• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الرحيل؟
    د. وليد قصاب
  •  
    من روائع الشعر للأطفال والشباب
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    روائع الأمثال للكبار والصغار
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    اللغات العروبية: دراسة في الخصائص
    د. عدنان عبدالحميد
  •  
    الكنايات التي نحيا بها
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    واو الحال وواو المصاحبة في ميزان التقدير
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    الإعلام المرئي والمسموع والمقروء وعملية الترجمة
    أسامة طبش
  •  
    التأويل بالحال السببي
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    الشرح الميسر على الآجرومية (للمبتدئين) (6)
    سامح المصري
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الحال لا بد لها من صاحب
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية النكتة رؤية تداولية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الإعراب لغة واصطلاحا
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    مفهوم القرآن في اللغة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / فن الكتابة
علامة باركود

ما أصعب الكتابة!

ما أصعب الكتابة!
أبو مالك العوضي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 12/12/2011 ميلادي - 17/1/1433 هجري

الزيارات: 27468

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ما أصعبَ الكتابةَ إذا لم تكن نابعةً من أعماقِ نفسك، وخطَراتِ فِكرك! فإن الذي يريد أن يَقْسِر قلمَه على الكتابة كمَن يبتغي للسيارة أن تعمل بغير وقود.

 

وليس لهذا الأمرِ تعلُّقٌ بنقص أدوات الكتابة ومَلَكاتها عند الكاتب؛ والدليل على ذلك ما يُروى كثيرًا عن الشعراء والأدباء والكُتَّاب - الذين لا يَختلف اثنان على تبوُّئِهم قممَ البيان في عصورهم - أنهم أحيانًا يتوقفُ منهم اللسانُ فلا يستطيع أن يأتي بجملة، ويتوقف القلمُ فلا يستطيع أن يكتب سطرًا؛ بل يتوقفُ العقل فلا يستطيع أن يَنْظِم فكرةً أو يُبدع رأيًا!

 

وإذا كان مَا مضى عجيبًا مع كونه حقًّا، فإن أعجبَ منه - عند العقلاء - أنْ يَكثرَ كلامُ مَن لا يُحسِن الكلامَ، ويَكثر شِعرُ مَن لا يحسن الشِّعر، وتَكثرَ تصانيفُ من لا يحسن التصنيف.

 

وقد زَعموا أنَّ كاتبًا مشهورًا مِن هذه الطائفة، قد جاء يومًا حزينًا إلى مساعده، فسأله المساعد عما يُسْلِمُه إلى هذا الحزن العميق، والأسى العظيم؟ فقال له: تخيَّلْ - يا صديقي - أنني بعد عشْرِ سنواتٍ مِن الكتابة، قد تَيقَّنْتُ أنَّني لا أصلُحُ للكتابة على الإطلاق؟!

 

فقال له المساعد حينئذٍ: وهل تَنوي التوقف عن الكتابة؟

فقال الكاتب: كيف وقد صِرْتُ مشهورًا كما ترى؟

 

وعلى العكس مِمَّا سَبق، فما أصْعَبَ تَرْكَ الكتابَةِ لِمَنْ تلَجْلَجَتْ في صدرِه الأفكارُ، وتزاحَمت في عقله لَمَحاتُ الأنوار! لا سيما فيما يجيء مِن الومضات التي تذَهب وتَضِيع إن لم تُقَيَّدْ في الأوراق والأسفار، والدليلُ على ذلك - أيضًا - ما يَحكونه عن بعض الشعراء إذ يَمرضون إذا مُنعوا مِن قول الشعر، وما قولُهم: "حالَ الجريضُ دُون القريض" عنكم ببعيد.

 

هذا، فضلاً عما يَحْكونه عن تأسُّفِ كثيرٍ مِن العلماء على ضَياع بعض الأفكار العظيمة التي تَأتيهم وَقتَ الصفاء والتأمُّل، كما ذَكر ابنُ الجوزي وابنُ جني وغيرُهُما.

 

ومِن الطرائف في هذا الباب ما حكاه (إبراهيم عبدالقادر المازني) عن نفْسِه أنه لا يَستطِيع الجمْعَ بين القراءة والكتابة؛ بل إنه أحيانًا يَشعر بالجوع إلى القراءة، فيذهب إلى المكتبة، ويشتري بكل ما معه من مالٍ كتبًا، ثم يَظلُّ يقرأ ويقرأ، حتى يَشعر بما يُشبِه التُّخمة، ثُم يَشعر حِينَها أنَّه في حاجةٍ للكتابةِ، فيَظل يكتب ويكتب؛ حتى يُفرغَ شحْنةَ الأفكار التي خَزنها.

 

فهل شعرتَ يومًا أنك بحاجة إلى أنْ تكتب؟

هل شَعرت أنَّك بحاجةٍ إلى أَنْ تُمْسِك بالقلم، فتُفرغَ في سطوره ما يعْتَلِج في قلبِك مِن لوامِعِ الأفكار، وخيوطِ نَسيج الأنوار، حتى تَضيق بكلِّ مَن حولَك، وتوَدُّ لو كنتَ وحْدَك مع القَلم والقِرْطاس تبُثُّه شَجَنَك وحنينَك، وتُفْضِي إليه بأسرارك ومكنونِ أفكارك، حتى تُزيحَ عن كاهلِك عناءَ هذه الأثقال مِن الأفكار التي ضِقْتَ ذَرْعًا بحملها وحدك!

 

ألا تعجبُ - يا أخي - إذا سمعت الشعراء يشترطون في الشاعر الجيِّد أن يَنسى ما كان يحفظُه مِن الشعر مِن قبل! مع أنَّ أصحاب كلِّ صناعة يَعرفون أهمية الحِفْظ في صناعاتهم؛ حتى لا يُعدَّ فقيهًا عندهم مَن لم يكن له محفوظٌ مِن الفقه، ولا يُعدَّ محدِّثًا مَن ليس عنده رصيد من الحديث، ولا يعدَّ لغويًّا مَن لم يكن لديه قدْرٌ مِن حفْظٍ لِلُّغة!

 

فما بالهم في الشعر خالفوا هذا المَهْيَع، وتنَكَّبوا ذلك الطريق؟!

 

الحقيقة أنهم ما خالفوا ولا تنكَّبوا؛ بل بَالغوا وطلبوا درجةً أعلى، ومرتبةً أسمى، هي مرتبةُ الإبداع والابتكار؛ لأنَّ الملَكاتِ لا تزول بزوال مفرداتها؛ إذِ الملَكةُ صِفَةٌ راسخة في النفس، لا يمكن زوالها، فالفصيح الذي لديه ملَكة الفصاحة، والبليغ الذي لديه ملكة البلاغة، لا يمكن أن يُقال: إنه فَقد جزءًا مِن هذه الملكة بنسيان شيء مِن محفوظاته.

 

وهكذا الفقيهُ، إذا كان راسخَ الملكة، لا نَرفع عنه اسمَ الفقه وإن نَسِيَ بعضَ المتون؛ لأنه يَستطيع تحصيلَ المسائل عن قريب بهذه الملكة الراسخة في نفسه.

 

وهكذا المحدِّثُ، ألا تراه يُقْسِم بالله العظيم أنَّ هذا الحديثَ خطأ، وأنَّ ذاك مقلوب، وأنَّ هذا صحيح، وأن ذاك باطِل، مع أنه ربما لم يسمع به مِن قبْلُ قطُّ، ولا تَرى حُكْمَه هذا يتَأثَّر بنسيان بعض ما كان يحفظه، إذا كانت الملكَةُ راسخةً عنده.

 

وقد تعَرَّض الشاطبِيُّ في "الموافقات" لشيءٍ قريب مِن هذا، فذَكر أنَّ العالِم إذا كان تامَّ العلم لا يُمكنه أنْ يخالف عِلْمَه؛ لأنَّ هذا العلمَ إذا كان ملكةً راسخةً، فهو - لا بُدَّ - حاملٌ صاحبَه على العمل، وإلا لم يكن مَلكةً حقيقيَّةً، ومِثْل ذلك الأعرابيُّ الفصيحُ الذي لا يَستطيع أن يَحملَ لسانَه على اللحن أصلاً؛ لأن الإعرابَ لديه سليقة.

 

ولعلَّ هذا هو السرُّ الكامن وراءَ قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم – ((يُلهَمُون التَّسبيحَ كما يُلهَمون النفَس))؛ رواه مسلم؛ إشارةً إلى بلوغِهم أعلى درجاتِ العبادة، وهي الملكة الراسخة.

 

هذه الملكةُ التي نتكلمُ عنها، هي الغاية التي ينبغي أن يسعى طالبُ العلم إليها؛ فلا الحِفْظُ المجرَّدُ، ولا الفهم المجرد هو الغاية، ولا كثرةُ القراءة والمطالعة هي الغاية، ولا حتَّى استحضارُ المسائل والدلائل هي الغاية.

 

بل كلُّ ما سبق وسائلُ وآلاتٌ يُقصَد بها الوصولُ إلى هذه الملَكة، وبيانُ ذلك أنَّ هذه كلَّها أعراضٌ يمكن زوالُها، فإذا زالَتْ زال الوصف المتعلِّق بها عن صاحبها، أما الملَكات فهي أمورٌ ثابتةٌ في النفس لا يمكن زوالها.

 

ويمكِنُنا أن نشبِّه هذه الملكةَ بخاصيةِ الجذب في (البوصلة)؛ أتعرف كيف تُصنَع البوصلةُ يدويًّا؟ كانوا يَعمدون إلى حديدةٍ ومغناطيس، ثم يحكُّون المغناطيس بالحديدة في اتجاه واحد مِرارًا وتَكرارًا، إلى أنْ تنتقِلَ خاصية الجذب إلى الحديدة، وبعد ذلك تُعَلَّق الحديدةُ مِن منتصفِها، فتتجه إلى الشمال والجنوب مباشرة.

 

فالمغناطيس يشبه مصدر العلم، كالمعلِّم مثلاً أو الكِتَاب، والحديدة تشبه المتعلم، وعدد مرات الاحتكاك تشبه المسائل التي تُعْرَض على المتعلِّم ليقبلها، ومِن الواضح - هنا - أنَّ وجود القابلية عند المتعلم شرطٌ أساسي.

 

والإشارة إلى الاتجاه الصحيح تُشبه الإصابة في الرأي ومعرفة الحق.

 

وكلما زادَتْ مراتُ الاحتكاك، ازدادَتْ قابليةُ الجذب، وزادت دقةُ الإشارة.

 

ومِن الواضح أنَّ مرَّاتِ الاحتكاكِ نفسَها لا تَعرفُها الحديدةُ، ولا يضرُّها ذلك؛ لأنها احتفظتْ بالمطلوب، وهو خاصية الجذب التي تشبه هذه الملكة الراسخة.

 

وهذا المثال لعله يوضِّح السِّرَّ الكامنَ وَراء ما يُنسب لعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: العلم نقطة وسَّعها الجاهلون.

 

وهذه الملَكة هي - أيضًا - الأمر الواجب توَفُّرُه في المجتهد، والدليل على ذلك أنه ما من شرط يُشترط في المجتهد إلا ويُمكن تخلُّفُه - أو تخلف جزء منه - عن بعض المجتهدين في بعض الأحيان، ومع ذلك لا يُسلَب عنهم وصفُ الاجتهاد اتفاقًا، فما مِن آية من كتاب الله إلا ويُتصوَّر خلوُّ المجتهد عن معرفتها بعينها، وإن كان عارفًا بباقي القرآن، وما مِن حديث إلا ويُتصور خلوُّ المجتهد مِن معرفته، وإن كان عارفًا بباقي السنة، وهكذا في جميع مسائل العلوم.

 

ولكن ينبغي أن يفرَّق بين غياب نصٍّ معيَّن، وغياب معنًى كليٍّ، فإن المجتهد قد يَخفى عليه حديثُ الأعمال بالنيات مع شهرته، ولكن لا يمكن أن يخفى عليه أن النية أصلٌ مِن أصول الشريعة؛ لأن هذا الأصل ثَبَت معناه في كثير مِن النصوص، فغيابُ كلِّ هذه النصوص عن المجتهد يَقدح في بلوغه رتبةَ الاجتهاد، أما غيابُ نصٍّ واحدٍ منها فلا يَقدح.

 

فالحاصل أنَّ الأصولَ الشرعية المعلومةَ ثبَتت في عشرات النصوص، وغِيَاب بعضِ أفرادِ هذه النصوص عن المجتهد لا يَمنع من بلوغ باقيها إليه، ومن ثَم وقوفُه على الأصول الشرعية الثابتة، فإذا عرَف المجتهدُ الأصلَ الشرعي، وصار ملكةً راسخةً لديه، فلا يَعيبه - بعد ذلك - أن يغيب عنه بعضُ النصوص التي تدل على هذا الأصل.

 

والذين لم يَعتدُّوا بخلاف أهل الرأي بنَوْا قولَهم على أنهم جَهِلوا جمهرة السنة، فلا ينبغي أن يُعتدَّ بأصولهم؛ لأنها مبنيةٌ على استقراء ضعيف.

 

وكذلك الظاهرية، ذهب بعض العلماء إلى عدم الاعتداد بخلافهم؛ لغياب بعض الأصول الثابتة شرعًا عنهم في وسائل الفهم والاستنباط.

 

والإمامية والزيدية طَعنوا في الأصول المعلومة لتلقِّي الأخبار، فسدُّوا - بذلك - الطريقَ على أنفسهم في معرفة هذه الأصول المعلومة؛ فلذلك لا جرم لم يَعتد بخلافهم بعضُ العلماء.

 

والذين أنكروا التواتُرَ المعنويَّ - أيضًا - سدُّوا على أنفسهم باب العلم؛ لأن التواتر اللفظي لا يكاد يوجد إلا في القرآن، وإن وُجد فالفائدة إنما تحصل منه إن عرف معناه، ومعرفة معناه لا سبيل إليها بغير التواتر المعنوي.

 

وهذه الملكة الراسخة السابق ذكْرُها هي التي جعلتْ بعضَ المحدِّثين يقولون: إعلالُنا الحديثَ عند الجُهَّال كَهَانة، وبعضهم قال: الدليل على صحة قولي أن تسألني وتسأل فلانًا وفلانًا مِن أهل الحديث، فإن اتفقنا فذاك، فأحال على اتفاقهم.

 

وهذه الملَكة هي التي جعلت الشافعيَّ يقول عن إحدى المسائل: أجد بيانَها في قلبي، ولكن لا ينطق به لساني.

 

وهي التي جعلت أهلَ الاستحسان يقولون: الاستحسان دليلٌ يَرِد على خاطر المجتهد، ولا يستطيع التعبيرَ عنه.

 

وهي التي تجعل كثيرًا منا يجزم بالقول في كثير من الأمور، مع أنه لا يستطيع إقامة الدليل عليه، ولا دفع الشبهات عنه.

 

وكثير من المتأخرين غفل عن هذه الملكة وأهميتِها البالغة، فصار يكثر من الشروط الواجبِ توافرُها في المجتهد؛ ظنًّا منه أنَّ الإكثار مِن هذه الشروط يسدُّ الباب على العابثين والجاهلين؛ لئلا يدخلَ في العلم مَن لا يعلم، وغفلوا - أولَ الأمر - أن هذه الشروط تجعلُ مِن المحال أن يتحقق ذلك في أي إنسان؛ لأنها شروط خيالية لم يَستَقْرُوها مِن عالَم الواقع، ثم طال عليهم الأمَدُ، فالتزموا لوازمَ ذلك - ولم يكن لهم بدٌّ - فزعموا أنَّ باب الاجتهاد قد أُغلق، ولم يَعُد هناك مجتهِدٌ على الإطلاق، بل لا يمكن وجودُه بعد ذلك!

 

فنصيحتي لك يا طالب العلم: أن تحرص على تحصيل هذه الملكة، ودَعْك مِن إرجاف المرجفين!

 

ومِن أهم فوائد هذه الملكات العلمية الراسخة في النفس، أنها لا يمكن أن تصاب بالمرض العصْري الشهير الذي يدعونه: (المراجعات الفكرية)!

 

ويزعمون أنه أمر إيجابي ومهِمٌّ جدًّا لكل عالم وباحث ومفكِّر، وهذا خطأ فاحش، وغلَطٌ عظيم جِدًّا؛ لأن العالِم لا يمكن أن يكون عالمًا إلا إذا كان لديه علم، وهذه بَدَهِية لا تحتاج إلى مناقشة، فإذا كان كل شيء يعرفه يحتَمِل الخطَأَ، ويحتمل المراجعةَ الفكرية، ويحتمل، ويحتمل، فمعنى هذا أنْ ليس لديك شيءٌ موثوق به على الإطلاق، فأي علم لديك إذًا؟!

 

غير أنه مِن المهم أنْ نعْلم أن حصولَ ملكة العلم في النفس لا يَستلزم القدرةَ على تبليغه، أو التأليف فيه، أو إقامة الحجة عليه، أو إزالة الشبهات عنه.

 

فهذه ملكاتٌ أخرى مهمةٌ لطالب العلم حتى يكون لعلمه قَبولٌ ولكلامه شأن؛ ولأنَّ العلم إذا لم يُبَلَّغْ للناس كانت جدواه مقصورةً على صاحبه، ولا شك أن الأمر المتعدِّي أعظم نفعًا وأوسَعُ عائدةً مِن الأمر القاصر، وهذا هو السببُ في أهمية علوم البيان وملَكة الكلام لطالب العلم؛ بل إنَّ النظر والتأمل في التاريخ يدُلُّنا على أنَّ أكثر الناس تأثيرًا وأوسعَهم انتشارًا، كانوا مِن ذوي اللسان البارع والبيان الساطع، بحقٍّ كان ذلك أو بباطل.

 

ومِن المهِمِّ - كذلك - أن نعلم أنَّ حصولَ ملكَةِ العلم يَستلزم التفريقَ بين المعلوم والمظنون، وبين ما يَحتمل الخلاف وما لا يحتمله، فالعالم هو الذي يَعرف متى يَسُوغ الخلافُ ومتى لا يسوغ، أما ضِيقُ العَطَن وضَعْفُ الاطلاع فهو داءُ العصر؛ بل داء كل عصر، يَحمِل صاحبَه على إتيان الجهالات، والوقوع في المهلكات، وما ظنُّك بمن لا يجد عذرًا لمستحق العذر؟ وما ظنك بقاضٍ يَحكم بالإعدام على رجل بريء؟!

 

وها هنا أُمْسِكُ عن الإتمام؛ لأنَّ القلم صار ثقيلاً، والكتابة صارت صعبةً!

 

فإلى لقاء آخر.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الكتابة وثقلها
  • نعمة القراءة والكتابة
  • فن الكتابة العربية (1/5)
  • فن الكتابة العربية (2/5)
  • فن الكتابة العربية (3/5)
  • فن الكتابة العربية (4/5)
  • فن الكتابة العربية (5/5)
  • هاجس الكتابة
  • علاقتي بالكتابة
  • الكتابة شعور ورغبة
  • شهوة الكتابة
  • كتاباتنا إلى أين؟
  • فضل الكتاب
  • الكتابة بين الاكتساب والموهبة
  • الكتابة كعمليات عقلية أدائية
  • نموذج سوالز Swales للكتابة
  • فن الكتابة
  • نشأة الكتابة
  • أصعب كسر
  • غموض الكتابة
  • الكتابة في زمن الرقميات بين الوهم والحقيقة

مختارات من الشبكة

  • حلية الأطفال في الكتابة: الجزء الأخير (دروس مهمة للرقي بمستوى الكتابة بخط النسخ) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • ماهية عمليات الكتابة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • أنواع الكتابة وأهدافها وأبعادها(مقالة - حضارة الكلمة)
  • صناعة الكتابة: فوائد مهمة وتوجيهات نافعة في كتابة الرسائل وتأليف الكتب (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • كتابة في الكتابة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • حلية الأطفال في الكتابة: الجزء الثاني (تعلم كتابة حروف الهجاء مركبة بخط النسخ) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • حلية الأطفال في الكتابة: الجزء الأول (تعلم كتابة حروف الهجاء مفردة) بخط النسخ (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الدعوة بالكتابة (وسيلة الكتابة الدعوية)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الكتابة الكونية والكتابة الشرعية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • التصالح مع الكتابة (نقد الكتابات الحداثية)(مقالة - موقع أ. حنافي جواد)

 


تعليقات الزوار
9- شكر وإعجاب
عُمَر السِنَوي الخالِدي - العراق 22-06-2013 08:01 PM

أحسن الله إليكم يا شيخ .. وزادكم علما وفهماً وتوفيقا ..

مفال طيّبٌ مفيد .. جعَلَني أنساق وراء حروفه حتّى أتمَّه على طوله وصعوبة القراءة المطوّلة على الشبكة !

8- قلمٌ سحوح بالعلم
صفاء العطَّاس 07-03-2013 03:52 AM

جُزيتم خيراً شيخنا .. نفعكمُ الله ونفعَ بكم ..

7- بوركت !
أبو مالك العوضي - السعودية 12-01-2012 09:00 PM

شيخنا الكريم أبا الأزهر

جزيت خيرا وبورك فيك، وهذا من حسن ظنكم بأخيكم الضعيف ولعلك تفيدنا بنصائح المشايخ الكرام وتعليقاتهم.

وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه.

6- رأيي
أبو الأزهر السلفي 12-01-2012 04:48 PM

وجدتك شيخنا في تويتر تقول: رأيك يهمني.
وما كان في بالي أن أعلق ولا أن أبدي رأيي -تكاسلا عن واجبي-, ولكني أقول الآن: لا حرمنا الله من قلمكم السيال, وذهنكم الوقاد, وعلمكم الجم!
قرأت المقال مرارا, ونشرته في أكثر من موطن بفضل الله ومنته, وقد أهديته لبعض الكبار, وسيصلهم قريبا بإذن الله إذ ليس لهم اشتغال بالنت؛ فلا تنسنا من دعائك -شيخنا-.

5- لو تركته لقتلنى
وليد سميح عبد العال - مصر 16-12-2011 09:52 PM

تذكرت حين بدأت قراءة هذا المقال الماتع قول حسان رضى الله عنه لما قال شيئاً من الشعر ثم قال لو تركته في جوفي لقتلني ، فحقاً حقا ما قاله أبو مالك من صعوبة الترك إذا امتلأ الكاتب ،وصعوبة الفعل إذا خوى ..
ولكن غلبتك أخي المفضال طبيعتك العلمية البحثية في مقال عنوانه أدبي ،ولقد أفدتنا في الحالين كعادتك جزاك الله خيرا .

4- جزيتم خيرا
أبو مالك العوضي - السعودية 16-12-2011 12:31 AM

أشكر الأعضاء الكرام على ما تفضلوا به من التعليقات، وجزاهم الله خيرا على حسن ظنهم بأخيهم الضعيف.

وجوابا عن سؤال العضو (نور) أقول:

إن من شروط حصول الأثر في المحل أن توجد فيه القابلية ابتداء، فمثلا: القرآن الكريم شفاء للمؤمنين، ولكنه عمى على الكافرين كما قال الله في كتابه، وكذلك الكتب؛ يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: ومن أعماه الله لم تزده كثرة الكتب إلا ضلالا.
ولذلك ينصح العلماء طالب العلم أن يطلب من العلوم ما تيسر له ويترك ما تصعب عليه؛ إذ ليست كل العقول تقبل كل العلوم، ولا كل النفوس تقبل كل الآداب؛ وقديما قيل:
إذا لم تستطع شيئا فدعه ...... وجاوزه إلى ما تستطيع
ولكن ينبغي كذلك أن نفرق بين هذا التفاوت بين الناس، وبين صعوبة تحصيل الملكات في ابتدائها؛ فإن بعضهم يتخيل أن الشيء صعب عليه وليس كذلك في الحقيقة، وإنما حاجته فقط إلى بعض الاجتهاد والبذل والهمة.

وينظر هنا للفائدة (شماعة المعوقات):
http://www.alukah.net/Social/0/24210/

والله الموفق.

3- أمتعتنا
نور 16-12-2011 12:04 AM

كم شعرت بالضيق عندما وصلت لآخر جملة من مقالك شيخنا المفضال!

جزاك الله عنّا كل خير ومن المرات النادرة التي أحاول ألا أتعجل إتمام مقال أقرأه!

تقول - حفظك الله - إن القراءة والاستزادة منها سبيل تحصيل تلك الملكة, فهل هي دربها الوحيد؟؟ حيث نرى من يقرأ ويكثر ويعد مجلدات ومجلدات انتهى منها, ثم لا نراه يحسن الكتابة, فما قولكم في ذلك؟

2- يسّر الله لك
خالد خطاب - مصر 14-12-2011 11:21 AM

أقول: يسّر الله الحال لأبي مالك، وسهّل عليه الكتابة دوما، حتى يتحفنا بهذه الدرر.

نحبكم في الله.

1- إنَّ الكتابةَ رأسُ كلِّ صناعة
عائشة الحكمي 12-12-2011 03:39 PM

لله درُّك أستاذنا القدير، افتتحتها بـ"ما أصعبَ الكتابةَ!"، وختمتها بـ"والكتابة صارت صعبةً!" فأوحيت لنا بصُعوبة هذه الصَّناعة!

لقد ألمعتَ مشكورًا إلى ملَكة مُهمَّة لا يتفطَّن إلى استعمالها إلا من خُلِق عارفًا بأسرار الكتابة، وقد أصبتَ كبد الحقيقة؛ فإنَّ القلم لا يسيل بالكلام إلا إذا جاش الصَّدرُ بالمعاني، وحقَّا حقَّا ((إنَّ من البيان لسحرا))، فشكرًا جزيلاً جزيلاً لهذا السِّحر البياني، كم نحتاج إلى قراءته مرَّة بعد مرَّة.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 8/12/1446هـ - الساعة: 0:14
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب