• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    التأويل بالحال السببي
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    الشرح الميسر على الآجرومية (للمبتدئين) (6)
    سامح المصري
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الحال لا بد لها من صاحب
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية النكتة رؤية تداولية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الإعراب لغة واصطلاحا
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    مفهوم القرآن في اللغة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / أدبنا / دراسات ومقالات نقدية وحوارات أدبية
علامة باركود

مقاربة المتخيل في القصة القصيرة جدا

مقاربة المتخيل في القصة القصيرة جدا
د. جميل حمداوي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 16/11/2014 ميلادي - 23/1/1436 هجري

الزيارات: 17819

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مقاربة المتخيل في القصة القصيرة جدا

(أنامل ريفية نموذجا)

 

المقدمة:

تندرج أضمومة (أنامل ريفية)[1] ضمن جنس القصة القصيرة جدا. ومن ثم، فهي تضم مجموعة من القصيصات لمبدعين شباب، ينتمون إلى منطقة الريف هوية أو انتماء أو استقرارا. وهؤلاء المبدعون هم: نورالدين كرماط، ورشيد العالم، وزلفى أشهبون، ومحمد خالدي، وعبدالملك قلعي، وإحسان الرشيدي، ومحمد العادك، ومحمد الهاشمي، ورامية نجيمة، ورشيد فارس، وحنان قروع، وبشرى ديان، ونور أشوخي. ويعني هذا أن الأضمومة تضم نصوصا سردية وامضة للذكور والإناث على حد سواء.


وما يهمنا في هذه الدراسة هو التوقف عند المتخيل السردي بالدراسة والتحليل والتقويم، بمساءلة مداراته الموضوعاتية، واستجلاء فنياته وجمالياته وأبنيته السردية، مع استكشاف مختلف الرؤى والمقاصد القريبة والبعيدة، الصريحة والضمنية، المباشرة وغير المباشرة.

 

مفهوم المتخيل السردي:

من المعروف أن المتخيل (L'imaginaire) هو مفهوم متعدد الدلالات، يختلف من مجال معرفي إلى آخر، ويختلف أيضا حسب النظريات الفلسفية والأدبية والنقدية والعلمية.أي: إنه مفهوم صعب ومطاط وشائك، ويصعب تحديده بشكل واضح وجلي؛ نظرا لاختلاف مدلولاته من حقل إلى آخر، ولاسيما أن هناك متخيلا جماعيا، ومتخيلا فرديا، وبينهما اختلافات بائنة بينونة صغرى وكبرى.


هذا، ويستلزم المتخيل الانتقال من العوالم الواقعية نحو العوالم الخيالية الممكنة، سواء أكانت علمية أم أدبية أم فانطازية أم ميتاسردية...ويعني هذا أن المتخيل ينزاح عن الواقع ويتجاوزه كما وكيفا، وقد يتلاءم معه تشكيلا ورؤية، أو يختلف عنه ملمحا وسمة، أو يستوحي عوالمه الظاهرة والخفية. وقد يتخذ المتخيل طابعا إبداعيا نفسيا، بتحويل الواقع إلى أحلام وأخيلة وأساطير ومحكيات فانطاستيكية تعجيبا وتغريبا، أو بتحويله إلى خوارق الخيال العلمي (Science de fiction).


وعلى الرغم من ذلك، يمكن تعريف المتخيل بأنه نتاج المخيلة، أو نتاج خيال الفرد المبدع، أو نتاج خيال الجماعة، أو نتاج خيال المجتمع، بإنتاج مجموعة من الصور، والتمثلات، والسرود، والمحكيات، والأساطير، سواء أكانت قريبة من الواقع أم بعيدة عنه.


وعليه، فالخيال هو الذي يحول الفكر الإنساني إلى متخيل، ثم إلى صور بلاغية، ثم إلى إبداع إنساني متميز. ومن هنا، يتسم المتخيل الإبداعي الفردي بتداخل الذاتي مع الموضوعي، مع تقاطعهما جدليا داخل الأثر الفني والجمالي. ولايقتصر المتخيل على المادة الإبداعية فحسب، بل يتجاوز ذلك إلى الشكل أو الصيغة أو الطريقة أو البناء أوالرؤية أوالرؤيا.

 

مقاربات المتخيل السردي:

يمكن القول، مع هيلين ڤيدرين (Hélène Védrine) وجويل توماس (Joël Thomas)، بأن ثمة مجموعة من المقاربات والمنهجيات[2] والتصورات الكبرى التي تناولت المتخيل في الإبداع الإنساني، شعرا ومسرحا وسردا وأسطورة وبلاغة وفنا[3]؛ إذ يمكن الحديث عن المقاربة السيكولوجية مع سيغموند فرويد[4] (S.Freud)، ويونغ[5] (C.G. Jung) ، وجان بياجيه[6] (J.Piaget)، وجاك لاكان[7] (Jacques lacan) ، وكورنيليوس كاستورياديس[8] (Cornelius Castoriadis)؛ والمقاربة البويطيقية (Poétique) مع گاستون باشلار[9] (G.Bachelard) وجان بورگوس[10] (Burgos)؛ والمقاربة الأنتربولوجية مع جلبير دوران (Gilbert Durand) الذي درس الصور والأساطير في ضوء قراءة رمزية[11]، حيث أثبت، في كتاباته النظرية المتنوعة، بأننا ننتمي إلى عالم الصور والرموز أكثر مما ننتمي إلى عالم الأفكار[12]؛ إلى جانب المقاربة الفلسفية مع جان بول سارتر[13] (Jean-Paul Sartre)؛ والمقاربة التاريخية مع ألان كوربان (Alain Corbin)؛ والمقاربة البلاغية مع لوسيان بلاگا (Lucian Blaga) الذي درس الاستعارة باعتبارها تجاوزا للواقع نحو عالم المتخيل. وأكثر من هذا، فالاستعارة هي مصدر قوة الصورة، كما أن الصورة أساس المتخيل[14].


وهناك المقاربة الإبداعية التي تتمثل في كتابات وتصورات ونظريات كل من: مالرو (Malraux) الذي تحدث عن الكتابة المتحفية للمتخيل، والسورياليين الذين تحدثوا عن المتخيل اللاشعوري، وگابرييل گارسيا ماركيز (Gabriel García Márquez) الذي تحدث عن الواقعية السحرية، وزادي سميث (Zadie Smith) الذي اهتم بالمتخيل في إطار التنوع الثقافي، وجلبير كراصيان (Gilbert Gratiant) وماريز كوندي (Maryse Condé) اللذين آمنا بالمتخيل المنفتح على العالم، إلى جانب آخرين، أمثال: باتريك شاموازو (Patrick Chamoiseau)، وإدوار كليصان (Edouard Glissant)، ورافائيل كونفيان (Raphaël Confiant)، ومالكوم دو غزال (Malcolm de Chazal)، وروبرت إدوار هارت (Robert Edward-Hart)، وخال تورابولي (Khal Torabully)، وليندزي كولان (Lindsey Collen)...

 

تيمات المتخيل السردي:

تتضمن الأضمومة القصصية (أنامل ريفية) مجموعة من المتخيلات الموضوعاتية على الوجه التالي:

متخيل القيم:

من المعلوم أن القيم هي مجموعة من التمثلات الأخلاقية والعادات والتقاليد والأعراف والمناقب الحميدة والفضائل المثلى التي ينبغي أن يتحلى بها الإنسان في حياته العملية. كما يتجسد ذلك في مختلف مواقفه السلوكية تجاه الله، وتجاه ذاته، وتجاه الآخرين، بغية تحقيق التوازن النفسي، والظفر بالسعادة الدنيوية والأخروية، والوصول إلى الكمال الوجودي النسبي.


ومن ثم، فإن هذا المتخيل القيمي يرد كثيرا في أضمومة (أنامل ريفية)، بتسريد مجموعة من الفضائل الخلقية وتحبيكها، سواء أكانت حسنة أم مشينة، ولاسيما قيمتي الصداقة والخيانة، كما يبدو ذلك جليا عند نورالدين كرماط في قصته (العناق الأخير):

" ولما اشتعلت في جسد صديقي الوفي نيران الوفاء... نظر يمنة ويسرة، ترك جحافل المتحلقين حوله، وقصدني أنا دون غيري.


احتضنني بشدة، وهو يردد: أنا صديقك الوفي، أنا صديقك الوفي... لا تصدق كلام الخصوم، والأعداء.


حينئذ تذكرت ما كان يكرره على مسامعي حد الإزعاج: سكين واحد يذبحنا."

تجسد هذه القصيصة العلاقة التي تجمع بين الأنا والغير أو العلاقة الموجودة بين الذات والآخر، تلك العلاقة التي يمكن أن تكون علاقة إيجابية قائمة على الإخلاص والوفاء، وقد تكون - من جهة أخرى- علاقة سلبية مبنية على العدوان والكراهية والإقصاء والتغريب. بيد أن العدوان هو الذي يتحكم - غالبا - في العلاقات الإنسانية والبشرية، وخاصة في زماننا المادي هذا.


وقد تتحول قيمة الصداقة إلى شائنة الخيانة والجرم والجريرة، كما يظهر ذلك واضحا في قصيصة (الخيانة) لمحمد العادك:

" أغرم بالقمر يوم التقاها.. أثناء غيابها كان يسأله عنها؛ بعد سنوات عادت وفية لترحل خائنة. الآن يكره ظهور القمر. ليتها لم تعد.."


تتجاذب هذه القصيصة ثنائية الوفاء والخيانة بغية تمديد خيوط الحبكة السردية المعقدة، في مختلف تضاريسها وتعاريجها ومنحنياتها، مع تأزيم خطاطتها المتنامية تعقيدا وتوترا ودرامية وانفراجا.


متخيل الذات:

يتحقق هذا المتخيل بتواجد (المرآة) التي تحيل، في المقاربات السيكولوجية، على حضور الأنا النرجسية، وانكسارها على مستوى الوعي واللاوعي، وميلها إلى الانطواء والعزلة والوحدة، والاهتمام المبالغ بالجسد، كما يتجلى ذلك بينا في قصة (مرآة) لزلفى أشهبون: " بين كل لقاء، وغسلة..تتأمل جسمها النحيل في المرآة.. وتصدق أنها بريئة."


هنا، تعد المرآة مصدرا للتأمل النفسي الشعوري واللاشعوي، وأداة انعكاسية لإدراك الجسد الشبقي الشهواني، في مختلف تجلياته وتضاريسه المتأرجحة بين الرشاقة والانتفاخ، بين الحقيقة والوهم؛ مع تصحيح النظرة إلى الذات وتقويمها، مادامت هناك خطيئة قد غلفت هذا الجسد المدنس بحمل موقع. ومن ثم، فالمرآة بمثابة وسيط أنطولوجي بين عالم الذات وعالم الواقع، أو هي كجسر فاصل بين منطقة الأنا ومنطقتي الهو والأنا الأعلى.


ومن جهة أخرى، تتميز الذات بتعاليها وطموحها المجنح، كما يبدو ذلك جليا في قصة (حذار) لحنان قروع:

" أراد أن يرفرف في أعالي السماء...أن يصاحب السحاب ويغازل النجوم...أن يجاري صهوات الريح، ويقلد أزيز الرعد وهديل الحمام...لكنه سرعان ما هوى، فقد نسي أنه بدون جناحين."


تصور هذه القصيصة طموح الإنسان وغروره في الوقت نفسه، وتجسيد انكساره الخائب في التسلق نحو المعالي السامية، وانبطاح أحلامه الهوائية المتتالية في السماء، وإن كانت حنان قروع تخالف ماذهب إليه الشاعر المتنبي:

إذا غامَرْتَ في شَرَفٍ مَرُومِ
فَلا تَقنَعْ بما دونَ النّجومِ

 

شتان بين تصور حنان قروع التقاعسي، والتصور الطموحي عند المتنبي. فالمخاطرة أساس الحياة والمجد وتحقيق العلا والمنى. وقد صدق الشاعر صفي الدين الحلي حينما قال:

ولاينال العلا من قدم الحذرا
لايمتطي المجد من لم يركب الخطرا

 

وعليه، لاتنال الحياة إلا بالتعب والكد والمغامرة، وركوب الأخطار، واقتحام المصاعب، والإكثار من الجد والعمل والمثابرة.


متخيل الكتابة:

تتجاوز القصة القصيرة جدا هموم الذات والواقع معا إلى استكشاف هموم الكتابة، مع استعراض آثارها الواعية واللاواعية في المبدع، ولاسيما حينما يخوض غمار التجربة الإبداعية بكل أبعادها الانفعالية والمرجعية والافتراضية، كما يظهر ذلك جليا في قصة (عناد) لمحمد خالدي:

" أمام المشهد الأخير من روايته "الأريكة المشتركة " شعر بالزهو، أعلن الحد والحداد، إستعجل قلمه فتمنع، أمر الحبر بالانسكاب حمرة من وريد الحسناء، تلطخت الأوراق بالبياض، ثارت ثائرته، كسر القلم بما علق فيه، سمع قهقهة الحسناء على اعتاب النهاية: "هههه كيف سترجمني الآن ".


تعج هذه القصيصة بأجواء الكتابة والإبداع والسرد، بتصوير صراع السارد مع شخوصه عند مشارف نهاية روايته المأساوية، حيث يقرر السارد أن يلون قفلتها بالسواد الجنائزي، ولكن ثورة التحدي والرفض والتصدي كانت بالمرصاد؛ إذ رفضت شخصيته المسماة بالحسناء الانصياع لهذا القدر التراجيدي، مطالبة إياه بتغيير مسار المشهد، وإلا فإنه سيتحمل عواقب ذلك الانزلاق الطائش.


ونجد هذا المتخيل نفسه في قصيصة ( الشاعر) للكاتب الأمازيغي محمد الهاشمي الذي نقل لنا تجربة الشاعر في صراعه المرير مع ذاته المهترئة من جهة، وواقعه الموضوعي المحبط من جهة أخرى[15]:

" سوَّى الأرض بالسماء،رشق بالشمس وجه القمر

وحين شح نبع الكلام، وجد نفسه عاطلا عن العمل.."


وهكذا، يلاحظ أن الكاتب، في قصيصته الأمازيغية، ميال إلى صور المبالغة والاستعارة والمجاز والفانتازيا لخلق متخيله الموضوعي الذي يعبر عن سعة خيال الشاعر في امتداده الفضائي، وتحليقه السريالي في العوالم الممكنة البعيدة عن الواقع الحسي والمرئي. لكن البوح الشعري قد تعقبه-أحيانا- لحظات الصمت الخارسة، وينتابه عقم الفكر، وانحصار الذهن، ويجتاحه فتور العواطف، فتجف المخيلة والقريحة معا، ثم يمنعه العجز عن التخييل والجنوح في آفاق الإبداع.

 

آليات المتخيل السردي:

تستند المجموعة (أنامل ريفية) إلى مجموعة من الآليات الفنية والجمالية التي يمكن حصرها في مايلي:

 

آلية الاستعارة:

تعد الاستعارة المصدر الأول للصور، وهي أيضا محرك المخيلة والخيال والتخييل، وهي كذلك أساس المتخيل الإبداعي.ومن ثم، فالاستعارة هي ممر فني للانتقال من الواقع نحو المتخيل الفني والجمالي. وتهدف هذه الاستعارة إلى تجسيد العواطف والأحاسيس وتشخيصها، أو أنسنة الأشياء والأفضية تحريكا وتوليدا وتفعيلا، مع تحويل الظواهر الساكنة إلى ظواهر حية متحركة، كما يتضح ذلك جليا في قصيصات نورالدين كرماط على سبيل التمثيل ليس إلا.

 

آلية التهجين:

نعني بالتهجين مزج اللغات والأساليب اللسانية ضمن ملفوظ سردي واحد، والغرض من ذلك كله هو خلق ازواجية لغوية أو خلق بوليفونية أسلوبية، تنم عن حضور مختلف الأصوات المتعارضة ضمن ملفوظ قصصي واحد، كما يتضح ذلك في قصيصة (في التاكسي) لرشيد العالم، حيث وظف فيها الكاتب الفصحى والدارجة المغربية تعبيرا عن اختلاف وجهات النظر، وتنوع الوعي الثقافي لدى الشخصيات المعروضة.


ونجد هذا التهجين اللغوي أيضا في قصيصة (غثيان) لرشيد فارس، حيث يخلط الفصحى بالعامية المغربية:

" دلفت إلى الحمام وهي تمسك على فمها، فظنت الأم لأمرها، بعدأن أمسكت بشعرها وولولت..."وِيلِي أَشْ غَادِي آنْقُولْ لَ النِّاسْ".


يعبر هذا التهجين اللغوي عن صراع الرؤى والأصوات الشخوصية، مع احتداد المواقف الدرامية والمشهدية، كما هو حال موقف الأم القائم على استنكار تصرف ابنتها الطائش.

 

آلية السخرية:

تحضر السخرية بكل مفارقاتها الصارخة والتهكمية في قصيصات الأضمومة، كما يبدو ذلك واضحا في قصيصة (عناد) لمحمد خالدي، حيث تنتهي بقفلة ساخرة أساسها التهكم والتحدي والعناد"


" أمام المشهد الأخير من روايته "الأريكة المشتركة " شعر بالزهو، أعلن الحد والحداد، إستعجل قلمه فتمنع، أمر الحبر بالانسكاب حمرة من وريد الحسناء، تلطخت الأوراق بالبياض، ثارت ثائرته، كسر القلم بما علق فيه، سمع قهقهة الحسناء على أعتاب النهاية: "هههه كيف سترجمني الآن ".


وهكذا، تنتهي القصيصة بقفلة مشهدية مأساوية، نشم فيها رائحة السخرية (هههه)، وإن دلت هذه العبارة المحاكاتية على شيء، فإنما تدل على مدى انتصار الشخصية على ساردها الذي أراد أن يضع حدا لوجودها التخييلي، بتحويل حياتها إلى جنازة مميتة، وحداد أسود قاتم.


ونجد هذه الآلية نفسها في قصة (موسيقا للجميع) لرامية نجيمة"


" وقف ببذلته البيضاء، ذات الخطوط السوداء، معلنا أمام الجماهير:

_ في مئوية مهرجان الموسيقا الراقية، فازت أغنية "رقصة الحصان" بالرتبة الأولى، وأغنية "أحبك يا حمار" بالرتبة الثانية"....


تطفح هذه القصيصة بنبرات السخرية والرمزية والتهكم والنقد اللاذع. وكذلك، تتسم بطابع الگروتيسك الماسخ، وطغيان القبح الحيواني المشوه.

 

آلية الميتاسرد:

يلتجىء كتاب المجموعة إلى آلية الميتاسرد لاستحضار عوالم الكتابة، وكشف المستور الإبداعي، وفضح اللعبة السردية بناء وكتابة وخلقا وتخييلا، كما يتبين ذلك جليا في قصة (مبدع) لعبد الملك قلعي:

" صاح.. أخد القلم والورق.. فكر ثم كتب.. نشر وأعلن.. لم يقرأ له أحد!


خرج يبحث عن قارئ.. لم يجد أحدا..أخرج حزمة أوراق وبدأ يوزعها على المارة.. تجاهله الجميع.. فجن وأغمي عليه."


تعبر هذه القصيصة - بصدق ومرارة- عن غياب المتلقي المفترض، وهي إشارة قاسية ودامية إلى موت القارئ، مع الإعلان عن إفلاس حرفة الكتابة، وانحلال ميثاق التلقي بين الطرفين: المبدع والقارىء.


آلية الترميز:

تعد الرموز من أهم آليات المتخيل السردي، وأساس التصوير والتخييل والتضمين في الكتابة الإبداعية. إذ ننتقل، بواسطة الرموز السيميائية، من المدلولات المعجمية المباشرة الأولية إلى المدلولات المجازية الموحية. وبتعبير آخر، ننتقل من التعيين إلى التضمين، أو من التقرير إلى المجاز. وتعد قصة (مثوى العسل) لإحسان الرشيدي من القصص الرمزية التي تعبر عن متخيل الحب والخطيئة:

" تذوقت العسل ٬أعجبها!! فأحست بعدها بخلية نحل في أحشائها..."


وهكذا، يدل معجم اللذة (العسل- تذوقت- أعجبها- خلية النحل- الأحشاء)، من الناحية الرمزية والإحالية، على الخطيئة الشبقية التي كانت تجمع بين كائنين أبيقوريين.


ونجد هذه الآلية كذلك عند بشرى ديان في قصتها (غرق):

" وثقت في بريق زبده....ارتمت في امواجه الدافئة....غرقت في بحر الدموع."


تتحول دوال هذه القصيصة إلى رموز سيميائية وإحالية مكثفة، تعبر عن تجربة رومانسية شبقية فاشلة، انتهت بالفراق الحزين، والمآل التعيس؛ بسبب الغدر والخيانة وعدم الوفاء.

 

آلية الحجاج:

يستعمل المتخيل السردي مجموعة من الآليات الفنية والجمالية والمنطقية، ومنها آلية الحجاج والاستدلال، وقد يكون هذا الحجاج للتأثير أو الإقناع أو الحوار أو الاقتناع أو الافتراض أوالاحتمال. ومن ثم، فقصيصة (حب بنفسجي) لنور أشوخي مليئة بأساليب الحجاج وتقنياته:

" أتاني تلميذي باسمًا، فقدَّم لي وردة بنفسجية، وهنَّأَني بالسنة الجديدة، أردتُ أن أُهدِيَه نصيحة، فقلت له: لا تترك نجومَك وترحل إلى سماوات أخرى، ولا تغرس أشجارًا وارفة، قد تكتشف بعد نُموِّها أنها بلا جذورٍ، وحينها ستقتلعها أول هبَّة نسيمٍ، تأمَّل وجوه أحِبَّتِك جيدًا، فربما أتى يوم لا تملك إلا أن تسمع أصواتهم عبر أجهزة الهاتف، واسكن قلوب الناس، ولا تقطن كلامهم.


اسكن سماءك، وتأمل حلاوة القمر، فسماؤهم مُزيَّفة، وصاحب اللحية البيضاء والثوب الأحمر، ليس إلا خرافةً، اخترعوها ليصنعوا سعادتهم التي لا يعرفون.


ابتسم تلميذي، وهزَّ رأسه، كأنه فهم لكنه لم يستوعب شيئًا، فقلت في نفسي: ربما أحتاج إلى 2014 حرفًا هجائيًّا جديدًا حتى يفهم لغتي."


توظف نور أشوخي مجموعة من الآليات الحجاجية على الصعيد اللغوي والفكري والمنطقي والبلاغي والأسلوبي منها: أسلوب النهي الدال على التحذير، وأسلوب الأمر الذي يهدف إلى التأثير والإقناع والاقتناع بصحة رأي المدرس، وأسلوب الافتراض الشرطي...


إلى جانب مجموعة من الصور البلاغية، والصور المجازية، والصور الفانتازية الخارقة، والاستعارات الموغلة في التجريد والتحليق الايحائي والافتراضي، مع استخدام أسلوب الجدل والتقابل بين المحمولات المنطقية إيجابا وسلبا، علاوة على تأرجح القصيصة - في الأخير- بين الإقناع وعدم الاقتناع.

 

الخاتمة:

وخلاصة القول، يتبين لنا، مما سبق ذكره، بأن مجموعة (أنامل ريفية) تندرج، على مستوى التصنيف، ضمن جنس القصة القصيرة جدا. وقد شاركت، في تأليفها، مجموعة من الأقلام الشابة التي تنتمي إلى منطقة الريف نشأة أو موطنا أو استقرارا، أمثال: نورالدين كرماط، ورشيد العالم، وزلفى أشهبون، ومحمد خالدي، وعبد الملك قلعي، وإحسان الرشيدي، ومحمد العادك، ومحمد الهاشمي، ورامية نجيمة، ورشيد فارس، وحنان قروع، وبشرى ديان، ونور أشوخي.


وتزخر هذه القصيصات الشبابية بمتخيلات إبداعية متنوعة ومختلفة من أهمها: متخيل الحب، ومتخيل الذات، ومتخيل القيم، ومتخيل الكتابة...


وقد اختار كتاب هذه الأضمومة أن يتوسلوا بمجموعة من الآليات التخييلية، كآلية الاستعارة، وآلية الميتاسرد، وآلية السخرية، وآلية التهجين، وآلية الترميز، وآلية الحجاج.


وللتنبيه، فثمة متخيلات وآليات فنية وجمالية أخرى، لم نتوقف عندها بشكل دقيق استقراء واستقصاء واستجلاء؛ إذ أرجأنا البحث فيها إلى مناسبات وفرص أخرى لضيق حيز المقال.



[1] مجموعة من المبدعين الشباب: أنامل ريفية، مجموعة قصصية قصيرة جدا، مخطوطة قيد الطبع.

[2] Joël Thomas: Introduction aux méthodologies de l'imaginaire, Ellipses, 1998, 319 pages.

[3] Hélène Védrine:Les grandes conceptions de l'imaginaire, De Platon à Sartre et Lacan, coll.Poche, 1990.

[4] Freud: Essais de psychanalyse appliquée, Trad. de l'allemand (Autriche) par Marie Bonaparte et E. Marty , Collection Les documents bleus, nouvelle série (n° 54), Série L'Homme, Gallimard ,Parution: 01-01-1933.

[5] تحدث كارل گوستاڤ يونغ كثيرا عن المتخيل الإبداعي الذي يساهم في توليد صور اللاوعي.

[6] يرى جان بياجي بأن المتخيل عند الطفل تعبير عن الانفعالات النفسية الواعية واللاواعية، وتحرير للرغبات المكبوتة التي يعيقها الواقع. ويتحقق نمو الطفل بواسطة الخيال والمتخيل. بمعنى أن المتخيل هو الذي يساعد الطفل على النمو والتفكير والتكيف مع الواقع. ومن ثم، يعوض المتخيل الواقع الغائب.

[7] Jacques Lacan: Le Stade du miroir comme formateur de la fonction du Je: telle qu'elle nous est révélée dans l'expérience psychanalytique, Presses universitaires de France, ‎ 1949.

[8] Cornelius Castoriadis: L'institution imaginaire de la société, Seuil.1975.

[9] Bachelard Gaston: La Poétique de la rêverie, Paris, P. U. F., 1978; L’Air et les songes, Paris, Éditions José Corti, 1978; L’Eau et les rêves, Paris, Éditions José Corti, 1979; La Terre et les rêveries de la volonté, Paris, Éditions José Corti, 1980; La Flamme d’une chandelle, Paris, P. U. F., 1980; Le Droit de rêver, Paris, P. U. F., 1988.

[10] Jean Burgos: Pour une poétique de l'imaginaire, Seuil, 1982.

[11] Gilbert Durand: Les structures anthropologiques de l'imaginaire,Paris, Dunod, 1969; L’Imagination symbolique, Paris, P. U. F., 2012.

[12] Gilbert Durand.: Figures mythiques et visages de l'œuvre. De la mythocritique à la mythanalyse, Paris, Berg International, 1979.

[13] Jean-Paul Sartre: L'imaginaire. Gallimard, coll. « Folio », ‎ 1973 (1re éd. 1940), 379 p.

[14] Blaga Lucian: La Genèse de la métaphore, in Trilogie de la culture, Paris, Librairie du savoir, 1995, Traduit par Y. Cauchois, R. Marin et G. Danesco.

[15] Yessemsagar tammurt aked ujenna.

Yewta s tfuct avembub n tziri.

Umi das qdant,Yufa yexf nnes bra tiwuri.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • القصة القصيرة جدا بالمغرب: نظرة بانورامية
  • حميد ركاطة والرؤية الفنية في نقد القصة القصيرة جدا
  • القفلة في القصة القصيرة جدا
  • الرؤية الواقعية الإسلامية في القصة القصيرة جدا
  • مكونات القصة القصيرة جدا وسماتها عند الأديبة الكويتية هيفاء السنعوسي
  • أنطولوجيات القصة القصيرة جدا في الوطن العربي
  • أنواع المقاطع السردية في القصة القصيرة جدا (أضمومة تفاحة الغواية للطيب الوزاني أنموذجا)
  • تخيل لو أنك لا تملك (إيميلا)!
  • أسماء الشخصيات في القصة القصيرة جدا بين التعريف والتنكير
  • القصة القصيرة جدا: أي ماض؟ وأي حاضر؟ وأي مستقبل؟
  • الصحيحان: موازنة ومقاربة

مختارات من الشبكة

  • مقاربة الصورة القصصية في أدب الأطفال عند الباحث المغربي محمد أنقار(مقالة - حضارة الكلمة)
  • مقاربة الجملة الفعلية في القصة السعودية القصيرة جدا(مقالة - حضارة الكلمة)
  • نظرية الملاءمة بين المقاربة التداولية والمقاربة التأويلية(مقالة - حضارة الكلمة)
  • أهمية المقاربة بالأهداف(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • خصائص القصة القصيرة جدا عند ميمون حرش (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • القصيدة القصيرة جدا وإشكالية المصطلح(مقالة - حضارة الكلمة)
  • قصص قصيرة جدا(مقالة - حضارة الكلمة)
  • ريان! (قصة قصيرة جدا)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • صفر التسامح؛ وغصة التنمر (قصة قصيرة جدا)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • يظنون (قصص قصيرة جدا)(مقالة - حضارة الكلمة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 22/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب