• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية النكتة رؤية تداولية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الإعراب لغة واصطلاحا
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    مفهوم القرآن في اللغة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    أهل القرآن (قصيدة)
    إبراهيم عبدالعزيز السمري
  •  
    إلى الشباب (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    ويبك (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
  •  
    الفعل الدال على الزمن الماضي
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / أدبنا / دراسات ومقالات نقدية وحوارات أدبية
علامة باركود

الرؤيا الإسلامية في شعر محمود حسن إسماعيل (3)

أ. طاهر العتباني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 27/7/2011 ميلادي - 25/8/1432 هجري

الزيارات: 10315

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الرؤيا الإسلامية في شعر محمود حسن إسماعيل (3 - 3)

الجانب الوجداني


لا شك أن شاعرًا بهذه السعة في الرؤيا الإسلامية التي تمتد إلى كثير من شعره - حتى يرى الدكتور "علي عشري زايد" أنها أبرز الأبعاد في ديوانه "لا بد" - لا شك أنه شاعرٌ ذو وجدان متوقِّد ومتوفِّز، وهذا واضحٌ في تجارب الشَّاعر حين يتحدَّث عن كثيرٍ من المعاني الوجدانيَّة التي تتعلَّق بجوانب مشاعر النَّفس المُسْلِمة التي تستمدُّ من المفردات ذات الطَّابع الإسلامي، ومن خلال استعمال مفردات النُّور والصلاة والدُّعاء والخشوع والإشراق وغيرها من المفردات التي توحي بهذه الوجدانيَّة العالية.

 

وتتَّضِح هذه الوجدانيَّة العالية في ديوانه الرائع الذي أسماه "موسيقا من السِّر"، حيث يتناول مجموعةً من المعاني يتحدَّث عنها في هذا الديوان بشكلٍ تجريدي، لا يُعْطِي اهتمامًا للأحداث وما على شاكلتها من المَحسوسات والمادِّيات، بل إنَّ عناوين قصائد هذا الديوان توحي بتلك السِّمة الوجدانيَّة، ومن هذه العناوين: موسيقا من الإيمان، موسيقا من الزَّمن، موسيقا من الخُلود، موسيقا من التَّاريخ، موسيقا من الشُّهداء، موسيقا من الرُّوح، موسيقا من العِلم، وغيرها من القصائد التي وقَفها على هذه المعاني المجرَّدة.

 

وهو في قصيدة "موسيقا من التاريخ" يصوِّر لنا تلك الوجدانيَّة فيقول:

طَوَّاف

أَلْفَانِ وَسَبْعَةُ آلاَفٍ وَأَنَا طَوَّافْ

رُوحِي مِجْدَافْ

قَلْبِي مِجْدَافْ

فِي البَحْرِ الغَارِقِ فِي الأَسْدَافْ[1]

 

انظر كيف يصوِّر هذا الطَّواف الوجداني بذِهْنه عبر قرون التَّاريخ، متأمِّلاً أحداثه، وفي قصيدته "موسيقا من الرُّوح" تحسُّ هذا الجانب الوجدانيَّ العميق، حينما يطرح قضيَّة الروح والعقل والمادة على هذا النَّحو:

وَتَحَيَّرَتْ بِدَمِي الطُّيُورُ فَمَرَّةً
تَئِدُ الطَّرِيقَ وَمَرَّةً تَسْتَعْجِلُ
الزَّهْرُ مَاتَ فَهَلْ بِسِرِّكَ قُدْرَةٌ
تَدَعُ الرَّحِيقَ بِجَوْفِهِ يَتَهَلَّلُ
وَالعِطْرُ مَاتَ فَهَلْ بِسِرِّكَ قُدْرَةٌ
تُحْيِيهِ مِنْ رَوْضِ البِلَى يَتَسَلَّلُ
وَالرَّوْضُ إِنْ خَرَسَتْ جَمِيعُ طُيُورِهِ
أَلَدَيْكَ لِلأَغْصَانِ نَايٌ يَهْدِلُ[2]

 

إنَّه مع إتيانه بالحُجَّة الدامغة التي تستَنِد إلى واقع الحياة البشريَّة، وواقع العقل إلاَّ أنه يتخيَّر لها الأمثلة من هذه العوالم الوجدانيَّة المُوحية؛ عالم الرَّحيقِ والعطور، والأزهار والطُّيور.

 

وهذه قصيدة "لا بدَّ" التي افتتح بها ديوان "لا بد" تُجرِّد ذلك المعنى - الإصرار والتَّصميم على بلوغ الأهداف - فلا يصوِّره إلاَّ في ذلك الشكل الوجداني المُوحي.

 

إنَّه مع استعمال صورٍ من واقع الحياة والطبيعة من حوله يَكاد يُنْطِق هذه الصُّور، ويكاد يُحرِّكها معه وهو يرسم صورة الإصرار صورة وجدانيَّة، تجد مضامينها فيما حوله:

لاَ بُدَّ أَنْ نَسِيرْ

وَنَقْطِفَ الظِّلاَلَ مِنْ مَحَاجِرِ الْهَجِيرْ

وَنَلْقُطَ الْحَبَّةَ مِنْ مَنَاقِرِ النُّسُورْ

وَنَبْذُرَ الرَّبِيعَ فِي مَخَالِبِ الصُّخُورْ

وَنَنْشبُ الْمَشِيئَةْ

واَليَقَظَة الْجَرِيئَةْ

فِي كُلِّ سَاكِنٍ يَغُطُّ فِي الْمُحَالْ

وَيَسْتَرِدُّ مَوْتهُ تَجَدُّد الزَّوَالْ

وَيَخْتَفِي هُرُوبُهُ فِي تَوْهَةِ الْخَيَالْ[3]

 

ثم يُعادل بين هذه الصُّوَر الحسِّية التي يرسمها بخياله المبتكَر، كصورةٍ للإصرار، وبَيْن ما يقابله من معانٍ حسِّية وجدانيَّة، يستشعرها كلُّ من له إرادةٌ وعزم وإِصْرار:

دُرُوبُنَا مُضِيئَةْ

بِالشُّعَلِ الْخَبِيئَةْ

تُلْهِبُ فِي أَعْمَاقِنَا تَحَرُّكَ العُبُورْ

وَتَحْرِقُ الرُّوحَ عَلَى أَشْوَاقِنَا بُخُورْ

وَتَضْرِمُ التَّغْيِيرَ فِي أَعْتَى الْجُذُورْ[4]

 

إنَّه التغيير في أعماق هذه النَّفْس التي لا بدَّ لها من أن تتغيَّر لتستطيع التغيير والبناء المُثْمِر؛ تحقيقًا لِسُنَّة الله - عزَّ وجلَّ - في هذا التغيير: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد: 11].

 

ومن هذا نَجِد انتفاضة الشَّاعر في كلِّ من يمثِّل هذا القعود والخمول، والدَّعَة المُفْضِية إلى الموت:

لاَ بُدَّ هَذِي الأَوْجُهُ البَلِيدَةُ الرِّوَاءْ

ذَاتُ السُّكُوتِ الْمَيْتِ فِي انْتِفَاضَةِ الْمَسَاءْ

ذَاتُ الوُقُوفِ العَبْدِ فِي تَحَرُّكِ الفَضَاءْ

ذَاتُ الصَّدَى الْمَعْقُوفِ بِالْهَمْسَةِ لِلنِّدَاءْ

ذَاتُ السُّهُومِ الْحَاقِدِ النَّظْرَةِ لِلضِّيَاءْ

ذَاتُ الوُجُودِ القَابِعِ الْمُخْضَلِّ بِالْمَضَاءْ[5]

 

إنَّه في هذه الأبيات يصوِّر حالةَ الرُّكون والتثاقل المُميت الذي تتوقَّف معه مسيرةُ الحياة، ويتوقَّف معها نشاطُ الإنسان الخلاَّق.

وها هو يهلِّل فرحًا بنتيجة هذا الإصرار والعَزْم:

فَلْتَمْضِ لِلضِّفَافِ نَارُ زَحْفِنَا الرَّهِيبْ

وَلْتَنْبُتِ الظِّلاَلُ حَيْثُ يَفْهَقُ اللَّهِيبْ

فَلَيْسَ فِي طَرِيقِنَا إِيمَاءَةٌ تَؤُوبْ

وَلَيْسَ إِلاَّ السَّيْرَ وَالْمَضَاءَ وَالْهُبُوبْ

وَنَشْوَةَ العُبُورْ

فِي دَرْبِنَا الكَبِيرْ

لاَ بُدَّ أَنْ نَسِيرْ

لاَ بُدَّ أَنْ نَسِيرْ[6]

 

وأخيرًا: لا يفوتنا - قبل أن نُنْهِي هذه الدراسة - أن ننبِّه على قيمة الصُّورة الشعريَّة، وعناصرها المركَّبة، فنقول:

إنَّ مِن أخصِّ ما يتميَّز به الشاعر "محمود حسن إسماعيل" القدرةَ الواسعة على التَّصوير والخيال، فصُوَره الشعرية قد جعلَت في شعره بعضًا من الصُّعوبة والغموض، كما جعلت في شعره متعةً بالغة، وإبداعًا يقف أمامَه بإعجابٍ كلُّ متذوِّق للشعر؛ وذلك لتعبيره عن معانيه المُجرَّدة بصورةِ المَحسوس، ويعبِّر عن الفكرة بصوره المَحسوسة المبدعة الجديدة من خيال الشَّاعر:

لِتُشْرِقَ الزُّهُورُ فِي مَخَاضِرِ الْحُقُولْ

وَيَلْعَقَ الظَّلاَمَ مِنْ بَيَادِرِ الأُفُولْ

وَيَهْدِرُ الضِّيَاءُ فِي مَرَافِئِ الوُصُولْ

وَتَسْمَعُ الضِّفَافُ ظِلَّ كَرْمِهَا يَقُولْ

مَدَّ الرَّبِيعُ كَأْسَهُ لِزَحْفِنَا الطَّوِيلْ

بِالنُّورِ وَالعُطُورْ

وَفَرْحَةِ العُبُورْ[7]

 

لقد بدأ هذه اللَّوحة بِرَسم صورة للزُّهور حين تَطْلع، فيجعل طلوعها ونُموَّها إشراقًا، وما دام قد جاء ذِكْرُ الإشراق فهناك الظَّلام وهناك الضياء، ثم يَرْسم صورة حسنة لكلٍّ من الضياء والظلام، يصوِّر من خلالهما الأثرَ النفسيَّ لكلٍّ منهما، فالظلام: "يَلْعَقُ مِنْ بَيَادِرِ الأُفُولْ".

والضياء: "يَهْدِرُ فِي مَرَافِئ الوُصُولْ".

 

ومِن صورة المرافئ الأخيرة التي يرسمها الشَّاعر مجموعةٌ من العناصر يبدو فيها عالَمان كبيران هما:

• عالَم البحر وعناصره: المرافئ، والوصول والزحف والضِّفاف، العبور، الهدير.

• وعالَم النَّبات وعناصره في هذه الصُّور: الزُّهور، الحقول، الأُفول، الكَرْم، العطور.

 

ثم يَجيءُ الضِّياء والنُّور، والرَّبيع والظلام؛ لتشكل الجو النَّفسي الموحي بالعزمة في هذا التشكيل البديع؛ فبينما "يلعق الظَّلام من بيادر الأُفول" ليصوِّر الحالة النفسيَّة للهَزِيمة التي تحيق بالظَّلام يأتي بـ "الضِّياء يَهْدِر في مرافئ الوصول"، و"ظل الكرم وهو يهتف فتسمعه الضِّفاف"، و"الرَّبيع وهو يمدُّ كأسه للزحف الطويل"، تأتي كلُّ هذه الصُّور؛ لتعبِّر عن الانتصار النِّهائي، ولفرحته "فرحة العبور".

 

وهذه الصُّور المتشابكة لا تجد لها نظيرًا يُحاكيها في جيل "محمود حسن إسماعيل" من الشُّعراء، وهي - مع تشابُكِها - تجد بينها نوعًا من التناغم، يُعْطي القارئ نوعًا من التَّوافق بينها جميعًا، فلا تحسُّ مع كثرتِها باستغلاق المعني وغموضه، وإن كانت في حاجةٍ إلى بعض التأمُّل والقراءة المتأنِّية؛ لتتعرف على ما يريد الشاعر، وتحس بما يريد أن يعبِّر عنه في نفس الوقت الذي تأخذك فيه الصُّورة بحلاوتها وجدَّتِها وتفرُّدِها.

 

على أنَّ هذا المذهب في نَسْج الصُّورة الشِّعرية والخياليَّة في شعر "محمود حسن إسماعيل" يعدُّ لونًا من الصورة الشعريَّة، بدأه قبله من شعراء العربية "أبو تَمَّام" الذي أُولع بِمثل هذه الصُّور الطريفة؛ يقول "أبو تمام" في ممدوحه:

يَنَالُ بِالرِّفْقِ مَا يَعْيَا الرِّجَالُ بِهِ
كَالْمَوْتِ مُسْتَعْجِلاً يَأْتِي عَلَى مَهَلِ

 

فهذه الصُّورة تحس فيها أثر الصَّنعة الشِّعرية المُفْرطة في التركيب "كالموت مستعجلاً يأتي علي مهل"، ومن شعر "محمود حسن إسماعيل" تقرأ:

وَاللَّيْلُ شَابَ فَمَدَّ لِحْيَةَ نَاسِكٍ
صَنَعَ الشِّتَاءُ الثَّلْجَ مِنْ شَعَرَاتِهَا

 

ففي هذه الصُّورة نجد اللَّيل قد ابيضَّ حتَّى شاب، وليس أي شيب، بل شيب ناسكٍ مُلتحٍ، ثم جعل الشتاء يصنع الثلج الأبيض من هذه اللِّحية البيضاء، وهكذا نجد الإغراق في التركيب، وهو تركيبٌ يذكِّرنا بصورة متشابهه لأبي تمام يقول فيها :

غَادَرْتَ فِيهَا بَهِيمَ اللَّيْلِ وَهْوَ ضُحًى
يَشُلُّهُ وَسْطَهَا صُبْحٌ مِنَ اللَّهَبِ

 

ثم وهو يرسم صورةً لحياة الجاهليَّة قبل بعثة النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يستغرق في رسم صورة هذه الجاهليَّة من خلال عددٍ من الصُّور المتشابكة لإنسان هذه الجاهليَّة:

يَرِقُّ لِلظَّالِمِ مِنْ دُمُوعِ
عِطْرُ خَرِيفٍ رَاغَ فِي الرَّبِيعِ
وَيَلْثَمُ الأَطْوَاقَ فِي السُّجُودِ
كَأَنَّهَا تَمَائِمُ الوُجُودِ
يُهِيلُ لِلنَّارِ خَفَايَا ذَاتِهِ
لِتَسْكُبَ الطُّهْرَ عَلَى حَيَاتِهِ
وَيَرْتَمِي كَغَفْلَةِ الْخَطِيئَةْ
عَلَى صفَاةِ الصَّنَمِ الرَّدِيئَةْ
وَيَذْبَحُ الرُّوحَ لَهَا قُرْبَانَا
يَسْتَلُّ مِنْ رَمَادِهِ الأَمَانَا
وَيَغْرَقُ النَّجْمُ عَلَى عُيُونِهِ
لَحْنًا يَصُبُّ اللَّيْلَ فِي يَقِينِهِ
إِنْ مَرَّ فِي خَيَالِهِ جَبَّارُ
عَلَى شَظَايَا طَيْفِهِ يَنْهَارُ
مَدَّ النِّفَاقُ تَحْتَهُ رِوَاقَا
وَأَسْكَرَ الشُّعُورَ وَالأَحْدَاقَا[8]

 

هذه الصور المتلاحقة وما بعدها في قصيدة "حادي التغيُّر" تصوِّر جوانب عدَّة من هذه الحياة الجاهلية التي يفتقد فيها الإنسانُ منهجًا من السَّماء يهتدي به، ورسولاً يأخذ بيده إلى المنهج.

 

ولكن انظر إلى تشابُكِ هذه الصور وهي ترسم صورة نفسيةً لحال إنسان هذه الجاهليَّة المُعذَّب الموزع الذي يفتقد حرِّيته، ويفتقد معها كلَّ إحساس بالوجود من حوله.

 

إنَّه - لِمَا هو فيه من جهلٍ وخوف وذعر وظلم - يرسم في مخيلته إلَهًا يعبده، فلا يجد سوى إلهٍ من الطِّين:

أَبْلَى شفَافَ نَفْسِهِ وَجَاءَا
لَيْلاً يُرِيقُ لَيْلَهُ تُفَاءَا
يَبْنِي مِنَ الطِّينِ عَلَى هَبَائِهِ
آلِهَةً خَرْسَاءَ فِي فَضَائِهِ
يُزْجِي لَهَا الصَّلاَةَ وَالتَّعَبُّدَا
وَيُوزِعُ الرُّوحَ لَهَا أَنْ تَسْجُدَا
يَفْهَقُ فِي ضَلاَلِهِ لِلصَّنَمِ
وَيَسْتَجِيرُ بِضُحَاهُ الْمُظْلِمِ
وَيَغْرِسُ التَّوْبَةَ فِي تُرَابِهِ
أُخْتُ عَمَاءٍ سَاخَ فِي ضَبَابِهِ
وَالشَّمْسُ فِي إِحْسَاسِهِ وَالقَمَرُ
مَعَابِدٌ غنى هَوَاهَا الوَتَرُ[9]

 

والحقُّ أني لم أقرأ شِعرًا يصوِّر الجوانب النَّفيسة لإنسان الجاهليَّة قبل بعثة النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - مثلما وجدتُ في هذه الأبيات بهذه الصُّور المتلاحقة، التي ترسم الضَّلال والحيرة التي يعيشها إنسانُ الجاهلية في كلِّ زمان ومكان.

 

وختامًا لهذا البحث نقول:

إن "محمود حسن إسماعيل" شاعرٌ لَم يُقْرَأ بعدُ كما يجب أن يُقرأ، وإنَّ قارئ الأدب بحاجةٍ بالفعل إلى أن يُعايش تجربته الثريَّة والغزيرة؛ وذلك أن تجرِبَته الشِّعرية الفنِّية الواسعة، ورؤيته الإسلاميَّة التي تتمثَّل في كثرة شعره بحاجةٍ إلى من يقف أمامها؛ مُلِمًّا بعناصرها، مستقصيًا لما تُبْرِزه من قيم أدبيَّة وجمالية، وما تعطيه من قيم استقاها الشاعِرُ من الإسلام العظيم.



[1] "موسيقا من السر": محمود حسن إسماعيل، ص: 45.

[2] "موسيقا من السر": محمود حسن إسماعيل، ص: 63.

[3] "لا بد"، محمود حسن إسماعيل، ص: 7.

[4] "لا بد"، محمود حسن إسماعيل، ص: 8.

[5] "لا بد"، محمود حسن إسماعيل، ص: 9.

[6] "لا بد"، محمود حسن إسماعيل، ص: 9.

[7] "لا بد"، محمود حسن إسماعيل، ص: 10.

[8] "لا بد"، محمود حسن إسماعيل، ص: 32.

[9] "لا بد"، محمود حسن إسماعيل، ص: 33.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الرؤيا الإسلامية في شعر محمود حسن إسماعيل (1)
  • الرؤيا الإسلامية في شعر محمود حسن إسماعيل (2)

مختارات من الشبكة

  • أحكام الرؤى والأحلام (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لمحة حول الرؤيا الصالحة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من آداب الرؤى وشرح حديث الرؤيا على رجل طائر(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • الرؤيا المنامية التي أبكت مفتي الديار اليمنية القاضي العمراني(مقالة - آفاق الشريعة)
  • رؤوس أقلام في الرؤى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الصحافة الاقتصادية الإسلامية(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • الرؤى والأحلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حرمة القيام بالأعمال التخريبية في البلاد الإسلامية وغير الإسلامية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ألبانيا: المشيخة الإسلامية تقيم أولمبياد في المعلومات الإسلامية(مقالة - المسلمون في العالم)
  • انتقاد المنظمات الإسلامية بأولدهام لتقرير القناة الرابعة ضد نشاط الجمعيات الإسلامية(مقالة - المترجمات)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب