• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    التأويل بالحال السببي
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    الشرح الميسر على الآجرومية (للمبتدئين) (6)
    سامح المصري
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الحال لا بد لها من صاحب
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية النكتة رؤية تداولية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الإعراب لغة واصطلاحا
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    مفهوم القرآن في اللغة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي
علامة باركود

استصحاب الحال وفق المنظور اللغوي الحديث

حاتم البوعناني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 7/3/2017 ميلادي - 8/6/1438 هجري

الزيارات: 47982

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

استصحاب الحال وفق المنظور اللغوي الحديث


يُعرِّف "ابن الأنباري" استصحابَ الحال في النحو بقوله: (وأما استصحاب الحال، فإبقاء حال اللفظ على ما يستحقه في الأصل عند عدم دليل النقل عن الأصل؛ كقولك في فعل الأمر: إنما كان مبنيًّا؛ لأن الأصل في الأفعال البناء، وإن ما يعرب منها لشبه الاسم، ولا دليل يدلُّ على وجود الشبه، فكان باقيًا على الأصل في البناء)[1].

فالاستصحابُ هو قاعدة أصوليةٌ في الفقه والنحو، فعند عدم وجود دليل شرعي على مسألة ما يُستصحب الأصل، وفي النحو إذا انعدم الدليل السماعي أو القياسي على مسألة ما، فيبقى حال اللفظ على ما يستحقه في الأصل؛ أي: يستصحب أصل الوضع.

وسنعرض في هذه الورقة لدليل استصحاب الحال وَفْق المنظور اللُّغوي الحديث، مركِّزين على محورينِ اثنين:

• ما قام به الدكتور "تمام حسان" في كتابه "الأصول".

• وجهة نظر التصوُّرينِ الوصفي والتحويلي حول الاستصحاب.

 

أ‌- ما قام به الدكتور تمام حسان في كتابه الأصول:

لقد قلَّ مِن المحدَثين مَن تناول هذا الأصل بالبحث والدراسة، على الرغم من أنه من الأدلة المعتبرة؛ كما صرح بذلك ابن الأنباري في لمع الأدلة، والمصدر الوحيد الذي تجد فيه دراسةً موسَّعة لهذا الأصل هو كتاب (الأصول دراسة إبستيمولوجية لأصول الفكر اللُّغوي العربي) للدكتور تمام حسان، فقد عقد له فصلًا كاملًا، مُحللًا إياه ومبينًا لمكانته متوسطًا بين السماع والقياس.

فاعتبر أن أهم ما للاستصحاب من أثر في الدرس النَّحْوي أنه وجّه النحاة إلى التجريد الذي كان قائمًا في أذهان العرب، وهو استخراج المعقول مِن المحسوس، توصُّلًا إلى الهيكل البِنْيوي للنحو، فكان ما سماه أصل الوضع وأصل القاعدة، وما ارتبط بذلك من عدول عن الأصل، وردٍّ إلى الأصل.

 

وعندما عرَض الدكتور تمام حسان لباب الأصل، جعل الأصل "أصل وضعِ" و"أصل قاعدة":

فأما أصل الوضع، فقد قسَّمه إلى أصل وضع الحرف، وأصل الكلمة، وأصل الجملة.

وأما أصل وضع الحرف، فلا يحتاج إلى الاستدلال في الغالب؛ لظهوره ويُسر الوصول إليه والتعرف إليه بوسائل عملية غيرِ نظرية، فليس من العسير مثلًا، ونحن ننطق حرف الميم في محل النون من كلمة "ينبغي" أن نُدرِك أن هذه الميم هي في أصل الكلمة نون، وذلك بالرجوع إلى أصل الاشتقاق وأصل الصيغة، فنجد أن الصوت الذي نطقناه ميمًا يقع موقع نون المطاوعة في أصل الصيغة، فنحكم أن هذا الصوت يرتدُّ إلى أصل هو النون.

 

وإذا أخذنا مثالًا أوضح، فنطق التاء المشدَّدة التي بعد العين المفتوحة التي من (قعتُّم = قعدتم)، فإن الاستعانة بأصل الاشتقاق (القاف والعين والدال)، وأصل الصيغة (فعلتم)، ستكشف لنا بيسرٍ عن أن التاء المشدَّدة هي في الأصل (دالٌ وتاء)، وبذلك نرى أن الكشف عن أصل الوضع ليس بالشيء العسير، لا سيما أن المتكلم له حدس بهذا الأصل.

 

وكذلك الحال بالنسبة لأصل وضع الكلمة، فبالنظر إلى أصل الاشتقاق، وأصل الصيغة، والقواعد الصرفية، يسهل ردُّ الكلمة إلى أصل وضعها؛ مثلًا نستعين في رد (قال) بـ(أقوال وقول)، وبصيغة فعل، ثم بالقاعدة الصرفية التي تقول: "إذا تحرَّكت الواو وانفتح ما قبلها قُلِبت ألفًا"، وهكذا.

 

أما بالنسبة لأصل وضع الجملة، فيمكن تلخيص نمطِها النظري في الذِّكر والإظهار، والترتيب والربط والاتصال...، وإذا ما صادَفْنا عبارةً عربية فصحى لا يتحقّق لها أحد هذه الأمور، حكمنا بأنها معدولةٌ عن الأصل، ومن ثَم تستحق التأويل؛ بحيث تؤول - أي تُرجع - إلى الأصل، فإذا سمعنا الحوار الآتي:

(أ) كيف حالك؟

(ب) بخير.

نأخذ الضمير أنا من الكاف في آخر السؤال، ونعتبر هذه الكاف دليل الحذف، وبذلك يجوز هنا الحذف؛ لأنه "لا حذف إلا بدليل"[2].

 

أما الأصل الثاني أصل القاعدة، فهي تلك القاعدة السابقة على القيود والتفريعات؛ كقاعدة رفع الفاعل والمبتدأ، وتقدُّم الفعل على الفاعل[3].

 

والحقيقة أن أصل الوضع وأصل القاعدة يؤولان إلى معنى واحد؛ حيث يقول تمام حسان - مُوحدًا الغاية منهما -: "سبق أن أصل الوضع تجريدٌ قام به النحاة ليصلوا بواسطته إلى الاقتصاد العلمي...، وتلك نفسها هي الغاية التي يرمي إليها أصل القاعدة"[4].

 

بعد ذلك تطرَّق إلى العدول عن الأصل، وهو الإجراء المقابل لاستصحاب الحال، فهو التحول عن أصل الوضع، وفكرة العدول أصيلةٌ في الفكر النَّحْوي؛ إذ تظهر بوضوح في كتاب سيبويه، فهو يستعمل المصطلح وينقله عن الخليل[5]، ويُشير إلى شيء من صور العدول تحت باب "ما يكون في اللفظ من الأعراض"[6].

 

والعدول على مستوى الحرف يتجلَّى في أن المتكلم يجتنب اجتماع الأمثال، فيفرُّ منه إلى القلب أو الحذف؛ مثال ذلك العدول بحذف أحد مِثْلَي "ظللت" و"أحسست"، فقالوا: ظلْتُ أحسْتُ.

 

أما على مستوى الكلمة، فالمتكلم لا يعتبر بالأصل، بل اهتمامه منصبٌّ على الفرع المستخدم، فهو لا يعي أن الألف في (قال) منقلبة عن واو (قول)؛ وإنما كان أصل الوضع من اختراع النحاة، والعدول عن أصل الكلمة إما أن يكون مطَّردًا أو غير مطَّرد، فإذا لم يكن العدول مطَّردًا يسمى ذلك شذوذًا؛ مثل قول الشاعر:

الحمدُ للهِ العليِّ الأجلَلِ (أي الأجلِّ)


أما إذا كان العدول مطَّردًا، فإنه يخضع لقاعدة تصريفية يُفرد بها؛ مثل قاعدة: "إذا تحركت الواو أو الياء، وانفتح ما قبلها، قُلبت ألفًا"؛ في مثال (قال).

أما على مستوى الجملة، فالأصل في الكلام أن يكون لفائدة.

فالأصول المتعلقة بالجملة هي: الذكر، والإظهار، والوصل، والربط، والرتبة، والعامل، والعدول عن أصل الجملة يكون بالعدول عن أحد هذه الأصول أو أكثر، بالحذف أو الإضمار، أو الفصل، أو التشويش في الرتبة، وغيرها.

وبهذا يتَّضح أن العدول تغيير في اللفظ فقط دون المعنى.

ثم تحدث عن الردِّ إلى الأصل، وجعله مرادفًا للتأويل، فالعدول والرد في الحرف يتقاسَمُهما المتكلم والكاتب؛ ذلك أن المتكـلم يعدل عن أصول الأصوات إلى فروعها؛ لأن الأصول لا تنطق، وإنما تنطق الأصوات وهي الفروع.

 

أما الكاتب في الكتابة، فيردُّها إلى أصلها، فهو لا يرمز في الكتابة إلا إلى أصل واحد مهما تعدَّد نطقه؛ (استصحاب حال الأصل).

 

فالنون في "ينبغي" و"ينفع" و"لن يكون" و"ينقل" عند المتكلم مختلفةٌ من حيث المخرَجُ والتفخيمُ والترقيق، أما الكاتب فيصعب عليه أن يُمثِّل لكل صوت من أصوات النون السابقة برمز خاص، فيكتب كل هذه النونات نونًا واحدة؛ وذلك اقتصادًا للجُهد في الكتابة.

 

على مستوى الكلمة يكون العكس؛ حيث يكون كل مِن المتكلم والكاتب والسامع على وعيٍ بالفرع، دون معرفة الأصل؛ لأن الأصول من تجريدات النحاة وتعليلاتهم، فالعربي عندما ينطق (باع) لا يعرف أن أصلها (بَيَع)، وهكذا.

 

أما على مستوى الجملة، فيمكن الردُّ إلى الأصل بالاستتار، أو الحذف، أو الزيادة، أو الفصل، أو التقديم، أو التأخير، أو الإضمار، وفي كل حالة من هذه الحالات يمكن أن يكون هناك ردٌّ إلى الأصل بصورة من الصور، ففي الاستتار والحذف ترُدُّ الفرع إلى أصله بواسطة تقدير المتغير أو المحذوف؛ فنقول في (زيدٌ قام): إن في (قام) ضميرًا مستترًا تقديره هو يعود إلى زيد، ونقول في (بخير) التي يجاب بها عن (كيف محمد؟) إن المبتدأ محذوف وتقديره (محمد).

 

وقد اعتبر تمام حسان أن أهم أثر لاستصحاب الحال في الدرس النَّحْوي هو أنه دفع النحاة إلى "تجريد الأصول"، حتى وصلوا لِما أسمَوه "أصل الوضع" و"أصل القاعدة"، وما ارتبط بذلك من عدول عن الأصل ورد إلى الأصل بِناءً على قواعد توجيهية مُحدَّدة[7].

حيث يقول: "أما فيما يتَّصل بالاستصحاب، فقد كان على النحاة أن يُجرِّدوا صورًا أصلية لعناصر التحليل النَّحْوي قبل أن يتكلموا فيما إذا كانت هذه الصور تستصحب في الاستعمال أو يعدل عنها".

وعلى كُلٍّ تبقَى هذه محاولةً لعرض ما قام به الدكتور "تمام حسان" في باب استصحاب الحال، وإلا فما جاء في كتابه يتطلَّب تناولًا عميقًا وفحصًا دقيقًا.

 

ب- وجهة نظر التصورين الوصفي والتحويلي حول الاستصحاب:

أولًا: التصور الوصفي:

من البديهي الانطلاقُ من هذا التصور عند استعراضنا للتصورات اللُّغوية الحديثة، فهو نقطة البداية في هذه الساحة، ويتمثَّل هذا المنهج من خلال مؤسِّسه المباشر "دي سوسير"، الذي أكَّد على أن هدف اللسانيات هو دراسة اللُّغة لذاتها، ومن أجل ذاتها.

وبِناءً على ذلك، فهذا المنهج يدرُسُ اللغة دراسةً خالصة، يُنظر معها للأشكال اللُّغوية بصورتها التي هي عليها، فتكون بذلك خالية من أية أفكار ذهنية أو فلسفية.

وإذا ما اعتبرنا أن الاستصحاب جهدٌ عقلي خاضعٌ لمسألة الأصل والفرع، فإنه حسَب المنهج الوصفي يعدُّ منافيًا لطبيعة اللغة، فمسألة البحث حول الأصل والفرع بحث ميتافيزيقي لا يعتمد على مبدأ علمي سليم.

 

ونجد "محمد عيد" صاحب كتاب (أصول النحو العربي في نظر النحاة ورأي ابن مضاء وفي ضوء علم اللغة الحديث)، ينقل عن فيرث Firth قولًا مُؤدَّاه: "المبدأ الأساسي في محاولة التقعيد لأية لغة هو أن يتجنب أي تقسيمات مسبقةa priori calssification، وأن نأخذ بعين الاعتبار المميزات اللُّغوية الموجودة بالفعل".

ويعلق الدكتور عيد بعد ذلك قائلًا: "تلك بصورة عامة مهمةُ مستقرئ اللغة، أن يقف وراء الاستعمال ولا يتجاوزه، وأن يصف ما أمامه ولا يتدخَّل فيه، وأن يُتابع التصور ولا يصادره"[8].

وبذلك فإن ما قام به النحاة مِن وصف وتحليل وتعليل يُعَدُّ أمرًا مرفوضًا حسب المنظور الوصفي، فهذا التصور يصف الظاهرة كما هي دون إيجاد تفسير لها، فلا يبحث بذلك عن الأصل.

 

ثانيًا: التصور التحويلي:

يفترض التصور الذي جاء به "تشومسكي" - في كتابِه التراكيب النَّحْوية - وجودَ بِنْيَتين في كل لغة: بِنْية عميقة وبِنْية سطحية؛ الأولى تمثِّل الجانب الذهني غير المنطوق، في حين أن الثانية تُشكِّل التركيب مكتوبًا ومنطوقًا.

وتعمل القوانين التحويلية على ترسيخ أصلِ الوضع واستصحاب هذا الحال أو ذاك، فتكون بذلك مؤكِّدة للحكم النَّحْوي المستدَلِّ عليه بواسطة استصحاب الحال، ونُمثِّل لذلك بإجازة النَّحْويين العدول عن أصل الرتبة، وذلك في تقديم الخبر على المبتدأ.

يقول ابن عقيل في شرحه على ألفية ابن مالك: "الأصل تقديم المبتدأ وتأخير الخبر؛ وذلك لأن الخبر وصفٌ في المعنى للمبتدأ، فاستحق التأخيرَ كالوصف، ويجوز تقديمه إذا لم يحصل بذلك لبس أو نحوه على ما سيُبيِّن، فتقول: قائم زيد...، وفي الدار زيد، وعندك عمرو".

فالأصل هو صدارة المبتدأ وتأخير الخبر، ويعدل عن الأصل بواسطة قانون الترتيب (التقديم والتأخير)، وذلك لأمن اللبس، فيُقدَّم الخبر على المبتدأ؛ أي: إنهم عدلوا عن أصل الوضع مستصحبين حال الأصل بواسطة قانون الترتيب.

 

فقد عرَض التحويليُّون حولَ هذه المسألة في مواضعَ مختلفة مِن أبحاثهم؛ منها حديثهم حول الألفاظ "ذات العلامة"، والألفاظ التي "بلا علامة"، وقرَّروا أن الألفاظ غير المُعلَّمة هي الأصل، وهي الأكثر دورانًا في الاستعمال، والأكثر تجرُّدًا، ومن ثم الأقرب إلى البِنْية العميقة؛ فمثلًا الاسم المفرد في الإنجليزية غير مُعلَّم ((boy / book، بينما الجمع تلحقه علامة (s) = boys - books، وعليه فإن المفرد أصل والجمع فرع[9].

وبالنظر إلى النحو العربيِّ، نجد أن النحاة يتَّفِقون على أن الفروع هي المحتاجة للعلامات؛ لأن العلامة زيادة، والأصل عدم الزيادة، ولأن العلامة تخصيص والعام أصل للخاص؛ ولأن العلامة طارئة والطارئ فرع.

 

وبذلك يكون المفرد أصلًا للمثنى والجمع؛ إذ لا يحتاج إلى علامة خطية للدلالة على العدد في الأصل، على حين يفتقر المثنَّى والجمع بأنواعه إلى أَماراتٍ دالَّة على العدد، فمثلًا المثنَّى يحتاج في المفرد إلى الألف أو الياء، وجمع المذكر السالم تُلصق به الواو أو الياء[10].

 

وإذا كانت الصيغة المنجَزة التي ينطق بها المتكلِّم هي مِن باب الحاصل المنطوق، فإنَّ الأصل هو من باب الافتراض، ولا يعني الافتراضُ هنا التخمينَ، مثلما يرى بعض علماء اللُّغة المحدَثين؛ وإنما هو افتراضٌ له ما يقرُّه ويبيِّن صحته، وذلك بالنظر إلى آليات الاشتقاق وتوليد الصيغ بعضها من بعض؛ فقوانين التحويل تُعِيدُنا إلى مسائلَ ثابتة؛ مثل الأصل، وتقويته، وتوجيهه الوجهة التي تتوافق مع المتكلم.

 

وهنا نجد بعض التوافق بين النحو التوليدي والنحو العربي، بالرغم من اختلاف الخلفيَّات المعرفيَّة وبيئة النشأة.

 

ومن أجل تصور تكاملي يُوفِّق بين المنهجين الوصفي والتحويلي، نجد الباحثينِ عبدالمهدي الجراح وخالد هزايمة، في بحث مشترك لهما، يُؤسِّسان رؤية على إثرها يقوم الاستقراء المتكامل والشامل للشواهد التي تمثل الكلام العربي من شعر ونثر، متوسلينِ بالاحتكام إلى لغة القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف، فيكون بذلك استقراءً شاملًا ودقيقًا، يؤدي إلى قوة الأصل، يكون معه الدليل قويًّا ومعتبرًا، ولا مجال للشك أو الطعن في سلامته[11].

 

إضافةً إلى تقوية هذا الأصل وتأسيسه تأسيسًا جديدًا، يكون دليلًا وأصلًا مِن أصول التقعيد النَّحْوي، وهنا يمكن الإفادة من الاتِّجاه التداولي الذي يُعزِّز مِن أهمية الاستعمال والقاعدة عن طريق ربطهما بالغرض الذي دَفَع بمُنشئ الكلام إلى إقامته أصلًا، وهنا يكون تفسير هذا الدليل عن طريق اللغة ومستعمليها، فيتَّخِذ التفسير منحى تكامليًّا.

 

وإذا ما تمَّت مراعاة هاتِه الأمور، يكون دليل الاستصحاب عنصرًا مساعدًا في النحو، فيعمل جنبًا إلى جنب القياس والسماع في عملية بناء القاعدة النَّحْوية.

 

لائحة المصادر والمراجع:

1- ابن الأنباري، الإغراب في جدل الإعراب، تحقيق سعيد الأفغاني، دار الفكر، ط 2، بيروت، 1391ه - 1971.

2- تمام حسان، الأصول دراسة إبستيمولوجية للفكر اللُّغوي عند العرب، عالم الكتب، القاهرة، 1460ه/ 2000م.

3- حسن خميس الملخ، نظرية الأصل والفرع في النحو العربي، دار الشروق للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 2001.

4- سيبويه، الكتاب، تحقيق وشرح عبدالسلام محمد هارون، الجزء 3، مكتبة الخانجي بالقاهرة، الطبعة الثالثة، 1408ه/ 1988م.

5- عبدالمهدي الجراح وخالد هزايمة، استصحاب الحال في أصول النحو قراءة ورأي، مجلة اتحاد الجامعات العربية للآداب، المجلد السابع، العدد الثالث، 1432ه / 2010م.

6- عبده الراجحي، النحو العربي والدرس الحديث، دار النهضة العربية، بيروت، 1979.

7- محمد عيد، الاستشهاد والاحتجاج باللغة رواية اللغة والاحتجاج بها في ضوء اللغة الحديث، عالم الكتب، الطبعة الثالثة، 1988.



[1] ابن الأنباري، الإغراب في جدل الإعراب، تحقيق سعيد الأفغاني، دار الفكر، ط 2، بيروت، 1391هـ - 1971، ص 46.

[2] تمام حسان، الأصول دراسة إبستيمولوجية للفكر اللُّغوي عند العرب، عالم الكتب، القاهرة، 1460هـ/ 2000م، ص 213-214 - 215.

[3] نفسه، ص 140.

[4] نفسه، ص 127.

[5] الكتاب، سيبويه، تحقيق وشرح عبدالسلام محمد هارون، الجزء 3، مكتبة الخانجي بالقاهرة، الطبعة الثالثة، 1408هـ/ 1988م، ص 335.

[6] نفسه، الجزء 1، ص 24.

[7] تمام حسان، الأصول، ص 144.

[8] محمد عيد، الاستشهاد والاحتجاج باللغة، رواية اللغة والاحتجاج بها في ضوء اللغة الحديث، عالم الكتب، الطبعة الثالثة، 1988، ص 260.

[9] عبده الراجحي، النحو العربي والدرس الحديث، دار النهضة العربية، بيروت، 1979، ص 144.

[10] نظرية الأصل والفرع في النحو العربي، حسن خميس الملخ، دار الشروق للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 2001، ص 89.

[11] استصحاب الحال في أصول النحو قراءة ورأي، عبدالمهدي الجراح وخالد هزايمة، مجلة اتحاد الجامعات العربية للآداب، المجلد السابع، العدد الثالث، 1432هـ/2010م، ص 353.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • لغة النقد الحديث
  • من جنايات علم اللغة الحديث على العربية الفصحى
  • الحديث العزيز: تعريفه ومثال عليه
  • في انتظار بعض من اليوتوبيا
  • الحال في اللغة العربية

مختارات من الشبكة

  • الاستصحاب عند ابن يعيش (ت 643هـ) ورضي الدين الاستراباذي (ت 686هـ)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الاستصحاب لدى ابن السراج(مقالة - حضارة الكلمة)
  • استصحاب الحال ودوره في الدرس اللغوي: دراسة نظرية تحليلية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • المعايير المهنية والوظيفية للمدرس وفق منظور التجديد التربوي(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • هل تتوافق خدمات الشركات لمتقاعديها مع المنظور والتطبيق الحديث للتقاعد وحياة المتقاعد؟(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • أدلة الأحكام (4) (استصحاب العدم الأصلي عند عدم الدليل الشرعي)(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • أدلة التشريع المختلف في الاحتجاج بها: القياس، الاستحسان، الاستصلاح، الاستصحاب (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الاستصحاب عند ابن مالك (ت 672هـ)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الاستصحاب عند أبي البركات الأنباري (ت 577هـ)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الاستصحاب لدى ابن جني(مقالة - حضارة الكلمة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 23/11/1446هـ - الساعة: 18:47
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب