• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    أهل القرآن (قصيدة)
    إبراهيم عبدالعزيز السمري
  •  
    إلى الشباب (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    ويبك (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
  •  
    الفعل الدال على الزمن الماضي
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    أقسام النحو
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    نكتب المنثور (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
  •  
    اللغة العربية في بريطانيا: لمحة من البدايات ونظرة ...
    د. أحمد فيصل خليل البحر
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي
علامة باركود

شرح نائب الفاعل

أبو أنس أشرف بن يوسف بن حسن

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 13/2/2018 ميلادي - 27/5/1439 هجري

الزيارات: 184106

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

شرح نائب الفاعل [1]

 

هذا الباب ذكر النُّحاة له تسميتينِ:

التسمية الأولى: باب المفعول الذي لم يُسَمَّ فاعله؛ أي: الذي لم يُذكَر معه فاعلُ فعلِه، وهذه التسمية هي التي مشَى عليها ابن آجُرُّوم رحمه الله في آجروميته، وعليها المتقدِّمون، ولكن ابن مالكٍ قد اعترض على هذه التسمية من وجهين[2]:

الوجه الأول: أنها لا تشمل إنابة المصدر والظرف والجار والمجرور.

 

والوجه الثاني: أنها تقتضي جواز إقامة المفعول الثاني في باب (كسا وأعطى) مقام الفاعل، فاعترض على ذلك بأنه من المعلوم عند النحاة أنه لا يصح أن يقال: كُسِيَ زيدًا جُبَّةٌ، ولا: أُعطي زيدًا درهمٌ؛ لأنه لا يقوم مقامَ الفاعل إلا المفعولُ الأول.

 

والتسمية الثانية: باب النائب عن الفاعل، وهذه التسمية هي التي عليها كثيرٌ من المتأخرين، وهي التي مشى عليها ابن مالك[3]، واستحسنها ابن هشام رحمهما الله، وإنما استحسنها ابن مالك وابن هشام؛ لما يلي:

• أنها أفضل وأعَمُّ من التسمية الأولى؛ لأن نائب الفاعل قد يكون مفعولًا به، وقد يكون ظرفًا، وقد يكون جارًّا ومجرورًا، وقد يكون مصدرًا[4].

• أنها أخصر من عبارة المتقدمين[5].

 

واعلم - رحمك الله - أن الكلام قد يكون مؤلَّفًا من:

• فعلٍ.

• مَن قام بهذا الفعل، ويسميه النحاة الفاعل، كما تقدم.

• مَن وقع عليه الفعل، ويسميه النحاة المفعول به.

 

ومثال ذلك: قول الله تعالى: ﴿ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ ﴾ [العنكبوت: 44]، فهذه الآية قد تكوَّنت من الفعل (خلَقَ)، ومن قام بهذا الفعل (الفاعل)، وهو الله عز وجل، ومن وقع عليه فعل الخلق (المفعول به)، وهو (السماوات).

 

وقد يحذف المتكلِّمُ الفاعلَ من هذا الكلام، ويكتفي بذكر الفعل والمفعول، فيُقيم المفعولَ مقام الفاعل، وحينئذٍ يجب عليه أن يغيِّر أمرين، هما:

• صورة الفعل، وصيغته، فيحوَّل الفعل من مبنيٍّ للمعلوم إلى مبني لما لم يسمَّ فاعله[6]؛ إيذانًا بالنيابة[7]، وسيأتي إن شاء الله تعالى قريبًا الكلام على طريقة تغيير صيغة الفعل وصورته بشيء من التفصيل.

 

• وصورة المفعول، فبعد أن كان منصوبًا يصيره مرفوعًا[8]، ويعطيه أحكام الفاعل؛ مِن:

• وجوبِ تأخيره عن فعله، فلا يجوز تقديم نائب الفاعل على الفعل[9]؛ لقيامه مقام الفاعل، والفاعل قد تقدم أنه لا يجوز تقديمه على فعله.

 

• وتأنيثِ فعله له إن كان هو مؤنثًا[10]،[11].

ويُسمَّى هذا الاسم الذي أقيم مُقام[12] الفاعل بعد حذفه، وناب منابه: نائب فاعل[13].

 

وبِناءً على هذا الذي تقدَّم، فإننا يمكننا أن نُعرِّف نائب الفاعل بأنه: اسم مرفوع حل محل الفاعل بعد حذفه، وتغيَّرت معه صورة الفعل الذي تقدم عليه، ويُسمَّى هذا الفعل مبنيًّا لما لم يُسَمَّ فاعله، كما تقدم، ويأخذ هذا النائب حكمَ الفاعل في الأمور التي ذكرناها.

 

وتسمى الجملة المركبة من: الفعل والفاعل، أو الفعل ونائب الفاعل: جملةً فعلية.

وقولنا في التعريف: اسم، خرج به الفعل والحرف، فلا يكون الفعل أو الحرف نائب فاعل.

وقولنا: مرفوع، خرج به المنصوب والمجرور، فلا يكون نائب الفاعل منصوبًا أو مجرورًا.

 

إذًا، وبِناءً على ما تقدم، فإنك يمكنك الآن أن تفهم على سبيل المثال معنى قوله تعالى: ﴿ فَجُمِعَ السَّحَرَةُ ﴾ [الشعراء: 38]، على أساس سليم مبنيٍّ على قواعدَ علميةٍ، فتفهم من تغيير صورة الفعل (جُمِع)[14] أن هذا الفعل مبنيٌّ للمجهول[15]، وتفهم من رفع (السحرة) أنها هنا نائب فاعل، وإذا حكمنا على (السحرة) بأنها نائب فاعل كان أصلها مفعولًا به، والفاعل محذوف، وهو معلوم، وهو فرعون لعنه الله، وعليه؛ فأصل هذه الآية: جمَع فرعونُ السحرةَ.

 

نائب الفاعل كغيره من مرفوعات الأسماء [16] إما أن يُرفع:

• بالحركات، وهي الضمة، وهذه الضمة قد تكون:

ظاهرة؛ نحو قوله تعالى: ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ ﴾ [البقرة: 216]، وقوله عز وجل: ﴿ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ﴾ [البقرة: 210].

 

أو مقدَّرة؛ نحو قوله سبحانه: ﴿ أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ ﴾ [البقرة: 108].

 

• وإما أن يُرفع بالحروف؛ وهي:

الألف، ذلك إذا كان مثنى؛ نحو: قُتِل اليهوديان.

الواو، وذلك إذا كان:

جمع مذكر سالمًا؛ نحو قوله تعالى: ﴿ يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ ﴾ [الرحمن: 41].

أو اسمًا من الأسماء الخمسة؛ نحو: شُتِم أخوك.

 

• وقد يكون إعرابه إعرابًا محليًّا[17]، وذلك إذا كان اسمًا مبنيًّا؛ كأن يكون ضميرًا، أو اسمًا من أسماء الإشارة، أو اسما موصولًا[18]، ومثال ذلك قوله تعالى: ﴿ وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا ﴾ [مريم: 33]، وقوله سبحانه: ﴿ وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ ﴾ [الأحقاف: 20][19].

 

أسباب وأغراض حذف الفاعل:

اعلم - رحمك الله - أن الأسباب والأغراض التي تدعو المتكلمَ إلى أن يحذف مِن كلامه الفاعلَ، ويُعرِض عنه - كثيرةٌ جدًّا، غير أنها على كثرتها وتعدُّدها لا تخلو من أن تكون راجعة إلى:

1- اللفظ.

2- أو تكون راجعة إلى المعنى.

 

أولًا: الأسباب والأغراض الراجعة إلى اللفظ:

من الأغراض اللفظية التي تدعو المتكلمَ إلى حذف الفاعل:

1- قصد المتكلم الإيجاز في العبارة، ومن أروع أمثلة ذلك قوله تعالى: ﴿ وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ ﴾ [النحل: 126][20].

 

2- إصلاح السجع والمحافظة عليه في الكلام المنثور، عن طريق المماثلة بين حركات الحروف الأخيرة، ومن أجمل ما يساق لذلك قولهم في الحكمة: مَن طابت سريرتُه، حُمِدت سيرتُه[21].

 

3- المحافظة على وزن الشعر في الكلام المنظوم؛ نحو قول الأعشى:

عُلِّقتُها[22] عرضًا وعُلِّقَت رجلًا *** غيري وعُلِّق أخرى ذلك الرجلُ[23]

 

ثانيًا: الأسباب والأغراض الراجعة إلى المعنى:

من الأغراض المعنوية التي تدعو المتكلم إلى حذف الفاعل:

1- كون الفاعل معلومًا للمخاطب حتى لا يحتاج إلى ذكره؛ نحو قوله تعالى: ﴿ خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ ﴾ [الأنبياء: 37]، وقوله عز وجل: ﴿ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ﴾ [النساء: 28]، وقوله سبحانه: ﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا ﴾ [المعارج: 19][24].

 

2- كون الفاعل مجهولًا للمتكلم، فهو لا يستطيع أن يُبيِّنه بيانًا واضحًا يعيِّنه؛ كقولك: سُرِق متاعي، إذا لم تعرف السارق، وأصل الكلام: سرق اللصُّ متاعي، فحذف اللص؛ للجهل به.

 

3- رغبة المتكلم في الإبهام على السامع؛ نحو قولك: تُصُدِّق بألف دينار، إذا عرَفت المتصدق، غير أنك لم تُرِدْ إظهاره للمخاطب.

وكقول شخص لآخر: نُقِل إليَّ ذمُّك لي.

 

أو قوله: يُقال عنك كذا وكذا، فلا شك أن هناك شخصًا قد نقل الكلام إلى المتكلم، وهو يعرفه، وكذلك لا شك أن هناك شخصًا قد تحدَّث عن المخاطب بما يقوله المتكلم، وهو يعرفه أيضًا، لكنه لم يُرِدْ إظهاره للمخاطب.

 

4- رغبة المتكلم في إظهار تعظيمه للفاعل، إما:

بصون اسم الفاعل وتنزيهه عن أن يجري على لسان المتكلم.

وإما بصون اسم الفاعل عن أن يقترن بالمفعول به في الذكر؛ نحو أن تقول: خُلِق الخِنزير، ونحو أن تقول: أُصِيب الكافر، إذا كان المُصِيب مسلمًا، فتنزِّه المسلم، فلا تقول: أصاب المسلم الكافر، مثلًا[25].

 

5- رغبة المتكلم في إظهار تحقير الفاعل بصون لسانه عن أن يجري بذكره؛ نحو: طُعِن عمر، ونحو: أُصِيب المسلم، إذا كان الذي أصابه كافرًا، فلا تذكر الفاعل معه؛ تحقيرًا له.

 

6- خوف المتكلم على الفاعل، إذا كان يتوقع أن يناله أحدٌ بمكروه؛ نحو: ضُرِب فلان، إذا عرَفت الضارب، غير أنك خِفْتَ عليه، فلم تذكره، ونحو: شُتِم الأمير، والأصل: شتم الخادم الأمير، فحُذِف (الخادم)؛ خوفًا عليه.

 

7- خوف المتكلم من الفاعل، إذا كان جبارًا، ينال الناسَ بأذاه؛ نحو: سُرِق الحصان، إذا عرَفت السارق، فلم تذكره خوفًا منه؛ لأنه شرير مثلًا، تخاف بطشه وشراسته.

 

8- إذا كان لا يتعلق بذكر الفاعل فائدة؛ نحو قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ﴾ [النساء: 86]، فذكر الذي يُحَيِّي لا فائدة منه؛ وإنما الغرض وجوبُ ردِّ التحية لكل مَن يُحَيِّي.

 

ومثال ذلك أيضًا قوله تعالى: ﴿ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ﴾ [البقرة: 196]، وقوله تعالى: ﴿ إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا ﴾ [المجادلة: 11]، فـ(أُحصِرتم، وقيل)، لا غرض مِن ذكر فاعلهما[26].

 

تغيير صورة الفعل بعد حذف الفاعل[27]

الفعل الذي يُبنَى للمجهول إما أن يكون: مضارعًا أو ماضيًا[28].

وفيما يلي - إن شاء الله تعالى - ذكر كيفية تغيير صورة هذين الفعلين عند بنائهما للمجهول.

 

أولًا: كيفية تغيير صورة الفعل الماضي عند بنائه للمجهول:

الأصل في الفعل الماضي الخالي من التضعيف صحيح العين، سواء كان ثلاثيًّا أم غيره، وسواء كانت أحرفه كلها أصلية، أم كان بعضها زائدًا، عند بنائه للمجهول[29] - أن يُضَم أوله، ويُكسَر ما قبل آخره[30]؛ نحو قوله تعالى: ﴿ خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ ﴾ [الأنبياء: 37]، وقوله سبحانه: ﴿ غُلِبَتِ الرُّومُ ﴾ [الروم: 2]، وقوله عز وجل: ﴿ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ ﴾ [الحاقة: 13].

 

فإن كان الفعل الماضي المراد بناؤه للمجهول مبدوءًا بـ:

1- تاء زائدة، ضُم الحرف الثاني مع الأول عند بنائه للمجهول؛ نحو: تَعلَّم خليلٌ النحوَ، تقول: تُعُلِّم النحو، ونحو: تَسلَّم الشرطيُّ المجرم، تقول: تُسُلِّم المجرم، ونحو: تَصدَّق زيدٌ بألف دينار، تقول: تُصُدِّق بألف دينار، ومثل ذلك أيضًا الأفعال: تُنُودِي - تُشُورِك - تُضُورِب - تُدُحرِج - تُكُسِّر - تُغُوفِل[31].

 

2- وإن كان الفعل الماضي مبدوءًا بهمزة وصل؛ نحو: انطَلَق - استَخرَج - اقتَدَر، وجب ضمُّ الحرف الثالث منه زيادةً على ضم الحرف الأول، فيقال: انطُلِق - استُخرِج - اقتُدِر[32]، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ فَمَنِ اضْطُرَّ ﴾ [البقرة: 173].

 

3- وإن كان ما قبل آخر الفعل الماضي ألفًا، وكان هذا الفعل الماضي ثلاثيًّا؛ نحو: (قال، باع، نام، لام، لان)، أو خماسيًّا على وزن (افتعل)، أو (انفعل)؛ نحو (اختار، اقتاد، انقاد)[33] - قُلِبت هذه الألف ياءً ساكنة، وكُسِر كل متحرك قبلها، فيقال: قِيلَ - بِيع - نِيم - لِيم - لِين - اختِير - اقتِيد - انقِيد[34]، ومن ذلك: قول الله تعالى: ﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا ﴾ [الزمر: 73]، وقوله سبحانه: ﴿ وَغِيضَ الْمَاءُ ﴾ [هود: 44][35].

 

4- إذا كان الفعل الماضي الثلاثي، أو الرباعي، أو الخماسي، أو السداسي، منتهيًا بألف قصيرة؛ فإنها تلفظ ياءً في حالة البناء للمجهول؛ نحو: قضَى - أرضَى - اعتَدَى - استثنَى، يقال فيها عند بنائها للمجهول: قُضِي - أُرضِي - اعتُدِي - استُثنِي، وعلةُ قلب هذه الألف ياءً عند بناء هذا الفعل للمجهول، سهلةٌ ويسيرة؛ وذلك أن الحرف قبل الأخير من الفعل الماضي عند البناء للمجهول لا بد أن يُكسر، والكسرُ لا يناسبه إلا الياء؛ ولذا وجب أن تُقلَب الألف الأخيرة ياءً عند البناء للمجهول.

 

5- إذا اتصل بالفعل الماضي الثلاثي الأجوف - مثل: (قال، باع) - ضميرُ رفع متحرك[36]، سواء كان هذا الضمير للمتكلِّم، أم للمخاطَب، أم للغائب - فإنه ينظر عند بنائه للمجهول في أول حرف فيه، فإن كان مضمومًا في المعلوم كُسِر في المجهول؛ كقولِ العبد: سِمتُ، بكسر السين[37]؛ أي: سامني المشتري، ولا يجوز ضمُّ السين هنا؛ لإيهامه أنه فاعل السَّوْم، مع أن فاعله غيره، وإن كان الحرف الأول من الفعل المراد بناؤه للمجهول مكسورًا في المعلوم ضُمَّ في المجهول؛ نحو قول العبد: بُعتُ، بضم العين[38]؛ أي: باعني سيدي[39].

 

6- وإذا كان الفعل الماضي المراد بناؤه للمجهول ثلاثيًّا مضعفًا؛ نحو: (شدَّ، مدَّ)، فقد أوجب الجمهور ضم حرفه الأول، فنقول: شُدَّ، ومُدَّ، وأصله: شُدِد، مُدِد، بضم الحرف الأول، وكسر ما قبل الآخر (الدال الأولى)، فأدغمت الدال في الدال، فصار (شُدَّ)[40]، والكوفيون أجازوا الكسر، وهي لغة بني ضبة، وقد قرأ علقمة: (هذه بضاعتنا رِدَّت إلينا)، (ولو رِدوا لعادوا لما نهوا عنه)؛ بالكسر فيهما، وذلك بنقل حركة العين إلى الفاء، بعد توهُّم سلب حركتها.

 

فهذه صور ستة من صور تغيير صورة الفعل الماضي عند بنائه للمجهول، وبهذا ينتهي الكلام على الفعل الماضي، وفيما يلي الحديث عن الفعل المضارع.

 

ثانيًا: كيفية تغيير صورة الفعل المضارع عند بنائه للمجهول:

إذا كان الفعل المراد بناؤه للمجهول مضارعًا، وجب ضمُّ أوله[41]، وفتحُ ما قبل آخره[42]؛ سواء كان ثلاثيًّا أم غيره، وسواء كانت أحرفه كلها أصلية أم كان بعضها زائدًا؛ نحو: يَحتَرِم الناسُ العالِمَ؛ فيقال عند البناء للمجهول: يُحترَم العالمُ، بضم الحرف الأول، وفتح ما قبل الآخر، فـ(يُحترم): فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع؛ لتجرُّده من الناصب والجازم، وعلامة رفعه الضمة، و(العالم): نائب فاعل مرفوع.

 

فإن كان ما قبل آخر الفعل المضارع مفتوحًا في الأصل؛ كـ: (يفرح، يلعب، يشرب)، بقي عليه[43].

 

وكذا إن كان أوله مضمومًا في الأصل؛ كـ: أُكرِم، أُقبِل، أُخرِج[44].

 

فإن كان ما قبل آخر الفعل المضارع واوًا أو ياءً؛ مثل: (يصوم، يقول، يبيع، يستطيع، يستتيب)، قُلبت هذه الواو أو هذه الياء ألفًا، مع ضم أوله على الأصل، فيقال: (يُصام، يقال، يباع، يستطاع، يستتاب)، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [المؤمنون: 88].

 

فإن كان الفعل المضارع المراد بناؤه للمجهول مُضعَّفًا؛ نحو: (يَشُدُّ)، ضُمَّ الحرف الأول، وفُتح ما قبل الآخر، على الأصل في بناء الفعل المضارع للمجهول، فيكون الفعل بعد بنائه للمجهول: يُشْدَد، بدالينِ، فتُدغم إحداهما في الأخرى، فيصير: يُشَدُّ[45].



[1] فنائب الفاعل من مرفوعات الأسماء، قال الحريري في (ملحة الإعراب):

واقضِ قضاءً لا يُرَدُّ قائلُهْ *** بالرفعِ فيما لم يُسَمَّ فاعِلُهْ

أي: نائب الفاعل، كما سيأتي قريبًا إن شاء الله تعالى، وقد أتى - رحمه الله - بباب نائب الفاعل بعد باب الفاعل؛ لأن حكمه حكمُ الفاعل في وجوه كثيرة، كما سيظهر لك قريبًا، إن شاء الله تعالى.

[2] ومال رحمه الله إلى تسمية هذا الباب بباب النائب عن الفاعل، كما سيأتي إن شاء الله تعالى عند الحديث عن التسمية الثانية لهذا الباب.

[3] ولكن قال أبو حيان: ولم أرَها لغيره؛ اهـ؛ يعني رحمه الله لغير ابن مالك.

[4] وبناء على هذا الذي ذكرناه هنا من كون نائب الفاعل قد يكون مفعولًا به، وقد يكون ظرفًا، وقد يكون جارًّا ومجرورًا، وقد يكون مصدرًا - يُعلَم أن تسمية هذا الباب بباب المفعول الذي لم يسم فاعله، فيها إغفال لكون نائب الفاعل قد يكون غير المفعول به، ومن هنا تعلم لماذا كانت تسمية هذا الباب بابَ النائب عن الفاعل أعمَّ وأشمل من تسميته بباب المفعول الذي لم يسم فاعله؛ فهذه التسمية الأخيرة حصرت نائب الفاعل في المفعول به فقط.

[5] ويمكن أن يضاف إلى هاتين العلتين علة ثالثة، وهي: أن نائب الفاعل يسمى بهذا الاسم؛ لأنه - كما سيأتي إن شاء الله تعالى - يُعطَى أحكام الفاعل من رفعه وعُمْدِيَّتِه، ووجوب تأخيره عن فعله، وتأنيث الفعل لتأنيثه.

[6] اخترت هنا التعبير بقولي: المبنِي لما لم يُسَمَّ فاعله، ولم أعبِّر بالمبني للمجهول - أي: للمجهول فاعله - لأن التعبير الأول أدقُّ؛ لأنه قد يكون الفاعل معلومًا، لكنه لم يُسَمَّ، وحذف، فقوله تعالى على سبيل المثال: ﴿ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ﴾ [النساء: 28]، الفاعل معلوم، وهو الله عز وجل، لكننا لم نُسَمِّه؛ ولهذا كان تعبير المؤلف بقوله: باب المفعول الذي لم يُسَمَّ فاعله، أحسنَ وأدقَّ من قول بعض النحاة: المبني للمجهول؛ ولذلك أيضًا كان الأَوْلَى لنا عند الإعراب أن نقول: فعل مبني لِما لم يُسَمَّ فاعله.

[7] ويستفاد من هذا: أن الفعل عمومًا ينقسم إلى مبني للمعلوم، ويسميه أيضًا النحاة مبنيًّا للفاعل، وهو ما ذُكر معه فاعله، وذلك كالفعل (قتل) في قوله تعالى: ﴿ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ ﴾ [البقرة: 251]، وإلى مبنيٍّ لما لم يسمَّ فاعله، ويسميه أيضًا النحاة مبنيًّا للمفعول، أو مبنيًّا للمجهول، وهو ما حُذف فاعله، وأنيب عنه غيره؛ كالفعل (قُتل) أيضًا في قوله تعالى: ﴿ قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ ﴾ [الذاريات: 10]، كما تسمى الجملة التي فيها الفعل المبني للمعلوم: مبنيَّةً للمعلوم، بينما تسمى الجملة التي فيها الفعل المبني للمجهول: مبنيةً للمجهول.

[8] والسبب في رفع هذا الاسم هو: أنه حل محل الفاعل، والفاعلُ من مرفوعات الأسماء، فرُفع لحلوله مكانه، وقريب من ذلك أنه إذا حذف المضاف، وحل المضاف إليه مكانه، أخذ المضاف إليه نفس الحكم الإعرابي للمضاف.

فعلى سبيل المثال: قول الصحابي في حديث البحر: إنا نركب البحرَ، بنصب كلمة (البحر) مع أن أصل الكلام: إنا نركب سفينةَ البحرِ، بجرِّ كلمة (البحر)، ولكن لَمَّا حذف المضاف (سفينة)، وهو هنا منصوب على المفعولية، وحل محله المضاف إليه (البحر)، وهو هنا مجرور على الإضافة: نصب مثله؛ لأنه حل محله.

[9] وإن كان نائب الفاعل عندما كان مفعولًا به - جائزَ التقديم على فعله، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ﴾ [المدثر: 1 - 5]، فالكلمات (ربك، ثيابك، الرجز) كلها مفعول به، وقد تقدمت على أفعالها: (كبِّر، طهِّر، اهجُر)، وسيأتي - إن شاء الله تعالى - الحديث عن هذه المسألة بالتفصيل في باب المفعول به.

[10] فإن قال قائل: أليس من الممكن أن يلتبس بذلك نائب الفاعل بالفاعل؛ إذ كل منهما مرفوع، واجب التأخير عن فعله، يؤنَّث فعله له إن كان هو مؤنثًا؟

فالجواب: أن الفيصل في ذلك هو أن نائب الفاعل تُغيَّر معه صورة الفعل؛ فيصبح مبنيًّا لِما لم يُسَمَّ فاعله، بينما الفاعل يبقى الفعل معه على صورته وصيغته الأصلية، وسيأتي قريبًا إن شاء الله الحديث عن كيفية تغيير صورة الفعل عند بنائه لما لم يُسَمَّ فاعله.

والخلاصة: أن نائب الفاعل حكمه حكم الفاعل تمامًا؛ لأنه نائبه، والنائب يقوم مقام المستنيب، ولكن يختلف بأن الفعل معه يتغير من أجل أن نعرف الفرق بين الفاعل ونائب الفاعل.

[11] ومثال ذلك: ضُرِبت هندٌ؛ حيث أسند الفعل (ضُربت) إلى المفعول (هند)، وقام المفعول محل الفاعل؛ إذ أصل (ضُرِبت هندٌ): ضرَب زيدٌ هندًا، فلما حُذف (زيد) الذي هو فاعلٌ حقيقةً، أُسنِد الفعل إلى المفعول، فأنِّث الفعل له - كما يؤنث إذا كان الفاعل مؤنثًا - حتى يوافق تأنيث المفعول، فقيل: ضُربت، ومن ذلك أيضًا قول الله تعالى: ﴿ إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا ﴾ [الزلزلة: 1]، فأصل هذه الآية: إذا زلزل اللهُ الأرض، فلما حُذِف الفاعل اسم الجلالة، وأسند الفعل إلى المفعول (الأرض)، وهو مؤنث؛ أُنِّث الفعل تبعًا له، كما كان يؤنث مع الفاعل المؤنث.

[12] كذا بضم الميم: اسم مكان من (أقام)، ومثال ذلك أيضًا: كلمة (مُفاد) بضم الميم؛ لأنها من الفعل الرباعي (أفاد)، وبِناءً على هذا، فإن ما اشتَهَر على الألسنة في هذه الأيام من قول بعض الناس: تلقَّيت رسالة مَفادها كذا، وبلغتني أخبارٌ مَفادها كذا، بفتح الميم مِن (مفاد) - خطأ ولحن، والصواب ضم الميم.

[13] ونيابة المفعول به مناب الفاعل بعد حذفه أمرٌ لا بد منه؛ وذلك لأن الفاعل عمدة في الجملة الفعلية لا بد من وجوده، فإن لم يكن موجودًا أنيب عنه غيره؛ كالمفعول به في الآية السابقة.

[14] بضم الجيم وكسر الميم، بدلًا من (جَمَع) بفتحهما.

[15] وذلك لأن المعروف أن الفعل الماضي إذا بُني للمجهول ضُمَّ أوله، وكُسر ما قبل آخره، على ما سيأتي بيانه بالتفصيل، إن شاء الله.

[16] فقد تقدَّم أن نائب الفاعل من مرفوعات الأسماء؛ ولهذا يخطئ خطأً بيِّنًا مَن ينصبه، ومِن ذلك: قول بعض الإذاعيين عند قولهم النشرة:

أ- سيُفرَض على كل شخص يغادر البلاد رسمًا قدره خمسون جنيهًا، والصواب: (رسمٌ) بالرفع؛ لأنها نائب فاعل للفعل: (سيُفرَض).

ب- نُسِب إلى مسؤول كبير قولَه، والصواب: (قولُه) بالرفع؛ لأنها نائب فاعل للفعل (نُسِب).

[17] فيقال في إعرابه: في محل رفع، ولا يقال: مرفوع مباشرة.

[18] فكل من الضمير (تاء الفاعل) في (وُلِدتُ)، والضمير المستتر (أنا) في أُبعَث، والاسم الموصول (الذين) في محل رفع، نائب فاعل، ويلاحظ أنه لم يظهر في شيء من هذه الثلاثة إعراب؛ وذلك لأنها مبنيَّة، فكان إعرابها محليًّا، كما هو واضح.

[19] وهذه الثلاثة - كما هو معلوم - من المبنيَّات، وليست من المعربات.

[20] فهذه الآية عامة في جميع الأشياء: في القصاص، والمطعومات، والمشروبات، والموزونات، وغيرها، قال القرطبي رحمه الله في تفسيره 2 / 358: ولا خلاف بين العلماء على تضمين المثل في المطعومات والمشروبات والموزونات؛ اهـ.

وقال أيضًا رحمه الله في نفس الموضع: لا خلافَ بين العلماء أن هذه الآية أصل في المماثلة في القصاص، فمَن قَتَل بشيء قُتِل بمثل ما قَتَل به؛ اهـ، ويدل على ذلك ويُعضَّده الأحاديث التالية:

أ - ما رواه مسلم رحمه الله 3/ 1298 (1671) (14)، عن أنس رضي الله عنه قال: إنما سَمَل النبيُّ صلى الله عليه وسلم أعينَ أولئك؛ لأنهم سَمَلوا أعين الرعاءِ.

ب - وما رواه مسلم رحمه الله أيضًا 3/ 1300 (1672) (17)، عن أنس رضي الله عنه، أن جارية وجد رأسها قد رُضَّ بين حجرين، فسألوها: مَن صنع هذا بك؟ فلان؟ فلان؟ حتى ذكروا يهوديًّا، فأومأَتْ برأسها، فأُخِذ اليهودي، فأقرَّ، فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُرَضَّ رأسُه بالحجارة.

جـ - ما رواه البخاري رحمه الله (5225)، عن أنس رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم عند بعض نسائه، فأرسلَتْ إحدى أمهات المؤمنين بصحفةٍ فيها طعام، فضَرَبَت التي النبي صلى الله عليه وسلم في بيتها يدَ الخادم، فسقطت الصحفة، فانفلَقَت، فجمع النبي صلى الله عليه وسلم فِلَقَ الصَّحفة، ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة، ويقول: ((غارَتْ أمُّكم))، ثم حبس الخادم حتى أتى بصَحْفة مِن عند التي هو في بيتها، فدفع الصحفة الصحيحة إلى التي كُسِرت صحفتها، وأمسك المكسورة في بيت التي كَسَرت.

[21] إذ لو ذُكر الفاعل، فقيل: حمِد الناسَ سيرتَه، لاختلف إعراب الفاصلتين، واختلَّت السجعة؛ إذ إن كلمة (سيرته) ستصير منصوبةً، بينما كلمة (سريرته) في الجملة الأولى مرفوعة، فبُنِي الفعل للمجهول حتى تكون كلمة (سيرته) مرفوعة، والعرب يحافظون على إعراب الفواصل، مثل محافظتهم على إعراب القوافي.

ونحو هذا المثال: مَن حَسُن عملُه، عُرِف فضلُه.

فلو قيلت: عرَف الناسُ فضلَه، لتغيَّرت حركة اللام الثانية، ولم تكن مماثلة للام الأولى.

ونحو هذا المثال كذلك: بانَتْ لنا طرافتُه، وعُجِنَت بالظرافة طينتُه، فبني الفعل (عُجِنت) للمجهول: حتى تكون السجعة واحدة؛ إذ لو قيل: (طينتَه) بالنصب لاختلت السجعة، فبُنِي الفعل للمجهول؛ حتى تكون كلمة (طينته) مرفوعة.

[22] التعليق: المحبة.

[23] ففي هذا البيت ثلاثةُ أفعال مبنية للمجهول، أحدها في قوله: عُلِّقتها، وثانيها في قوله: وعلِّقت رجلًا، وثالثها في قوله: وعلِّق أخرى، وقد بنى الشاعر هذه الأفعال الثلاثة للمجهول بعد أن حذف الفاعل للعلم به، وهو الله تعالى؛ وذلك لقصد تصحيح النظم، وعدم كسر الوزن، ألا ترى أنه لو قال: علقني الله إياها، وعلقها الله رجلًا غيري، وعلق الله أخرى ذلك الرجل، فذكر الفاعل في كل هذه الأفعال المبنية للمجهول، لما استقام له النظم، ولاختل الوزن، وصار حرف الروي (اللام) منصوبًا بدلًا من كونه مرفوعًا.

ومن ذلك أيضًا قول الشاعر:

وما المال والأهلون إلا وَدَائعُ *** ولا بدَّ يومًا أن تُرَدَّ الودائعُ

ففي هذا البيت في الشطر الثاني منه حذف الشاعر الفاعل، وأقام المفعول به مقامه في قوله: (تُرَد الودائعُ)، وأصله: يَرُد الناسُ الودائعَ؛ وذلك للمحافظة على وزن البيت.

[24] والأصل: خَلَق اللهُ الإنسانَ، برفع لفظ الجلالة على الفاعلية، ونصب (الإنسان) على المفعولية، فبُني الفعل (خلق) لما لم يُسَمَّ فاعلُه، وحذف الفاعل الذي هو (الله)؛ للعلم به، وهذا لا يعني أنه لا يجوز ذكره مطلقًا، فقد ورد الفعل (خلق) مسندًا إلى الله عز وجل في نحو قوله تعالى: ﴿ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 44]، وقوله عز وجل: ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾ [التين: 4]، لكن لو بُنِي الفعل للمجهول، فقد يكون هذا هو الغرض، والله أعلم.

ولكن لسائلٍ أن يسأل: لماذا بنَى الله عز وجل الفعل (خلق) لما لم يُسَمَّ فاعله في هذه الآيات الثلاث، بينما بناه للمعلومِ في الآيتين الأخريين؟

والجواب عن ذلك أن يقال: إنه سبحانه إنما بنَى الفعل (خلق) في هذه الآيات الثلاث؛ لأن المقام مقام ذم، لا تكريم، فهو مقام ذكر جانب مُظلِم من طبيعة البشر، والله سبحانه لا ينسب الفعل إلى نفسه في مقام السوء والذم؛ ولذلك في الآيتين الأخريين قال تعالى: ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾ [التين: 4]، وقال سبحانه: ﴿ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ ﴾ [العنكبوت: 44]، فنسب الفعل إلى نفسِه سبحانه في مقام المدح.

[25] ومثال ذلك أيضًا: ضُرِب الزبال، والأصل: ضرب السلطان الزبال، فحذف الفاعل؛ تعظيمًا له.

[26] وقد يمنع من ذكر المتكلم للفاعل: شرفُ الفاعل؛ نحو: عُمِل عملٌ منكَرٌ، إذا عرَفتَ الفاعل فلم تذكره؛ حفظًا لشرفه...، إلى غير ذلك من الأغراض اللفظية والمعنوية التي هي من مباحث البلاغيين في علم المعاني.

[27] اعلم - رحمك الله - أنه بعد حذف الفاعل، وإقامة المفعول به مُقامه، ورفعه بعد أن كان منصوبًا، يلتبس المفعول بالفاعل صورةً، فاحتِيج إلى تمييزِ أحدهما عن الآخر، فأُبقِي الفعل مع الفاعل على أصله، وغُيِّر مع نائبه في الماضي والمضارع؛ ليُعلَم بذلك أنه ليس بفعل الفاعل، وانظر إلى دقة اللغة؛ فإنه لَمَّا حذف الفاعل وأقيم المفعول به مُقامه، صار لا بد من تغيير صورة الفعل، وفيما يلي إن شاء الله ذكر صور التغيير الحاصلة في كل من الفعلين الماضي والمضارع.

[28] ولا يكون فعل أمر؛ لكون الفعل الأمر لا يتأتَّى بناؤه للمفعول؛ لأنه يلزم ذكر فاعله؛ ولأنه إذا بني للمفعول فسَدت صيغته، وفسد معناه:

أما فساد الصيغة، فإنك إذا بنيت الفعل الأمر (أَكرِم) مثلًا للمجهول، ضممت الهمزة؛ قياسًا على الفعل الماضي والمضارع، فكلاهما يُضَم أوله عند بنائه للمجهول، كما سيأتي إن شاء الله تعالى، فإن كسرت الراء التبست بصيغة الماضي المبنية للمجهول، من (أُكرِم)، وإن فتحتها التبست بصيغة المضارع المبني للمفعول أيضًا (أُكرَم).

وأما فساد المعنى، فلأنه يصير حينئذٍ دالًّا على الإخبار، والأمرُ إنما يدل على الطلب.

[29] سيأتي قريبًا إن شاء الله تعالى الكلام على بِناء هذه الأنواع من الأفعال الماضية للمجهول.

[30] وذلك إن لم يكن مكسورًا من قبلُ، فإن كان مكسورًا من قبل، فالأمر واضح؛ مثل (علِم)؛ فإنه لا يحتاج لتغيير ما قبل الآخر؛ لأنه مكسور، فنُغيِّر الحرف الأول فقط بضمه.

إذًا الحرفُ الأول يضم، وما قبل الآخر يُكسَر؛ سواء كان مكسورًا من قبل أم لا.

[31] ومن ذلك: قول الهُذَلي:

سبقوا هَوَيَّ وأعنَقُوا لهواهمُ *** فتُخُرِّمُوا ولكلِّ جنبٍ مصرعُ

اللغة:

هوي، أصله: هواي، فقلَبُوا الألف ياءً، ثم أدغموا الياء في الياء، وهذه لغة هُذَيل، والهوي: ما تهواه النفس وتطلبه.

أعنقوا: سارعوا.

تُخُرِّموا: استأصلهم الموت.

لكل جنب مصرع: يريد لكلِّ إنسان مكانٌ يصرع فيه، فيموت.

المعنى: يقول: إن هؤلاء الأولاد قد سبَقوا ما أرغب فيه، وأحرص عليه، وهو طول أعمارهم، ودوام بقائهم، وبادروا مُسرِعين إلى ما يرغبونه ويحبُّونه، وهو الموت، وجعل الموت هوى من باب المشاكلة، ثم عزَّى نفسه بقوله: إن الموت يلاقيه كل إنسان في هذه الدنيا، فلكل امرئ مكان يدركه فيه الموت.

الشاهد فيه: قوله: تُخُرِّموا، فإنه فعلٌ ماضٍ مبدوء بالتاء الزائدة، فلما بناه للمجهول ضمَّ أوله، وأتبع ثانيه لأوله، فضم التاء والخاء جميعًا، وهذا حكم كل فعل مبدوء بهذه التاء الزائدة عند بنائه للمجهول.

[32] ولهذه النقطة وسابقتها قال بعض النحاة: إن الفعل الماضي يُبنَى للمجهول بكسر ما قبل آخره، وضمِّ كل متحرك قبله.

[33] فالفعلان (اختار، واقتاد) وزنهما (افتَعَل)، حروف الزيادة فيهما - على الوزن (فعل) - هي الألف الأولى والتاء، أما الألف الثانية بعد التاء، فهي عين الفعل، وأما الفعل (انقاد) فوزنه (انفعل)، حروف الزيادة فيه - على الوزن (فعل) - هي الألف الأولى والنون؛ لأن أصل هذا الفعل: (قاد يقود)؛ مثل: (قال يقول)، فالألف التي بعد القاف أصلها واو، وهي عين الفعل.

[34] فهذا هو حكم الفعل الثلاثي والخماسي معلِّ العين.

فإن كان الفعل الماضي معلُّ العين المراد بناؤه للمجهول رباعيًّا؛ نحو: (أقام)، فإن ألفه تقلب ياءً ساكنة، كما فعلنا في الثلاثي والخماسي تمامًا، ولكن يختلف الرباعي هنا في أن الذي يُكسَر إنما هو الحرف الذي قبل الياء فقط، أما أول الفعل الرباعي، فإنه يضم على الأصل في بناء الفعل الماضي للمجهول، فيقال: أُقِيمَ.

وإن كان الفعل الماضي معلُّ العين المراد بناؤه للمجهول سداسيًّا؛ نحو: (استتاب، استعاد)، فإن ألفه تقلب ياءً ساكنة كذلك، ولكن الذي يُكسَر هو فقط الحرفُ الذي قبل الياء، وليس كل حرف متحرِّك قبلها، كما فعلنا في الثلاثي والخماسي؛ ولذلك هنا في الفعل السداسي تضم همزة وصله وثالثه، على ما ذكرناه قبلُ عند الحديث على بناء الفعل الماضي المبدوء بهمزة وصل للمجهول، وعليه؛ فإنه يقال في هذين الفعلين عند بنائهما للمجهول: استُتِيب، استُعِيد.

فائدة: ذكرنا الآن أنه عند بناء الفعل الماضي الثلاثي والخماسي معلِّ العين للمجهول، أنه تقلب ألفه ياءً ساكنة، ويكسر كل حرف متحرك قبلها، إلا أن هناك لغةً أخرى ذكرها النحاة، وهي أن يقلب حرف الألف واوًا ساكنة، بدلًا من الياء، ويضم كل حرف متحرك قبلها، بدلًا من كسره، فيقال في الأمثلة الماضية: قُول - بُوع - نُوم - لُوم - لُون - اختُور - اقتُود - انقُود، وهذه اللغة منسوبة لبني فَقْعَس ودُبَير، وهما من فصحاء بني أسد، ولكن قال عنها ابن هشام في (القطر) صـ 191: وهي لغة قليلة؛ اهـ، وقد ورد بها قول رؤبة:

ليتَ وهل ينفعُ شيئًا ليتُ *** ليتَ شبابًا بُوعَ فاشتريتُ

والشاهد في هذا البيت: قوله: بوع؛ فإنه فعل ثلاثي معتلُّ العين، فلما بناه للمجهول أخلص ضم فائه، وعلى هذه اللغة أيضًا قول الشاعر:

حُوكَت على نِيرَينِ إذ تُحاكُ *** تختبطُ الشوكَ ولا تُشاكُ

وقد قرئ بهذه اللغة قوله تعالى: ﴿ وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ ﴾ [هود: 44].

[35] فكلٌّ من (سيق، وغيض): فعلٌ ماضٍ مبني للمجهول، مبني على الفتح؛ لعدم اتصاله بضمير رفع متحرك، ولا واو جماعة، والذين: اسم موصول مبني على الفتح، في محل رفع، نائب فاعل، والماء: نائب فاعل مرفوع، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة، والأصل: غاض الله الماء، فحذف الفاعل، وناب المفعول به منابه، (وغيض) معناه: نضب الماء من الأرض.

[36] ضمائر الرفع المتحركة هي: (تاء الفاعل، ونا الفاعلين، ونون النسوة)، ويكون هذا الضمير حينئذٍ هو النائب عن الفاعل.

[37] كسرت السين هنا؛ لأن هذا الفعل في المعلوم مضموم السين، وتُعرَب تاء الفاعل هنا نائب فاعل.

[38] وإنما ضمت الباء هنا؛ لأن هذا الفعل في المعلوم مكسور الباء، وتعرب تاء الفاعل هنا أيضًا نائب فاعل، ولا يجوز كسر الياء، فلا تقول: بِعت، وأنت تريد المبني للمجهول؛ لإيهامه أنه فاعل البيع، مع أن فاعله غيره، ومثال ذلك أيضًا: قولك: خُفت؛ أي: أخافني الغير - وجُئت؛ أي جاءني غيري - بُعنا - بُعن...، وهكذا.

[39] وهذا هو رأي ابن مالك رحمه الله، وفي المسألة خلاف، وانظر: معجم القواعد العربية؛ لعبدالغني الدقر صـ 528.

[40] ومن ذلك: قول الشاعر:

وإن مُدَّتِ الأيدي إلى الزادِ لم أكُنْ *** بأعجلِهم إذ أجشعُ القومِ أعجلُ

الشاهد فيه: قوله: مُدَّت الأيدي؛ حيث حذف الفاعل، وأقام المفعول به مُقامه، وأصل الكلام: مَدَّ القوم الأيدي، فحذف (القوم) الذي هو فاعل، وأقام (الأيدي) الذي هو المفعول به مقامَه، وضم أول الفعل، وكسر ما قبل آخره؛ للدلالة على أنه مسندٌ للنائب عن الفاعل، فإن قلت: فأين كسر ما قبل الآخر؟ قلت: هو مقدَّر، لا يمنع من ظهوره إلا الإدغام في الحرف الذي من جنسه.

[41] إذًا يُؤخَذ من هذا، ومما قلناه قبلُ في الفعل الماضي، أن الفعل أيًّا كان نوعه - ماضيًا كان أو مضارعًا - فإنه عند بنائه للمجهول يُحرَّك أوله بالضم.

[42] وهذا بخلاف الفعل الماضي، فإنه - كما تقدَّم - يُكسر ما قبل آخره.

[43] فتقول مثلًا: يرضى، للفاعل، وتقول: يُرضَى، لنائب الفاعل، فيلاحظ أن الضاد مفتوحة في الحالتين، لكن أوله يُضم.

[44] تقول: (يُكرِم) بضم الياء، وكسر الراء، للفاعل، وتقول: (يُكرَم) بضم الياء، وفتح الراء، لنائب الفاعل، فلا بد من الاختلاف، لكن الذي اختلف في (يكرم) ما قبل الآخر، أما أوله، فقد بقي مضمومًا، كما هو في البناء للمعلوم.

[45] ومن أمثلة بناء الفعل المضارع لما لم يُسمَّ فاعله في القرآن: قوله تعالى: ﴿ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا ﴾ [الأنبياء: 47]، ﴿ يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ ﴾ [القلم: 42].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • نائب الفاعل
  • من أنواع الاختصار في النحو: نائب الفاعل والتنازع والاستثناء
  • أقسام نائب الفاعل
  • اسم الفاعل: تعريفه وأوزانه
  • الفاعل في اللغة العربية
  • النائب عن الفاعل في اللغة العربية

مختارات من الشبكة

  • العناية بشروح كتب الحديث والسنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح (الفاعل - النائب عن الفاعل) متممة الآجرومية(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • شرح قاعدة: يضاف الفعل إلى الفاعل لا الآمر ما لم يكن مجبرا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عناية العلماء بالعقيدة الواسطية(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح كتاب الأذان (الشرح الصوتي)(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • التمهيد شرح مختصر الأصول من علم الأصول (الشرح الصوتي)(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • إتحاف العباد بشرح كتاب الزاد: شرح كتاب الصلاة إلى باب الأذان والإقامة من زاد المستقنع (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • اللباب في شرح الكتاب شرح لمختصر القدوري في الفقه الحنفي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مخطوطة شرح الجزرية (الحواشي المفهمة في شرح المقدمة) (النسخة 2)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • تسهيل المسالك بشرح كتاب المناسك: شرح كتاب المناسك من كتاب زاد المستقنع (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 


تعليقات الزوار
1- ممتاز
رامي - الجرائر 16-12-2019 08:32 PM

أفضل وأجمل موقع..

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب