• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الشرح الميسر على الآجرومية (للمبتدئين) (6)
    سامح المصري
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الحال لا بد لها من صاحب
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية النكتة رؤية تداولية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الإعراب لغة واصطلاحا
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    مفهوم القرآن في اللغة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    أهل القرآن (قصيدة)
    إبراهيم عبدالعزيز السمري
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي
علامة باركود

ترجمة العلوم العربية إلى اللاتينية

د. أحمد فؤاد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/11/2010 ميلادي - 14/12/1431 هجري

الزيارات: 40493

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الترجمة من حيث هي حاجة مَعرفيَّة وضروريَّة حضاريَّة:

الأصْلُ في الترجمة مِن لغة إلى أخرى أنَّها نزوعٌ طبيعي عند الإنسان إلى تنمية ثقافته، وتطوير علومِه ومعارفه؛ بالانفتاح على ثقافات أخرى، فضْلاً عن أنَّها ضرورة حضاريَّة؛ لتحقيق التفاعُل والتكامُل والتواصُل بين الأُمم.

 

ويعرف الدارسون لتاريخ الحركة العلميَّة - في عصر الحضارة العربيَّة الإسلاميَّة - أنَّ عنايةَ العرب في صدر الإسلام - خاصة أيَّام الأمويين - كانتْ موجَّهة بصورة رئيسيَّة إلى علوم الدِّين واللغة، التي عُرِفتْ باسم: "العلوم العقليَّة" المعنيَّة بالبحث في ظواهر الكون والحياة، والتي وجَّه العربُ نشاطاتهم الفِكْريَّة إليها بصورة مُكَثَّفة في العصر العباسي بعد أنِ استقرَّتْ أمورُ الحُكْم، وقَلَّت الحروب والفتوحات، وكَثُرت الأموال والثروات، وراجتِ التجارة ونشطتِ الرحلات، وبدأت الاتصالات الثقافيَّة مع أُمم الحضارات القديمة الذين جمعتْهم حضارة الإسلام في مشارق الأرْضِ ومغاربها.

 

ولقد قدَّمت الحضارة العربيَّة الإسلاميَّة نموذجًا رائدًا لتفاعُل الثقافات، وحوار الحضارات؛ عن طريق حركة ترجمة واسعة النِّطاق، عميقة المضمون، وكان طبيعيًّا أن تبدأَ النهضة العلميَّة العربيَّة بنقْل معارف السابقين، فانكَبَّ العلماء على ترجمة المؤلَّفات اليونانيَّة والسريانيَّة، والقِبْطيَّة والفارسية، والهنديَّة وغيرها، وكانتْ عمليَّات الترجمة تعتمدُ في أمانتها ودِقَّتها على تَمكُّن المترجمين من اللغة العربية وإتْقَانهم للغات الأخرى التي ينقلون منها، وممن اشْتُهر بالترجمة "آل ماسرجويه" وكانوا يهودًا، و"آل يختيشوع"، و"آل حنين بن إسحاق" وكانوا نصارى، و"آل ثابت بن قُرَّة" وكانوا صابئة، ومن أهم الكتب القديمة - التي تُرْجِمتْ إلى اللغة العربيَّة، وأثَّرت تأثيرًا عظيمًا في فِكر العرب - كتاب "أصول الهندسة"؛ لإقليدس، وكتاب "المجسطي"؛ لبطليموس، وكتاب "السند هند"؛ للفلكي الهندي "براهما جوبتا"، وكان علماء الحضارة العربيَّة الإسلاميَّة يقومون بدراسة الكتب المترجَمة دراسة نقديَّة فاحصة، ويستوعبون كلَّ ما فيها قبل أنْ يبدؤوا في تَنْقِيحِها وترتيبِ علومها، وشَرْحها والتعليق عليها.

 

وانتقلت الحركة العلميَّة من طور الترجمة واستيعابِ العلوم القديمة إلى مرحلة الابتكار الأصيل وإنتاجِ معارف جديدة؛ عن طريق البحث وَفْق منهج علمي سليم يؤدِّي إلى الأحكام الصائبة والنتائج الواثقة.

 

ويُمْكن التعرُّفُ على الإنتاج العلمي الغزير الذي تميَّز به عصرُ الحضارة العربيَّة الإسلاميَّة بالرجوع إلى كُتب التراجِم التي تزْخَرُ بها المكتبات العربية؛ حيث يوجد للأطباء تراجِمهم، وللأدباء معاجمهم، وللعلماء وللفقهاء طبقاتُهم وسِيَرهم، وهناك بجانب هذا التصنيف العلمي تنصيفٌ آخر زمني، مثل: كتاب "الدُّرَر الكامنة في أعيان المائة الثامنة"؛ أي القرن الثامن الهجري، وكتاب "الضوء اللامع في أعيان القرن التاسع"، وكتاب "الكواكب السائرة في تراجِم علماء المائة العاشرة"؛ أي القرن العاشر الهجري، "وخلاصة الأثر في تراجِم علماء القرن الحادي عشر"، و"سَك الدُّرر في أعيان القرن الثاني عشر"، وغيرها.

 

وهناك أيضًا مَن اختار أنْ يقسِّمَ تاريخ العلم إلى مراحل زمنيَّة كل نصف قرن، وينسبها إلى شخصيَّة علميَّة رئيسية، على نحو ما فَعَلَ مؤرِّخ العلم المعاصر "جورج سارتون" في مؤلَّفه الضخْم ذي المجلدات الخمسة في تاريخ العلم، عندما سجَّل أنَّ الفترة من عام 750م إلى عام 1100م تشكِّل تعاقُبًا متصلاً لعصور: جابر بن حيَّان، والخوارزمي، والرازي، والمسعودي، وأبي الوفاء البوزجاني، والبيروني، وابن سينا، وابن الهيثم، وعمر الخيَّام، الذين انحدروا من أصول وثقافات مختلفة، فمنهم العربي والتركي، والأفغاني والفارسي، لكنَّهم أبدعوا جميعًا تحتَ مَظَلَّة الإسلام، وتفاعلت ثقافاتهم في بَوْتَقة الثقافة الإسلاميَّة.

 

وعندما بدأ ظهورُ الأسماء الغربيَّة في تأْرِيخ "جورج سارتون" للعلوم بعد عام 1100م، وتتابعت التراجِم من العربيَّة إلى اللاتينيَّة (أو العبريَّة) على أيدي: جيربرت، وقسطنطين الإفريقي، وأديلار الباثي، وجيرار، الكريموني، وروجر بيكون، وغيرهم، استمرَّ شرفُ التنسيب إلى المراحل الزمنيَّة في تاريخ العلم على مدى 250 سنة أخرى بأسماء علماء الحضارة العربيَّة الإسلاميَّة، أمثال: ابن رُشْد صاحب كتاب "الكُليَّات في الطب"، ونصير الدين الطوسي مدير مَرصد مراغة (أذربيجان)، وابن النفيس المصري مُكْتَشِف الدورة الدمويَّة الصغْرى، وكمال الدين الفارسي شارح بصريَّات ابن الهيثم في كتابه "تنقيح المناظر لذوي الأبصار والبصائر"، وغيرهم.

 

حتى عندما فَقَدَتْ ديارُ الإسلام وهَجَها العلمي بعد عام 1350م، بقيتْ هناك ومضاتٌ عارضة تَصِلُها بعصر الازدهار الأول، كتلك التي لمعتْ في المشرق العربي على أيدي "الخليلي"، و"ابن الشاطر"، أو في "سمرقند" على أيدي "أولغ بك" و"جمشيد الكاشي"، أو في المغرب العربي على يد "القلصادي" (ت 1486م).

 

لكن هذه الإنجازات العارضة - على أهمِّيتها - لم تكنْ قادرة على جعْلِ الحياة تدبُّ من جديد في عروق الحركة العلميَّة العربيَّة؛ لأنها كانتْ قد يبستْ وتحجَّرتْ، وتأكَّد في ذلك الوقت حيويَّة الغرب وقُدْرته على تسلُّم مشعل الحضارة من العرب؛ لاحتضان الحركة العلميَّة في المرحلة الحديثة مِنْ تطوُّرها.

 

وهنا رُبَّما تجب الإشارة بإيجاز إلى إشكاليَّة تتعلَّق بلفظ "العرب"، ودلالته في الثقافتين؛ العربية والغربية، ودور الترجمة في تحديد هذه الدَّلالة عند الحديث عن الحضارة العربية الإسلامية، وتأثيرها في أوروبا؛ كلمة "العرب" تُسْتعمل بمعناها الحقيقي المشير إلى الأمة القاطنة في جزيرة العرب، وذلك عندما يكون الكلام عن زمان الجاهليَّة أو أوائل الإسلام، أما اتِّخاذ لفظ "العرب" عند الكلام عن العصور التالية للقرن الأول من الهجرة بمعنى اصطلاحي، فإنه يُطْلق على جميع الأُمم الإسلاميَّة المستخدمة للغة العربيَّة في أكثر تآليفهم العلميَّة، ولا مُشاحَّة في الاصطلاح، فلنا أنْ نقول: حضارة عربية ونقصد بها الحضارة الإسلاميَّة، أو العكس بالعكس، فقد امتزجت الناحيتان بحيث يصعب الفصْلُ بينهما، وحينما نقول: "العرب"، إنَّما نقصد ما كان لهم من حضارة، ليست اللغة أو الدِّين أو العلوم، أو الآداب أو الفنون إلاَّ عناصر من عناصرها، وإنْ كان الإسلام أهم ما يُميِّز هذه الحضارة عن غيرها من الحضارات.

 

وكان الغربيون يُطْلقون على العرب اسم "السراسنة"، وكلمة "سراسنة" آتية من الكلمة اللاتينية saracenus، نقلاً عن اليونانية sarakenos، وتعني: ساكن الخيام.

 

وقد ظهر هذا المصطلح للمرة الأولى في مؤلَّفات كُتَّاب القرن الأول الميلادي، وقصدوا به البدو الذين كانوا يعيشون منذ أزمان طويلة على أطراف المناطق المزروعة ما بين النهرين، ويهدِّدون طُرق التجارة، أو يحمونها بتكليف من القوَّتين العظمتين يوم ذاك؛ الرومان والفرس، ويدخل في التسمية الأنباط، وأهل الحِيرة وتَدْمُر.

 

ويذكر بعض الباحثين أنَّ أصْلَ الكلمة آتٍ من "شرقي" sharqi، وهذا محتمل؛ لأنَّ هؤلاء البدو كانوا يعيشون في شرق الإمبراطوريَّة الرومانيَّة، وقد كتبَ كاتبٌ إغريقي من القرن السادس الميلادي - بعد سياحة في الجزيرة العربية - أنَّ ثَمَّةَ فَرْقًا كبيرًا ما بين سُكَّان اليمن والسراسنة، على أنَّه لا بُدَّ من استبعاد الفكرة التي تعيدُ أصْلَ الكلمة إلى "سارة" زوجة النبي إبراهيم - عليه السلام - لأنَّ العربَ لا علاقة لهم بها، وهي أُمُّ إسحاق لا إسماعيل.

 

والكُتَّاب المسيحيون في أوروبا في العصور الوسطى كانوا يفرِّقون في التسمية ما بين العرب، فيُطْلقون على مَن كان يعيش منهم وراء البحر الأبيض المتوسط اسم: "الإسماعيليين"، بينما يُطْلقون اسم: "السراسنة" على مَن جاؤوهم فاتحين في الأندلس وفي صقلية، وفي جنوب فرنسا.

 

فكأنهم - وهم ورثة الحضارة الرومانية - أرادوا أن يعطوا الاسم الذي يحملُ معنى السَّلْب والتدمير لهؤلاء الغُزاة الذين كانوا في الواقع خليطًا من العرب والبربر، كما كان فيهم جماعات من الروم ومن الإسْبان ومن اليهود يعاونون الفاتحين؛ ولهذا فإنَّ كلمة "سراسنة" لا ينبغي تعريبُها إلى كلمة عرب أو مسلمين؛ حفاظًا على ما تَعني لدى الغربيين؛ ولأن تعريبَها بكلمة مسلمين أو عرب لا يؤدِّي معناها الحقيقي النفسي لديهم[1].

 

العربية لغة العلم والتقنية:

اللغة - أيُّ لغة - هي وسيلة التواصُل الفكري بين أبناء الأُمَّة الواحدة، وهي في الوقت نفسه تمثِّل حاجة مُلحَّة وضرورة لا غِنى عنها لكلِّ أُمَّة تشْرَعُ في النهوض من كَبْوَتها، وتَسْعَى إلى اللِّحاق بركْب الحضارة الإنسانية، مؤمنة بالدور الأساسي للعلوم وتقنياتها في صُنع التقدُّم والرُّقي.

 

هذه الحقيقة التاريخيَّة المؤكَّدة استوعبها علماءُ الحضارة العربيَّة الإسلاميَّة عندما ترجموا معارفَ السابقين إلى اللغة العربية، واستوعبها أيضًا الغربيون عندما ترجموا علوم الحضارة العربية الإسلامية في أوائل عصْر النهضة الأوروبيَّة الحديثة، وتعيها اليوم كلُّ أُمَّة تَسْعَى بخُطًى حثيثة نحو المشاركة الفعَّالة في إنتاج المعرفة، وإعلاء صرْح الحضارة المعاصرة.

 

ويشهد التراثُ العلمي العربي - بغزارته كَمًّا، وكيفًا، وتنوُّعًا - على أنَّ اللغة العربية قد فتحتْ صدرَها لتراث الإنسانيَّة، وانتشرتْ مع انتشار الإسلام بطريق المدنيَّة والتنوير، لا بطريق الغزو والاستعمار، وكان في هذا دليلُ قوَّتها وأصالتها وقُدْرتها على استيعاب مصطلحات التقدُّم المتجدِّدة والمتزايدة، فأصبحتْ لغة عالميَّة تتسعُ للتعبير عن دقائق العلوم والتقنية، وظهر في الدولة الإسلامية أصحابُ اللِّسانين الذين أجادوا اللغة العربية ولغاتهم المحليَّة إجادة تامَّة، وكان العلماء من الموالي يفضِّلون كتابة مؤلَّفاتهم بها، حتى إنَّ أبا الريحان البيروني - الذي أتقَنَ عِدَّة لغات أجنبيَّة غير لغته الفارسية - صنَّفَ جُلَّ مؤلَّفاته التي تربو على المائة باللغة العربية، ويُؤْثَر عنه قولُه: "إنَّ الهجو بالعربيَّة أحبُّ إليَّ من المدح بالفارسية"، ووُصِفَ أسلوبه العلمي بأنه أسلوب سلسٌ، خالٍ من الالتواء، يخرج منه القارئ بثروتين؛ أدبيَّة وعلميَّة، كما امتدح البعضُ أسلوب "الخوارزمي" في كتابه "الجبر والمقابلة"، ووصفوه بأنه أسلوب أخَّاذ، لا ركاكة فيه ولا تعقيد، ينمُّ عن أدبٍ رفيع، وإحاطة بدقائق اللغة.

 

كذلك أظهرت الدراسات التحليليَّة والتركيبيَّة للغة العلميَّة أنَّ مسيرة المصطلح العلمي في تاريخ العربيَّة تدينُ لجهود "حنين بن إسحاق"، و"أبي بكر الرازي"، و"أبي عبدالله الخوارزمي"، والشيخ الرئيس "ابن سينا"، وغيرهم، وذلك بفضْل أعمالهم العلميَّة التي اقتحموا بصياغتهم العربيَّة علوم الحضارة آنذاك، مع اختلاف ينابيعها؛ من هندية، إلى سريانيَّة، إلى يونانيَّة، إلى فارسيَّة.

 

وليس هناك من شكٍّ في أنَّ هذه التجربة الأولى لترجمة العلوم إلى العربية تُعَدُّ نبراسًا لقُدْرة هذه اللغة على التوسُّع والاغتناء، واستيعاب المصطلحات والتعابير العلميَّة الجديدة، فاستحقَّتْ أنْ تُوصَفَ بأنها لغة العالم المتحضِّر عِدة قرون، وأشادَ الغربيون - الذين نقلوا العلم العربي - بجمالها وثروتها، وسهولة دراستها، والتكلُّم بها، وقراءة مؤلَّفات رجالها، حتى إنَّ "روجير بيكون" كان يعجبُ ممن يريدُ أن يبحثَ في العلم والفلسفة وهو لا يعرف اللغة العربيَّة، كما أنه اعترفَ بأنَّ المؤلَّفات العربيَّة كانتْ مصدرَ العلوم في عصره، وأن كتابات "أرسطو" لم تُفْهَمْ ولم تَلْقَ رواجًا في الغرب إلى أن أوضحتْها كتابات "الكندي، وابن سينا، وابن رُشْد"، وغيرهم، وسجَّل الأستاذ "رسل" GA Russell - من معهْد "ولكوم" لتاريخ الطبِّ بلندن في معجم حديث لتاريخ العلوم (1981) - المعالِمَ الأساسية للعلم العربي، ثم قال: "كانت اللغة العربية هي أداة هذا النشاط العلمي كلِّه، فلمَّا كانت اللغة العربية هي لغة القرآن، أصبحَ لها أهميَّة خاصَّة في الإسلام، بيدَ أنَّ طبيعة اللغة العربية نفسها هي التي قامتْ بالدور الحاسم، فمرونتها الرائعة قد مكَّنت المترجمين من دفْع مفردات مُحَدَّدة دقيقة للمصطلحات العلميَّة والتقنية أو ابتكارها، ولهذا اتُّخِذتْ لغةً للشعر اللغة العالميَّة للعلم والحضارة".

 

وهذه الإشارة إلى عالميَّة لغة العلم لفتة بارعة إلى فضْل اللغة العربيَّة يؤكِّده المحققون من مؤرِّخي العلم، ويغيبُ عن بال الكثيرين.

 

ولقد امتدَّ تأثير اللغة العربية في اللغات الحيَّة الأخرى؛ حيث يُحصي معجم "وبستر" webster's third New International Dictionary - على سبيل المثال - أكثر من ستمائة ألف كلمة مأخوذة من اللغة العربية، منها خمسمائة كلمة فقط من الألفاظ المستعمَلة في الكتابة والأحاديث العادية، والباقي في الشؤون العلميَّة الفنيَّة، ومَن يتتبَّع تأثيرَ اللغة العربية في اللغات الأخرى، يجدْ لها آثارًا واضحة في الإسبانية، والبرتغالية، والفرنسية، والألمانية، وفي اللغات الجِرْمانيَّة الأصل، كالهولنديَّة والإسكندنافيَّة في شمال أوروبا، وفي الروسيَّة والبولنديَّة، واللغات الصقليَّة والإيطالية، حتى بعد ترجمة العلوم العربيَّة إلى اللاتينيَّة، حَرَصَ بعضُ علماء الغرب على تعلُّم اللغة العربية؛ لدراسة الكُتُب في أصولها العربية، ولم يكتفوا بالاطلاع عليها في ترجمتها اللاتينيَّة.

 

(يتبع)


[1] مكسيم رودنسون؛ "الصورة الغربية والدراسات الغربية الإسلامية"، الفصل الأول من الجزء الأول من كتاب "تراث الإسلام"؛ تحرير "شاخت وبوزورت"، الطبعة الثانية، سلسلة عالم المعرفة، الكويت 1988م.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • التعريب في العصرين الأموي والعباسي
  • فلنحملْ رايةَ التعريب
  • ضرورة التأليف بالعربية في العلوم التجريبية والتقنية
  • البحث عن الهوية في الترجمة العلمية وتعريب العلوم
  • نجوم في فضاء العلوم
  • أثر تجديد العلوم العربية الغابرة في انتشار اللغة وانحسارها

مختارات من الشبكة

  • البحث في علم الترجمة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • ضوابط ترجمة معاني القرآن الكريم للغة أخرى (2)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الترجمة والصحافة في النهضة الحديثة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • العلوم المعرفية وعلم الترجمة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الوسائل التكنولوجية الحديثة والترجمة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الترجمة في الوطن العربي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • إسبانيا: دورات الترجمة العربية واللغة العربية بمدرسة المترجمين(مقالة - المسلمون في العالم)
  • وجوب تغيير النظرة تجاه الترجمة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • توجهات في الترجمة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • حدائق الترجمة(مقالة - حضارة الكلمة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/11/1446هـ - الساعة: 8:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب