• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    التأويل بالحال السببي
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    الشرح الميسر على الآجرومية (للمبتدئين) (6)
    سامح المصري
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الحال لا بد لها من صاحب
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية النكتة رؤية تداولية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الإعراب لغة واصطلاحا
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    مفهوم القرآن في اللغة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / أدبنا / دراسات ومقالات نقدية وحوارات أدبية
علامة باركود

حقوق الأخوة في أدبيات العلامة محمود الآلوسي رحمه الله (القسم الأخير)

حقوق الأخوة في أدبيات العلامة محمود الآلوسي رحمه الله (القسم الأخير)
مرشد الحيالي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 25/7/2024 ميلادي - 18/1/1446 هجري

الزيارات: 977

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حقوق الأُخُوَّة في أدبيات العلَّامة محمود الآلوسي رحمه الله

(القسم الأخير)

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد:

فكلُّ امرئ يتطلع إلى المجد والعلا، ويبغي الوصول إلى العزِّ والسُّؤدد، ولكن يعترض طريقه وسبيله مصالح النفس ومآربها، فيَلْقَى من مجتمعه المثالب، ويرمونه بسهام المعائب، فيؤثِّر ذلك في نهجه وسيرته، وفكره وتنظيره، وعقله وتدبيره، إلا من جَعَلَ العلمَ دليلَه، والبصيرة سبيله، والنور طريقه، والصبر والثبات مبدأه وهدفه، واليقين سائقه ومرشده، وإنما يكون ذلك باتباع نهج الأنبياء والمرسلين، والسير في سبيلهم، والاقتداء بهَدْيِهم؛ ليكون ذلك النبعُ الربانيُّ الْمُعينَ له في المحافل، والميسِّر له إذا اشتدت عليه الخطوب والنوازل.

 

ولا شكَّ أن العلم والمعرفة من أعظم الوسائل الموصِّلة إلى ذُرا المجد والعلياء، والتربُّع على كواكب الجوزاء، والعلم والمعرفة من أعظم ما حصَّلته النفس، واستنار به العقل، ومن أعظم ما تُنفَق في سبيله الأعمار، وتُعمَر به الأوقات، وتُدفَع به الآفات؛ لأن به تنكشف الشُّبُهات، وتُزال به كل الْمُبهمات والْمُلتبَسات، وبه يَقْوَى العالِم على ردِّ الحجج الباطلة، وتفنيد الأوهام العاطلة، فتندحر به الشياطين، وتنفر من نوره في كل الميادين، وبه يجمع الإنسان بين سعادة الدنيا والآخرة، وينال به رضا الرحمن، ويصل به إلى بَرِّ الأمان.

 

وقد ذكر الآلوسي في هذا القسم من شرحه للقصيدة الشاوية كلماتٍ وألفاظًا تدل على ما أشرنا إليه، وقصدناه، وهو العلم والمعرفة وفضلهما في ميزان العقلاء، وعظيم أثرهما فيمن سبقنا من العلماء، فضلًا عن فضلهما في الكتاب والسنن، وما ينعم الله به على أهل العلم من المزايا والمنن، ومن ذلكم كلمات: الحِجا، والثريا، والعالِم، والدين، والتِّبر المصفَّى، ودرر البحر، وأضداد ذلك كالجهل والغباء، وحصى الحصباء، والناقص والجُهَلاء، وقد دعم الآلوسي قوله، وأيَّد كَلِمَه بالحِكم والشعر والأمثال، وبما تيسَّر له من الآثار والأقوال، التي تدل على طول باعِهِ، وسَعَةِ علمه في مجال الأدب والشعر، والفصاحة والبلاغة والنثر.

 

يقول في شرح القصيدة الشاوية، بعد أن أورد تلك الأبيات من البحر الطويل:

فقل لغبيٍّ قاسه بسوائه
ولم يعرِفِ التِّبر المصفَّى من البَثْرِ
عداك الحِجا أين الثُّريَّا من الثَّرى
وأين حصى الحَصباء من دُرَرِ البحرِ
وهل يستوي لا درَّ درُّك عالمٌ
وفَهٌّ جهول ناقص الدين والحجرِ

 

أقول أي الآلوسي رحمه الله: لم يزل الناظم يمدح ممدوحه، ويهجو خصومه تصريحًا وتلميحًا، فذكر في هذه الأبيات أن من قاس الممدوح بغيره، ولم يفرِّق بين تبر المعدن وصفره، فينبغي أن يُقال له: عداك الحِجا، وفارقك العقل المرتجى، أين الثريا من الثرى؟ وأين حصى الصخر من درر البحر؟ وهل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون؟ وأين الجهول وناقص الدين الملعون، من الذين في زمرة العلماء والراسخين؟

سلي إن جهِلتِ الناسَ عنا وعنهم       فليس سواءً عالمٌ وجهولُ [الطويل][1]


والناظم رحمه الله كما فرَّق في هذه الأبيات بين العالم والجاهل، والناقص والكامل، فقد فرَّق في الأبيات بين صفة الكريم واللئيم، وجعل خصم ممدوحه متصفًا بجميع الأوصاف الذميمة، وفي الحقيقة أن أكرم الناس من اتَّقى الله، والكريم هو التَّقِيُّ، والتقوى هي العزم على إتيان المأمورات، والانزجار عن جميع المنهيات، فمن صحَّح عزمه في هاتين الخَصلتين فهو التقي، يستحق اسم الكرم، ومن تعرَّى عن اسم أو واحدة أو شعبة من شُعَبِها، فقد نقص من كرمه مثله؛ وعن زيد بن ثابت أنه قال: "ثلاث خِصالٍ لا تجتمع إلا في كريم: حُسْن المحضَر، واحتمال الزَّلَّة، وقلة الملالة".

 

قال ابن زنجي [من البسيط][2]:

رأيت الحق يعرفه الكريم
لصاحبه وينكره اللئيم
إذا كان الفتى حسنًا كريمًا
فكل فعاله حسن كريم
إذا ألفيتَه سَمْجًا لئيمًا
فكل فعاله سَمْجٌ لئيم

 

الكريم لا يكون حقودًا ولا حسودًا، ولا شامتًا، ولا باغيًا، ولا ساهيًا، ولا لاهيًا، ولا فاجرًا، ولا فخورًا، ولا كاذبًا، ولا ملولًا، ولا يقطع إلفه، ولا يؤذي إخوانه، ولا يضيع الحفاظ، ولا يجفو في الوداد، يعطي من يرجو، ويؤمن مَن يخاف، ويعفو عن قدرة، ويصل عن قطيعة.

 

قال إبراهيم بن شكلة: "إن لكل شيء حياةً وموتًا، وإن مما يحيي الكرم مواصلة الكُرَماء، ومما يحيي اللؤم معاشرة اللئام".

 

وما أحسن ما أنشده الكريزي [من البسيط][3]:

وما بال قوم لئام ليس عندهم
عهد وليس لهم دين إذا ائتمنوا
إن يسمعوا رِيبة طاروا بها فرحًا
منا وما سمعوا من صالح دفنوا
صُمٌّ إذا سمعوا خيرًا ذُكرت به
وإن ذكرت بسوء عندهم أذنوا

 

الكريم يلين إذا استُعطف، واللئيم يقسو إذا أُلطف، والكريم يُجِلُّ الكِرام، ولا يُهين اللئام، ولا يؤذي العاقل، ولا يمازح الأحمق، ولا يعاشر الفاجر، مؤثرًا إخوانه على نفسه، باذلًا لهم ما مَلَكَ، إذا اطلع على رغبة من أخ لم يَدَعْ مكافأتها، وإذا عرف منه مودة لم ينظر في قلق العداوة، وإذا أعطاه من نفسه الإخاءَ لم يقطعه بشيء من الأشياء.

 

قال محمد بن مقيس الأزدي [من الطويل][4]:

فإن الذي بيني وبين عشيرتي
وبين بني عمي لَمختلف جدّا
إذا قدحوا لي نار حرب بزندهم
قدحت لهم في كل مكرُمة زَندا
وإن أكلوا لحمي وَفَرتُ لحومهم
وإن هدموا مجدي بنيتُ لهم مجدا
ولا أحمل الحقدَ القديمَ عليهم
وليس رئيس القوم مَن يحمل الحقدا
وأعطيهم مالي إذا كنت واجدًا
وإن قلَّ مالي لم أكلِّفهم رِفدا

 

وهذه الأبيات من شعر الحماسة، وهي على الأصح منسوبة إلى المقنع الكندي، وفي بعض ألفاظها اختلاف.

 

الكريم من أعطاه شكره، ومن منعه عذره، ومن قطعه وَصَلَهُ، ومن وصله فضَّله، ومن سأله أعطاه، ومن لم يسأله ابتدأه، وإذا استضعف أحدًا رحِمه، وإذا استضعفه أحدٌ، رأى الموت أكرم له منه، واللئيم بضد ما وصفنا من الخصال كلها؛ وأنشد الأبرش [من الوافر][5]:

رأيت اللين لا يرضى بضيمٍ
لأن الضيم يسخطه الكريمُ
وإن اللين أكرم كل شيء
فليس يحبه خلق لئيمُ
فإن نزل الأذى واللين قلبًا
فإن اللين يرحل لا يُقيمُ
ويبقى للأذى في القلب صحب
من البغضاء يلبث لا يريمُ

 

الكريم محمود الأثر في الدنيا، مرضيُّ العمل في العُقبى، يحبه القريب والقاصي، ويألفه المتسخط والراضي، يفارقه الأعداء واللئام، ويصحبه العقلاء والكرام.

 

وما رأيت شيئًا أكثر عملًا في نقص كرم الكريم من الفقر، سواء كان ذلك بالقلب أو بالموجود؛ أنشد المنتصر بن بلال الأنصاري [من الطويل][6]:

لَعمرك إن المال قد يجعل الفتى
نسيبًا وإن الفقر بالمرء قد يُزري
ولا رفع النفس الدنية كالغِنى
ولا وضع النفس الكريمة كالفقرِ

 

والغبيُّ في أبيات الناظم: الذي لم يفطَن للشيء، ومصدره الغباوة، و"قاسه"؛ أي: قدره على أمثال أُخَر، وحاصله تشبيه شيء بشيء، و"التِّبر"[7] بالكسر: الذهب والفضة، أو فُتاتهما قبل أن يُصاغا، فإذا صِيغا فهما ذهب وفضة، وما استُخرِج من المعدن قبل أن يُصاغ، و"الصُّفر" بالضم من النحاس، وصاحبه الصَّفَّار، وقد يُطلَق على الذهب والنحاس القَطْر، و"الحِجا"[8] العقل، و"الثريا" منزل من منازل القمر على ما في كتيب الأنواء، وهي من أشهر المنازل، وذكرهم لها أكثر من ذكره غيرها، يُقال: إنها ألية الحمل، وجاءت مُصغَّرة لاجتماعها، ولم يُتكلَّم بها إلا كذلك، كما قيل: حُمَيَّا الكأس، وسِكِّيت الخيل، وأصلها من الثروة، وهي كثرة العدد، وهي ستة أنجم ظاهرة، في خللها نجوم كثيرة خفية، ويسمونها نجمًا، وبواسطة ما حدث من الآلات الرصدية ظهر لها عدد كثير، وكان العرب يسمونها النجم[9]؛ قال الراعي وذكر امرأة أضافها[10] [من الطويل]:

وبات تعد النجم في مستحيرة        سريع بأيدي الآكلين جمودها

 

فقوله: تعد النجم، دليل على أنه جمع؛ لأن العدد لا يقع إلا على ذلك، و"مستحيرة" جفنة قد تحير فيها الدسم، فهي ترى نجوم السماء؛ لأن الثريا في الشتاء تصير في كبد السماء، وإذا صارت في كبد السماء، صارت على قمة الرأس، فتراها في الماء وفي المرآة، وفي كل شيء صَفَا.

 

قال ذو الرمة[11] يشبِّه بيض الغنم بالنجوم [من الطويل]:

تعاليه في الأُدْحِيِّ بيضًا بقفــرة        كـنجم الثريا لاح بين السحـائبِ

 

وقال المرار:

ويوم من النجم مستوقد       يسوق إلى الموت نور الظبا

 

يريد: يومًا من أيام الثريا، فسمَّاها كلها نجمًا، فإذا سمعتهم يذكرون النجم من غير أن ينبهوا إلى شيء فاعلم أنهم يريدون الثريا، وهم يكثرون تشبيهها؛ ومن أحسن ما قيل في ذلك [من الطويل][12]:

إذا ما الثريا في السماء تعرضت      تعرض أثناء الوشاح المفصَّلِ

 

أراد: وقت مغيب الثريا، وذلك حين تنحدر الثريا نحو المغيب، وعند ذلك تتعرض، وهي إذا طلعت تستقبل الناظر إليها بأنفها، فإذا غرَبت تعرضت، أي: تحرفت، كأنها جانحة كتحرُّف ثني الوشاح إذا أُلقيَ، والوشاح نطاق من نسيج عريض مرصَّع بالجوهر، قد جُمع طرفاه، فأسفله أوسع من أعلاه، وكذلك الثريا؛ قال ذو الرمة [من الطويل]:

قطعت اعتسافًا والثريا كأنها      على قمة الرأس ابن ماء محلق

 

شبَّهها بطائر ماء، وقال ابن الزبير الأسدي [من الطويل]:

وقد خرم الغرب الثريا كأنها      به راية بيضاء تخفض للطعن

 

شبهها حين تدلَّت للمغيب براية بيضاء خُفِضت، إلى غير ذلك من الشعر، وللعرب فيها أسجاع، وهي: "إذا طلع النجم فالخرقي خدم، والعشب في حطم"؛ يريد: أنه حينئذٍ يهيج وينكسر، "والعانات في كدم"؛ أي: تتعاطى وطلوعها لثلاث عشرة ليلة تخلو من أيار، وسقوطها لثلاث عشرة ليلة تخلو من تشرين الآخر، وتمام الكلام يطلب من محله، و"الحصى" صغار الحجارة الواحدة، والجمع حصيات، و"حصى الحصباء" حصبة، كقصبة قصباء، وهو عند سيبويه اسم الجمع، ويُقال: أرض حصبة ومَحْصَبة بالفتح: كثيرة الحصباء، و"الدُّرر"[13] بالضم جمع درة، وهي اللؤلؤ الكثير.

 

وإنما أضافها إلى البحر؛ لأنها تتكون فيه، وبيان ذلك أن الحيوان الذي يتولد فيه اللؤلؤ هو بعض الأصداف، وهو دقيق القوائم لزج، ينفتح بإرادة منه، وينضم كذلك، ويمشي أسرابًا، ويزدحم على المرعى، واختلفوا في تولده في هذا الصدف؛ فمنهم من قال: إنه يتكون فيه كما يتكون البيض في الحيوان البياض، ذكر ذلك جمعٌ من المحققين، وقيل: بل يطلع إلى سطح البحر في شهر نيسان، وينفتح الصدف، ويتلقى المطر، فينعقد حبًّا؛ ذكره نصر الجوهري[14] وكثير من الناس، وأقول: عند التدقيق لا تضاد بين القولين؛ لجواز أن يكون تكوُّنُ اللؤلؤ في صدفه كتكون البيض، ويكون قطر نيسان له بمثابة النطفة.

 

وقال الكندي: إن موضع اللؤلؤ من هذا الحيوان داخل الصدف، وما كان منه مما يلي الفم والأذن فهو الجيد منه، وقالوا: إن الحَبَّ الكبير إنما يتكون في حلقومه، ويزداد بالتفاف القشور عليه، والدليل على ذلك أنه يوجد طبقات والداخلة منها شبيه بالخارجة، وكلها تشابه باطن الصدف، وله مغاصات مشهورة في البحر الأخضر، ويوجد في مجازات بين تلك المغائص وبين تلك السواحل، ومن المغاصات المشهورة مغاص أول بالبحرين، ومغاص دهلك والسرين، ومغاص الشرجة باليمن، ومغاص القلزم بجوار جبل الطور، ومغاص غب سرنديب، ومغاص سفالة الزنج، ومغاص اسقطرة، وقد يتفق في بعض المغاصات مانع من الغوص؛ كالحيوانات المؤذية التي في مغاص القلزم؛ ولهذا يدهن الغواصون عند الغوص أبدانهم بالميعة السائلة لأن الهوامَّ البحرية لا تقربها.

 

ويختلف اللؤلؤ باختلاف المغاصات من جهة تربة المكان، وغذاء الحيوان، كما تغلب الرصاصة على اللآلئ القلزمية والدهلكية، والوقت الذي يُغاص فيه هو من أول نيسان الرومي إلى آخر شهر أيلول، وعدا هذه المدة يسافر هذا الحيوان من السواحل وبلجج، ويختلف اللؤلؤ بالمقدار؛ فمنه الكبار والصغار، وما بين ذلك، وأعظم ما وُجد منه اليتيمة التي كانت عند عبدالملك بن مروان ذُكِر أن وزنها كان ثلاثة مثاقيل، وكانت مع ذلك حائزة لجميع صفات الحسن، مدحرجة نقية، رطبة رائقة؛ ولذلك سميت اليتيمة، ولم يذكر عنها قيمة، لكن ذكر الأخوان الرازيان أنهما شاهدا في خزانة الأمير يمين الدولة حبة ذات قاعدة، وزنها مثقالان وثلث، وأنها قُوِّمت بثلاثين ألف دينار، ويختلف اللؤلؤ أيضًا من جهة شكله؛ فمنه المدحرج ويُعرف بالعيون، وإذا كثرت استدارته وماؤه سُمِّيَ نجمًا، ومنه المستطيل الزيتوني، ومنه الغلامي؛ وهو المستدير القاعدة، المحدد الرأس، كأنه مخروط، ومنه الفلكي المفرطح، ومنه الفوفلي واللوزي والشعيري، ومنه المضرس وهو دونها شكلًا، ويختلف اللؤلؤ أيضًا من جهة لونه؛ فمنه للسقي البياض، ومنه الرصاصي، ومنه العاجي وصفرته غالبًا في حساب المرض له، وإذا فاز وطال زمانه اسودَّ، واللؤلؤ سريع التغير لأنه حيواني، بخلاف الجواهر المعدنية؛ إذ إن أعمارنا لا تفي بتغير أكثرها، ويثقب هذا الحب؛ لأنه يزداد بحسن التأليف حسنًا ورونقًا وقيمة، وإنما يُثقب بالماس؛ فلذلك لم يستعمل الأطباء في الأدوية النظم البكر غير المثقوب.

 

و"الدَّرُّ" بفتح الدال: العمل من خير أو شر، ومنه قولهم: لله درُّك، يكون مدحًا ويكون ذمًّا، كقولهم: قاتله الله ما أكفره! وما أشعره!

 

وقالوا: لله درُّك؛ أي لله عملك[15]، يُقال هذا لمن يُمدح ويُتعجب من عمله، فإذا ذُمَّ عمله قيل: لا درَّ دَرُّه، وقيل: لله درُّك من رجل، معناه: لله خيرك وفعالك، وإذا شتموا قالوا: لا دَرَّ دَرُّه؛ أي: لا كثر خيره، وقيل: لله درك؛ أي: لله ما خرج منك من خير؛ قال ابن سيده[16]: وأصله أن رجلًا رأى آخر يحلب إبلًا، فتعجب من كثرة لبنها، فقال: لله درك، وقيل: أراد لله صالح عملك؛ لأن الدر أفضل ما يحتلب، قال بعضهم: وأحسبهم خصوا اللبن؛ لأنهم كانوا يفصدون الناقة فيشربون دمها، ويقتطُّونها فيشربون ماء كِرْشها، فكان اللبن أفضل ما يحتلبون، وقولهم: لا در دره: لا زكا عمله، على المثل، وقيل: لا در دره؛ أي: لا كثر خيره، قال أبو بكر: وقال أهل اللغة في قولهم: لله دره: الأصل فيه أن الرجل إذا كثر خيره وعطاؤه وإنالته الناس، قيل: لله دره؛ أي: عطاؤه وما يُؤخذ منه، فشبَّهوا عطاءه بدرِّ الناقة، ثم كثر استعمالهم حتى صاروا يقولونه لكل مُتعجَّب منه، قال الفراء: وربما استعملوا من غير أن يقولوا: لله، فيقولون: دَرَّ دَرُّ فلان، ولا دَرَّ دَرُّه، وأنشد الشاعر [من البسيط][17]:

لا درَّ دري إن أطعمت نازلكم       قِرْفَ الحَتِيِّ وعندي البُرُّ مكنوزُ

 

وقوله: "وهل يستوي..."، هو من قبيل قوله تعالى: ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الزمر: 9].

 

والفَهُّ[18]: الكليل اللسان العَيِيُّ عن حاجته؛ الجوهري: الفَهَّةُ والفَهاهة العِيُّ، يُقال: سفيه فَهِيهٌ، وفهَّه الله، ويُقال فهَّ الرجل في خطبته وحجته: إذا لم يبالغ فيها ولم يَشفِها.

 

والحمد لله رب العالمين، والصلاة على خاتم أنبيائه ورسله؛ سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.



[1] البيت من قصيدة للسموأل بن عادياء الغساني، المضروب به المثل في الوفاء، ومطلع قصيدته التي منها بيت الشاهد قوله:

إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه = فكل رداء يرتديه جميلُ

وإن هو لم يحمل على النفس ضيمها = فليس إلى حسن الثناء سبيلُ

انظر: كتاب شرح الشواهد الشعرية في أمات الكتب النحوية، للمؤلف: محمد حسن شراب، جزء: 2، ص: 211.

[2] روضة العقلاء لابن حبان، أبو حاتم محمد بن حبان البستي، جزء: 1، ص: 172، وابن زنجي له ترجمة في فهرست ابن النديم؛ [ابن النديم البغدادي، الصفحة: 146].

[3] روضة العقلاء لابن حبان، أبو حاتم محمد بن حبان البستي، جزء: 1، ص: 172، وانظر: كتاب موسوعة الأخلاق الإسلامية، الجزء الأول، ص: 249.

[4] روضة العقلاء لابن حبان البستي (ص: 171).

[5] روضة العقلاء لابن حبان البستي (ص: 175).

[6] المستطرف في كل فن مستطرف، الأبشيهي، شهاب الدين، المجلد: 1، ص: 294.

[7] ابن منظور: لسان العرب، الجزء: 2، ص: 210، (تبر)؛ قال الشاعر:

كل قوم صيغة من تبرهم = وبنو عبد مناف من ذهب

[8] ابن منظور: لسان العرب، الجزء: 4، ص: 50، والجمع أحجاء؛ قال ذو الرمة من الطويل:

ليوم من الأيام شبه طوله = ذوو الرأي والأحجاء منقلع الصخرِ

[9] کتاب: الأنواء في مواسم العرب: ابن قتيبة الدينوري، المجلد: 1، صفحة: 23، ولسان العرب (16/ 46، 47)، نجم (مرتين)، والبخلاء للجاحظ ص: 212، والمعاني الكبير لابن قتيبة ص: 375.

[10] البيت للراعي النميري من بني قطن بن ربيعة، نزل به أضياف من بني كلاب وقد غابت إبله، فنحر لهم ناقة من ركابهم، فلما أصبح، أقبلت عليه إبله، فأعطى صاحب الناقة مثلها، وأعطاه ثنية زيادة عليها، نذمه خنزر بن أرقم من بني بدر بن ربيعة على ذبحها، فأجابه الراعي بقصيدة منها ذلك؛ [انظر: تفسير الزمخشري والطبري في تفسير سورة النجم، وانظر: مجاز القرآن لأبي عبيدة (230)، وانظر: شرح البيت في كتاب شرح حماسة أبي تمام للفارسي، الجزء: 3، ص: 215، باب الهجاء].

[11] ذُو الرُّمَّة هو غيلان بن عقبة بن نهيس بن مسعود العدوي الربابي التميمي، كنيته: أبو الحارث، وذو الرُّمَّة: شاعر عربي من الرباب من تميم، من شعراء العصر الأموي، من فحول الطبقة الثانية في عصره، وُلد سنة 696م، وتُوفِّيَ بأصفهان (وقيل بالبادية) سنة 735م، وهو في سن الأربعين، وإنما قيل له: ذو الرمة؛ لقوله في الوتد: "أشعث باقي رمة التقليد"، والرُّمَّة، بضم الراء: الحبل البالي، كان ذو الرمة قصيرًا دميمًا، يضرب لونه إلى السواد، أكثر شعره تشبيب وبكاء أطلال، كان ذو الرمة أحد عشَّاق العرب المشهورين، له ترجمة في وفَيَات الأعيان وأنباء أبناء الزمان لابن خلكان، وانظر: شرح البيت، ديوان ذي الرمة، شرح أبي نصر الباهلي، رواية ثعلب لأبي نصر أحمد بن حاتم الباهلي.

[12] البيت من معلقة امرئ القيس من البحر الطويل؛ [انظر: شرح المعلقات السبع، حسين بن أحمد بن حسين الزَّوْزَني، أبو عبدالله (المتوفى: 486ه)، الناشر: دار إحياء التراث العربي، الطبعة: الأولى، 1423هـ - 2002 م].

[13] ابن منظور: لسان العرب، الجزء: 5، ص: 242.

[14] كتاب: نخب الذخائر في أحوال الجواهر، لابن الأكفاني الحكيم، ص: 3، منقول من مجلة المقتبس‏، العدد: 42.

[15] ابن منظور: لسان العرب، الجزء: 4، ص: 279.

[16] ابن سيده: المخصص، الجزء: 2، ص: 230.

[17] البيت للشاعر المتنخِّل الهذلي، وقوله: لا درَّ دري، أي: لا كثر خيره، ولا زكا عمله، والنازل: الضيف، والحتيُّ: سويق الدوم، وقِرفه: قشره، يريد اللحمة التي على عجمه، والقرف والقرفة: القشرة؛ [انظر: جامع الكتب الإسلامية، شرح الشواهد الشعرية في أمات الكتب النحوية، المجلد: 2، نقلًا عن سيبويه (1/ 261)، واللسان (درر، حتا)].

[18] ابن منظور: لسان العرب، الجزء: 11، ص: 235.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • في حقوق الأخوة من النسب
  • حقوق الأخوة
  • حقوق الأخوة في أدبيات الألوسي رحمه الله (1)
  • حقوق الأخوة في أدبيات الألوسي رحمه الله (2)
  • حقوق الأخوة في أدبيات الألوسي رحمه الله(3)
  • حقوق الأخوة في أدبيات العلامة محمود الآلوسي رحمه الله (6)

مختارات من الشبكة

  • حقوق الأخوة في أدبيات الآلوسي رحمه الله (5) (مغفرة الزلات)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقوق الأخوة في أدبيات الألوسي رحمه الله (4)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقوق الأخوة في الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة حقوق الأخوة في الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقوق الأخوة(مقالة - ملفات خاصة)
  • حقوق الأخوة في الإسلام(محاضرة - موقع الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين)
  • حقوق الأخوة(كتاب ناطق - المكتبة الناطقة)
  • بريطانيا: استبيان لمفوضية حقوق الإنسان عن حقوق المسلمين(مقالة - المسلمون في العالم)
  • ميراث الجد مع الإخوة(مقالة - موقع أ.د. مصطفى مسلم)
  • التبيان في بيان حقوق القرآن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 22/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب