• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الإعراب لغة واصطلاحا
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    مفهوم القرآن في اللغة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    أهل القرآن (قصيدة)
    إبراهيم عبدالعزيز السمري
  •  
    إلى الشباب (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    ويبك (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
  •  
    الفعل الدال على الزمن الماضي
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    أقسام النحو
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي
علامة باركود

من أثر اللغة الفصحى في الملتزمين بها

من أثر اللغة الفصحى في الملتزمين بها
د. أحمد عيد عبدالفتاح حسن

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 8/12/2016 ميلادي - 8/3/1438 هجري

الزيارات: 7905

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية 1438هـ - 2016م

من أثر اللغة الفصحى في الملتزمين بها


الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على النبي المصطفى، وعلى آلِه وصحبِه ومَن بهداهم اقتدى، وبعد:

فأَن تُرَى محافظًا على قواعد العربية في محادثاتك وكتاباتك وخطاباتك، وأنت إنسانٌ مسلمٌ - أمَارةُ خيرٍ فيك، وعلامةُ رُقِيٍّ في أحاسيسك، ودليلُ حسنٍ في أخلاقك، وذلك من فضل الله عليك وعلى الناس، فقابِله بالإخلاص والشكر، ودُم على ذلك؛ فأنت على خَيرٍ، وأنت من المحبين لله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم.


قال أبو منصور الثعالبي (ت 429هـ): "مَن أحَبَّ الله تعالى أحَبَّ رسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم، ومَن أحب الرسول العربي أحب العرب، ومَن أحب العرب أحب العربية التي بها نزَل أفضلُ الكتبِ على أفضلِ العجمِ والعربِ، ومَن أحب العربيةَ عُنيَ بها وثَابَرَ عليها وصرف هِمتَهُ إليها، ومَن هداه اللهُ للإسلامِ، وشرح صَدرَهُ للإيمان، وآتاه حُسنَ سريرةٍ فيه، اعتقد أن محمدًا صلى الله عليه وسلم خيرُ الرسل، والإسلام خيرُ الملل، والعرب خيرُ الأمم، والعربية خيرُ اللغات والألسنة"[1].


وهناك سماتٌ نفيسةٌ، وصفاتٌ جليلةٌ نَجِدُها في الملتزمين بالعربية الفصحى تحدُّثًا وكتابةً، وقد عَرَفَها سَلَفُنَا الصالح رضي الله عنهم، فنَبَّهُونا إليها؛ منها:

1- المروءة:

معناها اللُّغوي: الإنسانيةُ، وكَمَالُ الرُّجولية، يقال: (مَرُؤَ الرجلُ يَمرُؤُ مُرُوءَةً)، والمعنى: صار ذا مُروءةٍ، ويقال: (طالبٌ مَرِيءٌ)، صفة مشبهة على وزن (فَعِيل)، والمعنى: طالبٌ ذُو مُرُوءَة وإِنسَانِيةٍ ورجوليةٍ، ويقال في الجمع: (طلابٌ مَرِيئُون، ومُرَآءُ).

ومعناها الشرعي: آدابٌ نَفسَانِيةٌ، تَحمِل مُرَاعَاتُها الإِنسانَ على الوُقُوفِ عِند مَحاسِن الأَخلاقِ وجَمِيل العَادَات[2]، فهي سجيةٌ جُبِلَت عليها النُّفُوس الزكية، وشِيمةٌ طُبِعَت عليها الطباع الكريمة، فلا تصدر منها إلا الأفعالُ الجميلةُ المستتبعةُ للمدح شرعًا وعقلًا وعُرفًا، وصاحبُ المروءة - كما ذكر النووي[3]- هو مَن يصون نَفسَهُ عَن الأدناس، وَلا يَشينها عِند الناس، ورَحِمَ الله القائلَ:

وإذا جَلَستَ وَكَانَ مِثلُكَ قَائِمًا
فَمِنَ المُرُوءَةِ أَن تَقُومَ وإِن أَبَى
وإذا اتَّكَأتَ وَكَانَ مِثلُكَ جَالِسًا
فَمِنَ المُرُوءَةِ أَن تُزِيلَ المُتَّكَا
وإذا رَكِبتَ وَكَانَ مِثلُكَ مَاشِيًا
فَمِنَ المُرُوءَةِ أَن مَشَيتَ كَمَا مَشَى

والملتزمون بالعربية في كلامهم في الغَدَوَاتِ والرَّوحَاتِ تَثبُتُ مروءتُهم؛ لأنَّهم يقومون بالأجمَل من الأفعال، والأحسن من التصرفات، والمروءة تأمر صاحبها بالأجمل، فدليلُ وجود المروءة فيهم التزامُهم بلغتهم الشريفة؛ ولذا كَتَبَ أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه إِلى أَبي مُوسَى الأشعري رضي الله عنه قائلًا: "خُذِ النَّاسَ بِالعربِيَّة؛ فإِنَّها تَزِيد فِي العَقلِ، وتُثبِتُ المُروءَةَ".

 

وذكر الإمام الخطَّابي (ت 388هـ) عبارةَ عمر رضي الله عنه بصيغة أخرى؛ وهي: "عليكم بتعليم العربية؛ فإنَّها تدلُّ على المروءة، وتزيد في المودة"، ثمَّ قال: "قد بقيتُ زمانًا أقول: ما معني زيادتها في المودة؟ حتى وقع لي أنَّهُ يريد مودَّةَ المشاكلة؛ وذلك أنَّ المعرفة بكل صناعةٍ تجمعُ بين أهلها"[4].

 

فمَن يجعل العربية في كلامه ومحاوراته في بلاد العرب، يحكم له بأنه مريءٌ، قال الأصمعي: "ثلاثةٌ تحكم لهم بالمروءة حتى يعرفوا: رجلٌ رأيته راكبًا، أو سمعته يعرب، أو شممت منه رائحةً طيبةً.

وثلاثة تحكم عليهم بالمهانة حتى يعرفوا: رجلٌ شممت منه رائحة نبيذٍ في محفلٍ، أو سمعته يتكلم في مصرٍ من أمصار العرب بالفارسية، أو رأيته على ظهر طريقٍ ينازع في القدر".


2 - رِقَّة الطَّبعِ، ولُطف الحِس، ولين المعاملة، وحكمة التصرف:

إنَّ المتعلِّم لقواعد العربية لرغبةٍ فيها، ومعرفةٍ بفضلها، وحُبٍّ لها، مع التزامٍ بها - نلمسُ فيه كُلَّ ذلك، وقد نبَّهنا إلى هذا الإمام الشافعي، حين قال مُعدِّدًا فوائد العلوم:

"مَن قرأ القُرآن عظُمت قيمتُهُ، ومَن تفقَّه نبُل قدرُهُ، ومَن كتَب الحدِيث قوِيت حُجَّتُهُ، ومَن تعلَّم اللُّغة رقَّ طبعُهُ، ومن تعلَّم الحِساب جزُل رأيُهُ، ومَن لم يصُن نفسهُ لم ينفعهُ عِلمُهُ"[5].

 

واستشعر ذلك الأثر أبو الفتح بن جنِّي؛ فذكر لنا أنهُ إذا تأمَّل حال هذه اللغة الشريفة الكريمة اللطيفة، وجد فيها من الحكمةِ والدقة والإرهافِ والرِّقَّة ما يملك عليه جانبَ الفِكرِ، حتى يكاد يصلُ به إلى غاية السِّحر[6].

 

3 - قُوَّة التأمل، وسرعة الفهم، وجودة الاستنباط:

المُلِمُّ بضوابط العربية هو من يُحسِنُ التعاملَ مع النصوص الشرعية وغيرها، بما لديه من صفاتٍ مؤهلة؛ هي قوة التأمل، وسرعة الفهم؛ لمعرفته بالأساليب العربية وأسرار التراكيب، وهذا يترتب عليه جودة استنباط الأحكام واستخراج القواعد من النصوص.

وقد لحظ الإمام الشافعي هذا، وذكره لنا بقوله: "أَصحَابُ العَرَبِيَّةِ جِنُّ الإِنسِ، يُبصِرُونَ مَا لا يُبصِرُ غَيرُهُم"[7].

 

ويكفي أن نَذكر من شواهد ذلك ما يأتي:

1- رُوي أنَّ علي بن حمزة الكسائي - وهو إمام في العربية والقراءة - ويعقوب بن إبراهيم القاضي اجتمعا عند الرشيد، وكان أبو يوسف يُزري على عليٍّ الكسائي النحوَ، فقال له الكسائيُّ: ما يقول القاضي في رجلينِ اتُّهِما بقتل عبدٍ لرجلٍ، فقدمهما إلى قاضٍ، فادعى عليهما قَتل عبده، فسأل القاضي أحدهما، فقال: (أنا قاتلُ عَبدِهِ)، وسأل الآخر، فقال: (أنا قاتلٌ عَبدَهُ)، أيُّهما القاتل؟ فقال: جميعًا، فقال الكسائي: بئس ما قلتَ! أنعِم النظرَ، فقال: الذي قال: (أنا قاتلٌ عبدَهُ)، فقال: وهذا أيضًا خطأٌ، فقال الرشيدُ: أمَا علمتَ أنَّ الذي قال: (أنا قاتلٌ عبدَهُ) قد وعد بقتلِه ولم يقتله، وأنَّ مَن قال: (أنا قاتلُ عبدِهِ) قد أقرَّ بالقتل؟ فانتبه أبو يوسف، فقال: قليلٌ من العلم كثير، وأعمل نفسه حتى علِم من النحو ما كان يتحذَّر به من اللحن.

فمن قواعد العربية أنَّ اسم الفاعل الذي يعمل النصب فيما بعده هو الذي يرادُ به زمن الحال أو الاستقبال، وأنَّ اسم الفاعل الذي لا يعمل النصب فيما بعده هو الذي يراد به الزمن الماضي.

 

2- قيل: إنَّ سائلًا سأل أبا يوسف عن رجل حَلَفَ أنَّ امرأتَهُ طالقٌ أَن دَخَلَتِ الدارَ، وآخر حَلَفَ أنَّ امرأتَهُ طالقٌ إِن دَخَلَتِ الدارَ، فقال: أيتهما دخلت، فقد حنث الحالف.

وكان الكسائي حاضرًا، فقال: أَوَلَيسَ الخرسُ أحسنَ من هذا الجواب؟ وسمع أبو يوسف مقالته، فشكاه إلى الرشيد، فقال: صدق الكسائيُّ، الخرسُ أحسنُ من اللحنِ، أَمَا علمتَ أَنَّ من خَفَضَ، فقال: (إِن دَخَلَت) قد حَلَفَ على شيءٍ يكون في المستقبل؟ فمتى دخلت امرَأتُهُ الدَّارَ حَنثَ، والآخر إنَّما حَلَفَ يَمِينَهُ بفعلٍ ماضٍ، فإن كانت امرَأتُهُ دخلت الدَّارَ قبل حلفه عليها، فقد طَلُقَت، وإن لم تكن دخلت لم تطلق.


4 - فَهم أقوال الشرع:

مما لا شَكَّ فيه أنَّ الإقبالَ على تفهُّم العربية والالتزام بها من الديانة؛ لأنَّها أداة العلم، ومفتاح التفقه في الدين، وسبب إصلاح معاش الإنسان ومعاده.

والطريق الحسن - كما يقول الإمام ابن تيمية - اعتيادُ الخطاب بالعربية، حتى يتلقنها الصغار في المكاتب وفي الدُّور، فيظهر شعار الإسلام وأهله، ويكون ذلك أسهلَ على أهل الإسلام في فقهِ معاني الكتاب والسنة وكلام السلف.

ومن أجل ذلك تكرَّرت رسائل عمر رضي الله عنه إلى ولاته؛ ومنها قوله:

"تعلموا العربية؛ فإنَّها مِن دينكم، وتعلَّموا الفرائض؛ فإنَّها من دينكم".

وهذا الذي أمر به عمر رضي الله عنه من فقهِ العربية وفقه الشريعة، يجمع ما يُحتاج إليه؛ لأنَّ الدين فيه أقوال وأعمال، ففقه العربية هو الطريق إلى فقه أقواله، وفقه السنة هو الطريق إلى فقه أعماله[8].


إنَّ أهم وسائل فهم القرآن الكريم وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، واستنباط الأحكام منهما: معرفة قواعد العربية في: متن اللغة، والنحو، والتصريف، والمعاني، والبيان، والبديع؛ ولذلك حذر العلماءُ من تفسير كتاب الله تعالى وتحليل كلام النبي صلى الله عليه وسلم من غير علم بالعربية.

 

قال مجاهد بن جبر (ت 104هـ): "لا يحلُّ لأحدٍ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتكلم في كتاب الله إذا لم يكن عالمًا بلغات العرب"، وقال مالك بن أنسٍ (ت 179هـ): "لا أُوتَى برجلٍ يفسر كتاب الله غير عالمٍ بلغة العرب إلا جعلته نكالًا"[9].

 

وقال ابن تيمية: "إن الله تعالى لما أنزل كتابه باللسان العربي، وجعل رسوله مُبلغًا عنه للكتاب والحكمة بلسانه العربي، وجعل السابقين إلى هذا الدين متكلمين به؛ لم يكن سبيل إلى ضبط الدين ومعرفته إلا بضبط اللسان، وصارت معرفته من الدين، وصار اعتياد التكلم به أسهل على أهل الدين في معرفة دين الله، وأقرب إلى إقامة شعائر الدين، وأقرب إلى مشابهتهم للسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار في جميع أمورهم"[10].

 

فمَن أراد أن يفهم معاني القرآن الكريم والحديث الشريف، وأن يقف على مراميهما، فالطريق إلى ذلك معرفة قواعد لسان العرب؛ لأن الله تعالى أنزل القرآن بلسانهم، وقال: ﴿ إِنَّا أَنزَلنَاهُ قُرآنًا عَرَبِيًّا ﴾ [يوسف: 2]، والنبي صلى الله عليه وسلم أفصحُ العرب، وقد صَرَّحَ بذلك، فلا يَفهَم عنه إلا مَن عرَف قواعد لسانه، وضوابط خطابه، وأساليب بيانه.

 

5 - جمال في المنطق وفصاحة وهَيبة في المجلس:

قال أبو حاتم رضي الله عنه: "الفصاحةُ أحسنُ لباسٍ يلبسه الرَّجلُ، وأحسنُ إزارٍ يتَّزرُ به العاقلُ، والأدبُ صاحبٌ في الغُربة، ومؤنسٌ في القلَّة، وزَينٌ في المحافل، وزيادةٌ في العقل، ودليلٌ على المروءة، ومَن استفاد الأدبَ في حداثتِه انتفع به في كِبَره؛ لأنَّ مَن غرَسَ فسيلًا يوشك أن يأكلَ رطبَها، وما يستوي عند أولي النُّهى، ولا يكون سيَّان عند ذوي الحِجَا - رجلانِ: أحدُهما يَلحَنُ، والآخرُ لا يَلحَنُ"[11].

 

وكان أيوب السختياني يقول: "تعلَّموا النَّحوَ؛ فإنَّهُ جمالُ الوضيع، وتركه هُجنَةٌ للشريف"[12]، ورحم الله القائل:

النَّحوُ يُصلِحُ مِن لِسَانِ الأَلكَنِ
والمَرءُ تُعْظِمُهُ إذَا لَم يَلحَنِ
فإذَا أَرَدتَ منَ العُلُومِ أَجَلَّهَا
فَأَجَلُّها مِنها مُقِيمُ الأَلسُنِ
لَحنُ الشَّرِيفِ يَحُطُّهُ عَن قَدرِهِ
وَتَراهُ يَسقُطُ مِن لِحَاظِ الأَعيُنِ
وَتَرى الدَّنِيءَ إذَا تَكَلَّمَ مُعرِبًا
نَالَ النَّبَاهَةَ بِاللِّسَانِ المُعلنِ
مَا وَرَّثَ الآبَاءُ فِيمَا وَرَّثُوا
أَبنَاءَهُم مِثلَ العُلُومِ فَأَتقِنِ

 

والقائل:

لَو لَم يَكُن في النَّحوِ إِلا أَنَّهُ
يَذَرُ الضَّئِيلَ مِنَ الرِّجَالِ مَهِيبَا
يُخشَى التَّكَلُّمُ حَيثُ حَلَّ كأنَّمَا
أَضحَى بأَفوَاهِ الأَنَامِ رَقِيبَا

وسَمِعَ أعرابيٌّ الحسن البصري، فقال: والله إنَّهُ لفَصِيحٌ إذ لفَظ، نَصِيحٌ إذا وَعَظ.

وقال سالم بن قتيبة: كنتُ عند ابنِ هبيرةَ، فجَرَى الحديثُ حتى ذكروا العربية، فقال: واللهِ مَا استوى رجلانِ حسَبُهما واحدٌ، ومروءتُهما واحدةٌ، أحدهما يَلحَنُ والآخر لا يَلحَن، ألا إنَّ أفضلَهما في الدنيا والآخرة الذي لا يَلحَنُ، قَالَ: فقلت: أصلَحَ اللَّهُ الأميرَ، هذا أفضلُ في الدنيا لفضلِ فصاحته وعربيته، أرأيت الآخرة، ما باله فَضَلَ فيها؟ قَالَ: إنَّهُ يقرأُ كتابَ اللَّهِ على مَا أُنزِلَ، والذي يَلحَنُ يحمله لحنُه على أن يُدخل في كتاب اللَّه مَا ليس فيه، ويُخرج منه مَا هو فيه، قَالَ: قلتُ: صَدَقَ الأميرُ وبَرَّ"[13].


6 - البعد عن الضلال، وقوة اليقين:

نلحظ ذلك في الملتزمِ بلغته الشريفة، ولو لم يكن في الالتزام بها، ومعرفة خصائصها، والوقوف على دقائقها - إلا قوة اليقين في معرفة إعجاز القرآن الكريم، لكفى به فضلًا من الله ونعمةً.

فالعربية تعطي صاحبها قُوَّةً في النفس، ودُربَةً في الفكر؛ فتكون سببًا في إبعاده عن الضلال وتجنيبه الانحراف، وذلك ما نقفُ عليه في قول أبي الفتح بن جنِّي: "أكثر من ضَلَّ من أهل الشريعة عن القَصد فيها، وحادَ عن الطريقة المُثلى إليها، فإنَّما استهواه واستخفَّ حِلمَهُ ضَعفُهُ في هذه اللغة الكريمة الشريفة، ولو كان لهم أُنس بهذه اللغة الشريفة، أو تصرفٌ فيها، أو مزاولةٌ لها؛ لحَمَتهُم السعادةُ بها ما أَصَارَتهُم الشقوَةُ إليه بالبُعد عنها"[14].

 

7- قوة العقل:

مما تميَّزت به لغتنا الشريفة أنَّ تَعَلُّمَها، واعتيادَ التكلم بها، والتزامها في الكتابات والحوارات - مما يزيد العقل قوةً، ويؤثر فيه تأثيرًا جميلًا يعود على صاحبه بالخير، وهنا لا بُدَّ أن يُذكَر عمرُ رضي الله عنه ومقولته الخالدة لأَبي مُوسَى الأشعري رضي الله عنه: "خُذِ النَّاسَ بِالعربِيَّة؛ فإِنَّها تَزِيد فِي العَقلِ، وتُثبِتُ المُروءَةَ".

وجاء عنه في خبرٍ آخر: "تَعَلَّمُوا العَرَبِيَّةَ؛ فَإِنَّهَا تُنبِتُ العَقلَ، وَتَزِيدُ فِي المُرُوءَة".

وقال شعبة: "تَعَلَّمُوا العَرَبيَّةَ؛ فَإِنَّهَا تزيد فِي العقل"

فإذا كانت مجالسةُ العُقَلاء تزيدُ فِي العقل، فإنَّ التزام لغتنا الشريفة له هذا الأثر نفسه، ورحم الله القائل:

إذَا تَمَّ عَقلُ المَرءِ تَمَّت أُمُورُهُ
وتَمَّت أَيَادِيهِ وَتَمَّ بِنَاؤُهُ
فَإن لَم يَكُن عَقلٌ تَبيَّنَ نَقصُهُ
وَلَو كَانَ ذَا مَالٍ كَثِيرًا عَطَاؤُهُ

 

إنَّ العقلَ يأمر صاحبه بالأنفعِ من الأفعال والتصرفات؛ ولذا أعلن الإمام الشافعي احترامه للعقل وتقديره له حين قال لمن حوله: "كل ما قلتُ لكم فلم تشهد عليهِ عقولُكم وتقبله وتره حقًّا، فلا تقبَلوه؛ فإِن العقل مضطر إِلى قبولِ الحق"[15].

 

ولا ريب في أنَّ قوة العقل قد تكون سببًا في زيادة الخير والدِّين والخلق، ورَحِمَ الله الإمام ابن تيمية، فقد قال: "اعلم أنَّ اعتيادَ اللغةِ يُؤثر في العقلِ والخُلُق والدين تأثيرًا قويًّا بيِّنًا، ويُؤثر أيضًا في مُشابهة صَدرِ هذه الأمة من الصحابة والتابعين، ومُشابهتُهم تَزِيد العَقلَ والدينَ والخُلُقَ"[16].

 

وفي الختام لا بد أن تذكر تلك اللطيفة:

قال أبو بكر بن مجاهد: كنتُ عند أبي العباس ثعلب الكوفي، فقال: يا أبا بكر، اشتغَل أهل القرآن بالقرآن ففازوا، واشتغَل أهل الفقه بالفقه ففازوا، واشتغلتُ أنا بزيد وعمرو، فليتَ شعري ماذا يكون حالي في الآخرة؟ فانصرفت مِن عنده تلك الليلة، فرأيت النبيَّ صلى الله عليه وسلم في المنام، فقال لي: أقرِئ أبا العباس عنِّي السلام، وقل له: أنت صاحب العلم المستطيل، والمراد: صاحب العلم الذي تفتقر إليه كل علوم العربية.

﴿ رَبَّنَا آتِنَا مِن لَدُنكَ رَحمَةً وَهَيِّئ لَنَا مِن أَمرِنَا رَشَدًا ﴾ [الكهف: 10]



[1] فقه اللغة وسر العربية ص 15.

[2] ينظر: المصباح المنير م ر ء.

[3] تحرير ألفاظ التنبيه ص341.

[4] غريب الحديث 3/ 199.

[5] التبصرة؛ لابن الجوزي 194.

[6] ينظر: الخصائص 1/ 48.

[7] آداب الشافعي ومناقبه؛ لأبي محمد الرازي 112.

[8] ينظر: اقتضاء الصراط المستقيم ص 526 - 528.

[9] ينظر: البرهان في علوم القرآن؛ للزركشي 1/ 292.

[10] اقتضاء الصراط المستقيم 449، 450.

[11] ينظر: روضة العقلاء ونزهة الفضلاء؛ لأبي حاتم بن حبان 220.

[12] ينظر: البيان والتبيين 2/ 151.

[13] ينظر: روضة العقلاء ونزهة الفضلاء لأبي حاتم بن حبان 220.

[14] الخصائص 3/ 284، 249.

[15] آداب الشافعي ومناقبه 68.

[16] اقتضاء الصراط المستقيم 527.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الرأي العام في العربية الفصحى
  • تمهيد حول التاريخ القديم للعربية الفصحى
  • محاولة استبدال الفصحى بالعامية
  • دفاع عن النحو والفصحى (1)
  • دفاع عن النحو والفصحى (2)
  • دفاع عن النحو والفصحى (3)
  • دفاع عن النحو والفصحى (4)
  • أيها الملتزم هل تذكر أيام سعادتك؟
  • حكم من يسخر من الملتزمين

مختارات من الشبكة

  • مفهوم الأثر عند المحدثين وبعض معاني الأثر في القرآن(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • أثر اللغة العربية في اللغة الألبانية(مقالة - موقع د. أنور محمود زناتي)
  • أثر اللغة العربية في اللغة الفارسية(مقالة - موقع د. أنور محمود زناتي)
  • أثر اللغة العربية في اللغة اليونانية(مقالة - موقع د. أنور محمود زناتي)
  • أثر اللغة العربية في اللغة الفرنسية(مقالة - موقع د. أنور محمود زناتي)
  • أثر اللغة العربية في اللغة الإنجليزية(مقالة - موقع د. أنور محمود زناتي)
  • أثر اللغة العربية في اللغة الإيطالية(مقالة - موقع د. أنور محمود زناتي)
  • سلسلة أثر الإيمان: أثر الإيمان في حفظ الحقوق وأداء الأمانات (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة أثر الإيمان: أثر الإيمان في الشوق إلى دار السلام (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة أثر الإيمان: أثر الإيمان في توجيه السلوك (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب