ينبني على تلك الأنواع من التشاكلات، وسيسهم كذلك في تحريك منبهات الاستقبال لدى المتلقي ليتمكن من قراءة النص في ضوء مرجعية مشتركة أوجده التناص بينه وبين المبدع الخطاب الشعري.



[1] تحليل الخطاب الشعري (استراتيجية التناص)، د. محمد مفتاح، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، المغرب، ص 125.

[2] المستدرك على شعر أبي العباس الجراوي، تحقيق د. البشير التهالي، ود. رشيد كناني، مكتبة القراءة للجميع،11، الحسن الثاني، أكادير. مطبعة النجاح الجديدةـ الدار البيضاء، الطبعة الأولى. 2005 م. ص 31.

[3] المستدرك على شعر أبي العباس الجراوي، ص 33.

[4] المستدرك على شعر أبي العباس الجراوي، ص 41.

[5] االمرجع نفسه، ص 74.

[6] المرجع نفسه، ص 86.

[7] المرجع نفسه، ص 94.

[8] المرجع نفسه، ص 82.

[9] المستدرك على شعر أبي العباس الجراوي، ص 98.

[10] المستدرك على شعر أبي العباس الجراوي، ص 17. نقلا عن المعجب، ص 419.

[11] المستدرك على شعر أبي العباس الجراوي، ص 35.

[12] المرجع نفسه، ص 43.

[13] المرجع نفسه، ص 50.

[14] المستدرك على شعر أبي العباس الجراوي، ص 72.

[15] المرجع نفسه، ص 79.

[16] المرجع نفسه، ص 81.

[17] المرجع نفسه، ص 106.

[18] ديوان الجراوي( أبو العباس أحمد بن عبد السلام الجراوي ) المتوفى سنة 609 هـ - 1212 م، لصنعة الدكتور علي إبراهيم كردي، دمشق عين الجرش. الطبعة الأولى. 1994، ص 149. وكذا كتاب المستدرك على شعر أبي العباس الجراوي، ص 99.

[19] ديوان شيخ شعراء العربية أبي الطيب المتنبي، تحقيق. د.عبد المنعم خفاجي سعيد جودة السحار، و د. عبد العزيز شرف، دار مصر للطباعةـ الفجالة. د.ت،و د. ط، ص 327.

[20] ديوان الجراوي، ص 103 - 104، و المستدرك على شعر أبي العباس الجراوي، ص 98.

[21] ديوان أبي الطيب المتنبي، من ص197 إلى 200.

[22] ديوان الجراوي، ص117.

[23] المستدرك، ص 39.

[24] المرجع والصفحة نفسيهما.

[25] المرجع نفسه، ص 66.

[26] نفس المرجع والصفحة.

[27] نفسيهما.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الإسلام في شعر أبي تمام
  • قراءة الآمدي السياقية لشعر أبي تمام

مختارات من الشبكة

  • تراجم الشعراء (الخنساء – العباس بن مرداس - أمية بن أبي الصلت - زهير بن أبي سلمى - عنترة)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • في العلاقة بين السرقة الشعرية والتناص(مقالة - حضارة الكلمة)
  • مخطوطة حديث أبي الحسن محمد بن أحمد بن العباس الإخميمي (ج2)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة منتقى من مسند أبي العباس محمد بن إسحاق الثقفي(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • أقوال الإمام أبي العباس القرطبي في التفسير وعلوم القرآن الكريم(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة حديث أبي العباس أحمد بن محمد اليشكري (قطعة من الجزء الأول)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة جزء من الفوائد المنتقاة عن أبي العباس الأصم(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • نتائج تحقيق كتاب أمالي أبي العباس الخشاب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مجلس من أمالي أبي العباس الخشاب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دراسة سند الجزء الخامس من أمالي أبي العباس الخشاب(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب