• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    التأويل بالحال السببي
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    الشرح الميسر على الآجرومية (للمبتدئين) (6)
    سامح المصري
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الحال لا بد لها من صاحب
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية النكتة رؤية تداولية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الإعراب لغة واصطلاحا
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    مفهوم القرآن في اللغة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / أدبنا / المرأة الأديبة / كاتبات الألوكة
علامة باركود

حكاية ريم.. ومدينتها المنورة

حكاية ريم.. ومدينتها المنورة
زوزان صالح اليوسفي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/7/2012 ميلادي - 24/8/1433 هجري

الزيارات: 7512

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حكاية ريم.. ومدينتها المنورة[1]


كل يوم جُمعة آخُذ ابنتي "ريم" إلى المُتنزه، "ريم" ستبلُغ العاشرة مِن عُمرها في هذا اليوم، وقد سميتها "ريم" ؛لأنني كنتُ أتمنَّى أن تكونَ مثل الرِّيم (الغزال)، خفيفةً ورشيقةً في حرَكاتها ومُفعمَة بالنشاط، وفعلاً كانتْ حَبيبتي "ريم" منذ سنَتِها الأولى، وإلى أن بلَغتِ السابعة مِن عُمرها تَلعب وتنطُّ في البيت وخارجه مثْل الرِّيم؛ حيث كان النشاطُ يَبدو عليها دائمًا، إلى أنْ جاء ذلك اليوم المشؤوم الذي حصَل لها حادث سيارة وهي بصُحبَة والِدها، وللأسف أُصيبَت ابنتي الحبيبة - ومنذ ذلك الوقت - بعاهة مُستديمة مِن شللٍ في أطرافها السُّفلى، وكان سبب ذلك هو إهمالها لاستِعمالها حِزام الأمان في السيارة حينها.

 

ورغم حُزننا العميق؛ أنا، ووالِدها، وإخوَتها، وجدِّها، وجدَّتها، وكل مَن أحبَّ "ريم"، إلا أنَّ الصبر وإيمانَنا بالله وبالقضاء والقدر جعَلنا نتحمَّل هذه المصيبة، وليس هذا فقط، بل شجاعة "ريم" لتَقبُّل الأمر كانت أقوى مِن كل شيء؛ حيث كانت تُدرِك - رغم سِني عُمرها الصغير - أن إرادة الله هي التي تَختار للعبد حياته، وكانت دائمًا تقول لي حينما تراني مُكتئبَة وهي تَعلم أنَّ سبَب حُزني هو حادِثها المؤسِف وما جرى لها، فتُربِّت على رأسي بيدَيها الصغيرتَين وهي تُردِّد قائلة: "لا تحزني مِن أجْلي يا أمي، صحيح إنَّني فقدْتُ قدَماي، ولكن - الحمد لله - فإنني أملك يدَين لأعمل بهما ما أشاء، وألمس مِن خِلالهما شَعرك ووجهك الحبيب، ولديَّ بصرٌ أرى بهجَمال الدنيا وأراكِ مِن خلاله، ولديَّ سَمع أسمع به الأصوات، خاصَّة صوتك الحَنون، ولديَّ الكثير مما منَحني الله، الحمد الله يا أمي على كل ما يَختاره الله لنا - كما تقول جدَّتي دائمًا، ومَن يدري يا أمي ربما أُشفى يومًا ما بإرادة الله - عز وجل".

 

وحينما تُواسيني ابنتي الصغيرة بهذا الكلام، أَشعُر بنفسي كم أنا صغيرة أمام حِكمتها وعَقلها الراجِح، فأستَغفِر الله، ثم أَحمدهُ على نِعَمهِ، وعلى هِبتهِ لي بهذه الابنة البارة، وأدعو وأرجو مِن الله أن يَمنحها القوَّة والإيمان دائمًا وأبدًا، ويَحرُسها مِن كل الشُّرور.

 

في هذا اليوم مِن الجُمعة صادف يوم عيد ميلادها العاشِر، وقد وعدْتُها أن يَشترك جميع أفراد أسرتنا بالنزهة مِن أجلها لنحتفل معًا بعيد ميلادها في المُتنزَّه، فكانت "ريم" في غاية الفرح لهذه المشاركة وبهذه المناسبة.

 

فدخَلتْ "ريم" إلى غُرفتِنا على كرسيِّها المُتحرِّك لتُوقِظنا، وكانت الساعة تشير إلى العاشرة والنِّصف صباحًا؛ حيث تعوَّدْنا أن نَنهض مُتأخِّرين في هذا اليوم؛ لأنه يوم الجمعة، وهو يوم عطلَتِنا.

 

فملأت "ريم" الغرفة ضجيجًا لتُوقِظنا، قائلة: "صحِّ النوم يا كسالى، الساعة تكاد تشير إلى الحادية عشرة وأنتم ما زلتُم نائمين! هيَّا يا بابا العزيز، صباحك سُكَّر، يجب أن تَنهض لتذهب أنت وجدِّي وأحمد وفهْد إلى صلاة الجمعة في المسجد النَّبويِّ، ثم تعودوا، وبعد الغَداء سنقوم بنُزهَتِنا، وتسعِدني جدًّا مُشارَكتُكم".

 

فردَّ الوالد وهو يفرك عينيه قائلاً: "وصباحك يا "ريم" أحلى من العسل - بإذن الله يا حبيبتي، أنا أيضًا مُتلهِّف لهذه النزهة، وسوف أنهض حالاً لألبِّي رغباتك".

 

ثم تقدَّمت "ريم" نحوي، ورسمَتْ قُبلةً على جَبيني قائلة: "وصباحُك يا أمي صباح الفلِّ والياسمين".

 

فابتسمتُ لها بكل حَنان، ونهضْتُ لألبِّي رغبتها قائلةً: "وصباحك يا نور عيني فل وياسمين، هيَّا يا حبيبتي لنُفطر شيئًا بسيطًا، ثم نبدأ بعمل أجمل كعكة لأجمل "ريم"!

 

فنهضتُ وسرتُ خلْف كرسيِّها نحو المطبخ، وكانت جدَّتها قد أعدَّت لنا الفطور، فجلَسْنا جميعًا على المائدة أفطرْنا، وبعد أن انتهَينا قام والد "ريم" وجدُّها وولداي أحمد وفهد لتغيير ملابسهم، ثمَّ توضَّؤوا واستعدوا للذَّهاب إلى المسجد النبوي الشريف؛ لقضاء صلاة الجمعة هناك، فالقيام بهذه المُهمَّة في كل جمعة شيء مُقدَّسٌ لديهم ومُتوارَث.

 

وعندما استعدَّ الجميعُ للخروج إلى الصلاة كانت "ريم" تَنظُر إليهما بإمعان تَشوبها بعض الحسرة؟ ثمَّ سحبَتْ كرسيَّها لتَلتقِط سبحة جدِّها مِن على المنضدة وتوجَّهتْ نحو الباب قائلة: جدِّي، جدِّي، لقد نسيت سبحتَك!

 

فنظرَ جدُّها إليها مُبتسمًا، ثم قبَّل جبينها قائلاً: أشكرك يا غاليتي على هذا الانتباه؛ حقًّا كنتُ سوف أحزن كثيرًا لو كنتُ قد نسيتُها، بارك الله فيكِ يا أروع حَفيدة.

 

فقبَّلَ جبين حفيدته، ثم ودَّعتْهم "ريم" وظلَّت بكرسيِّها أمام الباب إلى أن رحلوا، ثمَّ تقدَّمت نحوي، وعندما نظرت إليها كانت دمعتان صغيرتان كاللؤلؤ تَنسكِب تنسكبان على خدَّيها المتورِّدَين، فأخبرَتُها قائلةً: ما بكِ يا حبيبتي، أراك شارِدةً وفي عينيك الجميلتين دمعتان حزينتان، خيرًا - إن شاء الله يا حبيبتي، هل أزعجك شيءٌ ما؟!


نظرَتْ إلي بعينَيها الدامعتَين، وبعد صمْتٍ قصير أجابَتْني قائلةً: أمي، أريد أن أذهب إلى المسجد النبوي كما يَذهب أحمد وفهْد لصَلاة الجمعة.

 

فنظرْتُ إليها بكل حنان، وعيناها تدمعان بشَوق إلى هذه الأمنية، تأثَّرتُ مِن رغبتها وطلَبِها حتى دمعت عيناي أيضًا.

 

وبعد صمْتٍ أجبتُها بحنانٍ قائلةً: حسنًا يا نور عيني، أَعدكِ أن أُلبِّي رغبتَكِ في الجُمعة القادمة - بإذن الله، أنا وأنتِ وجدَّتكِ أيضًا سوف نُرافقهما يوم الجمعة القادمة في المسجد النبوي.

 

تورَّد في ثوانٍ وجه "ريم" بأحلى ابتسامة مِن خِلال دُموعها وأجابتْ بلهفَة قائلةً: حقًّا، شُكرًا يا أمي، سوف أنتظر الجمعة القادمة على أحرِّ مِن الجمْر.

 

فسحبت كرسيَّها إلى المطبخ قائلةً: هيا يا حبيبتي، قبْل أن يَأخُذنا الوقت.

 

بدأنا - أنا وريم - بعمل الكعكة في المطبخ، وهي في غاية السعادة، وأنا أراقبها بحَنان ولهْفَة.

 

ثم دخلتْ جدَّتها علينا، وهي تردد قائلةً: هل تُريدان المساعدة منِّي؟


فأجابتْها "ريم" على الفور قائلةً: تعالَي يا جدَّتي، وليس ضروريًّا أن تُساعِدينا؛ فوجودكِ معَنا سيُشجِّعنا أكثر على عمل كعكة لذيذة، ونحن نَستمع إلى أحاديثك الشيِّقة، هيا يا جَدَّتي تعالَي واجلسي هنا بقربي.

 

فَرِحت الجدَّة بكلام "ريم"، وجلستْ بقربِ "ريم" قائلةً: حسَنًا يا أجمَل حفيدة، وإذا كانت هُناك أيُّ مُساعدة، فسأكون سعيدةً بالمُشاركة؛ لأنَّ اليوم هو ذِكرى ولادتك الغالية، وهو مِن أسعد الأيام في حياتي.

 

فأجابتْ "ريم" بفرَحٍ قائلةً: شُكرًا يا جدَّتي، أنا أيضًا سعيدة؛ لأنَّك جدَّتي العزيزة الغالية.

 

ثمَّ استمرَّت "ريم" بفرح ولهفة قائلةً: بالمناسبة يا جدَّتي، فقد وعَدتْني أمي بأننا سوف نَذهب جميعًا إلى المسجد النبوي يوم الجُمعة القادمة، فما رأيكِ في هذا الخبر السعيد؟

 

فأجابت الجدة بلهفة قائلةً: حقًّا! وهل أستطيع مُرافَقتكم أنا أيضًا؟!

 

فأجابتْ "ريم" على الفور قائلةً: بالطبْع يا جدَّتي؛ فلن نذهب بدونك.

 

وبينما كنتُ مشغولة بعمل الكعكة، بدأت "ريم" تسأل جدَّتها قائلةً: أخبريني يا جدَّتي: لماذا ومتى وكيف دخََل رسولنا - صلى الله عليه وسلم - إلى مدينتنا؛ المدينة المنورة؟ ومتى بنى المسجد النبويَّ الشريف؟


فردَّت الجدَّة بشوق قائلةً: يُسعِدني أن أجيب عن أسئلتك يا عَزيزتي، فقبْل الهجرة إلى المدينة بثلاث سنوات عمَّ حُزن شامل على الرسول - صلى الله عليه وسلم - ومَن آمَن معه، ولأسباب عِدَّة؛ حيث مات في هذا العام أبو طالب وزوجته السيدة خديجة، وأصاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - حزنٌ عميق، وازداد تحدِّي الكفار للرَّسول وللمؤمنين بهِ وبرسالتهِ، وأُغلِق باب الدعوة في مكة، فصمَّمَ الرسول - صلى الله عليه وسلم - على الخروج منها لنشْر الدَّعوة خارج مكة لإيصالها في مكان آخَر، بعد أن يئس مِن أهْل مكَّة حينَها؛ حيث لم يؤمن به أحد خلال هذا العام، وازدادت إساءة وتعذيب الكافِرين للمسلمين إلى أبعد حدٍّ، فأمر الله الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالهجرة لإيصال الدعوة إلى مَكان آخَر، فخرج في طريقٍ شاقٍّ وطويل إلى الطائف - أولاً - لكنه قوبل بالرفْض وقُذِف بالحجارة، رفَضتْ مكة الإسلام في هذا العام، رفضت الطائف أيضًا، ورفضَتْ كل القبائل القادمة إلى مكة خلال السنة العاشِرة والحادية عشرة للهِجرة الإيمان بالله وبرسوله.

فأُمِر رسولنا - صلى الله عليه وسلم - بالهِجرة إلى المدينة، فلبَّى المؤمنون أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - وعند وصوله استقبله أهلُ المدينة استقبالاً حافِلاً ومُشرِّفًا؛ بالفرح، والأناشيد، وغنَّى لهُ أهل المدينة تكريمًا وفرحًا بقدومه: (طلعَ البدرُ علينا مِن ثنيات الوداع) وعاهدوه بأنهم سيَكونون معهُ ويَفْدونهُ ود ينَهُ بأرواحهم وبكل ما يملكون، وعاهدوهُ منذ البداية على النفَقة في العُسر واليُسر، وعلى السمع والطاعة، وعلى الأمر بالمعروف والنهْي عن المُنكر، وأن يَنصُروا رسول الله، وفي غُضون سنتَين أصبح رسولنا - صلى الله عليه وسلم - قائدًا لدولةٍ مقرُّها المدينةُ المنوَّرة، وهي المركز الأول لانطلاق الدعوة الإسلامية، وكانت المدينة أساسًا لبناء دولة إسلامية تَرتكِز هذه الدولة ومجتمعها على الوحدة والتآلف والمحبَّة والأُخوَّة والمساواة والحرية والعدل، وكان رسولنا الكريم قائدًا ومُعلِّمًا، وناصَره أهلُ المدينة فأظهروا مَعدنهم الأصيل ورُوحهم الطيِّبة الصادِقة.

 

وأول ما فكَّر فيه رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - في المدينة هو بناء المسجد النبوي الشريف.



كانت "ريم" تستمعُ إلى جدَّتها بكل إنصات وشَوق، ثمَّ ردَّت قائلةً: آه، يا جدتي، كم كلامك مشوق! والآن أخْبريني عن المسجد النبويِّ الشريف.



ابتسمَت الجدَّة، واستمرَّت قائلةً: بعد أن هاجر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِن مكة مكَث في قباء عدَّة أيام، ثمَّ توجَّه إلى المدينة على ناقتِه، وبعد أن استقبَله الأنصارُ والمهاجرون بالحَفاوة والتكريم، بَركَتِ الناقة لِتختار البُقعة التي سوف يُبنى عليها المسجد في وسط المدينة، فقرَّر الرسول - صلى الله عليه وسلم - اختيار تلك البُقعة التي اختارتها الناقة لبناء المسجد عليها، ليَجتمِع عليه المسلمون لأداء الصَّلاة والعبادة، وهو المسجد المُبارك الذي أسَّسَ بنيانهُ الرسول - صلى الله عليه وسلم - وقد بَناه يدًا بيد مع المسلمين حينها، وقد اتَّصل الوحي بالرسول - صلى الله عليه وسلم - أيضًا مِن خلال المدينة، كما كان يتَّصل به في مكَّة؛ حيث كان هناك اتِّصال ما بين السماء والأرض عن طريق الوحي في المدينة، بالإضافة إلى ارتِباط المدينة بالجنَّة؛ حيث قال رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم -: ((ما بين بيتي ومِنبَري روضة مِن رياض الجنة))، وهناك العديد مِن أقوال النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المدينة والمسجد النبوي الشريف، وقد قال رسولنا - صلى الله عليه وسلم - أيضًا: ((لا تُشدُّ الرِّحال إلا إلى ثلاثة مساجد، مسجدي هذا،والمسجد الأقصى، والمَسجِد الحَرام))، وللمسجد النبوي أهمية دينيَّة كبيرة؛ حيث يؤمُّها ملايين الزائرين كل عام مِن جميع أنحاء العالم.

 

ثمَّ ردَّت "ريم" بلهفة وشوق قائلةً: كم حديثك جميل يا جدَّتي! ولكنْ أخبِريني كيف أزور المسجد وقبْر الرسول - صلى الله عليه وسلم - وماذا يُتطَلَّب منِّي أن أفعل؟

 

فأجابت الجدَّة بوقار قائلة: عليك - يا عزيزتي - وعلى كل زائر أن يأتي بالأدب والوقار، وأن يكونوا مُرتَّبي المظهَر، ونظيفي البدَن والقلب، ومتوضئين ومُتطهِّرين، ثمَّ علينا حين الدخول إلى المسجد أن نُصلي على الرسول - صلى الله عليه وسلم - ثم نصلِّي ركعتَين تحيةً للمَسجِد، ثمَّ نتوجَّه إلى قبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - ونُسلِّم عليه قائلين: السلام عليك أيها النبيُّ ورحمة الله وبركاته، والسلام عليك يا خير خلْق الله، السلام عليك يا حبيب الله، السلام عليك يا سيِّد المُرسَلين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنَّ محمَّدًا عبدهُ ورسولهُ، ومِن بَعدهِ نُسلِّم على أبي بكر، ثمَّ على عُمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - ثمَّ نَستقبِل القِبلَة ونَتلوا الدَّعوات، وفي الرَّوضة الشريفة أيضًا نُكثِر مِن التلاوة والدَّعوات.

 

وحينما أكملت الجدَّة حديثها بادرتها قائلةً: حقًّا يا خالَتي حديثك مثل العسل، ولم أَعرِف - سابقًا - أنك تَملِكين كل هذه المعلومات الرائعة عن مدينتِنا المُنوَّرة.

 

فأجابت الجدَّة قائلة: بل أعرف المزيد، وسوف أُخبر "ريم" كل يوم عن معلومات جديدة؛ لتَعرِف المزيد عن مدينتنا وعن رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - وعن دينِنا العَظيم.

 

فأجبتُها قائلةً: باركَ الله فيكِ يا خالَتي، أنا مُتأكِّدة أنَّ "ريم" قد استفادتواستمْتعَت بحديثك وترغَب في معرفة المزيد، أليس كذلك يا "ريم"؟

 

فبادرَتْ "ريم" على الفور قائلة: بلى يا أمي، ويا جدَّتي العزيزة، لقد استمتعْتُ جدًّا بحديثك، وأرغب كثيرًا في أن أعرف المزيد، وآسِفة يا أمي؛ لأنَّنا تركْناك وحْدِك لتَعملي الكَعكَة، فحديث جدَّتي كان مُشوِّقًا، ونَسيتُ أن أُساعِدكِ، فهل ترغبين أن أساعدك بشيء؟

 

فأجبتها قائلةً: لا يا حبيبتي، لقد انتهَيت مِن كل شيء؛ مِن الغذاء، ومِن كعكتكِ، ولم أَشعُر بالوقت؛ حيث استمتعْتُ أنا أيضًا بحديث جدَّتك، والآن اذهَبي مع جدَّتك إلى غُرفتك؛ لتَختاري ثوبَك الذي سوف تَلبسينه اليوم؛ فبعد قليل سوف يعودون مِن المسجد وبعد الغذاء سوف نقوم بنُزهتنا - إن شاء الله.



فردَّت "ريم" بلهفة وفرح قائلة: حسنًا يا أمي، وهيا يا جدَّتي، أريدك أن تُساعديني في اختيار الثوب لهذه المُناسَبة.



فردَّت الجدَّة بابتسامة قائلةً: هيَّا يا عَزيزتي.



وبعد الغداء استعددنا جميعًا للقيام بالنزهة، وأخذْنا معنا كل المتطلبات لهذه المناسبة، وتوجَّهْنا نحو المُتنزه بقلوب عامرة بالسعادة، وعندما وصلْنا اخترنا مكانًا هادئًا ورائعًا، فانشغلْتُ أنا والجدة بالتَّحضير والترتيب، وجلَس الجدُّ ووالد "ريم" يتداولان الأحاديث مستمتعين بالنزهة، وهرع أحمد وفهْد ليلعبا مع الأولاد؛ حيث كان الأطفال مُنتشرين في المتنزه على شكل جماعات، الأولاد مع الأولاد، والبنات مع البنات، كلُّ جماعة مَشغولة بلعبتها المفضَّلة.

 

وهرعت صديقات "ريم" حولها ليُسلِّمنَ عليها وصَمَّمنَ على أن تطلب مِنهنَّ "ريم" أيَّ طلب؛ ليُلبُّوا لها طلبها.

 

فأخذت "ريم" تُفكِّر، ثمَّ وجَّهت الحديث لي قائلةً: أمي، هل جلبتِ العنب معك؟

 

فأجبتها قائلةً: بالتأكيد يا حبيبتي، فقد جلبْتُ الفواكه ومِن ضمْنها العنب الطازج.

 

فردَّت "ريم" بفرح قائلة: حسنًا - يا أمي - فعلتِ، أرجو أن تُعطي لكل زميلة مِن زميلاتي عُنقود عِنب.



فأجبتُها وأنا أُخرِج عناقيد العنب قائلةً: "على عيني يا حبيبتي أنتِ وزميلاتك، تعالَين يا حبيباتي وخُذْنَ العناقيد.

تقدَّم زميلات "ريم" لأخْذ العناقيد وهنَّ مُستغرِبات مِن طلب ريم، وأنا أيضًا استغربتُ مِن هذا الطلب!

 

ثم ردت "ريم" بسعادة قائلة: والآن يا صديقاتي، أريد أن تُنشِدوا لي أنشودة عِنبي يا عنبي يا عنابي، فرح البنات بطلب "ريم"، وسحبْنَ "ريم" بكُرسيِّها وقمن بعمل حلقة حول كرسيِّها، ووضعنَ "ريم" في المنتصف، ثمَّ أخذْن يَدُرْنَ ويلففن حولها وفي أيديهنَّ عناقيد العنب، ويُنشِدنَ لها قائلين:

"عنبي يا عنبي يا عنابي..

يا هدية مِن أرض أحبابي..

عنب المدينة يا أخواتي..

عناقيد بتلْمع وتلالي..

يا ريت يا "ريم" نكون عصافير..

نفرد جناحنا كده.. ونطير..


ثم أخذت "ريم" تُنشِد وتُردُّ عليهنَّ قائلةً:

على المزارع والبساتين..

نأكل عنب ونعيش طايرين..

ذوقي يا "ريم" عنباية..

وأنت ذوق منو على الريق..

يا سلام عليه.. حلو للغاية..

وطعموا والله يبل الريق..

يا ريت يا"ريم"نكون عصافير..

نفرد جناحنا كده.. ونطير..

فترد "ريم" قائلة:

على المزارع والبساتين..

نأكل ونعيش طايرين..


واستمرت زميلات "ريم" هكذا يلعبْنَ ويمرحْنَ طوال الوقت مع "ريم" في المتنزه.

 

وكانت الفرحة تَملأ قلب "ريم" وهيوسط عائلتها وصديقاتها، راجيةً مِن الله أن يُلهمها دائمًا الإيمان والصبر والقَناعة والرضا، وهي في غاية الفرح والسعادة، وتَنتظِر زيارة المسجد النبوي الشريف في الجمعة القادمة - بإذن الله.



[1] حازت القصَّة على الجائزة التشجيعيَّة في المسابقة الإبداعية لكتابة القصة للأطفال عن المدينة المنورة (2011).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • دروس من الهجرة النبوية
  • دروس من الهجرة النبوية
  • هل أتاك نبأ الهجرة؟
  • الهجرة: دروس وعبر
  • المدينة المنورة .. عمق الماضي وأصالة الحاضر
  • نور وسموم الغربة

مختارات من الشبكة

  • الحكاية الشعرية: حكايات أحمد شوقي نموذجا(مقالة - موقع د. أحمد الخاني)
  • مع العشر الأواخر لنا حكايات(مقالة - ملفات خاصة)
  • حكاية سراج المدينة ( قصيدة )(مقالة - حضارة الكلمة)
  • المدينة المنورة: أمير المدينة يرعى الحفل الختامي لمسابقة الأمير نايف لحفظ الحديث النبوي(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير: (ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة ورزق كريم)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ما حكم قول (رمضان كريم)؟(مقالة - ملفات خاصة)
  • كتابية الشعر وتحولات البناء لأحمد كريم بلال(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • حكم قول رمضان كريم (PDF)(كتاب - ملفات خاصة)
  • تفسير: (قالت يا أيها الملأ إني ألقي إلي كتاب كريم)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وكنوز ومقام كريم)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 24/11/1446هـ - الساعة: 12:14
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب