• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    أهل القرآن (قصيدة)
    إبراهيم عبدالعزيز السمري
  •  
    إلى الشباب (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    ويبك (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
  •  
    الفعل الدال على الزمن الماضي
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    أقسام النحو
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    نكتب المنثور (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
  •  
    اللغة العربية في بريطانيا: لمحة من البدايات ونظرة ...
    د. أحمد فيصل خليل البحر
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي
علامة باركود

بحوث وقضايا نحوية (2)

أ. د. أحمد محمد عبدالدايم عبدالله

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/7/2011 ميلادي - 18/8/1432 هجري

الزيارات: 82486

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

بحوث وقضايا نحوية

البحث الثاني

باب جديد

باب ليس وأخواتها[1]

 

نهدف في هذا البحثِ إلى بيان وضْع "ليس" في النحو العربي مِن خلال عَلاقاتها التركيبيَّة والصرفيَّة، مستلهمين في إثبات ما نرَى في الاستعمال القرآني لها، وفكر النُّحاة حولها، محاولين الوصولَ إلى فرْضٍ أساسه الإحساس بحرفيَّة ليس، وإضافة ما يسير مسارَها مِن حروف أُخر، تحت باب واحد بعنوان "ليس وأخواتها"، ولكي يأخذ البحث مسارَه المنهجي، سوف نتناول الموضوعَ مِن خلال النقاط الآتية:

(أ) الحروف في اللُّغة العربية.

(ب) حرفية ليس.

 

ولقد بنيتُ حُكمي بحرفيتها على الأُسس الآتية:

أولاً:تعريفات النُّحاة للفِعل.

ثانيًا:أقوال النُّحاة في ليس.

ثالثًا:أحوال النَّفْي في ليس.

رابعًا:استخدامات ليس.

خامسًا: تبادُل الصُّور بيْن ليس وأخواتها مِن خِلال الاستعمال القُرآني لها.

 

ثم يخلُص البحث بعدَ ذلك إلى تصوُّر جديد لبابٍ نحوي، تحتَ عنوان "ليس وأخواتها"، وهي (ليس - ما - لا - لات - إن)، ثم ضمنتُه خواصَّ كل حرف منها، وشروط عمله عملَ كان وأخواتها.

 

وإني لأتمنَّى مِن الله السدادَ والتوفيق، وعلى الله قصدُ السبيل.

 

الحروف في اللغة العربية:

المراد بالحروف هنا حروفُ المعاني؛ أي: التي تسبق الأفعالَ أو الأسماء لتأديةِ معنًى مِن المعاني الجزئيَّة التي حقها أن تؤدَّى بالحروف - كمعنى النفْي والاستفهام والتأكيد، والرجاء والتمنِّي.

 

أو التي تَسبِق الأفعال والأسماء لتأديةِ وظيفة أساسية لا تتمُّ إلا بها.

 

كوظيفة الرفْع أو النصْب، أو الجزم أو الجر، أو الرَّبْط بيْن أجزاء الكلام.

 

ومعنى هذا أنَّ للحروف - على صغر حجمها - وظيفةً خطيرةً ومهمَّة جدًّا، فمنها ما يؤثِّر على الحدَث، ومنها ما يؤثِّر على الزمن، ومنها ما يغيِّر الشكل؛ ولهذا فإنَّ دورها في اللغة كبير، وتأثيرها في المعاني والتراكيب خطير.

 

والحروف - في نظَر البحث - متعدِّدة الوظائف:

(1) حروف تؤدِّي وظيفةَ الجر، وهي: حروف الجر مثل: (مِن - عن - في - إلى... إلخ).

(2) حروف تؤدِّي وظيفةَ النَّصْب: وهي بدورها نوعان:

أ - حروف مختصَّة بنصب الأفعال مثل: (أنْ - لن - كي... إلخ).

 

ب - حروف مختصَّة بنصْب الأسماء مثل: (إنَّ - أنَّ - لكنَّ - كأنَّ - لعلَّ... إلخ).

وهذه الحروف تنصِب الأسماء التي تدخُل عليها؛ ولضعْفها لا يمتدُّ تأثيرها إلى ما بعدَها - الخبر - فيترك على حاله، وهي ما يُسمِّيها النحاة بالحروف الناسِخة للجملة الاسميَّة.

 

جـ - حروف مختصَّة بالدخول على الجملةِ الاسمية، ولقوِّتها ترفع المبتدأ وتنصِب الخبر وهي: (ليس - ما - لا - لات - إن)، وأطلق على هذه الحروف اسم: (ليس وأخواتها).

 

د - حروف مختصَّة بجزم الفعل، وهي نوعان:

• نوعٌ ضعيف لا يجزم إلا فعلاً واحدًا (لم - لما - لام الأمر.. إلخ).

• نوع قويٌّ يجزم فعلين - فعْل الشرط وجوابه -: (إنْ - مَنْ.. إلخ).

 

حرفية ليس:

لا خلاف بيني وبين النحاة - جميعًا - في أن ليس ترفع الاسم وتنصِب الخبر، ولكن الذي أُخالِف فيه معظمهم أنَّ "ليس" حرف اختصَّ بهذه الوظيفة، ولقد بَنيتُ حُكمي بحرفيتها على الأُسس التالية:

أولاً: تعريفات النحاة للفعل:

يقول سيبويه: "واعلم أنَّ الفعل الذي لا يتعدَّى الفاعل، يتعدَّى إلى اسم الحدَثان الذي أُخِذ منه؛ لأنَّه إنما يُذكَر ليدلَّ على الحدَث، ألا ترى أنَّ قولك قد ذهَب بمظنَّة قولك قدْ كان منه ذَهاب"[2].

 

ويضيف: "ويتعدَّى إلى الزمان نحو قولك ذهَب؛ لأنَّه بُني لما مضَى منه وما لم يمض، فإذا قال: ذهَب فهو دليلٌ على أنَّ الحدَث فيما مضى من الزَّمان، وإذا قال: سيذهَب فإنَّه دليلٌ على أنه يكون فيما يُستقبل من الزمان، ففيه بيانُ ما مضى وما لم يمضِ، كما أنَّ فيه استدلالاً على نوع الحدَث"[3].

 

وخلاصة هذا القول:

أنَّ الفعل ما دلَّ على حدَث مقترن بزمن، وقد يكون هذا التعريف أكثرَ وضوحًا عندَ ابن هشام حيث يقول: "الفِعل في الاصطلاح: ما دلَّ على معنًى في نفْسه مقترن بأحدِ الأزمنة الثلاثة، وفي اللغة: نفْس الحدَث الذي يُحدِثه الفاعل مِن قيام أو قعود أو نحوهما"[4].

 

وهذا ما ذهَب إليه ابنُ الحاجب في شرح الكافية، حيث يقول: "الفِعل ما دلَّ على معنًى في نفسه مقترن بأحد الأزمنة الثلاثة"، ويضيف: (أي الماضي والحال والاستقبال)"[5].

 

ويقول السيوطي في "همع الهوامع" ما هو أشمل: "الاسم ما دلَّ على معنًى في نفْسه ولم يقترن بزمان، والفِعل ما دلَّ على معنًى في نفسه واقترن"، ويضيف والحرْف: "ما دلَّ على معنًى في غيره"[6].

 

والذي أفهمه مما سبَق مِن تعريفات، ومِن غيرها الكثير، أنَّ الفعل كي يكون فعلاً لا بد أن يتوافَر فيه شرطان:

1- دلالته على الحدَث.

2- دلالته على الزَّمَن.

 

فهل "ليس" ينطبق عليها ما ذَكرتُ مِن تعريفات أو ما استخلصتُه مِن شروط؟

لا أظنُّ "محايدًا" يُمكن أن يدَّعي شيئًا مِن ذلك.

 

ولقد عوَّدَنا النحاةُ على الصرامة في تطبيق الأحكام، ولكنِّي في هذه الأداة لم أجِدْ إلا غموضًا سوف أذكُره عمَّا قليل.

 

وقد يقول قائل مثلَما قال النحاة: إنَّ دليل فعليتها دخولُ الضمائر عليها، حيث نقول: لستُ ولستَ ولسنا...

 

وأبادر قائلاً: هذه الضمائر ليستْ دليلَ فِعلية، وإنَّما هي علامات، فمثلاً:

الطربوش، أو البذلة يلبسهما الإنسان، وليس معنَى هذا إنْ ألبستهما لقرد صار بالضرورة إنسانًا؛ لذلك أسأل هؤلاء في "ليس" سؤالاً، ولا أطلب عنه إجابة:

 

السؤال هو:

في ليس نقول لسْتُ: بفتحِ اللام عندَ إسنادها إلى تاءِ الفاعل.

ونقول: قُلْتُ: بضمِّ القاف عندَ إسناده إلى تاءِ الفاعل.

ونقول: بِعْتُ: بكسرِ الباء عندَ إسنادها إلى تاءِ الفاعل.

 

ألست ترَى معي أنَّ ليس هي الوحيدة مِن معتلاَّت الوسط التي بقِي فاؤها مفتوحًا، على الرغم مِن أنَّ قاعدة الأفعال تقول: عندَ إسناد الفعل الماضي منها إلى تاءِ الفاعل يضمُّ أوله إنْ كان وسطه واوًا، وتكسر فاؤه إنْ كان وسطه ياءً، فما بال ليس، لم يُضمَّ فاؤها ولم يُكْسَر؟!

 

ويقولون عن ليس: إنَّها فِعل ماضٍ لنفي حدوث الخبر، وأنا أدعو للنظرِ إلى الآيات الكريمة التالية؛ لنرى كيفيةَ نفْي الخبر إنْ كان هذا الزعم صحيحًا:

يقول تعالى: ﴿أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ﴾ [الأنعام: 30].

يقول تعالى: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ﴾ [الأنعام: 53].

يقول تعالى: ﴿أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ﴾ [هود: 81].

يقول تعالى: ﴿أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ﴾ [الزمر: 32].

يقول تعالى: ﴿أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ﴾ [العنكبوت: 10].

يقول تعالى: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ﴾ [الزمر: 36].

يقول تعالى: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ﴾ [الزمر: 37].

يقول تعالى: ﴿أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ﴾ [الزخرف: 51].

 

ولقد وردتْ بهذا الأسلوب وهذا المعنى في سِتَّةَ عشرَ موضعًا في القرآن الكريم، ويصرُّ النحاة على أنَّ "ليس" تعمل عمل كان وأخواتها، حيث إنَّها ترفع المبتدأ وتنصِب الخبر، وأنا لا أنكر هذا العمل، ولكنَّني أتساءل، أليس نصبُها للخبر في الأغلب الأعمِّ محلاًّ وليس نصبًا ظاهرًا، انظرْ معي هذه الإحصائية لتتبيَّن صِدق قولي:

وردتْ ليس في القرآن الكريم ثمانيَ وثمانين مرَّة.

1- منها ثلاثون مرَّة خبرُها شبه جملة - جار ومجروره وأداة الجر اللام، مثل قوله: ﴿وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءُ﴾ [الأحقاف: 32].

ومثل قوله - تعالى -: ﴿لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ﴾ [النجم: 58].

 

2- ومنها أربع وعشرون مرَّةً خبرها شِبه جملة (جار ومجرور، وأداة الجر الباء)، مثل قوله تعالى: ﴿ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأعراف: 61]. و ﴿ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأعراف: 67]، ومنها بالطبع جر الخبر بالباء الزائدة.

 

3- ومنها ثماني عشرة مرةً جاء خبرُها (شِبه جملة جار ومجرور، وأداة الجر على)، مثل ذلك قوله تعالى: ﴿ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ ﴾ [النساء: 101]، ومثل ذلك قوله - تعالى -: ﴿ لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ ﴾ [النور: 61].

 

4- ومنها خمس مرَّاتٍ جاء خبرها (شِبه جملة جار ومجرور، وأداة الجر مِن)، مثل ذلك قوله - تعالى -: ﴿ قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ﴾ [هود: 46]، ﴿ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي ﴾ [البقرة: 249].

 

5- ومنها خمس مرَّاتٍ جاء خبرُها شبه جملة (جار ومجرور)، وحرف الجر "في" مِثل قوله تعالى: ﴿أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ﴾ [الزمر: 32]، ﴿يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ﴾ [آل عمران: 167].

 

6- ومنها مرَّتانِ جاء خبرُها شبه جملة "جار ومجرور" وحرْف الجر الكاف: هما في قوله تعالى: ﴿يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [الأحزاب: 32]، وقوله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى: 11].

 

7- وردتْ مرَّتين عبارة عن أسلوب قصْر بمعنى ما وإلا، وبالطبع ليس فيهما نفي، كما أنَّها غيرُ ناصبة للخبر، منها قوله تعالى: ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى﴾ [النجم: 39]، وقوله تعالى: ﴿لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ﴾ [هود: 16].

 

وخلاصة هذا:

أنَّ خبَر ليس ورَد أربعًا وثمانين مرَّة شِبه جملة (جارًّا ومجرورًا) في محل نصب، وأربع مرَّات - فقط - ورَد منصوبًا صراحةً.

 

كما أنَّ اسمها ورد خمسًا وخمسين مرَّةً في القرآن الكريم نكرة، والخبر شِبه جملة متقدِّمًا عليه.

 

معنى هذا: أنَّ "ليس" تنفي وقوعَ شيء على ما يأتي بعدَها اسمًا كان أو خبرًا.

 

فإن تقدَّم الخبر فإنَّها تنفي وقوعَ الاسم عليه.

 

انظر في قوله تعالى: ﴿ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ ﴾ [النحل: 99].

 

حيث نفتْ وقوعَ السُّلطان على الخبر (له).

 

وأيضًا قوله تعالى: ﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ ﴾ [البقرة: 198].

 

حيث نفتْ وقوع (جناح)، وهو الاسم على الخبر "عليكم"، وتَنفي وقوعَ الخبر على الاسم في قوله تعالى: ﴿ قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ﴾ [هود: 46].

 

قال تعالى: ﴿ أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ ﴾ [هود: 8]، قال تعالى: ﴿ وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا ﴾ [النساء: 94].

 

و"ليس" في هذا تُشبه تمامًا حروفَ النفي الأخرى، وهذا - أيضًا - يقوِّي من اعتقادي في حرفتيها.

 

ومِن دِراستي لليس في القرآن الكريم لم أجدْها يتقدَّم عليها خبرُها ولو مرَّةً واحدة، وهذا يقوِّي حرفيتها حيث تُشبه ليس في هذا أخواتها (لا - ما - لات - إن) يقول في ذلك السيوطيُّ في "همع الهوامع": "وأمَّا (ليس) فجمهور الكوفيِّين والمبرد والزجاج وابن السراج والسيرافي، والفارسي وابن أخته والجُرجاني وأكثر المتأخِّرين، منهم ابن مالك على المنْع فيها"[7].

 

ثم - أيضًا - مِن خلال تأملي لورودها في القرآن الكريم وجدتُ الدليل على حرفيتها، فقدْ وردتْ ثماني مرَّات معطوفًا عليها بلا النافية، والمعنى مستقيم، بل هو المعنى نفْسه، والوظيفة هي الوظيفة نفسها، مِن ذلك قوله تعالى:

1- ﴿لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ﴾ [النساء: 123].

أي: وليس بأمانيِّ أهل الكتاب.

 

2- ﴿لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ﴾ [الأنعام: 51].

أي: ليس لهم مِن دونه وليّ، وليس لهم مِن دونه شفيع.

 

3- ﴿لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ [التوبة: 91].

فالمعنى: ليس على الضُّعفاء حرَج.

وليس على المرْضَى حرَج.

وليس على الذين لا يَجِدون ما ينفقون حرَج.

هل هناك ما يخلُّ بالمعنى مع هذا التبادُل بيْن الحرفين، أو ما يخل بالأسلوب؟

 

ثم ماذا يَضير (ليس)، بل ماذا يضير النحوَ العربي أن تكون حرفًا ما دامتِ الوظيفة لن تتغيَّر؟!

 

ثانيًا: أقوال النحاة في (ليس):

تعدَّدتْ أقوال النحاة في (ليس) وتضاربت تضاربًا شديدًا، فمنهم مَن يدَّعي فِعليتها، ولكنَّه لا ينفي حرفيتها في بعضِ المواقع، ومنهم مَن يؤكِّد حرفيتها في كلِّ أطوارها؛ لذلك رأيتُ بعد أن استقصيت ورودها في القرآن الكريم - الذي يؤكِّد حرفيتها - أن أتتبَّع أقوال النحاة فيها؛ حتى تتَّضح الصورة، وتتجلى المقولة.

 

يقول سيبويه[8]: "قد يكون لكان موضع آخَر، يقتصر على الفاعِل فيه - يقصد تمامها - تقول: قدْ كان عبدالله، أي قد خُلِق عبدالله، وقدْ كان الأمر، أي وقَع الأمر، وقد دام فلان؛ أي ثبَت، كما تقول رأيتُ زيدًا تريد رؤيةَ العين، وكما تقول أنا وجدته، تريد وجدانَ الضالَّة، وكما يكون أصبح وأمسى بمنـزلة كان، ومرَّةً بمنـزلة قولك استيقظوا وناموا، فأما ليس فإنَّه لا يكون فيها ذلك؛ لأنَّها وضعتْ موضعًا واحدًا، ومن ثَمَّ لم تُصرَّف تصرُّفَ الفِعل الآخر".

 

وسيبويه في هذا النص لا يُنكر مخالفة (ليس) لكان وأخواتها، فإنه لا يجوز عليها ما يجوز على كان وأخواتها؛ لذلك توصل إلى نتيجة منطقية، وهي عدم تصرُّفها كتصرُّفِ كان وأخواتها، ومِن ثَم فهي لا يمكن أن تكون فِعلاً تامًّا، ليس لعدم تصرُّفها فقط ولكن - وهذا ما لم يقلْه سيبويه - لحرفيتها أيضًا.

 

ويقول المبرِّد في المقتضب ما يُوصلنا إلى حقيقةِ حرفية "ليس"، أو ما يُقربنا إلى هذه الحقيقة، يقول: "فأمَّا (ليس) فلا يجوز أن تُخبر عمَّا عملتْ فيه بالألف واللام؛ لأنَّها ليس فيها (يفعل)، ولا يُبنى منها فاعِل، ولكن يخبر بالذي، وذلك قولك: وليس زيد إلا قائمًا. فإن قيل ذلك، أخبر عن زيد في قولك ليس زيد منطلقًا قلت: الذي ليس منطلقًا زيد[9] ويضيف بعدها "وكل شيء ليس فيه فعل فالإخبار عنه لا يكون إلا بالذي، تقول: زيد أخوك، فإن قيل أخبر عن "زيد" قلت: الذي هو أخوك زيد"[10].

 

ونص المبرد هذا يعترف اعترافًا واضحًا بحرفية ليس حيث يقول: "لأنها ليس فيها (يفعل) أي ليس فيها زمن، كما إنه يقول: (ولا يبني منها "فاعل") أي ليست متصرفة، لذلك لا يخبر عنها بما فيه الألف واللام مثل بقية أخواتها.

 

ويقول الرضي في شرح الكافية: "قال: سيبويه واتبعه ابن السراج: ليس للنفي مطلقًا، تقول: "ليس خلق الله مثله" في الماضي، وقال تعالى: ﴿أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ﴾ [هود: 8]، في المستقبل، وجمهور النُّحاة على أنَّها لنفي الحال"[11]، وشروط ابنُ مالك لدخول (ليس) على الماضي أن يكونَ اسمها ضمير الشأن[12]، والنص السابِق مردودٌ عليه بملحوظتين:

الأولى: أنَّ سيبويه قرَّر أن ليس للنفي مطلقًا، وأنا أسأل أين النفْي في قوله تعالى: ﴿أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ﴾ [هود: 81]؟

الثانية: في المثال الذي جاء به لدَلالتها على نفْي الماضي "ليس خَلَق الله مثلَه".

 

لو كانتْ ليس فعلاً كما يذكرون لما دخلتْ على الفعل بعدَها، ولا مجال لأيَّة تخريجات في هذا المجال، والرأي الذي لا يحتاج إلى تخريج أوْلى مما يحتاج.

 

ويضيف الرَّضي[13]: "وسيبويه والأكثرون على أنَّه فعل غير متصرِّف، وقال أبو علي في أحد قوليه: إنَّه حرف".

ويضيف الرضي: "قال أبو علي: وأمَّا إلحاق الضمير به في لست ولستما ولستم، فلشبهه بالفِعل؛ لكونه على ثلاثة، وبمعنى ما كان وكونه رافعًا فناصبًا.

 

كما ألحق الضمير في هاءِ (هائيا هاؤوا هائي هائين) مع كونه اسمَ فِعل؛ تشبيهًا بالفعل"[14].

 

وهذا القول جديرٌ منَّا بالاحترام والتأمُّل - فهو يذكُر في صراحة ووضوح أنَّ سبب إسناد الضمائر إلى ليس - وهو ما يتمسَّك به كثيرون لإثبات فعليتِها - ليس لكونها فعلاً، ولكن لكونها حرفًا أشبهَ الفِعل في أساس وضْعه وفي عمله، وهذه ليستْ ميزةً تحتفي بها ليس، بل هناك أسماء أفعال تُسند للضمائر أيضًا ليس لأنَّها أفعال، ولكنها لشبهٍ قائِم بينهما، ومثل لنا باسم الفِعل "هاء".

 

وممَّا يَزيد في يقيني مِن حرفيتها، ما ورد في الهمع، وكثير مِن كتب النحو، يقول السيوطي: "حكَى أبو عمرو بن العلاء: أنَّ لغة بني تميم إهمال ليس مع إلاَّ حملاً على ما، كقولهم: ليس الطيبُ إلا المسكُ" بالرفْع على إهمالها ولا ضميرَ فيها".. القصة[15].

 

فالراسخ عندَ علماء النحو أنَّ "ما" تُهمل إذا انتقض عملها بإلاَّ، وهذا ما حدَث مع ليس، إلا أنَّ النحاة أجمعوا على إهمال "ما" في هذه الحال، واختلفوا في إهمال ليس، حيث أهمل التميميون وأعمَل الحجازيُّون، وإنَّني أتساءل: لماذا لم تختلفْ تميم مع الحجاز في إعمال كان وأخواتها، بينما اختلفَا في ليس؟ أليس هذا يقوِّي مِن اعتقادي في أنها حرف؛ لأنَّه ما اختلف العلماء في إعْمال فعل أبدًا؟! ولقدْ وجهت كتب النحو القول السابق "ليس الطيب إلا المسك" توجيهاتٍ شتَّى، مِن أهمها أنَّ (ليس) مهملة غير عاملة[16].

 

ولقد وردتْ في كتب النحو أقوالٌ مستفيضة عن أحوال ليس، وما تُفيده من نفْي، وما يُصيبها مِن إعمال أو إهمال، حملاً على ما، ولا، ممَّا يدفع مظنَّة كونها فعلاً، بل هذه المقارنة تُوحي بأنَّ المقارَن والمقارَن به شيءٌ واحد.

 

يقول السيوطي في "الهمع": "وذهب قومٌ إلى أن ليس وما مخصوصان بنفْي الحال، وبنوا على ذلك أنهما يَعينان المضارع له، وذهَب آخرون إلى أنَّهما يَنفيان الحالَ والماضي والمستقبل"[17].

 

أليس هذا تعميمًا عجيبًا، في عمَلِ فِعل كما يدَّعون؟! في اعتقادي أنَّ التعميم صفةٌ من صفات الحروف، كما أنَّ التخصيص صفةٌ مِن صفات الأفعال.

 

والأفعال في كان وأخواتها يجوز تقدُّم خبرِها عليها، بل يجب هذا التقدُّم أحيانًا، كما هو واضحٌ في كتب مطوَّلات النحو، ولكن العجب كل العجب، أنَّ هذا لا يجوز في ليس، بل ولا يجوز فيما يُنفَى بـ"ما" مِن هذه الأفعال، "فلا يقال: لا أكلمك كيف ما برح زيد، ولا أين ما زال زيد، ولا أين ما يكون زيد، ولا أين ليس زيد"[18].

 

والسبب في هذا لعلَّه واضح، وهو أنَّ أدوات النفي ومِن ضمنها "ليس، وما، ولا، ولات، وإن" لها الصَّدارة في الكلام، ولا يجوز أن يتقدَّم عليها شيءٌ آخَر، أو لأنَّها حروف، والحروف تعمل فيما بعدَها، ولا يمكنها العملُ فيما يتقدَّم عليها، ومِن ثَم مُنِع ذلك التقدُّم.

 

يقول السيوطي: "ويجوز تقديمُ أخبار هذا الباب على الأفْعال إلا دام وليس المنفي بـ(ما)"، ويضيف: "وأما (ليس) فجمهور الكوفيِّين والمبرد والزجَّاج وابن السرَّاج والسيرافي والفارسي وابن أخته والجرجاني وأكثر المتأخِّرين منهم ابن مالك، على المنْع فيها؛ قياسًا على فِعْل التعجُّب وعسى ونعم وبئس بجامع عدم التصرُّف"[19].

 

وتحدَّث السيوطي مرةً أخرى عن حذْف اسم كان وخبرها، فمنَع ذلك منها جميعًا عدَا (ليس)، يقول: "وفصَّله ابن مالك فمنَعه في الجميع إلا (ليس)، فأجاز خبرَها اختيارًا، ولو بلا قَرينة، إذا كان اسمها نكرةً عامَّة تشبيهًا بلا، كقولهم فيما حكاه سيبويه (ليس أحد)؛ أي: هنا.

 

وقوله: "فأمَّا الجود منك فليس جود"[20].

 

ويضيف: "وما قاله ابنُ مالك ذهَب إليه الفرَّاء، وقال: يجوز في ليس خاصَّة أن تقول: ليس أحد؛ لأنَّ الكلام قد يتوهَّم تمامه بليس، أو نكِرة كقوله: ما مِن أحد"[21].

 

بَيْدَ أنه ورد في النصوص التراثية، المنسوبة إلى عصْر الاستشهاد، بعضُ الجمل التي حُذِف منها خبر ليس، مِن ذلك، "قول التميمي":

لَهْفِي عليْكَ للَهْفَةٍ مِنْ خَائِبٍ
يَبْقَى جِوَارَكَ حِينَ لَيْسَ مُجِيرُ

فقد حذف خبر ليس، والتقدير حين ليس مجيرٌ باقيًا.

 

وقول الآخر:

بَئِسْتُمْ وَخِلْتُمْ أَنَّهُ لَيْسَ نَاصِرٌ
فبُؤْتُمْ مِنْ نَصْرِنَا خَيْر مَعْقِلِ

 

حيث حذف الخبر أيضًا والتقدير ليس ناصرٌ موجودًا.

 

ولقد عقَّب على هذه النماذج وغيرها، الدكتور علي أبي المكارم قائلاً[22]: "وقدْ اختلف موقف النحْويِّين من هذه النصوص وما ماثلها، فأمَّا جمهورهم فقد جعلها مِن قبيل الضرورة الشعرية، ولكن منهم مَن ذهب إلى جواز ذلك في غير الشِّعر - أيضًا - بشرطين:

(1) أن تكون الأداة ليس دون أخواتها.

(2) أن يكون اسمها نكرةً عامَّة.

 

مستندًا إلى ما أُثِر عن سيبويه أنه حكى قول العرب: ليس أحد، فقد حذف الخبَر بعد ليس اختيارًا؛ أي في غير الشِّعر، واسمها نكرة عامَّة كما ترى" [23].

 

وأضيف إلى ما سَبَق أن (ليس) في حالة دخولها على الاسم النَّكِرة تشبه لا النافية للجنس في مِثل (نحن منتصرون لا ريب) مِن حيث المعنى لا الوظيفة؛ لذلك يجوز حذف الخبر بشرطين:

(1) أن يكون اسمها نكرةً عامَّة.

(2) أن يكون الخبرُ المحذوف مفهومًا مِن السياق.

 

وبهذا تتأكَّد حرفيةُ ليس.

 

وحرفية ليس في النصوص السابقة واضحةٌ للعِيان لسببين:

(1) لأنَّها انفردتْ بهذه الخصوصيَّة عن كان وأخواتها.

(2) وأنَّ هذه الخصوصيةَ مِن سِمات الحروف النافية.

 

وما عليك لتتبيَّن هذا إلا أن تستبدلَ ما بليس أولاً لترَى صِدق ما أقول.

 

انظر: فأمَّا الجود منك فليس جودٌ.

يمكن أن نقول: فأمَّا الجود منك فما جودٌ.

فأمَّا الجود منك فلا جودٌ.

 

والمثال الثاني: (ليس أحد) يمكن أن نقول:

ما أحد.

لا أحد.

 

فهل هناك مخالَفة في المعنى أو الوظيفة؟

 

ولقد كثُر الخلاف في مسألة توسُّط خبر ليس بينها وبيْن اسمها، فقد أجاز البصريُّون ذلك؛ اعتمادًا على روايات تؤيِّد ذلك، ومنعه الكوفيُّون - لأنَّ الخبر فيه ضميرُ الاسم، فلا يتقدَّم الخبر فيعود الضمير على متأخِّر.

 

والحقيقة أنَّ هذا الأمر جائزٌ في كان وأخواتها على الإطلاق، كما أنَّه جائز في ليس بشرط أن يكون الاسم نَكِرة، والخبر شِبه جملة، أمَّا غير ذلك فإنَّه ممتنع.

 

مثال الجائزة قوله تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ﴾ [النور: 61].

وقوله تعالى: ﴿فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ﴾ [النساء: 101].

 

أمَّا الجواز على الإطلاق فقدِ استشهد عليه البصريُّون بقوله تعالى: ﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ...﴾ [البقرة: 177].

 

وقول الشاعر:

فَلَيْس سَوَاءً عَالِمٌ وَجَهُولُ[24].

 

ويستحيل في رأيي - أن يكون المصدر المؤَّول في الآية الكريمة اسم ليس والبر خبرَها، لأنَّ المعرفة أولى بالابتداء، والمصدر المؤول في حُكم النكرة، بدليل دخول الباء الزائدة عليه في قوله: ﴿وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا﴾ [البقرة: 189]، مع ملاحظة أنَّ البر جاءتْ مرفوعةً في هذه الآية الكريمة، وفي رأيي أنَّ اسم ليس ضمير الشأن، وأنَّ البر الخبر، وجاء متأخرًا، كما تقضي بذلك قواعدُ النحو والذوق السليم، أمَّا قول الشاعر: فَلَيْسَ سَوَاءً عَالِمٌ وَجَهُولُ.

 

ففي رأيي أن (عالم وجهول) مرفوعان، ليس لأنَّ عالِمًا اسم ليس متأخرًا، ولكنَّه مرفوع على الاستئناف، واسم ليس محذوف تقديره فليس هذان سواءً: عالِم وجهول؛ لذلك كان مصيبًا السيوطي، حينما قال: "ومنعه بعضُهم في (ليس) تشبيهًا بـ(ما)"[25].

 

ثالثًا: أحوال النفْي في ليس:

وممَّا يؤيِّد وجهةَ نظرنا في اعتبار (ليس) حرفًا يرفع المبتدأ وينصِب الخبر، أنَّ نفيَها لا ينصب على زمَن معيَّن، بل أحيانًا لا يُفيد النفي مطلقًا.

 

فأولاً: إذا استخدمتْ (ليس) من دون أن يكون في الجملة ما يدلُّ على زمَن محدَّد: أفادت النفي في الحال - هكذا قرَّر النُّحاة[26]- مِثل ذلك ورَد في قوله تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ﴾ [النور: 61]، وورد في قوله تعالى: ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ﴾ [الحجر: 42].

 

وثانيًا: إذا كان في الجملةِ ما يُفيد زمنًا ماضيًا أو حالاًّ أو مستقبلاً، فإنَّ النفي يرتبط بهذه الأزمان.

 

مثال النفي في الماضي: ليس خلق الله مثله[27]؛ أي لم يخلق الله مثلَه، واسم ليس ضمير الشأن.

 

ومثال النَّفي في الحاضِر: قوله تعالى: ﴿فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ﴾ [الحاقة: 35].

 

ومثال النفي في المستقبل: قوله تعالى: ﴿أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ﴾ [هود: 8] وقول الأعشى:

لَهُ نَافِلاَتٌ لاَ يَغِيبُ نَوَالُهَا
وَليْسَ عَطَاءُ الْيَومِ مَانِعُه غَدًا[28]

 

وقد لا تدلُّ على نفي مطلقًا، وهو ما لم يتحدَّث عنه النحاة، على الرغم مِن وجودها في السِّياق، ولكنَّها قد تُفيد نواحي بلاغيَّة ليس المقام مقامها، مثل الاستنكار، والإيجاب، إثبات المنفي، وذلك إذا وقعتْ بعدَ الهمزة الدالَّة على الاستفهام، وساعتها فإنَّ الاستفهام لا يحتاج إلى إجابةٍ، وإنْ كان لا بدَّ مِن الإجابة، فأداة الإيجاب (بلى) وأداة النفْي (نعم).

 

انظر قوله تعالى: ﴿أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ﴾ [هود: 81]؟

﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ﴾ [الزمر: 36].

 

وبهذا يتبيَّن لنا أنَّ (ليس) تتميَّز بخصائصَ دَلالية تبعدها عن الانضواء تحتَ علم الفِعلية؛ لأنَّ الأفعال دلالتها على الزمن تتغيَّر بتغيُّر صياغتها، أمَّا (ليس) فإنَّ صياغتها جامدة عند صورة واحِدة وتغيير زمَن النفي منصبٌّ على الأسلوب والسِّياق، وهذا يوحي بأنَّ معناها ينبع من غيرِها مِثل بقية الحروف؛ لذلك عرَّف النحاة الحرْف بأنَّه (ما دلَّ على معنًى في غيره)[29].

 

رابعًا: استخدامات ليس:

يُمكننا أن نستخلصَ مِن خلال البحث، وكذلك مِن خلال كتب النحو المتعدِّدة، قديمها وحديثها، أن (ليس) لها ثلاثة استخدامات أسلوبيَّة، كلها تُوحي بأنها حرْف لا شكَّ في هذا.

 

الاستخدام الأول:

وردتْ ليس داخلةً على الجملة الفِعليَّة، نحو "ليس خلق الله مِثلَه"[30].

 

وقدِ اعتبرها بعضُ النُّحاة هنا حرْف نفْي شبيهًا بـ(ما) النافية، ولكن ابن مالك يرفُض هذا، ويرَى أنَّها عاملة، واسمها ضميرُ الشأن المحذوف وما بعدَها خبرُها[31]، ولقدْ رجَّحنا الرأي الأوَّل ورفضْنا الرأي الثاني قبلَ ذلك.

 

الاستخدام الثاني:

أن يرِد بعدها اسمٌ مرفوع فقط دون أن يليَه اسمٌ منصوب، مثال ذلك قول الشاعر:[32]

أَيْنَ الْمَفَرُّ وَالْإِلَهُ الطَّالِبُ
وَالْأَشْرَمُ الْمَغْلُوبُ لَيْسَ الغَالِبُ

 

وقد اختلَف النحاةُ في توجيهها:

فأولاً:منهم مَن ذهب إلى أنها حرْف عطف بمعنى "لا".

 

وثانيًا: ومنهم مَن ذهب إلى أنها عاملة، وأنها دخلتْ على الجملة الاسميَّة.

واسمها المرفوع بعدَها، والخبر ضمير يعود على ما يتَّسق مع المعنى.

 

وثالثًا: ذهَب ابنُ مالك إلى أنَّ (ليس) تختصُّ بأنها تقتصِر على ذكْر الاسم وحْدَه دون الخبر، مِن غير قرينة تدلُّ عليه، إذا كان نكِرة محْضة[33]، وقد عالجنا هذا في البحْث قبلاً.

 

الاستخدام الثالث:

يجوز أن يقترنَ خبر ليس (بإلا) وهو ما يُسمِّيه البلاغيُّون[34] بأسلوب القصْر، مِن ذلك قولهم: "ليس الطِّيب إلا المسكُ"، وقد اختلف في إعراب ما بعد إلا، التميميون على الرفْع، وأهل الحِجاز على النصْب، وقد وجه النصْب على أنَّه خبر ليس، أمَّا الرفْع فأشهر تخريجاته "أنَّ ليس مهملة غيرُ عامِلة"[35].

 

خامسًا: تبادل الصُّور بين ليس وأخواتها:

في هذا المقام سأعرِض نماذجَ مِن القرآن الكريم، لليس، وما، ولا، وإن، وما علينا إلا أن نستبدلَ واحدةً بأخرى لنرى هل سيتغيَّر المعنى أم لا، حتى يستبينَ الحقُّ مِن الغي:

(1) قال تعالى: ﴿ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾ [آل عمران: 182].

قال تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾ [فصلت: 46]، ويُمكننا أن نقول في غير القرآن الكريم:

ليس ربُّك بظلاَّمٍ للعبيد.

إنْ ربُّك بظلاَّم للعبيد.

 

(2) قال تعالى: ﴿مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا﴾ [الكهف: 35].

قال تعالى: ﴿وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً﴾ [الكهف: 36].

 

ويُمكننا أن نقول في غير القرآن الكريم:

"لستُ أظنُّ الساعةَ قائمةً".

لا أظنُّ الساعة قائمةً.

إنْ أظنُّ الساعة قائمةً.

 

ويُمكننا أن نقول - أيضًا - في غير القرآن الكريم:

لستُ أظنُّ أن تبيدَ هذه أبدًا.

لا أظنُّ أن تبيدَ هذه أبدًا.

إنْ أظنُّ أن تبيدَ هذه أبدًا.

 

قال تعالى: ﴿إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا﴾ [الجاثية: 32].

 

ويُمكننا أن نقول في غيرِ القرآن الكريم:

لسنا نظنُّ إلا ظنًّا.

ما نظنُّ إلا ظنًّا.

لا نظنُّ إلا ظنًّا.

 

(4) قال تعالى: ﴿إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ﴾ [يونس: 66].

 

ويُمكننا أن نقولَ في غيرِ القرآن الكريم:

ليس يتَّبعون إلا الظنَّ.

لا يتبعون إلا الظنَّ.

ما يتبعون إلا الظنَّ.

 

(5) قال تعالى: ﴿وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا﴾ [يونس: 36].

 

ويُمكننا أن نقولَ في غير القرآن الكريم:

"ليس يتبع أكثرُهم إلا ظنًّا".

لا يتَّبع أكثرُهم إلا ظنًّا.

أن يتَّبع أكثرهم إلا ظنًّا.

 

(6) قال تعالى: ﴿وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ﴾ [النجم: 28].

 

ويُمكننا أن نقول:

ليس لهم به مِن عِلم، ما يتَّبعون إلا الظن.

إنْ لهم به مِن عِلم، ليس يتَّبعون إلا الظن.

 

(7) قال تعالى: ﴿مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا﴾ [الجاثية: 32].

 

ويُمكننا أن نقول:

لسْنا ندري ما الساعَة، ما نظنُّ إلا ظنًّا.

إن ندري ما الساعة، لا نظن إلا ظنًّا.

 

وبعد: فإنَّني ما قصدتُ بهذه الأمثلة التي سقتُها على مِثال مِن آي القرآن الكريم إلاَّ لتوضيح أنَّ تغيير الأداة وتبادلها بيْن ليس وأخواتها في كلامِنا لا يغيِّر كثيرًا مِن دلالة الحرْف على المعنى المطلوب، وإني لأستغفرُ الله على ذلك، وما أردتُ إلا أن اجتهدت، وما التوفيق إلاَّ بالله.

 

صياغة جديدة

وأقصِد بها إعادةَ عرْض باب (ليس وأخواتها)، وليس المقصود بذلك، أنَّني سآتي بما لم يأتِ به الآخرون، ولكن المقصود مِن هذا إنشاء باب جديدٍ هو في ذاته باب قديم، كان يُطلق عليه (الحروف المشبَّهات بليس) هذا الباب الجديد هو:

(ليس وأخواتها)

عددها: خمسة حروف هي (ليس - ما - لا - لات - إن).

 

عملها: ترْفَع المبتدأ اسمًا لها، وتنصِب الخبر خبرًا لها؛ أي: إنها تعمَل عملَ كان وأخواتها.

 

خواصها: تختصُّ هذه الحروف بخواصَّ مشترَكة، هي:

1- إفادة النَّفْي، وكلها لنفْي مضمونِ الجُملة.

 

2- الدخول على الجُملة الاسميَّة ونسخها؛ لذلك فهي حروفٌ ناسِخة، ترفَع المبتدأ اسمًا لها، وتنصِب الخبر، خبرًا لها.

 

3- كلها لها الصَّدارة في الكَلام، لا يجوز تقدُّم شيءٍ مِن معموليها عليْها.

 

شروط عمَلها العمَل السابق:

كي تعمل الحروفُ السابِقة النُّسخ في الجُملة الاسميَّة، فترفَع المبتدأ اسمًا لها وتنصِب الخبر خبرًا لها، لا بدَّ أن تتوافَر فيها شروط معيَّنة عامَّة وخاصَّة.

 

أولاً: شروط عامَّة:

وهي شروطٌ تتوافر في جميع هذه الحروف على قدَم المساواة، وأهمها:

• أن تُفيد نفْي مضمونَ الجملة.

 

• ألا يتقدَّم عليها أحدُ معموليها، في ليس غالبًا، وفي بقيَّتها مطلقًا.

 

• ألا ينتقض نفْي خبرها بإلا، في ليس عندَ التميميين، وفي بقيتها مطلقًا والشرْط الأوَّل أخرج (ليس يكون) و(ليس غير)، اللتين تستخدمان أداتي استثناء، وكذلك أخرج ما الاستفهاميَّة، والشرطيَّة، وما الموصولة، وكذلك أخْرَج لا التي لنفْي الجِنس، ولا العاطفة، وكذلك أخرج إنْ الشرطيَّة وإن المخفَّفة من إنَّ.

 

أمَّا الشرط الثاني: فقد اتَّفق النحاة على أن (ما - ولا - ولات - وإن)، حروف ضعيفة، لا يجوز أن يتقدَّم عليها أحدُ معموليها، وأضيف أنها حروف نفْي، وهي حروفٌ لها الصَّدارة في الكلام، ومِن ثَمَّ لا يجوز أن يتقدَّم عليها شيء، وليس هذا فقط، بل إنَّ كان وأخواتها إذا سبقتْ بنفي، فإنَّه لا يجوز أن يتقدَّم عليها أحد معموليها.

 

أمَّا الشرط الثالث: فإنَّه مِن المعلوم أنَّ الخبر إذا سُبق بنفي، فإنَّه يحول نفي مضمون الجملة إلى إيجاب، فتفقد هذه الأدوات الشرطَ الأوَّل مِن شروط إعمالها، وهو نفْي مضمون الجُملة، عدا ليس، فإنَّ الحجازيِّين يُعملونها، والتميميِّين يهملونها نحو (ليس الطِّيبُ إلا المسك).

 

ثانيًا: شروط خاصَّة:

(1) ليس:

تَعمل مطلقًا إذا توافرتْ فيها الشروط الآتية:

1- إفادة النفْي في الحال: وذلك إذا استخدمتْ مِن دون أن يكون في الجُملة زمن محدَّد، نحو قوله تعالى: ﴿أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ﴾ [هود: 78]، وقوله تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ﴾ [النور: 61].

مثال النفي في الحاضر: قوله تعالى: ﴿فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ﴾ [الحاقة: 35].

 

2- إفادة النفْي في المستقبل، في مِثل قوله تعالى: ﴿أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ﴾ [هود: 8].

وقول الأعشى:

لَهُ نَافِلاَتٌ لاَ يَغِيبُ نَوَالُهَا
وَلَيْسَ عَطَاءُ الْيَومِ مَانِعُهُ غَدَا

 

3- إفادَة النفْي في الماضي: وتهمل في هذه الحالة، مثل قولهم: (ليس خلَق الله مثلَه).

 

4- إفادة الإيجاب المؤكَّد، وذلك مثل قوله تعالى: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ﴾ [الزمر: 37].

وهي الحالة التي تُسْبَق فيها بالهمزةِ الدالَّة على الاستفهام.

 

5- دخولها على الجُملة الفعليَّة، وتهمل في هذه الحالة، ولا وجهَ لمن ادَّعى بأنَّ اسمها ضميرُ الشأن؛ وذلك في قولهم: (ليس خلَق الله مثلَه).

 

6- حذف خبرها إن فُهِم مِن السياق، مِن ذلك قول الشاعر[36]:

أَيْنَ الْمَفَرُّ وَالْإِلَهُ الطَّالِبُ
وَالْأَشْرَمُ الْمَغْلُوبُ لَيْسَ الغَالِبُ

 

ولكلِّ هذه المميزات تصدَّرتْ ليس الباب، وسُمِّي باسمها؛ أي باب "ليس وأخواتها".

 

(2) ما:

لا بدَّ أن يتوافَر فيها بالإضافةِ إلى ما سبَق ثلاثة شروط:

أ- ألاَّ يقترن اسمها بأن الزائدة.

ب- أن يكون اسمها مقدمًا على خبرِها.

جـ- ألاَّ يليها معمولُ الخبر، إلا إذا كان ظرفًا أو جارًّا ومجرورًا.

 

فإذا استوفتِ الشروط السابقة مع الشروط العامَّة، عملت هذا العمل، سواء أكان اسمها وخبرها نَكِرتين أم معرفتَين، أو كان الاسمُ معرفةً والخبر نَكِرة.

 

المعرفتان: كقوله تعالى: ﴿مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ﴾ [المجادلة: 2].

النَّكِرتان: كقوله تعالى: ﴿فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ﴾ [الحاقة: 47]، أحد اسمها، وحاجزين خبرُها.

والمختلفان: كقوله تعالى: ﴿مَا هَذَا بَشَرًا﴾ [يوسف: 31].

 

ويبطل عملُها في المواضع الآتية: لفقْدِ شرْط من الشُّروط السابقة، نحو:

(1) لاقتران الاسم بإن الزائدة، في قوله الشاعر:[37]

بَنِي غُدَّانَةَ مَا إِنْ أَنْتُمُ ذَهَبٌ
وَلاَ صَرِيفٌ وَلَكِنْ أَنْتُمُ الخَزَفُ

 

(2) لاقترانِ الخبر بإلا، في قوله تعالى: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ﴾ [آل عمران: 144]، و ﴿وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ﴾ [القمر: 50].

 

(3) لتقدُّم خبرِها على اسمها، في نحو قولهم: (وما مسيءٌ مَن أعتب)[38].

 

(4) لتقدُّم معمول خبرِها، ولم يكن ظرفًا ولا جارًّا ومجرروًا، في نحو قول الشاعِر[39]:

وَقَالُوا تَعَرَّفْهَا الْمَنَازِلَ مِنْ مِنًى
وَمَا كُلُّ مَنْ وَافَى مِنًى أَنَا عَارِفُ

 

(3) لا:

لا بدَّ أن تتوافرَ فيها الشروطُ الآتية بالإضافةِ إلى الشُّروط العامَّة:

1- أن يكونَ اسمها مقدَّمًا على خبرِها.

2- ألاَّ يليها معمول الخبَر، إلا إذا كان ظرفًا أو جارًّا ومجرورًا.

3- أن يكون اسمُها وخبرُها نكرتين نحو قول الشاعر[40]:

تَعَزَّ فَلاَ شَيْءٌ عَلَى الأَرْضِ بَاقِيًا
وَلاَ وَزَرٌ مِمَّا قَضَى اللَّهُ وَاقِيَا

 

وقيل: إنَّها قد تعمل في المعرِفة، كقول الشاعر[41]:

أَنْكَرْتُهَا بَعْدَ أَعْوَامٍ مَضَيْنَ لَهَا
لاَ الدَّارُ دَارًا وَلاَ الْجِيرَانُ جِيرَانَا

 

(4) لات:

وتَعْمل العملَ السابِق بشرْطَين، بالإضافةِ إلى الشروط العامَّة:

الأوَّل: أن يكون اسمُها وخبرُها مِن أسماء الزَّمان.

الثاني: أن يحذفَ أحدهما، والغالِب حذف الاسم، وذكر الخبر؛ قال تعالى: ﴿كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنَادَوْا وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ﴾ [ص: 3].

والتقدير: ولات الحينُ حينَ مناص.

 

وقد يكون الخبرُ هو المحذوفَ على قراءة (ولات حيِنُ مناص).

والتقدير: أي وليس حينُ مناص حينًا.

 

وقول الشاعر:

نَدِمَ البُغَاةُ وَلاَتَ سَاعَةَ مَنْدَمِ
وَالْبَغْيُ مَرْتَعُ مُبْتَغِيهِ وَخِيمُ

أي ولات الساعةُ ساعةَ مندم.

 

وقول الآخر:

طَلَبُوا صُلْحَنَا وَلاَتَ أَوَانٍ
فَأَجَبْنَا أَنْ لَيْسَ حِينَ بَقَاءِ

أي: ولات الأوان أوان.

وفي الشَّطْر الثاني ليستْ حلَّت محلّ لات، وحذْف الاسم معها أيضًا، وبقِي الخبرُ مما يؤكِّد تبادل الصُّور بينهما، وتشابههما في الحرفيَّة والعمَل.

 

(5) إن:

تعْمل العملَ السابِق بشرْط أن يتوافَر فيها الشروط العامَّة، بالإضافة إلى شروط "ما" ما عدَا شرط اقتران اسمها بإن.

 

فإنَّه ممتنع أساسًا: وتأتي على الصُّوَر الآتية:

أ - قدْ يكون اسمها معرفةً وخبرها نكِرة، وقد ورَد ذلك في قراءة سعيد بن جُبَير لقوله تعالى: ﴿إنَّ الذين تدعون من دون الله عبادًا أمثالكم﴾ [الأعراف: 194].

بتخفيف إن وكسرها لالتقاء الساكنين، ونصب (عبادًا) على الخبريَّة.

ب - وقد تعْمل في نكِرتين، حيث سمع (إن أحد خيرًا مِن أحد إلا بالعافية).

جـ - وقد تعمل في معرفتَين حيث سمع (إنَّ ذلك نافعك ولا ضارُّك).

 

تنبيهات:

أولاً: دخول الباء الزائِدة على أخبار هذا الباب:

مِن الكثير الشائِع زيادةُ الباء في خبَر ليس، وقد تحدثْنا في البحث عن ذلك، مِن ذلك قوله تعالى: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ﴾ [الزمر: 36]، وقوله تعالى: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ﴾ [التين: 8]، وقوله تعالى: ﴿لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ﴾ [الغاشية: 22]، وأجاز النحْويُّون[42] جرَّ خبر ما بالباء أيضًا، مِن ذلك قول الشاعر:

أَمَا وَاللَّهِ أَنْ لَوْ كُنْتُ حرًّا
وَمَا بِالْحُرِّ أَنْتَ وَلاَ الْقَمِينِ

 

وكذلك دخول الباء على خبَر لا، في قول الشاعر[43]:

فَكُنْ لِي شَفِيعًا يَوْمَ لاَ ذُو شَفَاعَةٍ
بِمُغْنٍ فَتِيلاً عَنْ سَوَادِ بْنِ قَارِبِ

 

ثانيًا: دخول همزة الاستفهام:

اختصَّتْ همزة الاستفهام بالدُّخول على ليس وما، مِن دون أخواتها وساعتها تحوَّل النفْيُ إلى إيجاب مؤكَّد لا يحتاج إلى جوابٍ غالبًا.

نحو قوله تعالى: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ﴾ [الزمر: 37].

وقولنا: (أما طالب حاضرًا)!

 

ثالثًا: حذْف المعمولين:

لا يُجيز النُّحاةُ حذْفَ المعمولين مع الأدوات جميعِها.

 

أمَّا مِن حيث حذْف أحد المعمولين، فإنَّه على ثلاثة أحوال:

(1) حذف واجب: وذلك إذا كانتِ الأداة "لات" فإنَّه لا بدَّ مِن حذْف أحد معموليها، فإنَّ ذكْر الخبر حذف الاسم، وإذا ذُكِر الاسم حُذِف الخبر، والشائِع حذْف الاسم.

 

(2) حذْف جائز: وذلك إذا كانتِ الأداة ليس، وذلك مثل قول الشاعر:

لَهْفِي عَلَيْكَ لِلَهْفَةٍ مِنْ خَائِبٍ
يَبْقَى جِوَارُكَ حِينَ لَيْسَ مُجِيرُ

 

اشترَطوا لذلك أن يكونَ اسمها نكِرة.

 

(3) حذف ممتنع: وذلك إذا كانتِ الأداة (ما - إن) فلا بدَّ معهما مِن ذكْر الاسم والخبَر.

 

وهكذا يتَّضح أنَّ "ليس" حرْف، وبالتالي، يمكن فصلُها عن باب "كان وأخواتها" وضمها إلى "ما ولا ولات وإن"، وجعْل كل هذه الحروف بابًا جديدًا تحتَ اسم "ليس وأخواتها".

 

مصادر البحث

• القرآن الكريم.

• أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك (ابن هشام) المطبعة الجمالية 1332هـ.

• التصريح بمضمون التوضيح للشيخ خالد الأزهري - المطبعة الأزهرية 1925م.

• حاشية الصبَّان على شرح الأشموني ومع شواهد العيني، دار أخبار الكتب العربية - عيسى البابي الحلبي.

• حولية كلية دار العلوم العام الجامعي 1975- 1976م.

• الدُّرر اللوامع على همع الهوامع للشنقيطي 1328هـ.

• الدُّرر اللوامع في تحرير شرْح جمع الجوامع لمحمَّد بن المقدس (ابن شريف) فاس 1312هـ.

• الضوابط التقعيديَّة للجملة في التراث النحْوي، دكتور علي أبو المكارم 1981م.

• شرْح ابن عقيل، تحقيق محمد محيي الدِّين عبدالحميد 1378هـ.

• شرْح شذور الذهب لابن هشام، تحقيق محمد محيي الدين عبدالحميد ط 15- 1978م.

• شرْح شواهد المغني للسيوطي، دار مكتبة الحياة ولجنة التراث.

• شرح الكافية للرضي، دار الكتب العالمية بيروت 1979م.

• شرح الكافية للصفوي، تحقيق الدكتور السيد أحمد علي، ونال به درجة الدكتوراه سنة 1983م.

• شرْح المفصَّل لابن يعيش، مكتبة المتنبي القاهرة 1931م.

• كتاب سيبويه، تحقيق عبدالسلام هارون 1977م، طبعة بولاق 1316هـ.

• لسان العرَب، جمال الدين محمد بن مكرم الأنصاري القاهرة 1307هـ.

• مغني اللبيب عن كتب الأعاريب لابن هشام، دار أخبار الكتب العربية، عيسى البابي الحلبي.

• المقتضب للمبرِّد، تحقيق الشيخ عضيمة القاهرة 1386هـ.

• النحو الوافي، عباس حسن دار المعارف 1968م.

• همع الهوامع للسيوطي، طبعة دار المعرفة - بيروت - بدون تاريخ.



[1] مستخرَج مِن مجلَّة دِراسات عربية وإسلامية الجزء العشرون.

ونُشِر في كتابنا: التحليل النحوي للكلمة والكلام (الجزء الأول).

[2] "الكتاب" (1/34).

[3] المرجع السابق (1/35).

[4] "شذور الذهب" (16).

[5] "شرح الكافية" (2/223).

[6] "همع الهوامع" (1/4).

[7] "الهمع" (1/ 115).

[8] "الكتاب" (1/46).

[9] انظر "المقتضب" للمبرد (3/100).

[10] المرجع السابق.

[11] "شرح الكافية" (2/296).

[12] مثال ابن مالك (ليس خلق الله أشعر منه)، انظر "همع الهوامع" (1/113).

[13] "شرح الكافية" (2/296).

[14] "شرح الكافية" (2/296).

[15] انظر "الهمع" (1/115)، الأشموني (1/237)، "شرح التصريح" (1/185).

[16] انظر المرجع السابق.

[17] "همع الهوامع" (1/113).

[18] "همع الهوامع" (1/193).

[19] همع الهوامع (1/117).

[20] "همع الهوامع" (1/166).

[21] المصدر السابق.

[22] "الضوابط التقعيدية للجملة" بتصرف (328).

[23] "الضوابط التقعيدية للجملة" (ص: 329).

[24] هذا عجُز بيت مِن الطويل، وقائله السموءل بن عادياء، وقيل: اللجلاج الحارثي، والأوَّل أشهر؛ انظر: العيني (2/79)، وراجع ديوان السموءل وعروة بن الورد (ص: 92).

[25] "همع الهوامع" (1/117).

[26] "همع الهوامع" (1/113)، "الدرر اللوامع" (1/93)، و"الصبان على الأشموني" (1/245).

[27] "شرح الكافية" (2/296).

[28] انظر "حاشية الدسوقي" (1/399)، و"الضوابط التقعيدية للجملة" (342).

[29] "شذور الذهب" (17).

[30] "شرح الكافية" (2/296).

[31] "شرح الكافية" (2/296).

[32] "انظر الضوابط التقعيدية للجملة" (343).

والبيت مِن الرجز وقائله نُفيل حبيب، "شرح الكافية" (3/443)، والعيني (4/123).

[33] "تسهيل الفوائد" (55)، و"انظر همع الهوامع" (1/116).

[34] انظر: (ص 11) مِن هذا البحث.

[35] انظر الأشموني (1/237)، "همع الهوامع" (1/112)، "شرح التصريح" (1/185)، و"الضوابط التقعيدية للجملة" (343).

[36] انظر المغني وحاشية الدسوقي (7/401)، وانظر: "المدخل إلى دراسة النحو العربي" (2/343)، وسبَق تخريجه.

[37] لا أعرِف له قائلاً، وهو مِن بحر البسيط، قال العيني (2/91): أنشده ثعلب في أماليه، ولم يعزُه إلى أحد، والدرر (1/94 – 95) غير منسوب فيه.

[38] مثَل مِن أمثال العرب.

[39] البيت لمزاحِم بن حارث العقيلي، وهو مِن الطويل؛ انظر: "الكتاب" (1/72)، 146)، و"شرح أبيات المغني" (5/207)، والعيني (2/98)، و"شذور الذهب" (205).

[40] لا أعرف له قائلاً، وقد ورد في "شرح التصريح" (1/72)، و"شرح أبيات المغني" (4/377)، والعيني (2/102)، و"الدرر" (1/97).

[41] لا أعرف له قائلاً.

[42] انظر: "همع الهوامع" (1/137)، و"شرح التصريح" (1/202)، و"شرح الأشموني" (1/251)، و"الضوابط التقعيديَّة للجملة" (352).

[43] البيت لمراد بن قارب السدوسي في مدح النبي، انظر: "همع الهوامع" (1/127)، و"المدخل إلى دراسة النحو العربي" (2/353).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • بحوث وقضايا نحوية (1)
  • مبحث حول توكيد الفعل بالنون
  • الأساليب النحوية وأمثلة عليها
  • أسئلة نحوية (1)

مختارات من الشبكة

  • كناشة البحوث: بحوث حديثية محكمة لمحمد زايد العتيبي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • بحوث في السياسة الشرعية والقضايا المعاصرة(مقالة - موقع الأستاذ الدكتور فؤاد عبدالمنعم أحمد)
  • أحكام وقضايا (قضية فيها المطالبة بأجرة ترميم بناء والدفع شرط جزائي) (PDF)(كتاب - موقع الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين)
  • أحكام وقضايا (قضية فيها عقد باطل لجهالة المعقود عليه) (PDF)(كتاب - موقع الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين)
  • قضية فلسطين قضية جميع المسلمين ( خطبة )(مقالة - المسلمون في العالم)
  • في أصول البحث ومناهجه: آليات وتأصيل (2)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • اللآلئ الفقهية: مجموعة بحوث علمية محكمة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • بحوث ومقالات في التحذير من الإرهاب (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • بحوث ومقالات في أحكام ومسائل اللباس(مقالة - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • بحوث ومقالات وجداول في مسائل ونوازل الزكاة(كتاب - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)

 


تعليقات الزوار
2- استفسار
صادق الرواف - الأردن 28-03-2012 11:14 AM

السلام عليكم جزاك الله خيرا يا دكتور
ولكن عندي استفسار أتمنى أن أجد له شرحا مقنعا
وهو : ما إعراب البيت المنسوب للإمام الشافعي والذي قيل فيه:
ورزقك ليس ينقصه التاني
وليس يزيد في الرزق العناء
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
وما صحة إعراب جملة ينقصه على أنها خبر لليس مقدم وإعراب التاني على أنها اسم لليس مؤخر؟؟؟

1- شكر واستدراك
أبو جابر - الجزائر 20-07-2011 07:09 PM

السّلام عليكم ورحمة الله
بارك الله في الأستاذ الدّكتور أحمد على بحوثه الشيّقة.
وإنّه حفظه الله في هذا المبحث قد نصر قولَ بعض أهل العلم رحمهم الله ممّن ذهبوا إلى حرفيّة (ليس)، فلا ضير أن يُرجّح ما رجّحه.
إلاّ أنّ من بين النّقاط الّتي أثارها في هذا المبحث: استغرابه من إثبات أئمّة النّحو واللّغة معنى النّفي لكلمة (ليس) دون غيره.
ومن ثمّ فقد توصّل حفظه الله إلى إثبات معنى آخر لها، وهو الاستنكار، وذلك إذا دخلت عليها الهمزة.
فألفِت نظر الدّكتور حفظه الله إلى أنّ الاستنكار إنّما يُفهَِم من الاستفهام إذا دخل على النّفي.
لذلك يقسّم علماء البلاغة الاستفهام إلى:
حقيقيّ (وهو ما يصدر من الجاهل بالحكم)، وإنكاري ( وهو ما يصدر من العالم بالحكم إذا خاطب المخالف)، وتقريري ( وهو ما يصدر من العالم إذا خاطب الموافق).
و(ليس) لا أثر لها للدّلالة على ذلك، بدليل أنّنا لو استعملنا حروف النّفي (لا وما ولم ولن ) لتمّ التوصّل إلى الإنكار.
فقوله تعالى:{أفلا تعقلون}، وقوله:{ألم يأنِ للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم ...} الآية، ونحوها، يقال في ذلك كلّه: الاستفهام هنا إنكاريّ.
فلا يمكن لقائل أن يقول إنّ: (لا) و(لم) ليسا من حروف النّفي !
فكذلك الأمر في (ليس).
وبارك الله فيك وأحسن إليك.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب