• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    مفهوم القرآن في اللغة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    أهل القرآن (قصيدة)
    إبراهيم عبدالعزيز السمري
  •  
    إلى الشباب (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    ويبك (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
  •  
    الفعل الدال على الزمن الماضي
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    أقسام النحو
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    نكتب المنثور (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي
علامة باركود

معنى الفصاحة والبلاغة

معنى الفصاحة والبلاغة
أبو أنس أشرف بن يوسف بن حسن

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 25/8/2015 ميلادي - 10/11/1436 هجري

الزيارات: 306148

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

معنى الفصاحة والبلاغة

شرح دروس البلاغة للشيخ محمد بن صالح العثيمين

تحقيق الأستاذ أشرف بن يوسف

(1)


(الفصاحة) في اللغة تنبئ عن البيان والظهور، يقال: أفصح الصبي في منطقه، إذا بان وظهر كلامه، وتقع في الاصطلاح وصفًا للكلمة والكلام والمتكلم [1].

 

1- ففصاحة الكلمة: سلامتها من تنافر الحروف، ومخافة القياس، والغرابة [2].

 


[1] إذن: موضوع الفصاحة ثلاثة: الكلمة والكلام والمتكلم، كل منها يقال: فصيح، وسيفسرها المؤلف رحمه الله فيما يلي.

 

[2] فصاحة الكلمة: سلامتها من ثلاثة عيوب:

الأول: تنافر الحروف؛ يعني: بأن تكون حروفها متآلفة، غير متنافرة، والتآلف معناه: أن يسهل النطق بها مجتمعة.

والثاني: مخالفة القياس؛ يعني: القياس الصرفي، فما خالف القياس الصرفي، فإنه غير فصيح.

الثالث: الغرابة.

* * * *

 

فتنافر الحروف: وصف في الكلمة يوجب ثقلها على اللسان، وعسر النطق بها، نحو: الظش للموضع الخشن، والهعخع[1] لنبات ترعاه الإبل، والنقاخ للماء العذب الصافي، والمستشزر للمفتول[2].

 

ومخالفة القياس: كون الكلمة غير جارية على القانون الصرفي؛ كجمع بوق على بوقات، في قول المتنبي:

فإن يكُ بعضُ الناس سيفًا لدولةٍ ♦♦♦ ففي الناسِ بُوقاتٌ لها وطبولُ

 

إذ القياس في جمعه للقلة: أبواق.

 

وكمَوْدِدَة في قوله:

إن بنيَّ للئامٌ زَهَدَهْ ♦♦♦ مالي في صدورهم من مَوْدِدَه

 

والقياس مودة بالإدغام[3].

 


[1] هذه الكلمة فيها تنافر حروف؛ لأنه يصعب النطق بها؛ إذ إن كل حرف لايتلاءم بما بعده، والظش أهون منها؛ لأن الظش ليس فيها تنافر كثير.

[2] هذه كلها كلمات متنافرة، لكن (النقاخ) ليس فيها تنافر، إلا أنها مستهجنة؛ بمعنى: أن النفس لا ترتاح لها؛ فالماء الصافي العذب لا ينبغي أن يوصف بهذا الوصف.

[3] إذن: الفك في موضع الإدغام يعتبر غير فصاحة؛ لمخالفة القياس.

* * * *

 

والغرابة: كون الكلمة غير ظاهرة المعنى، نحو: تكأكأ بمعنى اجتمع، وافرنقع بمعنى انصرف، واطلخم بمعنى اشتد[1].

كذلك (أبواق) إذا قال: بوقات، فهذا مخالف للقياس؛ لأن القياس أن يجمع على (أبواق) لا على (بوقات).

 


[1] يعني: معناه: لو قال الإنسان: والله اليوم اطلخم الحرب؛ يعني: اشتد، فهذا غريب، يعني غير معهود أن يعبر بكلمة اطلخم عن اشتد.

 

كذلك "تكأكأ"؛ بمعنى: اجتمع هذا أيضًا غريب، فإذا عبر الإنسان عن "اجتمع" بـ"تكأكأ" قيل: الكلام غير فصيح؛ لغرابة الكلمة.

 

إذن: تنافر الحروف في الكلمة يُعَدُّ غير فصاحة.

 

وكونها على خلاف القياس؛ كالفك في موضع الإدغام أيضًا غير فصيح؛ لأنه مخالفة للقياس.

 

وغرابتها بحيث لا تستعمل إلا قليلًا أيضًا غير فصيح لغرابتها[1]، ومثال ذلك: قول الحريري رحمه الله في مقاماته: وطالما مر بي كلب وفي فمه ثور، ولكنه ثور بلا ذنب.

 

فلا شيء يفهم من هذا؛ إذ إنه يقال: كيف ثور في فم كلب، وثور مقطوع الذنب أيضًا، فهذا غير معروف.

 

ويقصد رحمه الله بالثور هنا قرص البقل، فإنه يسمى ثورًا في اللغة العربية، لكن التعبير عنه بكلمة ثور: غريب، فيعتبر هذا غير فصيح.

* * * *

 

2- وفصاحة الكلام: سلامته من تنافر الكلمات مجتمعة، ومن ضعف التأليف، ومن التعقيد، مع فصاحة كلماته.

فالتنافر: وصف في الكلام يوجب ثقله على اللسان، وعسر النطق به، نحو:

* في رفع عرش الشرع مثلك يشرع *

* وليس قرب قبر حرب قبر *[1]



[1] الآن لو نظرنا إلى الكلمات: عرش، والشرع، ويشرع، نجد أنها كلمات غير متنافرة الحروف، ولكن جمع بعضها إلى بعض يوجب التنافر، فيكون هنا عدم الفصاحة في الكلام، لا في الكلمات.

كذلك أيضًا قول الشاعر: وليس قرب قبر حرب قبر.

فكلمة: "قرب، وقبر" ليس فيهما تنافر بالنسبة للكلمة الواحدة، لكن بالنسبة لضم الكلمات بعضها إلى بعض يكون تنافر، فيقال: الكلام غير فصيح؛ لتنافر كلماته.

* * * *

 

كريمٌ متى أمدَحْه أمدَحْه والورى ♦♦♦ معي وإذا ما لُمْتُه لُمْتُه وحدي[1]

وضعف التأليف: كون الكلام غير جارٍ على القانون النحوي المشهور[2]؛ كالإضمار قبل الذكر لفظًا ورتبة في قوله:

 


[1] هذا البيت قوي المعنى؛ إذ إن معناه أني إذا مدحته فالورى كلهم يمدحونه، وإذا لمته لم يلمه أحد؛ فالبيت قوي جدًّا في الثناء على الممدوح؛ لأنه من جهة البلاغة غير فصيح؛ لأن كلماته متنافرة.

[2] انتبه لكلمة المشهور، فلو كان غير جارٍ على القانون النحوي المتفق عليه، فهذا لا يصح أصلًا، فلا يقال: إنه كلام غير فصيح، بل يقال: إنه غير كلام، وغير صحيح.

 

مثلًا: لو قال قائل: قام زيدًا[2]، فهذا غير جار على القانون النحوي الذي هو أن الفاعل من مرفوعات الأسماء، لكن هل هذا القانون مجمع عليه أو مختلف فيه؟ مجمَعٌ عليه.

 

إذًا[3]: هذا يعد كلامًا فاسدًا، ولا يقال: إنه كلام غير فصيح، بل يقال: إنه كلام فاسد، تركيب لا تجيزه اللغة بأي حال من الأحوال.

 

أما عود الضمير على متأخر لفظًا ورتبة، فهذا وقع فيه الخلاف هل هو جائز أو لا؟

فلذلك كان عود الضمير إلى متأخر لفظًا ورتبة يجعل الكلام غير فصيح؛ لأنه غير جار على القانون المشهور.

* * * *


جزى بنوه أبا الغيلان عن كِبَرٍ ♦♦♦ وحُسْنِ فعلٍ كما يُجزَى سِنِّمار[1]

والتعقيد: أن يكون الكلام خفي الدلالة على المعنى المراد.

 


[1] قوله: بنوه أبا الغيلان، "بنوه" هو الفاعل والهاء متصلة به، وهي تعود على المفعول به؛ فهي عائدة على متأخر لفظًا ورتبة[4]، وهذا مخالف للقانون المشهور؛ إذ إن الضمير لا يعود على متأخر لفظًا ورتبة.

 

وقوله: عن كبر، يعني إذا كبر وتقدم به السن.

 

وقوله: وحسن فعل، يعني أحسن إلى أولاده.

 

وقوله: كما يجزى سنمار، سنمار هذا رجل بنى قصرًا عظيمًا جدًّا لأحد الملوك، لا يماثله قصر، فلما انتهى من القصر ومن صنعه ولم يبقَ إلا أن يسكنه الملك، صعد بالباني سنمار ثم رمى به من فوق على الأرض؛ خوفًا من أن يبني مثله لأحد غيره.

 

فكان مضرب المثل، فهو بعد أن أحسن بناء القصر، جزاؤه أن يرمى به من فوق.

 

وعند العوام مَثَلٌ يقارب هذا، يقولون: رجل حج على بعير من بلده حتى رجع إليه على هذا البعير، فلما وصل إلى البلد ذبحه وجعله وليمة لقدومه من السفر.

 

فيقول العوام: جزاء ناقة الحج ذبحها، وهذا كلام العوام، وإلا فهو من حيث الشرع لا بأس به، فماذا في رجل ركب بعيرًا وحج عليه ورجع عليه وهو في غنى عنه فذبحه؟!

* * * *

 

والخفاء:

إما من جهة اللفظ، بسبب تقديم أو تأخير أو فصل، ويسمى تعقيدًا لفظيًّا؛ كقول المتنبي:

جفخت وهم لا يجفخون بها بهم ♦♦♦ شيم على الحسب الأغرِّ دلائل[1]



[1] قوله جفخت: أي: علت، وهو فيه شيء من نقص البلاغة، وهو الغرابة؛ إذ إن هذا اللفظ لا يستعمل بهذا المعنى.

وقوله: وهم لا يجفخون بها بهم، هذا الكلام معقد، وأصل البيت: جفخت بهم وهم لا يجفخون بها؛ فـ: (بهم) متعلقة بـ (جفخت)، وبها متعلقة بـ: (يجفخون).

والمعنى: أن هذه الشيم علت بهم، وهم لا يعلون بها؛ لأنهم أشرف منها وأعلى منها.

 

فإن تقديره: جفخت بهم شيم دلائل على الحسب الأغر، وهم لا يجفخون بها.

* * * *


وإما من جهة المعنى: بسبب استعمال مجازات وكنايات لا يفهم المراد بها، ويسمى تعقيدًا معنويًّا، نحو قولك: نشر الملك ألسنته في المدينة مريدًا جواسيسه، والصواب نشر عيونه[1].

 


[1] يعني رحمه الله: أن التعقيد إما من جهة اللفظ، وإما من جهة المعنى.

 

فإذا كان الكلام معقدًا، فليس بفصيح، سواء كان التعقيد لفظيًّا؛ كالتقديم والتأخير الذي يصعب به فهم المعنى.

 

أو معنويًّا: كأن يأتي بكلمات بعيدة عن المراد، نحو قولك: نشر الملك ألسنته في المدينة.

 

لو أراد بقوله: ألسنته، خطباءه، لكانت فصيحة غير معقدة، لكنه يريد جواسيسه، وهذا غير فصيح؛ لأنه بعيد عن المعنى؛ إذ إن الجواسيس يسمون عيونًا؛ لأن الجاسوس ينظر في الملامح، وفي الأشياء التي تعد قرائن.

 

فالمهم: أنه إذا قال: نشر الملك ألسنته في المدينة يريد الجواسيس، فهذا الكلام غير فصيح؛ لأن فيه تعقيدًا معنويًّا؛ إذ إن الألسنة لا يعبر بها عن الجواسيس.

* * * *

 

وقوله:

سأطلب بُعْدَ الدار عنكم لتقربوا ♦♦♦ وتسكب عينايَ الدموعَ لتجمدا[1]

حيث كنى بالجمود عن السرور، مع أن الجمود يكنى به عن البخل بالدموع وقت البكاء.

 


[1] هذا البيت معقد تعقيدًا معنويًّا:

فقوله: سأطلب بُعْدَ الدار عنكم لتقربوا؛ لأنه إذا أبعد تبعوه، فهو كلما أبعد قربوا منه.

 

وقوله: وتسكب عيناي الدموع لتجمدا، وهذا غير فصيح؛ لأنه يريد: تسكب عيناي الدموع لأُسَرَّ، وهذا لا يتناسب مع قوله: لتجمدَا.

* * * *


3- وفصاحة المتكلم[1]: ملَكة يقتدر بها على التعبير عن المقصود بكلام فصيح في أي غرض كان[2].

و(البلاغة) في اللغة: الوصول والانتهاء، يقال: بلغ فلان مراده إذا وصل إليه، وبلغ الركب المدينة إذا انتهى إليها.

 


[1] مرَّ علينا فصاحة الكلام، وبقي فصاحة المتكلم.

[2] وهي - أي: فصاحة المتكلم - نوعان:

النوع الأول: غريزة: يمن الله بها على من يشاء من عباده، فيجعله فصيحًا، قوي الكلام، قوي الإقناع.

النوع الثاني: مكتسبة: وذلك بالتمرُّن على الخطابة، ولو أن تخرج إلى البر وتستحضر الأشجار حولك كأنهم رجال، ثم تخطب فيهم.

* * * *


فالفصاحة إذن نوعان:

1- فصاحة غريزة: يمن الله بها على من يشاء من عباده، فتجد المتكلم طالب علم صغيرًا، ومع ذلك يخطب الخطبة البليغة العظيمة، وتجد بعض الناس عالمًا كبيرًا وفقيهًا نحريرًا[5]، ومع ذلك لا يكاد يتكلم إلا كلامًا معقدًا ركيكًا.

 

وأيضًا بعض الناس يكون فصيحًا في الكتابة، غير فصيح في الخطابة، وقد حكى لنا [شيخنا تلميذ شيخنا ابن سعدي رحمهما الله][6]: أن الشيخ محمد رشيد رضا صاحب القلم السيال المعروف كان إذا تكلم لا يتناسب كلامه مع كتابته، بل إن كلامه كان ضعيفًا جدًّا، وإن شئت أن تعرف ذلك فانظر إلى كلام ابن الجوزي رحمه الله الواعظ المشهور، وإلى كلام ابن تيمية، تجد بينهما فرقًا من حيث التأثير، لا من حيث القوة المعنوية، والاستدلال، والأدلة.

 

فابن الجوزي يحضر عشرات الآلاف في خطبته، وربما يموت بعض الناس من شدة تأثره، وابن تيمية لا يبلغ هذا المبلغ.

 

وقول المؤلف رحمه الله: في أي غرض كان، هذه نقطة مهمة؛ لأن بعض الناس يكون فصيحًا في غرض من الأغراض، غير فصيح في غرض من الأغراض.

 

تجده مثلًا إذا تكلم في باب الأصول، يكون فصيحًا جيدًا، وإذا تكلم في الفقه يكون رديئًا، والعكس.

 

والخلاصة الآن: أن فصاحة المتكلم هي قدرته على التعبير عما في ضميره بكلام فصيح، والكلام الفصيح يكون فصيحًا في نفسه، وفصيحًا في كلماته؛ يعني يشتمل على فصاحة الكلمة، وفصاحة التركيب.

 

وتقع في الاصطلاح وصفًا للكلام والمتكلم[1].

 

1- فبلاغة الكلام: مطابقته لمقتضى الحال مع فصاحته[2].

 


[1] هنا سقط شيء من الفصاحة، هو فصاحة الكلمة؛ وذلك لأن البلاغة لا تكون إلا في الكلام المركب بخلاف الفصاحة؛ ولذلك أسقط هنا فصاحة الكلمة، ولكن مع ذلك لا بد أن يكون الكلام البليغ فصيحًا.

فالفصاحة ملازمة لنا في كل شيء، وإذا فُقدت الفصاحة فقدت البلاغة، وإن فقدت البلاغة، فقد تفقد الفصاحة، وقد لا تفقد.

[2] إذن: مطابقته لمقتضى الحال مهمة جدًّا، وهي من الحكمة.

 

فعلى سبيل المثال: لو رأيت إنسانًا غضبان متكدرًا، فإنك لا تورد عليه من الكلام ما يزيده همًّا وغمًّا؛ لأن هذا ليس ببلاغة، وإنما تخاطبه بما تقتضيه حاله.

 

ولهذا قال: مطابقته لمقتضى الحال مع فصاحته، وهو لا يكون فصيحًا في الكلام إلا بفصاحة كلماته.

* * * *

 

والحال - ويسمى بالمقام -: هو الأمر الحامل للمتكلم على أن يورد عبارته على صورة مخصوصة.

 

والمقتضى - ويسمى الاعتبار المناسب -: هو الصورة المخصوصة التي تورد عليها العبارة.

 

مثلًا: المدح حال يدعو لإيراد العبارة على صورة الإطناب، وذكاء المخاطب حال يدعو لإيرادها[1] على صورة الإيجاز.

 

فكل من المدح والذكاء حال، وكل من الإطناب والإيجاز مقتضى، وإيراد الكلام على صورة الإطناب أو الإيجاز مطابقة للمقتضى[2].

 

2- وبلاغة المتكلم: ملَكة يقتدر بها على التعبير المقصود، بكلام بليغ، في أي غرض كان.

 


[1] أي: إيراد العبارة.

[2] قوله: للمقتضى؛ أي لمقتضى الحال؛ فالإنسان الذكي لا يحتاج أن تردد عليه الكلام وتطول له؛ لأنه ذكي، لو تردد عليه انتقضك.

 

وفي حال المدح: طول العبارة، وأكثر من المدح؛ ولهذا تجد النبي صلى الله عليه وسلم حين يسأل الله، يسأل بإطناب وتطويل:

 

فقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول في سجوده: ((اللهم اغفر لي ذنبي كله؛ دِقَّه وجِلَّه، وأوله وآخره، وعلانيته وسره))[7].

 

وورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول بين التشهد والتسليم، وكان من آخر ما يقول بينهما: ((اللهم اغفر لي ما قدمتُ وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت وما أنت أعلم به مني؛ أنت المقدِّم وأنت المؤخِّر، لا إله إلا أنت))[8].

 

وفي الدعاء للميت كان صلى الله عليه وسلم يقول: ((اللهم اغفر لحيِّنا وميِّتنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذَكَرنا وأُنثانا، وشاهدنا وغائبنا...))؛ الحديث[9].

 

ويعرف التنافر بالذوق، ومخالفة القياس بالصرف، وضعف التأليف والتعقيد اللفظي بالنحو، والغرابة بكثرة الاطلاع على كلام العرب، والتعقيد المعنوي بالبيان، والأحوال ومقتضياتها بالمعاني.

 

فوجب على طالب البلاغة معرفة اللغة، والصرف، والنحو، والمعاني، والبيان، مع كونه سليمَ الذوق، كثيرَ الاطلاع على كلام العرب[1].

* * * *


مع أنه يغني عن كل هذا أن يقول: (لحيِّنا وميتنا)؛ لأن كل هؤلاء إما أحياء، وإما أموات.

 

وكل هذا إطناب؛ لأن المقام يقتضيه؛ إذ إنك تخاطب أحب من تخاطبه، وهو الله عز وجل؛ فلكل مقام مقال.

 

[1] إذا كان علم البلاغة يتضمن كل هذا (اللغة - والصرف - والنحو - والبيان - والمعاني - وكون الإنسان سليم الذوق، كثير الاطلاع على كلام العرب)، لكان لنا أن نقول من الآن: رجعنا، ولا داعي للبلاغة، لكني أقول لكم: هذا غير صحيح أبدًا، وستعلمون ذلك إن شاء الله من دراسة هذا الفن؛ فهذا الفن الإنسان بذوقه يشتاق إليه، وتجده نشيطًا دائمًا في قراءته، وسيتبين ذلك إن شاء الله.



[1] سئل الشيخ رحمه الله في هذه الأشرطة: أنه قد يكون في كلام الرسول صلى الله عليه وسلم بعض الألفاظ الغريبة، حتى إنه من الكتب التي ألفها العلماء كتب غريب الحديث، فهل نقول: هذا خلاف الفصاحة؟ فأجاب رحمه الله: لا؛ لأن الرسول لم يأتِ بهذه الكلمة الغريبة إلا في محلها.

[2] بنصب "زيدًا".

[3] اختلف النحاة في إذن هل تكتب بالألف أم النون، وانظر في ذلك تعليقنا على شرح فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله للآجرومية ص 295.

[4] متأخر لفظًا: لأن الهاء تعود على المفعول به، وهو قد أتى ذكره بعدها.

ومتأخر رتبة: لأن رتبة المفعول الذي تعود عليه الهاء متأخرة عن رتبة الفاعل.

[5] النحرير العالم الحاذق في علمه، ج: نحارير؛ المعجم الوسيط (ن ح ر).

[6] هكذا وردت العبارة.

[7] رواه مسلم 1/ 350 (483) في الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، أبو داود (878) في الصلاة، باب الدعاء في الركوع والسجود، من حديث أبي هريرة.

[8] رواه مسلم 1/ 534 - 536 (771) في الصلاة، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، وأبو داود (1509) في الصلاة، باب ما يقول الرجل إذا سلم، والترمذي (3422) في الدعوات، وقال: حديث حسن صحيح.

[9] رواه الترمذي (1024) في الجنائز، باب ما يقول في الصلاة على الميت، وأبو داود (3201) في الجنائز، باب ما يقوله في الصلاة على الميت، والنسائي 4/ 74 في الجنائز، باب الدعاء، وابن ماجه (1498) في الجنائز، باب ما جاء في الدعاء في الصلاة على الجنازة، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وصححه ابن حبان (757) والحاكم 1/ 358، ووافقه الذهبي، وهو كما قالوا، وإعلاله بالإرسال لا يضر؛ لأن الذين وصلوه جماعة؛ فروايتهم أرجحُ وأثبت.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أثر الفصاحة والبيان
  • ذكر الحث على تعلم الأدب ولزوم الفصاحة
  • أسئلة في الإيجاز والإطناب والمساواة
  • أسئلة عن الخبر والإنشاء
  • الفروق الدلالية عند ثعلب من خلال شرح ديوان زهير: دراسة تحليلية نقدية
  • اكتساب ملكة البلاغة
  • تعريف البلاغة ومكانتها
  • الفصاحة والبلاغة: شرح وأمثلة
  • نماذج في الفصاحة والبلاغة

مختارات من الشبكة

  • الحمل على المعنى في اللغة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • مخطوطة كشف المعاني في شرح حرز المعاني(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • الصرف بين معاني القرآن للفراء ومعاني القرآن للأخفش(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • رفع الاشتباه عن معنى العبادة والإله وتحقيق معنى التوحيد والشرك بالله (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • المعاني المهملة في بعض شواهد علم المعاني(مقالة - حضارة الكلمة)
  • شرح مائة المعاني والبيان (علم المعاني - أحوال الإسناد الخبري)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • زعل: بين المعنى الفصيح والمعنى المولد(مقالة - حضارة الكلمة)
  • مخطوطة كشف معاني البديع في بيان مشكلات المعاني(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة معاني القرآن (إعراب القرآن ومعانيه)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • اختلاق الأوجه والمعاني في كتب حروف المعاني (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب