• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    التأويل بالحال السببي
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    الشرح الميسر على الآجرومية (للمبتدئين) (6)
    سامح المصري
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الحال لا بد لها من صاحب
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية النكتة رؤية تداولية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الإعراب لغة واصطلاحا
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    مفهوم القرآن في اللغة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي
علامة باركود

(تعالوا) بفتح اللام و(تعالوا) بضمها

(تعالوا) بفتح اللام و(تعالوا) بضمها
د. أحمد عيد عبدالفتاح حسن

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/5/2017 ميلادي - 20/8/1438 هجري

الزيارات: 69766

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

من دقائق العربية

6- (تَعَالَوْا) بفتح اللام و(تَعَالُوا) بضمها

 

سألني أحدُ الإخوة الفضلاءِ عن الفرق بين الفعلين (تَعَالَوا) بفتح اللام و(تَعَالُوا) بضمها، قائلًا:

ما الفرق بين (تَعَالَوْا) بفتح اللام وضمها؟

الإجابة:

فتح اللامِ قبل واوِ الجماعةِ هو الأفصحُ المنتشرُ في استعمالِ الفصحاءِ، وعلى ألسنةِ البلغاءِ، وهو الذي عَجَّت به النصوصُ العربيةُ الفصيحةُ عَجًّا أو عَجِيجًا.

وأمَّا ضمُّها، فعربيٌّ لا يُمكن إنكارُه، وإنْ قلَّ استعمالُه في كلام الفصحاءِ، وعزَّ نوالُه فيما رُوِيَ عنهم.

 

ومعنى الفعلين واحدٌ، ودونك البيان:

أولًا - (التَّعَالِي):

(التَّعَالِي): مصدرٌ على وزن (التَّفَاعُل)، ومعناه: الارتفاع، وأصله: (التَّعَالُو)، فاقتضى القياس الصرفيُّ إبدال ضَّمةِ الحرف الرابع كَسرةً في المصدر وجوبًا، فصار إلى (التَّعَالِو)، واقتضى - أيضًا - قلب الواو ياءً؛ لتطرُّفها إثر كسرةٍ، فصار إلى: (التَّعَالِي).

وقد حدث فيه وفيما أشبَهَه من المصادر المعتلة اللام كـ(التداني، والتغالي) - هذا التغييرُ؛ إذ لو بقيت الواو على أصلها لأدى ذلك إلى عدم النظير في اللغة العربية؛ لأنه لا يوجد فيها اسمٌ معربٌ آخره واو قبلها ضمةٌ أصلية[1].

فـ(التعالي) مصدرُ الفعلِ غير الثلاثي، وهو مأخوذٌ من مصدر الثلاثي المجرد، وهو (العُلوُّ)، ووزنه: (الفُعُول)، فلام الكلمة واوٌ.

ولا يُعنى بهذا التغيير المذكور إلا المتخصصون في ضوابط العربية، ومحبُّوها من غيرهم.

 

ثانيًا - الفعل المسؤول عنه:

من الأفعال الدالة على طلب الإقبال: (تَعَالَ)، فإِذا أردت إقبال خالدٍ عليك قُلْتَ: (تَعَالَ يا خالدُ)،كما حكى نصر بن علي عن أبيه قال: قال لي سيبويه حين أراد أن يضعَ كتابه: تَعَالَ حتى نتعاونَ على إحياء علم الخليل[2].

والفعلُ في قولك وفي حكاية نصر بن عليٍّ مبنيٌّ على حذف حرفِ العلة، وهو الألفُ المبدلةُ من الواو، وفتحة اللام دليلٌ عليها.

ويراد به: (أَقْبِلْ، أو جِئْ، أو هَلُمَّ)، وهو حينئذٍ ملازم لصيغة الأمر "فعلٌ جامدٌ، لَا مضارعَ له ولا ماضيَ، حَتَّى توهم بَعضُهم أنه اسْمُ فعل"[3].


وَأَصْلُهُ قبل أن يصيرَ بهذا المعنى: أنَّ الرَّجلَ العَاليَ - أي: الموجود في مكان مرتفعٍ - كَانَ يُنَادِي السَّافِلَ - أي: الموجود في مكان مستفلٍ - فَيَقُولُ: (تَعَالَ)؛ أي: (اعْلُ: من العُلُوِّ، أو: ارتفع)، ثُمَّ كَثُرَ في كلامِهِمْ واتسع حتَّى صار في استعمالهم بمَنزِلَة (أَقبِلْ)، أو بِمَعْنَى (هَلُمَّ) مُطلقًا، سوَاءٌ كان مَوضِعُ المدعُوِّ أعلَى، أَوْ أسفلَ، أو مساوِيًا، فهو في الأصل لمَعنًى خَاصٍّ، ثُمَّ استُعمِلَ في مَعْنًى عَامٍّ[4].


ثالثًا - اتصال الضمائر بهذا الفعل:

تَتَّصِلُ به الضَّمائرُ باقيًا على فَتحِ لامِهِ؛ فَـ:

♦ يُقَالُ عند إسناده إلى واو الجماعة: (تَعَالَوْا)، والأصل فيه: (تَعَالَوُوا)؛ لِأَنَّهُ منَ العُلُوِّ؛ فَاقتضت العربيةُ وجوبَ قلب الوَاو يَاءً؛ لوُقُوعِهَا رابعةً متطرفةً تطرفًا حُكميًّا، فصار إلى (تَعَالَيُوا)؛ فاقتضت - أيضًا - قلب الياء ألفًا وجوبًا؛ لتحرُّكها وانفتاح ما قبلها، فصار إلى (تَعَالَاوا)؛ فأوجبت حذفَ الألف؛ للتخلص من التقاء الساكنين: (الألف، وواو الجماعة)، وبقاءَ فتحة اللام قبلها دليلًا عليها[5].


♦ ويقال عند إسناده إلى ألف الاثنين والاثنتين: (تَعَالَيَا)، والأصل فيه: (تَعَالَوَا)؛ فأوجبت العربيةُ قلب الواو يَاءً؛ لوُقُوعِهَا رَابِعَةً متطرفةً تطرفًا حكميًّا، فصار إلى (تَعَالَيَا).

 

♦ ويقال عند إسناده إلى ياء المخاطَبة: (تَعَالَيْ)، والأصل فيه: (تَعَالَوِي)؛ لِأَنَّهُ - كما سبق - مِنَ العُلُوِّ؛ فَاقتضت العربيةُ قلب الوَاو يَاءً؛ لِوُقُوعِهَا رَابعةً متطرفةً تطرفًا حكميًّا، فصار إلى (تَعَالَيِي)؛ فاقتضت - أيضًا - قلب الياء ألفًا؛ لتحرُّكها وانفتاح ما قبلها، فصار إلى (تَعَالَاي)؛ فأوجبت حذفَ الألف؛ للتخلص من التقاء الساكنين: (الألف، وياء المخاطبة)، وبقاءَ فتحة اللام قبلها دليلًا عليها.

انتبه: الفعل مع الضمائر الثلاثة السابقة مبنيٌّ على حذف النون؛ لأنَّ بناء فعلِ الأمر على ما يُجزَم به مضارعُه.

 

♦ ويقالُ عند إسناده إلى نون النسوةِ: (تَعَالَيْنَ)، والأصل فيه: (تَعَالَوْنَ)؛ فأوجبت العربيةُ قلب الوَاو يَاءً؛ لِوُقُوعِهَا رابعةً متطرفةً تطرفًا حكميًّا، فصار إلى (تَعَالَيْنَ)، والفعل المضارع إذا اتصلت به نونُ الإناث يُبنى على السكون.

 

ولعلك لحظت:

أنَّ لام الفعل محذوفةٌ قبل واوِ الجماعة وياءِ المخاطَبة؛ للتخلص من التقاء الساكنين بعد التغيير الذي اعتراها، وأنَّها ثابتةٌ قبل ألف الاثنين مفتوحةً، وباقيةٌ قبل نون الإناث ساكنةً؛ إذ لا يوجد مقتضٍ لحذفها.

 

ولا تنسَ أنَّ هذا هو المسلك العربيُّ المُطَّرِد في توظيف هذا الفعل بمعناه المذكور في الكلام، وهو القياس الذي تقتضيه قواعد العربية، وبه جاء الذكر الحكيم، ومنه:

♦ قوله تعالى: ﴿ فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ﴾ [آل عمران: 61].

 

♦ وقوله جل جلاله: ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 64].

 

♦ وقوله جل وعلا: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا ﴾ [النساء: 61].

 

♦ وقوله جل شأنه: ﴿ قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ﴾ [الأنعام: 151]، ومعناه في الآيات: أقْبِلُوا، أو تَقَدَّمُوا، قال الخازن: "تَعَالَ: من الخاص الذي صار عامًّا، وأصله أن يقولَه من كان في مكان عالٍ لمن هو أسفل منه، ثم كثُر، واتُّسِعَ فيه حتى عمَّ"[6].

 

♦ وقوله عز وجل: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا ﴾ [الأحزاب: 28] ومعنى تعالين: أقبلن بإرادتكنَّ واختياركنَّ.

 

رابعًا - (تَعَالُوا) بضم اللام، و(تَعَالِي) بكسرها:

هذا مسلكٌ نادرُ الورود عن العرب بالنسبة للمسلك الأول، وما زال له وجود على ألسنة بعضنا في هذا الزمان، وضابطه: "ضَمُّ اللام من (تَعَالَ) عند إسناده إلى واو الجماعة، يقولون: (تَعَالُوا يا شبابُ)، وكسرها عند إسناده إلى ياء المخاطبة، يقولون: (تَعَالِي يا مَيُّ)..."[7].

 

نصيبُه من السماع محدودٌ، ومع ذلك هو مسلكٌ فصيحٌ مقبولٌ؛ للأمور الآتية:

♦ أنَّهُ قراءةُ الحسن البصري وأبي السَّمَّال العدوي وأبي واقد الليثي وغيرهم للفعل (تَعَالَ) المسند إلى واو الجماعة؛ فقد قرؤوا: "تَعَالُوا" بضم اللام في الآيات الكريمات السابقة الذكر[8].

♦ عزا جارُ الله الزمخشريُّ كسرَ اللام قبل ياء المخاطَبة إلى

أهل مكة؛ حيث قال: "ومنه قول أهل مكة: (تعالِي) بكسر اللام، للمرأة"[9]، وقرَّر أبو حيان أنَّ في مقولته هذه احتمالين؛ فقال: "وَقَوْلُ الزَّمخشَريِّ: قولُ أهلِ مكةَ (تَعَالِي) يحتملُ أن تكونَ عربيةً قديمةً، ويحتملُ أن يكونَ ذلك مما غيَّرته عن وجهه العربي فلا يكونُ عربيًّا"[10].


♦ النَّصُّ على كونه لغةً؛ فقد قال الصَّغَاني: "(تَعالُوا): لغةٌ في (تَعالَوْا)، أُلقِيَتْ ضَمةُ الواوِ على اللام، وقرأَ تُبَيْح، والجراح، وأبو واقِد: ﴿ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ ﴾ [آل عمران: 64]"[11].

 

♦ أنه جاء في شعر أبي فراس الحَمَداني، حين قال وقد سَمِعَ حمامةً تنوح على شجرة عالية، وهو في الأسر: [من الطويل]

أَيَا جَارتَا ما أنصَفَ الدَّهرُ بينَنَا ♦♦♦ تَعَالي أُقَاسِمْكِ الهمومَ تَعالِي[12]

 

وهو ممن يُستأنس بشعره، ولا يُستشهد به؛ لكونه من المُوَلَّدِينَ، وقد جاء به على لغة العامة في رأي ابن هشام الأنصاري، فقد قال: "والعامة تقول: (تَعَالِي) بكَسر اللام، وعليه قول بعض المُحْدَثِينَ:

تَعَالي أُقَاسِمْكِ الهُمُومَ تَعَالِي"[13].

وقَرَّرَ ابن هشام في كتاب آخر أنَّ العلماء لحَّنُوا أبا فراس في ذلك[14].


وهذا التلحين غيرُ مقبول، فليس الأمرُ كما قالوا، بل هذا المسلك مسموعٌ، ولا سبيل إلى رَدِّه؛ فقد نصَّ عليه بعض أئمة اللغة، ولا شكَّ أنَّ اللغويين أدقُّ في نقل لغات العرب وأضبطُ وأوثقُ من متأخِّري النحويين.

وقال شهاب الدين الخفاجي: "هذه لغةٌ مسموعة فيه أثبتها ابنُ جني، وإن كانت ضعيفةً؛ فلا عبرة بمن لحَّنَ الشاعرَ فيها؛ كابن هشام، وإذا قُرئ بها فقد انقطع النزاع... والشعر المذكور لأبي فراس الحارث بن أبي سعيد ابن عم سيف الدولة، وهو من الفصحاء الذين يُجعل قولُهم بمنزلة روايتِهم، ويُستأنس به "[15].

 

وفي قناعتي أنْ ليس أبو فراس بلاحنٍ، ولا خارجٍ عن منهاج العرب في شعره؛ فقد جاء هذا الفعلُ مسندًا إلى ياء المخاطَبة في تلك القصيدة ثلاث مراتٍ، منها مرتان على لغة جمهور العرب الفصحى بفتح اللام قبل الياء: (تَعَالَيْ) - كما جاء في ضبط الديوان - ومرة في نهاية البيت على لغة غيرِهم: (تَعَالِي)؛ صيانةً لقصيدته التي رَوِيُّها مكسورٌ من أحد عيوب القافية، وهو الإصراف: (اختلاف حركة الرويِّ بالفتح وغيره في قصيدة واحدة).


وقد نَبَّهَنا فيلسوفُ العربية إلى أنَّ الناطق على قياس لغة من لغات العرب مصيبٌ غيرُ مخطئ؛ لكنه مخطئٌ لأجود اللغتين، فإن احتاج لذلك في شعر أو سجع، فما هو بملوم، ولا ينكرُ عليه[16]، وما أَوْفَى عبارتَهُ الواردة في آخر (باب اختلاف اللغات وكلها حجة)! التي يقولُ فيها: "وكيف تصرفت الحال فالناطقُ على قياس لغة من لغات العرب مصيبٌ غير مخطئ، وإن كان غيرُ ما جاء به خيرًا منه"[17].


وتأَمَّل أبيات أبي فراس[18]: [من الطويل]:

أيا جارتَا ما أنصفَ الدَّهرُ بَيننَا
تَعَالَيْ أُقَاسِمْكِ الهمُومَ تَعَالِي
تعالَيْ تَريْ رُوحًا لديَّ ضعيفةً
ترَدَّدُ في جسمٍ يُعذَّبُ بَالِ
أيضحكُ مأسورٌ، وتَبْكِي طَلِيقَةٌ
ويسكُتُ محزُونٌ ويندُبُ سَالِ
لقد كنتُ أولَى منكِ بالدَّمعِ مُقلةً
ولكنَّ دمعِي في الحوادثِ غَالِ

 

فاختلاف اللهجات العربية وتنوُّعُها يُعدُّ مظهرًا من مظاهر الثَّراءِ في لغتنا الشريفة، وآيةً من آيات التيسيرِ على الشعراء، ورفع الحرج عنهم في حدود نظمهم الضيقة، وبابًا من أبواب اتساع مجالِ القول فيها؛ فما أروعَ لغتَنا! وما أوفاها بحاجة الناطقين بها!


خامسًا - توجيه ضم اللام وكسرها في الفعلين:

تتمثلُ توجيهاتُ العلماءِ التي وقفتُ عليها لهذا المسلك العربي فيما يأتي:

♦ ضمُّ اللام قبل واوِ الجماعة بعد حذفِ آخر الفعل؛ لمجانسةِ الواو، وكسرها قبل ياء المخاطَبةِ بعد حذف آخر الفعل؛ لمجانسة الياء[19].

 

♦ أنَّ الأصلَ - بعد قلب الواو الواقعةِ لامًا للفعل ياءً - (تَعَالَيُوا)، فاستُثقلت الضمة على الياء، فنُقِلت إلى اللام بعد سَلْب حركتِها، وحُذفت الياء؛ للتخلص من التقاء الساكنين، فبقي الفعل: (تعالُوا) بضم اللام.

والأصل في الفعل الثاني: (تَعَالَيِي)، فاستُثقلت الكسرة على الياء، فنُقِلت إلى اللام بعد سَلْب حركتِها، وحُذفت الياء؛ للتخلص من التقاء الساكنين، فبقي الفعل (تَعَالِي) بكسر اللام.

 

♦ ضم اللام من (تَعَالُوا) إشارة إلى حركة الياء المحذوفة قبل واو الجماعة، وكانت هذه الياءُ لام الفعل منقلبةً عن الواو؛ فحُذفت من (تَعَالَيُوا) استحسانًا وتخفيفًا، فنُقلت حركتها إلى اللام؛ لوقوع واو الجماعة بعدها، كقولك: تقَدَّمُوا، وتأخَّرُوا[20].

 

♦ حذف لام الفعل - وهي الياء المنقلبة عن الواو - على سبيل الاعتباط؛ (أي: لغير علة)، فصارت اللام قبلها كـ: لام الكلمة؛ فضُمَّت كما يُضمُّ آخرُ الكلمة قبل واو الجماعة؛ لمناسبتها[21].

 

♦ قال السمين الحلبي: "والذي يظهَرُ في توجيهِ هذه القراءة أنَّهُم تناسَوا الحرفَ المحذوف، حتى كأنهم تَوَهَّمُوا أنَّ الكلمة بُنِيَتْ على ذلك، وأنَّ اللامَ هي الآخِرُ في الحقيقة؛ فلذلكَ عُومِلَتْ معامَلَةَ الآخِر حقيقةً؛ فَضُمَّت قبلَ واو الضميرِ، وكُسِرت قبل يائه كما ترى"[22].

 

سادسًا - نهاية المطاف:

♦ لعلك أدركتَ أنَّ هذا المسلك الذي لا يزال دائرًا على لساني ولسانك وألسنة الناس صَبَاحَ مَسَاءَ - عربيٌّ مسموعٌ بقلةٍ، وأنَّ المسلك الأول هو الأفصحُ السائد في الكلام.

 

♦ لعلك عرفت أنَّ قولَك: (تَعَالُوا) بضم اللام، وقولك: (تَعَالِي) بكسرها - نطقٌ جائزٌ؛ وأنَّ اللاهجين به لم يتعدَّوا حدود لغة العرب، وأنَّ المسلك الأولَ - فتح اللام - هو المشهور المنصور في الاستعمال، وبه جاء خيرُ الكلام وأحلاه، وأعذبُه وأبهاه، وهو الذِّكرُ الحكيم.

 

♦ إنَّ (تَعَالَ) في الاستعمال يراد به طَلبُ إقبالِ المخاطبين على الإطلاق (المنخفض، والمرتفع، والمساوي)، وفي بداية الوضع كان طلبُ الإقبال به أضيقَ من ذلك، يقتصر على حالة واحدة، وهي: طلبُ المتكلم من مكان عالٍ علوَّ الشخص المنخفض وارتفاعَهُ إليه، فبدأ خاصًّا، ثم اتَّسعت دلالتُه؛ فصار عامًّا، وهو ملازم لتلك الصيغة.

 

♦ لا تنسَ أنَّ (تَعَالَى) في قولك: (تَعَالَى اللهُ) فعلٌ ماضٍ، ومعناه: ارتفع، وعلا شأنُه، وجَلَّ عن كلِّ وصفٍ وثناءٍ؛ فتنزَّهَ عن إفك المُفترين، ووساوس المُتحيِّرين.

 

وجاء في تهذيب اللغة (ع ل و): "تفسير (تَعَالَى): جلَّ عَن كلِّ ثناءٍ، فهو أعظمُ وأجلُّ وأعلَى مما يُثنَى عليه، لَا إله إلَّا الله وحده لَا شريك له".

وفي لسان العرب (ع ل و): "وأَما (المُتَعَالي) فهو الَّذِي جَلَّ عن إفكِ المُفترِين، وتَنزَّه عن وَساوس المتحيِّرين".

﴿ رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا ﴾ [الكهف: 10].



[1] ينظر: تذليل التصريف 2/ 76.

[2] الكتاب 1/ 8.

[3] شرح شذور الذهب؛ لابن هشام 447.

من النحويين من جعل من أسماء الأفعال (تَعَالَ) بمعنى: أَقْبِلْ؛ كالزمخشري، وهو في الواقع اللغويِّ ليس كذلك، بل هو فعلٌ غير متصرف، والدليل على فعليته أمران:

أحدهما: اتصال ضمائر الرفع البارزة به، كقولك للأنثى: (تَعَالَيْ)، وللاثنين والاثنتين: (تَعَالَيَا)، وللجماعة المذكرة: (تَعَالَوْا)، وللجماعة المؤنثة: (تَعَالَيْنَ)، فعُومِل هذه المعاملة الخاصة بالأفعال.

والثاني: أنَّ مدلوله كمدلول الأفعال التي هو منها، وهو الدلالة على الطلب؛ فوجب أن يُلحق بالأفعال؛ لاتصال الضمائر به، ودلالته على الطلب. ينظر: شرح الكافية الشافية 3/ 1389، والتصريح 1/ 35.

[4] ينظر: حروف المعاني والصفات؛ لأبي القاسم الزجاجي 21، والمصباح المنير (ع ل و).

[5] ينظر: التبيان في إعراب القرآن؛ للعكبري 1/ 267، 268، وإعراب القرآن العظيم؛ للشيخ زكريا الأنصاري 208.

[6] لباب التأويل في معاني التنزيل 2/ 171.

[7] ينظر: المصباح المنير، وتاج العروس (ع ل و).

[8] ينظر: الكشف والبيان عن تفسير القرآن؛ لأبي إسحاق الثعلبي 3/ 84، وباهر البرهان في معاني مشكلات القرآن؛ للغزنوي 1/ 298، وأنوار التنزيل وأسرار التأويل؛ للبيضاوي 2/ 81.

[9] الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل 1/ 525.

[10] البحر المحيط 3/ 689.

[11] الشوارد أو ما تفرَّد به بعضُ أئمة اللغة 14.

[12] البيت في ديوانه 282، طبعة دار الكتاب العربي.

[13] شرح شذور الذهب؛ لابن هشام 29.

[14] ينظر: شرح قطر الندى وبل الصدى 32.

[15] حاشيته المُسَمَّاة: عنايةُ القَاضِي وكفايةُ الرَّاضِي عَلَى تفْسيرِ البيضَاوي 3/ 149.

[16] ينظر: الخصائص 2/ 14.

[17] المصدر السابق 2/ 14.

[18] الأبيات في ديوانه 282.

[19] ينظر: التبيان في إعراب القرآن 1/ 368، والمصباح المنير وتاج العروس (ع ل و).

[20] ينظر: المحتسب 1/ 191، والكشاف 1/ 252.

[21] ينظر: أنوار التنزيل وأسرار التأويل؛ للبيضاوي 2/ 81.

[22] الدر المصون 3/ 225.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تعالوا نبتهل بدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • تفسير: (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ...)
  • استعمال (فعيل) بكسر الفاء والعين المشددة للمبالغة
  • الإرفاق في لام الإلصاق

مختارات من الشبكة

  • تأملات في قوله تعالى: { قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم }(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • أيها المسلمون.. {تعالوا إلى كلمة سواء}(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • تفسير: (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا ( مطوية )(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أي رجال العلم والفكر: قبل شكاية الزمان تعالوا إلى كلمة سواء(مقالة - موقع أ. د. عبدالله بن إبراهيم بن علي الطريقي)
  • إلى السادة المدربين: تعالوا إلى كلمة سوا (3)(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • تحليل أصوات الحروف: اللام الشمسية(مقالة - حضارة الكلمة)
  • إقامة الدليل على أن اللام حرف شمسي أصيل (PDF)(كتاب - حضارة الكلمة)
  • حرف اللام (نشيد للأطفال)(مقالة - حضارة الكلمة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 22/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب