• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    أهل القرآن (قصيدة)
    إبراهيم عبدالعزيز السمري
  •  
    إلى الشباب (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    ويبك (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
  •  
    الفعل الدال على الزمن الماضي
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    أقسام النحو
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    نكتب المنثور (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
  •  
    اللغة العربية في بريطانيا: لمحة من البدايات ونظرة ...
    د. أحمد فيصل خليل البحر
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي
علامة باركود

دراسات مصطلحية: لفظ التأويل أنموذجا

دراسات مصطلحية: لفظ التأويل أنموذجا
عيادي عبدالصمد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 25/9/2017 ميلادي - 4/1/1439 هجري

الزيارات: 23741

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

دراسات مصطلحية

لفظ التأويل أنموذجًا

 

مقدمة:

لقد أصبحنا اليوم في حاجة ماسة إلى الاهتمام بالدراسة المصطلحية، والعودة إلى فَهْم كتاب الله عز وجل فهمًا دقيقًا وتذوُّق ألفاظه، كما كانت تتذوقها العرب.

 

فالدراسة المصطلحية هدفها العودة إلى الأصل والأخذ منه في كل مجالاته، فالقرآن الكريم ليس بحاجة إلى ألفاظ تعبر عما في داخله من معانٍ، لذا ففهمُه كما أُنزل سيؤدي بنا إلى تطبيقه كما أمرنا الله عز وجل، ولما ابتعدنا عن اللغة العربية التي أُنزل بها القرآن، أصبحنا بحاجة إلى شرح كلمات القرآن، وهذا أفقدنا تذوقه، لذا فالدراسة المصطلحية إذا أُحسِن فهمها وتطبيقها، فستكون فتحًا على الأمة.

 

من هنا سأحاول تطبيق منهج الدراسة المصطلحية على لفظ "التأويل"، وسوف أدرسه من خلال ثلاثة محاور؛ الأول: الإحصاء، الثاني: الدراسة المعجمية، الثالث: الدراسة النصية.

أولاً: الإحصاء:

سأقوم بإحصاء لفظ "التأويل" في القرآن الكريم ثم في السنة النبوية، وسأقتصر على الصحيحين.

أ- إحصاء لفظ التأويل في القرآن الكريم:

ورد لفظ "التأويل" في القرآن الكريم:17مرة[1]:

الماضي

المضارع

الأمر

المبني للمجهول

اسم الفاعل

اسم المفعول

المصدر

صيغ المبالغة

....

.....

.....

.......

......

.....

ورد مصدرًا سبع عشرة مرة على صيغة (تفعيل) وصيغة (تفعيلًا).

......

 

• تأويل: وردت ثماني مرات بضم وفتح اللام.

• تَأْوِيلًا: وردت مرتين.

• تَأْوِيله: وردت سبع مرات بضم وفتح وكسر اللام.

• الملاحظ من خلال الإحصاء أن لفظ التأويل لم يرد فعلًا، وهذا قد يدل على أن التأويل ليس خاصًّا بكل الناس إذا ارتبط بتأويل الأحلام، وأما إذا ارتبط بكلام الله تعالى، فهو يدل على أنه خاص بالله تعالى هو الذي يعلمه.

 

ب- إحصاء لفظ التأويل في السنة النبوية (الصحيحين):

لم يرد لفظ التأويل في الصحيحين بأي صيغة معينة؛ (حسب بحثي وتتبعي له).

ثانيًا: الدراسة المعجمية:

أ‌- في المعاجم اللغوية:

معجم العين للخليل الفراهيدي (ت 170هـ):

قال الخليل في مادة "أول": "آل يَؤُول إليه: إذا رجع إليه، تقول: طبخت النبيذ والدواء، فآل إلى قدر كذا وكذا، إلى الثلث أو الربع؛ أي: رجع، والآل: السراب، وآل الرجلِ: ذو قَرابته وأهل بيته، وآل البعير: أَلواحه وما أشرف من أَقطار جسمه، قال الأخطل:

من اللواتي إذا لانت عريكتُها *** يبقى لها بعدَه آلٌ ومَجلودُ

وآل الخَيمة: عُمدها، قال:

فلم يَبْقَ إلا آلُ خَيْمٍ مُنَضَّدِ

هذا اسم لزم الجمع، وآلُ الجَبَل: أطرافه ونواحيه، والآلة: الشديدة من شدائد الدهر"[2].

 

استنتاج:

التأويل مأخوذ من آل يؤول بمعنى رجع، التأويل *** الرجوع.

تهذيب اللغة للإمام الأزهري (ت370هـ):

وأما (التأويل)، فَقيل: مَن أوَّل يُؤوِّل تَأْوِيلًا.

وثُلاثيه: آل يَؤول؛ أَي: رَجع وعاد.

وسُئل أَحْمد بن يحيى عن (التأويل)، فقال: التأويل والتغيير واحد.

قلت: أُلت الشيءَ: جمعته وأصلحته، فكأن (التأويل) جمع معان مشكلة بلفظ واضح لا إشكال فيه.

وقال بعض العرب: أول الله عليك أمرك؛ أي: جمعه.

وإذا دعوا عليه قالوا: لا أوَّل الله عليك شملك.

ويقال في الدعاء للمضل: أول الله عليك؛ أي: رد الله عليك ضالتك وجمعها لك.

ويقال: تأولت في فلان الأجر؛ أي: تحرَّيته وطلبته.

الليث: التأول والتأويل: تفسير الكلام الذي تختلف معانيه، ولا يصح إلا ببيان غير لفظه، وأنشد:

نحن ضربناكم على تنزيله *** فاليوم نَضربكم على تأويله

وأما قوله تعالى: ﴿ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ ﴾ [الأعراف: 53].

قال أبو إسحاق: معناه: هل ينظرون إلا ما يؤول إليه أمرهم من البعث.

 

قيل: وهذا التأويل هو قوله جل وعز: ﴿ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ﴾ [آل عمران: 7]؛ أي: لا يعلم متى يكون أمر البعث، وما يؤول إليه الأمر عند قيام الساعة إلا الله ﴿ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ ﴾ [آل عمران: 7]؛ أي: آمنا بالبعث، والله أعلم.

قلت: وهذا الذي قاله حسن[3].

وقال أبو عبيد في قول الله تعالى: ﴿ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ﴾ [آل عمران: 7].

التأويل: المرجع والمصير، مأخوذ مِن آل يؤول إلى كذا؛ أي: صار إليه.

وأوَّلته: صيَّرتُه إليه[4].

 

استنتاج:

ترجع مادة "أول" إلى معان متقاربة وهي: (التغيير، رجع وعاد، تحرَّيته وطلبته، تفسير الكلام، ما يؤول إليه أمرهم من البعث).

مقاييس اللغة لابن فارس (ت 395هـ):

(أول) الهمزة والواو واللام أصلان: ابتداء الأمر وانتهاؤه.

فالأول، وهو مبتدأ الشيء، والمؤنثة الأولى، مثل أفعل وفعلى، وجمع الأولى أوليات مثل الأخرى.

والأصل الثاني قال الخليل: الأيل الذكر من الوعول، والجمع أيائل، وإنما سمي أيلًا؛ لأنه يؤول إلى الجبل يتحصن؛ قال أبو النجم:

كأنَّ في أَذنابهنَّ الشُّوَّلِ *** مِن عبسِ الصيفِ قرونَ الأَيِّلِ

وقولهم: آل اللبن؛ أي: خثَر من هذا الباب؛ وذلك لأنه لا يَخثُر إلا آخر أمره.

قال الخليل أو غيره: الإيال على فعال: وعاء يجمع فيه الشراب أيامًا حتى يجود.

وآل يؤول؛ أي: رجع، قال يعقوب: يقال: "أول الحكم إلى أهله"؛ أي: أرجعه ورده إليهم.

قال الخليل: آل اللبن يؤول أَوْلًا وأوولًا: خثَر، وكذلك النبات.

 

قال أبو زيد: آل اللبن على الإصبع، وذلك أن يروب، فإذا جعلت فيه الإصبع قيل: آل عليها. وآل القطران: إذا خثَر، وآل جسم الرجل: إذا نحف، وهو من الباب؛ لأنه يحور ويحري؛ أي: يرجع إلى تلك الحال، والإيالة السياسة من هذا الباب؛ لأن مرجع الرعية إلى راعيها.

قال الأصمعي: آل الرجل رعيته يؤولها: إذا أحسن سياستها.

وتقول العرب في أمثالها: "ألنا وإيل علينا"؛ أي سُسنا وساسنا غيرُنا.

إِنما هو تفتعله من أُلته؛ أي: أصلحته، ورجل آيل مال، مثال خائل مال؛ أي: سائسه.

 

قال الأصمعي: يقال: رددته إلى آيلته؛ أي: طبعه وسوسه، وآل الرجل أهل بيته من هذا أيضًا؛ لأنه إليه مآلهم وإليهم مآله، وهذا معنى قولهم: يال فلان، وقال طرفة:

تَحسَب الطرفَ عليها نجدة *** يالَ قومي للشبابِ المُسبكرّْ

 

ومن هذا الباب تأويل الكلام، وهو عاقبته وما يؤول إليه، وذلك قوله تعالى: ﴿ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ ﴾ [الأعراف: 53]؛ يقول: ما يؤول إليه في وقت بعثهم ونشورهم، وقال الأعشى:

على أنها كانت تَأوُّلُ حبِّها *** تأوُّلُ رِبعي السِّقابِ فأَصْحَبا

يريد مرجعه وعاقبته، وذلك من آل يؤول..[5].

 

استنتاج:

ترجع مادة "أول" إلى معنيين، الأول بمعنى ابتداء الشيء؛ أي: أوله، والثاني هو الرجوع، وتلك المعاني المتفرعة من مادة "أول" تعني:

مبتدأ الشيء، آخر أمره، رجع، خثر، يرجع إلى تلك الحال، مرجعه وعاقبته.

الصحاح تاج اللغة للجوهري 393 هـ:

[أول] التأويل: تفسير ما يؤول إليه الشيء، وقد أولته وتأوَّلته [تأوُّلًا] بمعنى، ومنه قول الأعشى

على أنها كانت تَأوُّلُ حبِّها *** تأوُّلُ رِبعي السِّقابِ فأَصْحَبا

 

قال أبو عبيدة: يعني تأول حبها؛ أي: تفسيره ومرجعه؛ أي: إنه كان صغيرًا في قلبه، فلم يزل ينبت حتى أصحب، فصار قديمًا كهذا السقب الصغير، لم يزل يشب حتى صار كبيرًا مثل أمه وصار له ابن يصحبه، وآل الرجل: أهله وعياله، وآله أيضًا: أتباعه.

قال الأعشى:

فكَذَّبُوها بما قالت فصَبَّحَهم *** ذُو آلِ حَسَّانَ يُزْجِي الموتَ والشِّرعا

 

يعني جيش تبع، والآل: الشخص، والآل: الذي تراه في أول النهار وآخره كأنه يرفع الشخوص، وليس هو السراب، قال الجعدي:

حتى لحِقناهم تُعدى فوارسُنا *** كأننا رَعْنُ قُفٍّ يَرفع الآلا

 

أراد يرفعه الآل، فقلبه، والآلة: الأداة، والجمع الآلات، والآلة أيضًا: واحدة الآل والآلات، وهي خشبات تُبنى عليها الخيمة، ومنه قول كثير يصف ناقةً ويشبه قوائمها بها:

وَتُعْرَفُ إنْ ضلَّتْ فتُهدى لربِّها *** لموضعِ آلاتٍ مِن الطَّلحِ أربعِ

 

والآلة: الجنازة؛ قال الشاعر:

كلُّ ابنِ أُنثى وإن طالتْ سلامتُه *** يومًا على آلةٍ حدباءَ مَحمولُ

 

والآلة: الحالة، يقال: هو بآلة سوء، قال الراجز:

قد أركبُ الآلةَ بعدَ الآلهْ *** وأتركُ العاجزَ بالجدالهْ

 

والجمع آل، والإيالة: السياسة؛ يقال: آل الأمير رعيته يؤولها أولًا وإيالًا؛ أي: ساسها وأحسن رعايتها، وفي كلام بعضهم: "قد أُلنا وإيل علينا"، وآل ماله؛ أي: أصلحه وساسه، والائتيال: الإصلاح والسياسة؛ قال لبيد:

بصَبُوحِ صافيةٍ وجَذْبِ كَرينةٍ *** بِمُؤَتَّرٍ تَأْتالُه إبهامُها

 

وهو تفتعله مِن أُلت، كما تقول تقتاله مِن قُلت؛ أي: تصلحه إبهامها، وآل؛ أي: رجع؛ يقال: طبخت الشراب، فآل إلى قدر كذا وكذا؛ أي: رجع، وآل القطران والعسل؛ أي: خثَر، والآيل اللبن الخاثر، والجمع أُيَّل، مثل قارح وقُرَّح، وحائل وحُوَّل، ومنه قول الفرزدق:

وكأَنَّ خاثِرَه إذا ارْتَثَؤُوا بِهِ *** عسلٌ لهم حُلِبتْ عليه الأُيَّل

وهو يُغلم.

 

قال النابغة:

وبِرْذَونةٍ بلَّ البَراذينُ ثَغرَها *** وقد شَرِبتْ مِن آخر الصَّيف أُيَّلا

والأيل أيضًا: الذكر من الأوعال، ويقال: هو الذي يسمى بالفارسية كوزن، وكذلك الإيل بكسر الهمزة[6].

 

استنتاج:

حسب الجوهري مدار مادة "أول" وما يشتق منها يفيد معانيَ منها: (المرجع والمصير، الإصلاح، التفسير)، وهنا قد أضاف الإمام الجوهري إلى ما تقدم معنى آخر للتأويل وهو معنى التفسير.

 

مختار الصحاح للرازي الحنفي زين الدين ( ت666هـ):

أول: (التأويل) تفسير ما يؤول إليه الشيء، وقد (أوله) تأويلًا و(تأوله) بمعنى، و(آل) الرجل أهله وعياله، و(آله) أيضًا أتباعه، و(الآل) الشخص، والآل أيضًا الذي تراه في أول النهار وآخره كأنه يرفع الشخوص وليس هو السراب، و(الآلة) الأداة وجمعه (آلات)، و(الآلة) أيضًا الجنازة. و(الإيالة) السياسة؛ يقال: (آل) الأمير رعيته من باب قال، و(إيالًا) أيضًا؛ أي: ساسها وأحسن رعايتها، و(آل) رجع وبابه قال، يقال: طبخ الشراب فآل إلى قدر كذا وكذا؛ أي: رجع، و(الأُيَّل) بضم الهمزة وكسرها: الذكر من الأوعال، وأوَّل موضعه: وأل[7].

 

استنتاج:

مدار كلمة "أول" هو (التفسير، الأهل، الآلة، السياسة، الذكر من الأوعال)، وأيضًا فقد أضاف الإمام زين الدين معنى التفسير للفظ التأويل.

 

لسان العرب لابن منظور (ت 774هـ):

أول: الأول: الرجوع، آل الشيء يؤول أولًا ومآلًا: رجع، وأول إليه الشيء: رجعه، وألت عن الشيء: ارتددت، وفي الحديث: ((مَن صام الدهر فلا صام ولا آل))؛ أي: لا رجع إلى خير، والأول الرجوع ..... قال ابن الأثير: هو مِن آل الشيء يؤول إلى كذا؛ أي: رجع وصار إليه، والمراد بالتأويل: نقل ظاهر اللفظ عن وضعه الأصلي إلى ما يحتاج إلى دليل، لولاه ما ترك ظاهر اللفظ؛ ومنه حديث عائشة رضي الله عنها: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: ((سبحانك اللهم وبحمدك))، يتأوَّل القرآن، تعني أنه مأخوذ من قوله تعالى: ﴿ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ ﴾ [النصر: 3]، وفي حديث الزهري قال: قلت لعروة: ما بال عائشة تتم في السفر يعني الصلاة؟ قال: تأولت كما تأول عثمان؛ أراد بتأويل عثمان ما روي عنه أنه أتم الصلاة بمكة في الحج، وذلك أنه نوى الإقامة به.

 

التهذيب: وأما التأويل فهو تفعيل من أول يؤول تأويلًا، وثلاثِيُّه آل يؤول؛ أي: رجع وعاد، وسئل أبو العباس أحمد بن يحيى عن التأويل، فقال: التأويل والمعنى والتفسير: واحد، قال أبو منصور: يقال ألت الشيء أؤوله: إذا جمعته وأصلحته، فكان التأويل جمع معاني ألفاظ أشكلت بلفظ واضح لا إشكال فيه.

 

وقال بعض العرب: أول الله عليك أمرك؛ أي: جمعه، وإذا دعوا عليه، قالوا: لا أول الله عليك شملك، ويقال في الدعاء للمضل: أول الله عليك؛ أي: رد عليك ضالتك، وجمعها لك، ويقال: تأولت في فلان الأجر: إذا تحريته وطلبته.

 

الليث: التأول والتأويل: تفسير الكلام الذي تختلف معانيه، ولا يصح إلا ببيان غير لفظه، وأنشد:

نحن ضربناكم على تنزيله *** فاليوم نضربكم على تأويله

وأما قول الله عز وجل: ﴿ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ ﴾ [الأعراف: 53].

 

فقال أبو إسحاق: معناه: هل ينظرون إلا ما يؤول إليه أمرهم من البعث، قال: وهذا التأويل هو قوله تعالى: ﴿ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ﴾ [آل عمران: 7]؛ أي: لا يعلم متى يكون أمر البعث وما يؤول إليه الأمر عند قيام الساعة إلا الله، ﴿ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُ ﴾ [آل عمران: 7]؛ أي: آمنا بالبعث، والله أعلم؛ قال أبو منصور: وهذا حسن، وقال غيره: أعلم الله جل ذكره أن في الكتاب الذي أنزله آيات محكمات هنَّ أم الكتاب، لا تشابه فيه فهو مفهوم معلوم، وأنزل آيات أُخر متشابهات تكلَّم فيها العلماء مجتهدين، وهم يعلمون أن اليقين الذي هو الصواب لا يعلمه إلا الله، وذلك مثل المشكلات التي اختلف المتأولون في تأويلها، وتكلم فيها من تكلم على ما أداه الاجتهاد إليه، قال: وإلى هذا مال ابن الأنباري، ورُوِي عن مجاهد: هل ينظرون إلا تأويله، قال: جزاءه، يوم يأتي تأويله، قال: جزاؤه، وقال أبو عبيد في قوله: ﴿ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ﴾، قال: التأويل: المرجع والمصير، مأخوذ من آل يؤول إلى كذا؛ أي: صار إليه، وأولته: صيرته إليه. الجوهري: التأويل: تفسير ما يؤول إليه الشيء، وقد أولته تأويلًا وتأولته بمعنى[8].

 

استنتاج:

معنى مادة "أول": (الرجوع، المصير، الجزاء، صرف ظاهر اللفظ، الجمع، التحري والطلب، تفسير الكلام، تفسير ما يؤول إليه الشيء).

المصباح المنير في شرح غريب الكبير للفيومي (ت770هـ):

(ءول): آل الشيء يؤول أولًا ومآلًا: رجع، والإيال: وزان كتاب اسم منه، وقد استُعمل في المعاني، فقيل: آل الأمر إلى كذا، والموئل المرجع وزنًا ومعنًى، وآل الرجل ماله إيالة بالكسر: إذا كان من الإبل والغنم يصلح على يديه، وآل رعيته ساسها، والاسم الإيالة بالكسر أيضًا، والآل أهل الشخص وهم ذوو قرابته[9].

 

استنتاج:

معنى "أول" يدور حول: (المرجع، الرجوع، السياسة، القرابة، صلح).

تاج العروس للزبيدي (ت1205):

"أول": آل إليه يؤول أولًا ومآلًا: رجع، ومنه قولهم: فلان يؤول إلى كرم، وطبخت الدواء حتى آل المنان منه إلى من واحد، وفي الحديث: ((من صام الدهر فلا صام ولا آل))؛ أي: لا رجع إلى خير، وهو مجا،. آل عنه: ارتد، آل الدهن وغيره كالقطران والعسل واللبن والشراب أولًا، وإيالًا بالكسر: خثَر، فهو آيل، وألته أنا أؤوله أولًا، فهو لازم متعد قاله الليث، وقال الأزهري: هذا خطأ، إنما يقال: آل الشراب: إذا خثر وانتهي بلوغه من الإسكار، ولا يقال: ألت الشراب، ولا يعرف في كلام العرب وآل الملك رعيته يؤول إيالًا بالكسر: ساسهم وأحسن رعايتهم، وآل على القوم أولًا وإيالًا وإيالة بكسرهما: وَلِيَ أمرهم، وفي كلام بعضهم: قد ألنا وإيل علينا، وآل المال أولًا: أصلحه وساسه، كائتاله ائتيالًا، وهو افتعال من الأول؛ قال لبيد رضي الله عنه:

بصَبُوحِ صافيةٍ وجَذْبِ كَرينةٍ *** بِمُؤَتَّرٍ تَأْتالُه إبهامُها

 

وهو يفتعله من ألت، كما تقول: تقتاله من قلت؛ أي: يصلحه إبهامها، ويقال: هو مؤتال لقومه، مقتال عليهم؛ أي: سائس محتكم؛ كما في الأساس، آل الشيء مآلًا: نقص كحار محارًا وآل فلان من فلان: نجا، وهي لغة للأنصار في وأل يقولون: رجل آيل، ولا يقولون: وائل ... آل لحم الناقة: ذهب فضمرت؛ قال الأعشى:

(أكللتُها بعدَ المرا *** حِ فآلَ مِن أصلابِها

 

أي: ذهب لحم صلبها، وأوله إليه تأويلًا: رجعه، وأول الله عليك ضالتك: رد ورجع، والإيَّل، كقِنَّب وخُلَّب وسيِّد، الأخيرة حكاها الطوسي عن ابن الأعرابي، كذا في تذكرة أبي علي، والأولى الوجه: الوعل الذكر، عن ابن شميل، والأنثى بالهاء، باللغات الثلاثة، وهي الأروية أيضًا، قال: والإيل: هو ذو القرن الشعث الضخم، مثل الثور الأهلي، وقال الليث: إنما سمي إيلًا؛ لأنه يؤول إلى الجبال، يتحصن فيها، وأنشد لأبي النجم:

كأنَّ في أَذنابهنَّ الشُّوَّلِ *** مِن عبسِ الصيفِ قرونَ الأَيِّلِ

 

وقد تقلب الياء جيمًا؛ كما سبق ذلك في أج ل، والجمع: الأيايل عن الليث، وأول الكلام تأويلًا، وتأوله: دبره وقدره وفسَّره؛ قال الأعشى:

عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ تَأَوُّلُ حُبِّهَا *** تَأَوُّلَ رِبْعِيِّ السِّقَابِ فَأَصْحَبَا [10]

 

استنتاج:

"أول" تدور حول معاني: (الرجوع، السياسة والرعاية، التدبير والتقدير والتفسير).

ب - معنى التأويل في المعاجم الاصطلاحية:

التعريفات للجرجاني (ت 816هـ):

التأويل: في الأصل: الترجيع، وفي الشرع: صرف اللفظ عن معناه الظاهر إلى معنى يحتمله، إذا كان المحتمل الذي يراه موافقًا للكتاب والسنة، مثل قوله تعالى: ﴿ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ ﴾ [الأنعام: 95]، إن أراد به إخراج الطير من البيضة كان تفسيرًا، وإن أراد به إخراج المؤمن من الكافر، أو العالم من الجاهل، كان تأويلًا[11].

استنتاج:

صرف اللفظ من معناه إلى معنى يحتمله وهذا فيه خروج عن المعنى اللغوي للكلمة.

الكليات لأبي البقاء الكفوي (ت 1094هـ):

التأويل في اللغة من (الأول)، وهو الانصراف، والتضعيف للتعدية، أو من الأيل وهو الصرف، والتضعيف للتكثير[12].

 

استنتاج:

هنا خرج التعريف عن المعنى المعهود، ووضح بكلمة جديدة وهي الانصراف؛ أي: صرف اللفظ من معنى غير واضح عند السامع إلى معنى واضح، ورغم أن الكتاب يعتني بالجانب الاصطلاحي فإنه لم يقدم تعريفًا اصطلاحيًّا بارزًا، بل أشار إلى معنى اللفظ بكلمة الانصراف فقط.

جامع العلوم في اصطلاحات الفنون للقاضي عبدالنبي نكري (المتوفى: ق 12هـ):

التأويل: في اللغة الترجيع، وفي الشرع صرف الآية عن معناها الظاهر إلى معنى يحتمله إذا كان المحتمل الذي يراه موافقًا بالكتاب والسنة[13].

استنتاج:

التأويل صرف الآية عن معناها إلى معنى تحتمله.

كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم للتهانوي الحنفي التهانوي (ت 1158هـ):

التأويل هو مشتق من الأول وهو لغةً: الرجوع، وعند الأصوليين قيل: هو مرادف التفسير، وقيل: هو الظن بالمراد والتفسير: القطع به، فاللفظ المجمل إذا لحقه البيان بدليل ظني كخبر الواحد، يسمى مؤولًا، وإذا لحقه البيان بدليل قطعي يسمى مفسرًا. وقيل: هو أخص من التفسير وجميع ذلك يجيء مستوفًى هناك، والتأويل في اصطلاح أهل الرمل: عبارة عن شكل حاصل من ربط أو انفتاح شكل المتن[14].

 

استنتاج:

نقل تعريف عن الأصوليين مفاده أن التأويل هو عدم القطع بأن المراد بالآية كذا.

ثالثًا: الدراسة النصية:

يعتبر هذا الركن عمود منهج الدراسة المصطلحية، لذلك فإن دراسة جميع النصوص التي أحصي فيها لفظ "التأويل"، ستعطي نتائجَ جيدة تُمكِّن مِن فَهم اللفظ فهمًا جيدًا، إذًا فلنعرض السياقات المختلفة التي ورد فيها لفظ التأويل في القرآن الكريم، ثم نقوم بتقطير المعنى من خلال تلك الآيات.

أ‌- عرض الآيات القرآنية:

• قال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [آل عمران: 7].

 

• قال عز وجل: ﴿ وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ * هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ﴾ [الأعراف: 52، 53].

 

• قال تعالى: ﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ ﴾ [يونس: 38، 39].

 

• قال عز وجل: ﴿ وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ﴾ [يوسف: 6].

 

• ﴿ وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [يوسف: 21].

 

• ﴿ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ ﴾ [يوسف: 44].

 

• ﴿ وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا ﴾ [يوسف: 100].

 

• ﴿ رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ﴾ [يوسف: 101].

 

• ﴿ قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا ﴾ [الكهف: 78].

 

•﴿ وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا ﴾ [الكهف: 82].

 

•﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾ [النساء: 59].

 

• ﴿ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾ [الإسراء: 35].

 

ب- مرحلة تقطير المعنى من الآيات:

• في آية سورة آل عمران يُبين تعالى أن التأويل خاص به سبحانه وتعالى، لذلك جاءت كلمة "تأويل" مفعول به والفاعل هو "الله"، فلا أحد يعلم تأويل المتشابه غيره، وإذا ربطنا هذا مع المعنى اللغوي للكلمة، نجد أن المعنى هو إرجاع المتشابه إلى الله تعالى.

 

• في سورتي الأعراف ويونس، فتقريبًا ذكر الله عز وجل لفظ التأويل في السياق نفسه، وذلك بعد الحديث عن القرآن الكريم، فبيَّن سبحانه وتعالى أن تأويل ما فيه من الآيات التي لم تفهمها قريش، سيكون يوم الميعاد، وهناك يدركون معنى تلك الآيات، وبالتالي يكون معنى التأويل في الآيتين هو الرجوع؛ أي: يوم يرجعون إلى ربهم يعلمون حقيقة ما كذبوا به.

 

• في سورة يوسف تقريبًا لفظ التأويل يدور حول "الرؤيا"؛ أي: إن يوسف عليه السلام يفك تلك الرموز التي تتكون منها الرؤيا، ويُرجعها إلى أصلها الذي ينبغي أن تكون عليه، وهنا يكون معنى التأويل يفيد أيضًا الرجوع والإرجاع، والتأويل علَّمه الله إياه، لذلك تسبق كلمة "تأويل" كلمة: "علمتني".

 

• في سورة الكهف ورد لفظ التأويل مرتين، وهو يدل على علم دنيوي يعرفه الخضر ولا يعرفه موسى عليه السلام، لذا سيُرجِع كل حدث وقع بينهما إلى أصله ويُجليه لموسى عليه السلام.

 

• في آية سورة النساء وسورة الإسراء جاء لفظ التأويل نكرة، وفي سياق الآية يدل على معنى العاقبة؛ أي: أحسن عاقبة، وهذا يكون يوم البعث، بعد رجوع العباد إلى ربهم.

 

وأما التأويل بمعنى صرف اللفظ عن مفهومه إلى غير مفهومه، فهذا لم يكن هو المراد بلفظ التأويل في كلام السلف، اللهم إلا أنه إذا علم أن المتكلم أراد المعنى الذي يقال أنه خلاف الظاهر، جعلوه من التأويل الذي هو التفسير؛ لكونه تفسيرًا للكلام وبيانًا لمراد المتكلم به، أو جعلوه من النوع الآخر الذي هو الحقيقة الثابتة في نفس الأمر التي استأثر الله بعلمها؛ لكونه مندرجًا في ذلك لا لكونه مخالفًا للظاهر، وكان السلف ينكرون التأويلات التي تُخرج الكلام عن مراد الله ورسوله، التي هي من نوع تحريف الكلم عن مواضعه، فكانوا ينكرون التأويل الباطل الذي هو التفسير الباطل، كما ننكر قول مَن فسَّر كلام المتكلم بخلاف مراده، وقد ينكرون من التأويل الذي هو التفسير ما لا يعلم صحته، فننكر الشيء للعلم بأنه باطل، أو لعدم العلم بأنه حق، ولا ينكرون ترجمة الكلام لمن لا يُحسن اللغة، وربما أنكروا من ذلك ما لا يفهمه المستمع، أو ما تضره معرفته كما ينكرون[15].

 

خاتمة:

من خلال الدراسة الإحصائية للفظ التأويل، يتبين لنا أنه لم يرد فعلًا مضارعًا، ولا فعلًا ماضيًا، ولا أمرًا، وإنما ورد اسمًا مصدرًا في جميع أحواله، والمصدر ما دل على الحدث لا غير، وبعد دراسته دراسة معجمية خلصنا إلى أنه مشتق من مادة "أول"، وفعله آل يؤول أولًا وتأويلًا، وآل بفتح اللام تدل على الرجوع والعاقبة، هذا في المعاجم اللغوية، أما في المعاجم الاصطلاحية، فقد تم تعريفه تعريفًا بعيدًا عن معناه اللغوي؛ حيث قيل: إنه صرف اللفظ من معناه إلى معنى يحتمله. والمعنى السليم في ذلك هو ما ورد في المعاجم اللغوية، بحيث يؤكد ذلك الدراسة النصية التي قمنا بها من خلال الآيات التي ورد فيها لفظ التأويل في القرآن الكريم، واتضح من خلالها أن لفظ التأويل ورد بمعنى العاقبة وبمعنى الرجوع، وأنه إذا تعلق بتأويل كلام الله، فهذا يختص به الله عز وجل، وإذا تعلق برؤيا الإنسان فقد يعلم الله بعض خلق تأويل الرؤى.

 

المصادر والمراجع:

• القرآن الكريم برواية ورش.

 

• المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم للأستاذ محمد فؤاد عبدالباقي نشر دار الفكر سنة 1981م -1401هـ.

 

• العين للخيل بن أحمد الفراهيدي؛ تحقيق: د مهدي المخزومي، د إبراهيم السامرائي الناشر: دار ومكتبة الهلال.

 

• تهذيب اللغة للإمام الأزهري الهروي أبي منصور (المتوفى: 370هـ)؛ تحقيق: محمد عوض مرعب نشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت الطبعة: الأولى، 2001م.

 

• مقاييس اللغة لابن فارس القزويني الرازي، أبي الحسين (المتوفى: 395هـ)؛ تحقيق: عبدالسلام محمد هارون نشر: دار الفكر، سنة: 1399هـ - 1979م.

 

• الصحاح لأبي نصر إسماعيل بن حماد الجوهري الفارابي (المتوفى: 393هـ)؛ تحقيق: أحمد عبدالغفور عطار - نشر: دار العلم للملايين - بيروت الطبعة: الرابعة 1407 ه‍ - 1987م.

 

• مختار الصحاح لزين الدين الحنفي الرازي (المتوفى: 666هـ)؛ تحقيق: يوسف الشيخ محمد نشر: المكتبة العصرية - الدار النموذجية، بيروت - صيدا الطبعة: الخامسة، 1420هـ / 1999 م.

 

• لسان العرب لابن منظور الأنصاري الإفريقي (المتوفى: 711هـ) نشر: دار صادر - بيروت الطبعة: الثالثة - 1414 هـ.

 

• المصباح المنير للفيومي أبي العباس (المتوفى: نحو 770هـ)، الناشر: المكتبة العلمية - بيروت.

 

• تاج العروس للزبيدي (المتوفى: 1205هـ)؛ تحقيق: مجموعة من المحققين نشر: دار الهداية.

 

• التعريفات للإمام الشريف الجرجاني (المتوفى: 816هـ) نشر: دار الكتب العلمية بيروت - لبنان الطبعة: الأولى 1403ه -1983م.

 

• الكليات لأبي البقاء الكفوي ت1090ه؛ تحقيق: عدنان درويش - محمد المصري نشر: مؤسسة الرسالة - بيروت.

 

• جامع اصطلاحات الفنون للقاضي عبدالنبي بن عبدالرسول الأحمد نكري (المتوفى: ق 12هـ)؛ عرب عباراته الفارسية: حسن هاني فحص، نشر: دار الكتب العلمية - لبنان / بيروت الطبعة: الأولى، 1421هـ - 2000م.

 

• الصفدية لابن تيمية ت 728هـ؛ تحقيق: محمد رشاد سالم الناشر: مكتبة ابن تيمية، مصر الطبعة: الثانية، 1406هـ.

 

• التدمرية لابن تيمية تقي الدين أبي العباس؛ تحقيق: د. محمد بن عودة السعوي نشر: مكتبة العبيكان - الرياض الطبعة: السادسة 1421هـ / 2000م.



[1] المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم؛ للأستاذ محمد فؤاد عبدالباقي، مادة " أول" ص 97، نشر دار الفكر سنة 1981م-1401هـ.

[2] العين للخليل، ج 8، ص 359.

[3] المزهر للإمام الأزهري ج 15 ص 329-330.

[4] نفسه ص 300

[5] مقاييس اللغة لابن فارس، ج 1، ص 160-161.

[6] الصحاح للجوهر، ج 4، ص 1628.

[7] مختار الصحاح لزين الدين الحنفي، ص 25.

[8] لسان العرب 35-38.

[9] المصباح المنير للفيومي، ج1، ص 29.

[10] تاج العروس للزبيدي ج 28 ص 31.

[11] التعريفات للجرجاني ص 50-51.

[12] الكليات لأبي البقاء الكفوي ص 261.

[13] جامع اصطلاحات الفنون ج 1 ص 180.

[14] كشاف اصطلاحات الفنون (1 /376-377)

[15] الصفدية لابن تيمية ج 1ص 191.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من غرائب التأويل!
  • الفرق بين التفسير والتأويل
  • المنهجية والتأويل
  • الدراسة المصطلحية: المفهوم والمنهج لمحمد أزهري

مختارات من الشبكة

  • جهود الشيخ محمد عبد الخالق عضيمة في كتابه "دراسات لأسلوب القرآن" - دراسة وتحليل(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • خصائص الدراسات الاستشراقية ووسائلها(مقالة - ملفات خاصة)
  • افتتاح مركز دراسات القرآن الكريم بالمسجد المركزي بمدينة أرسك(مقالة - المسلمون في العالم)
  • تخريج 400 سيدة من دراسات دورات القرآن عن بعد بمدينة قازان(مقالة - المسلمون في العالم)
  • شرح كتاب المنهج التأصيلي لدراسة التفسير التحليلي (المحاضرة الثانية: التعريف بالمنهج التأصيلي لدراسة التفسير التحليلي)(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • دراسات جديدة في علم القراءات (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • دراسات في السيرة النبوية في شبه القارة الهندية (PDF)(كتاب - ثقافة ومعرفة)
  • دراسة الأسانيد إصدار مركز إحسان لدراسات السيرة النبوية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الشعر العربي الحديث في شرق إفريقيا (إريتريا والصومال أنموذجا) دراسة أدبية تحليلية نقدية تاريخية(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • معوقات الدعوة في غرب إفريقيا وسبل علاجها، بوركينا فاسو أنموذجا: دراسة وصفية تحليلية (PDF)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب