• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    التأويل بالحال السببي
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    الشرح الميسر على الآجرومية (للمبتدئين) (6)
    سامح المصري
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الحال لا بد لها من صاحب
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية النكتة رؤية تداولية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الإعراب لغة واصطلاحا
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    مفهوم القرآن في اللغة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / أدبنا / دراسات ومقالات نقدية وحوارات أدبية
علامة باركود

قراءة في كتاب الموجز في تاريخ البلاغة لمازن المبارك: ملخص لأهم معطيات الكتاب

صارة اضوالي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 30/10/2016 ميلادي - 28/1/1438 هجري

الزيارات: 83717

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

قراءة في كتاب "الموجز في تاريخ البلاغة" لمازن المبارك

ملخص لأهم معطيات الكتاب


يتناول هذا المقالُ أولياتِ نشوء علم البلاغة ومراحل تطورها، وقد ارتأينا في هذا الصددِ أن نقدِّم ملخصًا يشمل أهم محطات هذا العلمِ وطفراته، مستعينين في ذلك بكتاب: "الموجز في تاريخ البلاغة"، لصاحبه مازن مبارك، لاستيفاء الغرض، ولعل قارئنا الكريمَ سيلاحظ أن ثمة كتبًا أخرى لبَّتْ المقصد، وتحدَّثت باستفاضة عن موضوع مقالنا، مثل كتاب شوقي ضيف: "البلاغة تطور وتاريخ"، و"المختصر في تاريخ البلاغة"؛ لعبدالقادر حسين، إلا أن اختيارنا لكتاب مازن مبارك عائدٌ إلى صِغر حجمه ووضوح مباحثه؛ مما يُشجع على قراءته مراتٍ عديدة، والعودةِ إليه كلما سنحت الفرصة لذلك، ولا يعني هذا الأمرُ أننا في غنًى عما أُلِّف في هذا الغرض أساسًا؛ وإنما حاجة الطالب، وهو في أولى خطواته، تشتدُّ إلى مثل هذه الكتب الموجَزة؛ لما تقدِّمه من زبدات وعصارات فكرية، لا سيما لمثل هذه المواضيع التي تتطرق إلى نشأة علم من العلوم، وتصف الأشواطَ التي قطعها عبر التاريخ.

 

ولم يكن قصدنا، في بادئ الأمر، إلى نشر هذا الملخص، ولكن حرصًا منا على تعميم الفائدة، عزمْنا على إرساله إلى منبر الألوكة الرائد؛ لِتُشاركَنا هذا العملَ مشكورةً مأجورة على صنيعها الحسن.

 

ويحسُنُ بنا، في هذا المقام، أن نعرض فصول الكتاب كما جاءتْ فيه، مع زيادتنا بعضَ الأمور؛ مثل تحديد القرون التي طرأت فيها بعضُ التغييرات على علم البلاغة، وإن كانت تواريخ وفَيَات الأعلام (أي: أعلام البلاغة) تُغنينا عن ذكر هذه المسألة. وقد تجاوزنا في هذا الملخص مقدمةَ الكتاب وخاتمته، وركَّزنا على ما يحقق المبتغى، ويبلغ المسعى، على أمل أن تكون فكرة الملخص قد وصَلتْ إلى زملائنا الطلبة والقراء عمومًا، والله الموفِّق لما فيه الخير والصواب.

 

فصول هذا الكتاب هي:

البلاغة عند العرب.

البلاغة في ظلال القرآن.

البلاغة في كتب اللغة والأدب والنقد: القرن الثاني والثالث.

البلاغة في كتب النقد: القرن الرابع والخامس.

عصر النضج والازدهار: القرن الخامس.

نحو الانحراف والجمود: ابتداءً من القرن السابع.

 

توطئة:

لا شك في أن الغموض ما زال يسُود ظروفَ نشأة البلاغة العربية عند العرب باعتبارها علمًا من علوم اللِّسان؛ لذلك يصعُب من هذا المنطلق أن تُضبط بتاريخ معيَّن، أو تُنسَب إلى مفكر واحد، كما هو الحال بالنظر إلى العلوم الأخرى؛ وإنما هي في الحقيقة عمليةٌ تدريجية بطيئة، تضافرت على حدوثها عواملُ مختلفة، وتياراتٌ متنوعة.

 

إبان العصر الجاهلي:

ولكن الذي يمكن قوله، عمومًا، في هذا الشأن، هو أن البلاغة عند العرب قديمةٌ قدمَ الأدب بشعره ونثره، ولعل أقدم ما وصل إلينا كاملًا من العربية يعود إلى العصر الجاهلي؛ فقد عرَف هذا العصرُ شعراءَ كثيرين وخطباء وبُلغاء، تميَّزوا بحسن البيان، وبقدرتهم على تذوق الكلام العربي، والاهتداءِ إلى مواطن الحُسن والقبح فيه، وبلَغوا مكانة رفيعة في البلاغة والبيان، وهذا ما تدل عليه مجموعُ الملاحظات النقدية والأحكام الفِطرية غير المعلَّلة التي صدَرت عن كثير من شعراء الجاهلية في الشعر؛ أمثال النابغة.

 

إن البلاغة في هذه الفترة كانت أمرًا فُطر عليه العرب، وهَدَتْهم إليه سليقتُهم، وعشقته نفوسهم، وألِفتْه ألسنتُهم وآذانهم، وعليه؛ لا يستطيع المتتبِّعُ لها أن يجد فيها كلامًا يبيِّن عناصر البلاغة وشروطَها وقواعدها، كما سيحصل لاحقًا.

 

البلاغة في ظلال القرآن:

من أهم العوامل التي ساعدت على تطور البلاغة العربية وازدهارِها: القرآنُ الكريم؛ هذا الكتابُ العظيم الذي تحوَّل إلى أصلٍ استقطَبَ العديدَ من العلوم العربية الإسلامية، ومنها علم البلاغة؛ فقد كان الجدل الذي نشأ خاصةً حول القرآن وإعجازه - من الحوافز الباعثةِ على التساؤل عن أسباب تفاضُلِ الكلام وأسس بلاغته؛ مما أسفر عن قيام عدة دراسات تتسابقُ إلى بيان وجوهِ هذا الإعجاز مُثمرةً رؤى ونظريات وأفكارًا متراميةَ المدى والجنى.

 

ومع ما طرأ على البلاغة من تطورٍ إبان صدر الإسلام، فإننا لا نجد اختلافًا كبيرًا مقارَنة مع ما كانت عليه في العصر الجاهلي؛ إذ ظل العرب يَجْرُونَ في أساليبهم على الطبع والسليقة، ويُوفُونَ الكلام حقَّه بحسب ما يقتضيه المقام.

 

وكما كانت البلاغة شديدةَ الصلة بموضوع إعجاز القرآن، فتناولتها كتبُ الإعجاز خاصة، والكتبُ القرآنية عامة، كذلك كانت متصلةً باللغة والأدب والنقد، فقلَّ أن يخلوَ من الإشارة إلى موضوعاتها كتابٌ من كتب اللغة والأدب والنقد.

 

البلاغة في كتب اللغة والأدب والنقد:

• القرن الثاني:

وحسْبُنا أن نُلقيَ نظرة في كتاب سيبويه (180هـ)، فإننا لواجدون فيه من الإشارات ما دخَل فيما بعد تحت مسمى البلاغة، ولكنَّ كلام هذا الرجل يختلف عن كلام البلاغيِّين الذين عرفوا المصطلحات والتقسيمات فيما تأخَّر من القرون، على أن كتاب سيبويه ليس كتابَ نحو فقط كما هو مشهور؛ إذ لم يكن النحو آنذاك منفصلًا عن بقية علوم العربية؛ وإنما كان جزءًا منها.

 

• القرن الثالث:

ثم جاء الجاحظ (255هـ) بمصنفاته؛ خاصة كتابيه البيان والتبيُّن (أو التبيين) والحيوان، لينقل إلينا أحاديثَه المسهبة عن البلاغة؛ فنجد لموضوعات البلاغة والفصاحة والبيان صدى قويًّا في أقواله؛ إذ تعرَّض لتعريفات البلاغة عند أُممها، كما أثار بعضَ القضايا البلاغية العامة؛ كالعيوب اللسانية، والفنون البيانية؛ كالمجاز والتشبيه والبديع والاستعارة وغيرها، وعلى كثرة ما كتبه الجاحظُ في البلاغة لم يكن يُعنى بوضع المصطلحات، أو صياغة الحدود والتعريفات؛ وإنما كان أديبًا بليغًا بطبعه وعقله وذوقه، وبسبب ما تقدَّم من الكلام، عُدَّ الجاحظ، في نظر كثيرين، مؤسسًا للبلاغة العربية ورائدًا لها.

 

وظهر، بعد ذلك، كتابُ أبي العباس المبرد (285هـ) "الكامل في اللغة والأدب"، وهو على الرغم مما يدل عليه اسمُه، غيرُ مقصور على اللغة والأدب؛ وإنما تناوَلَ كثيرًا من المسائل البلاغية مما يتصل بمبحث المعاني؛ كالإيجاز والإطناب والمساواة، وخروجِ بعض الأساليب عن مقتضى الظاهر، ومبحث البيان؛ كالتشبيه الذي أفرَدَ له بابًا أطال فيه الحديث عنه، والكناية وغيرها من الفنون، والحقيقة أن هذا الكتابَ جمَع ثروةً بلاغية قيِّمة، أفاد منها من جاء بعد أبي العباس من العلماء، ولا ننسى أن للمبرد رسالةً عنوانُها "البلاغة" كتبها ردًّا على رسالة بعَث بها إليه الخليفةُ الواثق يسأله فيها عن أي الفنين أبلَغُ: النثر أم الشعر؟

 

والملاحَظ على الكتب التي مرَّت معنا أن البلاغة لم تكن قد وصلت بعدُ إلى مرحلة التأليف البلاغي؛ وإنما هي في الحقيقة مرحلة تمهيد للتأليف البلاغي، أما القاطرة الأولى من البحث البلاغي، فسيقودُها عبدالله بن المعتز (296هـ) في كتابه "البديع"، كما أشار إلى ذلك صاحب كتاب "الموجز في تاريخ البلاغة"، على أن كتاب "البديع" سبقته بعضُ التأليفات التي بحَثَت في عربيَّة القرآن وجمالياته؛ ونقصد بها "معاني القرآن" للفراء (207هـ)، و"مجاز القرآن" لأبي عبيدة معمر بن المثنى (210هـ)، وقد كان لهذين الكتابين عظيمُ الفضل والأثر في تمهيد أمرِ دخول القرآن إلى الدراسات اللغوية البلاغية والنقدية الأدبية.

 

البلاغة في كتب النقد:

تمخض عن الصراع الذي دار حول قضية تجديد الشعر العربي بروزُ فئتين من أنصار الشعر؛ فئةٌ محافظة ترى البلاغة والجمال في الشعر القديم بكل مواصفاته وتقاليده، وفئةٌ تأثَّرت بالثقافات الوافدة من منطق وفلسفة.. ترى البلاغة فيما استحدثه الشعراءُ المولَّدون؛ أمثال أبي نواس وأبي تمام، وبشار بن برد، وأمام هذا الجدلِ المرير برَز من فئة المحافظين الشاعرُ عبدالله بن المعتز متصديًا لأنصار المذهب المعاكس ومفنِّدًا زعمَهم في كتابه "البديع".

 

عاش ابن المعتز في عصر الخصومة والصراع بين أنصار القديم وأنصار الحديث، وقد كان تكوين ابن المعتز الأدبيُّ والشعري واللغوي، وحسُّه الذوقي المرهف - عُدَّةَ محاربٍ مؤهل للخوض في هذه المعركة والدفاع عن الشعر القديم الأصيل.

 

لقد وضع ابن المعتز نصب عينيه بلاغةَ الشعر العربي وجمالياته؛ لذلك تناول بعض مسائلها تناولًا نظريًّا، واختصها بكتاب ميَّز فيه بين أبوابها، على غرار الكتب التي تقدَّمتْه؛ فلم تكن تشير إليها إلا وهي بصدد مجال بحث أوسع من البلاغة في حد ذاتها، لغويًّا كان هذا المجال أم قرآنيًّا، وبهذا كان له فضل السبق إلى إبراز هذا الفن ودفعه إلى الاستقلال، ولم يفُتِ ابنَ المعتز أن ينبه على سبقه إلى جمع فنونه قائلًا: "وما جمع فنونَ البديع ولا سبقني إليه أحدٌ" (ص: 1).

 

وقد أشرنا فيما مضى إلى أن دعوى الكِتاب تقوم على إبطال زعم المحدَثين القائلين بسبقهم إلى استحداث فنون البديع وفضلهم على المتقدمين، فيردُّ عليهم هذا الرجلُ قائلًا: "وإنما غرضُنا في هذا الكتاب تعريفُ الناس أن المحدَثين لم يسبقوا المتقدِّمين إلى شيء من أبواب البديع" (ص: 3).

 

ميز ابنُ المعتز في كتابه بين "البديع" وموضوعات بلاغية أسلوبية أخرى، سمَّاها "محاسن الكلام"؛ أما البديع عنده، فهو عبارة دالة على خمسة أبواب، هي: (الاستعارة، والتجنيس، والمطابقة، وردُّ العجُز على الصدر، والمذهب الكلامي)، والمراد عنده بمحاسن الكلام الفنونُ البلاغية الآتية: (الالتفات/ الاعتراض/ الرجوع/ حسن الخروج/ تأكيد المدح بما يُشبه الذم/ تجاهل العارف/ الهزْل الذي يراد به الجِد/ حسن التضمين للشعر/ التعريض/ الكناية/ الإفراط في الصفة/ حسن التشبيه/ إعْنَات الشاعر نفسه في القوافي/ حسن الابتداء).

 

وجديرٌ بالتنبيه إلى أن عناية ابن المعتز بالبديع لم تكن تعني عنده الدعوةَ إلى الإكثار منه؛ فخيرُ الشعر عنده ما يأتي فيه نادرًا من غير تكلف ولا تصنُّعٍ؛ حتى يزداد حظوة من الكلام المرسل، ويبدو موقفُه من إكثار البديع عند حديثه عن أبي تمام الذي شُغف بالبديع شغفًا حدَا به إلى الإفراط من استعماله، فأحسَنَ في بعض ذلك وأساء في بعضٍ، وتلك عقبى الإفراط وثمرة الإسراف (ص: 1).

 

كانت عمدةَ ابن المعتز في نُصرته لمذهب المحافظين، والمنوهين بجودة الشعر العربي القديم - أصالةُ طبعه، ورهافةُ ذوقه، وجودةُ أدبه وشعره، وما كان دفاعه على الشعر القديم ليشتدَّ لولا سَعَةُ اطلاعه، ومعرفتُه الجمة بجمالية أساليبه، وسمو تعابيره وتراكيبه، إلا أننا سنجد من النقاد من تشبَّع بثقافة اليونانيين الوافدة، مما سينعكس، بوضوح، في عمله ومنهج تناوله للشعر؛ وهو قُدامة بن جعفر (337هـ) في مصنفه "نقد الشعر".

 

• القرن الرابع:

أول ما يطالعنا في كتاب قُدامةَ منهجُه الذي يعتمد المنطق، ويقوم على الحدود والتعريفات، ويُولِي عنايةً خاصة للتقسيم والتحليل، ويعنينا من ذكر كتاب قدامة خلال مسيرة تطور الدرس البلاغي عنايتُه بكثير من المباحث البلاغية التي تُعَدُّ، في نظره، شروطًا إلزامية للأسلوب إذا أُريدَ له بلوغ مرتبة الجودة والجمال، وهذه المباحثُ تتوزع على الأقسام التي آلت إليها البلاغةُ لاحقًا؛ البيان والمعاني والبديع؛ ومنها: التتميم/ الإيغال/ المساواة/ التشبيه/ الاستعارة/ الإرداف/ التصريع/ السجع/ الجناس...

 

وإذا كان قدامة بن جعفر قد سلك طريقة الحدود والتعريفات والتقسيمات في كتابه المذكور آنفًا، فإن جولة سريعة في الكتب التي بزغت إلى الوجود بعده، تعيدنا إلى البلاغة ممتزجةً بروح النقد والأدب؛ إذ لا مندوحة لأحدهما عن الآخر؛ فلا يقوم نقدٌ بلا بلاغة؛ لأنها عنصر من عناصره، ولا تقوم بلاغة بلا أدب؛ لأنها به تحيا وتظهر، وبمعارضه تحلو وتشرق.. وهذه الكتب مما اشتهر في تاريخ النقد الأدبي؛ كـ"عيار الشعر" لابن طباطبا العلوي (322هـ)، و"الموازنة بين الطائيين" للآمدي (371هـ)، و"الوساطة بين المتنبي وخصومه" للقاضي الجُرجاني (392هـ).

 

يكثُر الحديث في هذه الكتب عن شتى الفنون البلاغية؛ من استعارة وتشبيه وجناس وطباق... وعما يُستحسن من هذه الفنون وما يُستقبح، كما يكثُر الحديث فيها عن الصور البيانية وما بينها من تشابهٍ أو تفاوت على اختلاف بين الشعراء، والحديثُ عن هذه الفنون يحضر لأغراض نقدية، كما أشرنا، بالدرجة الأولى؛ وبهذا تقوم هذه الفنون مقامَ المعايير والمقاييس التي يحتكم إليها الناقدُ بهدف المفاضلة ورصد مواطن الجودة والرداءة في الإنتاجات الأدبية.

 

• بين القرن الرابع والخامس:

واستنادًا إلى ما سلف ذكره، يمكن القول بأن التأليفات السابقة ليست خالصة في مجال البلاغة بوصفها علمًا مستقلًّا ذا كيانٍ خاص بين علوم العربية، وعليه؛ فإن الوقوف عند الكتب التي تلتها، تطالعُنا على أنها اتخذت من فنون الكلام، شعره ونثره، موضوعًا لها؛ مثل كتاب "الصناعتين: الكتابة والشعر" لأبي هلال العسكري (395هـ)، وكتاب "العمدة في صناعة الشعر ونقده" لابن رشيق القيرواني (463هـ)، وكتاب "سر الفصاحة" لابن سنان الخفاجي (466هـ).

 

وقد تناول كلٌّ من هؤلاء فنونَ البلاغة والقضايا المتصلة تناولًا يكشف عما يحتاجه الفن أو الصناعة من عوامل الحسن وشروط الجودة؛ أما العسكري، فيذكُرُ في مقدمة كتابه الدافعَ الذي دعاه إلى وضعه، وهو منزلة علم البلاغة من بقية العلوم، وفضله في معرفة إعجاز كلام الله تعالى في المقام الأول، وما يتحصل به من منافعَ في تجويد المتكلِّم لغتَه، وتمييز جيد الكلام من رديئه.

 

وهذا الكتابُ مؤلَّف من عشرة أبواب، منقسمة على ثلاثة وخمسين فصلًا، اشتملت على عدد من القضايا البلاغية؛ منها: تحديد موضوع البلاغة/ تمييز جيد الكلام من رديئه/ معرفة صنعته/ حسن الأخذ وقبحه/ الإيجاز/ الإطناب/ التشبيه... على أن العسكري لم يبخس حقَّ سابقيه من الفضل والنفع والذكر في سبقهم إلى كثيرٍ مما أثاره في كتابه، ولا سيما الجاحظ في كتابه البيان والتبيين، وابن المعتز، وقدامة.

 

أما "العمدة" لصاحبه ابن رشيق القيرواني، فلا يخلو من الحديث عن العديد من أبواب الفنون البلاغية والقضايا النقدية، واستيعاب لمجملها، ولأقوال المتقدمين فيها؛ لذلك نراه يُفرِد لكلٍّ من البلاغة، والمجاز، والتشبيه، والتمثيل، والتجنيس، والمقابلة، والمبالغة، والالتفات وغيرها... أبوابًا مسهبة، وعليه؛ فإن عمدة ابن رشيق تصلح أن تكون مرآةً لما وصل إليه علمُ البلاغة حتى عصر مؤلفها.

 

وبرزت بعد ابن رشيق القيرواني فضائلُ ابن سنان الخفاجي في كتابه "سر الفصاحة"؛ حيث أبان عن أفكاره وآرائه في أثناء حديثه عن البلاغة، ومما تعرَّض إليه ابنُ سنان تفريقُه بين الفصاحة والبلاغة؛ على اعتبار أن الأُولى من عوارض الألفاظ، بينما الثانية من عوارض المعاني، وكان لهذا الرأيِ صداه في المؤلفات التي أتت بعده، كما عقَد صاحب "سر الفصاحة" للأصوات مبحثًا، وبحثها من جهة مخارجها وصفاتها بحثًا جيدًا، مستعينًا بجهود علماء اللغة والتجويد ممن سبقه.

 

إضافة إلى ما سبق، استعرض الخفاجيُّ أقوال متقدِّميه في البلاغة، وناقش ووازن، وفاضَلَ بين مصطلحاتها وبين ما تحمله من أفكار ولفتات بلاغية، وتناول عددًا من القضايا البلاغية بالحديث والشرح، فكان في كل ذلك عالمًا متميزَ الرأي واضحَ الشخصية.

 

عصر النضج والازدهار:

• القرن الخامس:

لقد آل البحث البلاغي في القرن الخامس الهجري إلى مرتبة سامية من النضج والإحكام على يد عبدالقاهر الجُرجاني (471 أو 474هـ) في كتابيه: "دلائل الإعجاز" و"أسرار البلاغة".

 

ينوه الجرجانيُّ في كتابه الأول بقيمة العلم وفضائله؛ بوصفه سبيلًا إلى الشرف ودليلًا على الخير، ثم يخص علمَ البيان بالنبل والمزية على الرغم مما لقيه من ضيم وحيف؛ لأن معرفته توصل إلى معرفة دقائقَ ولطائف بها يتبوأ الكلامُ مراتبَ الاستحسان، ومنها تُدرَك أسرار إعجاز القرآن، وينكر الجرجانيُّ على تلك الطائفة التي غلطت في فهم النحو وقلَّلت من شأنه؛ مع أن كثيرًا من أبواب البلاغة متوقفةٌ عليه، بَيْدَ أن البلاغة برمتها متأسسةٌ على نواميسه، قائمةٌ على أصوله ومعانيه.

 

ويأخذ الجرجاني بأيدينا ليطلعنا على أن سر الفصاحة مطمورٌ في "النظم"، وكامن في ارتباط الكلام وأخذِ بعضه برقاب بعض، وليس يقصد بالنظم توالي الألفاظ من جهة حروفها وأجراسها؛ وإنما ما ينجم عنها من ترابطٍ في معانيها، واتساقٍ في دلالاتها.

 

وبهذا لم يوجب الجرجاني للَّفظِ المفرد المرفوعِ من سياقه أيَّ مزية؛ لسبب وجيه، وهو أن قيمة اللفظ تتحدد بما يجاوره من ألفاظ أخرى، فلا حكمَ بالإيجاب ولا بالسلب للكلمة المفردة؛ وإنما العمدة في ذلك مجراها من السياق، ومكانُها من النظم والكلام.

 

والجرجاني في كتابيه الدلائل والأسرار حريصٌ على ترديد تلك الأفكار؛ لأنها المقدمات الصحيحة، والمنطلقات المعرفية الضرورية لبيان وجوه إعجاز الكلام الربَّاني، وأسباب تفوُّقه وعلوه وسموه على الكلام البشري، وهو في ذلك كله استطاع أن يرسي أسسَ علم المعاني في "دلائل الإعجاز"، مسهبًا كلامه على عدد من أساليبه؛ كالتقديم والتأخير، والاستفهام، والنفي، والحذف، والفصل والوصل... كما تضمن كلامه بعض المباحث البيانية بوصفها ضربًا من ضروب التركيب، وفيها تجلو الصور ويحسن التأليف؛ كالاستعارة والكناية والمجاز والتمثيل، على أساس أن هذه الهيئات التركيبيةَ يصدُقُ عليها من مبادئ النحو ما يصدق على غيرها من أنواع النظم الأخرى.

 

ويواصل جهودَه البلاغية في كتابه "أسرار البلاغة"، الذي خصَّه بعلم البيان، فتعرَّض لجملة من مباحثه؛ كالتشبيه والتمثيل والاستعارة والمجاز، وفصَّل في أقسامها، علاوة على ذلك، حازت بعضُ الفنون البديعية حظًّا من حديث الجرجاني؛ منها: الجناس والطباق، وبيَّن كيف أن لهذه الفنون ارتباطًا بالمعنى على خلافِ ما يتوهَّمه الكثيرون من أن الحسن والقبح فيها لا يتعدى اللفظ، ولم يفُتِ الجرجانيَّ أن ينبه هاهنا على ترك الاستكثار منه، وذم الولوع به، ما لم يأت بنصرة من المعنى مقتضيًا له في الكلام.

 

تبوَّأَ عبدالقاهر منزلةً رفيعة في تاريخ البلاغة العربية؛ فقد استطاع بنفاذة فكره، وحسن تذوُّقِه لأسرار الجمال بالعقل والعلم والمنطق - أن يتجه بالبلاغة العربية نحوَ التقنين، وأن يمازج بين العلم والذوق؛ فحسْبُنا أن نطالع كثرةَ تحليله للأمثلة والشواهد الشعرية والأدبية، لنتيقن أنه لا غنى عن ملكة الذوق في حيز البلاغة.

 

حمَل مشعلَ البلاغة بعد عبدالقاهر الجرجاني الإمامُ المفسر واللغوي النحوي أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري (538هـ)، وقام يحمل عنه عبءَ العمل البلاغي، ويُتم رسالتَه في شرح أسرار الإعجاز القرآني وبيان دقائق الجمال الأدبي؛ فأتى من كل ذلك أكلًا وثمرًا تمثَّل في تفسيره البديع "الكشاف"، ومعجمه العجيب "أساس البلاغة"، وكتابه الرصين في مجال النحو "المفصل".


وقد نزع الزمخشريُّ في مسيرته العلمية منزعَ الجرجاني، فتناول البحث البلاغي تناولًا أدبيًّا وذوقيًّا وعقليًّا ومنطقيًّا بدافع استكشاف أغوار القرآن العظيم، والوقوف على لطائفه وبدائعه ودقائقه البيانية؛ لذلك كان يعتقد أن تفسير القرآن لا يقوم إلا بمعرفة علمَي المعاني والبيان، وهما علمانِ ضروريان لكل من أراد ولوجَ بوابة التفسير مهما كان مبلغه من العلوم الأخرى.

 

البلاغة عند المتأخرين:

• القرن السابع:

وبعد عصر عبدالقاهر بكثير، قامت تظهر بوادرُ الجمود والانحراف، وتفتُرُ مكانةُ الذوق والحس في البلاغة وفي تقويم آيات الجمال الأدبي؛ فلم تعد البلاغة قائمة إلا على أساس التفريعات، وكثرة التقسيمات، ووفرة الحدود والقوالب الجامدة، مما تسبَّب في فقدانها لكثير من المقومات الأدبية، والأسرار الجمالية.

 

ولعل أبا فخر الرازي (606هـ) أول من ابتدأ هذه الحلقة بتلخيصه كتاب "دلائل الإعجاز" تلخيصًا أخذ يبتعد بالبلاغة عن النصوص، ويقترب بها من الحدود والتعريفات، ثم بلغت النهاية على يد أبي يعقوب السكاكي (626هـ) في كتابه الجامع لعلوم العربية: "مفتاح العلوم".

 

لقد قسم السكاكي كتابه إلى أقسام ثلاثة؛ فخص الأول منها بالصرف، والثاني بالنحو، أما الثالث، فهو للبلاغة، وتعُودُ القسمةُ الثلاثية (البيان، المعاني، البديع) لعلم البلاغة إلى السكاكي نفسِه، وقد أصبحت، فيما بعد، الأساسَ المتبَع والتقسيم المعتمد عند باقي العلماء إلى يومنا الحاضر.

 

وبقي مصنَّف السكاكي مدارًا للتأليف البلاغي، والتلخيص والإيضاح، ومن أبرز الذين تولَّوا مهمة الشرح والإيضاح الخطيب القزويني (739هـ)؛ حيث ألف كتاب "تلخيص المفتاح"، و"الإيضاح"؛ أما الأول، فقد سعى صاحبُه إلى تلخيص كتاب المفتاح، ولما وجد أن الملخص لا يفي بالغرض - لما زاده فيه عن المطلوب - عمَد إلى وضع كتاب الإيضاح.

 

تعريف كل فرع من فروع علم البلاغة:

• علم البيان: هو فرع من فروع البلاغة، ويُقصد به الأصول والقواعد التي يُعرف بها إيراد المعنى الواحد بطرقٍ متعددة، وتراكيبَ متفاوتة، من الحقيقة والمجاز والكناية.

• علم البديع: علم يُعرف به وجوه تحسين الكلام، ومن المحسنات البديعية: الطباق، المقابلة، الجناس.

• علم المعاني: علم يبحث في أحوال اللفظ العربي التي بها يطابق مقتضى الحال، مثل: الحذف والذكر، الفصل والوصل، الاستفهام، والتمني، والنداء، والشرط، والقصر.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الموجز من علم مصطلح الحديث
  • تلخيص لأهم الأعلام ومؤلفاتهم من كتاب الموجز في المراجع والتراجم لمحمود الطناحي
  • بلاغة النصح في كتاب "يا بني" للكاتب ربيع السملالي
  • قراءة في كتاب "الجامع لإعراب جمل القرآن" للأستاذ الدكتور أيمن عبدالرزاق الشوا

مختارات من الشبكة

  • قراءة موجزة حول كتاب: قراءة القراءة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • قراءة مختصرة لكتاب: النهضة بين الحداثة والتحديث - قراءة في تاريخ اليابان ومصر الحديث (1)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • ملخص مفاهيم القراءة بقلب(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • أهمية القراءة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • كيف نقرأ التاريخ؟ قراءة التاريخ لغير المتخصصين(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • التوجيه الصوتي للقراءات القرآنية في كتاب "لطائف الإشارات لفنون القراءات" للقسطلاني، الصوامت نموذجا(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • وقل رب زدني علما(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • القراءة المقبولة والمردودة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قياس وتدريبات القراءة بقلب(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • قراءة في كتاب: الشوكولاتة .. التاريخ الكوني(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 23/11/1446هـ - الساعة: 18:47
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب