• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الحال لا بد لها من صاحب
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية النكتة رؤية تداولية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الإعراب لغة واصطلاحا
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    مفهوم القرآن في اللغة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    أهل القرآن (قصيدة)
    إبراهيم عبدالعزيز السمري
  •  
    إلى الشباب (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    ويبك (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / أدبنا / دراسات ومقالات نقدية وحوارات أدبية
علامة باركود

قراءات نقدية في المجموعة الشعرية: عطش العشق

سعيد ساجد الكرواني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/6/2010 ميلادي - 16/7/1431 هجري

الزيارات: 12543

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

قراءات نقدية في المجموعة الشعرية

"عطش العشق"

 

مختارات من المجموعة

(تَقَمُّصُ الذَّات)

قَلْبَانِ الْتَفَّا

بِجَنَاحَيْ تَارِيخِ الْإِشْرَاقْ

فَاعْتَنَقَا وَانْطَلَقَا

فِي عُمْقِ الْأَعْمَاقِ مِن الْآفَاقْ

وَلاَّدَةُ قُرْطُبَةٍ صَارَتْ

عُنْوَاناً مُحْتَرِقاً

بِلَهِيبِ الْأَشْوَاقْ

بِدَوَاوِينِ الْعُشَّاقْ

لَكِنْ مَا زَالَتْ فَوْقَ الْجَمْرِ

تُعَاوِدُ تَجْرِبَةَ الْإِحْرَاقْ

وَعَلَى هَوْدَجِهَا تَتَهَادَى

مِثْلَ الْقُرْطِ بِجِيدِ الشَّفَقِ

الْمَائِسِ مَا مَادَا

وَالنَّجْمُ الْقُطْبِيُّ يُقِضُّ

مَضَاجِعَهُ الْوَجْدُ سُهَادَا

مَا بَيْنَ وَمِيضِ اللَّمْحَةِ

وَ اللَّمْحَةْ

تَشْدَهُنَا أَلْوَانُ طَوَاوِيسِ الْفَرْحَةْ

وَامْتَدَّتْ حِقْبَةُ بَهْجَتِنَا مَدَّا

وَ طَفِقْتُ أَصِيحُ مِنَ الْأَعْمَاقِ

تَحَوَّلْ

يَا بَيْنُ تَحَوَّلْ عَنِّي

وَتَأَمَّلْ فِي بَيْنِ الرَّوْعِ

وَرَوْعِ الْبَيْنِ

وَتَحَوَّلْ عَنْ قَلْبِي شِبْراً أَوْ

لاَ أَكْثَرَ مِنْ شِبْرَيْنِ

لِأُلاَمِسَ جَوْهَرَتِي

بِوَجِيبِ الْقَلْبِ وَرِمْشِ الْعَيْنِ

قَالَتْ:

رَجَّتْ صَدْرِي رَعْشَةُ شَوْقٍ

صَعَقَ التَّيَّارُ عُصَارَةَ عَقْلِي

صَعْقَا

وَأَنَا أَتَلَظَّى شَوْقَا

قُلْتُ:

تَوَحَّدْنَا رُوحاً جَسَداً

رَعْداً عَانَقَ بَرْقَا

وَفَرَشْنَا النَّظَرَاتِ الشُّهْلْ

مَا بَيْنَ شَوَاطِئِ عُمْرَيْنَا

وَسُفُوحِ التَّلّْ

صِرْتُ الدَّوْحَ

وَ صِرْتِ حَمَامَتَهُ حَقَّا

نَتَحَاوَرُ نَشْدُو

نَغْزِلُ أَشْجَانَ صَبَابَتِنَا

نَغَماً بَيْنَ لُمَى الْمِزْهَرِ رَقَّا

عِشْقِي يَتَفَجَّرُ يَنْبُوعاً دَائِمْ

هَلْ مَنْ يَعْشَقُ لُؤْلُؤَةَ الْأَعْمَاقِ

بِعُمْقٍ آثِمْ؟

مَا يَتَبَقَّى مِنْ قُرْطُبَتِي

مَا يَتَبَقَّى

إِنْ يُقْطَعْ وَصْلُ الْحَبْلِ

وَ حَبْلُ الْوَصْلْ؟

....

تَغْرِيدَانَا

فَوْقَ غُصُونِ الْأَيْكَةِ كَانَا

عُصْفُورَيْنِ

يَجُوبَانِ سَمَا قُرْطُبَةٍ

مِنْ ثَمَّةَ رَفَّا بِجَنَاحَيْنِ

مَجْنُونَيْنِ

مَا بَيْنَ الْمَاءِ وَ بَيْنَ الصَّخْرِ

وَبَيْنِي

مَا بَيْنَ الْعِطْرِ وَبَيْنَ النَهْرِ

وَبَيْنِي

مَا بَيْنَ السَّيْفِ وَبَيْنَ الْحَرْفِ

وَبَيْنَ الْخَوْفِ وَبَيْنِي

مَا بَيْنَكِ يَا جَوْهَرَةً حَلَّتْ

بِمَكَانِ الْبُؤْبُؤِ مِنْ عَيْنِي

أَبْصَرْتُ مَنَابِعَهَا عَنْ بُعْدٍ

وَخَبِرْتُ مَخَابِئَهَا عَنْ قُرْبٍ

وَبَصُرْتُ بِهَا

أَرْخَيْتُ عَلَيْهَا وَلَهَا

أَرْخَيْتُ عَلَيْهَا وَلَهاً

سِرَّ الْوَصْلِ الْأَنْدَلُسِيّْ

سِرَّ الْأَلْوَانِ جَرَتْ نَهْراً

مِنْ كَفِّ النَّجْمِ الْقُطْبِيّْ

تَنْسُجُ حُلَّتَهَا بِخُيُوطِ الْعِشْقْ

وَإِزَاراً مِنْ سِحْرِ الْبَحْرِ

وَسِرِّ الْحَرْقْ

وَشَغَافُ الْقَلْبْ

يَحْجُبُ عَنْهَا فَوْضَى الْغَرْبْ

♦ ♦ ♦ ♦ ♦

(اكْتِنَاهُ الآخَر)

أَجُوسُ خِلاَل الْمَقَابِرِ

فِي غَسَقِ اللَّيْلِ

أَنْشُرُ وَجْهِيَ

فِي الْأُفْقِ فَجْرَا

أُغَازِلُ هَمْسَ السُّكُونِ

يُعَانِدُنِي

فَأَبُوحُ بِمَكْنُونِ

سِرِّ الْهَوَاجِسِ جَهْرَا

أُبَادِلُ هَذِي بِأُخْرَى

فَتَعْبَقُ بِالصَّبَوَاتِ الْهَوَاجِسُ

تَتْرَى

.........

وَعَيْنَاكِ غَرْنَاطَتِي

تُغْرِيَانِ صَبَابَةَ عِشْقِي

تُؤَجِّجُ جَمْرَ الْمَوَاجِدِ

بَيْنَ حَنَايَا حَنِينِي وَشَوْقِي

صَبِيَّتُنَا أَنْتِ

طُهْرُ الْبَرَاءَةِ

كُنْتِ

وَمَا زِلْتِ

فِي الْقَلْبِ ذِكْرَى

تَعَالَى بِمَرِّ الْعُصُورِ

وَ تَنْشُرُ مِنْ حَوْلِهَا النُّورَ نَشْرَا

وَمَا زِلْتِ لِلنُّورِ رَمْزاً

وَ بُشْرَى

عَلَى الرَّغْمِ مِنْ عِشْقِنَا الْمُجْتَبَى

يُعَاكِسُ سَهْمَ النَّدَى السَّيْفُ

فِي الْبُوْصَلَةْ!

إِذاً كَيْفَ سَاقُوكِ قَسْراً

إِلَى الْمِقْصَلَةْ؟

مَحَاكِمُهُمْ فَتَّشَتْ فِي ضَمَائِرِنَا

كُلَّ حَاشِيَةٍٍ

ثُمَّ عَاثَتْ فَسَادَا

فَأَكْدَاسُ أَسْفَارِنَا فِي الْمَيَادِينِ

أَضْحَتْ رَمَادَا

وَنَزْفُ الْعُقُولِ اسْتَحَالَ

بِمِحْرَقَةِ الْفِكْرِ

شَوْكاً قَتَادَا

بِوَعْثَائِهِ قَدْ نَأَى ثُمَّ أَعْلَنَ فِي

مَأْتَمِ الْعِلْمِ عَنْهُ الْحِدَادَا

.........

زَمَانٌ مَضَى بَعْدَ حِينْ

وَيَخْشَوْشِنُ الْجِلْدُ حِيناً

وَحِيناً يَلِينْ

زَمَانٌ سَنَابِكُهُ كَرَّةً

تَكْتَوِي بِالْحَصَى

وَأُخْرَى تُجَرِّعُهَا غُصَصَا

وَتَزْرَعُ حَوْلَ الرُّمُوشِ الشُّحُوبْ

فَطَوْراً يُقَاسِمُنِي الْهَمَّ وَجْدٌ

وَطَوْراً مَعَ الشَّمْعِ يُصْهَرُ

أَوْ فِي الْجَلِيدِ يَذُوبْ

فَتَنْبُتُ فِي لِثَّةِ الْمِلْحِ مِنْهُ نُدُوبْ

تَسُدُّ الثُّغُورَ

وَتَمْحُو الصَّدَى

بِوَحْشَةِ مَقْبَرَةٍ

أَشْرَبَتْ رُوحَهَا لِلرَّدَى

وَيَبْقَى مَعَ الْمِلْحِ دَمْعُ الْعُيُونْ

يُذِيبُ الْجُفُونْ

حَمَامٌ يَحُومُ جِوَارَ الْحِمَى

قَوَادِمُهُ انْثَالَ مِنْهَا النَّدَى

فَهَلْ أَسْلَمَ الْخُلْدُ سِفْرَ الْيَقِينْ

لِيَرْسُوَ فِي شَاطِئِ الْمَجْدِ

حَبْلُ السَّفِينْ؟

.........

لَقَدْ حَانَ وَقْتُ الْجُمُوعْ

وَسُلَّتْ سُيُوفٌ بَرَاهَا

بِأَغْمَادِهَا الْحُمْرِ جُوعْ

وَقَدْ أَقْسَمَتْ أَنْ تُبَارِي الْغُيُومْ

فَيَا لَيْتَ نَشْوَتَهَا!

.........

كَيْ تَدُومْ

.........

هَبَطْتِ بِطِيبٍ مِنَ الْأُقْحُوَانْ

فَهَلْ تَذْكُرُ الذِّكْرَيَاتْ

حِوَاراً جَرَى بَيْنَ مَقْبَرَةٍ

قَدْ جَثَتْ خَلْفَ سُورِ الزَّمَانْ

وَمَرْكَبَةٍ زَارَتِ الشَّمْسَ يَوْماً

لِتَصْحَبَنَا فِي رِحَابِ الْوَدَاعَةِ

حَيْثُ الْأَمَانْ

يَرِفُّ عَلَيْنَا بِأَجْنِحَةٍ

مِنْ شُفُوفِ السَّكِينَةْ

يَنُثُّ النَّدَى حَوْلَ قَرْيَتِنَا

فَتَرِقُّ الْمَدِينَةْ؟

أَيَا مُهْجَتِي هَلْ رَحَلْتِ كَحُلْمٍ

نَأَى دُونَ أَنْ يَتَنَاسَى جُفُونَهْ؟

وَفِي مَاءِ عَيْنِي يُفَجِّرُ يَنْبُوعَهُ

ثُمَّ يُجْرِي عُيُونَهْ؟

فَأَجْمَعْتُ جَأْشِي

وَرَابَطْتُ أَعْلَنْتُ

أَنِّي اسْتَعَدْتُ لِعَرْشِي

صُرُوحَ غَدِي الْمُشْرِقِ

فَكَيْفَ إِذاً لَمْ أَذُبْ

بِسَنَا الْمَشْرِقِ؟

.........

وَبَوْحِي اعْتِرَافٌ

بِسِرِّ الْقَوَافِي

وَإِنْ سَالَ دَمْعِي

لِيَسْقِي الْفَيَافِي

فَإِنَّ بِقَلْبِي فَضَاءً

يُرَدِّدُ أُنْشُودَةَ الْعَائِدِينْ

يَسُوقُ قَطِيعَ الثَّعَالِبِ إِذْ تَمْكُرُ

وَيَمْحَقُ سُلْطَانَهَا

شَهْوَةً ثُمَّ لاَ تَأْمُرُ

.........

أُقَاسِمُهَا مُهْجَةَ الْعُمْرِ

أَبْنِي الْجُسُورْ

وَ أُتْقِنُ فَنَّ الْعُبُورْ

♦ ♦ ♦ ♦ ♦

(حَينَ يَسْتَبْطِنُ مَجْنُونُ قُرْطُبَةَ الضَّمِير)

تُطَوِّقُنِي بِالْبَخُورِ

قِبَابُ طُلَيْطِلَةٍ

فِي مَسَاءَاتِهَا الْعَاطِرَةْ

وَلاَ زِينَةٌ حَوْلَ جِيدِ الْأَمِيرَةِ

إِذْ قَدْ أَسَرَّتْ إِلَيْهَا

وَصِيفَتُهَا الْحَائِرَةْ

بَأَنَّ السُّرُورَ غَدَا

سِلْعَةً نَادِرَةْ

نَسِينَا تَحِيَّاتِ مَوْعِدِنَا

نَسِينَا السُّرُورْ

وَ طَعْمَ الْحُبُورْ

وَكُنَّا نَدُورْ

مَعَ الْأَنْجُمِ الزَّاهِرَةْ

وَظَلَّتْ أَمَانِيُّنَا دَائِرَةْ

وَظَلَّتْ تَدُورُ بِنَا الدَّائِرَةْ

يُقَوِّسُنَا الدَّهْرُ إِذْ يَتَرَامَى

وَيَرْشُقُنَا ثُمَّ يَرْمِي

بِأَضْلُعِنَا نَبْلَهُ

وَالسِّهَامَا

فَقَوْسٌ جَمِيلْ

وَ سَهْمٌ جَلِيلْ

وَهَذَا الْخَلِيلْ

يُحَلِّي الْمَسَافَاتِ مَا بَيْنَنَا

وَذَاكَ الْخَلِيلْ

يُخَلِّي الْمَفَازَاتِ مَا بَيْنَنَا

فَيَا أَيُّهَذَا الَّذِي حَظِيَتْ

بِالْوِصَالِ لَوَاعِجُهُ

مَعَهَا قَدْ تَكُونْ

وَقَدْ لاَ تَكُونْ

.........

فَإِمَّا نَكُونْ

وَإِمَّا فَلاَ

فَوِجْهَتُنَا فِي الْفَلاَةِ

تُوَحِّدُ إِيقَاعَ

مِشْيَتِهَا الْعَنْدَلاَتْ

فَكُلُّ الَّذِي هُوَ آتْ

يَحُومُ كَمِثْلِ الْفَرَاشَاتِ

مِنْ حَوْلِنَا

لِأَنَّ الْفَرَاشَاتِ فِي كُلِّ يَوْمْ

يُشَوِّقُهَا لِلرِّيَاضَةِ حَوْمْ

فَحِيناً تُغَازِلُ نَارِي

وَحِيناً تَلَمَّظُ بَيْنَ شِفَاهِكِ وَهْمْ

فَيَا أَيُّهَا النُّورُ خُذْنِي

لِفُرْسَانِ قُرْطُبَةٍ

لِمَرَاكِبِ سَبْتَةَ أَحْكِ الْحِكَايَةْ

فَلَيْسَ لِمَبْدَئِهَا مِنْ نِهَايَةْ

أَحَرْقٌ وَشَرْقْ؟

أَخَنْقٌ وَشَنْقْ؟

فَمَا عَادَ يُرْهِبُ أُفْقَ الْعَزِيمَةِ

رَعْدٌ وَبَرْقْ

.........

وَعَوْدٌ حَمِيدٌ إِلَى الْمَعْمَعَةْ

يُجَالِدُنَا الصَّبْرُ

إِمَّا نُجَالِدُ نَحْنُ مَعَهْ

طَرِيقٌ عَتِيدٌ وَيَنْسَابُ

عَبْرَ شَوَاطِئِ طَنْجَةَ نَجْمْ

يَبُلُّ الصَّدَى

يُعَاوِدُهُ مِنْ شَوَاطِئِ سَبْتَةَ

رَجْعُ الصَّدَى

وَقَدْ أَثْقَلَتْهُ الْقَوَادِمُ مُبْتَلَّةً

بِحُبَابَاتِ قَطْرِ النَّدَى

يَرُشُّ الْجَبِينْ

فَنَصْحُو لِكَيْمَا نُجَالِدَ نَحْنُ مَعَهْ

فَيَخْشَعَ سَمْعٌ إِلَى الْقَعْقَعَةْ

طَرِيقٌ عَتِيدٌ وَ يَمْشِي الصَّدَى

وَبَيْنَ الثُّغُورْ

نُرَاجِعُ أَنْفُسَنَا تَارَةً

ثُمَّ طَوْراً نُغِيرْ

نُعَفِّرُ بِالْمِسْكِ مَوْجَ الْبِحَارْ

وَنَبْنِي بِرَايَاتِنَا قَلْعَةً

لَنْ تُهَدِّدَ أَسْوَارَهَا الشَّامِخَاتِ

قَرَاصِنَةُ الْبَحْرِ أَوْ يَتَحَدَّى

خَنَادِقَهَا الْمُحْصَنَاتِ تَتَارْ

لَقَدْ لَقَّنَ الْعَزْمُ مِنَّا الدَّمَارْ

دُرُوساً

فَلَنْ يَتَنَاسَى مَحَاذِيرَهَا

وَلَوْ صَدِئَتْ فِي الْقِرَابِ السُّيُوفْ

تَقُولُ الْمَعَاجِمُ وَالْمُفْرَدَاتْ

تَقُولُ الْحُرُوفْ

أَلَيْسَتْ سُيُوفُ الْعَزَائِمِ

مُصْلَتَةً

عَلَى هَامِ مَا

يَزْعُمُونَ اغْتِيَالَ الْحَيَاةْ؟

.........

وَمِنْ بَعْدُ هَا دَمُّ هَاتِيكُمُ الْمِحْبَرَةْ

يَثُورُ

وَتَمْتَدُّ صَوْلاَتُهُ الْقُرْطُبِيَّاتُ

مَا بَيْنَنَا

وَبَيْنَ رَمِيمٍ

تُبَعْثِرُهُ الرِّيحُ فِي الْمَقْبَرَةْ

يَثُورُ

وَيَمْتَدُّ مَا بَيْنَنَا

وبَيْنْ الْعُبُورْ

.........

أَلاَ فَانْسُجِي الرِّيشَ بُرْداً

يُوَارِي الظَّلاَمْ

لَقَدْ أَسْفَرَ الْفَجْرُ

عَنْ مَوْعِدٍ لِلْغَرَامْ

وَهَذَا السُّفُورْ

يُلِحُّ عَلَيْكِ انْحَتِي

مِنْ قُيُودِ الدُّجُنَّةِ

رَسْماً يُضَمِّخُنَا بِرَحِيقِ الزُّهُورْ

وَيَغْرِسُ فِي رَحِمِ الصُّبْحِ طَلْحاً

وَيَسْقِي الْبُذُورْ

بِمَاءِ الْجُمَانِ تَشَرَّبَ بِالْعِطْرِ

ثُمَّ تَبَرْعَمَ عُنْقُودُهُ بِالْحُبُورْ

وَهَا قَدْ صَحَتْ غَدْوَةً فَالِحَةْ

أَمِيرَةُ حُبِّي

مَلِيكَةُ عِشْقِي

تَبُوحُ بِكُلِّ الْحُرُوفِ الَّتِي

كَانَ أَرْهَقَهَا السُّهْدُ

بَيْنَ الشَّجَى وَالشَّجَنْ

لِلُبِّكِ جَوْهَرَتِي

عَبْرَةٌ وَاشْتِيَاقْ

لِطَلْعَتِكِ الْبَدْرُ

يَهْجُرُ بُرْجَ الْمُحَاقْ

لَكِ النَّحْلُ يَمْلَأُ كُلَّ السِّلاَلْ

بِجَنْيِ الْعَسَلْ

وَفِي جَانِبِ الشُّرْفَةِ الطَّيْرُ

يُصْغِي لِنَجْوَى الْغَزَلْ

تُزَرْكِشُ مَنْطِقَهُ الْعَنْدَلاَتْ

فَيُزْهِرُ فِي الْقَلْبِ نَبْضُ الْحَيَاةْ

أَمِيرَةَ عِشْقِي

قَمِيصِي امْسَحِيهِ

عَلَى رَبَواتِ الْأَمَانْ

♦ ♦ ♦ ♦ ♦

(عَلَى جَبِينِ الثُّرَيَّا)

عَلَى قَدْرِ ضَبْحِي تَقُولُ الْجِيَادْ

عَلَى قَدْرِ مَا فَاضَ

بَيْنَ جَوَانِحِنَا مِنْ وِدَادْ

يَكُونُ الْوِصَالُ

وَيَحْلُو اللِّقَاءْ

فَيَا غَادَةَ الْمَجْدِ لاَ تَقْلَقِي

فَبَعْدَ غَدٍ إِنْ نَأَى الْمُهْرُ بِي

نَلْتَقِي

بِحُضْنِ الرِّبَاطْ

طُلَيْطِلَةٌ سَوْفَ تُهْدِي لَنَا

مَفَاتِيحَهَا ثُمَّ يَنْتَشِرُ الْعِطْرُ فِي

ضِفَافِ السَّمَاءْ

حُبُوراً بِقَلْبِي الَّذِي

نَبْضُهُ يَبْتَهِجْ

بَيَاضاً وَإِشْرَاقَةً مِن جَمَالْ

بِعُمْقِ الْأَمَانِي تَلِجْ

وَأَوْتَارُ قُرْطُبَتِي الذَّهَبِيَّةُ

لاَمِعَةً تَخْتَلِجْ

بِعَزْفِ الْمُوَشَّحِ

حَيْثُ يَطِيبُ لَنَا أَنْ نَعِيشْ

عَلَى رَفْرَفٍ

مَخْمَلِيِّ النَّمَارِقِ فَوْقَ الْعُرُوشْ

وَنُطْبِقُ فَوْقَ جُفُونِ الْأَهِلَّةِ

سُودَ الرُّمُوشْ

وَنَحْلُمُ

نَحْلُمُ بِالزَّفَّةِ الْقُرْطُبِيَّةِ

فِي الْمُنْتَدَى

نُبَعْثِرُ بَيْنَ ضُلُوعِ الصَّقِيعِ النَّدَى

وَنُمْضِي لَيَالِي الْمُنَى الْمُقْمِرَةْ

كَأَنِّي بِأَشْرِعَتِي الْمُبْحِرَةْ

تُهَدْهِدُهَا الذِّكْرَيَاتُ السَّعِيدَةُ

مِثْلَ اللَّآلِئِ وَسْطَ الْمَحَارْ

فَمَنْ يُفْتَدَى

لِخَطْفَةِ قَلْبٍ مِنَ الْأَسْرِ

وَالْفِتْنَةِ الْجَارِحَةْ؟

وَيُومِضُ بَرْقْ

لِيَكْتُبَ فَوْقَ جَبِينِ الثُّرَيَّا

رِسَالَةَ عِشْقْ

تَدَلَّتْ عَنَاقِيدُهَا الْعَسْجَدِيَّاتُ

حَوْلَ سَرِيرِ الْعَرُوسِ

بِإِشْبِيلِيَّا

أَحَالَتْ لَيَالِيَّ فِي الْمُتَوَسِّطِ

فِي الْأَطْلَسِيِّ نَهَارَا

وَعَاوَدنِي الشَّوْقُ

أَدْهَشَنِي الْعِشْقُ

صِرْتُ انْبِهَارَا

وَمَا كَانَ سَيْفِيَ يَوْماً مُعَارَا

لِحُرَّاسِ لَيْلٍ يَجُوبُونَ

فِي طُرُقَاتِكِ بَعْدَ الْمَسَاءْ

عَلَى صَهَوَاتِ خُيُولٍ

تُثِيرُ سَنَابِكُهَا

فِي الْعَشِيِّ غُبَارَا

فَيَنْتَثِرُ النَّجْمُ فِيهِ

وَيَنْطَفِئُ النُّورُ فِيهِ

وَيُومِضُ ثَانِيَةً بِالضِّيَاءْ

♦ ♦ ♦ ♦ ♦

(مَرَايَا الْخَيَالِ)

أَكَانَتْ قَوَافِلُنَا قَافِلَةْ؟

فَقَافِلَةٌ إِثْرَ قَافِلَةٍ

يَحْتَذِي خَطْوَهَا السَّابِلَةْ

فَهَذَا الزَّمَانُ تَمَطَّى

بِكَلْكَلِهِ الْمُتَهَدِّجِ

ثُمَّ اسْتَدَارَا

لِيُزْجِي التَّحَايَا

لِكُلِّ الْغَيَارَى

فَيَا طَائِراً يَحْمِلُ الْيَوْمَ شَوْقِي

إِلَى حَيْثُ طَارَا

تَرَنَّمْ مَعَ الْمُزْنَةِ الْوَاعِدَةْ

لِنَرْقَى أَنَا وَالْحَبِيبَةُ

شُمَّ الذُّرَى وَالْجِبَالاَ

وَنَسْدِرَ فِي عَالَمٍ

رَوْنَقَتْهُ الْمَرَايَا

فَرَاقَصَ فِيهَا الشُّعَاعُ الظِّلاَلاَ

وَيَا مَلَكُوتاً يُحَكِّمُ فِيهِ الْخَيَالاَ

أَتَيْنَا نُبَارِكُ فِيكَ الْجَلاَلاَ

نَطِيرُ أَنَا وَالْعَشِيقَةُ

فِي مَمْلَكَاتِ الْهَوَى

فَأُنَاغِي الْجَمَالاَ

لِأَحْظَى بِسَيِّدَتِي

فَأَعُبَّ الْكُؤُوسَ وِصَالاَ

تَبَرْعَمُ بِالرَّوْحِ دَوْحَتُنَا

تُحَفُّ بِرَيْحَانِهَاقُبَلُ النَّرْجِسِ

أُعَبِّئُ كُلَّ السَّفِينِ بَخُوراً

أَطُوفُ بِهَا حَوْلَ أَنْدَلُسِي

فَتَبْعَثُ عَرْفَ صَدَاهَا

إِلَى حَوْمَةِ الْمَقْدِسِ

♦ ♦ ♦ ♦ ♦

الصدق الفني والموضوعي في "عطش العشق" للشاعر سعيد ساجد الكرواني

بقلم: د.عبد الرحمن حوطش عمادة جامعة محمد الأول وجدة المغرب سابقا

لا يكاد ذ. سعيد ساجد الكرواني ينتهي من إصدار مجموعة شعرية رقيقة حتى يفاجئ قارئه بأخرى أجود منها وأرق، وهذه علامة بارزة على طريق هذا الشاعر الذي لا يسع المشتغلين بالأدب الإسلامي، والشعر منه بكيفية خاصة، إلا أن يبتهجوا ويباركوا خطواته الموفقة.


أقول هذا وبين يدي إضمامة شعرية جميلة تتألف من خمس قصائد، اختار لها عنوان "عطش العشق"وهي على التوالي: تقمص الذات، واكتِناه الآخر، وحين يستبطن مجنون قرطبة الضمير، وعلى جبين الثريا، ومرايا الخيال.


ويبدو لي أولاً أن الشاعر سعيد قد أسعده الله تعالى بفن الشعر إسعادا، ووفقه إلى الإمساك بزمام الكلمة الفنية المعبرة توفيقاً وسَداداً، وقاده على طريقه اللاحبة السالكة قياداً؛ولست - و أنا أسجل هذه الملحوظة - متزيداً أو مطلقاً الكلام على عواهنه كمايقال، أو أنني أقصد إلى مجرد تشجيعه،ونفث روح العزيمة فيه، فذلك أمر لا يجد عندي قبولا،وأظنه يعرفني جيداً عبر توجيهات ونصائح كنا قد تبادلناها، كما يعرفني بعض من لي بهم صلة، حين يتعلق الأمر بمطارحاتنا الفكرية حول قضايا ومسائل ترتبط بالأدب الإسلامي، وبالشعر منه بكيفية خاصة، وما أبتغي من كل ذلك سوى خدمة هذا الشعر الذي ارتبطت به دارساً وباحثاً منذ أزيد من عقدين ونصف من الزمان.


وإذاً فالمقام ليس مقام تشجيع ولا نفث لروح العزيمة كما قلت، وإنما المقام هنا هو تقديم بعض الكلمات الْمُحَلِّية لهذه الإضمامة الشعرية الرصينة، التي تأتي ضمن صيرورة العمل الفني لدى الزميل سعيد ساجد الكرواني، ممثلة خطوة أخرى حاسمة على طريق تطوير الإبداع الشعري لدى هذا الشاعر المتألق.


ويمكن النظر إلى هذه الإضمامة من خلال مستويين اثنين هما:

مستوى الرؤيا، ومستوى التعبير:

أما بخصوص المستوى الأول:

فتبدو هذه الإضمامة مضمخة بعبق التاريخ؛ تاريخ الأشخاص، و تاريخ الأمكنة. وهو تاريخ ليس من ذلك النوع الذي يمر فينسى، ويموت فلا عليه يؤسى؛ إنه تاريخ الأندلس، الذي سيظل محفورا في الذاكرة، ولا سيما ما ترسخ منه في القلب والوجدان،وارتبط بشخصيات معينة كان لها حضورها البارز في الحقل الثقافي والأدبي منه على وجه الخصوص، كولادة بنت المستكفي التي شغلت الشعراء، وفي طليعتهم ابن زيدون، وقرطبة وغرناطة الرمزين الدالين على الوجود الإسلامي الباهر في هذه المنطقة المهمة من شبه الجزيرة الأيبيرية لمدة ثمانية قرون أو تزيد.


إن تعامل الشاعر مع الأمكنة،والشخصيات الأندلسية ليس تعاملاً خارجياً سطحياً كما فعل كثير من المبدعين من المشرق والمغرب، وإنما هو تعامل مس الشغاف،ومازج أعماق المشاعر وأدقها، وخلجات النفس وأرقها؛ يبدو ذلك من خلال العنوان الذي اختاره لهذه الإضمامة (عطش العشق)؛ فهناك عشق، وهناك ظمأ، وحين يكون العشق قويا يكون الظمأ أقوى، وحين يكون العشق دائماً يكون الظمأأدوم، ومن ثم استمرارية الارتباط بالمعشوق، واستمرارية الحاجة إلى الإرواء، وحين يكون تحقيق غاية الإرواء أمرا غير ممكن، فإن الظمأ، أو العطش، سيستمر، وتظل - من ثم - المشاعر متأججة والأعماق تغلي بحب سرمدي.


والشاعر وهو يستحضر هذاالتاريخ، أو لنقُل: هذا الجزء من تاريخ الأندلس، لا يفصله أبداً عن ذاته، ولعل هذا هو السبب في هذه الحرارة الوجدانية المفرطة التي ظلت ملازمة لكل كلمة من كلمات المقطوعات الشعرية الخمس التي تتألف منها هذه الإضمامة الرائعة، متلبسة ذلك الصدق الفنيوالعاطفي الذي لا يخطئه حس القارئ المتأني،و الباحث أو الناقد الذي غايته استجلاء الوقائع، وتلمس الحقائق كما هي؛ فلا افتئات على التاريخ، ولا تجني على بعض معطياته التي كانت مؤلمة:

محاكمهم فتشت في ضمائرنا

كل حاشية ثم عاثت فسادا

فأكداس أسفارنا في الميادين

أضحت رمادا

.........

أبادل هذي بأخرى

فتعبق بالصبوات الهواجس تترى..


و أما على مستوى التعبير:

فإن هذه الإضمامة تمثل عندي تطوراً مسترعياً للنظر؛ فالكلمات غاية في الرقة والشفافية والوضوح مستوية أكمل ما يكون الاستواء، مقدودة كأنها حبات عقد منظوم، موقعة توقيعاً رائقاً تتناغم فيها الحروف تناغمًا يضفي عليها من ألوان الموسيقى الشعرية ما يجعلها محببة لدى القارئ المتذوق، الباحث عن جمال الكلمة وعذوبتها وسحرهاوانسجامها مع الإيقاع العام لتفعيلة البحر التي هي هنا: تفعيلة المتقارب (فعولن).


وقد يكون من المفيد أن أسوق في هذا المقام نماذج من هذه اللغة الشعرية الجميلة المشار إليها، فضمن مقطوعة "اكتناه الآخر" نقرأ:

وعيناك غرناطتي

تغريان صبابة عشقي

تؤجج جمر المواجد

بين حنايا حنيني وشوقي

صبيتنا أنت

طهر البراءة كنت

وما زلت

في القلب ذكرى

تعالى بمر العصور

وتنشر من حولها النور نشرا

وما زلت للنور رمزا

وبشرى


ومن مقطوعة "حين يستبطن مجنون قرطبة الضمير" تطالع القارئ هذه الكلمات ذات الظلال العاطفية الممتدة ما بين قرطبة وسبتة، فتتركه غارقا في تأمله فيما حاق بالمدينتين الرمزين:

فيا أيها النور خذني

لفرسان قرطبة

لمراكب سبتة أحك الحكاية

فليس لمبدئها من نهاية

أحرق وشرْق؟

أخنق وشنق؟

فما عاد يرهب أفق العزيمة

رعد وبرق..


وفي سياق الربط بين العدوتين: عدوة المغرب الأقصى، وعدوة الأندلس، تستوقف القارئ هذه الكلمات المنحوتة من حنايا قلب ظامئ أبدًا لأمجاد كانتوستظل حاضرة في ذاكرة الإنسان المغربي، نقرأ في "على جبين الثريا":

ونحلم

نحلم بالزفة القرطبية

في المنتدى

نبعثر بين ضلوع الصقيع الندى

ونُمضي ليالي المنى المقمرة

كأني بأشرعتي المبحرة

تهدهدها الذكريات السعيدة

مثل اللآلئ وسط المحار

فمن يُفتدى

لخطفة قلب من الأسر

والفتنة الجارحة؟

ويومض برق

ليكتب فوق جبين الثريا

رسالة عشق.


كلمات منحوتات من قلب ظامئ أبدا إلى تلك الأمجاد العربية والإسلامية التي تأثلت في الأندلس رغم تطاول الأزمان، وتغير الأحوال، التقطتها العدسة الفنية للشاعر بكفاية عالية، وصفاء ذهني يصل حد الشفوف، مما يمثل بالنسبة إلى أعماله الشعرية السابقة تطوراً ملحوظاً في صناعة الشعر لديه.


وأود في خاتمة هذه الكلمة أن أسجل بأنني هنا في مقام تحلية هذه الإضمامة، ولست في مقام نقدهاوقراءتها قراءة تستبطن كل الخفاياوسائر القضايا التي تحملها.


وأعتقد أن القارئ - وهو يتصدى لكل فكرة وكلمة وعبارة فيها - سيجد الكثير من المتعة الفنية والإبداعية التي ستشده إليها، لذلك سأترك له المجال ليكتشف بنفسه ما اكتشفته، وما لم ييسره الوقت لي لاكتشافه، ودعواتي للأستاذ سعيد بالتوفيق في مسيرته الإبداعية الشعرية الناجحة إن شاء الله تعالى، والله ولي التوفيق.

وَجْدَة - في: فاتح جمادى الآخرة 1424 هـ - أ.د عبد الرحمن حوطش

*******


من تجليات عطش العشق للشاعر د. سعيد ساجد الكرواني

بقلم: د. سعاد الناصر (أم سلمى)

جامعة عبد المالك السعدي - تطوان – المغرب

قليلة هي النصوص التي تشد الذات القارئة وتجعلها تنشد الإيغال في كشف أعماقها. أما ديوان "عطش العشق" للشاعر سعيد ساجد الكرواني فيندرج ضمن هذه النصوص التي تستدرج القارئ وتأسره للبحث عن خصوصياتها الجمالية والدلالية، خاصة وأنها تعكس مرحلة متميزة في تجربة صاحبها. كما تعكس تحدياً وإصراراً على الإبحار في لجج الشعر باعتباره تأسيساً لكون يتغيّى استشراف رؤية شاملة ممعنة في البوح والتدفق.


ينخرط عنوان الديوان في دلالات المتن الشعري ويكسبها انسجاماً واضحاً يتمثل أكثر في اعتبار المتن متضمناً حواراً بين القصائد الخمس في الفضاء الشعري من البداية إلى النهاية، وبين العنوان المتآلف مع عناوين القصائد، وهذا ما يجعل من المتن بنصوصه وعناوينه نصاً متكاملاً متوحد الدلالات والرموز والبناء.


إن العطش ليتسرب إلى الذات ويتقمصها ليستعر لهيب العشق الفوار، ويحيل على جنون عاقل يستلهم التاريخ الأندلسي، ويحكي عن تجربة العشق والشوق في أوج حضارة متغلغلة في مسارب الذات، وانتصار وجودها في خضم اكتساح الآخر.


إننا نحس كأن الكرواني ينزف تحت وطأة العشق، فكل المعجم الدائر في هذه الحقل الدلالي: الشوق، وجيب القلب، الروع، البين، الوجد، السهاد، أشجان الصبابة وغيرها (...) من بداية القصيدة الأولى إلى آخر كلمة في القصيدة الخامسة، إذا تأملنا هذا الحقل وقمنا بتحديد دلالاته نجد أنه يندرج ضمن مجموعة من الأبعاد يمكن اختزالها فيما يلي من الصور:

الصورة الأولى:

في عمق الأعماق من الآفاق

ولادة قرطبة صارت عنوانا محترقا

بلهيب الأشواق

بدواوين العشاق

لكن ما زالت فوق الجمر

تعاود تجربة الإحراق.

(مجنون قرطبة يتقمص الذات).


الصورة الثانية:

عشقي يتفجر ينبوعاً دائم

هل من يعشق لؤلؤة الأعماق

بعمق آثم؟

(مجنون قرطبة ...).


الصورة الثالثة:

وعيناك غرناطتي

تغريان صبابة عشقي

تؤجج جمر المواجد

بين حنايا حنيني وشوقي.

(اكتناه الآخر).


الصورة الرابعة:

للبّك جوهرتي عبرة واشتياق

لطلعتك البدر يهجر برج المحاق

(حين يستبطن مجنون قرطبة الضمير).


إن هذه الصور لتمتلئ بنشوة اليقين والاحتراق المضيء بعمق اقتراب النصر رغم الواقع المرير، لتنساب الطمأنينة إلى نفس المؤمن الذي يأمل في نصر الله: ﴿ وَمَا النَّصْرُ إلاَّ مِنْ عِنْدِ اللهِ ﴾.


إن العشق ومرادفاته في الديوان تجسيد للعلاقة بين التاريخ العابق بالحياة والريادة وبين الذات الشاعرة الممتزجة بالذات الحضارية. كما أنها تشكل وحدة تؤهلها لاشتعال الرمز في حقول دلالية أخرى لتوحي بالتطلع إلى آفاق ماضية ومستقبلية مشعة بالأمل والبشرى والوعد الرباني: {لاَ يُخْلِفُ اللهُ المِيعَادَ}.

كثيرة هي الصور الفنية التي تعمق رؤية الشاعر، وتضفي عليها جمالاً ورونقاً نابعاً من صدق التجربة واضطرام المعاناة، لتصبح الدلالة الشعرية معادلاً موضوعياً ودقيقاً للموقف الحضاري من مختلف القضايا المصيرية للأمة. كما تتواشج مع لغة مضمخة بعبير التراث؛ مما أدخل النصوص الشعرية في حوار مع الجذور التاريخية والارتباط القوي بالتجديد في أجمل معانيه وصوره، إلى حد الارتعاش بنبض المعاني المتدفقة الآخذة بتلابيب الظلال الحيوية المتجددة، فضلاً عن تكثيفها بإشارات تتلبس الألفاظ والجمل في لغة شعرية أخاذة.


إن الديوان في مجمله تجربة غنية بالسمات الجمالية التي يمكن أن تكون نواة لفرادة إبداعية بالغة النضج والاستواء.

حداء الأندلس.. قراءة في ديوان: "عطش العشق"للشاعر سعيد ساجد الكرواني

بقلم الناقد: أ. أحمد الأشهب

(سلا – المغرب)

منذ القراءة الأولى لهذا الديوان الجميل حقاً "عطش العشق"، بهرتني الصور الفنية المتلاحقة بشكل كثيف، لأنها لا تدع مجالاً للقارئ كي يلتقط أنفاسه، وشعرت بأنني أمام عمل فني رائع قلّما تصادفه في ديوان آخر، ولولا التواضع لقلت بأنه من أحسن ما أنتجته القريحة المغربية في العشر سنين الأخيرة، ولا أريد أن أمارس على القارئ سلطة المبدع أو الناقد من خلال هذه التوطئة، بل سأحاول أن أقرب إليه الصورة من خلال معالجتي هذا المجموع الشعري تاركاً له حرية التلذذ بالنصوص، وبالتالي حرية الحكم عليها.


في هذا الديوان يَعبر بنا الشاعر سعيد ساجد الكرواني إلى الضفة الأخرى من المتوسط، إلى فردوسنا المفقود "الأندلس" ليعيد عبق التاريخ في غير بكائية أو تقريرية، يحيي فينا صوت ولادة، وصولة طارق، دون أن ينسى ثغورنا المستلبة: "سبتة ومليلية وغيرها من الجزر …" ناهيك عن محاورة القضية الفلسطينية.


ومن قرطبة كانت البداية:

وَلاَّدَةُ قُرْطُبَةٍ صَارَتْ عُنْوَاناً مُحْتَرِقَا

بِلَهِيبِ الْأَشْوَاقْ

بِدَوَاوِينِ الْعُشَّاقْ

لَكِنْ مَا زَالَتْ فَوْقَ الْجَمْرِ

تُعَاوِدُ تَجْرِبَةَ الْإِحْرَاقْ

وَعَلَى هَوْدَجِهَا تَتَهَادَى

مِثْلَ الْقُرْطِ بِجِيدِ الشَّفَقِ الْمَائِسِ

مَا مَادَا

وَالنَّجْمُ الْقُطْبِيُّ

يُقِضُّ مَضَاجِعَهُ الْوَجْدُ

سُهَادَا.


لقد نفث الشاعر في رُوعِنا بطريقة فنية الاندماج مع الأندلس الفقيدة متمثلاً ولاّدة بنت المستكفي رمزًا لهذا الفقد، غير أنها تتأبى على الاندثار فهي مستعدة إذا وجدت الظروف الموضوعية ليعود المجد إلى أهله عبر الوعد الإلهي المستنزَل من قبل من هم أهل له؛ إنها صورة تستقر في الذهن بجمالية بادية في الهودج المتهادي حالة تشبيهه بالقرط بعنق الشفق، حتى إذا تحرك أضفى بهاء وجمالاً كالحسناء طويلة العنق التي يقال عنها طويلة أو بعيدة مَهوى القرط.


وبالروح المفعمة بالاحتراق، ينطلق الديوان أحرفاً من نار، وقطعة من فنار، وأقول منذ البداية: إنه قصدَ الولوج إلى مملكة الكرواني لا ينبغي أن يتسلح الناقد بأدوات النقد المعروفة،بل عليه أن يترك كل ما لديه ببابها، ولا يحمل معه سوى قلبه وقلمه، ليهيم في ملكوت العشق متحرراً من قيود الأنماط التي تحاول أن ترفع من علمية الأدب على حساب الذات المحترقة، وهو الشيء الذي جعل الكثير من المتسللين في جنح الظلام إلى باحة الشعر يتنمرون ويستأسدون، في حين لا يجد الشعر الحق والفن الحق من يقدمه للجمهور الذي عزف عن القراءة.


تلك - إذاً - وظيفة النقد الواقعي الذي يجمع بين الفنية والموضوعية:

فوظيفة النقد الأدبي كما ذهب إلى ذلك أكثر من واحد تتلخص في تقويم العمل الأدبي من الناحية الفنية، وبيان قيمته الموضوعية، وقيمه التعبيرية والشعورية، وتعيين مكانه في خط سير الأدب، وتحديد ما أضافه إلى التراث الأدبي في لغته، وفي العالم الأدبي كله،وقياس تأثره بالمحيط وتأثيره فيه، وتصوير سماتصاحبه وخصائصه الشعورية والتعبيرية،وكشف العوامل النفسية التي اشتركت في تكوينه والعوامل الخارجية كذلك.


وعلى هذا المنحى كان لا بد للنقد أن يتحرر شيئاً من القوالب الفجة الجامدة ليتحلى بروح الإبداع كيما يكون في متناول القارئ، ولنتأمل هذه الومضة الفنية:

مَا بَيْنَ وَمِيضِ اللَّمْحَةِ

وَاللَّمْحَةْ

تَشْدَهُنَا أَلْوَانُ

طَوَاوِيسِ الْفَرْحَةْ

وَامْتَدَّتْ حِقْبَةُ بَهْجَتِنَامَدَّا

وَطَفِقْتُ أَصِيحُ

مِنَ الْأَعْمَاقِ تَحَوَّلْ

يَا بَيْنُ تَحَوَّلْ عَنِّي

وَتَأَمَّلْ

فِي بَيْنِ الرَّوْعِ

وَرَوْعِ الْبَيْنِ

وَتَحَوَّلْ عَنْ قَلْبِي

شِبْراً أَوْ

لاَ أَكْثَرَ مِنْ شِبْرَيْنِ

لِأُلاَمِسَ جَوْهَرَتِي

بِوَجِيبِ الْقَلْبِ

وَرِمْشِ الْعَيْنِ.


وهكذا أمست قرطبة بعيدة المنال، رغم كونها لا توجد إلا على مرمى حجر، وأضحى البين يجثم على القلوب، ولا يرجو الشاعر سوى أن يتحول شبراً عن فؤاده كي يلامس تلك الجوهرة المسلوبة من جيد الزمن الإسلامي بوميض القلب، ثم إن الحديث عن اللون/طواويس الفرحة بهذه الصورة التركيبية التشخيصية التي تمنع البين أن يجثم، بل تدعوه أن يبين ويتحول للملاقاة المرتقبة، تأمل هذا المقطع:

وَطَفِقْتُ أَصِيحُ

مِنَ الْأَعْمَاقِ تَحَوَّلْ

يَا بَيْنُ تَحَوَّلْ عَنِّي

وَتَأَمَّلْ

فِي بَيْنِ الرَّوْعِ

وَرَوْعِ الْبَيْنِ.


لتجده ممتلئاً بالجناس اختلافاً وائتلافاً وائتلاقاً، فضلاً عن (طفقت) القرآنية المنبع والمجرى:

وَفَرَشْنَا النَّظَرَاتِ الشُّهْلْ

مَا بَيْنَ شَوَاطِئِ عُمْرَيْنَا

وَسُفُوحِ التَّلّْ

صِرْتُ الدَّوْحَ

وَصِرْتِ حَمَامَتَهُ حَقَّا.


أيّ توحدٍ هذا، وأيّ عشق في هذه الصورة التي جمعت بين الشاعر وبين المكان حيث صار الشجرة التي تحط على غصنها حالة كونها حمامة؟


ولعل الشاعر اختار الحمام عن غيره من الطيور لألفته وإخلاصه وحنينه وشوقه.


وتذكِّرنا هذه الصورة بالموضوعة نفسها التي طلب الشاعر بصراحة من ديوان شذرات البرق في قصيدة "تسامح":

لَيْتِي شَجَرَةْ

أَلِتُخْضَدْ؟

وَلِتَرْمُونِي بِالْحَجَرَةْ

أَتَسَاقَطُ بِالرُّطَبِ عَلَيْكُمْ

وَبِمَا يُشْبِهُ تِلْكَ الثَّمَرَةْ.


وقد استدعى الحمام قصيدة رقيقة من ديوانه "ممالك الظلال" الذي يعتبر شقيقاً لعطش العشق ذاتاً وموضوعاً، أترك للقارئ فرصة المقارنة من خلالها:

قَصَائِدٌ كَرِيمَةٌ أَزُفُّهَا

إِلَيْكُمُ أَيَا كِرَامْ

تَسْبِقُنِي بِعِشْقِهَا إِلَيْكُمْ

تَسْكُنُنِي عَلَى الدَّوَامْ

أَلاَ نُعِيدُ سِيرَةَ الْيَمَامْ ؟

.......

هَيَّا مَعاً أَحِبَّتِي

بِأُلْفَةٍ تَرْسُمُ فِي لَوْحِ الْغَرَامْ

مَلاَمِحَ الصَّبَابَةِ

الْوَجْدِ

الْهُيَامْ

فَرَوْضَةُ الْمُحِبِّ تُنْبِتُ السَّلاَمْ

وَأُلْفَةُ الْأُلاَّفِ فِي سِجِلِّهَا

تُطَوِّقُ الْيَوْمَ بِعَرْفِ عَرْفِهَا

نَبْضَ الْحَمَامْ

.......

لِتَسْبَحَ الْغَزَالَةُ الْمُسَافِرَةْ

بِمَدِّ الْيَاءْ

وَتَنْهَلَ النَّدَى ضُحىً

بِسِحْرِ حَرْفِ الْغَيْنِ

عِطْرِ الظَّاءْ

تَنْثُرُهَا كَعِشْقِهَا

بِكُلِّ هَاتِهِ الْأَنْحَاءْ

فَيَنْتَشِي الْمُحِبُّ فِي وَرْدَتِهِ

بِرُؤْيَةِ الْمَحْبُوبِ كَالْبَدْرِالْجَمِيلْ

إِذْ يُرْسِلُ الضَّيَاءْ

لِقَلْبِ قَلْبِ الْمَاءْ.

ويضيف من المقطع نفسه في "عطش العشق":

نَتَحَاوَرُ

نَشْدُو

نَغْزِلُ أَشْجَانَ صَبَابَتِنَا

نَغَماً

بَيْنَ لُمَى الْمِزْهَرِ رَقَّا

عِشْقِي يَتَفَجَّرُ

يَنْبُوعاً دَائِمْ

هَلْ مَنْ يَعْشَقُ

لُؤْلُؤَةَ الْأَعْمَاقِ

بِعُمْقٍ آثِمْ؟

* * *

مَا يَتَبَقَّى مِنْ قُرْطُبَتِي

مَا يَتَبَقَّى؟

إِنْ يُقْطَعْ وَصْلُ الْحَبْلِ

وَحَبْلُ الْوَصْلْ؟

تَغْرِيدَانَا

فَوْقَ غُصُونِ الْأَيْكَةِ كَانَا

عُصْفُورَيْنِ

يَجُوبَانِ سَمَا قُرْطُبَةٍ

بَعْدَ الْعَصْرِ.


الجناس نفسه والصورنفسها بأشكال متباينة تستدرجك لتكسير أبعاد الزمان والمكان، مما يعطي المشروعية لعنوان الديوان/ "عطش العشق" حيث يقول الناقد د.عبد الرحمن حوطش بذات الصدد:

"إن تعامل الشاعر مع الأمكنة، والشخصيات الأندلسية ليس تعاملاً خارجيًّا سطحيًّا كما فعل كثير من المبدعين من المشرق والمغرب، وإنما هو تعامل مس الشغاف، ومازج أعماق المشاعر وأدقها، وخلجات النفس وأرقها؛ يبدو ذلك من خلال العنوان الذي اختاره لهذه الإضمامة (عطش العشق)؛ فهناك عشق، وهناك ظمأ، وحين يكون العشق قويا يكون الظمأ أقوى، وحين يكون العشق دائما يكون الظمأ أدوم، ومن ثم استمرارية الارتباط بالمعشوق، واستمرارية الحاجة إلى الإرواء، وحين يكون تحقيق غاية الإرواء أمرا غير ممكن، فإن الظمأ، أوالعطش، سيستمر، وتظل - من ثم - المشاعر متأججة والأعماق تغلي بحب سرمدي.


والشاعر وهو يستحضر هذا التاريخ، أو لنَقُل: هذا الجزء من تاريخ الأندلس لا يفصله أبداً عن ذاته، ولعل هذا هو السبب في هذه الحرارة الوجدانية المفرطة التي ظلت ملازمة لكل كلمة من كلمات المقطوعات الشعرية الخمس التي تتألف منها هذه الإضمامة، متلبسة ذلك الصدق الفني والعاطفي الذي لا يخطئه حس القارئ المتأني، والباحث أو الناقد الذي غايته استجلاء الوقائع، وتلمس الحقائق كما هي؛ فلا افتئات على التاريخ، ولا تجني على بعض معطياته التي كانت مؤلمة:

مَحَاكِمُهُمْ فَتَّشَتْ فِي ضَمَائِرِنَا

كُلَّ حَاشِيَّةٍ ثُمَّ عَاثَتْ فَسَادَا

فَأَكْدَاسُ أَسْفَارِنَا فِي الْمَيَادِينِ

أَضْحَتْ رَمَادَا

* * *

أُبَادِلُ هَذِي بِأُخْرَى

فَتَعْبَقُ بِالصَّبَوَاتِ الْهَوَاجِسُ

تَتْرَى.


وعلى مستوى التعبير، فإن الكلمات غاية في الرقة والشفافية والوضوح، مستوية أكمل ما يكون الاستواء، مقدودة كأنها حبات عقد منظوم ، موقعة توقيعاً رائقاً تتناغم فيها الحروف تناغما يضفي عليها من ألوان الموسيقى الشعرية ما يجعلها محببة لدى القارئ المتذوق، الباحث عن جمال الكلمة وعذوبتها وسحرها وانسجامها مع الإيقاع العام لتفعيلة البحر التي هي هنا: تفعيلة المتقارب (فعولن)".


ومن بين أنياب البين يتفجر هذا العشق، ويلمع هذا البرق، ويتجلى "طارق" ليقلص المسافة بين المضيق وبين شعاب الأندلس.


ثم إن استحضار رموزنا الإسلامية في زمن الاستضعاف هذا، يعبر عن نوع من الهمة التي تريد أن تنبثق من رماد الهزيمة، وليس كما يعتبره البعض بكاء على الأجداث، إذ إن الذين يتهمون الإبداع الإسلامي بالماضوية والبكائية، نسوا أو تناسوا في غمرة تصديهم لهذا التيار، أولئك الذين يستنجدون بآلهة الإغريق والأساطير البعيدة عن روح الأمة، بل والخالية من روح الفن نفسه.


أفمن يستنجد فنيا بعشتار أهدَى، أم من يضفي على الوجه ملامح طارق بن زياد ومن قبله من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!

أَجُوسُ خِلاَلَ الْمَقَابِرِ

فِي غَسَقِ اللَّيْلِ

أَنْشُرُ وَجْهِيَ

فِي الْأُفْقِ فَجْرَا

أُغَازِلُ هَمْسَ السُّكُونِ

يُعَانِدُنِي

فَأَبُوحُ بِمَكْنُونِ

سِرِّ الْهَوَاجِسِ جَهْرَا

أُبَادِلُ هَذِي بِأُخْرَى

فَتَعْبَقُ بِالصَّبَوَاتِ الْهَوَاجِسُ

تَتْرَى

وَتُضْفِي عَلَى الْقَسَمَاتِ

مَلاَمِحَ طَارِقْ

وَصَوْلاَتِهِ

فِي قُلُوبِ الْفَيَالِقْ

وَتَنْهَضُ حِينَ

يُرَشُّ الرَّمَادْ

عَلَى وَجْنَتَيْهَا

فَتُمْسِي السَّوَاحِلُ

بَيْنَ الْمَضِيقِ

وَبَيْنَ الشِّعَابِ جَوَادْ.


ومع مزيد من التشخيص والتصوير الفني حيث تمسي السواحل جواداً، يمسي السكون الجاثم على المقابر ليس بكاء على الأجداث بقدر ما هو إنهاض للروح التي ران عليها عطن الخمول كي تركب صهوات الهواجر، وتخوض مع طارق/الرمز والقناع معركة الحضارة القادمة، إنه الأمل الذي لا تخمده سَلبيات الحاضر، والعزيمة المتقدة التي تغذي فينا روح الجهاد، كل ذلك أتى بطريقة فنية غنية عبارة عن مشاهد مسرحية ولوحات فنية آسرة ذات ألوان وألوان أساسها الخضرة:

عَزَائِمُنَا

فِي امْتِدَادِ الْفَيَافِي

سَمَادْ

يُدَغْدِغُ أَعْطَافَ خُضْرَةِ

هَذِي الْبِلاَدْ

فَتَزْهُو بِنَخْوَتِهَا الْعَرَبِيَّةِ

أَمْجَادُ أَنْدَلُسٍ

بِاطِّرَادْ.


ويتملى الشاعر طيف غرناطة، وتتفجر حناياه بالعشق فيتأجج جمراً وهو يرى طهر وبراءة التاريخ تمسخ، ومئذنة تقاوم - وهذا إسناد آخر يضفي المقاومة على المئذنة - رغم ضراوة الزمن جحافل التتار البيض:

وَعَيْنَاكِ غَرْنَاطَتِي

تُغْرِيَانِ صَبَابَةَ عِشْقِي

تُؤَجِّجُ جَمْرَ الْمَوَاجِدِ

بَيْنَ حَنَايَا حَنِينِي

وَشَوْقِي

صَبِيَّتُنَا أَنْتِ

طُهْرُ الْبَرَاءَةِ كُنْتِ

وَمَا زِلْتِ

فِي الْقَلْبِ ذِكْرَى

وَمِئْذَنَةً

تَتَعَالَى بِمَرِّ الْعُصُورِ

وَتَنْشُرُ مِنْ

حَوْلِهَا النُّورَ نَشْرَا.


أي تشخيص يضفي الروح على المئذنة بما هي رمز للنور والخير والفلاح أيضا؟ والملحوظ حضور المآذن والأذان والبحر وكل موضوعة مائية في فنية مبهجة حيث الأذان يسيل وينساب، شأنه في ذلك شأن الماء.


ثم من أيّ مخيلة أقطف زهور العشق؟


في الحقيقة يجد الدارس نفسه محتاراً وهو يختار المقاطع التي يريد أن يغمس فيها يراعته، فكل مقطع، بل كل سطر، يعتبر تحفة فنية تستحق الوقوف لتملي صورها وخيالها الفني، ولكن ليعذرني الشاعر والقارئ إن اخترت مقاطع دون أخرى، فذلك مبلغ جهدي.


ما بين الفينة والأخرى يغازلنا ذلك الزمان الذي ولى، وهذه الإطلالة المتواصلة؛الهدف منها دفع القلوب لاقتفاء الأثر والخروج من دائرة القنوط والاختناق إلى أفق الشهادة، فنتذكر محاكم التفتيش التي فتشت الضمائر وما يخفى في أعماق السرائر، لتقيم المقاصل لكل من يحمل ذرة من إيمان:

عَلَى الرَّغْمِ مِنْ عِشْقِنَا الْمُجْتَبَى

يُعَاكِسُ سَهْمُ النَّدَى السَّيْفَ فِي الْبُوْصَلَةْ

إِذاً كَيْفَ سَاقُوكِ

قَسْراً إِلَى الْمِقْصَلَةْ؟

مَحَاكِمُهُمْ

فَتَّشَتْ فِي ضَمَائِرِنَا

كُلَّ حَاشِيَّةٍ

ثُمَّ عَاثَتْ فَسَادَا

فَأَكْدَاسُ أَسْفَارِنَا

فِي الْمَيَادِينِ أَضْحَتْ رَمَادَا

وَنَزْفُ الْعُقُولِ اسْتَحَالَ

بِمِحْرَقَةِ الْفِكْرِ

شَوْكاً قَتَادَا

بِوَعْثَائِهِ قَدْ نَأَى

ثُمَّ أَعْلَنَ فِي مَأْتَمِ الْعِلْمِ

عَنْهُ الْحِدَادَا.


وهكذا فإن سقوط الأندلس لم يكن سقوطاً للعرب المسلمين الذين حكموا هذه البلاد وحدَهم، بل كان سقوطاً للإنسانية التي وأدت حضارة قلّما يجود الزمان بمثلها، وكان سقوطاً أيضا لمنارات الفكر والعلم الذي ترعرع في أحضان فردوسنا المفقود، وجاء زمان اكتوت فيه الرموش، وزحف فيه الشحوب ليحتل مساحة الوجه والقلب والذاكرة:

زَمَانٌ سَنَابِكُهُ

كَرَّةً

تَكْتَوِي بِالْحَصَى

وَأُخْرَى

تُجَرِّعُهَا غُصَصَا

وَتَزْرَعُ

حَوْلَ الرُّمُوشِ الشُّحُوبْ

فَطَوْراً

يُقَاسِمُنِي الْهَمَّ وَجْدٌ

وَطَوْراً

مَعَ الشَّمْعِ يُصْهَرُ

أَوْ فِي الْجَلِيدِ يَذُوبْ

فَتَنْبُتُ فِي لَثَّةِ الْمِلْحِ

مِنْهُ نُدُوبْ.


وسط هذا الحزن المعشوشب في خلايا الذاكرة يبزغ الأمل، وتتبدى وسط الغيوم رباطة الجأش، وهي تستعد لاستعادة المآذن والحصون:

فَأَجْمَعْتُ جَأْشِي

وَرَابَطْتُ

أَعْلَنْتُ

أَنِّي اسْتَعَدْتُ لِعَرْشِي

صُرُوحَ غَدِي الْمُشْرِقِ

فَكَيْفَ إِذاً

لَمْ أَذُبْ

بِسَنَى الْمَشْرِقِ؟

وَلُذْتُ بِرَبِّي

لِيَحْمِيَ جَوْهَرَتِي

أَوْ يَصُونْ

فَنَارَاتِهَا

وَمَنَارَاتِهَا

وَالْحُصُونْ

أُقَاسِمُهَا

مُهْجَةَ الْعُمْرِ

أَبْنِي الْجُسُورْ

وَأُتْقِنُ فَنَّ الْعُبُورْ.


ولا شك أن العبور من الضفة إلى الضفة مطلوب، وبقي أن تحقق هذه الأمة الشعار: "كلمة التوحيد وتوحيد الكلمة". وسبق أن جاء النصر على قدر العطاء، ألسنا نذكر عبور خط "بارليف" بعد عبور طارق بمسافات؟ فلا غرو إن عدنا إلى مقوماتنا أن تقترب المسافة بيننا وبين العبور الذي نريد.


ومن السنين العِجاف تأتي أعوامٌ فيها يُغاثُ الناس، فتمتلئ السلال بالحمد والشكر والغلال (مادة ومعنى)، وتلهج الألسن بالشكر والحمد لرب العباد:

فَتُمْلَأُ بِالْحَمْدِ

وَالشُّكْرِ

كُلُّ السِّلاَلْ

فَتَنْمُو مَرَابِعُنَا

بِالْغِلاَلْ

فَيَطْفُو

عَلَى السُّنْبُلِ الذَّهَبِيِّ

شِرَاعْ

يُقِلُّ الْأَقَاحِي

فَيَنْتَثِرُ الْيَاسَمِينْ

بِكُلِّ الْبِقَاعْ

مَعَ الْأُقْحُوَانْ

يُطَرِّزُ سَفْحَ الرَّوَابِي

مَعَ الْفَجْرِ رَجْعُ الْأَذَانْ

وَتَحْرُسُ

شَاطِئَ هَذَا الْمَضِيقِ النَّوَارِسْ

عُيُوناً مُفَتَّحَةً

وَمَسَامِعَ

تَرْقُبُ كُلَّ الْهَوَاجِسْ

وَفَوْقَ الذُّرَى الشُّمِّ

حَلَّقَ سِرْبُ الْفَوَارِسْ.


لنتصور طفو الشراع على السنبل الذهبي كأنه ماء، مما يستدعي ملء السلال بحمد الله تعالى وشكره لنستزيد من فضله، ونسترجع أمجادا كالتي فقدت - وهنا تتصادى الأندلس وفلسطين - وكان أن بلغت أوجاً من الجمال والمجد.


ونختم هذه القصيدة الجميلة ذات الصور البهية بهذا المقطع المفعم بروح الأمل العابق برحيق الشهادة حيث يصف لنا العنوان الشعري (سرب العاشقين) المستمد منه الجواب، فحين نتأمل هذا الديوان نجده جواباً ذا صلة وشيجة، بل إن شئت فقل إنها توأمة بين ديوانين، كيف لا والمشكاة واحدة؟:

أَلاَ فَلْتَدُمْ

مَاتِحاً

مِنْ رَحِيقِ الشَّهَادَةْ

يُعَزِّزُ صَوْلَتَكَ الْبِكْرَ

عَزْمُ الْإِرَادَةْ

فَأَنْتَ بِدَرْبِ الْهُدَى

تَتَبَنَّى الرِّيَادَةْ

فَطُوبَى

وَأَلْفُ هَنِيئاً

بِنَيْلِ الشَّهَادَةْ

وَطُوبَى

وَأَلْفُ مَرِيئاً

بِنَيْلِ السَّعَادَةْ.


في اقتباس من قبس القرآن الكريم نستحضر قوله تعالى: ﴿ فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً ﴾[1].

ومن "اكتناه الآخر" إلى "استبطان الضمير"، نلج القصيدة الأخيرة في هذا المجموع المتميز: "مجنون قرطبة يستبطن الضمير".


وأول ما يطل علينا هو طُلَيطُلَة حزينة في أسرها كأنها أميرة مطوقة بالحصون:

تُطَوِّقُنِي بِالْبَخُورِ

قِبَابُ طُلَيْطِلَةٍ

فِي مَسَاءَاتِها الْعَاطِرَةْ

وَلاَ زِينَةً

حَوْلَ جِيدِ الْأَمِيرَةِ

إِذْ قَدْ أَسَرَّتْ إِلَيْهَا

وَصِيفَتُهَا الْحَائِرَةْ

بِأَنَّ السُّرُورَ

غَدَا سِلْعَةً نَادِرَةْ.


نعم إن السرور أضحى سلعة نادرة، فلنقس إذاً مساحة الحزن في خريطة حياتنا نحن المسلمين مع مساحة الفرح،أيهما أكبر؟ بل أيهما يحتوي الآخر؟

ولكن إلى متى يظل هذا الهم يعسكر في دواخلنا؟

وَظَلَّتْ أَمَانِيُّنَا دَائِرَةْ

وَظَلَّتْ تَدُورُ بِنَا الدَّائِرَةْ

يُقَوِّسُنَا الدَّهْرُ إِذْ يَتَرَامَى

وَيَرْشُقُنَا

ثُمَّ يَرْمِي

بِأَضْلُعِنَا نَبْلَه

وَالسِّهَامَا.


﴿ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ ﴾[2].لكن لا بد من عَودٍ - والعَود أحمدُ - لا بد من دخول المعركة، فإما نجالد الصبر وإما يجالدنا:

وَعَوْدٌ حَمِيدٌ

إِلَى الْمَعْمَعَةْ

يُجَالِدُنَا الصَّبْرُ..

إِمَّا نُجَالِدُ نَحْنُ مَعَهْ

طَرِيقٌ عَتِيدٌ

وَيَنْسَابُ عَبْرَ شَوَاطِئِ طَنْجَةَ

نَجْمٌ

يَبُلُّ الصَّدَى

يُعَاوِدُهُ مِنْ شَوَاطِئِ سَبْتَةَ

رَجْعُ الصَّدَى

وَقَدْ أَثْقَلَتْهُ الْقَوَادِمُ

مُبْتَلَّةً

بِحُبَابَاتِ قَطْرِ النَّدَى.


وهذا التصادي بين العواصم والثغور يزجي عطر المكان بعد أن ضمخه الزمان، ومع العود تبدأ الروح الوثابة إلى بناء الأمة، وتلك بداية النصرالحضاري، تقوم طليطلة لتستقبل الفجر من بعد الظلام، وتستعد لفصل جديد من العشق المقدس:

أَلاَ فَانْسُجِي الرِّيشَ بُرْداً

يُوَارِي الظَّلاَمْ

لَقَدْ أَسْفَرَ الْفَجْرُ

عَنْ مَوْعِدٍ لِلْغَرَامْ

وَهَذَا السُّفُورْ

يُلِحُّ عَلَيْكِ انْحَتِي

مِنْ قُيُودِ الدُّجُنَّةِ

رَسْماً

يُضَمِّخُنَا

بِرَحِيقِ الزُّهُورْ

وَيَغْرِسُ فِي

رَحِمِ الصُّبْحِ طَلْحاً

وَيَسْقِي الْبُذُورْ

بِمَاءِ الْجُمَانْ

تَشَرَّبَ بِالْعِطْرِ

وَالرَّائِحَةْ

وَهَا قَدْ صَحَتْ

غَدْوَةً فَالِحَةْ

أَمِيرَةُ حُبِّي

مَلِيكَةُ عِشْقِي

بِقُرْطُبَةٍ

وَهْيَ تَتْلُو

- لِعَقْدِ قِرَانِي بِهَا -

الْفَاتِحَةْ

.........

تَعَالَيْ نُوَقِّعْهُ

عَقْدَ قِرَانٍ

وَنَغْمِسْ يَرَاعَ الصَّبَابَةِ

بِالْحِبْرِ سَيْفاً

يُنَاغِي صَهِيلَ الْجِيَادْ

أَحَاطَتْ بِقُرْطُبَةٍ

ثُمَّ سَالَ بِأَعْنَاقِهَا الْمَوْجُ

بَيْنَ الذُّرَا وَالنِّجَادْ.


وتستمر قوافل الحق، قافلة وراء قافلة، وصهيل الجياد كناية عن الرباط وسيلان الموج بالأعناق يذكرنا بعبور طارق والمضيق، كما يذكرنا على مستوى اللفظة بقول الله عز وجل على لسان سليمان عليه السلام: ﴿ رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالأَعْنَاقِ ﴾[3].تكون لنا نبراسا نهتدي به وسط هذا الزمان الذي تمطى بكلكله:

وَكَانَتْ قَوَافِلُنَا قَافِلَةْ

فَقَافِلَةٌ إِثْرَ قَافِلَةٍ

يَحْتَذِي خَطْوَهَا السَّابِلَةْ

فَهَذَا الزَّمَانُ

تَمَطَّى بِكَلْكَلِهِ الْمُتَهَدِّجِ

ثُمَّ اسْتَدَارَا

لِيُزْجِي التَّحَايَا

لِكُلِّ الْغَيَارَى

فَيَا طَائِراً

يَحْمِلُ الْيَوْمَ شَوْقِي

إِلَى حَيْثُ طَارَا

تَرَنَّمْ مَعَ الْمُزْنَةِ الْوَاعِدَةْ

لِنَرْقَى

أَنَا وَالْحَبِيبَةُ

شُمَّ الذُّرَى

وَالْجِبَالاَ

وَنَسْدِرَ فِي عَالَمٍ

رَوْنَقَتْهُ الْمَرَايَا

فَرَاقَصَ فِيهَا الشُّعَاعُ الظِّلاَلاَ.


بعد هذا المهرجان الاحتفالي البهيج، ستبقى تجربة الوجود الإسلامي في الأندلس ملحمة كتبت بأحرف من نور حتى ولو حاول العذال مسخها:

فَطَوْراً

تَزُورِينَ وَلاَّدَةً

وَطَوْراً

أَرَاكِ لِغَرْنَاطَةٍ رَائِحَةْ

نَجَوْتِ إِذاً

مِنْ جَحِيمِ الْحِسَابْ

كَتَبْتِ بِأَحْرُفِ نُورٍ

تَوَارِيخَنَا

سَتَبْقَيْنَ أُسْطُورَةَ الْمَجْدِ

حَتَّى أَوَاخِرِ فَصْلٍ

بِسِفْرِ الْوُجُودْ

لِيَوْمِ الْقِيَامَةْ

لُبَاباً مِنَ الْيُمْنِ

وَشَّى الْحَيَاةَ

بِأَحْلَى ابْتِسَامَةْ.


وفي ختام هذا الديوان المتفائل رغم الأسى، ومن خلال هذه الأسطورة الواقعية الأحداث، أعترف أنني بقدر ما تلذذت بمقاطعه، تعذبت في سبر أغواره، لذا لم أكن مغالياً حين قلت في بداية هذه الرحلة بأن سفرنا هذا يحتاج إلى كثير من الفن، وقليل من "العلم" كيما نلامس هذه الشفافية المفعمة بالعشق، بعيداً عن خطوط ومنعرجات النقد الذي يسبغ على نفسه رداء العلمية والواقعية وما إلى ذلك من الألقاب التي باتت تنذر بالجفاف الروحي والعاطفي، قد أكون قاسياً في حكمي هذا ولكني أقول - وأنا مقتنع كل الاقتناع - إن النقد يحتاج إلى جرعة كبيرة من الإبداع والجمالية إذا أراد أن يكسب قراء يتلهفون للدراسات النقدية بقدر ما يتلهفون لقراءة الإبداع شعراً وروايةً وقصة ومسرحاً، ومشاهدةً لشريط أو مسلسل هادف.

ـــــــــــ
[1] (سورة النساء الآية 4).

[2] (سورة آل عمران الآية 140).

[3] ( سورة ص الآية 33).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • قراءة نقدية لمجموعة "حلبة القيروان"
  • بحور العشق

مختارات من الشبكة

  • قراءات اقتصادية (53) النموذج الرباعي للتدفقات النقدية(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • قراءة موجزة حول كتاب: قراءة القراءة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • قراءة في المجموعة المسرحية: (السقوط)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • ينابيع المنبر: مجموعة خطب ومقالات (المجموعة الأولى) (PDF)(كتاب - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • أهمية القراءة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • ملخص مفاهيم القراءة بقلب(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • حوار مع رئيس الجمعية الإسلامية للإصلاح في مالي(مقالة - المسلمون في العالم)
  • قواعد ضبط علل الأسانيد: قراءة تحليلية نقدية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • لامية العرب: قراءة نقدية أنثروبولوجية لضياء الجنابي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الصيام عند الشيعة: قراءة وصفية نقدية(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
2- الرد على استفساري الأخ محمد من سوريا وتقويمهما مع التحية
سعيد ساجد الكرواني - المغرب 26-10-2010 09:34 PM

بسم الله
الأخ العزيز محمد من سوريا رعاك الله تعالى
ابتداء أسأل الله تعالى أن يشكر لك اهتمامك بشعر عبيد ربه.
ونزولا عند رغبة أحد الإخوة الفضلاء أجيبك عن تاريخ كتابة القصائد وليس القصيدة، لأنني لا أريد لقصائدي أن تدخل إلى سجن التاريخ، بل أريد لها أن تكسب بعضا من الاستمرارية بما يليق بالضعف البشري طبعا.
كذا بالنسبة إلى القراءات النقدية وليست القراءة فهي ثلاث لثلاث نقدة وهم المذكورة أسماؤهم هنالك.
المهم الأشعار والدراسات كتبت جميعا قبل عام 2000 بكثير. أو بعبارة كتبت عطش العشق وسرب العاشقين وأبحر العشق ما بين 1994 و 1997.
وبه تم الإعلام والسلام

1- استفسار .. الرجاء المساعدة ..؟
محمد - سوريا 25-10-2010 11:33 PM

السلا عليكم ..
أود الإستفسار عن الدراسة الأدبية :

1- متى كتبت هذه القصيدة .. هل قبل الــ 2000
أم بعده ...
2- متى كتبت هذه القراءة النقدية ..

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب