• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الشرح الميسر على الآجرومية (للمبتدئين) (6)
    سامح المصري
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الحال لا بد لها من صاحب
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية النكتة رؤية تداولية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الإعراب لغة واصطلاحا
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    مفهوم القرآن في اللغة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    أهل القرآن (قصيدة)
    إبراهيم عبدالعزيز السمري
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي
علامة باركود

فكرة ترادف دلالة حروف التعدية: الباء والهمزة واللام

فكرة ترادف دلالة حروف التعدية: الباء والهمزة واللام
د. سميرة حيدا

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 13/11/2016 ميلادي - 12/2/1438 هجري

الزيارات: 59756

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

فكرة ترادف دلالة حروف التعدية "الباء، والهمزة، واللام"

بين ابن هشام في المغني وآخرين قبولًا ورفضًا

 

الملخص:

شغل مفهوم التَّعدِية فكرَ علماء الع109459ربية القدامى، وكانت لهم في ذلك صولاتٌ وجولاتٌ، ووقفات طويلة، ونقاشات حادَّة، وآراء متنوِّعة، تتأرجَح بين قائلٍ بالتعدية العامة، التي هي قدرٌ تشترك فيها كلُّ حروف الجر، وقائلٍ بالتعدية الخاصة التي تَعني مرادفة الباء للهمزة والتضعيف، وهذا المقال ينقل جانبًا من النقاش الدائر حول هذه القضية.

 

• التعدية لغةً:

وردتْ معانٍ عدة للفظة "عدا" في تاج العروس للزبيدي في قوله: "عَدَا الأمر وعدَا عنه: جاوزه وتركه، وعدَّاه الأمر كتعدَّاه: تجاوزه، وعدَّاه تعديةً: أجازه وأنفذه فتعدَّى، والتعدِّي: مجاوزة الشيء إلى غيره"[1]، فهي إذًا التجاوز والتخطِّي؛ أي: الوصول إلى شيء مُعيَّن بعد اجتياز الفاصل.

 

• التعدية اصطلاحًا:

هي لفظ يُطلق على الفعل الذي يتجاوز فاعله إلى اسمٍ آخر وَفْق ما قاله ابن يعيش: "التعدية: التجاوز؛ يقال: عَدَا طوره؛ أي: تجاوز حدَّه؛ أي: إنَّ الفعل تجاوز الفاعلَ إلى محل غيره، وذلك المحل هو المفعول به"[2].

وقد شغل موضوعُ التعدية واللزوم حيزًا لا يُستهان به في الفكر النَّحْوي العربي، فالفعل اللازم هو الفعل الذي يكتفي برفع الفاعل، ولا ينصب مفعولًا به أو أكثر؛ وإنَّما ينصبه بمعونة حرف جر أو غيره ممَّا يُؤدِّي إلى التعدية.

أمَّا الفعل المتعدِّي، فهو الفعل الذي ينصب بنفسه مفعولًا به أو اثنين أو ثلاثة، من غير أن يكون به حاجة إلى مساعدة حرف جر أو غيره ممَّا يُؤدِّي إلى تعدية الفعل اللازم.

 

• ويتعدَّى الفعل في العربية بواحد من ثلاثة أمور؛ هي: (الهمزة، أو تضعيف الفعل، أو حرف من حروف الجر)، قال ابن جني شارحًا هذه الوسائل في أمثلة تطبيقية:

"مَرَرْتُ بِزَيْدٍ، وما كان نحوه من حروف الجر، مما يلحق من حروف الجر معونة لتعدِّي الفعل، فمِن وجهٍ يُعتقد في الباء أنَّها بعض الفعل من حيث كانت مُعدِّية وموصلة له، كما أن همزة النقل في (أَفْعَلْتُ)، وتكرير العين في (فَعَّلْتُ) يأتيان لنقل الفعل وتعديته؛ نحو: قامَ، وأَقَمْتُهُ، وسَارَ، وأَسرتُه، وسَيَّرْتُهُ..."[3].

وقد اشتمل هذا النص على بيانٍ شامل لمعنى التعدية، فجعلها مرادِفة لمعنى النقل، ثم فصَّل الحديث في وسائل تعدية الأفعال اللازمة بحرف الجر والهمزة والتضعيف، كلُّها أمور يتعدَّى بها الفعل، وينتقل من حال اللزوم إلى حال التجاوز والتعدية.

 

ولعله يتضح مما ذكر آنفًا أنَّ حروف الجر جميعها تُؤدِّي وظيفة التعدي دون استثناء، مما يجعل معظم الأفعال اللازمة قابلةً للتنقل من اللزوم إلى التعدية؛ أي: تعدية كل فعل ليس متعدِّيًا، ووَصْل ما كان لا يصل دون وجودها؛ إذ تجعل الفعل يتخطَّى الفاعل إلى غيره بميسور تركيب، وحسن سبك، وصحة اقتران، وموفور دلالي، وهذه وظيفة التعدية العامة، وهي قدرٌ مشترك بين كل حروف الجر، غير أنَّ الذي يَعْنينا في هذا المقام نوع آخر من التعدية، أو هي التعدية الخاصة التي تتعلق بحرفـي الجر الباء واللام اللذين سنُحاورهما بوصفِهما وسيلتَي تعدية خاصتين لأفعال بعَيْنها، ونلحظ فيهما حسن اقترانهما تركيبًا مع الأفعال، ونرصد مَوْفورهما الدلالي قدر الإمكان اتِّكاءً على آراء ابن هشام في "مُغْني اللبيب عن كتب الأعاريب" وغيره من النَّحْويين.

 

التعدية وأدواتها في المُغْني:

الباء المفردة:

جعل ابن هشام في المغني معنى التعدية للباء المفردة من حروفِ الجر التي تُعدِّي الأفعال اللازمة - ثانيًا، بعد سرده معاني الباء المتعددة، وأطلق عليها اسمَ باء النقل وباء التعدية، وهي التي تقوم مقام الهمزة في التعدية ونَقْل الفعل إلى مفعوله في قوله: "المعاقبة للهمزة في تصيير الفاعل مفعولًا"[4]؛ فهي الباء القائمة مقام الهمزة في إيصال معنى الفعل اللازم إلى المفعول به، فتقول في (ذَهَبَ زَيْدٌ: ذَهَبْتُ بِزَيْدٍ، وأَذْهَبْتُ زَيْدًا)، ومن أمثلتِها في الذكر الحكيم قولُه تعالى: ﴿ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ ﴾ [البقرة: 17]، ولعله يُلحظ أن ابن هشام جعَل الباء مرادفةً للهمزة في الوظيفية التركيبية للتعدية، ولم يُشِر إلى فروقٍ في الدلالة بينهما، بل أقرَّ وجودَ ترادف دلالي بينهما، وقُرِئ - والكلام لابن هشام -: ﴿ أذْهَبَ اللهُ نُورَهُمْ ﴾[5]، ولعله يعني بذلك قراءة اليماني[6]، وهذه القراءة تدلُّ على مُرادفة الباء للهمزة، قال المرادي: "ويُؤَيِّد أنَّ باء التعدية بمعنى الهمزة قراءة اليماني..."[7].

 

وذكر ابن هشام أن مَجيئها مع الفعل اللازم أكثرُ من مجيئِها مع الفعل المتعدِّي، في قوله: "وأكثر ما تُعدِّي - أي الباء - الفعل القاصر"[8]، ويلحظ إضافته مصطلح القاصر للدلالة على الفعل اللازم، ومن أمثلة ورودها مع الفعل المتعدِّي قولُه تعالى: ﴿ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ ﴾ [البقرة: 251]، ومنه أيضًا: (صَكَكْتُ الحَجَرَ بِالحَجَرِ)، ووَفقًا للقواعد المعيارية يمكن أن يأتي الفعل على هذه الهيئة التركيبية: (دَفَعَ بَعْضُ النَّاسِ بَعْضًا)، و(صَكَّ الحَجَرُ الحَجَرَ)[9].

فالفعلان "دَفَعَ وصَكَّ" في الأصل مُتعدِّيان إلى مفعول واحد قبل اتِّصالها بباء التعدية، غير أنَّ دخول هذه الباء عليهما صَيَّرت الفاعل مفعولًا ثانيًا.

 

ومن أدلة التشابه الدلالي والوظيفي بين باء التعدية أو النَّقل وهمزة التعدي وشدة التضعيف: أنه لا يجوز الجمع بينها، فلا يجوز قولنا: أقمتُ بزيد[10]، فلا يُجمع بينهما لأنهما متعاقبتانِ؛ ولهذا قال المالقي: "اعلم أنَّ الهمزة تقوم مقام الباء في التعدية، ولا تجمع معها، ويجري مجراها التضعيف، وذلك أنَّك تقول: قام زيدٌ، فلا يتعدَّى، ثُمَّ تقول: أقمتُ زيدًا، فيصير يتعدَّى بالهمزة كما ذكر، فإذا أدخلتَ بعد الفعلِ الباءَ بهذا المعنى، سقطَتِ الهمزة، فتقول: قُمْتُ بِزيدٍ، وإذا ضعَّفتَ الفعل بهذا المعنى سقطتِ الهمزةُ، فتقول: قَوَّمْتُ زَيدًا"[11].

 

فمِن هذا النص - ونص ابن جني السالف الذكر - نستشفُّ أن الهمزة تقوم مقام الباء في التعدية ولا يُجمع بينهما، كما لا يُجمع بين التضعيف والهمزة، أو بين التضعيف والباء؛ لأنَّ من سُنَنِ العرب في كلامِها عدمَ الجمع بين حرفين لمعنى واحد.

ومذهب الجمهور أن الباء التي بمعنى الهمزة لا تقتضي مشاركة الفاعل للمفعول، بينما مذهب المبرِّد والسُّهيلي أنَّها تقتضي مصاحبة الفاعل للمفعول في الفعل، بخلاف الهمزة.

ولُوحِظ أن صاحب "الكشاف" لم تَرُقْ له فكرة الترادف في المعاني والوظيفة بين وسائل تعدية الفعل اللازم، بل وجد بينها فروقًا دلالية بائنة من سياق تركيبهما مع الأفعال القاصرة، وقد ذكر ذلك المبرِّد والسُّهيلي[12]، وكان الزمخشري في الكشاف قد ذكر الفرق "بين أَذْهَبَهُ وذَهَبَ به"، وقال: "إنَّ معنى أَذْهَبَهُ: أَزَالَهُ وجعله ذاهبًا، ويقال: ذهب به؛ إذا استصحبه ومضى به معه"[13].

 

وردَّ هذا القولَ صاحبُ المُغني، بدليل قوله تعالى: ﴿ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ ﴾ [البقرة: 20]؛ وذلك لاستحالة مصاحبة الله تعالى لنورِهم في الذَّهاب، وقولهم مردودٌ عند المرادي أيضًا، قال: ورُدَّ عليهما - يقصد المبرِّدَ والسُّهيلي - بقوله تعالى: ﴿ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ ﴾ [البقرة: 17]؛ لأنَّ الله تعالى لا يُوصَفُ بالذَّهاب مع النور، وأُجيب بأنه يجوز أن يكونَ تعالى وصَف نفسه بالذَّهاب على معنًى يليق به، كما وصف نفسَه بالمجيءِ في قوله تعالى: ﴿ وَجَاءَ رَبُّكَ ﴾ [الفجر: 22]، وهذا ظاهر البعد"[14].

 

ويمكن ردُّ الاختلاف في وجود فكرة الترادف في وسائل التعدية إلى السياقات التي وظَّفها كل عالِم في أثناء شرحه هذه الوسائل؛ فابن هشام استعمل القرآن الكريم فراعى المنطوق الدلالي للآية، بينما وظَّف غيرُه جملًا توضيحية تُظهر الفارق المائزَ دلاليًّا بين هذه الوسائل، فنتج عن ذلك اختلافٌ وتباين في الآراء: رأي يدعم فكرة الترادف بينها، وآخر يرفضها.

 

وثَمة موقف ثالثٌ وسطي بينهما يقوده عبدالقاهر الجُرجاني؛ إذ أرجع الفارق الدلالي بينها إلى نية المتكلِّم، وهو رأيٌ أكثر قربًا من واقع اللغة؛ إذ ربط فيه معنى المصاحبة المختلَف حوله، بما يقتضيه سياق الكلام، وبحسب نيَّة المتكلِّم؛ نحو: ذَهَبَ زَيْدٌ، وأنَّها على وجهين:

الأوَّل: أن تريد أنَّك صاحَبْته، واستشهد على ذلك بقول الشاعر:

خَلِيلَيَّ مُرَّا بِي على أُمِّ جُنْدُبِ ♦♦♦ نقضِّي لُباناتِ الفُؤَادِ المُعذَّبِ[15]


الثاني: أنَّك لا تكون صاحبته، وإنما أزلتَه عن مكانه، واستشهد على ذلك بقوله تعالى: ﴿ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ ﴾ [النور: 43]؛ حيث إن المصاحبة هنا غير متصوَّرة، لأن الأبصار والبرق ليسا أشخاصًا، وإنما المعنى أن البرق يكاد يُزيل نورَ البصر[16].

ويبدو أن كلام الجرجاني أقرب إلى الصواب، وإلى طبيعة اللغة، فالذي يُحدِّد معنى المصاحبة هو نية المتكلم، أو ظروف السياق المحيطة بالمنتج اللُّغوي المستثِمر لإمكانات وسائل التعدية الثلاثة.

 

اللام:
ونحاول مناقشةَ فكرة الترادف الدلالي بين اللام، بوصفِها حرف تعدية ونَقْل، ومرادفة لهمزة التعدية، وباء التعدية، أو بمصطلحِ ابن هشام في مُغْنيه: هل ثمة مُعاقبة في المعنى بين لام التعدية والهمزة والباء؟

 

فقد ذكر ابن هشام لحرف اللام المفردة الجارَّة معانيَ عدة، مُتَّبعًا في ذلك تسلسلَ ابنِ مالك لمعانيها في شعرِه التعليمي؛ إذ جعل التعدية المعنى الثالثَ للام - بعد المِلْكية وشبهها - في قوله[17].

وَاللامُ للْمِلكِ وَشِبْهِهِ وَفِي
تَعْدِيَةٍ أَيْضًا وَتَعْليلٍ قُفِي
وزِيدَ والظرفيةَ اسْتَبِنْ بِيَا
و"فِي" وقد يُبَيِّنانِ السَّبَبَا

 

والأَولى عنده أن يمثل لها ابن مالك بنحو: "مَا أَضْرَبَ زَيْدًا لعمرٍو!"، و"ما أَحَبَّهُ لبكرٍ!"، وحريٌّ بالذكر أن مِن النحاة مَن رفض إثباتَ هذا المعنى لحرفِ اللام المفردة، فقد قال الإمام الشاطبي: إن هذا المعنى لم يذكرْه لها أحدٌ من المتقدِّمين؛ لأنه يرى أن التعدية ليست من المعاني التي وُضِعَت لها الحروف، وإنَّما ذلك أمر لفظي، مقصوده إيصالُ الفعل الذي لا يستقلُّ بالوصول بنفسه إلى الاسم، فيتعدَّى الفعل إلى ذلك الاسم بوساطة ذلك الحرف، وهذا القصد يشترك فيه جميع حروف الجر؛ لأنَّها توصل الأفعال إلى الأسماء[18].

 

والنص ما يزال طويلًا، مُؤدَّاه أن التعدية التي ذكرها لا تخرج عن الإطار العامِّ الذي حدَّده لها النُّحاة، وخصوها بباب ضخمٍ من أبواب النحو العربي، هو باب التعدِّي واللُّزوم في الأفعال، غير أنه استشعر هذا الأمر فاستدرك قائلًا: "ولقائل أن يقولَ: قد جاءت الباء للتعدية في نحو: ذَهَبْتُ به بمعنى أَذْهَبْتُهُ؛ كقوله تعالى: ﴿ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ ﴾ [البقرة: 20]، فَلِمَ لا تكون اللام كذلك؟

 

أي: لِمَ لا تفيد اللامُ معنى التعدية كما هو حاصل مع الباء؟

والجواب عنه: أنَّ ذلك لم يثبت في اللام كما ثبتَ عند الجمهور في الباء؛ إذ لا يقال: دَخَلْتُ لِزيدٍ، بمعنى أدخلتُه، كما يقال: دخلتُ به، فالتعدية على هذا المعنى غير ثابتة للام مطلقًا..."[19].

فالتعدية بمفهومها الخاص - والذي هو مضارعة الهمزة - لا مجال للحديث عنها في باب اللام المفردة؛ لأنَّ هذه الأداة لم يُعرف عنها مُعاقبة الهمزة عند جمهور النَّحْويين، والأمثلة التي ساقها ابن هشام تندرج في إطار التعدية العامة التي ينضوي تحتها كلُّ حروف الجر الأصلية؛ إذ المهمة التي تُؤدِّيها حروف الجر داخل الجمل هي ربط الكلام، وإيصال عمل الفعل إلى ما بعد الفاعل، وهذه تعدية مطلقة.

 

خاتمة:

من خلال ما سبق يتضح لنا أن علماء العربية حدَّدوا معنى التعدي بشقَّيه العام والخاص؛ العام المتعلق بحروف الجر كلها، والخاص المتعلق بمرادفة الباء للهمزة والتضعيف، وإن اختلفوا في كثير من تفاصيل الموضوع التي مردُّها الجانب الدلالي لا التركيبي.

 

لائحة المصادر والمراجع:

• تاج العروس، أبو الفيض محمد بن محمد بن عبدالرزاق الحسيني الزبيدي، طبعة دار الحياة بيروت، لبنان.

• الجنى الداني في حروف المعاني، أبو محمد بدر الدين حسن بن قاسم بن عبدالله بن علي المرادي، تحقيق: فخر الدين قباوة، ومحمد نديم فاضل، دار الكتب العلمية، بيروت سنة 1992.

• الخصائص، أبو الفتح عثمان بن جني، تحقيق: محمد علي النجار، طبع دار الكتب المصرية، سنة 1952.

• رصف المباني في شرح حروف المعاني، أحمد بن عبدالنور المالقي، تحقيق: أحمد الخرَّاط، من مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق، سنة 1975.

• شرح المفصل، أبو البقاء يَعيش بن علي بن يعيش، نشرته إدارة الطباعة المنيرية، وعليه تعليقات مشيخة الأزهر.

• الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، أبو القاسم محمود بن عمر بن محمد بن عمر الخوارزمي الزمخشري، من مطبوعات مكتبة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر، سنة 1948.

• معجم القراءات، عبداللطيف محمد الخطيب، دار سعد الدين للطباعة، سنة 2002.

• مغني اللبيب عن كتب الأعاريب، أبو محمد عبدالله جمال الدين بن يوسف بن أحمد بن عبدالله بن هشام الأنصاري، تحقيق محمد عبداللطيف الخطيب، السلسلة التراثية، الكويت، سنة2001.

• المقاصد الشافية في شرح الخلاصة الكافية، أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي، الطبعة الثانية عن دار المأمون للتراث، سنة: 2007.

• المقتصد في شرح الإيضاح، أبو بكر بن عبدالقاهر بن عبدالرحمن بن محمد الجرجاني، تحقيق كاظم بحر المرجان، سلسلة كتب التراث، منشورات وزارة الثقافة والإعلام بالعراق، سنة 1982.



[1] تاج العروس، أبو الفيض محمد بن محمد بن عبدالرزاق الحسيني الزبيدي، مادة (عدد)، طبعة دار الحياة بيروت، لبنان.

[2] شرح المفصَّل، أبو البقاء يعيش بن علي بن يعيش، 7 /62، نشرته إدارة الطباعة المنيرية، وعليه تعليقات مشيخة الأزهر.

[3] الخصائص، أبو الفتح عثمان بن جني، 1 /341، تحقيق: محمد علي النجار، طبع دار الكتب المصرية، سنة: 1952.

[4] مغني اللبيب عن كتب الأعاريب، أبو محمد عبدالله جمال الدين بن يوسف بن أحمد بن عبدالله بن هشام الأنصاري، تحقيق: محمد عبداللطيف الخطيب، 2 /122، السلسلة التراثية، الكويت، سنة: 2001.

[5] المغني، 2 /122.

[6] معجم القراءات، عبداللطيف محمد الخطيب، 1 /53، دار سعد الدين للطباعة، سنة 2002.

[7] الجنى الداني في حروف المعاني، أبو محمد بدر الدين حسن بن قاسم بن عبدالله بن علي المرادي، ص38، تحقيق: فخر الدين قباوة، ومحمد نديم فاضل، دار الكتب العلمية، بيروت سنة 1992.

[8] المغني، 2 /122.

[9] المغني، 2 /126.

[10] المصدر السابق، 2 /123.

[11] رصف المباني في شرح حروف المعاني، أحمد بن عبدالنور المالقي، تحقيق: أحمد الخرَّاط، ص52، من مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق، سنة: 1975.

[12] المصدر السابق: 2 /123.

[13] الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، أبو القاسم محمود بن عمر بن محمد بن عمر الخوارزمي الزمخشري، 1 /154، من مطبوعات مكتبة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر، سنة 1948.

[14] الجنى الداني، ص38.

[15] الشاهد في البيت قوله: "مرَّا بي"، ووجهه إفادة الباء معنى المصاحبة مع معنى التعدية، لإرادة المتكلم تحقيق معنى المصاحبة.

[16] المقتصد في شرح الإيضاح، أبو بكر بن عبدالقاهر بن عبدالرحمن بن محمد الجرجاني، تحقيق: كاظم بحر المرجان، 1 /591، 592، سلسلة كتب التراث، منشورات وزارة الثقافة والإعلام بالعراق، سنة: 1982.

[17] المقاصد الشافية في شرح الخلاصة الكافية، أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي، 3 /612، الطبعة الثانية عن دار المأمون للتراث، سنة 2007.

[18] المصدر السابق، 3 /614.

[19] المقاصد الشافية، 3/ 615، 616.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • قراءة وعرض لمصنفات التراث العربي النحوي في أداة نحوية واحدة
  • من أساليب العربية: الإنكار وحروفه (مغني اللبيب أنموذجا)
  • مقاربة فونولوجية بين الهمزة والألف: دراسة في السمات المميزة
  • كم من فكرة أثمرت عبرة وأراقت عبرة

مختارات من الشبكة

  • ظنية الدلالة ونقد فكرة المعارضات عند فخر الدين الرازي(مقالة - الإصدارات والمسابقات)
  • مخرج وصفة الباء عند القدامى والمحدثين(مقالة - حضارة الكلمة)
  • أول العمل آخر الفكرة، وأول الفكرة آخر العمل(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • أمثلة على الترادف في اللغة العربية(مقالة - حضارة الكلمة)
  • العامل في الفكر النحوي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • بداية فكرة التسجيل الصوتي للقرآن الكريم كاملا (المصحف المرتل)(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • فكرة "تعدد" أو "تداخل" التخصصات في الترجمة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • نحيلة تبحث عن فكرة (قصة للأطفال)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • ضيقوا الخناق على فكرة الانتحار!(مقالة - آفاق الشريعة)
  • السيرة النبوية: فكرة الإسلام (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/11/1446هـ - الساعة: 8:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب