• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    أهل القرآن (قصيدة)
    إبراهيم عبدالعزيز السمري
  •  
    إلى الشباب (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    ويبك (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
  •  
    الفعل الدال على الزمن الماضي
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    أقسام النحو
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    نكتب المنثور (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
  •  
    اللغة العربية في بريطانيا: لمحة من البدايات ونظرة ...
    د. أحمد فيصل خليل البحر
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة
علامة باركود

وقع السلسلة ( قصة )

أ. محمود توفيق حسين

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/3/2014 ميلادي - 2/5/1435 هجري

الزيارات: 8394

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وقع السلسلة

 

الشاب الصغير الذي يعمل في المحل المتواضع لبيع العصافير الملونة، محل (ذيل العصفورة)،الجالس تحت الأقفاص في وداعة، دلف إلى محله بالمساء فتًى نحيف هادئ، يرتدي بنطالًا من الجينز مقصوصًا إلى الركبة ظاهرةِ العظم، يقف زبونه مرتدياً نظارة شمسية سوداء رخيصة على وجهه، ويداه في جيبه، يرغب في أن يبدو متعجرفاً قليلاً، بما يليق بفتى راقٍ مر من الحي الشعبي بالصدفة؛وآثار الشجارات القديمة على البشرة السمراء، واصفرار الأسنان، والوسخ الذي في الأظافر، وتقشف الكعبين الظاهر من الشبشب، جميعها مظاهر تفضح تقمصه الخائب.


سأله أي زوج من العصافير يفضل لو كان مكانه زبوناً، أخذ البائع نفساً عميقاً، وأشار إلى أحد الأقفاص بارتجالٍ نجح في إخفائه، وصرَّح بأن هذين العصفورين يمثلان أجمل زوجين هنا بغير شك. يمسك الزبون القفص من مقبضه، بعد أن دفع ثمنه وترك بعض البقشيش؛ وأثناء خروجه، صاح أحد المارة على دراجة ضاحكًا: الله يرحم أبوك، يغتاظ الزبون وينظر للبائع كأنه يسأله عن هذا الذي مر كأنه لا يعرفه، فأخفض رأسه معتذرًا له عن ذنب حضوره لموقف محرج.


يزفر البائع المرتبك ككل مرة يغادر فيها زبون، ويخرج بحرص، كأرنب يطل من جحره على الصخب والمخاوف المحدقة، ليجلس على كرسيه أمام المحل لفسحة الدقيقتين التي حددها لنفسه كل ساعة.


والسر الذي يحاول كتمانه، للحفاظ على هذه الفرصة الوحيدة التي توفرت له للعمل لكي يساعد أهله في ظل ظروف البلد الصعبة، والذي يدفعه لأن يزفر عندما يخرج الزبائن، سواء اشتروا أم لم يشتروا، و يمنعه من الاختلاط بالجيران وعمال المحلات القريبة كما يفعل الباعة للترفيه عن النفس، هوأنه مصاب بعمى الألوان. الفرصة الوحيدة التي أتت هذا المصاب بعمى الألوان هي بيع عصافير ملونة، ولم يكتشف أحد ذلك حتى الآن؛ لذا يدفع ثمن الأجر الزهيد ضغطًا عصبيًّا مهولاً في التكتم والمراوغة وانتظار لحظة الحقيقة، والشعور الساذج بالإثم، وإفراغ شحنة إحساسه بالنقص بمسح الأرضية مسحاً يوميًّا يجعل منها صقيلةً كمرآة، والاعتناء برفع فضلات العصافير بأكثر مما تعتني الأمهات في هذا الحي بتنظيف الرضَّع. إنه لم يكن يعلم أنه لا عمال وباعة المحلات المجاورة، ولا الزبائن، ولا صاحب المحل يفرق معهم هذا الأمر الذي يرهقه، فدرجة اهتمامهم بألوان العصافير لا يزيد عن درجة اهتمام العصافير نفسها.


وأثناء انهماكه في الاستمتاع بالدقيقتين من الفسحة، يتقدم إلى ناحية حائط المحل رجل مبتذل الملامح يرتدي بذلةً من الصوف وكوفية حمراء، وله شارب نحيل مرسوم ومصبوغ، وعظم وجنتين بارز يعطيه هيئة باسمة باستمرار، ومن يتعرف عليه لأول مرة سيحتاج إلى بعض الوقت حتى يدرك أن الرجل لا يبتسم، هو فقط حبيس هذه التقاطيع الباسمة.


إنه المعلم عبدالحافظ، صاحب المقهى المقابل، وأخطر رجل في الحي كله؛ مبولة مقهاه منشغلة، لذا جعل وجهه للحائط، ليبول بجوار بائع العصافير المنطوي مذعور الملامح، فاستدار مسرعًا قبل أن تنتهي الدقيقتان، ودخل محله شاغلًا نفسه بالنظر الفارغ إلى العصافير التي لا يعرف لونها، حتى لا يزعج المعلم عبدالحافظ المرعب أثناء تبوله، فيما بدا على العصافير انزعاجٌ ظريف من صفاقته وتلك الصنَّة التي تخمرت بها الأجواء في الليلة الشتوية.


هذا المعلم الذي أجاب الدولة إلى نذرها السري في ظروف غامضة، فاتخذته ذراعًا يمنى يبطش بها كهنتها في الزوابع الموسمية، بالممتنعين عن ربط الحمار حيثما شاء صاحبه، فيتعامل معهم بقسوة بالغة تليق برجل مشحون بالولاء الهمجي، كالذي لكلب حراسة جرى بالويل وهو يجر السلسلة، قد نزل هذه الناحية في بداية عمرانها فتى شديدًا بقدمين حافيتين، أقام بيتًا من الصفيح أناره بلمبة جاز، ووضع أمامه برميلين من الجاز والسبرتو الأحمر يتاجر فيهما. وارتفع نجمه في عالم الشقاوة شيئًا فشيئاً، من خلال مشاجرات شهيرة، ثم اتجار بالمخدرات والسلاح؛ مسيرة صعود في عالم البطش النامي خلف الأحياء المنارة، امتدت لأكثر من عشرين عاماً، إلى أن التأم الريف القديم بالمدينة بعد أن صار حيًّا شعبيًّا واسعاً، وتحول من مجرد شارد حقود نزل الناحية بليل، إلى قائد إجرامي ملهِم ومنمَّق متوقف عن استخدام يده، يأمن جيرانه شره، بعد أن ترفَّع تمامًا عن سفاسف المحلية، يتباهى بينهم بزيارة السينمائيين والساسة له في عرينه بالمقهى؛ هذه الزيارات على وجه التحديد جعلت جيرانه المتهامسين في السابق بهمجيته وجهله، يؤمنون إيمانًا لا يتزعزع بذكائه الفطري.


انتهى المعلم من إزعاج العصافير الظريفة المعترضة، بهذه البساطة التي تعبر عن ثقة مفرطة بالنفس، وأبوَّة مستفحلة ترفع الكلفة. واستدار بخطوات تتصف بالوقار والاسترخاء، وعاد لجماعة الأشقياء الجالسين خارج مقهاه بالقرب من موقد الفحم، على بعد ثلاثة أمتار لا أكثر من بائع العصافير، الذي خرج بحياء بعد أن اعتبر ما مضى وقتًا مستقطعًا من فسحته لمدة دقيقتين كل ساعة، وجلس وهو ينظر للرجل نظرة بها خليط من الانبهار والذعر كتلك التي ينظر بها المراهق لمثله الأعلى الذي لا يأبه به، فيما كان المعلم يبدو في جلسته بين الأشقياء كزعيم منتفخ مهموم.


فجَّر المعلم في ذلك المساء مفاجأةً للمجرمين الذين يحيطون به، جعلت بقية يوم بائع العصافير فسحة، فجرها وهو يضغط على الأحرف بغلٍّ ظاهر، فابنه نجح في الثانوية العامة كما يعلمون، ورتب له الوسائط القوية لدخول كلية الشرطة، وقد أخذ وعدًا بأنه لن يتم النظر إلى تاريخه عندما يراجعون ملف ابنه الذي سيتقدم به، مقابل خدماته البطولية (قالها برضاً وتواضع)، بشرط ألاَّ يكون على ابنه نفسه أي ملحوظة خطرة، وطارت الأسرة كلها من الفرحة، فابنه صفحة بيضاء، وهو الوحيد الذي فلح في الدراسة من أبنائه؛ إلَّا أن السنِّي[1] الأبعد أضاع الفرصة على ابنه ورماه للحزن والكآبة، لقد طار كل شيء بسبب رياض، ذلك السنِّي الشؤم؛ الإمام الذي اعتكف في جامع المنطقة منذ عشر سنوات، واعتكف معه ابنه.


قال أحد الأشقياء إن رجلًا كهذا يستحق القتل، رد عليه المعلم بأنه بالفعليريد ذلك، ويدفع في رأس الإمام رياض خمسين ألفاً. ثم أكمل بافتخار وادعاء: أنا رجل مسؤول ولا أرغب في مواجهة مفتوحة مع الإرهابيين. لن أسمح لهم بأن يستدرجوني لهذه المعركة، وأحتفظ بحق الرد؛ طرب بائع العصافير وودَّ لو قام وجلس بجانب المعلم ببساطة، ولكن هذه الأمتار الثلاثة لا زالت تبدو طويلة جدًّا.


لم يفهم الحاضرون لم لا يريد أن يقتله بنفسه، ولكنهم شعروا أن لديه أسبابًا عميقة وعقلانية. وسعدوا بهذا العرض شديد الإغراء، وحلم كل منهم بالخمسين ألفًا التي يمكن الحصول عليها باصطياد هذا الإمام. ومالوا على واحد منهم يسألونه عن رياض هذا، وهو لم يتعوَّد على أن يقول إنه لا يعرف أبداً، فلمعت عيناه وهو يؤكد عنه أنه رجل شديد الخطورة، وحاصل على الحزام الأسود، كما أنه يصوب بالسلاح على العملة المعدنية من بعد أمتار، ولمـَّا لاحظ اندهاشهم من كثرة مواهبه، اقترح على المعلم أن يرفع قيمة الجائزة، فهو يطلب رأس رجل حير أجهزة المخابرات والأمريكان أنفسهم .


فوجئ المعلم بحجم رياض الذي أوضحه اللص المدَّعي، وانتابه شعور بالغيرة مما أبداه من معرفة، فأضاف لكلام الشاب معلومة لعله لا يعرفها، وهو أن رياض يكتب الكتب، وقد كان معه أحد كتبه عندما اعتكف في جامع المنطقة؛ ولكن اللص سريع البديهة أكَّد أنه يعرف بالطبع أن رياض يكتب، وللعلم، فخطه جميل جدًّا.


تضخمت الجلسة بوجوه جديدة تحيط بالمعلم، ومضى آخرون وطاروا بالخبر، يبحثون عن أي وسيلة للوصول للإمام الخطير؛ انتشر خبر الجائزة الكبرى لمن يقتل هذا الذي لا شيء يُعرَف عنه غير أنه حل بالمنطقة منذ عشرة أعوام على سبيل الاعتكاف؛ وندَه الحلم كل العاطلين عن العمل، والمهددة مشاريع زواجهم بسبب عدم القدرة على توفير المتطلبات، وحتى هؤلاء الموهوبين الذي يطلبون وساطة المعلم إلى عالم الفن والشهرة.


والشاب الذي من المفترض منه إدخال عصافيره في الساعة العاشرة، لا زال في الفسحة، قد نسي موعد الغلق وشعر بنوع من الحماسة العظمى التي لم يعشها من قبل، بثها فيه المعلم بريح حقده الشخصي وعنادِه البهيمي، وتولدت لديه رغبةٌ شُجاعةٌ غير مسبوقة في أن يصل إلى مخبأ الإمام رياض قبل الكل، ليدل المعلم عليه من باب الحب الخالص؛ كان سعيدًا بهذه الحلم شبه القومي الذي شعشع في ظلمات هذا الشارع الشعبي، وعلى بعد ثلاثة أمتار منه؛ وتعشم أنه في هذه الأجواء التي يمكن للكل فيها الاتفاق فقط على إبداء الأسى المبالغ فيه على ابن المعلم على سبيل المجاملة، وكراهية ومحاربة رياض حد الحرص على القتل، ومطاردته، والتنكيل بمن يُشتبه به أثناء المطاردة، رغبةً في الجائزة، وانتشاءً بهذه الحميمية الجماعية، على وقْع السلسلة، التي جرى بها كلب الحراسة الشرس، تعشم أن يتصالحوا ويقبلوا بعضهم بعضًا كما هم، ويقبلوا عماه عن الألوان في محل ذيل العصفورة، ويغفروا له ما باع وما سيبيع بغير علم.


والمعلم مبتهج بحفاوة الناس، ومواساتهم اللزجة المتملقة، ونوافذ الإسلاميين في الحي التي أغلقوها تجنبًا للاستباحة، ويحكي مجددًا وبائع العصافير يسمع بطرب للمرة السابعة، عن الولد الذي دفع الثمن بعد عشر سنوات.


وخلافًا للقصة غير الدقيقة التي يحكيها؛ كان ما حدث أن ابنه كان طفلًا بريئًا ذهب للصلاة في الجامع القريب، وظل معتكفًا من صلاة الظهر إلى المغرب، مع جماعةٍ سائحةٍ من التبليغ والدعوة نزلت بالحي، مرت أمُّه من أمام الجامع ورأته جالسًا يقرأ معهم من كتاب (رياض الصالحين)، أشارت إليه على ذقنها بما يفيد التوعد، ونادت عليه فطلب منها أن تذهب، خجلان من أن تقف أمام الجامع وهو يجلس بين صحبته من المشايخ الوقورين المحتشمين، فرفعت الشبشب في يدها وهددته به، وذهبت تنتظره في البيت بالخرطوم، متوعدة أن تؤدبه على جلوسه مع السنيين، فقد وقع هذا الاعتكاف بعد أيام قليلة من هجمة رجال أمن الدولة على الشارع في الواحدة صباحاً، وقفوا بعربتهم المرعبة عند بيت أحد شباب الإخوان، وكسروا قفل الباب الخارجي بالرصاص، فبال أبو هند البقال المريض بالسكر على نفسه في دكانه المقابل؛ ونشر أخبار الهجوم المروع في الحي قبل الظهيرة.


يقوم المعلم من بين جمهوره بعد أن قال إنه سيجري اتصالًا هامًّا، يأخذ جواله ويدخل (ذيل العصفورة)، ويفتح زر الصوت، وتسمَّر الشاب مكانه من مفاجأة الحضور الطاغي، أما فهو لم يشعر بأي شيء تجاه الشاب، كأن المحل غير مأهول. يسأل المعلم الباشا عبر الجوال عن بصيص أمل في التقديم مرة ثانية لو عاد البلد لأصحابه قريباً، يطلب منه الباشا فخم الصوت أن ينزل إذن بكل ثقله، يعده المعلم بحرق الأرض تحت أرجلهم، ويطلب أن يعرف مثوى رياض الذي ضيَّع مستقبل ابنه، يستغرب الباشا الاسم، فيذكره المعلم بأنه الإمام المعتكف الذي ذكره له، الذي جاء اسمه في التقرير الأمني. يقهقه الباشا، ويقول بصوت من يفجر مفاجأة: الرجل الذي كان ابنك يقرأ معهم في كتابه في الجامع، لا يسمى رياض، بل هو الإمام يحيى النووي، صاحب كتاب رياض الصالحين. يضحك المعلم المتثاقف ضحكة خزي مدعيًا أنه حدث لديه خلط بسبب غضبه، ويصر على أنه يرغب إذن في الوصول ليحيى هذا وليس رياض، فينفجر الباشا ضاحكًا مرة أخرى حتى سعل، فيظن المعلم أنه يستكثر عليه اصطياد يحيى. وبعد قليل كان الباشا يدعوه لتجهيز رجاله، ليذهب بهم إلى هناك في ساعة الصفر، لأن الأمام يحيى النووي غالبًا سيذهب، وهم بلا دية، فليحرص على قتل أكبر عدد ممكن، فهذا قد يوفقه في قتله في جملة المقتولين، وأقسم أنهم لا يملكون للنووي صورة، ووعده إن نحرهم بدخول ابنه كلية الشرطة، ولو بعد حين.


وضع المعلم جواله في جيبه وهو يصر أسنانه ويتوعد الإمام يحيى النووي، وشعر بغيظ شديد من اللص المتحذلق الذي قدم معلومات كاذبة عن شخص لا وجود له، ولكنه انتوى أن يبلعها؛ فالأجواء حميَتْ لدرجة سيصبح معها تغيير اسم المطلوب عاراً؛ و شعر بائع العصافير بيأس شديد، لأنه أدرك أنه لن يقدر على مساعدة المعلم على قتل رجل مات منذ عدة قرون، وشعر بالصدمة من جهل عملاقه المهيب، وشعر بالحنق من نفسه كونه، وهو النكرة، يعرف شيئًا غائبًا عن ذهن هذا الرجل الجليل.وانتوى هو أيضًا أن يبلعها؛ لأن الأجواء حميت لدرجة سيصبح معها تغيير اسم المطلوب ثم إعلان موت المطلوب الجديد منذ مئات السنين فضيحة مدوية، ونهاية للحملة القومية التي يستبشر بها في الوصول لمجتمع متكاتف متراحم يبدو أنه لا سبيل للوصول إليه إلَّا على جثث. لقد شعر المعلم بوجود الفتى، وشعر الفتى بشعور المعلم بوجوده، وحدث تواطؤ عظيم صامت، على حفظ وقع السلسلة.



[1] يسمِّي العامةُ في مصر الملتزمينَ بالسنيِّين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • باعروب ( قصة )
  • التاكسي ( قصة )
  • الأرجوحة ( قصة قصيرة )
  • المحاكمة ( قصة )
  • أنوثتها (قصة)
  • أحفى الناس بي: "من جفوته"!
  • السلسلة الشهرية في السيرة النبوية من الرحيق المختوم للشيخ عبد الغني عبد ربه الرحيلي
  • من يوميات الحصار
  • دواء الكروب (قصة)

مختارات من الشبكة

  • كلام العلامة عمر الشماع الحلبي عن العلامة جلال الدين السيوطي في عيون الأخبار(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • درر وقع عليها النظر في كتب أهل الأثر (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • النهي والتحذير عن كثير من المحرمات التي وقع فيها أكثر الناس(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ما وقع للنبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الصحيفة الجامعة فيما وقع من الزلازل (WORD)(كتاب - ثقافة ومعرفة)
  • حال المؤمن إذا وقع في الذنب (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: {وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تخريج حديث: إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليمقله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة غرر الفوائد المجموعة في بيان ما وقع في صحيح مسلم من الأحاديث المقطوعة (النسخة 2)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة المهذب فيما وقع في القرآن من المعرب (النسخة 4)(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 


تعليقات الزوار
6- شكرا أخي كمال اليماني
محمود توفيق حسين - السعودية 06-03-2014 06:02 PM

أشكرك شكرا جزيلا أخي كمال

دمت بخير وود

5- شكرا أخي وحيد
محمود توفيق حسين - السعودية 06-03-2014 04:54 PM

شكرا أخي وحيد
خالص التحية والتقدير لك
دعواتك

4- شكرا د عامر سنبل
محمود توفيق حسين - السعودية 06-03-2014 09:13 AM

شكرا د عامر سنبل
وبالفعل هذه القصة تلح عليّ لرواية قصيرة مشحونة ومكثفة

3- هكذا فلتكن الكتابة !!
كمال اليماني - السعودية 05-03-2014 10:29 PM

كلما حاولت لملمة الحروف لأبني بها بيوتًا من الشعر عن جميل ما قرأت، تتبعثر الحروف وتتطاير خجلا !!
عميقة جدا .. ذلك هو المجتمع الأعمى الذي نعانيه بمصر !! ذلك هو حال قادة الجهل !!
رائع جدا ما رقمتَ.. رفع الله قدرك

2- فنان
وحيد - مصر 05-03-2014 08:44 PM

ما كل هذا الجمال والاقتدار والإيحاءات؟!
فعلا فنان
عمى الألوان رمز جميل
وبلطجي بتستخدمه الدولة يريد يقتل الإمام النووي :)

وتواطؤ .. وحالة فوضى صنعها الكاتب بطريقة منظمة ومتقنة ... جعل الفوضوى لوحة جميلة وكئيبة لدرجة البهجة
أنت فنان فنان

1- عمى ألوان مكتمل الأركان
عامر سنبل - مصر 05-03-2014 08:07 PM

نحن أمام عمى ألوان مكتمل الأركان، تبدأ هذه القصة الشيقة بفتى لديه عمر ألوان، ويعمل في محل بيع للعصافير الملونة، وتلك قمة المأساة وإن شئت فقل قمة الكوميديا سوداء
هذا هو الحدث الهام فى هذه القصة العجيبة، الذي سوف يلقى ضوءه عما تلى من أحداث، لأن أن المجتمع مصاب بنفس بهذا العمى، فضلا عن الفقر والمرض
الجمل في هذه القصة تتلاحق كحلقات فى سلسلة جمل من الذهب، ولها وقع سهل وجميل، فلغة الكاتب سهلة وقد اكتسب حكمة من تجاربه الخاصة المريرة
وكما تتلاحق الجمل تتلاحق الأحداث باختصار شديد، مما يدل على أنها موضوع لرواية، إذ أن الاحداث جسيمة لا ينفع معها قصة
من توفيق الى توفيق إن شاء الله.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب