• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    أهل القرآن (قصيدة)
    إبراهيم عبدالعزيز السمري
  •  
    إلى الشباب (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    ويبك (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
  •  
    الفعل الدال على الزمن الماضي
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    أقسام النحو
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    نكتب المنثور (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
  •  
    اللغة العربية في بريطانيا: لمحة من البدايات ونظرة ...
    د. أحمد فيصل خليل البحر
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / روافد
علامة باركود

العبث بالتراث .. (رسالة في الهيئة) أنموذجا

العبث بالتراث .. ( رسالة في الهيئة ) أنموذجا
د. أحمد عبدالباسط

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/1/2013 ميلادي - 23/2/1434 هجري

الزيارات: 12911

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

العَبثُ بالتُّراثِ.. (رسالةٌ في الهَيئةِ) أُنْمُوذَجًا


ظنَّ كثيرٌ مِن النّاس - وبعضُ الظَّنِّ إثمٌ - أنَّ تحقيقَ النُّصوصِ مَا هو إلا اجتهادٌ في قراءةِ النصِّ المخطوطِ ونسخه في بضع أوراق، مع توضيح مَا يُشْكَل مِن ألفاظٍ مِن وجهة نظرهم، ثُمَّ الدفعُ به بعد ذلك إلى المطبعة. وقد ظنُّوا بزعمهم - أيضًا - أنّهم إن أصابوا فلهم أجران، وإن أخطأوا فلهم أجرٌ.

 

وليس الأمرُ كذلك؛ فإنَّما هذا يكونُ في حقِّ المجتهد، وللمجتهدِ شروطٌ ينبغي أنَّ تتحقّقَ فيه، وقد عَدِمَها هؤلاء العابثون بتراثنا. فالذي يُمكن أنْ يُقَالَ في شأنِ المُحقِّق إنه إنْ أصابَ فقد أدّى مَا عليه تجاه النصِّ التراثيِّ، وإنْ أخطأ فقد أذنبَ - ليس في حقِّ نفسِه فحسب، ولا في حقِّ النصِّ الذي يقدّمه للقارئ - بل في حقِّ تراثِه كلّه الذي ينتمي إليه، والذي ضيَّعَه بجهلِه وهضمَ حقَّه عليه.

 

ومِن تلكمُ الأعمال التي لا يشكُّ المرءُ حين الاطلاع عليها وتصفّحها تصفحًا سريعًا - فضلًا عن التدقيق فيها - أنّها عبثٌ وتدليسٌ وافتراءٌ على تراثِ أُمّتنا، رسالةٌ صدرت عام 2006م عن مركز تحقيق التراث، تحت عنوان: (رسالةٌ في الهيئة. تأليف: أبي علي الحسين بن عبد الله بن سينا 370 - 428هـ)

 

فممّا لا شكَّ فيه أنّ عملًا يصدرُ عن مركز تحقيق التراث لهو جديرٌ باقتنائه وقراءته قراءةً تمتُّعٍ واستفادة، لا سيما إذا كان منسوبًا إلى ابن سينا (ت 428هـ)، الذي قيلَ في حقّه: "كانَ الطبُّ معدومًا فأوجدَه بقراط، وكان ميّتًا فأحياهُ جالينوس، وكان متفرقًا فجمعه الرازي، وكان ناقصًا فأكمله ابن سينا".

 

لكنَّ تلك القراءةَ لهذه الرسالة لم تعدْ بالمطموح إليه، وهما المتعة والاستفادة - وإنما عادت بالدهشة والتعجّب، بل بالحسرةِ والتندّمِ؛ لما هو موجودٌ في الرسالة متنًا وتعليقًا.

 

وأفصّلُ ذلك فأقول:

إنَّ ثمّة خطواتٍ تحقيقيةً ينبغي على المحقق اتباعُها قبل الشروعِ في عملية التحقيق، وهي تتمثل في: التحقُّق مِن اسم المؤلِّف، والتحقُّق من عنوان الكتاب المراد تحقيقه، والتحقُّق مِن نسبةِ هذا الكتاب إلى المؤلِّف المذكور، وجمع النُّسخ الخطيّة المختلفة.

 

والسؤال: هل التزمت المحقّقةُ - والكلمةُ على سبيل التجوّز - بتلك المقدمات التحقيقية، التي لا غنى عنها في أي عملٍ تراثيٍّ محقّقٍ؟

والإجابةُ المتوقعةُ مِن خلال قراءة هذا العمل هي: لا، بكلِّ تأكيد. ودليل ذلك في:

1- لم تتثبّت المحققةُ - والكلمة على سبيل التجوّز أيضًا - مِن نسبةِ الرسالةِ إلى مؤلِّفها؛ فنَسَبَتْهَا - وهمًا منها - إلى الشيخ الرئيس ابن سينا، ولم تراجعْ مَا كتبه السابقون عن ابن سينا ولا عن مؤلَّفاتِه المختلفة، بل إنها لم تتمرّس على أسلوب ابن سينا ولم تعرفه، ولو فعلت ذلك لتيقّنَت أنَّ نسبتَها إليه هو عينُ الخطأِ.

 

كما أنّها لم تُراجع تلك الببليوجرافيات التي أعدّها علماؤنا في حصر مؤلَّفات ابن سينا ومَا نُسِبَ إليه، ومنها - على سبيل المثال - مَا قامَ به الأستاذ يحيى مهدوي في (فهرست مصنفات ابن سينا)؛ الذي تنبّهَ إلى عدمِ جوازِ نسبتها إلى ابن سينا، وإلى أنّها ربما كانت مأخوذةً ومحرفةً مِن إحدى رسائل إخوان الصفا[1]

 

وبالرجوعِ إلى (رسائل إخوان الصفاء وخِلّان الوفاء)[2] اتضحَ أنَّ مَا أثارَهُ علماؤنا مِن شكوكٍ حول نسبةِ الرسالة إلى ابن سينا، وأنها ربما كانت محرفةً مِن إحدى رسائل إخوان الصفا، هو عينُ الصَّواب. حيثُ تأكّد لي أنَّ الرسالة المذكورة مَا هي إلا نسخةٌ محرّفة - وإن شئتَ قلتَ: مزوّرة - مِن الرسالة السادسة عشرة مِن رسائل إخوان الصفا، والموسومة بـ (السماء والعالم في إصلاح النَّفْسِ وتهذيب الأخلاق)[3]، وأنّه لا تصحُّ نسبتُها بحالٍ إلى ابن سينا.

 

فما مِن فقرةٍ، بل مَا مِن جُملةٍ، إلا وقد نقلها الناسخُ الأوّلُ لتلك النسخة المحرّفة مِن النصِّ الأصليِّ لإخوان الصفا إلى نسختِه، غير أنّه أضفى عليها بعضَ التغييرِ - كما سنرى - مِن حيثُ تقديم بعض العبارات وتأخيرها، أو حذف بعض الجمل الموجودة في النصِّ الأصليِّ؛ حتى تختفيَ معالمُ النصِّ الأصليِّ وتضيعَ نسبتُها إلى مؤلِّفها الحقيقي. ثُمّ نقلَ في نهايتِها فصولًا أخرى ليست في رسالة إخوان الصفا.

 

والذي جعلني أجزمُ بتعمّدِ التزييف والتزويرِ، ولم يجعلني أتجهُ اتجاهًا آخر وأذهب إلى جهلِ قارئٍ مَا وقعت في يدهِ الرسالة وهي غُفْلٌ مِن العنوانِ والمؤلِّف، فأثبتَ بجهلِه مَا خالَهُ عنوانها ومؤلّفها الصحيحين - هو أنَّ الناسخَ الأوّلَ لتلك النسخة المحرّفة قد عمدَ إلى حذفِ بعضِ الجملِ التي كانَ مِن الممكن أنْ يتعرّف القارئ مِن خلالها على مؤلِّفها الحقيقي، كحذفِ جُلِّ إحالاتِ إخوان الصفا في هذه الرسالة إلى مؤلَّفاتِهم الأخرى.

 

وأُبرهن على ذلك كُلّه فأقول:

أ- نُقِلَ الفصل الأوّل مِن الرسالة الأصلية، وهو بعنوان: (فصلٌ في بيان معرفةِ قول الحُكماء: إنَّ العالمَ إنسانٌ كبيرٌ)، واعتُبِرَ في تلك النُّسخة المحرّفة بمثابةِ المقدّمة لها:

(الصفحتان رقم 20- 21 من الرسالة الأصلية)

 

(الصفحتان رقم 15- 16 من الرسالة المحرّفة)


فباستثناء الآيتين المذكورتين هنا، وهما في غير محلّهما، نلاحظُ التشابهَ التام في العبارات، بل إنَّ ثمّة بترًا وتحريفًا في تلك النُّسخة المحرّفة لا يُفهم المعنى مِن خلاله، ويُكمله مَا هو موجودٌ في الرسالة الأصلية.

 

وهو قوله في النسخة المحرفة: "وله نفس واحدة سارية قواها في جميع جسمه، وهو موصل لربّه. وأنت راضع"!!، والصواب كما في الرسالة الأصلية: "ويرون - أيضًا - أنه له نَفْسًا واحدة سارية قواها في جميع أجزاء جسمها كسريان نَفْسِ الإنسانِ الواحدِ في جميع أجزاءِ جسمه".

 

أمّا قولُ إخوان الصفا: "كما وُصِفَ في كتابِ التشريح تركيبُ جسدِ الإنسان"، فإنما كانوا يعنون به الرسالة الثالثة والعشرين مِن رسائلهم في تركيب الجسد[4]، وليس كما ادّعت المحققةُ في الهامش.

 

ب- وردَ في الفصل الأوّل نفسه (فصلٌ في بيان معرفةِ قول الحُكماء: إنَّ العالمَ إنسانٌ كبيرٌ)، الحديثُ عن الجسم باعتباره أحد الموجودات بطريق الحواس، ونُقِلَ هذا الكلام إلى النسخة المحرّفة نقلًا حرفيًّا، باستثناء بعض عناوين رسائل إخوان الصفا التي أحالوا عليها؛ فقد تمَّ حذفها.

(الصفحة رقم 21 من الرسالة الأصلية)

•  •  •
(الصفحة رقم 17 من الرسالة المحرفة)

 

يُلاحَظُ أنَّ إخوان الصفا قد ذكروا: (رسالة الحاس والمحسوس)، و(رسالة العقل والمعقول)، و(رسالة الهندسة)، و(رسالة العلل والمعلولات)، وكلُّها رسائل لهم، قـد حُذِفت عناوينُها مِن تلك النسخة المحرفة، ما عدا (رسالة الهندسة)، الذي جاءَ التعليق عنها في هامش التحقيق كما يلي: "هو ترجمة مِن ترجمات كتاب المجسطي لبطليموس، ونُشِرَ ملخّصٌ له في كتاب ابن سينا الشّفا"!!. وهذا خطأٌ محضٌ؛ والصوابُ أنَّ إخوان الصفا كانوا يعنون بها الرسالة الثانية مِن رسائلهم، والموسومة بـ (جومطريا في الهندسة وبيان ماهيتها)[5].

 

ج- تحدّث إخوانُ الصفا عن عدد الأفلاكِ وترتيبها في فصلٍ بعنوان: (فصلٌ في أنَّ السماوات هي الأفلاك)، بينما وردَ الحديثُ نفسه في النسخة المحرّفة تحت عنوان: (فصل)، ثُمّ نُقِلت العبارات نفسها كما وردت عند إخوان الصفا.

 

(الصفحة رقم 22 من الرسالة الأصلية)

•  •  •

(الصفحات رقم 18- 20 من الرسالة المحرفة)


يُلاحَظُ أنَّ ناسخَ النُّسخةِ حدثَ له سبق نظرٍ، فوقع في خطأ لم تنتبه إليه المحقّقة؛ حيث جاءت عبارة الأصل: "واعلم يا أخي أنَّ كلَّ واحدة من هذه السبعة المقدم ذكرها سماءٌ لما تحته وأرضٌ لما فوقه، ففلكُ القمرِ سماءُ الأرضِ التي نحن عليها وأرضٌ لفلك عطارد، وكذلك فلك عطارد سماءٌ لفلك القمر وأرضٌ لفلك الزهرة...". بينما جاءت العبارةُ في النُّسخة المحرّفة: "ففلك القمر سماء للأرض، وأرض فلك الزهرة...".

 

د- تحدّثَ إخوانُ الصفا عن تركيب الأفلاك والسماوات بعضها فوق بعض، في فصلٍ بعنوان: (فصلٌ في تركيب الأفلاك وأطباق السماوات)، ووردَ العنوانُ مختصرًا في النسخة المحرفة، وهو: (فصل في تركيب أفلاك السماوات)، ثُمَّ جاءَ النصُّ في النسخة المحرفة مختصرًا أيضًا.

(الصفحتان رقم 22 - 23 من الرسالة الأصلية)

•  •  •
(الصفحتان رقم 20- 21 من الرسالة المحرّفة)


يُلاحَظُ في النسخة المحرّفة أنَّه قد حدثَ حذفٌ - إمّا عَنْ عمدٍ، أو سبقِ نظرٍ من الناسخ - للكلام الواقع بين جملتي: "بجميع ما عليها" "بجميع عليها"، وهو كما في الأصل: "مِن الجبالِ والبحارِ والبراري والأنهار والعمران والخراب، وهي واقفةٌ في مركز العالم في وسط الهواء".

 

كما يُلاحَظُ أنّه قد تمَّ تقديمُ النصِّ الأخير في النسخة المحرّفة على الشكل المذكور، الذي جاء عددُ الكرات فيه مضطربًا، وكذا بعضُ الأسماء الواردة به[6].

 

هـ - تحدّثَ إخوانُ الصَّفا في (فصل في أنّه ليس للعالم فراغٌ) عن عدم وجود فراغاتٍ بين هذه الأكر والأفلاك، وشبّهوها بطبقات البصل ورقائقه الملتصقة ببعضها. ونُقِل هذا الفصلُ كلُّه في تلك النسخة المحرّفة نقلًا حرفيًّا.

 

(الصفحتان رقم 23- 24 من الرسالة الأصلية)

•  •  •

(الصفحة رقم 22 من الرسالة المحرفة)


يُلاحَظُ أنَّ المحققة وقعت في التحريف - وما أكثر وقوعها فيه - فكتبت: "ما بين سطح الحاوي"، والصواب كما في الأصل:"مماس سطح الحاوي". وكذلك التحريف في: "صنفان من صفة الأجسام"، والصواب كما في الأصل: "صفتان من صفات الأجسام".

 

و- تحدّث إخوان الصفا في (فصل في أنَّ موضع الشمس وسط العالم) عن زعم أنَّ مركز الشَّمسِ وسط العالم، وشبهوها كالملك في الأرض، والكواكب حولها كجنود الملك وأعوانه. ونُقِلَ الفصلُ بتمامِه في النسخة المحرفة دون تغييرٍ يُذكر.

(الصفحة رقم 25 من الرسالة الأصلية)

•  •  •
(الصفحة رقم 22 من الرسالة المحرفة)


يُلاحَظُ أنَّ ثمّة كلمتين لم تتبينهما المحققة، فوضعت نقاطًا مكانهما دون أنْ تُصرّحَ في الهامشِ بتعثر قراءتها، بل إنها وضعت الكلام بعد هذا النقص في فقرةٍ جديدةٍ، وكأنّه غير متّصلٍ بما قبلَه.

 

جاء في النسخة المحرفة: "وذلك أن مركز الشمس في وسط فلكها، وفلكها في وسط الأفلاك... كانت جملة العالم إحدى عشرة كرة"، وهذا النقصُ هو - كما جاء في الأصل - "وفلكها في وسط الأفلاك لأنّه لما كانت جملة العالم إحدى عشرة كرة".

 

وبعدُ؛ فإنَّ هذه النماذج التي تَمَّ إيرادُها تُعَدُّ كافيةً للتدليلِ على مَا ذهبنا إليه، وإلا فمِن الممكنِ مضاهاةُ جلِّ فقراتِ الرسالة المحرّفة وسطورها بما هو موجود في الأصل عند إخوان الصفا؛ لنعلمَ علمَ اليقينِ أنَّ هذا النصَّ المنشور ما هو إلا نسخة محرّفة من رسالة إخوان الصفا.

 

وفيما يلي جدولٌ يضمُّ بعضَ عناوين الفصول في الرسالة المنحولة، مع ذكر أرقام صفحاتها مقارنةً بأرقام صفحاتها في رسالة إخوان الصفا:

اسم الفصل في الرسالة المنحولة

رقم الصفحة في الرسالة المنحولة

رقم الصفحة عند إخوان الصفا

مقدمة الرسالة

15- 17

2/20- 21

فصل في بيان هيئة السموات (كذا) بشاهد شرعي وبرهان هندسي - فصل

18- 20

2/22

فصل في تركيب أفلاك السموات

20- 21

2/22- 23

فصل في أنه ليس هذا العالم فراغ (كذا)

22

2/ 24

فصل في أن موضع الشمس في وسط العالم

22

2/ 25

فصل في معرفة هيئة البروج

23- 24

2/25- 26

فصل في مقادير أجرام هذه الكواكب من جرم الأرض

24

2/ 28

فصل في مقادير الكواكب الثابتة

25

2/28

فصل في اختلاف دوران الأفلاك حول الأرض

25- 26

2/ 29

فصل في أنّ دورانها كدوران الطائفين حول البيت

26- 27

2/ 33- 34

فصل في مثال أدوراها

28- 29

2/34- 36

فصل في علّة الكسوفين كسوف الشمس والقمر - فصل

30- 32

2/ 38- 39

 

وإذا غضضنا الطرفَ عَنْ هذا الخطأ الفادح، وتلك النسبة الخطأ إلى ابن سينا - فإنَّ ثمّةَ أخطاءً كثيرةً كفيلةٌ بأنْ تُودي بهذا العمل مِن أوّلِه إلى آخرِه.

 

وهي:

2- لم تستوفِ المُحَقِّقةُ النُّسخَ الخطية المختلفة للنصِّ؛ الأمرُ الذي مِن شأنِه إقامة النصِّ المُحقَّقِ في أقرب صورةٍ أرادها المؤلِّف له، بعيدًا عن الوقوعِ في التصحيفات والتحريفات، أو الزيادة في النصِّ، وهو مَا وقعَ فيه هذا العمل.

 

فقد جاءَ الكلامُ عن النُّسَخِ الخطيّة للرسالة كما يلي:

"توجد ثلاث نسخ لهذه الرسالة، بيانها كالآتي:

(1) نسخة كُتبت عام 850 هـ تقديرا، وهي عبارة عن المقدمة فقط وغير كاملة، وهي مصورة عن مخطوطة لندن (إضافية 1599 - المنسوخة عام 1221هـ).

 

(2) نسخة كُتبت عام 1163هـ بخطٍّ مغربي وبها نظام التعقيبة، ورسوم وأشكال، وتقع في (15 ورقة) ضمن مجموعة (الكتاب الثاني) من ورقة 25:40، وهي مصورة عن نسخة دار الكتب وناقصة الآخر خمس ورقات، برقم (10هيئة، ميكروفيلم 13106 دار الكتب المصرية) وبرقم 436(معهد المخطوطات العربية).

 

(3) نسخة وحيدة كاملة نُسخت بخط نسخ عام 1337هـ وتقع في نحو (19ورقة) برقم (43هيئة/ميكروفيلم14360).

 

وقد راجعنا ميكروفيلم النسخ السابقة المصورة في دار الكتب المصرية واستقر الرأي على تحقيق النسخة الثالثة لاكتمالها وتطابق محتواها، وترتيبه مع النسخ الأخرى غير المكتملة..."[7].

 

وقبل الخوضِ في الحديثِ عن النُّسخِ الخطيّة الأخرى للرسالة التي أغفَلَتْهَا المحقِّقة، ينبغي أولًا أنْ أُعلّقَ بعضَ التعليقِ على كلامِها السابق في إيراد النُّسخ الخطية:

♦ اعتمدت المحققة في وصف النسخة الأولى على ما ذكره ديفيد كنج في (فهرس المخطوطات العلمية المحفوظة بدار الكتب المصرية)، ج2، ص12، لكنّها لم تُشر إلى ذلك. وقد وقعت في خطأٍ جسيم لم تتنبّه إليه؛ فقد خلطت بين بيانات عُنوانَيْنِ مُختلفَيْن منسوبَيْن إلى ابن سينا.

أمَّا العنوانُ الأول فهو (رسالة في الهيئة = المختصر في علم الهيئة)، وجاءت بياناته كالتالي: 10، 2دهـ (ق25و - 40و، 1163هـ) 49دهـ (11 لوحة مصورة عن مخطوطة لندن إضافية 9599، 1221هـ) 43ده (38ص، 1337هـ[8]).

 

وأمَّا العنوان الثاني فهو (رسالة في الهيئة)، وهي عبارة عن صفحة واحدة تشتملُ على مقدمة رسالة في الهيئة، مغايرة تمامًا لرسالتنا التي نحنُ بصددِها، مِن حيث النّصِّ والتقسيم. وجاءت بياناته عند ديفيد كنج كالتالي: 863، 15دج (297ظ - 298و، 850هـ تقديرًا، المقدمة فقط). ومعنى هذا أنَّ هذه الرسالة تحت رقم 863 مجاميع (وقد رمز إلى فن المجاميع بالحرفين: دج)، وأنَّ ترتيبها هو الخامس عشر مِن هذا المجموع، وكتبت عام 850 هـ تقديرًا.

 

فجاءت المُحقّقة وخلطت بين بيانات العنوان الأول - وهو رسالتنا التي نحن بصددها - وبين بيانات العنوان الثاني - وهو عنوانٌ مختلفٌ تمامًا عمّا نحن بصدده - فجعلت تاريخ نسخ مصورة المتحف البريطاني هو تاريخ نسخ العنوان الآخر (850هـ تقديرًا)، بينما تاريخ نسخها الصحيح هو 1221هـ، فضلًا عن وصفِها بأنّها ناقصةٌ تشتمل على المقدمة فقط رغم أنّها كاملة!!

 

♦ جاء في وصف النُّسخة الثانية أنّها بقلم مغربي قد كُتبت عام 1163هـ، ثُمَّ ذَكَرت أنَّها ناقصة الآخر خمس ورقات. وإذا كانت النسخة ناقصةَ الآخر - كما ذكرت المحققة - فكيف لها إذن بالاهتداء إلى تاريخ النَّسْخ والنُّسخة خُلْوٌ - على حَدِّ زعمها - مِن حَرْدِ المتنِ الذي يشتملُ غالبًا على بيانات النَّسْخِ المختلفة؟!!

 

وبالرجوعِ إلى النُّسخةِ الخطيّةِ ثم النَّظرِ إلى فهرس أستاذنا الأستاذ عصام الشَّنْطي الخاص بالمخطوطات المصورة بمعهد المخطوطات العربية (الفلك - التنجيم - الميقات)[9]- والذي أشارت المحققة في الهامش إلى أنّها رجعت إليه - تبيّنَ أنَّ النُّسخةَ كاملةٌ غيرُ ناقصةٍ، وقد جاء في نهايتها (حرد المتن) أنَّ كاتبَها هو علي بن الترجمان، وقد كتبَها سنة 1163هـ، وبها رسومٌ وأشكالٌ.

 

♦ صدّرت المحقّقةُ الكلامَ في وصف النُّسخة الثالثة بأنّها النُّسخة الوحيدة الكاملة، ثُمّ لم تلبث أنْ ذكرت أنَّه "استقرّ الرأي على تحقيقِ النُّسخة الثالثة لاكتمالِها وتطابق محتواها"!!

 

ولا عجبَ في ذلك، بل العجب أنَّها لم تنظرْ في فهارس المكتبات الأخرى، ولم تُكلِّف أو تُعَنِّ نفسَها في النَّظَر إلى مَا ذكرَه بروكلمان في كتابِه (تاريخ الأدب العربي)، وفؤاد سزكين في الجزء السادس (الخاص بعلم الفلك) مِن كتابه (تاريخ التراث العربي)، ولا إلى تلك الببليوجرافيات التي أعدّها علماؤنا في حصر مؤلَّفات ابن سينا ومَا نُسِبَ إليه في مكتبات العالم. ولو فعلت ذلك لتبيّن لها أنَّ ثمّةَ نسخًا أخرى كاملةً يُمكن الاعتماد عليها في التحقيق بدلًا مِن الاعتماد على نُسخةٍ متأخرةٍ كتبها أحد نُسّاخ دار الكتب آنذاك - وهو محمود حمدي - سنة 1337هـ.

 

وهذه النُّسخ هي:

أ- نُسخة دار الكتب: تحت رقم (10 هيئة)، وهي ضمن مجموع (25و - 40و)، بقلم مغربي. وقد كُتبت سنة 1163هـ. وأغلبُ الظنِّ أنَّ نسخةَ محمود حمدي قد نُقلت عن هذه النُّسخة، والعجيبُ أنَّ المحققةَ لم تعتمدها، بل أشارت إلى أنّها ناقصة!

 

ب - نسخة المكتبة الوطنية بالجزائر: تحت رقم (1452)، وقد تمَّ نسخُها سنة 1183[10].

 

ج - نسخة المتحف البريطاني: تحت رقم (977/ 27)، وقد تمَّ نسخُها سنة 1221هـ[11]والعجيبُ كذلك أنَّ المحققةَ لم تعتمدها، بل أشارت إلى أنّها ناقصة أيضًا!

 

د- نسخة خسرو باستانبول: تحت رقم (251)[12].

 

3- الإخفاق الشديد في التقديم للنصِّ والتمهيد له: ممَّا لا شكَّ فيه أنَّ التقديمَ للنصِّ المُحقّق والإضاءة له مِن الأهمية بمكانٍ، بحيثُ لا يقلُّ أهميةً عَن عمليّةِ التحقيقِ نفسِها. ولا بُدَّ أنْ تشتملَ مقدّمةُ التحقيقِ على عناصر أساسية في أيِّ عملٍ، قد تزيد ولا تنقص، ولا خلاف بين جمهرة المُحقّقين حولها.

 

وهذه العناصر هي:

♦ مؤلِّفُ النصِّ المُحقَّقِ (حياتُه - نشأتُه - ثقافته - مؤلَّفاته الأخرى المطبوعة والمخطوطة - وفاته - أهم المصادر التي ترجمت له).

 

♦ النصُّ المُحقّق (موضوعُه ومَا أُلِّف فيه مِن قبل - أهميته ولماذا ينشره المحقّق - أثرُه في المتأخرين ومدى معرفتِهم به - مكانته بين الكتب السابقة واللاحقة ومَا يُقدّمه مِن جديد).

 

♦ النُّسخ الخطية المختلفة للنصِّ المحقَّقِ: وفيها يتمُّ وصفُ المخطوطات التي اعتمدَ عليها المُحقّقُ؛ مِن حيث: أماكنها، وأرقامها، ووصفها المادي، واسم الناسخ، وتاريخ النَّسْخِ، وما عليها مِن سماعاتٍ أو إجازات أو تملُّكات أو توقيفات، والعنوان المُثبت عليها، وتحديد للنسخة التي اعتمدها أصلًا، ورموز سائر النُّسخ التي قابل عليها.

 

♦ المنهجُ الذي اتّبعه المُحقِّقُ في إخراجِ النصِّ وضبطِه والتعليقِ عليه[13].

هذه هي العناصر الأساسية التي ينبغي توافرها في مقدّمة التحقيق. لكنَّ العملَ الذي نحنُ بصددِه جاءً خلوًا مِن كثيرٍ منها، كيف لا ولم تستغرق المقدمةُ كلُّها سوى ثلاث صفحات وربع[14]!!

 

وأفصّلُ ذلك فأقول:

أ- جاءَ التعريفُ بابن سينا - مؤلِّف الرسالة على حدِّ زعمِ المحقِّقة - تعريفًا موجزًا للغاية؛ حيث استغرق سبعةَ أسطر، ونصُّه:

"هو الحسين بن عبد الله، أبو علي، الشيخ الرئيس ابن سينا، ولد عام 371هـ = 980م/ وتوفي عام 428هـ = 1036م في (أفشنه) بالقرب من بخارى، واستقرّ مع والده فيها؛ حيث تلقى العلم، وحفظ القرآن الكريم، ودرس الأدب على معلم حتى بلغ العاشرة من عمره، كما درس الفقه، والمنطق، والهندسة على أبي عبد الله الناتلي، ثم درس الطب، ووحدة الطبيعيات والإلهيات على كتابات الفارابي، وله مؤلفات كذلك في علم الموسيقا، وأتقن العربية والفارسية. وكان يتمتع بذكاء وولع فانكب على دراسة كتابات اقليدس في الرياضيات، وبطليموس في الفلك"[15].

 

وعند البحث في الهامش عن مصادر هذه الترجمة العامة المختصرة، والمخلّة في الوقت نفسه بهذا المقام، فإننا لا نجدُ لها أثرًا، بل وتفاجئنا المحققة بالترجمة نفسها - أو قريبٍ منها - موضوعة في الهامش الأول من الصفحة الأولى للنصِّ المحقق، وكأنّها لم تقنع بذكرها في المقدمة فوضعتها مرةً ثانيةً في بداية النصّ المحقّق!!

 

وهذه الترجمةُ المذكورةُ رغم وجازتها ومَا بها مِن خَللٍ إلا أنَّ بها خطأً جليًّا وردَ في قولِ المحققة: "كما درس الفقه، والمنطق، والهندسة على أبي عبد الله الناتلي". وأبو عبد الله الناتُلي[16]هو أحدُ فلاسفة الباطنية المبرّزين؛ ولا علاقةَ له بالفقه مِن قريبٍ أو بعيدٍ حتى يأخذ ابن سينا على يديه الفقه، وإنما أخذ عليه دروسًا مِن كتاب (المدخل إلى علم المنطق)، المعروف باسم (إيساغوجي). أمّا الفقه فقد أخذَه - على حدِّ قولِه - قبل قدوم الناتلي على الفقيه إسماعيل الزاهد[17].

 

نقطةٌ أخيرةٌ فيما يخصُّ التعريف بالمؤلِّف، وهي: أينَ المُحقّقة والترجمة الوافية التي أعدّها ابنُ سينا لنفسِه، وقد نقلها عنها - وزاد عليها - تلميذُه أبو عُبيد الجوزجاني، ثُم تناقلتها عنه كتبُ التراجم المختلفة؟!![18].

 

ب - لم تحدّثنا المحقّقةُ عن أهميّة النصِّ الذي تُحقّقه، ولا عَن صلتِه بكتبِ السابقين، أو تأثيره في كُتب اللاحقين. فقط اكتفت، تحت عنوان (إضاءة على مخطوطة رسالة في الهيئة)، بنقل مُقدّمة الرسالة، ثم استعراض فصول الرسالة وأبوابها، مُصدّرة ذلك كلّه بجملة: "هذه الرسالة مِن مقتنيات دار الكتب المصرية ولم تحقق من قبل"[19]!!

 

ج - لم تُبيّن لنا المحققة في تلك المُقدمةِ المنهجَ الذي اتَّبَعَتْهُ في إخراج النصِّ، بل تركت الأمرَ كلَّه لملاحظةِ القارئ وفطنته إلى ذلك. كذلك لم تُرفق في ختام مقدمتها نماذج مصوّرة مِن النُّسخ الخطية التي اعتمدتها في إقامة النصِّ، وهو أمرٌ درجَ عليه جمهرةُ المُحقّقين؛ رغبةً منهم في مشاركةِ القارئ لهم، والاهتداء إلى مَا بذله المُحقّق مِن جهدٍ[20]

 

وإذا مَا تجاوزَ القارئُ مقدّمةَ التحقيقِ ومَا ورد بها مِن زلّات، ثُمَّ انتقلَ إلى النصِّ المُحقَّقِ فسوف يفاجئ - أيضًا - بجملةٍ وافرةٍ مِن الأخطاء؛ سواءٌ كان ذلك في متن الرسالة أو في هامش التحقيق.

 

وأفصّل ذلك فأقول:

1- لم تفهم المُحقّقةُ النصَّ المُحَقّقَ ولم تستوعبه كما ينبغي له؛ الأمر الذي أدى بها إلى عدم الانتباه إلى أخطاء النسخة؛ ومن ثَمّ الوقوع فيها. مثال ذلك[21]:

♦ وقعَ ناسخُ النسخة المعتمدة في سقط نتيجةَ سَبْقِ نظرٍ في: ص20، حيث جاء: "واعلم أنَّ كل فلك مِن هذه السبعة المتقدّم ذكرها [يقصد: القمر، ثم عطارد، ثم الزهرة، ثم الشمس، ثم المريخ، ثم المشترى، ثم زحل] سماء لما تحته وأرض لما فوقه، ففلك القمر سماء للأرض، وأرض فلك الزهرة. وعلى هذا القياس حكم سائر الأفلاك…".

والصواب - كما عند إخوان الصفا (2/22): "ففلك القمر سماء الأرض التي نحن عليها وأرض لفلك عطارد، وكذلك فلك عطارد سماء لفلك القمر وأرض لفلك الزهرة…".

 

♦ كذلك وقع ناسخ النسخة في سقطٍ أدى إلى التباس المعنى وعدم وضوحه، ولم تتنبّه إليه المحقّقة، فوقعت في الخطأ ذاته. جاء في ص32: "وتدور أبدًا في مقابلة الشمس إن كانت فوق الأرض تحتها [!!!]، وإن كانت هي تحت الأرض فظل الأرض فوق الأرض…".

والصواب - كما عند إخوان الصفا (2/39): "وتدور أبدًا في مقابلة الشمس: إذا كانت من فوق الأرض فظلُّ الأرض تحتها، وإن كانت تحت الأرض فظلُّ الأرض فوقها…".

 

2- أقحمت المُحقّقةُ على النصِّ مَا ليس فيه، وأضافت إليه مَا لم يُرده مؤلِّفُه الحقيقي. مثال ذلك:

♦ أوردت المحققةُ في المتن، ص15- 16، الآيتين الكريمتين: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ ﴾ [سورة الحج، من الآية 18]، و﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ ﴾ [سورة النور، الآية 41]. ثُمّ علّقت على ذلك في الهامش، قائلةً: "ورد نص هاتين الآيتين في متن المخطوط خطأ آية واحدة هكذا "ألم تر أن الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض والطير صافات كلّ قد علم صلاته وتسبيحه" وهما جزءان من آيتين منفصلتين، وقد تم كتابة نص الآيتين صحيحا في المتن".

 

والأمرُ كلُّه يرجع إلى خطأِ الناسخ في كتابة كلمة (يسبح) في آية النور؛ حيث كتبها (يسجد). وكانَ الأجدرُ بالمحققة أن تصحّحَ الكلمة فقط دون الإشارة إلى ذلك، ودون البحث عن آيةٍ قرآنية تشبه آية النور التي ذُكرت، ثُمّ إقحامها معها في المتن.

 

أمرٌ آخر، وهو أنَّ المؤلّف قد استشهد ببعضِ آية النور، ولا غروَ في ذلك، غير أنّ المحققة أرادت أنْ تثبتَ مَا لِم يرده المؤلِّف، فأكملت الآيةَ بقوله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ ﴾.

 

3- لم تقف المحقّقةُ موقفَ الناقدِ حيالَ تلك المعارف العلمية القديمة، والتي أثبت العلمُ الحديثُ خطأها، بل تركتها دونَ أنْ تُعلّقَ عليها أو تُثبتَ مَا أثبتَه العلمُ الحديثُ. مثال ذلك:

♦ لم تشر إلى مَا وصلَ إليه العلم الحديث حول ترتيب الأفلاك، وهو الذي يخالف مَا ورد في هذه الرسالة (ص18- 19). فالعلم الحديث يرى أنَّ المجموعة الشمسية تتكوّنُ مِن شمس واحدة وكواكب، وهي تختلف بحسب قربها وبعدها عن الشمس، وترتيبُها من حيث قربها مِن الشمس كالتالي: عطارد، ثُم الزهرة، ثُم الأرض، ثُم المريخ، ثُم المشترى، ثُم زحل، ثُم أورانوس، ثم نبتون. وكلّ هذا في السماء فقط.

 

♦ لم تُعلّق على مَا ورد في الرسالة (ص22) مِن أنه ليس للعالم فراغٌ، ولم تشر إلى مَا أثبتَه العلم الحديث مِن أنَّ كلَّ كوكب يحيطُ به غلافٌ جوّيٌّ، وبين كل كوكبٍ وآخر فراغٌ تنعدمُ فيه الجاذبية.

 

4- أخفقت المحقّقةُ في التعريف ببعض المصطلحات والكلمات؛ الأمر الذي أدى إلى التباس المعنى لدى القارئ. مثال ذلك:

♦ ورد في ص19، هامش (4): "الخبر: الحديث الشريف"[22]. وهذا وهمٌ مَا بعدَه وهمٌ؛ فقد اتفقَ علماء المصطلح (مصطلح الحديث) على تقسيمِ الخبر بالنسبةِ إلى مَن أُسندَ إليه إلى أربعة أقسام، هي: الحديث القدسي (وهو مَا نُقِل إلينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مع إسنادِه إياه إلى ربه (- عز وجل -، والمرفوع (وهو مَا أضيف إلى النبي من قول - صلى الله عليه وسلم - أو فعل أو تقرير أو صفة)، والموقوف (وهو مَا أضيف إلى الصحابي مِن قولٍ أو فعل أو تقرير)، والمقطوع (وهو مّا أضيف إلى التابعي أو مَن دُونَه من قولٍ أو فعلٍ)[23].

 

إذن فالجزمُ هنا بأنَّ الخبرَ هو حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - كلامٌ لا معنى له؛ لا سيما إذا كانت الكلمة (الخبر) جاءت هنا في حقٍّ أثرٍ منسوبٍ إلى حبر الأمة ابن عبّاس رضي الله عنهما.

 

♦ ورد في ص27، هامش (5)، وهامش (6): "الركن الشامي [أي: الركن الشامي للكعبة]: منسوب إلى اليسار. الركن اليماني [أي: الركن اليماني للكعبة]: المنسوب إلى اليمين". ولا أجدُ تعليقًا أُعلّق به في هذا المقام سوى التعجّب!!

 

5- لم تُلمّ المحقّقةُ الإلمامَ الكافي بمؤلَّفاتِ ابن سينا، وما طبعَ منها وما لا يزالُ مخطوطًا؛ فأخذت تُعنّي نفسَها وتعنّي معها القارئ في الاعتمادِ على نُسخٍ خطيّةٍ لمؤلَّفات طُبعت غيرَ مرةٍ.

 

مثال ذلك:

♦ نقلت المحقّقةُ في ص16، هامش (5) كلامًا مِن (رسالة في ذكر أسباب الرعد والبرق)، ثُمّ قالت: "وما زالت هذه الرسالة مخطوطة بدار الكتب المصرية تحت رقم (290 حكمة وفلسفة) ميكروفيلم (7423)". وكأنّ المحققةَ لا تعلم أنَّ الرسالة طُبعت غير مرّة، ومنها نشرة بتصحيح زين العابدين الموسوس، وعبد الله أحمد العلوي، عن دائرة المعارف العثمانية - حيدر آباد، 1934م، في 6 صفحات.

 

♦ نقلت المحقّقةُ في ص30، هامش (1) كلامًا مِن كتاب (الإشارات والتنبيهات)، ثُمّ إنها أشارت إلى نسخة خطية من الكتاب بدار الكتب تحت رقم (8فلسفة وحكمة)، ميكروفيلم (44875)، ص27أ. ولم تعلم المحققةُ أنَّ كتاب (الإشارات والتنبيهات) طُبِعَ غيرَ مرةٍ، وقد طُبعَ محققًا بأقسامِه الثلاثة (الطبيعة والمنطق والإلهيات)، بتحقيق سليمان دنيا. وصدرت الطبعةُ الأولى بين عامي 1947- 1949م عن مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه، ثُم أعيد طَبْعُه طبعةً ثانية عن دار المعارف بين عامي 1959- 1968م.

 

6- حشو هوامش التحقيقِ بما لا فائدةَ منه للقارئ، وربما الوقوع في تناقض واضح: وهذا أكثرُ مِن أنْ يُحصى في هذا المقامِ، لكن سأكتفي بإيراد نموذجين اثنين مِن تلك الأخطاء والتناقضات، ثم أُورد بعد ذلك جدولًا يضمُّ هوامشَ لا معنى لها غير الحشو والتطويل.

المثال الأول: جاء في ص21، هامش (1) في معرض الحديث عن تركيب أفلاك السماوات، وأنّ جملة العالم إحدى عشرة كرة: "ورد في المتن: إحدى عشرة كرة، وفي الرسم التوضيحي المصاحب أخطأ العدد ذكره اثنتا عشرة كرة، وهي في الحقيقة إحدى عشرة كرة مطابقة لما سبقه لقوله - عز وجل - في سورة يوسف: الآية (4) ﴿ إذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ ﴾ [يوسف: 4]...".

 

وإني لأتساءل: هل يصحُّ التدليل على أنَّ العالمَ مكوَّنٌ من إحدى عشرة كرة بهذا النصِّ القرآني الذي لا يشتمل على أية حقيقةٍ علمية؟ وأيهما أَوْلى في هذا الصّدَد: إثبات صحّة ذلك أو خطئه بما وصل إليه العلمُ الحديث، أم تطويع نصٍّ قرآنيٍّ كريم لا علاقةَ له بهذا الأمر؟

المثال الثاني: جاء في ص25، هامش (1): عند التعليق على جملة: "وفي رؤية العين جزء من عشرين من قطر جرم الشمس" قولها: "وردت في الأصل: رأي العين ولعلّ الصواب ما أثبتناه".

والصوابُ هو مَا وردَ بالأصل [24] ولم تثبته المحققة في المتن؛ ظنًّا منها أنّه خطأ. وكأنَّ التعبير القرآني: ﴿ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ ﴾ [سورة آل عمران، من الآية 13] لم يمرّ على مسامعها مِن قبل.

 

وفيما يلي جدولٌ يشتملُ على نماذج مِن تلك التعليقات التي لا معنى لها غير أنّها إثقالٌ لهامش التحقيق وتطويلٌ في النصِّ لا فائدة منه:

الموضع

الهامش

ص22، هامش (4)

ألبتة: قطعًا لا رجعة فيه [المعجم الوجيز]

ص26، هامش (2)

يسير: بسيط[25].

ص27، هامش (3)

هوينا: المشي البطئ الممتد.

ص34، هامش (1)

ألبتة: سبق تخريجه ص22

ص34، هامش(3)

بيّن: ظاهر وواضح.

ص36، هامش (3)

بيناً: واضحاً.

ص37، هامش (2)

واعتبر: اتعظ.

ص39، هامش (4)

بتَّة: هي ألبته وسبق تخريجها ص22

ص42، هامش (4)

وردت في الأصل: رؤسهم خطأ، والصواب ما أثبتناه.[26]

ص44، هامش (2) و(3) و(4) و(5)

سبق تخريجه ص16 - سبق تخريجه ص16 - سبق تخريجه ص16 -

سبق تخريجه ص16

ص44، هامش (8)

علا الرؤوس: ارتفع فوقها، ووردت كلمة الرؤس هكذا في الأصل، والصواب ما أثبتناه.

ص44، هامش (9)

لم يوضح المؤلف إذا كانت آية من آيات القرآن الكريم أو شرح في المتن. وهي نص آية في سورة النور: الآية (43) [27]

ص45، هامش (2)

الضدان: المخالفان اللذان لا يجتمعان.

ص45، هامش (3)

انعسار: اشتد. انظر مادة عسر في معجم ألفاظ القرآن الكريم: الجزء الرابع: ص221.[28]

ص45، هامش (10)

تهوي: تسقط من أعلى إلى أسفل بسرعة.

ص46، هامش (1)

بشيعة: قبيحة.

ص47، هامش (4)

الغيث والكلأ: المطر والحشيش الأخضر، أو المطر والنبات كله رطبه ويابسه.

ص47، هامش (5)

إهراق الدماء: صبها.

 

7- امتلأت الرسالةُ بعددٍ كبيرٍ مِن التصحيفات والتحريفات، التي ترجع غالبًا إلى:

أ- عدمِ فهمِ المعنى المقصود.

ب - كثرة التصحيفات في النسخة الخطية المعتمدة.

ج- عدمِ الإلمامِ بقواعد العربية (نحوًا وصرفًا).

د- أخطاء مطبعية لم يتم استدراكها من قِبَلِ المحقّقةِ.

 

ومِن أمثلة تلك التصحيفات والتحريفات الموجودة بمتن الرسالة فقط:

1- ص16، س8: "وماشاكل ذلك بكلام وجيزه قريب…". الصواب: ومَا شاكل… بكلام وجيز.

 

2- ص18، س2: "وإنما سُميت السمآء سمآء لسموها أي غلوها". الصواب: السماء سماء... علوها.

 

3- ص18، س8: "ككتاب المجسطي وغير...". الصواب: وغيره.

 

4- ص21،س2: "اثنتان منهما في جوف فلك القمر وهي النار والهواء...". الصواب: وهما.

 

5- ص22، س1: "فصل في أنه ليس هذا العالم فراغ". الصواب: ليس هذا العالم فراغًا، أو: ليس لهذا العالم فراغٌ.

 

6- ص22، س2: "كإحاطة طبقات خلف البصلة مابين سطح الحاوي". الصواب: مماس سطح الحاوي.

 

7- ص22، س7: "وكذلك أيضاً النور والظملة هما صنفان من صفة الأجسام". الصواب: وكذلك أيضًا النور والظلمة، هما صفتان مِن صفات الأجسام.

 

8- ص22، س15: "كانت جملة العالم احدى عشرة كرة". الصواب: إحدى (وهذا خطأ متكرّر).

 

9- ص25، س13: "ولكن تنقضي حركته عن سرعة محرّكه بشيء يسير". الصواب: تنقص.

 

10- ص26، س12: "وأن فلك القمر أيضاً حركته من أجل بعده من الحركة الأولى". الصواب: أبطأها حركةً.

 

11- ص27، س7: "فبهذا السبب إذا طاف الماشي شوطاً واحداً. لقد طاف الساعي أشواطاً فهو كالطائفين، وإن اختلفت أشواطهم من أجل...". الصواب: فقد طاف الساعي أشواطًا. فهؤلاء الطائفون وإن اختلفت أشواطهم.

 

12- ص30، س11: "فإذا اتفق أن تكون الشمس غند احدى العقدتين". الصواب: عند إحدى.

 

13- ص32، س2: "وأما ظل جُرِم القمر...". الصواب: جِرْمِ (وهذا خطأ متكرّر، أعني الضبط الخطأ).

 

14- ص33، س15: "فلا يفهمه الآمن فهو في هذه الصناعة". الصواب: إلا مَن هو في هذه الصناعة.

 

15- ص34، س6 بعد الشكل: "وأنه إذ اوجب استهلاله على البعد…". الصواب: إذا وجبَ استهلاله.

 

16- ص37، س3: "لانرى أن النساء إنما يحضن عند…". الصواب: ألا ترى أنّ النساء.

 

17- ص45، س10: "وانضمت الأجزاء بعضها إلى بعض وصار قَطّراً". الصواب: وصار قَطْرًا.

 

وإذا مَا فرغَ القارئُ مِن قراءةِ متنِ الرسالة فسوف يجدُ قائمةً بالمصادر والمراجع المعتمد عليها في التحقيق، يلاحظُ فيها:

♦ عدم استكمال البيانات الببليوجرافية الخاصة ببعض المصادر والمراجع. مثال ذلك: عدم استكمال بيانات المرجع رقم (18)؛ حيث وردَ كما يلي: "لالاند: موسوعة لالاند الفلسفية (الجزءان الأول، الثاني، الثالث)."!! فلم تُعرّف المحققة ببيان الطبعة؛ سواءٌ كان ذلك في التعريف باسم المؤلّف كاملًا (وهو أندريه لالاند)، أو مترجمها (خليل أحمد خليل)، أو بيان الطبعة التي اعتمدت عليها وتاريخ نشرها، وقد طُبِع في بيروت، وعمّان، والقاهرة.

وكذلك لم تُستكمل البيانات الببليوجرافية الخاصة بالمراجع أرقام: (8)، و(16)، و(21).

 

♦ إغفال وضع بعض المراجع المعتمد عليها. مثال ذلك: عدم وضع البيانات الببليوجرافية الخاصة بكتاب (معجم المؤلفين) لعمر رضا كحالة، رغم اعتمادها عليه هو وكتاب (الأعلام) لخير الدين الزركلي، الذي أثبتته في هذه القائمة.

 

♦ خطأ مطبعي في كلمة (شعيب الأرنؤوط)، حيث كُتبت: (شهيب).

 

وينتهي بنا المطاف عند (الفهرس التفصيلي) للرسالة، وهو يضمُّ عددًا ضخمًا من الكشافات التحليلية، بلغت اثني عشر كشّافًا، هي:

أولًا: الأعلام.

ثانيًا: الآيات القرآنية.

ثالثًا: الحديث الشريف.

رابعًا: المصطلحات العلمية.

خامسًا: مواقع الأفلاك والكواكب والاتجاهات.

سادسًا: الحركات والأفعال.

سابعًا: الأشكال.

ثامنًا: المقاييس.

تاسعًا: الأدوات.

عاشرًا: النبات.

حادي عشر: البلدان والأماكن.

ثاني عشر: المؤلَّفات.

 

ونظرةٌ عامةٌ إلى هذه الكشّافات التحليلية قبل التوغّل فيما تحويه مِن معلوماتٍ يُلَاحظُ أنَّ ثمّة تزيدًا واضحًا؛ سواء كان ذلك من حيث العددِ والكمِّ، أو مِن حيث التصنيف والكيف.

 

ويتضحُ هذا إذا مَا عُلِمَ أنَّ عدد صفحات النصِّ المُكَشَّفِ هو (34) صفحة فقط (15- 49ص)، ويزدادُ جلاءً ووضوحًا إذا مَا عُلِمَ أنَّ عددَ صفحات هذه الكشافات قريبٌ مِن صفحات المتنِ المُكَشَّف، حيث بلغت (25) صفحة (53- 77ص). وكانَ الأَوْلَى بالمحققة تجنبًا للإطالة والوقوع في التكرارِ - كما سنرى - أنْ تصنعَ كشّافًا شاملًا يضمُّ تلك المعلومات، مع تجنّب بعض الكشّافات غير المفيدةِ في هذه الصدد.

 

أمرٌ ثانٍ نلاحظه في تلك الكشّافات، وهو عدم مراعاة الترتيب المنطقي فيما بينها؛ حيث بدأت بكشّاف الأعلام، ثُم كشاف الآيات القرآنية، ثم كشاف الحديث الشريف. وكان الأجدرُ بها والأولى أنْ تقدّم كتاب الله وسُنّة نبيّه أولًا لما لهما من تقديسٍ وتوقير، لا سيما مع معرفتنا بأنَّ الرسالةَ المحققة رسالةٌ علمية قد لا يفيدُ فيها كشّاف الأعلام أو يترتب عليه أهمية لدى القارئ، ومِن ثَمّ ينبغي تقديمه.

 

أمرٌ أخير نلاحظُه مِن خلالِ استطلاعِ هذه الكشّافات، وهو أنَّ المحقّقة قامت بتكشيف مقدّمة المُراجع ومقدمة التحقيق والمتن معًا[29]. وهذا أمرٌ يمكنُ استساغتُه إذا ما تمّت الإشارةُ إلى ذلك، لكنها لم تُشر إلى ذلك لا في مقدمة التحقيق، ولا في مقدمة هذه الكشّافات.

 

♦ وإذا انتقلنا بأنظارنا إلى هذه الكشافات، فسنجد أولًا أنَّ كشاف الأعلام - وقد أطلقت عليه المحققةُ (فهرس الأعلام) - قد ضمَّ ستة أعلام، ابتدأته المحققة بـ "الحسين بن عبد الله، ابن سينا، علي بن سينا... 15، 36"، ثُمّ ذكرته ثانية تحت رقم (3) باسم: "علي بن سينا، الشيخ الرئيس: انظر: الحسين بن عبد الله... 15، 36".

 

والحقُّ الذي لا مراءَ فيه أنَّ (ابن سينا) لم يُذكر في متن الرسالة مطلقًا، أمَّا الموضع الأول الذي ذكرته المحققة - وهو (ص15) - فهو العنوان الذي أثبته الناسخُ للنُّسخةِ، وأمَّا الموضعُ الثاني - وهو (ص36) - فلفظُه: "قال المؤلِّف"، ولم يقل: "قال ابن سينا".

 

كذلك ورد في كشاف الأعلام اسم رسولنا الكريم (محمد) - صلى الله عليه وسلم - وأشارت إلى أحد موضعيه، وهو (ص49)، ثُم تلته بِعَلَمٍ آخر هو (محمود حمدي)، وأشارت إلى الصفحة نفسها.

 

و(محمود حمدي) هو أحد نُسَّاخ دار الكتب - آنذاك - وهو ناسخ النسخة التي اعتمدتها المحققة، وقد ورد اسمُه - وكذلك اسم نبيّنا - صلى الله عليه وسلم - في حرد متن النسخة، وهو ضمن مَا يسميه علماء الكوديكولوجيا بـ (خوارج النصّ). والسؤال هو: هل يجوزُ تكشيفُ مَا وردَ بخوارج النصِّ مِن بيانات؟!

 

♦ أمَّا كشّافُ الآيات القرآنية فقد التُزمَ فيه ترتيب الآيات على حسب ترتيب سور القرآن الكريم في المصحف، لكنّ المحققة أخفقت في ترتيب الآيتين: رقم (6)، (7)، فقدّمت آية الحاقة على آية الطلاقِ رغم أنّ سورة الطلاق يأتي ترتيبها في المصحف قبل سورة الحاقة.

 

♦ وأمَّا كشاف الحديث الشريف فلم يضم غير عنصرٍ واحدٍ، جاء نصُّه كما يلي: "عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - ترجمان القرآن: صحيح البخاري، باب النجم الثاقب، سورة الطلاق. ص19.".

 

ونحن إذا سلّمنا بجوازِ وضعِ الأثر المنسوب إلى الصحابي في كشاف الحديث الشريف - رغم انفراد هذا الكشّاف به - فأين إذن نصُّ الأثرِ المذكور وهو لم يذكر أساسًا في المتنِ المُكشّف، حيث جاءت العبارة: "وكذا رُوي في الخبر عن عبد الله بن عبّاس ترجمان القرآن"؟!

 

أمَّا سائرُ الكشّافات فقد تكرّرت فيها أخطاء بعينِها، تمثّلت في:

1- الخطأ في تصنيفِ الكلمات، وعدم وضعِها في الكشّاف اللائق بها: حيث وُضعت كلمات مثل: (الأرض - الأمطار - الأنهار - البحار - ثلوج - جسم/الجسم - سائر الكواكب - أصوات - العالم مضئ - الفلك الأعظم المحيط بجميع الأفلاك...) في كشاف المصطلحات العلمية، وكلمات مثل: (ركن الحجر الأسود - الركن الشامي - الركن اليماني - المسجد - وسط البحر...) في كشاف مواقع الأفلاك، وكلمات مثل: (أدوار كثيرة - الأغصان - التثليث - رؤية الشمس - رؤية العين...) في كشاف الحركات والأفعال، وكلمات مثل: (شهر، شهور، أشهر - شهر إبريل - شهر مايو - شهر يونيه - شهر يوليو - شهر أغسطس - شهر سبتمبر - نهار...) في كشاف المقاييس، وكلمات مثل: (بئر - بيضة - درجات - كرة...) في كشاف الأدوات والمواد، وكلمات مثل: (أنواع الثمار - الثمار - الزرع - الزروع - النبات - ورق الأشجار والنبات...) في كشاف النبات، وكلمات مثل: (أقاليم - بلد - البلدان - خلاء - دور المدينة - المسجد - مملكة...) في كشاف البلدان والأماكن... إلى غير ذلك مِن أخطاء.

 

2- تكرار كثيرٍ من الألفاظ في أكثر مِن كشّاف دون مبرّر. مثال ذلك:

♦ ذُكرت كلمة (البروج) في كشاف المصطلحات العلمية (ص58)، وكذا في كشاف المقاييس(71).

♦ ذُكرت كلمة (كرة) في كشاف المصطلحات العلمية (ص63)، وكذا في كشاف الأشكال (ص70)، وكذا في كشاف الأدوات والمواد (ص74).

♦ ذُكرت كلمة (المسجد) في كشاف مواقع الأفلاك والكواكب (ص65)، وكذا في كشاف البلدان والأماكن (ص76).

♦ ذُكر التركيب (وسط السماء) في كشاف مواقع الأفلاك والكواكب (ص66)، وكذا في كشاف البلدان والأماكن (ص76).

3- تكشيف ألفاظ لم ترد بنصّها في المتنِ المُكَشَّف، مع الإتيان أحيانًا باللفظ الصحيح الوارد في المتن مع تكشيفِه في الكشّاف نفسِه. مثال ذلك:

♦ وردَت في كشاف الحركات والأفعال، (ص68) الألفاظ التالية: (حركة ذاتية - حركة عرضية - حركة النملة الذاتية - حركة النملة العرضية) وكلّها تحيل إلى (ص25) مِن المتن. لكن بالرجوع إلى الصفحة المذكورة لم نجد جملة (حركة النملة الذاتية)، ولا جملة (حركة النملة العرضية).

 

♦ وردَت في كشاف المصطلحات العلمية، (ص63) الألفاظ التالية: (الكواكب السبعة - الكواكب السبعة السيارة - الكواكب السيارة - الكواكب السيارات)، وكلُّها تحيل إلى الموضعين: (ص24، وص29). وبالرجوع إلى الموضعين المذكورين لم نجد غير جملة (الكواكب السبعة السيارة) في (ص29) فقط. أمّا بقية الألفاظ المذكورة فمن باب تركيب الصفات ليس إلا.

 

وختامًا، يطيبُ لي أنْ أذكرَ مقولةً خالدةً قالها أحدُ شوامخِ التحقيقِ في معرضِ النُّصح والتعليم:

"إنَّ التحقيقَ نتاجٌ خُلقيٌّ، لا يَقْوَى عليه إلا مَنْ وُهِبَ خلَّتَيْنِ شَدِيدتَيْنِ: الأمانةَ، والصَّبْرَ، وهُما مَا هُما؟!".

[عبد السلام هارون: تحقيق النصوص ونشرها، 48]

 

المصدر: مجلة تراثيات، مركز تحقيق التراث، دار الكتب والوثائق المصرية، ع 13



[1] انظر: يحيى مهدوي: فهرست مصنّفات ابن سينا. طهران، 1954م. ص286.

[2] بعناية وتصحيح: خير الدين الزركلي. القاهرة: المكتبة التجارية، 1928م.

[3] وهي تقع في الجزء الثاني من رسائل إخوان الصفا، من ص20- 44.

[4] راجع: رسائل إخوان الصفا، 2/318- 333.

[5] راجع: رسائل إخوان الصفا، 2/49- 72.

[6] حيثُ جاءَ تسلسلُ الكراتِ إحدى عشرة كرة، بالإضافة إلى كرة الأرض (فلك التراب والماء)، بينما هي عشرة كرات فقط، وكذلك لمّا قال إخوان الصّفا: "ومِن فوقها فلك البروج، ومِن فوقه الفلك المحيط" جاء اسم الفلك المحيط في الشكل المذكور بالنسخة المحرفة (الفلك المستقيم)!!

[7] رسالة في الهيئة، ص11.

[8] أخطأ ديفيد كنج فذكر أنَّ تاريخ نسخ النسخة رقم (43هيئة) هو 1237هـ، والصواب ما ذكرتُه 1337هـ.

[9] انظر: عصام محمد الشَّنْطي: فهرس المخطوطات المصورة، الجزء الثالث (العلوم)، القسم الثاني (الفلك ـ التنجيم ـ الميقات). القاهرة: معهد المخطوطات العربية، 1999م. ص261.

[10] ذكرها بروكلمان في (تاريخ الأدب العربي)، ج5/44؛ وسزكين في (تاريخ التراث العربي)، ج6/280 (بالألمانية).

[11] ذكرها بروكلمان - أيضًا - في (تاريخ الأدب العربي)، ج5/44، وتوجد مصوّرةٌ منها بدار الكتب المصرية تحت رقم (49 هيئة).

[12] أشار إليها الأب جورج شحاتة قنواتي في ببليوجرافيته (مؤلَّفات ابن سينا)، ص229.

[13] انظر ذلك في: أيمن فؤاد سيد: الكتاب العربي المخطوط وعلم المخطوطات. القاهرة: الدار المصرية اللبنانية، ط1. 1997م. ج2، ص555.

[14] رسالة في الهيئة، ص9 - 12.

[15] رسالة في الهيئة، ص9- 10.

[16] كذا وردَ ضبط الكلمة (بضمِّ التاء) في: ابن ناصر الدين الدمشقي: توضيح المشتَبه، تحقيق: محمد نعيم العرقسوسي. بيروت: مؤسسة الرسالة، 1993م. ج1/313.

[17] يقول ابن سينا في ذلك: "ثُمَ جاء إلى بخارى أبو عبد الله الناتلي، وكان يُدعى المتفلسف، وأنزلَه أبي دارنا رجاء تعلُّمي منه. وقبل قدومِه كنتُ أشتغلُ بالفقه والتردّد فيه إلى إسماعيل الزاهد... ثُم ابتدأتُ بكتاب إيساغوجي على الناتلي". انظر: ابن أبي أصيبعة: عيون الأنباء في طبقات الأطباء، تحقيق: نزار رضا. بيروت: مكتبة الحياة، 1986م. ص437.

[18] انظر: عيون الأنباء في طبقات الأطباء، ص437 - 459؛ والذهبي: تاريخ الإسلام، تحقيق: بشار عوّاد معروف. بيروت: دار الغرب الإسلامي، ط1. 2003م. ج9/438 - 446.

[19] رسالة في الهيئة، ص10.

[20] يقول الأستاذ عبد السلام هارون في هذا الصّدَدِ: "وهو [أي: المحقق] إن قرنَ ذلك بتقديم بعض نماذج مصوّرة لها كان ذلك أجدر به وأَوْلى. وقد جرت العادة أن يصوّر في ذلك وجه الكتاب وبعض صفحاته...". عبد السلام هارون: تحقيق النصوص ونشرها. القاهرة: مكتبة الخانجي، ط7. 1998م.ص84.

[21] آثر الكاتب هنا الاكتفاء بضرب مثال أو مثالين على الأخطاء خشيةَ الإطالة؛ وإلا فالأمثلة على ذلك كثيرةٌ.

[22] وذلك تعقيبًا على قولِ المؤلِّف: "وكذا روي في الخبر عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنه - (كذا) ترجمان القرآن".

[23] انظر: محمود الطحان: تيسير مصطلح الحديث. الإسكندرية: مركز الهدى للدراسات، 1405هـ. ص96- 102.

[24] يؤكّد ذلك مَا ورد بلفظه عند إخوان الصفا، ج2/28.

[25] هذا خطأٌ لغويٌّ يخطئ فيه كثيرٌ من العوام. فكلمة (بسيط) تعني التوسُّع في كل شيء، ومعنى (بسطَ الأمرَ) أي: تناوله بتوسُّع مِن كافة جوانبه، و(كتاب البسيط في كذا) إنما يعنون به المبسوط، أي: المتوسّع في مجاله.

[26] وقد أثبتت المحققة الكلمة في المتن بواوين، هكذا: (رؤوسهم) ظنًّا منها أنها الأصوب. لكن الصوابَ - على حسب مَا قرّره مجمع اللغة العربية بالقاهرة مؤخرًا ـ أنْ تكتبَ بواوٍ واحدةٍ، هكذا: (رءوسهم)؛ وذلك كراهية توالي الأمثال.

[27] والسؤال هو: كيف كان سيوضح المؤلّف ـ على حد زعمها ـ أنّها نصُّ آية مِن القرآن؟

[28] فبالإضافة إلى تعريف مَا لا يلزم تعريفه، نجدُ هنا أنَّها قد عرّفت المصدر بالفعل!!

[29] يظهر ذلك في موضع واحد فقط من الكشافات، حيث ذكرت في الكشاف الرابع (المصطلحات العلمية)، ص61: (علم الهيئة)، وذكرت مِن مواضع الصفحات: 5، 9، 12، 49. ومعلومٌ أنّ النصَّ المحقق يبدأ بالصفحة رقم (15).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • محمود الطناحي .. عالم العربية وعاشق التراث
  • توظيف التراث في شعر أمل دنقل
  • التراث والمرجعية الإسلامية بين النقل والعقل
  • أسبقيتنا في التراث الإنساني
  • رسالة في تسوية الصفوف وإقامتها وإكمالها ورصها وسد الفرج
  • العبث بالتراث (1)
  • العبث بالتراث (2)

مختارات من الشبكة

  • مظاهر تأثر التراث اليهودي بالتراث الفرعوني الوثني(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • العبث بالأذهان(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • العبث اليهودي(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • العبث بالديمقراطية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • العبث بتقنية المعلومات(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • العبث بالزمن(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • العبث بالفرص(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • العبث بالسلاح(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • العبث بالمركبة(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • العبث بالثروة(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب