• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    التأويل بالحال السببي
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    الشرح الميسر على الآجرومية (للمبتدئين) (6)
    سامح المصري
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الحال لا بد لها من صاحب
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية النكتة رؤية تداولية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الإعراب لغة واصطلاحا
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    مفهوم القرآن في اللغة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / أدبنا / دراسات ومقالات نقدية وحوارات أدبية
علامة باركود

مقاربة الجملة الفعلية في القصة السعودية القصيرة جدا

مقاربة الجملة الفعلية في القصة السعودية القصيرة جدا
د. جميل حمداوي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 12/5/2014 ميلادي - 12/7/1435 هجري

الزيارات: 32509

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مقاربة الجملة الفعلية في القصة السعودية القصيرة جدا

( مجموعة (خذلان) لمريم الحسن نموذجا)

 

المقدمة

تعد فعلية الجملة من أهم الأركان التي تنبني عليها القصة القصيرة جدا، وتعتبر أيضا من أهم تقنياتها اللسانية والتركيبية والدلالية؛ لأن الجملة الفعلية تتخطى ملفوظها الكلامي نحو رسالتها الإخبارية والفنية والجمالية. ومن ثم، نجد كثيرا من كتاب هذا الفن الجديد يستخدمون جملا فعلية متعاقبة، تدل على الحركة والتوتر والاضطراب، سواء أكانت تلك الجمل الفعلية بسيطة أم مركبة، سواء أكانت مبدوءة بالفعل الماضي أم بالفعل المضارع أم مصدرة بفعل الأمر.


وعليه، سنتوقف عند بعض النماذج من القصة القصيرة جدا بالمملكة العربية السعودية، سيما النماذج النسائية منها. وقد برزت، في هذا المجال، أصوات متميزة، مثل: أميمة الخميس في مجموعتها (أين يذهب الضوء؟)، وشريفة الشملان في مجموعتها (وغدا يأتي)، وفردوس أبو القاسم في (لا أحد يشبهني)، وحكيمة الحربي في (قلق المنافي)، وحكيمة لميس منصور الحربي في (نبتة في حقول الصقيع)، وهيام المفلح في (كما القلق..يتكئ الجمر)، وهدى بنت فهد المعجل في (بقعة حمراء) و(التابو)، وأميمة البدري في (للشمس شروق)، وسهام العبودي في مجموعتيها( ظل الفراغ) و( خيط ضوء يستدق)، ومنيرة الإزيمع في مجموعتها( الطيور لاتلتفت خلفها)، وشيمة الشمري في أضموماتها الثلاث( ربما غدا) و(أقواس ونوافذ) و (عرافة المساء)، ووفاء خنكر في مجموعتها (القفص)، ومريم الحسن في مجموعتيها (آخر المطاف) و(خذلان).


وعلى العموم، فما يهمنا، في عملنا هذا، هو الإنصات لمجموعة (خذلان) لمريم الحسن، بغية مقاربة الجملة الفعلية في ضوء الرؤية اللسانية والسردية تركيبا ودلالة وسياقا.

 

مفهوم الجملة الفعلية:

يمكن الحديث -نحويا ولسانيا- عن أنواع عدة من الجمل، مثل: الجملة الفعلية، والجملة الاسمية، والجملة الرابطية، والجملة الوصفية، والجملة الظرفية، والجملة الشرطية، والجملة المبنية، والجملة المعربة، والجملة البسيطة، والجملة المركبة، والجملة التي لها محل من الإعراب، والجملة التي لا محل لها من الإعراب...

 

وعليه، فالجملة الفعلية هي فعل وفاعل أو نائب الفعل. ويعني هذا أن الفعل قد يكون فعلا مبنيا للمجهول يستتبع نائبا للفاعل، أو يكون فعلا معلوما يستتبع فاعلا، وقد يكون الفعل لازما أو متعديا... ومن ثم، تتكون الجملة الفعلية من مسند وهو الفعل، ومسند إليه قد يكون فاعلا أو نائبا للفاعل، فضلا عن العلاقة الإسنادية. وقد لا تقتصر الجملة الفعلية على العلاقة الإسنادية فحسب، بل تكون مذيلة بالتكملة أو المتعلقات اللسانية الأخرى.

 

الجملة الفعلية ركن جوهري في القصة القصيرة جدا:

تعد فعلية الجملة من أهم الأركان والتقنيات الشكلية الأساسية في فن القصة القصيرة جدا، وقد تنبه إلى ذلك بعض المنظرين للقصة القصيرة جدا، مثل: يوسف حطيني وجميل حمداوي على سبيل التمثيل والتخصيص.

 

ومن ثم، يذهب الدارس الفلسطيني يوسف حطيني، في كتابه (القصة القصيرة بين النظرية والتطبيق)، إلى أن فعلية الجملة من أهم الأركان الأساسية في فن القصة القصيرة جدا؛ إذ تساهم في تحريك الحدث وتسريعه وتراكبه وتتابعه. وفي هذا الصدد، يقول الدارس: " ويبدو هذا العنصر نتيجة أكثر من كونه شرطا، فالقاص الذي يتابع حكايته، وينمي حركتها، يتعامل بشكل أكبر مع الجملة الفعلية، أو مع الجملة ذات القدرة على الفعل (كالجملة الاسمية التي يأتي خبرها جملة فعلية)، وقد استعرضت عددا كبيرا جدا من هذه القصص فرأيت ميلا حادا، يبدو لي قسريا، نحو استخدام هذا النوع من الجمل.

 

إن المطلوب من القصة القصيرة جدا إيصال الدلالة عبر أقصر الطرق التي لاتخرج بالفن عن طبيعته الجمالية، وبالتالي فإن إعطاء الأولوية لتطوير الحدث يتطلب استثمار الطاقة الفعلية للغة إلى أقصى حد ممكن؛ لأن إهمال ذلك من شأنه أن يؤدي إلى ترهل الحكاية وعرقلتها عبر سرد وصفي يكون أكثر قبولا في القصة القصيرة والرواية."[1].

 

وقد استشهد الباحث بنماذج قصصية قصيرة جدا يقارن فيها بين فعلية الجملة واسميتها في تحبيك هذا الجنس وتخطيبه. وهكذا، يورد قصة (انفتاح) للكاتبة الكويتية ليلى العثمان التي استخدمت الجملة الفعلية:

" سألت الزهرة رفيقتها:

لماذا تفتحت قبلي؟


قالت الرفيقة بانتشاء:

• فتحت قلبي للنور والمطر قبلك"[2].


كما استشهد بقصة (الجامعة) للكاتب السعودي ناصر سالم الجاسم التي تعتمد على الجمل الاسمية كثيرا؛ مما أثر سلبا على حبكتها السردية، وإيقاعها الفني والجمالي" السور رفيع، الباب موصد، النوافذ علوية زجاجية عاكسة، موظفو الأمن عند بوابة الخروج ببدلاتهم الأنيقة يطابقون الأسماء في البطاقات المحددة، ويطلون برؤوسهم داخل السيارات من خلال نوافذ السائقين، وينظرون إلى الأجساد الجالسة والحلي الفارة من سواد العباءات السوداء والحقائب الجلدية الموضوعة فوق كل حجر، والرجال في المواقف المكشوفة للشمس ينتظرون ويدخنون ويقرؤون الصحف اليومية بدون شهوة، كنت منتظرا معهم، وأسأل نفسي: كم جميلة بداخل هذا المبنى؟ كم عاشقة خلف هذا السور؟ كم خائنة في قاعة المحاضرات تناقش بارتياح؟ كم حبلى واقفة في طابور الكافيتيريا تمد يديها أمام بطنها تخشى الإجهاض؟ وكم...؟ وكم...؟"[3].


ويعدها الباحث المغربي جميل حمداوي كذلك من أهم أركان القصة القصيرة جدا على غرار يوسف حطيني في كتابه (القصة القصيرة جدا والمشروع النظري الجديد)، حيث يلاحظ الباحث بأن كثيرا من كتاب القصة القصيرة جدا يكثرون من الجمل الفعلية، أو يستخدمون الجمل الاسمية التي خبرها جملة فعلية، أو يكثرون من الجمل الرابطية ذات الطاقة الفعلية. ويعني هذا أن الجمل الفعلية تساهم في تفعيل الحبكة، وتأزيمها توترا وتعقيدا ودرامية. كما تدل الجمل الفعلية على الحركة والحيوية والحدث الفعلي، من خلال تتابع الأفعال، وتراكبها استرسالا أو تضمينا[4].


هذا، وقد جمع المبدع السوري الأستاذ نبيل المجلي أركان القصة القصيرة جدا في منظومة على غرار أراجيز النحو والفقه والعلوم[5]:

سرد قصير متناه في القصر

كالسهم، بل كالشهب تطلق الشرر

كتبها الأوائل الكبار

وليس يدرى من هو المغوار

قد ميزتها خمسة الأركان

حكاية غنية المعاني

وبعدها يلزمنا التكثيف

ووحدة يحفظها حصيف

واشترط الناس لها المفارقة

وأن تكون للحدود فارقة

وجملة فعلية بها كمل

بناؤها.. وحقه أن يكتمل

 

وهكذا، يبدو لنا بأن الجملة الفعلية هي من الأركان الجوهرية التي يستند إليها جنس القصة القصيرة جدا في سردنا العربي المعاصر.

 

سمات الجملة الفعلية في قصص مريم الحسن:

لقد وظفت المبدعة السعودية مريم الحسن، في مجموعتها القصصية القصيرة جدا (خذلان)، الجملة الفعلية بكثرة، سيما الجملة الفعلية البسيطة ذات المحمول الواحد، والجملة الصغرى الأصلية التي تقوم على الإسناد، وتمام التكوين، وصحة التأليف. وللإشارة، فإن فعلية الجملة من أركان القصة القصيرة جدا، ومن أهم مكوناتها البارزة، كما يبدو ذلك جليا في قصة (شراء) التي تهيمن فيها الجمل الفعلية كثيرا تباعا وتراكبا وتعاقبا وتتابعا:" تنقش العروس الحناء على يدها..


تسلم مبلغا محترما من المال للناقشة وتغادر..

تشعر بألم يوخز عظامها..

تراجع طبيباً..

يخبرها بإصابتها بداء الصدفية المزمن..![6]"


يتبين لنا، من خلال هذه القصة، أن الكاتبة قد وظفت الجملة الفعلية البسيطة كثيرا في سرد الأحداث المتعاقبة، وهي ذات المحمول الفعلي الواحد (تنقش- تغادر- تسلم- تشعر- تراجع- يخبرها)، والغرض من ذلك كله هو وصف الشخصية في تناميها التراجيدي، وانتقالها من حالة القوة والجمال نحو حالة المرض والعجز.


وعليه، تتميز الجملة الفعلية، في القصص القصيرة جدا عند مريم الحسن، بمجموعة من السمات والخاصيات التركيبية والدلالية والسياقية على النحو التالي:

1- السمات اللسانية والتركيبية:

تتمثل السمات اللسانية والتركيبية في مجموعة من الخاصيات التي تطبع أفعال القصيصات على مستوى بنية الملفوظ النحوي والتركيبي والتأليفي، وهذه السمات هي:

 

ž سمة البساطة:

توظف الكاتبة مريم الحسن جملا فعلية بسيطة ذات محمول فعلي واحد؛ مما يجعل قصصها تفيض بالحركة والحيوية والنبضات الدينامية. ونعني بالجملة البسيطة تلك الجملة التي تتضمن محمولا واحدا، سواء أكان محمولا فعليا أم اسميا أم وصفيا أم ظرفيا، كما يبدو ذلك جليا في هذه القصة القصيرة جدا ذات الجمل الفعلية البسيطة بمحمول فعلي:

" يقبض على فؤادها بيدين قاسيتين..

يهرول بكنزها الدفين نحو الجنة..

يسقط متعثراً..

يصرخ قلبها مسمياً عليه..

فيرمى به مبتسماً في الفلاة الملتهبة..."[7].


في هذه القصة، تتعاقب الجمل البسيطة التي تكتفي بمحمول واحد، وهو المحمول الفعلي ( يقبض- يهرول- يسقط- يصرخ- يرمي). وإذا تأملنا هذه الأفعال الحدثية والوقائعية المتعاقبة، فإنها تدل على فجائعية الحب مأساة وخيبة وسقوطا، وانكساره غدرا وخيانة وقسوة.

 

žسمة التركيب:

من الأكيد، أن مريم الحسن توظف بكثرة الجملة الفعلية ذات البنية التركيبية البسيطة، خاصة ذات المحمول الفعلي الواحد. لكنها تستخدم، في حالات قليلة جدا، الجملة الفعلية المركبة التي تتضمن محمولين فأكثر، كما يبدو ذلك جليا في قصة (حوار) التي تنبني على الجملة الموصولية المركبة (الذي يسدل ستائره السوداء):

"همست روحه لروحها وهما غافيان:

إن في داخلي ألما شديدا أعاني منه.

ردت روحها في ارتياح:

وأنا أنعم بالراحة.

تحاورت الروحان بضع دقائق أخرى فسمع حوارهما الظلام.

الذي يسدل ستائره السوداء عليهما وتحدث:

إحدى روحيكما صبغها لوني الأسود..

فتألم كلاهما..![8] ".


تعبر هذه القصة عن صراع الأرواح البشرية العاشقة، وتجاذبها بين ثنائية الراحة والشقاء، أو تأرجحها بين ثنائية النور والظلمة.

 

ž سمة التخصيص:

تنتج سمة التخصيص عن الانزياح التركيبي أو عن طريق تشويش الرتبة، ويتحقق ذلك عندما تتقدم مجموعة من الوحدات اللغوية عن الفعل الأساس، ويكون ذلك لوظيفة التخصيص أو التبئير أو الإرصاد، كما يتضح ذلك بينا في قصة (تطير):

"ترن الأجراس فيساورها شعور بالعزلة..

خيوط فجر الأمل تلوح من بعيد..

تسبقها عواصف الشقاء..

الصفرة تنشر غطاءها..

ترفع عينين مغرورقتين دموعاً.. ينعق البوم..

ينحسر ستار الخريف رافعاً نواقيسه..

فتنتشر الأرواح هائمة في السماء.[9]".


من يعاين جملة (تلوح من بعيد) أو جملة (تنشر غطاءها)، فسيلاحظ بأن هناك تآليف تركيبية مباشرة متقدمة على الفعل المحوري، هدفها التخصيص والتشديد على كآبة الموقف المرصود لدى الذات الأنثوية المهشمة، والتنصيص على سوداوية المشهد الطبيعي الذي يعبر عن رؤية انطباعية تشكيلية قاتمة، تعكس دواخل الذات المنخورة باليأس والحزن والسأم الوجودي.

 

ž سمة التزمين:

تتأرجح قصص مريم الحسن بين أزمنة متنوعة ومختلفة على مستوى الوقائع والمشاعر والمواقف والقرارات، فهناك الماضي والحاضر والمستقبل. فمن أمثلة القصص الدالة على الزمن الماضي قصة (فرص الحياة):

"عاشت حياتها وهي تفرش قصوراً فاخرة لاستقبال السعادة..

غفت وانتشت بالأحلام..

صادفتها أجمل اللحظات وراقصتها على نغمات وجع الأيام..


كسرتها خيبة ثقيلة.. ففقدت الحياة.[10]".


ترتبط أحداث القصة بزمن مرجعي يحيل على الماضي السعيد، بيد أن هذه السعادة سرعان ما تنقلب إلى شقاء وفقدان وخسارة وخيبة أمل.


ومن أمثلة القصص الدالة على الحاضر قصة (بوم):

" يستلقي بجانب زوجته الحامل..

يحل عليه البوم..

يرمقه بنظرات شرسة..

يسير متنقلاً على جسد تلك النائمة..

يطبع خطواته في كل مكان..

يبتعد خارجاً..

يغتسل بماء المطر ويرحل..

فيرتفع بكاء الجنين في فزع..![11]".


تتضمن هذه القصيصة أفعالا مضارعة دالة على الحاضر، وتحمل مدلولا ميثولوجيا يحيلنا على التطير والتشاؤم والفزع.


ومن القصيصات التي تشتمل على الفعل الأمر الدال على استشراف المستقبل قصة (نطفة):

" يطبق بكفه العريضة على رقبتها:

أكرهك.. اخرجي من حياتي إلى الأبد..

يخرج من حلقها فحيح الثعابين..

فتتحسس بطنها المنتفخة حولين كاملين..!"[12].


يعبر فعل الأمر (اخرجي) عن مستقبل ممتد في الزمان، يكون فيه الآمر بلا تلك المرأة الكائدة التي نغصت حياته بالحقد والشر وزرع السموم.

 

وقد يمتد الماضي في الحاضر كما في هذه القصة التي تغلب عليها الأفعال الماضية، لكن يتخللها الفعل المضارع الذي يحيل على الحاضر. ويحيل هذا على امتداد الزمان من الماضي نحو الحاضر:

" أغمضت عينيها في سرمد ليل..

رأت أشباحا على أرضٍ لم تشاهدها يوماً..

في تلك الأرض قابلها ابنها الصغير..

بصق في وجهها وغادر..!

فانتبهت على قبلة منه..![13]".


هكذا، تتميز قصيصات مريم الحسن بتنويع زمنية الأفعال، وانتقالها من الماضي نحو الحاضر والمستقبل.

 

žسمة التتابع:

تستند الكاتبة، في تحبيك قصصها القصيرة جدا، إلى توظيف جمل فعلية متتابعة تعاقبا وانسيابا واسترسالا، بإيقاع سردي حركي متراكب، يتميز بالسرعة والإيجاز والاقتضاب، وكثرة التعاقب في تسلسل الأحداث، وتتابع الأحوال والحالات. ومن الأدلة على ذلك الإتباع الفعلي، وكثرة الاسترسال في الجمل والأفعال التي تصور حركية الأحداث، وتجسد سرعتها الانسيابية. ومن الأمثلة القصصية المعبرة عن خاصية التتابع وتسريع الإيقاع السردي، نذكر قصة (وجع):

"تتألم من هم أوجع قلبها..

تنتظر منه أن يمدها بالأمل..

يغيب عنها طويلا..

تيأس من عودته..

هاتفها يوما وأخبرها بقدومه..

فانتحرت..! [14]".


فهذه القصيصة نموذج لتتابع الأفعال والجمل. وبالتالي، فهي تحمل، في طياتها، روح المعاناة الفجائعية، وجسامة المأساة الإنسانية؛ بسبب تجبر الرجل الشرقي، ولامبالاته القاهرة، مع تصوير انبطاح المرأة أمام قسوة الرجل الذي لا يهمه سوى تحقيق نزواته وغرائزه الشبقية.


ويلاحظ أن الكاتبة تدافع كثيرا عن المرأة، وتصورها دائما على أنها إنسانة مظلومة مقهورة. في حين، تندد بالرجل خلقا وسلوكا وممارسة.

 

ž سمة التراكب:

تحضر ظاهرة التراكب الفعلي في قصص مريم الحسن، علاوة على تتابعها في سياق النص تدويرا وتتابعا وتعاقبا، من أجل تأزيم العقدة وتفجيرها، وخلق التوتر الدرامي عبر تسريع وتيرة الجمل، وركوب بعضها البعض، سيما في القصص التي تسرد بواسطة الجمل الفعلية المسردة، كما في قصة (سرقة):

"تغادر تحمل ثروته..

تهيم روحها إلى السماء..

تتناثر الثروة هنا وهناك..

يجمعها قسراً..

فينثرها..!"

 

نلاحظ، في هذه القصة القصيرة جدا، مجموعة من الجمل الإسنادية التي تخضع للتتابع والتراكب السريع، بشكل يؤدي حتما إلى تسريع النسق القصصي، وإسقاطه في شرنقة التأزم والتوتر الدرامي الحركي، كما يدل على ذلك النسق الفعلي التالي:تغادر، وتحمل، وتهيم، وتتناثر، ويجمعها، وينثرها... فمسافة هذه الأفعال المتراكبة قريبة ومتجاورة؛ مما يساعدها على خلق لوحة مشهدية درامية، أو لقطة فيلمية نابضة بالحركة والسرعة الإيقاعية، تشخص لنا مأساة الحياة القائمة على الطمع والجشع، وجمع الثروات، وتضييعها هباء منثورا.

 

ž سمة التسريع:

توظف الكاتبة، في تحبيك جملها الفعلية، وتخطيب قصصها القصيرة جدا، إيقاعا سرديا يتميز بالسرعة Tempo. وينتج هذا الإيقاع عن تراكب الجمل، وتتابع الأفعال منطقيا وكرونولوجيا، والميل إلى الإيجاز، وكثرة التعاقب في تسلسل الأحداث، وتتابع الأحوال والحالات. ومن تجليات الإيقاع السريع، في القصة القصيرة جدا، الإتباع الفعلي، وكثرة الاسترسال في الجمل والأفعال التي تصور حركية الأحداث، وتساهم في سرعتها الانسيابية على غرار اللقطات السينمائية السريعة والوجيزة.


هذا، ويقول خوصي خيمينيث لوتانو:" إن لكل نوع من السرد درجة عالية داخلية خاصة به أو ما يسمى Tempo. أي: درجة سرعة في غناء مقطع موسيقي، والقصة القصيرة جدا لها سرعة خاصة بها، ولها توتر آخر. وهي تعتمد على المحذوف، والتشذيب، والتركيب، والمقتصد، والبنية الموجزة الدقيقة، والمعمقة."[15].


هذا، وتنبني قصص مريم الحسن، على مستوى تركيب الجمل الفعلية، على السرعة في تشغيل الإيقاع السردي، وتوظيف الأحداث الأساسية بحركية مكثفة في تعاقبها أو تسلسلها، مع استعمال تقنية الحذف والإيجاز والفاصلة، و الاستغناء عن الوصف والإسهاب التصويري، وتعويض ذلك بالكتابة التلغرافية المقتضبة. لذلك، تتراكب الجمل والأفعال والأسماء والأحداث في تتابع مستمر قائم على القفز والإضمار والثغرات المحذوفة، كما يتبين ذلك جليا في قصة (شرارات):

" تجلس في الغرفة الصغيرة تحتضن طفلتها..

تراقب الشرارات النارية التي ترسلها السماء..

تندفع الحيتان نحوها في شراسة..

تكرر الاستغفار في هلع..

تنغمس في الوضوء..

يهدأ كل شي عند مسح قدميها..

ترفع رأسها فتجد الناس عراة يهرولون نحو السطح..

ويكبرون تكبيرة الإحرام ..![16]".


تتعاقب هذه الجمل الفعلية تسريعا وتتابعا وتعاقبا، وذلك في انسجام تام مع سرعة القصة وحركيتها الديناميكية (تندفع- يهرولون- يكبرون..).

 

2- السمات السردية والدلالية:

تتمثل السمات السردية والدلالية فيما يتصل بدلالات الأفعال وأوضاعه السياقية والسردية والخطابية على حد سواء:

 

ž السمة الحجاجية:

تتميز الجملة الفعلية، عند مريم الحسن، بخاصيتها الحجاجية القائمة على التسلسل المنطقي، والترابط الحجاجي القائم على الإثبات والتعليل والاستنتاج، كما يتجلى ذلك في قصة (عقوبة) التي تتضمن استنتاجا فعليا (فتسقط طريحة الداء الخبيث)، ناتجا عن خاصية التعليل السببي، والإثبات المفارق، والتمني الحاقد الذي أوصل صاحبه إلى الموت المفاجئ. ويعني هذا أن مريم الحسن تنقر على التيمات نفسها التي اشتغلت عليها الكتابة النسائية العربية بصفة عامة، والكتابة النسائية السعودية بصفة خاصة:

" تزوجت كهلا في سن المراهقة..

يصاب الرجل بعجز مزمن..

تتمنى أن يقضي نحبه لترثه..

يغادر الحياة..

فتسقط طريحة الداء الخبيث. [17]".


وهكذا، يتبين لنا بأن كثيرا من الجمل الفعلية، في قصص مريم الحسن، خاضعة للنسق الحجاجي المباشر وغير المباشر.

 

ž السمة التلغرافية:

تتحول بعض الجمل الفعلية، في قصص مريم الحسن، إلى كتابة تلغرافية مختصرة ومقتضبة وموجزة، تنقصها الروابط التركيبية وأدوات الاتساق اللغوي، على الرغم من وجود الارتباط الدلالي والإخباري.أي: إن الكتابة التلغرافية هي تلك الكتابة المفارقة التي تشبه البرقيات والرسائل المكثفة الخاطفة والموجزة، حيث تغيب فيها الروابط، وتستقل فيها الجمل، وتتجاور بطريقة منفصلة إلى درجة التفكك اللغوي، مع وجود نوع من الاتساق والانسجام الدلالين اللذين يبنيان بفعل القراءة والتأويل. وتشبه هذه الكتابة ما يسمى حاليا بالرسائل القصيرة التي ترسل عبر الهاتف النقال أو البريد الإلكتروني أو عبر شبكة التواصل الاجتماعي أو الفايسبوك أو عبر الإسميس(SMS).أي: إنها أخبار مقتضبة وسريعة ومختصرة جدا، وقد أصبحت طاغية في التداول اليومي.


ومن جهة أخرى، تتسم هذه القصة بالتلميح أكثر من التصريح.وبتعبير آخر، تستعمل القصة القصيرة جدا لغة البرقية، وقد تتخلى عن المداخل والمقدمات والتساهل في اللغة، والإكثار من أخطاء الرقن والإملاء والتعبير. وفي هذا السياق، يقول الدكتور حميد لحمداني:" عالم اليوميات والمذكرات مليء بالملاحظات العابرة واللقطات السريعة ورصد المفارقات والمواقف المبهرة.هذه الخصائص هي ما يشكل نقط التقاطع الأساسية بين أدب اليوميات وفن القصة القصيرة جدا.وفي يومنا الحالي، أصبحت المراسلات القصيرة، والأخبار المقتضبة المنقولة عبر الهاتف أو بواسطة البريد الإلكتروني طاغية في التداول اليومي.وإذا ما أرادت القصة أن تكون ابنة عصرها، عليها أن تتكيف مع الواقع، وتسير بسرعة إيقاع العصر، وتركب لغة الاختزال، وتقدم الأفكار والمعاني في أقل قدر من الكتابة.لاشك أن الإنسان منذ أن اخترع التلغراف بدأ يفكر جيدا في كلفة الكلام الكثير. التفكير في هذه الكلفة تقوى مع ظروف العصر الحالي.على أن الإنسان نفسه لم يعد قادرا على الإنصات لتفاصيل الحياة اليومية، لقد تكلفت الروايات والقصص الواقعية سابقا بإطلاعه على أسرارها، وتقوت معرفته لاحقا بوسائل الاتصال التلفزي والسينمائي، وجاء الإنترنيت الذي تحول إلى أكبر ذاكرة معلوماتية رهن إشارة كل فرد في كل يوم وكل ساعة وكل دقيقة.هذا، ما جعل كثيرا من الفنون تلجأ إلى الاختزال والتلميح أكثر من التصريح.إن القصة القصيرة جدا تشكل أبرز مثال على تلاؤم فن من الفنون مع مقتضيات عصره. وهي لم تفرط رغم قصر حجمها، ورغم لغتها التلغرافية في خصائصها الإبداعية والإنسانية.[18]".


وتعد قصة (موت) لمريم الحسن خير نموذج على هذه الكتابة التلغرافية المقتضبة التي تجسد خاصية المفارقة الدلالية بين فعلي الرغبة والرفض. ويخلقان معا ما يسمى بالتوتر على مستوى الشدة والمدى.بمعنى أن هناك رغبة في امتلاك الموضوع (الزواج)، بعد رفض المخطوبة من جهة، وإصرار الخاطب من جهة أخرى، لينتهي الأمر برفض الموضوع (الزوجة )؛ مما خلق نوعا من المفارقة التوترية بين ذاتين متصارعتين على مستوى القيم.

 

علاوة على ذلك، تبدو الجمل الفعلية بني تركيبية مستقلة بنفسها، غير مترابطة مع بعضها البعض إن تدويرا، وإن ترابطا، وإن تضاما:

"خطبها وكان سعيدا بها..

بعد العقد جالسته..

لم ينل إعجابها فرفضته..

أصر على الزواج منها..

يئست من الطلاق..

خشيت فوات القطار وعادت إليه..

قدم لها أغلى مهر..

أقام ليلة فرح في أفخم فندق..

أسكنها فيلا فخمة..

ثم أعطاها ظهره ونام..!"[19].


تطفح هذه الكتابة القصصية بالخاصية التلغرافية التي تتجلى في استقلالية الجمل تركيبا وتأليفا واتساقا، وعدم ترابطها شكليا، على الرغم من تضامها معنويا ودلاليا وسياقيا.

 

ž سمة التضمين:

تتسم بعض قصص مريم الحسن بسمة التضمين على مستوى فعلية الجملة ترميزا وإيحاء وتشخيصا ومجازا واستعارة وإحالة. بمعنى أن الجملة الفعلية تتخطى بنيتها الشكلية والإخبارية نحو الدلالة الإنجازية، أو تتجاوز التعيين (Dénnotation) نحو التضمين (Connotation)، كما يبدو ذلك جليا في هذه القصة التي تحيلنا على الصيد الشبقي أو الرومانسي (الغزالة):

" يحمل عدة الصيد قاصداً الشاطئ..

بينما شبكته تطرز عمق المياه..

شعر بصيد ثمين..

يسحبها.. فإذا بها غزالة..![20]".


تعبر هذه الأفعال (يحمل- تطرز- شعر- يسحبها)، في علاقة بمضموماتها التركيبية (الصياد- الشبكة- الصيد- الغزالة)، عن علاقات غير عادية، تتجاوز المعنى الحرفي نحو المعنى المجازي والرمزي الذي يتمثل في دلالة الحب.

 

ž سمة التوصيف:

تتضمن كثير من الجمل الفعلية الخاصية الوصفية، من خلال الانتقال من حدثية الأفعال ووقائعيتها نحو التوصيف النعتي أو الحالي أو السياقي، كما يتبين ذلك جليا في قصة (ذاكرة) التي تزخر بمجموعة من الأفعال الحدثية والحالية المقترنة بتكملات وصفية، تنسج دلالة المعاناة والمأساة والضياع والفقدان والحرمان.ويعني هذا أن الكتابة النسائية، لدى مريم الحسن، كتابة سوداوية بامتياز:

" يختلط وقع الحزن المنساب من ذاكرة الشتاء وجدائل الصقيع..

يشتد النزف من دم قلبها..

يختبئ خلف خيوط فؤادها المنسوجة بقطرات المطر..

تصرخ هائمة بوجع المخاض..

فتنجب روحاً يتيمة بلا أب ولا وطن..[21]".


تتضمن هذه القصة القصيرة جدا مجموعة من الأوصاف نابعة من ذاتية الفعل الدال على الحال (يشتد- تصرخ)، أو من خلال استخدام النعوت (المنساب- يتيمة) أو الأحوال (هائمة).

 

žسمة التشذير:

نعني بالتشذير تلك الكتابة التي تجمع بين التقطيع والشاعرية والتأمل الفلسفي. بمعنى أن هذه القصة ليست قصة قصيرة جدا بقدر ماهي نوع من الكتابة الشذرية التي تتميز باستقلال الجملة، وبروز العمق الفلسفي، وتقديم عصارة من التجارب في الحياة هي أشبه بالأمثال والحكم التعليمية. ويعني هذا أن كثيرا من كتاب القصة القصيرة جدا يكتبون شذرات، ولا يكتبون قصصا قصيرة جدا؛ لأن هذه القصص تستلزم الحكائية، والحبكة السردية، وتنامي الأحداث تعاقبا وتسلسلا أو تشظيا، وترابط البداية بالوسط والقفلة. وتتجلى سمة التشذير في قصة (مفارقة):

" زرع أرضه الخصبة فلم تنبت إلا شجر العلقم..


حفر البور فتفجرت منها ينابيع المياه..![22]"

فهذه القصة عبارة عن تأملات فلسفية في الحياة، تجمع بين متناقضات مفارقة (الخصوبة والعلقم) و(البور والماء)، وتعبر عن مقاييس غريبة ومختلة في الحياة.

 

žسمة التخاطب:

تتسم بعض الجمل الفعلية، في قصيصات مريم الحسن، بخاصية التخاطب أو التداول الحواري القائم على السؤال والجواب، وتنويع علامات الترقيم التي تتأرجح بين علامة الاستفهام وعلامات الإثبات والتأكيد والنفي والتوقف(استعمال النقطتين الأفقيتين). ويعني هذا أن القصة القصيرة جدا تتخطى بنيتها الإخبارية المباشرة والتقريرية نحو الخاصية الإنجازية، كما يبدو ذلك واضحا في قصة (على مر السنين):

"سألها: هل مازلت تحبينني بعد ستين عاماً من الارتباط..؟

أجابته بكل صدق ووفاء: نعم..

سألها: لو عاد بنا الزمن وخطبتك من جديد هل توافقين..؟

أجابته بكل ثقة: لا ؛.. لأني أحب ابن عمي..[23]".


تدل هذه القصة على زيف المشاعر الإنسانية بين الزوجين على امتداد السنين، ورتابة الحب الإنساني الذي تتحكم فيه العوائد والتقاليد والأعراف الشكلية، دون الاحتكام إلى الحب الحقيقي.

 

ž سمة التغريب:

تتحول بعض الجمل الفعلية إلى ملفوظات فانتاستيكية قائمة على التعجيب أو التغريب، كما يبدو ذلك جليا في قصة (قوارير الذات):

"أخذت عجائز المدينة العتيقة يصببن أقوالهن المأثورة في صميم

التاريخ..

هزت الثورة العارمة أغصان الأوراق المحترقة..

صنعت من الأقزام آلهة..

ومسخت العمالقة..

فأصبحت المدينة تمثالا مدهوناً بالصدأ..[24]".


تطفح هذه القصيصة بخاصية التغريب الكروتيسكي، من خلال التركيز على القبح والمسخ والتحول، وإدانة الثورة التي لم ينتج عنها إلا الخراب والدمار، ومسخ الإنسان قيميا ووجوديا وحضاريا.

 

žالسمة التناصية:

لا تقتصر الجمل الفعلية على بنيتها التلفظية والكلامية فقط، بل تحمل دلالات سياقية وتناصية شتى، تتعلق بالمعرفة الخلفية والحمولة الثقافية للمبدعة. ومن ثم، تنحصر جل المستنسخات التناصية في المرجع الديني؛ وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على مدى تأثر المبدعة الكبير بالثقافة الدينية مرجعا وقراءة وتوجها ورؤية، كما يبدو ذلك مشخصا في قصيصة (أطلال):

" يحل الغسق وأضواء النجوم تنير أوراق الشجر الذي يضرب بجذوره الأرض..

ترتعش أغصانه بفعل الريح الموسمية..

تسري نسماته في زقاق الذكرى..

يراقب من شرفته وقد بلغ من الكبر عتياً..

تجرد من وطنيته..

تحرر من ماضيه.. ثم رحل. [25]".


تتضمن هذه القصيصة أفعالا ذات أبعاد تناصية دينية، تحيل على القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة إيحاء وامتصاصا وتوظيفا، مثل:تسري، ويحل الغسق، وبلغ من الكبر عتيا...

 

žالسمة الحلمية:

تأخذ بعض الأفعال، في قصص مريم الحسن، خاصية الحلم القائمة على الرؤيا واستشراف المستقبل، والتلذذ بالسعادة المأمولة أو انتظار الشقاء المرتقب، كما يظهر ذلك جليا في قصة (في عالمي الذري):

" لطالما حلمت بعبور رحم أمي..

لأعيش حياتي كبقية البشر..

تتنفس قواربي صخب اليابسة..

تطير عصافيري تطل على مدينتي..

تعود تحمل أشلائي النازفة..

ترمي بها إلى أبعد من منفاي..

فرأيتني متخثرة وقد خبا توهج لهفتي [26]".


تعبر القصيصة عن مسار حلمي يبدأ بلحظة التحرر والانعتاق والفرح للاتصال بالعالم البشري الخارجي، وينتهي بلحظة الفتور والندم، ثم الرغبة الملحة، في الأخير، في العودة إلى الرحم الأصل.

 

الخاتمة

وخلاصة القول، يتبين لنا، مما سبق ذكره، بأن الجملة الفعلية ركن من الأركان الضرورية في القصة القصيرة جدا؛ لأنها تساهم في تحريك الحبكة قصة وخطابا ورسالة، وتسريعها بشكل دينامي لافت للانتباه، في ضوء مقاييس التتابع والتسريع والتراكب والتكرار والتردد والتوازي...


ومن هنا، فقد التجأت مريم الحسن، في مجموعتها القصصية القصيرة جدا (خذلان)، إلى استعمال الجملة الفعلية بكثرة، سيما الجملة البسيطة منها ذات المحمول الفعلي الواحد. ومن ثم، فهي لم توظف الجملة الفعلية المركبة إلا في سياقات سردية ونصية قليلة.


كما نوعت البنية التزمينية للأفعال، من خلال الانتقال من الماضي نحو الحاضر والمستقبل، بل هناك جمل يمتد فيها الماضي نحو الحاضر والمستقبل.


وعلى العموم، تتأرجح الجمل الفعلية بين دلالات التعيين والتضمين، وتتسم بمجموعة من السمات والخاصيات التصويرية، مثل: السمة الحجاجية، وسمة التغريب، وسمة التناص، وسمة الحلم، وسمة التشذير، وسمة التخاطب التداولي، وسمة التوصيف، وسمة التخصيص، وسمة التتابع والتراكب والتعاقب والتسريع... وهذه السمات ذات طابع لساني ودلالي وسياقي.



[1] يوسف حطيني: القصة القصيرة جدا بين النظرية والتطبيق، مطبعة اليازجي، دمشق، سورية، الطبعة الأولى سنة 2004م، ص:38-39.

[2] ليلى العثمان: (قصص قصيرة جدا)، جريدة الأسبوع الأدبي، دمشق، العدد: 788، تاريخ 15-12-2001م.

[3] د. وسف حطيني: نفسه، ص:40.

[4] د.جميل حمداوي: القصة القصيرة جدا والمشروع النظري الجديد، منشورات المعارف، الرباط، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2014م، ص:282.

[5] د.يوسف حطيني: نفسه، ص:33.

[6] مريم الحسن: خذلان، مجموعة قصصية قصيرة جدا، مطبعة رباط نيت، الرباط، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2014م.

[7] مريم الحسن: خذلان، سبق ذكره.

[8] مريم الحسن: نفسه، سبق ذكر هذا المصدر.

[9] مريم الحسن: نفسه، سبق ذكر هذا المصدر.

[10] مريم الحسن: نفسه، سبق ذكر هذا المصدر.

[11] مريم الحسن: نفسه، سبق ذكر هذا المصدر.

[12] مريم الحسن: نفسه، سبق ذكر هذا المصدر.

[13] مريم الحسن: نفسه، سبق ذكر هذا المصدر.

[14] مريم الحسن: نفسه، سبق ذكر هذا المصدر.

[15] انظر سعيد بعبد الواحد:( مفاهيم نظرية حول القصة القصيرة جدا في إسبانيا وأمريكا اللاتينية)، مجلة قاف صاد،المغرب، العدد الأول، السنة 1، 2004م، ص:32.

[16] مريم الحسن: نفسه، سبق ذكر هذا المصدر.

[17] مريم الحسن: نفسه، سبق ذكر هذا المصدر.

[18] د.حميد لحمداني: نحو نظرية منفتحة للقصة القصيرة جدا، إنفوبرانت، فاس، المغرب، الطبعة الأولى سنة2012م، ص:140-141.

[19] مريم الحسن: نفسه، سبق ذكر هذا المصدر.

[20] مريم الحسن: نفسه، سبق ذكر هذا المصدر.

[21] مريم الحسن: نفسه، سبق ذكر هذا المصدر.

[22] مريم الحسن: نفسه، سبق ذكر هذا المصدر.

[23] مريم الحسن: نفسه، سبق ذكر هذا المصدر.

[24] مريم الحسن: نفسه، سبق ذكر هذا المصدر.

[25] مريم الحسن: نفسه، سبق ذكر هذا المصدر.

[26] مريم الحسن: نفسه، سبق ذكر هذا المصدر.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • القصة القصيرة جدا بالمغرب: نظرة بانورامية
  • حميد ركاطة والرؤية الفنية في نقد القصة القصيرة جدا
  • الرؤية الواقعية الإسلامية في القصة القصيرة جدا
  • أنطولوجيات القصة القصيرة جدا في الوطن العربي
  • دراسة تطبيقية من اللوائح التنفيذية لنظام المرافعات الشرعية السعودي
  • أنموذج لساني جديد في تحليل الجملة العربية
  • العلاقة العلمية بين البحرين وعلماء السعودية

مختارات من الشبكة

  • مقاربة الصورة القصصية في أدب الأطفال عند الباحث المغربي محمد أنقار(مقالة - حضارة الكلمة)
  • دلالة التركيب بين الجملة الإسمية والجملة الفعلية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الجملة في القرآن الكريم: الجمل المرتبطة بما قبلها(مقالة - حضارة الكلمة)
  • نظرية الملاءمة بين المقاربة التداولية والمقاربة التأويلية(مقالة - حضارة الكلمة)
  • أهمية المقاربة بالأهداف(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • إعراب الجمل(مقالة - حضارة الكلمة)
  • أنواع الجمل في اللغة العربية(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الجملة الفعلية البسيطة ذات الفعل اللازم من خلال معلقة امرئ القيس(مقالة - حضارة الكلمة)
  • واو الحال وصاحب الجملة الحالية(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الجملة الاستفهامية في الدرس الأصولي(مقالة - حضارة الكلمة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 23/11/1446هـ - الساعة: 18:47
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب