• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    اللغة العربية في بنغلاديش: جهود العلماء في النشر ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    من علامة الجر: الياء نيابة عن الكسرة والفتحة ...
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    الأستاذ الدكتور صابر عبد الدايم عالم الأدب ...
    أ.د. بكر إسماعيل الكوسوفي
  •  
    واو الحال بين إعرابها وتفسيرها
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    القريض في الثناء على الأب والأم في شعر الدكتور ...
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    عملية الترجمة "الآلية" ووسائل الإعلام
    أسامة طبش
  •  
    كهف النور (قصيدة)
    عبدالله بن عبده نعمان العواضي
  •  
    معنى الحال ورفع المضارع بعد الواو
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    معنى الحال ونصب المضارع بعد واو المعية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    عبد الحميد ضحا: تجربة شعرية ملتزمة بين الإبداع ...
    أ.د. بكر إسماعيل الكوسوفي
  •  
    حين تهان اللغة باسم الفهم: المثقف والأخطاء ...
    عبدالخالق الزهراوي
  •  
    حين تتجافى جنوبهم
    فاطمة الأمير
  •  
    العقل في معاجم العرب: ميزان الفكر وقيد الهوى
    محمد ونيس
  •  
    ستندمل جراح الشام (قصيدة)
    د. وليد قصاب
  •  
    الشمل أشتات (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
  •  
    من علامة الجر: الكسرة
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي
علامة باركود

اللغة العربية في بنغلاديش: جهود العلماء في النشر والتعليم والترجمة والتأليف

اللغة العربية في بنغلاديش: جهود العلماء في النشر والتعليم والترجمة والتأليف
محفوظ أحمد السلهتي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 8/9/2025 ميلادي - 16/3/1447 هجري

الزيارات: 1562

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

اللغة العربية في بنغلاديش: جهود العلماء في النشر والتعليم والترجمة والتأليف[1]

 

ينقسم هذا المقال إلى تمهيد في أهمية اللغة العربية لغير الناطقين بها، وأربعة محاور رئيسة: المحور الأوَّل يتناول كيفية دخول الإسلام إلى بنغلاديش، ثم دخول اللغة العربية إليها عبر المسار التاريخي، والمحور الثاني يركز على جهود العلماء في تعليم اللغة العربية ونشرها بين المسلمين من أبناء الجالية البنغالية، والمحور الثالث يتوقف عند جهود العلماء في مجال الترجمة، سواء ترجمة القرآن الكريم أو الحديث الشريف أو غيرهما من المؤلفات، والمحور الرابع والأخير يعرض جهود العلماء في مجال التأليف باللغة العربية، ويختتم المقال ببيان أهم النتائج والتوصيات المتعلقة بهذا الموضوع. ومن الجدير بالذكر أن المقال يتناول جهود علماء المعاهد والمدارس الشرعية الخالصة المعروفة بـ «المدارس القومية»، ولا يعتني بذكر علماء المدارس الحكومية المسماة «المدارس العالية» أو أساتذة الجامعات الرسمية في بنغلاديش.

 

تمهيد: أهمية اللغة العربية لغير الناطقين بها:

تكتسب اللغة العربية أهمية كبيرة لدى المسلمين الذين لا يتحدثون بها كلغة أم. فهي تمثل وسيلة الاتصال والارتباط بالقرآن الكريم والحديث الشريف، ولغة الشريعة والدين، مما يجعلها عنصرًا مركزيًّا في الهوية الدينية والثقافية. ويمكن النظر إلى اللغة العربية من منظورين: إما كلغة أجنبية يتعلمها الفرد، أو كلغة أم روحية وثقافية للأمة الإسلامية. وتجدر الإشارة هنا إلى نقطتين أساسيتين:

النقطة الأولى تستند إلى الآية القرآنية الكريمة: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ﴾ [إبراهيم: 4]. فقد أُرسل النبي موسى عليه السلام إلى قومه بكتابٍ بلغتهم، وكذلك سيدنا عيسى عليه السلام وكل الأنبياء. وبالمثل، أُرسل سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قومه بالقرآن الكريم بلغتهم. لكن من هم هؤلاء القوم؟ هل يقتصر الأمر على قريش فقط؟ الجواب هو لا، فالقرآن يوضح ذلك صراحةً في قوله تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ ﴾ [سبأ: 28]. فقد أُرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى جميع البشر في الشرق والغرب والشمال والجنوب. وبالتالي، المسلمون في بريطانيا، أو في بنغلاديش، أو في أستراليا، جميعهم يعتبرون من قوم النبي صلى الله عليه وسلم، بغض النظر عن لغتهم الأم، سواء كانت عربية أو غيرها. فمن هذا المنطلق، يمكن القول إن أمة النبي صلى الله عليه وسلم، المنتشرة في أقطار الأرض، تربطها العربية كلغة الدين والشريعة.

 

والنقطة الثانية مستقاةٌ من كلام العلامة الدكتور محمد حميد الله رحمه الله، أحد العلماء البارزين في تحقيق المخطوطات العربية ودراسة السيرة النبوية. وُلد الدكتور حميد الله في الهند، ثم انتقل إلى باريس عاصمة فرنسا، حيث أقام فترة طويلة، وكان أول من ترجم القرآن الكريم إلى اللغة الفرنسية، وأسلم على يديه أكثر من أربعين ألف مثقف وأكاديمي فرنسي. وقد ألقى محاضرات عن السيرة النبوية في جامعة السند (باكستان) خلال الثمانينيات من القرن الماضي، فسأل الطلاب الحاضرين عن لغتهم الأم، فأجاب معظمهم بأنها الأردية. فقال لهم الدكتور حميد الله: «لا، بل لغتكم الأم هي العربية». وأوضح الدكتور حميد الله وجهة نظره بالاستناد إلى القرآن الكريم، حيث قال جلَّ وعلا: ﴿ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ﴾ [الأحزاب: 6]. فمعنى ذلك أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم هنّ أمهات المسلمين جميعًا، وإذا كانت سيّداتنا خديجة وعائشة وحفصة وغيرهن رضي الله عنهما لغتهن الأم العربية، فيمكن القول إن لغة الأمة الإسلامية هي العربية. وهذه وجهة نظر لطيفة قدَّمها الدكتور محمد حميد الله لتعزيز مكانة اللغة العربية بين المسلمين غير الناطقين بها.

 

المحور الأول: دخول الإسلام والعربية إلى بنغلاديش:

يتناول هذا المحور كيفية دخول الإسلام إلى بنغلاديش، أو بالأدق إلى منطقة بنغال، وكيف دخلت اللغة العربية إليها أيضًا. ولكن ثمة إشكاليتان رئيسيتان في هذا السياق.

 

الإشكالية الأولى تتعلق بالتمييز بين بنغال وبنغلاديش. فبنغال هي المنطقة التاريخية القديمة، بينما بنغلاديش دولة حديثة، انفصلت عن باكستان عام 1971م. لذلك، عند الحديث عن اللغة العربية في بنغلاديش، يجب تحديد ما إذا كان المقصود الدولة الحديثة أم التاريخ العريق لمنطقة بنغال.

 

أما الإشكالية الثانية فتتعلق بمسألة تتبع العلماء البنغاليين وتحديد هويتهم. توجد العديد من الكتب التي اهتمت بتسجيل وتدوين تاريخ العلماء في بنغال والهند وباكستان، لكنها تتسم أحيانًا بالمزج والتشويش في عرض المعلومات. على سبيل المثال، عند الرغبة في الاطلاع على سيرة عالم بنغالي معين، يمكن الرجوع إلى كتاب العلامة عبد الحي الحسني، والد الإمام السيّد أبي الحسن علي الندوي، والمعروف بعنوان «نزهة الخواطر»، الذي يحتوي على تراجم آلاف العلماء، بما فيهم علماء بنغال.

 

مع ذلك، يظل من الصعب تحديد ما إذا كان هؤلاء العلماء من بنغلاديش الحديثة أم من ولاية آسام، التي كانت جزءًا من بنغال سابقًا لكنها اليوم ضمن دولة الهند. ومن هنا تظهر الإشكالية الثانية، وهي كيفية التمييز بين العلماء البنغلاديشيين بالمفهوم الحديث، وبين العلماء من منطقة بنغال لكن ليسوا من بنغلاديش الحالية.

 

ورغم هذه التعقيدات، يمكن تقديم بعض المعلومات الأساسية حول تاريخ الإسلام واللغة العربية في بنغلاديش، مع التوقف قليلًا عند أبرز المحطات التاريخية.

 

المحطَّة الأولى: القرن الأوَّل الهجري:

تشير بعض المصادر التاريخية إلى أن الإسلام دخل منطقة بنغال، أو ما يُعرف اليوم ببنغلاديش، في منتصف القرن الأول الهجري. ويُذكر أن الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين كانوا يقومون برحلات تجارية إلى الصين، وكان طريقهم يمر عبر منطقة شيتاغونغ، حيث كانوا يتوقفون ويستريحون لبضعة أيام قبل مواصلة رحلتهم.

 

وتجدر الإشارة إلى أن اسم مدينة شيتاغونغ مشتق -كما يقال- من العربية، إذ كان يُعرف في الأصل باسم «شاطئ غونغا»، حيث يشير لفظ «غونغا» إلى نهر أو بحر، و«شاطئ» يعني الساحل. تقع المدينة على الساحل، ومن هنا جاء الاسم الأصلي «شاطئ غونغا»، الذي تحوّل لاحقًا إلى شيتاغونغ.

 

خلال تلك الوقفات، يُعتقد أن بعض الصحابة نشروا الإسلام بين سكان المنطقة، الذين تأثروا بأخلاقهم وحسن تعاملهم، فاعتنقوا الدين الإسلامي. وتُذكر بعض أسماء الصحابة، مثل سيدنا أبو وقاص مالك بن وهب، والد الصحابي المشهور سعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما، ولكن لا يمكن تأكيد صحة هذه الروايات بشكل قطعي. فهي من الأمور التي أدرجها بعض المؤرخين في سجلاتهم دون تحقق تام.

 

وفي هذا السياق، أشار الدكتور محمد حميد الله إلى الرواية المشهورة التي لم يصححها المحدّثون: «اطلبوا العلم ولو بالصين». فقال الإمام البيهقي رحمه الله: «متنه مشهورٌ، وأسانيده ضعيفةٌ»، وحكم ابن الجوزي وغيره بوضعه، بينما اعتبر الحافظ أبو الحجّاج المزّي رحمه الله أن مجموع طرق الرواية يصل إلى درجة الحسن. ولكن يرى الدكتور حميد الله، من وجهة نظره، أن هذه الرواية تحمل أصلًا تاريخيًّا وحضاريًّا، مشيرًا إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم قد يكون شهد أثناء أسفاره إلى بلاد الشام مع جدّه وعمّه الأسواق العالمية التي كان يتجمع فيها التجار من الصين ومن غيرها. وربما لاحظ النبي جودة الصناعات الصينية وأُعجب بها، فأوصى بطلب العلم الذي ينفع الأمة، ولو اقتضى ذلك السفر إلى بلدان بعيدة مثل الصين.

 

وعلى أي حال، فقد اكتشف الباحثون حديثًا بعض الآثار القديمة، من نقودٍ وجدران مساجد عتيقة، توصّلوا من خلالها إلى نتيجة مفادها أن ثمة دليلًا على وصول الصحابة والتابعين إلى هذه المنطقة.

 

المحطّة الثانية: القرن السابع - الثامن الهجري:

تعود المحطّة الثانية في تاريخ اللغة العربية إلى بنغلاديش إلى نهاية القرن السابع وبداية القرن الثامن الهجري. ويرتبط هذا التاريخ بالعلامة الكبير شرف الدين أبو توامة، الذي وُلد في بخارى ثم انتقل إلى دهلي، ومنها إلى منطقة سُنارغاو في بنغلاديش، حيث أسَّس مدرسة شرعية كبيرة يمكن وصفها بأنها جامعة تعليمية شاملة. درّس الشيخ شرف الدين أبو توامة في هذه المدرسة العلوم الشرعية بمختلف أنواعها، بما في ذلك الكتب الستة. وكانت هذه المدرسة معروفةً -وما زالت بعض آثارها باقية- باسم «درس باري»، ويعود أصل الاسم إلى العربية: «درس»، و«باري» كلمة بنغالية تعني «الدار». لقد لعبتْ هذه المدرسة دورًا بارزًا في خدمة الإسلام ونشر اللغة العربية، إذ كانت مركزًا لتعليم العلوم الشرعية للطلاب في المنطقة، مما ساهم في ترسيخ اللغة العربية كأداة أساسية لنقل المعرفة الدينية والثقافية.

 

المحطّة الثالثة: ابن بطوطة والشاه جلال:

في بداية أو منتصف القرن الثامن الهجري، برز أحد كبار الأولياء في بنغلاديش، وهو الشاه جلال، المعروف على نطاق واسع في البلاد. ويُذكر أن أصله تركي من قونية، ثم سافر إلى اليمن، ومنها إلى منطقة سلهت في بنغلاديش، حيث خدم الإسلام ولعب دورًا مهمًّا في نشر الدعوة الإسلامية وتعزيز اللغة العربية. وذكر ابن بطوطة في «رحلته» أنه التقى بالشيخ جلال أثناء زيارته لشيتاغونغ وسلهت، مما يعكس حضور الإسلام واللغة العربية في تلك المناطق في ذلك الزمن.

 

ومن المنطقي أن المسلم، من أي مكان كان، يعرف أساسيات دينه بالعربية، مثل قراءة الفاتحة وبعض السور في الصلاة واستخدام التحيات الإسلامية. فالإسلام مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالعربية، والعكس صحيح، إذ حفظت اللغة على مر العصور بفضل الدين. ولو لم يكن الإسلام لكان من الصعب دراسة اللغة العربية الفصحى، ولما أُدرجت اللغة العربية في منظومة التعليم والثقافة في تلك المناطق، بينما نلاحظ في العصر الحديث بعض المشكلات المتعلقة بمزج اللغة العربية مع الإنجليزية أو لغات أخرى، مما يضع تحديات أمام الحِفاظ على الفصاحة العربية.

 

كما يجدر بالذكر أن في بداية القرن العاشر، كان هناك شيخ آخر اسمه محمد بن يزدان بخش. كان يدرّس في مدرسة «درس باري»، وقد نسخ نسخة متقنة من «صحيح البخاري» بخط يده، وهذه النسخة موجودة حاليًا في مكتبة خدابخش في بتنا، باقيفور بالهند، وقد كتبتُ عن هذه النسخة مقالةً في شبكة الألوكة.

 

المحور الثاني: جهود العلماء في تعليم اللغة ونشرها:

هذا المحور يسلط الضوء على جهود العلماء في نشر اللغة العربية وتعليمها للأطفال والطلاب والجالية البنغالية في بنغلاديش. كما ذكرت سابقًا، الإسلام جاء باللغة العربية، ومن هنا بدأ العلماء تعليم أولادهم القرآن الكريم، حيث كان الطلاب يحفظون القرآن مع تجويده وتحسين التلاوة والصوت. وكانت هذه هي البداية الحقيقية لتعليم اللغة العربية ونشرها بين الناس. ومن الملاحظ اليوم أن الأطفال الصغار من بنغلاديش يشاركون في المسابقات العالمية لحفظ القرآن، ويفوزون بالمراكز الأولى بفضل تعلقهم بالقرآن الكريم وحسن تلاوتهم وتجويدهم.

 

أما بالنسبة لنشر اللغة العربية في المجتمع، فقد لاحظنا أن معظم العلماء في بنغلاديش يتبعون المذهب الحنفي، وفي هذه الديار يرى الفقهاء أن خطب الجمعة يجب أن تُلقى باللغة العربية. فهذا يعزز صلة المسلمين باللغة العربية، حيث يحفظون عباراتٍ وفقراتٍ عربيةً من خلال الخطب.

 

وفيما يخص التعليم الرسمي للغة العربية في بنغلاديش، فالمدارس القومية بما فيها الجامعة الأهلية دار العلوم معين الإسلام هاتهازاري وغيرها الكثير، أسهمت كثيرًا في هذا المجال. والعلماء كانوا يهتمون بتعليم قواعد اللغة وضوابطها، مثل النحو والصرف والبلاغة. وكان الطلاب يتقنون هذه القواعد ويحفظونها بجدارة. ومع ذلك، لم يكن التركيز على مهارات الكلام أو الكتابة باللغة العربية كبيرًا، نظرًا لبُعد الطلاب آلاف الأميال عن البلدان العربية، وعدم وجود وسائل تواصل اجتماعي أو احتكاك مباشر بالعرب في تلك الأزمنة. وفي العصر الحالي، ومع وسائل التواصل الحديثة وسهولة السفر السريع من بنغلاديش إلى الدول العربية، ظهرت حركة كبيرة ونشاط واسع لتعلم اللغة العربية، بما يشمل المهارات الأربع: الاستماع والقراءة والكتابة والكلام. ويتمكن الطلاب اليوم من ممارسة المحادثة باللغة العربية بطلاقة، بفضل جهود العلماء وبركات هذه الوسائل التعليمية الحديثة.

 

أبرز العلماء وجهودهم في تطوير اللغة العربية:

وأخصّ بالذكر ثلاثة من أبرز العلماء الذين بذلوا جهودًا جبّارة ولعبوا دورًا بارزًا في تطوير مهارات اللغة العربية على مستوى الدولة البنغلاديشية، وليس فقط على مستوى منطقة معينة. الشيخ سلطان ذوق الندوي رحمه الله، توفي قبل عدة أشهر، وكان عالمًا كبيرًا مشهورًا بجهوده الطيبة في تسهيل تعلم اللغة العربية للناطقين بغيرها، وللطلاب البنغلاديشيين، كما أسَّس دائرة المعارف الإسلامية في شيتاغونغ. وتلميذه الشيخ أبو طاهر مصباح حفظه الله، من العلماء الذين يفضلون العمل بعيدًا عن الأضواء، فقد ألّف عدة كتب ووضع منهجًا دراسيًّا خاصًّا يُعرف بـ «المنهج المدني». ولمعرفة إسهاماته يكفيني نقل ما قاله المحدث الناقد الشيخ محمد عبد المالك الكُمِلَّائي في تقدمته لكتاب «البدور المضية في تراجم الحنفية» للشيخ حِفظ الرحمن الكُمِلَّائي: «ومن قديمٍ نرى الشيخ المؤلف يهتم بالتأليف بالعربية، وفي موضوعاتٍ علميةٍ، ويعتني بتحقيق بعض الكتب العلمية المؤلَّفة باللغة العربية، واختيارُ اللغة العربية للتحقيق أو التأليف في هذه الديار، ثم الاستقامةُ عليه بهذه الطريقة أمرٌ مستغربٌ جدًّا، وهذا كما يدل على علوّ همة هذا المؤلف يدل أيضًا على أن البيئة العلمية في هذه البلاد قد أَنِسَت باللغة العربية الفطرية قراءةً ومطالعةً، وكما يقول بعض الأفاضل الأعلام أن الفضل يرجع في هذا التأنيس إلى فضيلة الأستاذ الشيخ الأديب أبو طاهر مصباح حفظه الله تعالى ورعاه، شكر الله سعي أبي طاهر ومشايخه وأعوانه، ومن تقدَّمه في خدمة اللغة العربية في هذه الديار وغيرها».

 

كما أن الشيخ شهيد الله فضل الباري رحمه الله سعى جاهدًا لتطوير مهارات الطلاب في المستويات العليا، لا سيما في مجالات الكتابة، والتأليف، والترجمة.

 

هؤلاء المشايخ، وغيرهم الكثير، بذلوا جهودًا عظيمة، وأثمرت هذه الجهود في وجود ينابيع العلم ومدارس ومعاهد شرعية في جميع مناطق بنغلاديش، يتخرّج منها الطلاب المتمكّنون من اللغة العربية، وبطبيعة الحال من العلوم الإسلامية الشرعية.

 

ومع ذلك، هناك تحدٍّ يجب الإشارة إليه: في بنغلاديش، توجد صلة وثيقة باللغة الأردية، إذ أن البلاد كانت جزءًا من الهند ثم باكستان، وكثير من العلماء كانوا يتخرجون من دُور العلوم في الهند أو باكستان، حيث يُدرس لديهم أيضًا اللغة الأردية. هذا الأمر يشكل تحديًا أحيانًا، حيث تتأثر العربية لديهم بالأردية. وللشيخ شهيد الله فضل الباري رحمه الله مقالتان في كتابه «مقالاتي المختارة» عالج فيهما بعض هذه الأمور: «مشاكل تعترض لدارسي اللغة العربية وبعض حلولها» و«العربية المتأثرة بالأردية».

 

على كل حالٍ، هذه من التحديات التي يسعى العلماء لتجاوزها، ولهم جهود مشكورة، خاصة فيما يتعلق بتدريب الشباب من المعلمين والمدرسين على الحفاظ على الفصاحة والمهارات اللغوية الصحيحة.

 

المحور الثالث: جهود العلماء في الترجمة:

نبدأ بترجمة القرآن الكريم، وهنا توجد اختلافات حول من ترجم القرآن من العربية إلى البنغالية أول مرة. هل كان هندوسيًّا، أم رجلًا مسلمًا؟ ولكن يبدو من البحث والتتبع أن من ترجم القرآن مباشرةً من العربية إلى البنغالية كان أحد العلماء في بداية القرن التاسع عشر الميلادي، اسمه مولانا أمير الدين البسوني. وقد ترجم جزءًا من القرآن، ولم يترجم القرآن كاملًا، ونُشرت ترجمته عام 1808م، وكانت هذه أول محاولة لترجمة القرآن من العربية إلى البنغالية. وبعد ذلك تتابعت الجهود في ترجمة القرآن الكريم كاملًا، سواء ترجمة نصية أو تفسيرية.

 

أما بالنسبة لترجمة «صحيح البخاري»، أحد أوثق وأصح المصادر الدينية في الإسلام، فإن أول من ترجمه من العربية مباشرةً إلى البنغالية كان شيخ الحديث العلامة عزيز الحق رحمه الله، وقد ترجم الكتاب في عشرة مجلدات، ونُشرت ترجمته عام 1957م.

 

أما بالنسبة لترجمة الكتب الدينية المتنوعة من العربية فلا يمكن إحصاؤها لكثرتها. وبعد ذلك، هناك إشكالية مهمة تتعلق بالترجمة في الآونة الأخيرة. ألاحظ شخصيًّا، ويوافقني الباحثون أيضًا، أن بعض دُور النشر في بنغلاديش يستعينون بمترجمين ليس لديهم ملكة أو مهارة حقيقية باللغة العربية، فهم يتقنون الإنجليزية أو الأردية مثلًا، ويبدؤون مشاريع علمية كبرى لترجمة الكتب العربية إلى البنغالية، ولكن ليس من العربية مباشرة، بل من الكتب التي قد تُرجمت أولًا إلى الإنجليزية، فيترجمونها من الإنجليزية إلى البنغالية.

 

هذا الأمر يمثل مشكلة كبيرة، إذ أن المترجم لا يعرف أصالة النص العربي ولا عمقه، فكيف يمكنه نقل هذا العمق والفهم بدقة من الإنجليزية أو الأردية إلى البنغالية؟ هذه إحدى التحديات البارزة في مجال الترجمة.

 

أما الترجمة من البنغالية إلى العربية، فهناك جهودٌ -ولو قليلة- لترجمة بعض أشعار الشاعر البنغالي المعروف القاضي نظر الإسلام وأعمال غيره، غير أن الحاجة ما تزال ملحّة لترجمة أعمال علمية أخرى إلى العربية كذلك.

 

المحور الرابع: جهود العلماء في التأليف بالعربية:

هذا المحور غني جدًّا بالمعلومات والتفاصيل. فقد كان العلماء في العصور المتأخرة لهم نشاطات كبيرة في هذا المجال. ففي الأزمنة المتقدمة، كانوا يكتفون بالشروح العربية أو الفارسية أو الأردية، ولكن في هذه الآونة أصبحوا يشرحون وأيضًا يؤلفون كتبًا باللغة العربية.

 

لا يمكن لي استقصاء كل هذه الكتب أو المؤلفين الذين ألفوا بالعربية، لذا أكتفي بذكر بعض الأمثلة البارزة: ففي التفسير، يعرف عن الشيخ أبو طاهر مصباح كتابه «الطريق إلى تفسير القرآن الكريم» باللغة العربية. وحاول بعض العلماء جمع الأحاديث النبوية حسب الموضوع، مثل أحاديث الأحكام أو السيرة، ومن أبرزهم العلامة عميم الإحسان المجددي، الذي جمع الأحاديث من مصادر مختلفة في كتابه «فقه السنن والآثار». وفي مجال شرح كتب الحديث، برزت أعمال عديدة، منها «كفاية المغتذي في شرح جامع الترمذي» للمحدث الكبير الشيخ عبد المتين، في عدة مجلدات، وهو شرح متين وممتع ومحقق بدقة. أما مؤلفات الشيخ المحدث محمد عبد المالك الكُمِلَّائي في علوم الحديث، مثل «المدخل إلى علوم الحديث الشريف» و«الوجيز في شيء من مصطلح الحديث»، فهي معروفة ومتداولة بين أهل العلم وطلابه في أنحاء العالم الإسلامي. وفي أصول التفسير، الشيخ محمود حسين السلهتي مؤلفات مهمة مثل «مواهب الرحمن» و«فتح الخبير»، بالإضافة إلى جهوده في إعداد كتب دراسية لتطوير مهارات الطلاب في العربية. كما يحتوي تاريخ وتراجم العلماء على مؤلفات موسعة للشيخ حِفظ الرحمن الكُمِلَّائي، منها «البدور المضية في تراجم الحنفية» في ثلاثة وعشرين مجلدًا، و«اليواقيت والجواهر في تراجم نبلاء بنغال والأكابر» في ثماني مجلدات.

 

وليس من الممكن هنا استقصاء كل هذه الكتب والمؤلفين باللغة العربية، فكما كان يقول العلامة المفتي محمد شفيع رحمه الله: «الاستقصاء شؤم»، أي أنه ربما يفوّت الكثير.

 

أما بالنسبة للفنون الأخرى غير العلوم الشرعية، مثل الرواية أو غيرها، فهل ألف أحد كتبًا بالعربية فيها؟ الإجابة تحتاج إلى بحث طويل، ولكن في مكتبتي شخصيًّا يوجد كتاب واحد في الرواية باللغة العربية، ألفه أحد الفضلاء الباحثين من بنغلاديش، وهو الشيخ حسين محمد نعيم الحق، بعنوان «في ضفتي نهر ناف».

 

الخاتمة والنتائج:

كانت هذه جملةً من المعلومات التي سعيتُ إلى عرضها. وأخيرًا أود أن أقول: إن هناك تطورًا وتنمية في العلاقة بين اللغة العربية وطلاب العلم في بنغلاديش. العلاقة وثيقة وتعززت، وإن شاء الله ستستمر هذه العلاقة في النمو والارتقاء ورفع مستواها في الأيام القادمة.

 

ولكن لا بد لنا الآن أن نعزّز هذه الصلة، لأن لهذه الصلة آثارها الإيجابية في نشر الإسلام وفي التعليم الصحيح للإسلام بين المسلمين في تلك الديار. فلذا أقترح على أصحاب دُور النشر في البلاد العربية أن يفتحوا أبوابهم لنشر وطباعة مؤلفات علماءنا وإخواننا في بنغلاديش بجودةٍ عاليةٍ، فإنه إذا كتب عالمٌ كتابًا باللغة العربية في بنغلاديش ونُشر هناك فقط، فلا يصل هذا الكتاب -عادةً- إلى الدول العربية، ولا تعم فائدته. لذا من الضروري نقل هذه الكتب والمؤلفات القيّمة إلى البلاد العربية للطباعة والنشر بجودة أفضل، بحيث تعم فائدتها وتصل إلى الطلاب والأوساط العلمية والأكاديمية والبحثية في تلك الديار أيضًا، ويكون في ذلك الخير الكثير إن شاء الله تعالى.



[1] هذا المقال هو تفريغ نصي لمحاضرتي التي ألقيتُها ضمن الفعاليات الثقافية في معرض إسطنبول الدولي للكتاب العربي يوم الاثنين 11 أغسطس 2025م.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • موقف وسائل الإعلام المطبوعة والإلكترونية في بنغلاديش
  • الندوة العالمية تقيم ملتقى للخطباء والأئمة ببنغلاديش
  • بنغلاديش تفتتح 50 مسجدا جديدا

مختارات من الشبكة

  • حين تهان اللغة باسم الفهم: المثقف والأخطاء المغتفرة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الدبابة بين اللغة والتاريخ (WORD)(كتاب - ثقافة ومعرفة)
  • غنائم العمر - بلغة البشتو (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • خطبة: {وأنيبوا إلى ربكم} (باللغة البنغالية)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من مشكاة النبوة (5) "يا أم خالد هذا سنا" (خطبة) - باللغة النيبالية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فقه يوم عاشوراء (باللغة الفرنسية)(كتاب - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • كيفية الصلاة على الميت: فضلها والأدعية المشروعة فيها (مطوية باللغة الأردية)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • عبد الحميد ضحا: تجربة شعرية ملتزمة بين الإبداع والفكر في الأدب العربي المعاصر(مقالة - حضارة الكلمة)
  • 51 خريجا ينالون شهاداتهم من المدرسة الإسلامية الأقدم في تتارستان(مقالة - المسلمون في العالم)
  • عملية الترجمة "الآلية" ووسائل الإعلام(مقالة - حضارة الكلمة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مركز ديني وتعليمي جديد بقرية كوياشلي بمدينة قازان
  • اختتام فعاليات المسابقة الثامنة عشرة للمعارف الإسلامية بمدينة شومن البلغارية
  • غوريكا تستعد لإنشاء أول مسجد ومدرسة إسلامية
  • برنامج للتطوير المهني لمعلمي المدارس الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • مسجد يستضيف فعالية صحية مجتمعية في مدينة غلوستر
  • مبادرة "ساعدوا على الاستعداد للمدرسة" تدخل البهجة على 200 تلميذ في قازان
  • أهالي كوكمور يحتفلون بافتتاح مسجد الإخلاص الجديد
  • طلاب مدينة مونتانا يتنافسون في مسابقة المعارف الإسلامية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/3/1447هـ - الساعة: 16:8
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب