• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    التأويل بالحال السببي
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    الشرح الميسر على الآجرومية (للمبتدئين) (6)
    سامح المصري
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الحال لا بد لها من صاحب
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية النكتة رؤية تداولية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الإعراب لغة واصطلاحا
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    مفهوم القرآن في اللغة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / أدبنا / دراسات ومقالات نقدية وحوارات أدبية
علامة باركود

قصص الحيوان في أدبنا والآداب الأخرى (2)

قصص الحيوان في أدبنا والآداب الأخرى (2)
د. إبراهيم عوض

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 25/7/2015 ميلادي - 8/10/1436 هجري

الزيارات: 32771

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

قصص الحيوان في أدبنا والآداب الأخرى (2)


ترك كتاب "كليلة ودمنة" بصماته على كثير من الأعمال الأدبية العالمية، وكانت النسخة العربية التي ترجمها ابن المقفع (ت 142هـ/ 759م) مثار دراسات وأخذ ورد،والمعروف أن النص العربي للكتاب قد ترجم إلى السريانية الحديثة، والإنجليزية، والفارسية الأولى ثم الثانية، والفارسية الهندية، والتركية، واليونانية، والإيطالية، والعبرية، واللاتينية الوسطى، ثم اللاتينية القديمة، والإسبانية القديمة،أما الترجمات الأوروبية الأخرى، فأكثرها مترجم عن لغات وسيطة مأخوذة عن النص العربي مباشرة.

 

ويقال في أصل ذلك الكتاب:

إن العالم الفارسي برزويه كان مولعًا بالحكمة والعلم، وكان مقربًا من كسرى أنوشروان، فقرأ في كتاب الهنود أن لديهم نباتًا ينثر على الميت فيتكلم في الحال، فارتحل إلى الهند بتشجيع من كسرى، وظل يبحث ويتقصى إلى أن عرف أن النبات المقصود هو رمز لكتاب "كليلة ودمنة" الموجود لدى الراجا حاكم الهند،وقيل: إن هذا الكتاب كان متوارثًا عند الحاكم لا يسمح لأحد باستنساخه، إلا أن برزويه بعلمه وحكمته وحسن خُلقه استطاع الاطلاع على النسخة الهندية، وكان يرسل إلى كسرى أنوشروان ما يحفظه منها تباعًا،وتولى بزرجمهر كتابة ما يصل من برزويه، ثم صدر الكتاب بعد ذلك.

 

ويدور الكتاب حول قصص يرويها الفيلسوف بيديا للملك دبشليم،واطلع ابن المقفع على النسخة الفارسية، وكان لها أثر بالغ في نفسه وتفكيره وثقافته،وكانت الظروف الاجتماعية والسياسية التي تحيط بالفيلسوف الهندي بيدبا في علاقته بالملك دبشليم تشابه ما كان فيه ابن المقفع مع الخليفة المنصور، الذي كان بحاجة إلى النصح غير المباشر؛ لِما عرف عنه من قوة البأس والبطش بكل من يخرج عن طاعته؛ لذا اتسمت ترجمة ابن المقفع للكتاب بخصوصية ظرفها الزماني والمكاني، فأضاف بعض القصص من نسج تأليفه، وعدل بعضها، وأكسب المترجَمَ منها روحًا جديدة من خلال أسلوبه الشائق وعرضه الرائع.

 

ويتناول الكتاب، كما هو معروف، قصصًا تجري على لسان الحيوان في الظاهر لتصل إلى أهداف أخرى أخلاقية وإصلاحية لشؤون المجتمع والسياسة؛ فالحيوان في "كليلة ودمنة" أداة توظف لغاية قصدها الكاتب،وقد يتحقق هدف الكاتب بعرض الحكمة مباشرة أو من خلال الفكاهة التي تظهر في قيام الحيوان بالدور الإنساني تصرفًا أو كلامًا،قال ابن المقفع: "وأما الكتاب فجمع حكمة ولهوًا، فاختاره الحكماء لحكمته، والسفهاء للهوه،والمتعلم من الأحداث ناشط في حفظ ما صار إليه من أمر يربط في صدره، ولا يدري ما هو"،وقد صرح ابن المقفع أكثر من مرة أن للكتاب غرضًا ظاهريًّا، وآخر باطنيًّا، فقال: "وكذلك من قرأ هذا الكتاب ولم يفهم ما فيه ولم يعلم غرضه ظاهرًا أو باطنًا لم ينتفع بما بدا له من خطه ونقشه".

 

ويقوم الكتاب على حكاية مثل يسأل الملك دبشليم الفيلسوف بيدبا عنه، فيسوق له الأخير قصة هذا المثل،وتأخذ تلك القصص شكلًا خرافيًّا على ألسنة الحيوانات تطول وتتسع لتضم في جوانبها قصصًا أخرى متداخلة، إلى أن تصل في النهاية إلى حلقة متشابكة من القصص يفضي بعضها إلى بعض، مشيدة بذلك عالمًا من الحكم والتجارِب ينهل منها القارئ بشغف في كل قراءة جديدة للكتاب، منبهرًا برشاقة الأسلوب وعمق الفكرة.

 

وقد تناول د. عمر فروخ في المجلد الثاني من كتابه "تاريخ الأدب العربي" (ط4/ دار العلم للملايين/ 1401هـ -1981م/ 54 - 55) النظريات التي تتعلق بكيفية تأليف ذلك الكتاب فقال: إن هناك من يقول: إن الكتاب هندي الأصل ترجم إلى اللغة الفهلوية (الفارسية القديمة)، التي نقله عنها ابن المقفع إلى العربية، وعلى العكس من ذلك يؤكد أن الكتاب غير معروف في الآداب القديمة، وما الشخصيات التي تظهر فيه إلا اختراعات لا علاقة لها بالهند، فضلًا عن أن ما يتضمنه الكتاب من آيات وأحاديث يدل على نشأته العربية الإسلامية، وإن دفعت الظروف ابن المقفع، خوفًا من بطش المنصور، إلى الادعاء بأنه إنما ترجمه عن الفهلوية،لكن هناك نظرية ثالثة تقوم على أن القصص الواردة في الكتاب معروفة بأعيانها أو أشباهها عند الإغريق والفرس والهنود واليابانيين، وأن ابن المقفع قد استقاها من الفرس والهنود وتصرف فيها بما أضفى عليها طابعًا عربيًّا؛ فالكتاب إذًا ليس ترجمة صرفًا ولا تأليفًا محضًا.

 

وهذا مثال من كتاب "كليلة ودمنة"، وهو الحكاية المسماة: "القرد والغيلم"، وتجري على النحو التالي: "قال دبشليم الملك لبيدبا الفيلسوف: اضرب لي مثل الرجل الذي يطلب الحاجة، فإذا ظفر بها أضاعها،قال الفيلسوف: إن طلب الحاجة أهون من الاحتفاظ بها، ومن ظفر بحاجة ثم لم يحسن القيام بها أصابه ما أصاب الغيلم،قال الملك: وكيف ذلك؟ قال بيدبا: زعموا أن قردًا يقال له: "ماهر" كان ملك القردة، وكان قد كبر وهرم، فوثب عليه قرد شاب من بيت المملكة فتغلب عليه وأخذ مكانه، فخرج هاربًا على وجهه حتى انتهى إلى الساحل، فوجد شجرة من شجر التين فارتقى إليها وجعلها مقامه،فبينما هو ذات يوم يأكل من ذلك التين إذ سقطت من يده تينة في الماء، فسمع لها صوتًا وإيقاعًا، فجعل يأكل ويرمي في الماء، فأطربه ذلك،فأكثر من طرح التين في الماء، وثم غيلم كلما وقعت تينة أكلها،فلما كثر ذلك ظن أن القرد إنما يفعل ذلك لأجله فرغب في مصادقته، وأنس إليه وكلمه، وألف كل واحد منهما صاحبه،وطالت غيبة الغيلم عن زوجته، فجزعت عليه وشكَتْ ذلك إلى جارة لها وقالت: قد خِفت أن يكون قد عرض له عارض سوء فاغتاله،فقالت لها: إن زوجك بالساحل قد ألف قردًا وألفه القرد، فهو مؤاكله ومشاربه، وهو الذي قطعه عنك، ولا يقدر أن يقيم عندك حتى تحتالي لهلاك القرد،قالت: وكيف أصنع؟ قالت لها جارتها: إذا وصل إليك فتمارضي، فإذا سألك عن حالك فقولي: إن الحكماء وصفوا لي قلب قرد.

 

ثم إن الغيلم انطلق بعد مدة إلى منزله فوجد زوجته سيئة الحال مهمومة، فقال لها الغيلم: ما لي أراك هكذا؟ فأجابته جارتها وقالت: إن زوجتك مريضة مسكينة،وقد وصف لها الأطباء قلب قرد، وليس لها دواء سواه،قال الغيلم: هذا أمر عسير،من أين لنا قلب قرد، ونحن في الماء؟ لكن سأحتال لصديقي،ثم انطلق إلى ساحل البحر، فقال له القرد: يا أخي، ما حبسك عني؟ قال الغيلم: ما حبسني إلا حيائي، فلم أعرف كيف أجازيك على إحسانك إلي؟ وأريد أن تتم إحسانك إلي بزيارتك لي في منزلي، فإني ساكن في جزيرة طيبة الفاكهة،فركب ظَهْر الغيلم، فسبح به حتى إذا سبح به عرض له قبح ما أضمر في نفسه من الغدر، فنكس رأسه، فقال له القرد: ما لي أراك مهتمًا؟ قال الغيلم: إنما همي لأني ذكرت أن زوجتي شديدة المرض،وذلك يمنعني من كثير مما أريد أن أبلغه من حرص على كرامتك وملاطفتك،قال القرد: إن الذي أعرف من حرصك على كرامتي يكفيك مؤونة التكليف،قال الغيلم: أجل،ومضى بالقرد ساعة، ثم توقف به ثانية، فساء ظن القرد وقال في نفسه: ما احتباس الغيلم وإبطاؤه إلا لأمر، ولست آمنًا أن يكون قلبه قد تغير لي وحال عن مودتي، فأراد بي سوءًا، فإنه لا شيء أخف وأسرع تقلبًا من القلب،وقد يقال: ينبغي للعاقل ألا يغفل عن التماس ما في نفس أهله وولده وإخوانه وصديقه عند كل أمر، وفي كل لحظة وكلمة، وعند القيام والقعود،وعلى كل حال فإن ذلك كله يشهد على ما في القلوب،وقد قالت العلماء: إذا دخل قلب الصديق من صديقه ريبة فليأخذ بالحزم في الحفظ منه، وليتفقد ذلك في لحظاته وحالاته، فإن كان ما يظن حقًّا ظفر بالسلامة، وإن كان باطلًا ظفر بالحزم، ولم يضره ذلك،ثم قال للغيلم: ما الذي يحبسك؟ وما لي أراك مهتمًّا كأنك تحدث نفسك مرة أخرى؟ قال: يهمني أنك تأتي منزلي فلا تجد أمري كما أحب؛ لأن زوجتي مريضة،قال القرد: لا تهتم؛ فإن الهم لا يغني عنك شيئًا،ولكن التمس ما يصلح زوجتك من الأدوية والأغذية، فإنه يقال: ليبذل ذو المال ماله في أربعة مواضع: في الصدقة، وفي الحاجة، وعلى البنين، وعلى الأزواج،قال الغيلم: صدقت، وقد قال الأطباء: إنه لا دواء لها إلا قلب قرد،فقال القرد: واأسفاه! لقد أدركني الحرص والشره على كبر سني حتى وقعت في شر ورطة،ولقد صدق الذي قال: يعيش القانع الراضي مستريحًا مطمئنًّا، وذو الحرص والشره يعيش ما عاش في تعب ونصب،وإني قد احتجت الآن إلى عقلي في التماس المخرج مما وقعت فيه،ثم قال للغيلم: وما منعك أن تعلمني عند منزلي حتى كنت أحمل قلبي معي؟ فهذه سنة فينا معاشر القردة، إذا خرج أحد لزيارة صديق خلف قلبه عند أهله أو في موضعه للنظر إذا نظرنا إلى حرم المزور، وليس قلوبنا معنا،قال الغيلم: وأين قلبك الآن؟ قال: خلفته في الشجرة،فإن شئت فارجع بي إلى الشجرة حتى آتيك به،ففرح الغيلم بذلك وقال: لقد وافقني صاحبي بدون أن أغدر به،ثم رجع بالقرد إلى مكانه،فلما أبطأ على الغيلم ناداه: يا خليلي، احمل قلبك وانزل، فقد حبستني،فقال القرد: هيهات! أتظن أني كالحمار الذي زعم ابن آوى أنه لم يكن له قلب ولا أذنان؟ قال الغيلم: وكيف ذلك؟ قال القرد: زعموا أنه كان أسد في أجمة، وكان معه ابن آوى يأكل من فواضل طعامه، فأصاب الأسدَ جربٌ وضعف شديد، فلم يستطع الصيد، فقال له ابن آوى: ما بالك، يا سيد السباع، قد تغيرت أحوالك؟ قال: هذا الجرب الذي قد أجهدني، وليس له دواء إلا قلب حمار وأذناه،قال ابن آوى: ما أيسر هذا! وقد عرفت بمكان كذا حمارًا مع قصار يحمل عليه ثيابه، وأنا آتيك به،ثم دلف إلى الحمار فأتاه وسلم عليه فقال له: ما لي أراك مهزولًا؟ قال: ما يطعمني صاحبي شيئًا،فقال له: وكيف ترضى المقام معه على هذا؟ قال: فما لي حيلة في الهرب منه،لست أتوجه إلى جهة إلا أضر بي إنسان فكدني وأجاعني،قال ابن آوى: فأنا أدلك على مكان معزول عن الناس لا يمر به إنسان، خصيب المرعى، فيه قطيع من الحمر لم ترَ عين مثلها حسنًا وسمنًا،قال الحمار: وما يحبسنا عنها؟ فانطلق بنا إليها،فانطلق به ابن آوى نحو الأسد، وتقدم ابن آوى ودخل الغابة على الأسد، فأخبره بمكان الحمار فخرج إليه وأراد أن يثب عليه، فلم يستطِعْ لضعفه،وتخلص الحمار منه فأفلت هلعًا على وجهه،فلما رأى ابن آوى أن الأسد لم يقدر على الحمار قال له: أعجزت يا سيد السباع إلى هذه الغاية؟ فقال له: إن جئتني به مرة أخرى فلن ينجو مني أبدًا،فمضى ابن آوى إلى الحمار فقال له: ما الذي جرى عليك؟ إن أحد الحمر رآك غريبًا، فخرج يتلقاك مرحبًا بك،ولو ثبت له لآنسك ومضى بك إلى أصحابه،فلما سمع الحمار كلام ابن آوى، ولم يكن رأى أسدًا قط، فصدقه وأخذ طريقه إلى الأسد وأعلمه بمكانه وقال له: استعد له، فقد خدعته لك،فلا يدركنك الضعف في هذه النوبة،إن أفلت فلن يعود معي أبدًا،فجأش جأش الأسد لتحريض ابن آوى له، وخرج إلى موضع الحمار،فلما بصر به عاجله بوثبة افترسه بها،ثم قال: قد ذكر الأطباء أنه لا يؤكل إلا بعد الغسل والطهور،فاحتفظ به حتى أعود فآكل قلبه وأذنيه، وأترك ما سوى ذلك قوتًا لك،فلما ذهب الأسد ليغتسل عمد ابن آوى إلى الحمار فأكل قلبه وأذنيه رجاء أن يتطير الأسد منه، فلا يأكل منه شيئًا،فقال الأسد لابن آوى: أين قلب الحمار وأذناه؟ قال ابن آوى: ألم تعلم أنه لو كان له قلب يفقه به، وأذنان يسمع بهما، لم يرجع إليك بعدما أفلت ونجا من الهلكة؟ وإنما ضربت لك هذا المثل لتعلم أني لست كذلك الحمار الذي زعم ابن آوى أنه لم يكن له قلب وأذنان، ولكنك احتلت علي وخدعتني، فخدعتك بمثل خديعتك، واستدركت فارط أمري،وقد قيل: إن الذي يفسده الحِلم لا يصلحه إلا العلم،قال الغيلم: صدقت، إلا أن الرجل الصالح يعترف بزلته، وإذا أذنب ذنبًا لم يستح أن يؤدب لصدقه في قوله وفعله،وإن وقع في ورطة أمكنه التخلص منها بحيلته وعقله كالرجل الذي يعثر على الأرض، ثم ينهض عليها معتمدًا،فهذا مثل الرجل الذي يطلب الحاجة، فإذا ظفر بها أضاعها".

 

وقد نقل أبان بن عبدالحميد الشاعر العباسي للبرامكة كتاب "كليلة ودمنة" وجعله شعرًا ليسهل حفظه عليهم، وهو معروف، أوله:

هذا كتاب أدب ومِحنه
وهو الذي يدعى كليله ودمنه
فيه احتيالات وفيه رشد
وهو كتاب وضعته الهند

 

ويقع في أربعة عشر ألف بيت، وانتهى منه في ثلاثة أشهر، فأعطاه يحيى بن خالد عشرة آلاف دينار، وأعطاه الفضل خمسة آلاف، ولم يعطه جعفر شيئًا، وقال: ألا يكفيك أن أحفظه فأكون راويتك؟ (يرجع إلى كتابي "الأغاني" للأصفهاني، و"الكشكول" لبهاء الدين العاملي).

 

أما ابن المعتز فيقول في كتابه:

"طبقات الشعراء": إنه نظمه في أكثر من خمسة آلاف بيت في أربعة أشهر،وهذه عبارته نصًّا: "هو صاحب البرامكة وشاعرهم وصاحب جوائزهم للشعراء، وهو يستخرجها لهم ويفرقها عليهم، وهو الذي نقل كليلة ودمنة شعرًا بتلك الألفاظ الحسنة العجيبة، وهي هذه المزدوجة التي في أيدي الناس،وكان الذي استدعى ذلك وأراده يحيى بن خالد بن برمك،وكان قد اختار أبا نواس، فصار إليه أبان اللاحقي، فقال كالمنتصح: أنت رجل مغرم بهذا الشراب لا تصبر عنه وعن الاجتماع مع إخوانك عليه، وهو لذتك من الدنيا ومتعتك،وهذا الكتاب مشهور، ولم ينتقل إلى هذا الوقت من المنثور إلى الشعر،وإذا فعل ذلك تداوله الناس وطلبوه ونظروا فيه،فإن أنت توليته مع تشاغلك بلهوك ولذتك لم يتوفر عليه فكرك وخاطرك، ولم يخرج بالغًا في الجودة والحسن، وإن توفرت عليه واهتممت به قطعك ذلك عن لهوك ولذتك ومتعتك،فلا تقدم عليه إلا بعد إنعام النظر في أمرك،فظن أبو نواس أنه قد نصح له، واستقال الأمر فيه، فاستعفى عنه، وتخلى به اللاحقي، ولزم بيته لا يخرج حتى فرغ منه في أربعة أشهر،وهي قريبة من خمسة آلاف بيت،لم يقدر أحد من الناس أن يتعلق عليه بخطأ في نقله ولا أن يقول: ترك من لفظ الكتاب أو معناه،ثم حمله إلى يحيى بن خالد، فسر به سرورًا عظيمًا، وأعطاه على ذلك مائة ألف درهم"،ولابن الهبارية أيضًا "تاريخ الفطنة في نظم كليلة ودمنة".

 

وعن أثر "كليلة ودمنة" في الأدب العربي والآداب العالمية تقول د. نفوسة زكريا، في كتابها: "خرافات لافونتين في الأدب العربي" (ص15 - 17)، إن المسلمين لم يجدوا فيه ما يصطدم بشعورهم الديني؛ إذ عرفوا كلام الطير مع سليمان عليه السلام في القرآن الكريم، ومن ثم تقبله العرب تقبلًا حسنًا،ثم لم تقف شهرته عند العرب وحدهم، بل امتدت شرقًا وغربًا حتى صار بعد ضياع الأصل الهندي والترجمة الفارسية هو الأصل الذي ترجمت عنه لغات العالم،بل إن الفرس أنفسهم قد ترجموا هذا الأصل العربي إلى لغتهم عدة مرات، ومنها ترجمة حسين واعظ كاشي المعروفة بـ: "أنوار سهيلي" التي تمت في القرن الخامس عشر الميلادي والتي ترجمها بدوره إلى الفرنسية ساهد الأصفهاني بعنوان "كتاب الأنوار أو أخلاق الملوك" سنة 1644م في عصر لافونتين، الذي من الممكن أن يكون قد اطلع عليها وتأثر بها، وبخاصة أنه، في مقدمة المجموعة الثانية من خرافاته، يقر بمعرفته ببيدبا الحكيم الهندي المذكور في كل حكاية من حكايات ذلك الكتاب، وباتخاذه مصدرًا لخرافاته،وتشير د. نفوسة إلى انتعاش قصص الحيوان نثرًا وشعرًا في الأدب العربي بسبب من كتاب "كلية ودمنة"، كما هو الحال في نظم أبان اللاحقي لهذا الكتاب في أربعة عشر ألف بيت لم يبقَ منها إلا بضع عشرات ليس إلا، وكذلك نظم على ابن داود وبشر بن المعتمر وأبي المكارم أسعد بن خاطر، وإن كان هذا كله قد ضاع، كذلك نظمه ابن الهبارية في القرن السادس الهجري في كتاب سماه: "نتائج الفطنة في نظم كليلة ودمنة"، وابن مماتي المصري في القرن الذي بعده، وعبدالمؤمن بن الحسن الصاغاني في كتاب عنوانه: "درر الحكم في أمثال الهنود والعجم"، وجلال الدين النقاش في القرن التاسع، إلى جانب قصص الحيوان المؤلفة مثل "ثعلة وعفراء" لسهل بن هارون، و"الصادح والباغم" لابن الهبارية، و"سلوان المطاع في عدوان الطباع" لابن ظفر، و"فاكهة الخلفاء، نهاية القرن التاسع عشر، الذي سبق شوقي في هذا المضمار، رغم ما يقوله مؤرخو الأدب العربي من أن أمير الشعراء إنما نحا ذلك المنحى تأثرًا بالشاعر الفرنسي لافونتين بناءً على ما كتبه هو نفسه في هذا السبيل، وإن لم يمنع هذا أن يكون قد اطلع على ذلك التراث الأدبي عند العرب قديمًا وحديثًا إلى جانب لافونتين، الذي كان له الأثر الأقوى عليه.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • قصص الحيوان في أدبنا والآداب الأخرى (1)
  • قصص الحيوان في أدبنا والآداب الأخرى (3)

مختارات من الشبكة

  • قصص فيها عبرة وعظة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قصص رائعة للشباب - وقفات تربوية (قصص عن تقوية الإيمان)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • قصص رائعة للشباب - وقفات تربوية (قصص إيمانية)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة قصص الأنبياء (يواقيت البيان في قصص القرآن)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • قصص الحيوان للأطفال والناشئة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • قصة يوسف: دروس وعبر (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ملخص لخصائص القصة الشعرية إلى عصر الدول المتتابعة(مقالة - موقع د. أحمد الخاني)
  • القيم المستفادة من قصص الأطفال للكاتب "السيد إبراهيم"(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الابتلاء بالعطاء في ظلال سورة الكهف(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تعريف القصة لغة واصطلاحا(مقالة - موقع د. أحمد الخاني)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/11/1446هـ - الساعة: 14:30
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب