التقرير الختامي لأعمال مؤتمر مجمع اللغة العربية السنوي السابع

أقام مجمعُ اللغة العربية بدمشق مؤتمرَه السنوي السابعَ لعام 2008م، وعنوانه "التجديد اللغوي" برعاية كريمة من الأستاذ الدكتور غياث بركات وزير التعليم العالي في الجمهورية العربية السورية، وبحضور رؤساء مجامع اللغة العربية لكل من العراق والأردن وليبيا والجزائر والسودان، والباحثين المشاركين في أعمال المؤتمر، وأعضاء مجمع اللغة العربية بدمشق عاملين ومراسلين، ولفيف من أساتذة الجامعات والكتاب المهتمين.

جلسة الافتتاح

ألقى السيد وزير التعليم العالي راعي المؤتمر كلمةً في حفل الافتتاح في مكتبة الأسد الساعة العاشرة من صبيحة يوم الثلاثاء الواقع في 20 ذي القعدة 1429هـ الموافق 18/11/2008م تحدَّث فيها عن أعمال الجمهورية العربية السورية في مجال التمكين للغة العربية بتوجيه من السيد الرئيس بشار الأسد، ودعا السيد الوزير إلى وضع معاجم لغوية وتعريب المصطلحات ووضع برامج لتعليم العربية لغير أبنائها وإيجاد معيار لقياس الأداء اللغوي.

وألقى الدكتور مروان المحاسني رئيس المجمع كلمة تحدث فيها عن اهتمام الأمم الحية بلغاتها، وسلط الأضواء على واقعنا اللغوي وأعمال مجمع اللغة العربية في النهوض باللغة العربية.

وألقى الدكتور أحمد مطلوب رئيس المجمع العلمي العراقي كلمة الأساتذة الباحثين المشاركين في المؤتمر، أشار فيها إلى دعوات التجديد المشبوهة من قبل، وأبان أنها ليست تجديدًا وإنما هي لهدم اللغة العربية والقضاء على أهم مقومات وحدة الأمة العربية، أما التجديد الذي يبحثه مؤتمر مجمع اللغة العربية بدمشق فهو لخدمة اللغة العربية في الحفاظ على نظامها وبنيتها مع الاستجابة لمتطلبات العصر، ووقف على محاور المؤتمر.

وفي الجلسة الصباحية أيضًا ألقى الدكتور أحمد الضبيب من المملكة العربية السعودية المحاضرة الافتتاحية وعنوانها "التجديد اللغوي بين الواقع والمأمول"، عالج فيها ثلاثة محاور هي: تجديد التغيير، وتجديد التطوير، وتجديد التيسير.

أما تجديد التغيير فتمثل في هجر الفصحى إلى العامية وإلى لغة أجنبية، وتغيير حروف اللغة العربية إلى الحروف اللاتينية، وتعديل اللغة من حيث الجنس وإلغاء الإعراب.

أما تجديد التطوير فتمثل في التجديد في الكتابة العربية. وتمثل تجديد التيسير في محاولات تيسير النحو، ثم وقف على النظرة المستقبلية إلى التجديد من حيث تحديد مستويات المتلقين والمحافظة على الإعراب واعتماد التراث في قواعده ومصطلحاته.

الجلسة المسائية

استأنف المؤتمر أعماله في جلسة مسائية من اليوم نفسه برئاسة الأستاذ الدكتور عبد السلام المسدي، وقدم الأستاذ الدكتور عبد الكريم خليفة رئيس مجمع اللغة العربية الأردني بحثًا عنوانه "أبو بكر الزبيدي الإشبيلي رائد تيسير العربية" أبان فيه موقف الزبيدي في كتابه "الواضح" من الاستشهاد، وذكر أن الزبيدي دعا إلى وحدة اللغة صرفًا ونحوًا ونطقًا، وأوضح الباحث أن التجديد الذي لا يمس ثوابت اللغة ضرورة حتمية. وقدم السيد مروان البواب عضو المجمع بدمشق بحثًا عنوانه "دور التقانات الحديثة في تحديث المعجم"، أشار فيه إلى أهم التقانات المستعملة في مصادر المعلومات وفي البحث والتحرير والاتصالات، ووقف على مضمون المعجم العربي الحاسوبي وإخراجه وأوضح مزاياه.

ثم قدم الدكتور محمد مكي الحسني الجزائري أمين المجمع بدمشق بحثًا عنوانه "يوسف الصيداوي المجدد اللغوي" وأشار فيه إلى الفرق بين النحو والقواعد وإلى أن النحو لا يعلّم اللغة، وسلَّط الأضواء على كتاب "الكفاف" لمؤلفه اللغوي يوسف الصيداوي.

وألقى الدكتور عبد الإله نبهان عضو المجمع بدمشق بحثًا عنوانه "الشيخ عبد القادر المغربي داعية التجديد اللغوي" سلط الأضواء فيه على كتاب الاشتقاق والتعريب للمغربي، وأبان أن المغربي كان يميل إلى التعريب، وذكر أعماله في تصحيح الأخطاء الشائعة ودعوته إلى الاجتهاد اللغوي.

الأربعاء 19/11/2008م

عقد المؤتمر جلسة صباحية استمرت من الساعة العاشرة صباحًا حتى الواحدة بعد الظهر ناقش خلالها أهم إنجازات ألفاظ الحضارة التي وضعها المجمع في السنوات السبع الأخيرة، وقد عقدت الجلسة برئاسة الأستاذ الدكتور عبد الكريم خليفة رئيس مجمع اللغة الأردني، وكان المقرر لها الأستاذ شحادة الخوري عضو مجمع اللغة بدمشق.

الجلسة المسائية

وفي الجلسة المسائية من اليوم نفسه، استأنف المؤتمر أعماله فعقد جلسة استمرت أربع ساعات من الساعة الخامسة مساءً حتى التاسعة برئاسة الأستاذ الدكتور محمود السيّد نائب رئيس المجمع وكان المقرر الأستاذ مروان البواب، وقد استمع المؤتمر خلالها إلى ستة بحوث وناقشها.

وكان البحث الأول للأستاذ الدكتور عبد السلام المسدي من تونس وعنوانه "تجديد النحو: أبعاده وحدوده" تناول فيه مفهوم النحو وتشعيب المصطلح، ووقف على علم الإعراب، وقدم "إحياء النحو" للأستاذ إبراهيم مصطفى أنموذجًا لمبدأ التفسير والتعليل، وعرض للنقلة النوعية التي تمت في مجال اللسانيات الإدراكية.

أما البحث الثاني فقدمه الأستاذ الدكتور أحمد مطلوب رئيس المجمع العلمي العراقي وعنوانه "تجديد البلاغة"، وقد تضمن البحث أهداف البلاغة وأنواعها وظواهرها الجديدة، ووقف على الأسلوبية والشعرية والعلاقة بين البلاغة والنقد، وسأل: هل تجديد البلاغة ينحو منحى تجديد النحو؟ ثم قدّم مجموعة من التوصيات العملية في مجال الارتقاء بواقع تدريس البلاغة.

وقدمت الأستاذة الدكتورة وفاء كامل فايد من جمهورية مصر العربية والخبيرة في مجمع اللغة العربية بالقاهرة بحثًا عنوانه "التجديد في صناعة معاجم التجمعات اللفظية العربية"، تناولت فيه أهمية التجمعات اللفظية في العمل المعجمي، وأبانت أنماط هذه التجمعات وأنواع معاجمها، ووقفت على واقع معالجة التجمعات اللفظية العربية في مجال الصناعة المعجمية، ثم قدمت تصورًا مقترحًا لمعالجة المعاجم القطاعية العربية الخاصة بالتجمعات اللفظية، وأشارت إلى المعلومات التي ينبغي تخزينها في قاعدة البيانات.

وكان البحث الرابع للأستاذ يحيى مير علم عضو مجمع اللغة العربية المراسل بدمشق وعنوانه "قواعد الإملاء في ضوء جهود المحدثين"، قام الأستاذ مروان البواب بتقديمه نيابة عنه، وقد اشتمل البحث على أهمية قواعد الإملاء وما تجب مراعاته في وضع قواعد إملائية موحدة وميسرة، ووقف على مشكلات الإملاء العربي، وجهود المعاصرين في قواعد الإملاء تقريبًا وتيسيرًا وتجديدًا، ثم عرض للتجديد اللغوي في قواعد الإملاء حاسوبيًا، وقدم مقترحات لتوحيد قواعد الإملاء.

أما البحث الخامس فكان للأستاذ الدكتور مازن المبارك عضو مجمع اللغة العربية بدمشق، وعنوانه "التجديد في قواعد العربية ومناهجها"، وقد أشار فيه إلى أن النحو لا يعلم اللغة، وأن اللغة لا تتعلم من فرع واحد، وركز على وحدة اللغة في العملية التعليمية، ثم أشار إلى الثغرات الموجودة في مناهجنا، وأبان أثر السليقة والممارسة في اكتساب اللغة، وقدّم عددًا من التوصيات للنهوض بالواقع اللغوي في المجال التربوي.

وكان البحث الأخير في هذه الجلسة للأستاذ الدكتور ممدوح خسارة عضو مجمع اللغة العربية بدمشق وعنوانه "معاجم فصاح العامية وأثرها في التجديد اللغوي"، وقد اشتمل البحث على ذكر مؤلفات تفصيح العامية في تراثنا، ثم وقف على المآخذ على المعاجم الحديثة لفصاح العامية ووضع تصورًا لمعجم مقبول، وأبان أثر معاجم فصاح العامية في التجديد اللغوي.

الخميس 20/11/2008م

استأنف المؤتمر عمله في جلسة صباحية استمرت من الساعة العاشرة حتى الواحدة برئاسة الأستاذ الدكتور أحمد مطلوب رئيس المجمع العلمي العراقي، وكان المقرر لها الأستاذ الدكتور مكي الحسني الجزائري أمين المجمع بدمشق، وناقش المؤتمر في هذه الجلسة عددًا من الأخطاء الشائعة التي صححتها لجنة اللغة العربية وأصول النحو في مجمع دمشق، كما ناقش مصطلحات في الفيزياء والكيمياء وضعتها اللجنة المختصة في المجمع.

وألقى الأستاذ الدكتور تمام حسان ممثل مجمع اللغة العربية في القاهرة في هذا المؤتمر وعضو مجمع القاهرة بحثًا عنوانه "ظلال المعاني في القرآن الكريم"، تناول فيه تحديد المعنى العرفي والذهني الانطباعي، ووقف على سياق الموقف من حيث منشئ النص وظروف قوله والأثر الذي تركه في النفوس، وأشار إلى العلاقة بين المعنى وظل المعنى، وأوضح ظل المعنى على مستوى النفي والاستفهام والتعجب.

وقدّم الأستاذ الدكتور عبد الرحمن الحاج صالح مداخلة حول التجديد اللغوي أشار فيها إلى شمولية التجديد وعلاج اللغة العربية بالحاسوب، ووقف على المعاجم وضرورة العودة إلى النصوص القديمة، وأبان أن المدونة المنشودة ينبغي لها أن تشمل كل ما هو موجود في المعاجم، وتشتمل أيضًا على النصوص القديمة، ودعا إلى تشجيع البحوث في مجال الحاسوب.

وفي الجلسة المسائية من اليوم نفسه ألقى الأستاذ الدكتور محمود السيد بحثًا عنوانه "التجديد في مجال تعليم اللغة وتعلمها" أشار فيه إلى أن سلامة اللغة العربية تكمن في تجديدها، ثم وقف على التجديد في مجال تعليم اللغة وتعلمها من حيث وحدة اللغة والتكامل بين مهاراتها والانتقال من التحفيظ والتسميع والتلقين إلى التمهير، والتهيئة اللغوية قبل البدء بتعليم القراءة والكتابة، واستعمال الألعاب اللغوية في العملية التعليمية، واستعمال التعليم الإلكتروني، والتركيز على الوظيفة في اختيار المادة وتعليم اللغة من خلال قوالبها، والتعلم الذاتي، واعتماد المفهوم المنظومي في بناء المناهج اللغوية.

ثم ألقى الأستاذ الدكتور قاسم سارة بحثًا عنوانه "التقييس والمصطلح" أشار فيه إلى العلاقة المتبادلة بين هذين العلمين، ووقف على أثر المنظمة الدولية للتقييس في توجيه تطور علم المصطلح، وعلى الجوانب التي ينبغي العمل منها على تلبية حاجات اللغة العربية وتطويرها.

التوصيات

1- الأخذ بالتجديد اللغوي منهجًا في تطوير اللغة واستمرارية حياتها، على ألا يكون في التجديد خروجٌ عن أصول اللغة ونظامها.

2- اعتماد الشمولية في التجديد اللغوي.

3- العمل على توحيد المصطلحات في علوم اللغة العربية نحوًا وبلاغة وإملاء، والنأي عن المصطلحات التي تخرج عن المألوف المعتمد والموحد في مناهجنا اللغوية والتربوية.

4- حث المجامع اللغوية على مواكبة التفجر المصطلحي في ميادين العلوم المختلفة وسرعة إيجاد البديل العربي للمصطلحات الأجنبية.

5- إجراء بحوث استطلاعية حول مقبولية الألفاظ المستحدثة.

6- حث المجامع اللغوية على توحيد قواعد الرسم الإملائي، وتعميم القواعد الموحدة على نطاق الساحة القومية.

7- العمل بالتنسيق مع الجهات المعنية على وضع معايير لقياس التمكين من اللغة العربية على غرار ما هو متبع في اللغة الإنجليزية.

8- توفير الترجمة العربية للمواصفات القياسية المتعلقة باللغة والمصطلحات والمعاجم.

9- حث اتحاد المجامع اللغوية العربية على سرعة إنجاز المعجم التاريخي للغة العربية.

التوصيات الموجهة إلى وزارات التربية والتعليم العالي:

أ- في مجال تجديد الإملاء:
1- الحرص على اطراد القاعدة الإملائية وتجنب الآراء الشاذة، والمحافظة على صور الرسم المألوفة وصلا للحاضر بالماضي، وعدم الفصل بين قواعد الإملاء وغيرها من علوم اللغة العربية التي تستدعي ذلك.

2- ضرورة توحيد القواعد الإملائية منعًا للاضطراب الذي يحدث في الكتابة بين الدول العربية.

ب- في مجال تجديد البلاغة:

1- العمل على إلغاء التقسيم الثلاثي لعلوم البلاغة وجعلها فنًا واحدًا والتقليل من التقسيمات والتعريفات التي يضل الدارس فيها.

2- تنقية البلاغة مما علق بها من مصطلحات الفلاسفة وأهل المنطق والعلوم التي لا تمت إليها بصلة، ورفدها بما استجد من دراسات نقدية وأدبية وجمالية بحيث لا يهدم أصولها ولا يمحو معالمها.

3- اختيار النصوص الرفيعة وتلمس البلاغة فيما استجد من فنون أدبية تعبر عن المعاصرة.

4- توحيد أسلوب التأليف في البلاغة.

ج- التجديد في مجال النحو:

1- الأخذ بالمفهوم المنظومي للنحو أصواتًا وبنية داخلية وضبطًا للأواخر وتركيبًا وأداء ومعاني.

2- الابتعاد عن الشذوذات والاستثناءات والمماحكات والتأويلات التي تعسِّر اللغة على الدارسين وتنفرهم منها.

3- حذف كل ما لا يفيد في صحة النطق من موضوعات النحو.

4- التركيز على النحو الوظيفي في مراحل التعليم العام.

د- في مجال تعليم اللغة وتعلمها:

1- التركيز على وحدة اللغة والتكامل بين مهاراتها.

2- استعمال الألعاب اللغوية في العملية التعليمية التعلمية.

3- التركيز على الوظيفية في اختيار الموضوعات.

4- تعليم اللغة من خلال قوالبها لا من خلال مفرداتها فقط.

5- اعتماد المفهوم المنظومي في بناء المناهج اللغوية مادة ومجتمعًا ومتعلمًا.

6- إيلاء الاهتمام بإعداد المعلمين وتدريبهم.

التوصيات الموجهة إلى اتحاد مجامع اللغة العربية والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم:

1- دعم جهود المعجم العربي الحاسوبي، واستكمال ما ينقص من مكوناته وقاعدة معطياته.

2- الاهتمام بالتجمعات اللفظية في العربية وتخصيص معاجم لها تضم كل ما كتب في العربية في مجالات الكتابة المختلفة.

3- التنسيق بين اللغويين والحاسوبيين في عمل معاجم التجمعات اللفظية الحاسوبية والإلكترونية حرصًا على السلامة.

4- تحديث معاجمنا اللغوية وإغناؤها بالألفاظ المستجدة، وسدّ النقص في بعض المداخل ودلالاتها المعاصرة.