• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية النكتة رؤية تداولية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الإعراب لغة واصطلاحا
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    مفهوم القرآن في اللغة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    أهل القرآن (قصيدة)
    إبراهيم عبدالعزيز السمري
  •  
    إلى الشباب (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    ويبك (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
  •  
    الفعل الدال على الزمن الماضي
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي
علامة باركود

متون اللغة العربية (2)

متون اللغة العربية (2)
محمد ناصف

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/1/2024 ميلادي - 22/6/1445 هجري

الزيارات: 2712

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سلسلة متون اللغة العربية (2)


فصل العصر الجاهلي زمنًا ومفهومًا[1]:

تحديد العصر الجاهلي:

كتب الجاحظ في الحيوان تحت عنوان (تاريخ الشعر العربي): أما الشعر العربي فحديث الميلاد صغير السن، أول من نهج سبيله وسهَّل الطريق إليه امرؤ القيس بن حجر، ومهلهل بن ربيعة... فإذا استظهرنا الشعر وجدنا له إلى أن جاء الله بالإسلام خمسين ومائة عام، وإذا استظهرنا بغاية الاستظهار فمائتي عام[2].


وقال مؤلفو الأدب في العصر الجاهلي: ولدينا إشارات في كتابات أجنبية فالقديس (نیلوس) المتوفى حوالي عام 430 م، وأقدم من أي شاعر عربي وصلتنا أخباره يصف لنا غارة بدوية وقعت عام 410 م... كما يتحدث عن أناشيد استفتاء كان البدو ينشدوها عند بلوغهم بعض موارد الماء، فلعل هذه الأناشيد وما أشبهها من كلام مسجوع، كانت الأساس الذي تطور به الشعر العربي إلى صورته التي بين أيدينا[3].


ولعل في الجملة أن الشعر العربي قديم النشأة، ولكن ليس في أيدينا ما يؤكد ذلك، أو شعر بدائي تطور على يد امرؤ القيس والمهلهل، والله أعلم.


مفهوم الجاهلية[4]:

كلمة الجاهلية التي أُطلقت على هذا العصر ليست مشتقة من الجهل الذي هو ضد العلم ونقيضه، إنما هي مشتقة من الجهل بمعنى السفه والغضب والنزق، فهي تقابل كلمة الإسلام التي تدل على الخضوع والطاعة لله جلَّ وعز، وما يُطوى فيها من سلوك خلقي كريم.


ودارت الكلمة في الذكر الحكيم والحديث النبوي والشعر الجاهلي بهذا المعنى من الحميَّة والطيش والغضب؛ فقال تعالى:﴿ قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴾ [البقرة: 67]، وقال تعالى: ﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾ [الأعراف: 199]، وقال تعالى: ﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ﴾ [الفرقان: 63].


وفي الحديث النبوي أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لأبي ذرٍّ وقد عيَّر رجلًا بأمه:((إنك امرؤ فيك جاهلية))[5].


وفي معلقة عمرو بن كلثوم التغلبي:

أَلاَ لاَ يَجْهَلَنَّ أَحَدٌ عَلَيْنَا
فَنَجْهَلَ فَوْقَ جَهْلِ الجَاهِلِيْنَا

وواضح في هذه النصوص جميعًا أن الكلمة استُخدمت من قديم للدلالة على السفه والطيش والحمق.


وقد أخذت تطلق على العصر القريب من الإسلام، أو بعبارة أدق على العصر السابق له مباشرة، وكل ما كان فيه من وثنية وأخلاق قِوامها الحمية والأخذ بالثأر، واقتراف ما حرَّمه الدين الحنيف من موبقات؛ ا.هـ


ويزداد الأمر وضوحا بتفسير قوله تعالي: ﴿ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ [المائدة: 50]، فمعنى الجاهلية يتحدد بهذا النص، فالجاهلية - كما يصفها الله ويحددها قرآنه - هي حكم البشر للبشر؛ لأنها عبودية البشر للبشر، والخروج من عبودية الله، ورفض ألوهية الله، والاعتراف في مقابل هذا الرفض بألوهية بعض البشر وبالعبودية لهم من دون الله، إن الجاهلية - في ضوء هذا النص - ليست فترة من الزمان، ولكنها وضع من الأوضاع، هذا الوضع يوجد بالأمس، ويوجد اليوم، ويوجد غدًا، فيأخذ صفة الجاهلية، المقابلة للإسلام، والمناقضة للإسلام.

 

فصل (مصادر الشعر الجاهلي)[6]:

تجد العلماء يصنفون في مصادر الشعر الجاهلي قديمًا وحديثًا؛ وذلك لأن الشعر الجاهلي لم يُدوَّن إلا بعد مرور قرن أو أكثر من هجرة المصطفي صلى الله عليه وسلم، ورأينا علماء البصرة والكوفة ورواتهما يجمعون مادة الشعر الجاهلي من محفوظات العرب في صدورهم، ونستطيع أن نلخص أهم المصادر في المجموعات الشعرية الآتية:

(1) المعلقات: وهي سبع إلى عشر قصائد كما سنبين [انظر الفصل التالي].

 

(2) المفضليات، نسبة إلى جامعها المفضَّل الضَّبِّيِّ راوي الكوفة الثقة (ت نحو 168هـ)، ويقول ابن النديم في الفهرست صـ 102: "هي مائة وثماني وعشرون قصيدة، وقد تزيد وتنقص وتتقدم القصائد وتتأخر، بحسب الرواية عن المفضل، والصحيحة التي رواها عنه ابن الأعرابي"، ويقول الدكتور شوقي ضيف: "ولو لم يصلنا من الشعر الجاهلي سوى هذه المجموعة الموثقة لأمكن وصف تقاليده وصفًا دقيقًا، فقد مثَّلت جوانب الحياة الجاهلية، ودارت مع الأيام والأحداث وعلاقات القبائل بعضها ببعض، وبملوك الحِيرة والغساسنة، وانطبعت في كثير منها البيئة الجغرافية، وقد جاء فيها كثير من الكلمات المندثرة التي لم ترد في المعاجم اللغوية"[7].


(3) الأصمعيات: نسبة إلى الأصمعي راويها (ت: 216هـ)، وقد بلغ عدد قصائدها ومقطوعاتها اثنتين وتسعين، وهذه المجموعة كسابقتها في الثقة بها وعلو درجتها، وقد جاء فيها أيضًا كثير من الكلمات المهجورة التي لم تثبتها المعاجم.

 

(4) جمهرة أشعار العرب: لأبي زيد محمد بن أبي الخطاب القرشي (ت: ما بين 300 – 310ه)، والجمهرة تضم تسعًا وأربعين قصيدة طويلة موزعة على سبعة أقسام، في كل قسم سبع قصائد، والقسم الأول المعلقات، وقد أخذ فيها برواية الضبي، ثم المجمهرات، ثم المنتقيات أي المختارات، ثم المذهبات، ثم عيون المراثي، ثم المشوبات، ثم الملحمات وجميعها لإسلاميين، وهي مجموعة غنية بالقصائد الطويلة ولكنها غير موثقة الرواية، فلا بد في الاعتماد عليها من مقابلتها على روايات صحيحة، ومثل هذه المجموعة في ضعف سندها مختارات ابن الشجري (ت: 542 ه)، وهي مختارات من شعر جاهلي وإسلامي.

 

وتدخل في هذه المختارات دواوين الحماسة، وقيمتها أدبية أكثر منها تاريخية؛ إذ لا يعرِّفنا أصحابها بمصادرهم، وأشهرها ديوان الحماسة لأبي تمام (ت: نحو 232 ه)، ونصَّ المرزوقي في شرح ديوان الحماسة (1/ 14) على أن أبا تمام أصلح في الشعر الذي رواه، يقول: "إنك تراه ينتهي إلى البيت الجيد فيه لفظة تشينه، فيجبر نقيصته من عنده، ويبدل الكلمة بأختها في نقده، وهذا يبين لمن رجع إلى دواوينهم، فقابل ما في اختياره بها"، وحماسته موزعة على عشرة أبواب أكبرها باب الحماسة وبه سماها، وهي مقطوعات لجاهليين وإسلاميين وعباسيين، وقلما روى فيها قصائد كاملة، وتلي هذه الحماسة في الأهمية حماسة البحتري (ت: 284 هـ)‍، وهي مقطوعات قصيرة موزعة على مائة وأربعة وسبعين بابًا، وأكثر أبوابها في نزعات خلقية، ولم يُعنَ القدماء بشرحها، وكذلك الدواوين المفردة للشعراء والقبائل وأكثره منحول، انظر في تحقيق هذه الدواوين في كتاب (مصادر الشعر الجاهلي) لناصر الدين الأسد.

 

ومن الكتب الجيدة التي تشتمل على شعر جاهلي كثير شرح النقائض لأبي عبيدة معمر بن المثنى (ت: 209 ه)، فقد أنشد فيه كثيرًا من الشعر الذي قيل في أيام العرب، وحذا حذوه من كتبوا في أيام العرب مثل ابن الأثير في كامله (ت: 630هـ)، وابن عبد ربه ‌في ‌عقده (ت: 328هـ)، ومن الكتب المهمة أيضًا: طبقات الشعراء لابن سلام (ت: 232هـ)، أما كتاب الشعر والشعراء لابن قتيبة (ت: 276 هـ) فربما كان خير ما فيه مقدمته التي يحاول أن يربط فيها شعراء عصره بالمثل الجاهلية القديمة، وهناك كتب أدب أُلِّفت في البصرة؛ مثل: البيان والتبيين، والحيوان للجاحظ (ت: 255هـ)، والكامل للمبرد (ت: 285هـ)، ومن الخير أن نرد ما بها من شعر إلى روايات بصرية صحيحة، ويجري مجراها ما في أمالي اليزيدي (ت: 310هـ)، ومجالس ثعلب (ت: 291هـ) من أشعار وينبغي أن نتلقى كتب الأدب البغدادية؛ مثل: عيون الأخبار لابن قتيبة (ت: 276هـ) بحذر، مثلها أمالي أبي علي القالي (ت: 356هـ)؛ ففيها انتحال كثير، ومن المختصرات التي تفيد في المراجعة كتاب المؤتلف والمختلف للآمدي (ت: 370هـ)، ومعجم الشعراء للمرزباني (ت: 384هـ)، وكتابه الموشَّح نفيس في التعرف على كثير مما وُضِع على الشعراء الجاهليين.

 

وهناك أشعار جاهلية كثيرة في كتب النقد؛ مثل: نقد الشعر لقدامة (ت: 337هـ)، والصناعتين لأبي هلال العسكري (ت: نحو 395هـ)، والوساطة بين المتنبي وخصومه لأبي الحسن الجرجاني (ت: 392هـ)، والعمدة لابن رشيق (ت: 463 هـ)، ومثلها مثل الشواهد المبثوثة في كتب اللغة والنحو ينبغي التوثق منها بالرجوع إلى المصادر الأصلية الوثيقة.

أما ما جاء في كتب السير والأخبار والتاريخ كسيرة ابن هشام (ت: 213 هـ)، وتاريخ الطبري (ت: 310هـ)، ومغازي الواقدي (ت: 207هـ) فينبغي أن نرفضه إلا أن تدعمه روايات صحيحة.

 

والأغاني لأبي الفرج الأصبهاني (ت: 356 هـ) الذي ترجم فيه للشعراء من القرن السادس إلى القرن التاسع للميلاد ترجمات غنية، سجل فيها كثيرًا من المادة التي فُقِدَت، وكان له ذوق عالم ناقد بصير، فساق من الكتب التي سبقته أطرف ما فيها من أخبار وأشعار، ولم يسقها مفردة، بل ساقها بأسانيدها التي ترجع بها إلى مصادرها ورواتها الأوائل؛ مثل: الأصمعي، وأبي عبيدة، وابن الأعرابي... وأضرابهم ومن خلفوهم من جلة الرواة والمصنفين، والحق أنه أكبر مصدر لتاريخ الشعر الجاهلي وأصحابه، فإذا أضفنا له الأصمعيات والمفضليات وديوان هذيل، وما صح من الدواوين المفردة، كنا أمام مادة خصبة للبحث والدراسة في الجاهليين وأشعارهم وأخبارهم.

ومن الكتب المتأخرة التي احتفظت ببعض ما فُقِدَ من الروايات والمصنفات القديمة خزانة الأدب للبغدادي (ت: 1093 ه)، وهو شرح على شواهد الرضي شارح كتاب الكافية لابن الحاجب، وفيه تراجم دقيقة لبعض الجاهليين، وملاحظات على بعض أشعارهم من حيث الانتحال والصحة.

 

وبالجملة من أراد أن يشق طريق العربية أو تفسير القرآن، فلا بد أن يحوز تلك المكتبة ابتداءً حتى تكون بداية التَّبحُّرِ في علومها.

 

فصل (قضية الانتحال في الشعر الجاهلي)[8]:

تعريف الانتحال والفرق بينه وبين الاقتباس والسرقات العلمية:

الانتحال: جاء في لسان العرب لابن منظور لفظ (النَّحْل) فقال: "ونَحَلَه القولَ يَنْحَلُه نَحْلًا: نَسَبه إِليه، ونَحَلْتُه القولَ أَنْحَلُه نَحْلًا، بِالْفَتْحِ: إِذا أَضَفْت إِليه قولًا قاله غَيْرُهُ وادَّعيتَه عَلَيْهِ، وَيُقَالُ: نُحِلَ الشاعرُ قَصِيدَةً إِذا نُسِبَت إِليه وَهِيَ مِنْ قِيلِ غَيْرِهِ"[9]، فالدلالة اللغویة للفظة تحمل معنى الأخذ والانتساب.

 

واصطلاحًا: فالانتحال نسبة الشعر لغیر قائله، سواء أكان ذلك بنسبة شعـر رجل إلى آخـر، أم أن یدَّعي الرجل شعر غیره لنفسه، أم أن ینظم شعرًا وینسبه لشخص شاعر أو غیر شاعر، سواء أكان له وجود تاریخي أم لیس له وجود تاریخي.

 

الاقتباس: اقتبس الشيء تأتي في اللغة العربية بمعنى أخذ، والتعريف الاصطلاحي لعملية الاقتباس هو: أخذ الباحث للمعلومات من مضامين بحثية ومعرفية أخرى، وإلحاقها في مضمون البحث الذي يقوم بإعداده، مع توثيق المراجع التي تمت عملية أخذ المعلومات منها.

 

السرقة العلمية: أخذ معلومات من مضامين معرفية، وإلحاقها بمضامين أخرى، دون توثيق المراجع، ونسبة المعلومات إلى المضمون الأصلي والكاتب الحقيقي، أو أخذ مجهود كُتَّاب آخرين ونسبته لغيرهم دون التوثيق الصحيح والكامل للمراجع التي تحفظ للكُتَّاب الأصليين حقوقهم[10].

 

ففي الجملة الانتحال نوع من السرقات العلمية، إلا أن العلماء خصوا الانتحال بالشعر، والسرقات بالكل، والله أعلم.

 

جهود العلماء قديمًا وحديثًا في نقض الانتحال:

جرت عادة مؤرخي الأدب على ربط هذه القضية بابن سلام الجمحي وكتابه (طبقات فحول الشعراء)، متناسين ومتجاهلين إشارات واضحة الدلالة وردت على ألسنة علماء العربية في النصف الأول من القرن الثاني للهجرة وما تلاه من إخباريين ولغويين؛ كأبي عمرو بن العلاء، وأبي عمرو الشيباني، والأصمعي، وأبي عبيدة معمر بن المثنى، وابن هشام، والسجستاني، والجاحظ، وابن قتيبة.

 

استطراد مهم: الحقيقة أن أي علم أو فن يتكلم فيه مبتدئون حتى يأتي فحل من العلماء يجمع القديم ويؤسس لهذا العلم.

 

لا يتكلم أهل التخصص إلا ويذكرون ابن سلام الجمحي ومحمود شاكر ومصطفى صادق الرافعي وطه حسين، ومن المستشرقين نولدكه ومرجليوث، فعليهم التعويل في قضية الانتحال بين الأخذ والرد، والإنصاف والإجحاف.

 

فمن المنصفين ابن سلَّام وشاكر والرافعي، والمخالف عنده إجحاف شديد، ورد عليهم العلماء كثيرًا؛ فقد شغلت هذه القضية الساحة الأدبية في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي بعد صدور كتاب (في الشعر الجاهلي) لطه حسين عام 1926م، والقارئ لكلام طه حسين يتبين له أنه ما هو إلا ناقل لآراء المستشرقين، ثم سُحِبَ الكتاب من السوق وطُبع مرة أخرى باسم (في الأدب الجاهلي) عام 1927م، بعد حذف لبعض الآراء والأقوال، وممن انتقد طه حسين وكتابه وردَّ عليه الأديب مصطفى صادق الرافعي في كتابه (تحت راية القرآن)، ومحمد لطفي جمعة في كتابه (الشهاب الراصد)، وشيخ الأزهر محمد الخضر حسين، ومحمد فريد وجدي، ومحمد أحمد الغمراوي وأنور الجندي وغيرهم.

 

ونكتفي هنا بعرض القضية عند ابن سلَّام في طبقات فحول الشعراء[11] في نقطتين:

1) أقرَّ ابن سلام بالوضع في الشعر الجاهلي ووجوده فيه بشكل لافت؛ فقال: "وفي الشعر مصنوع مفتعل موضوع كثير لا خير فيه، ولا حجة في عربية، ولا أدب يُستفاد، ولا معنى يُستخرَج، ولا مثل يُضرَب..."[12].

 

2) ذكر ابن سلام أسباب الوضع والانتحال في الشعر الجاهلي، وأرجعها إلى سببين رئيسين:

(أ) العصبية القبلية: فهي من الأسباب التي دعت بعض القبائل إلى وضع الشعر ونسبتها إلى شعرائها في العصر الجاهلي؛ لأنها استقلت شعرها بالمقارنة بأشعار القبائل الأخرى، فيقول: "فلما راجعت العرب رواية الشعر، وذكر أيامها ومآثرها، استقل بعض العشائر شعر شعرائهم، وما ذهب من ذكر وقائعهم، وكان قوم قلَّت وقائعهم وأشعارهم، فأرادوا أن يلحقوا بمن له الوقائع والأشعار، فقالوا على ألسنة شعرائهم"[13].

 

(ب) الرواة الوضَّاعون: فيقول: "ثم كانت الرواة بعد، فزادوا في الأشعار التي قيلت"[14]؛ أ.هـ.

 

وحول أسباب ابن سلَّام يدندن الأدباء والنُقَّاد من مُكْثِر ومُقِل.

 

وقال مؤلفو الأدب في العصر الجاهلي: والحقيقة أن قضيته الانتحال وإن اقترنت بالشعر الجاهلي فإن ثمة آدابًا أخرى أقدم من أدبنا قد اتُّهمت بالنَّحل؛ لأنها رُوِيت في مرحلة من مراحل تطورها رواية شفهية، كالأدب الإغريقي، لا سيما الإلياذة والأوديسة، وقد كان طه حسين أول من أشار إلى ذلك، وجاراه ناصر الدين الأسد محاكاة وتوسعة[15].



[1] راجع الفصل: تاريخ الأدب العربي (العصر الجاهلي) د. شوقي ضيف (صـ 38)، في تاريخ الأدب الجاهلي د. علي الجندي (صـ 7-12)، الأدب في العصر الجاهلي دراسات وتحليل نصوص د. أيمن ميدان و د. أبو اليزيد الشرقاوي ود. أحمد صلاح البنا (صـ 2-4)

[2] الحيوان (1/ 52).

[3] الأدب في العصر الجاهلي دراسات وتحليل نصوص (صـ 4).

[4] بتصرف من تاريخ الأدب العربي (العصر الجاهلي) د. شوقي ضيف (صـ 39)، في تاريخ الأدب الجاهلي، د. علي الجندي (صـ 7وما بعدها).

[5] رواه البخاري (30)، ومسلم (1661).

[6] بتصرف واختصار من كتاب (تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي) د. شوقي ضيف (صـ 176 -182)، في تاريخ الأدب الجاهلي د. علي الجندي (صـ 153-173)، مصادر الشعر الجاهلي ناصر الدين الأسد (الباب الخامس).

[7] تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي (صـ 177).

[8] راجع: تاريخ الأدب العربي (العصر الجاهلي) د. شوقي ضيف (صـ 163-175)، الأدب في العصر الجاهلي دراسات وتحليل نصوص (صـ 29-60)، بحث صغير بعنوان (قضية الانتحال في الشعر الجاهلي)، نجلاء أحمد محمد المالكي، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، قسم اللغة العربية وآدابها، جامعة الملك عبدالعزيز، 1440ه-2019م، في تاريخ الأدب الجاهلي د. علي الجندي (صـ 194-249).

[9] لسان العرب لابن منظور (11/ 651).

[10] نشرت مجلة آفاق العلوم (جامعة الجلفة) بحثًا صغيرًا للباحث معمري المسعود، العدد التاسع، سبتمبر 2017، بعنوان: (ظاهرة السرقة العلمية مفهومها، أسبابها، وطرق معالجتها)، كما نشرت مجلة اتحاد الجامعات العربية للتربية وعلم النفس (جامعة دمشق)، المجلد السادس عشر، العدد الرابع، 2018، بحثًا صغيرًا للدكتور جمال علي الدهشان بعنوان: (محاربة السرقات العلمية مدخلًا لتحقيق جودة البحث التربوي العربي في عصر المعلوماتية)، كلاهما منشوران على شبكة النت استفدت منهما في التعريفات.

[11] للمزيد: راجع المصادر المذكورة.

[12] طبقات الفحول (1/ 4).

[13] طبقات الفحول (1/ 46).

[14] طبقات الفحول (1/ 46).

[15] الأدب في العصر الجاهلي دراسات وتحليل نصوص (صـ 30).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • المفاعيل الخمسة في اللغة العربية
  • الحال في اللغة العربية
  • مكانة اللغة العربية من الدين
  • اعتماد ابن كثير اللغة العربية في تفسيره القرآن الكريم
  • مع الدكتور تمام حسان: نظرات وتدقيقات في كتاب "اللغة العربية معناها ومبناها"
  • متون اللغة العربية (3)
  • مفهوم السنة في اللغة
  • متون اللغة العربية (4)
  • متون اللغة العربية (5)
  • عالمية اللغة العربية بعالمية القرآن الكريم سمة ملازمة لها

مختارات من الشبكة

  • الأحاديث التي اتفق الشيخان على عدم ذكر متونها والتي انفرد البخاري بعدم ذكر متونها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • متون اللغة العربية (1) المقدمة(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • جهود علماء كلية اللغة العربية في مجمع اللغة العربية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مجمع اللغة العربية الفلسطيني يصدر كتاب: مقاربات في تيسير اللغة العربية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مجمع اللغة العربية المدرسي رؤية مستقبلية لتعزيز اللغة العربية(مقالة - حضارة الكلمة)
  • نتائج حول ما أخرجه الشيخان من طريق واحد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خاتمة بحث: الاتفاق والاختلاف في متون ما أخرجه الشيخان من طريق واحد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إزالة الرماد عن لغة الضاد(مقالة - حضارة الكلمة)
  • في حب الضاد شاركت الألوكة مجمع اللغة العربية بالقاهرة احتفالها باللغة العربية(مقالة - الإصدارات والمسابقات)
  • بحث عن جهود مجمع اللغة العربية في حيفا بفلسطين للنهوض باللغة العربية (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب