• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    أهل القرآن (قصيدة)
    إبراهيم عبدالعزيز السمري
  •  
    إلى الشباب (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    ويبك (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
  •  
    الفعل الدال على الزمن الماضي
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    أقسام النحو
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    نكتب المنثور (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
  •  
    اللغة العربية في بريطانيا: لمحة من البدايات ونظرة ...
    د. أحمد فيصل خليل البحر
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / أدبنا / دراسات ومقالات نقدية وحوارات أدبية
علامة باركود

الأدب والفنون الأخرى

د. إبراهيم عوض

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 22/2/2017 ميلادي - 25/5/1438 هجري

الزيارات: 28737

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الأدب والفنون الأخرى


جاء في كتاب "الشعر بين الفنون الجميلة" للدكتور نعيم اليافي أن النقد الأوربي الحديث في مرحلته الإبداعية كان يربط بين الشعر والرسم ربطًا محكمًا، مُعليًا من شأن العنصر التصويري في الفن الشعري على حساب العناصر الأخرى، أما في المرحلة الابتداعية التي تلت ذلك فقد جنح النقاد إلى التركيز على جوانب المشابهة بين الشعر والموسيقا وإهمال ما عداها من العناصر[1]، والحق أن في كل من الموقفين مغالاة، ومحاباة أيضًا لأحد عناصر الإبداع الشعري على حساب سائر هذه العناصر، فضلًا عن أن الشعر ليس موسيقا فقط، بل موسيقا وتصويرًا وأشياء أخرى، وهذا الكلام لا يصدُقُ على الشعر وحده، بل يعم سائر فنون الأدب معه، وإن كانت هذه العناصر أكثر تركيزًا في الشعر منها في النثر، كما أنها لا تنفك عنه بحال، بخلاف النثر، الذي قد يَعْرَى عن بعض تلك العناصر في هذا السياق أو ذاك.


ونفتتح كلامنا بالعنصر الموسيقي، والموسيقا، كما نعرف، إيقاع منتظم: هكذا هي في الألحان المعزوفة، وكذلك هي في الأدب، بَيْدَ أنها في الألحان المعزوفة أصوات صادرة عن آلات النفخ والدقِّ والاحتكاك، كالناي والدفِّ والبيان والعود... إلخ، أما في الأدب فالأصوات صادرة عن نطق الفم البشري لحروف الألفباء المعروفة، علاوة على أن الموسيقا التي تعزفها الآلات هي موسيقا صافية، على عكس الموسيقا الأدبية التي لا تنفكُّ عن الكلمات، وهو ما يترتب عليه أن الموسيقا المعزوفة عبارة عن أصوات خالية من المعاني، أما موسيقا الأدب فمرتبطة بالمعاني لا تنفصل عنها، كذلك فالموسيقا الصافية تؤثر فينا بنفسها تأثيرًا مباشرًا، على حين أن موسيقا الأدب لا تستطيع ذلك؛ إذ هي بطبيعتها مصاحبة للكلمات ومعانيها، فلا وجود لها مستقل عن هذه الكلمات، ومن ثم لا يمكن أن يكون لها تأثير منفصل عنها، إنها تفتح مغاليق النفس أمام معاني العبارات التي تصاحبها، وتخلع عليها حُلل القبول، وتقويها بما تشعُّه حولها من إيحاءات.


وتتخذ الموسيقا في الإبداعات الأدبية صورًا مختلفة: فلدينا في الشعر مثلًا الوزن والقافية، اللذان ظلا يجريان على طريقة واحدة تقريبًا قرونًا طوالًا، وقد يظن قوم أن هذه الصورة لا وجود لها البتة في الإبداعات النثرية، إلا أن هناك لونًا من السجع يسمى: "السجع المرصَّع"، ومُفاده أن تتساوى الفقرتان أو أكثر ما فيهما في الوزن والتقفية، كقول الحريري...: "فهو يطبع الأسجاع بجواهر لفظه، ويقرع الأسماع بزواجر وعظه"[2]، ولا شك أن بين جملتي "يطبع الأسجاع بجواهر لفظه" و"يقرع الأسماع بزواجر وعظه" توازنًا وتناظرًا تامَّين يذكراننا بنظيريهما في الوزن الشعري، وإن كان من الممكن أن يوجد هذا اللون من السجع داخل الشعر أيضًا؛ كقول امرئ القيس مثلًا:

الماء منهمر، والشدُّ منحدر ♦♦♦ والقصب مضطمر، والمتن ملحوب


حيث يطالعنا "السجع المرصع" في الجمل الثلاث الأولى من البيت، فكأنه وزن وتقفية إضافيات فوق الوزن والتقفية الموجودين أصلًا في الشعر، إلا أن "السجع المرصَّع" ليس إلا ضربًا واحدًا من ضروب السجع، فضلًا عن أنه قليل الانتشار في إبداعات الأدب بالقياس إلى الصور السجعية الأخرى الأقل صرامة، وبخاصة في النثر، الذي ينفر بطبيعته من القيود على عكس الشعر، اللهم إلا إذا تكلَّف الناثر ذلك.


وهناك لون آخر من الإيقاعات الموسيقية داخل البيت يسمَّى: "التصريع"، حيث تكون هناك قافية أخرى غير القافية الأصلية تتكرر قبل انتهاء الشطرات الثواني من أبيات القصيدة؛ كما في الأبيات التالية:

يا خاطبَ الدنيا الدنيَّة، إنها
شَرَك الردى، وقرارة الأكدار
دارٌ متى ما أضحكت في يومها
أبكت غدًا، بُعدًا لها من دار
غاراتها لا تنقضي، وأسيرها
لا يُفتدى بجلائل الأخطار

 

وأحفل مِن ذلك بالنغم ما يسميه البديعيون بـ"التسميط"، حيث لا توجد قافية داخلية تتكرر في الشطرات الثواني من الأبيات، بل قافية تتكرر عدة مرات في البيت الواحد؛ كما في المثالين التاليين:

هُمُ القوم: إن قالوا أصابوا، وإن دُعُوا ♦♦♦ أجابوا، وإن أعطَوْا أطابوا وأجزلوا

***

وحربٍ وردتَ، وثغرٍ سددتَ
وعِلْج شددتَ عليه الحِبالا
ومالٍ حويتَ، وخيلٍ حميتَ
وضيفٍ قرَيْتَ يخاف الوَكالا

أي إنه إذا كان تكرُّر القافية في "التشريع" تكررًا أفقيًّا، فإنه يتخذ في "التسميط" الوضع الرأسي.


ومِن موسيقا الإبداع الأدبي أيضًا "التجنيس"، الذي يصل إلى قمة نغميته في النوع المسمى بـ"الجناس التام"، مثل قول الشاعر:

حَدَق الآجال آجالُ ♦♦♦ والهوى للمرء قتَّالُ

فـ"آجال" الأولى جمع "إجْل"؛ أي: الظباء، وكان العرب يشبهون بها النساء الجميلات ذوات العيون النُّجل، و"آجال" الثانية جمع "أجل"، وهو الموت، والمقصود أن في العيون الساحرة حتفًا لمن تسوقه مقاديره إلى الوقوع في شباكها، وفي التنبه إلى أن "آجال" الثانية هي غير "آجال" الأولى مفاجأة مدهشة ومنعشة معًا، ومن ذلك أيضًا قول أبي تمام:

ما مات مِن كرم الزمان فإنه ♦♦♦ يحيا لدى يحيى بن عبدالله

وهذه المفاجأة تكون أكثر إدهاشًا وإنعاشًا في مثل قول الشاعر:

فلم تضَعِ الأعادي قدر شاني ♦♦♦ ولا قالوا: فلانٌ قد رشاني


حيث نجدُ أنفسنا، لا أمام كلمتين متقابلتين، بل أمام عبارتين كل منهما تختلف في تركيبها عن الأخرى اختلافًا يفسره انتقال الراء في العبارة الثانية من آخر كلمة "قدر" إلى أول كلمة "شاني"، مما غيَّر الكلام من "قدر شاني" إلى "قد رشاني"، وهناك لون آخر من "الجناس" أقل من هذا في موسيقيته، لكنه لا يخلو مع ذلك من مفاجأة الإدهاش والإنعاش، إن لم يزد نصيبه منها، ألا وهو "الجناس المذيَّل"، كالذي بين "الجوى" و"الجوانح" في قول الخنساء:

إن البكاءَ هو الشفا ♦♦♦ ءُ مِن الجوى بين الجوانح

وقول أبي تمام:

يمدُدْن من أيد عواصٍ عواصمٍ ♦♦♦ تصول بأسياف قواضٍ قواضبٍ

ومِن أجمل صور "الجناس" تنغيمًا ما كان بين كلمتين متعاقبتين؛ كما في قوله عز وجل على لسان الهدهد مخاطبًا سليمان عليه السلام: ﴿ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ ﴾ [النمل: 22][3]، وكما في قوله تعالى أيضًا: ﴿ وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ * الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ ﴾ [الهمزة: 1، 2].


ومن ألوان الموسيقا في الإبداع الأدبي كذلك ما يسمى: "رد الأعجاز على الصدور"؛ كما في قوله تعالى: ﴿ قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ ﴾ [الشعراء: 168]، وقول بعضهم: "سائل اللئيم يرجع ودمه سائل"، وأشباه ذلك، وهو، كما يتضح من المثالين، تكرير الكلمة بنصها، أو بما يقرب منها في أول الكلام وآخره؛ فهو كالصدفتين المتناظرتين اللتين تشكلان معا كُلًّا فنيًّا بديعًا.


كذلك من أشكال الموسيقا في إبداعات الأدب ما يطلق عليه في علم البديع اسم "الموازنة"؛ كقوله عز من قائل عن موسى وهارون: ﴿ وَآتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ * وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾ [الصافات: 117، 118]، وكقول عمرو بن كلثوم في معلقته يشمخ بأنفه عاليًا على ملك الحِيرة عمرو بن هند:

بأنَّا المطعمون إذا قدرنا
وأنَّا المُهلكون إذا ابتُلِينا
وأنَّا التاركون إذا سخطنا
وأنَّا الآخذون إذا رضِينا
وأنَّا العاصمون إذا أُطعنا
وأنا العازمون إذا عُصينا

وكقول ابن تمام:

فأحجم لما لم يجِدْ فيك مطمعًا ♦♦♦ وأقدم لما لم يجِدْ عنك مهرَبَا


حيث نجد في بيت الشاعر العباسي مثلًا أن كل كلمة في جملته الأولى متوازنة مع نظيرتها الثانية: "فأحجم/ وأقدم، لما/ لما، لم/ لم، يجد/ يجد، فيك/ فيك، مطعمًا/ مهربًا"، ومن ذلك أيضًا هذا البيت المشهور للمتنبي:

أزورهم وسواد الليل يشفع لي ♦♦♦ وأنثني وبياض الصبح يُغرِي بي

وفي "الموازنة" موسيقية واضحة أساسها التناظر بين الجملتين.


وفضلًا عما مرَّ، هناك تكرار الكلمة أو العبارة داخل الجملة الواحدة أو على مدى متقارب في الفقرة من الكلام حيث يبدو الأمر وكأنه الصوت وأصداؤه بما يترتب على ذلك من رنين تطرب له الأذن وتهفو إليه النفس، علاوة على تأكيده للمعنى، لنأخذ مثلًا قوله تعالى عن اليهود: ﴿ وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [آل عمران: 78]، وعلى نفس المنوال تجري السطور التالية التي اقتطفناها من مقال للدكتور زكي مبارك، كتبه عن "أيام" طه حسين: "وهو طه حسين، ولن يكون غير طه حسين، وكيف يكون برجل آخر، وهو ليس برجل آخر؟ تلك إذًا قضية، وإن لم تكن له قضية، وكيف تكون له قضية، وهو أعظم من أن تكون له قضية؟"[4]، أما في الشعر فنشير إلى ربيعة الرقي الشاعر العباسي الذي يمضي فيكرر في إحدى قصائده اسم حبيبته "داح" وكأنه درويش من الدراويش يصيح باسم مَن يهوى متراقصًا من الوَجْد:

صاح، إني غير صاح
أبدًا من حب داح
وعصى في حب داح
كل لوَّام ولاح
صار قدحًا حب داح
في فؤادي المستباح
داح داح حِب نصر
آحِ من حُبك آح
إن ربع ابن نُصير
معدن البيض الملاح
فيه داحٌ، ولما في
حب داح من جُناح
وفتاة غير داح
ذات دلٍّ ومزاح
قد تجشمت إليها
هول ليل ونباح[5]


ومِن قبلُ نجد مالك بن الريب في مرثيته لنفسه التي يعز نظيرها في الآداب المختلفة يكرر اسم موطنه عند "الغضى" وهو يجود بأنفاسه الأخيرة في بلاد الغربة من خراسان إثر أن لدغته عقرب في بعض الطريق؛ إذ فاضت نفسه وجدًا وتشوقًا إلى مسقط رأسه وأهله فأنشأ يقول:

ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة بجنب
الغضى أزحي القلاص النواجيا؟
فليت الغضى لم يقطع الرَّكبُ عرضه
وليت الغضى ماشي الركاب لياليا
لقد كان في أهل الغضى لو دنا الغضى
مزار، ولكن الغضى ليس دانيا


وفي القرآن المجيد أمثلةٌ غير قليلة لتكرار آية بأكملها أو جزء منها؛ كما في سور "الشعراء" و"الصافات" و"القمر" و"الرحمن" و"المرسلات"[6]، وأثر ذلك في إبراز المعنى بالإلحاح عليه وشدة التذكير به أوضح من أن يحتاج لبراهين، وقد أطلق بعض الدارسين الغربيين على الآية التي من هذا القبيل مصطلح "القرار: refrsaisdn"([7])، ولهذا مغزاه الذي لا يخفى.


ولا يقف أمر الإيقاع الموسيقي في إبداعات الأدب عند هذا الحد، بل هناك أيضًا مساوقة حرف أو حروف معينة لبعض المعاني أو المشاعر مما يؤدي لتقويتها من خلال الإيحاء الصوتي بها: ومن هذا الوادي ما لمحه د. محمد النويهي من الدور الذي يقوم به حرفا السين والفاء الساكنتين عند نهاية التفعيلتين الأوليين في البيت التالي الذي يصف فيه تأبط شرًّا ما كان يتمتع به ابن عمه من سرعة رهيبة في العدو:

ويسبق وفد الريح من حيث ينتحي ♦♦♦ بمنخرق من شده المتدارك

إذ يوحي الحرفان المذكوران بعصف الريح واحتكاك جسم ذلك العدَّاء بالهواء أثناء جريه الخارق([8])، كذلك لاحظ سيد قطب أن في استعمال القرآن الكريم لصيغة "افتعل" في قوله تعالى عن معاناة أصحاب الجحيم وصراخهم من هول العذاب: ﴿ وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ ﴾ [فاطر: 37] إيحاءً بمدى فظاعة الألم الذي كانوا يقاسونه حتى عندما كانوا يصرخون، وذلك من خلال الثقل الناتج من تجاور حرفي الصاد والطاء في كلمة: ﴿ يَصْطَرِخُونَ ﴾ [فاطر: 37][9]، ويمكننا أن نضيف إلى ذلك استخدام كعب بن زهير هذه الصيغة نفسها في إشارته إلى صعوبة قطعه البيداء أثناء وفادته على الرسول عليه السلام؛ إذ كان يختبئ نهارًا، ويرحل ليلًا؛ خشية أن يعثر به أحد المسلمين قبل أن يبلغ الرسول ويعلن رجوعه عن حرب الإسلام ودخوله في دعوته صلى الله عليه وسلم، وذلك في قوله:

ما زلتُ أقتطع البيداء مُدَّرِعًا ♦♦♦ جُنح الظلام، وثوب الليل مسدول

وبالمثل يمكننا أن نرى في تسكين الجيم واللام في "فَجْع" و"وَلْع"، وفي سكنتي التنوين الخاص بحرف العين في كل من هاتين الكلمتين في قول الشاعر نفسه عن حبيبته الغادرة:

لكنها خُلة قد سيط من دمها ♦♦♦ فَجْعٌ ووَلْعٌ وإخلاف وتبديل

إيحاء بما كان يلذع فؤاده من حرقات الحرمان، وكذلك في مدتي "إخلاف" و"تبديل" تنفيسًا عن ألم هذه الحرقات كأنهما زفرتا متأوِّه، أما المد في كلمات الشطر الأخير من البيت التالي من نفس القصيدة:

أمسَتْ سعادُ بأرضٍ لا يُبلِّغها ♦♦♦ إلا العِتاقُ النَّجيَّات المراسيل

فهو يوحي بتطاول المسافات بينه وبين حبيبته الهاجرة، تلك المسافات التي لا يمكن قطعها إلا على ظهور النُّوق العتاق النجيات المراسيل.


على أنه ينبغي القول بأننا لا نقصد أن الشاعر، حين يفعل ذلك، إنما يفعله عن وعي وبينة، بل نريد أن عبقريته الباطنة تعمل عملها غالبًا في الخفاء، فتمدُّه بهذه العجائب الشادهة دون أن يظهر عليه أن يقصد ما يفعل، إنها الموهبة الربانية، والمحفوظ الشعري الواسع الذي يبدو وكأنه قد نُسي وانتهى أمره، لكنه في الواقع لا يزال هناك يفعل فعله في أعماق النفس البعيدة، فضلًا عن التمرس الطويل بالنظم، وهذا يذكرني بالجني الذي في خاتم سليمان، لكنه هنا جني يؤدي عمله في صمت دون أن يضيع وقته في النطق بعبارة "شبيك، لبيك! عبدك وبين يديك"، بل دون أن ينتظر الأمر بما يجب عليه فعله.

وإذا كان جان برتلمي يقلل من شأن موسيقا الشعر لصالح موسيقا الآلات[10]، فإننا على العكس من ذلك نرى أن تأثير موسيقا الشعر، والأدب بعامة، أقوى من تأثير الموسيقا الخالصة وأفعل بالنفس كما سبق القول، وإن كنا لا نشاح في أن أنغام الموسيقا الأدبية أخفتُ صوتًا من أنغام الصفارة والقيثارة والدف والصنج وما إليها من آلات العزف.


وبعد، فإن للموسيقا تأثيرها الضخم على النفس الإنسانية، ومن هنا كان طربُنا للشعر والنشوة التي نتلقاه بها، إنها تفتح أبواب العقول والقلوب أمام إبداعات ذلك الفن العجيب، وتستولي على حصونهما وتسلم مفاتيحها له، وتبسط سلطانه عليها، وكم من مرة طالعنا ترجمة نثرية لهذا النص الشعري أو ذاك فلم يكن لها ذلك العُلُوق بالنفس الذي للترجمة الشعرية حتى لو كانت أقل دقة في نقل الأصل، إن في الموسيقا سرًّا عجيبًا، كما أن لإيحاءاتها أثرًا هائلًا في تقوية المعاني والمشاعر التي يراد توصيلها إلى المتلقِّي، إنها تَهَبُ المعاني والمشاعر أجنحة عملاقة تطير بها إلى الذُّرَى، لكنها، رغم ذلك، تشكِّل قيدًا على المبدع، بيد أنه قيد يستخرج قواه العبقرية من مكامنها ويستحثها وينفخ في ضرامها حتى تتوقد وتصبح لهيبًا يتلظى!


وبسببٍ من هذا التأثير الساحر للموسيقا في الشعر فإن نقاد هذا الفن وعشاقه قد يقبلون من الشاعر ما لا يقبلونه من الناثر ويغتفرونه له بمحبة خالصة، وهذا مفتاح ما يسمى بـ"الضرورات الشعرية"، إن هذا المصطلح إنما يشير إلى جانب الضرورة والقيود، غير أننا، عند إمعان النظر، نرى أن سحر الموسيقا الشعرية في الواقع هو، على أقل تقدير، السبب الأول في عدم انزعاجنا من صرف الممنوع من الصرف، أو همز الاسم الموصول، أو تسكين ياء المضارع أو واوه بدلًا من فتحهما في حالة النصب... إلى آخر ما يُعْرف بـ"الضرورات الشعرية" مما لو اجترح منه الناثر شيئًا لَجُوبِهَ على الفور بالانتقاد العنيف.


ونضيف إلى ذلك تقبلنا، وبتلذذ في غير قليل من الأحيان، للألفاظ والصيغ غير الشائعة، والتراكيب التي تقف عندها الأذن مستغربة، أو ربما مستهجنة، لو وردت في كتابة نثرية، صحيح أن قيود الوزن والقافية والأسجاع والموازنات... إلخ هي التي تضطر الشاعر إلى هذا وغيره، لكن سحر الموسيقا أيضًا هو الذي يَجْبُر هذه الضرورة، ويحلي تلك القيود أن الموسيقا مسؤولة في الحالين: إنها تقيد من جهة، لكنها تعود من الجهة الأخرى فتفك هذه القيود وتطلق الطاقات المذخورة، إنها هناك سلبًا وإيجابًا، وهذه من مفارقات الإبداع الأدبي المدهشة، ومن ذلك مثلًا هذا البيت لعمر بن أبي ربيعة، الذي يتحدث فيه عن طول ترقُّبه مغيب القمر تطلعًا إلى لقاء فتاته في أمان من العيون:

وغاب قُمَيرٌ كنت أرجو غيوبَه ♦♦♦ وروَّح رُعيانٌ ونوَّم سُمَّرُ


حيث استخدم صيغة التصغير: "قُمير" بدلًا من "قمر"، والمصدر "غُيوب" بدلًا من "مغيب" أو "غياب"، والفعلين: "روَّح" و"نوَّم" بدلًا من "راح" و"نام"، والجمعين: "رُعيان" و"سُمَّر" بدلا من "رُعاة" و"سامرون" أو "سُمار"، وكذلك قول إبراهيم ناجي في قصيدته "العودة":

دارُ أحلامي وحبي لقيتنا
في وجوم مثلما تلقى الجديد
أنكرتنا، وهي كانت إن رأتنا
يضحك النور إلينا من بعيد


فعبثًا نبحث في جملة "يضحك النور" (وهي خبر "كانت") عن ضمير يعود على اسم هذا الفعل الناسخ، ومع ذلك فإن النغم الموسيقي للبيت يغطِّي على ما فيه من كسرٍ لهذه القاعدة التركيبية.

إن الشِّعر ليشبه المرأة الجميلة الأنيقة التي يُغتفر لها ما لا يُغتفر للعاطلات من الجمال والأناقة جميعًا: هذه لفتنتها وجمالها، وذاك لسحر أنغامه وموسيقاه، ومن هنا أيضًا نستطيع أن نفهم مثلًا كيف أنه لا ملام على الشاعر إذا خاطب الملوك بأسمائهم المجردة، أو إذا استعمل معهم فعل الأمر بضمير المفرد عاريًا عن عبارات الترجي والخضوع التي كثيرًا ما نُضطر للجوء إليها حتى في مخاطبة مَن ليسوا ملوكًا، على الأقل من باب اللياقة الاجتماعية، إنه سحر الموسيقا العجيب!


هذا عن علاقة الأدب بالموسيقا، أما بالنسبة لعلاقته بالزخرفة فمن الواضح الذي لا يحتاج إلى تدليل أن معظم الشواهد الماضية تصلح تمام الصلاحية للاستشهاد بها هنا أيضًا، كل ما في الأمر أن إدراك الجانب الموسيقي في الإبداع الأدبي يتم عبر الأذن، أما الجانب الزخرفي فندركه بالعين، والزخرفة، كما نعرف، تقوم على تناظر الأشكال والصُّور أو تكررها، وهذا ملحوظ تمامًا في الموازنة والتشريع والتسميط، وكذلك في رد العجُز على الصدر إذا استُخدمت نفس الكلمة في أول الجملة وفي آخرها، ثم قبل ذلك كله في الوزن والقافية، وفي هذا المعنى يقول د. علي شلق: إن "فن البديع في الكلام يجري على نمط من الزخرف في النقوش والمنمنمات والخط في جميل تكوينه وحلاوة التواءاته ولطف مستوياته... مثل المعماري الذي يزوِّق تاج العمود عند اكتماله كذلك المتكلم يزوِّق تعبيره بعد أن يستوفي مداه من الحضارة"، وإنه "بعد أن بدأ نجم الكتابة يسطع بأسلوب عبدالحميد وحبكة الجاحظ بعده جماليًّا، نما لدى العرب شعور بجمال الشكل فكتبوا خطوطًا، ورسموا أشكالًا، وزخرفوا جدرانًا، وزينوا الكلام ورصَّعوه بالتحاسين القائمة على اللفظ الجميل والتركيب المتناغم والإيقاع البديع"[11]، وينبغي في هذا السياق ألا ننسى أن ألوان البديع ومحسناته كثيرًا ما يُطلق عليها: "الزخارف البديعية".


وننتقل إلى فن التصوير، والواقع أن إمكانات الأدب في هذا المضمار أكبر وأثرى من إمكانات الريشة؛ إذ إن الرسم لا يستطيع أن ينقل لنا إلا لقطة واحدة، ومن ثم لا يمكن أن يكون المشهد المرسوم إلا ساكنًا؛ ففن التصوير فن مكاني، أما الأدب ففن زماني؛ ولذلك فبمُكْنته أن يصور لنا الأحداث المتتالية مهما استغرقت من زمن، وإن كان من الممكن بطبيعة الحال أن يقتصر، متى أراد، على تزويدنا بمشهد من لقطة واحدة، بل إننا في فن الرسم قد نُحرم مما عدا الأبيض والأسود من ألوان كما هو الحال في الرسم بقلم الرصاص أو الفحم، أما الأدب فلأنه يعتمد في إدراكه على الخيال، كما سبق توضيح ذلك، فإنه لا يقف في طريقه أية عقبة تمنعه من نقل المشهد بألوانه الطبيعية، بل إنه ليمضي أبعد من ذلك كثيرًا؛ إذ بمقدوره، إلى جانب نقل الملامح والألوان مما يستطيع الرسام أن يفعله، أن ينقل لنا كذلك الأصوات والروائح والملموسات، وأن يتغلغل أيضًا إلى أطواء الضمير فيعرِّفنا بما يدور في عقول الأشخاص الموجودين من أفكار، وما في قلوبهم من مشاعر وأهواء، وما في ضمائرهم من رضًا أو حرج أو حيرة أو ندم، بل إن في استطاعته، فوق هذا، أن يُطلعنا على ما ينوون أن يفعلوه في مقبل الأيام، وعلى ما يستعيدونه من ذكريات الماضي، قريبًا كان ذلك الماضي أو بعيدًا، وهو، حين يفعل هذا، يستطيع أن يراعي الترتيب الزمني الطبيعي متجهًا إلى الأمام، أو أن يعكس الأوضاع فيولي وجهه من الحاضر إلى الماضي، أو أن يراوح بين هذا وذاك على أي ترتيب، أو قل: على أي عدم ترتيب، يريد!


كما يتفوَّق الأدب أيضًا على التصوير، فهذا الفن الأخير لا يستطيع، في تقديمه للشخص أو المكان، أن يذكر لنا مثلًا اسمه أو جنسيته، على عكس الأدب، الذي يمكنه ذلك بمنتهى السهولة، كذلك فإن التصوير الأدبي لا يتم دفعة واحدة، بل شيئًا فشيئًا، مثيرًا بذلك شوقنا إلى معرفة ما سيأتي، أما في تصوير الريشة فإن المشاهد يرى اللوحة في لمحة واحدة دون أن تتاح له الفرصة لتجرِبة لذة التشويق الأدبي، وفضلًا عن ذلك فباستطاعة الأدب أن يقدم لنا المشهد أو الحدث بأكثر من عين، كما هو الحال في القصص مثلًا؛ إذ نراه مرة بعين إحدى شخصيات القصة، وأخرى بعين شخصية ثانية.. وهكذا، ثم إن الأدب يتقبل من المبالغات ما لا يستطيعه التصوير، كمثل رحا عمرو بن كلثوم التي تطحن الأعداء طحنًا، والتي:

يكون ثفالها شرقيَّ نجد ♦♦♦ ولهوتها قُضاعة أجمعينا

أو كقول بشار بن بُرد:

إذا ما غضِبْنا غَضْبةً مُضَريَّةً ♦♦♦ هتَكْنا حجاب الشمسِ أو قطَرَتْ دمَا

وعلى نفس النحو تقف اللوحة إزاء بعض ألوان التهكم على الأقل متبلدة لا تستطيع أن تحير شيئًا، وإلا فماذا يمكن الرسام فعله أمام قول محمود طاهر لاشين، متهكمًا ببطل من أبطال قصصه، إنه "لم يمت تمام الموت؟"، وهذا مجرد مثال، بل إن السينما نفسها بكل قدراتها ومرونتها لا تستطيع أن تباري قلم الأديب فتنقل لنا الروائح وإحساسات اللمس، كما أنها، حين تريد أن تجوس خلال العقول والضمائر والقلوب، لا تتمتع بذات الطلاقة التي أودعها الله فن الأدب.


كذلك يمتاز الأدب على فنَّي التصوير والسينما باعتبار آخر، فهذان الفنان يُرياننا ما يريدان أن يُطلعانا عليه كما هو؛ إذ ها هي ذي الصورة، أو ها هي ذي المشاهد المتتابعة أمام عينيك كما يريد لك المصور السينمائي أن تراها، أما الأدب فإنه يترك لخيالك مساحة من الخصوصية في تصوُّر الخطوط والألوان والحركات والأصوات والمشمومات والملموسات وخلجات الفكر والشعور بطريقتك أنت، إنه مثلًا يقول لك: إن عينَيْ هذا الشخص أو ذاك زرقاوان، وقد يحدد لك درجة الزرقة، لكن خيالك أيها القارئ هو الفيصل في إدراك هذا اللون والشيَة التي هو عليها، أما المصور السينمائي فإنه لا يخبرك بشيء ثم تقوم أنت بتخيله حسب خبراتك الشخصية وإمكاناتك الإدراكية، بل يعطيك اللون الذي يريد ودرجته فتعاينهما معاينة مباشرة ببصرك، إنه يقيِّد عينيك فلا تريان إلا ما هو ماثل أمامهما، على عكس الخيال، الذي لا يستطيع قلم الأديب أن يقدِّم له إلا الخطوط العامة، أما التفاصيل والخصوصيات فلا مناص له من أن ينهض بعبء تصورها مرتكنًا في ذلك، كما قلنا آنفًا، على خبراته في الماضي وإمكاناته في مجال الإدراك.


وشيء آخر يمتاز به الأدب عن هذين الفنين، ألا وهو أنه، في تصويره للأشياء والأشخاص والحوادث، لا يكتفي بتصويرها في ذاتها فحسب، بل يشبهها في ذات الوقت بغيرها، فهو، فضلًا عن تصويره للشيء كما هو في الواقع، يستحضر في الوقت نفسه ما يشبهه من أشياء أخرى، أو يستعير له سمات تلك الأشياء استعارة؛ أي: إنه يقدِّم لنا الشيء باعتبارين في وقت واحد، وهو ما لا يستطيعه الفنانان المنافسان على أن الأمر في الأدب لا يقتصر على التصوير الطبيعي، بل يمتد ليشمل أيضًا التصوير الكاريكاتوري، وهذا كله دليل على غنى إمكانات هذا الفن وخصوبته، والآن مع التمثيل، وإلى القارئ هذا الأبيات التي اقتطفناها من مواضع متفرقة من معلقة عنترة:

هل غادر الشعراءُ من مُتردَّم؟
أم هل عرفتَ الدار بعد توهُّمِ؟
يا دار عبلةَ بالجواء تكلمي
وعِمي صباحًا دارَ عبلة واسلمي
وتحلُّ عبلةُ بالجواء، وأهلُها
بالحَزْن فالصِّمَّان فالمُتثلَّم
وكأن فارة تاجر بقسيمة
سبقت عوارضها إليك من الفم
أو روضةً أُنفًا تضمن نبتها
غيثٌ قليل الدمن ليس بمعلَم
جادت عليه كل عين ثرَّةٍ
فترَكْنَ كلَّ قرارة كالدرهم
سحًّا وتَسكابًا، فكل عشية
يجري عليها الماء لم يتصرَّم
وخلا الذباب بها فليس ببارح
غَرِدًا كفعل الشارب المترنِّم
هزِجًا يحك ذراعه بذراعه
قَدْحَ المُكب على الزناد الأجذم
ولقد شربتُ مِن المُدامة بعدما
ركد الهواجرُ بالمشُوف المُعلَم
بزجاجةٍ صفراءَ ذات أَسِرَّةٍ
قُرِنَتْ بأزهَرَ في الشمال مُفدَّم
لما رأيتُ القوم أقبل جمعُهم
يتذامرون كرَرْتُ غير مُذمم
يدعون عنترَ، والرماحُ كأنها
أشطان بئرٍ في لبان الأدهم
ما زلتُ أرميهم بثغرة نحرِه
ولبانه حتى تسربَلَ بالدَّم
فازوَرَّ مِن وَقْع القنا بلبانه
وشكا إليَّ بعبرةٍ وتحمحُمِ
لو كان يدري ما المحاورة اشتكى
ولكان، لو علِم الكلامَ، مكلِّمي


فهذه الأبيات تتضمن خطوطًا وألوانًا وحركات وأصواتًا وكلامًا وتدسُّسًا إلى مواطن الضمير الخفية، لا في النفس البشرية فحسب، بل في نفس الحيوان الأعجم أيضًا، إن القصيدة تبدأ بتساؤل ذهني يوجهه الشاعر إلى نفسه، وهو ما لا تستطيع اللوحة أن تؤديه، وفيها إشارة إلى نيته من التلبُّث عند أطلال الحبيبة، وإلى رغبة فرسه في الشكوى من حر السيوف وألم الرماح لو استطاع الكلام، كما أن فيها ذكرًا للتحية التي وجهها الشاعر إلى دار حبيبته متمنيًا لها الخير والسلامة، وهذا أيضًا مما لا تستطيع اللوحة أن تقتنصه، وكذلك فيها العطر الذي ينفح به فمُ الحبيبة مُشبهًا ما يتضوع من نشر الروضة غبَّ تسكاب المطر، وهذا أيضًا مما لا قبل للوحة (ولا للسينما) أن تمسك بشيء منه، وفيها، فوق ذلك، هزج الذباب، وترنم الشارب، وحمحمة الفرس، ولا شيء من هذا يمكن أن تقدمه لنا اللوحة المصورة، وفيها كذلك أسماء الأماكن التي نزلت فيها عبلة وقبيلتها، وهو ما لا تقدر اللوحة أن تفعل إزاءه شيئًا، ولا السينما أيضًا، إلا أن تلجأ إلى لافتات مكتوب عليها هذه الأسماء مثلًا، وفيها حركة انتقال الحبيبة وقومها من هنا إلى هناك، وحركة تهطال المطر، وحركة الذباب يحك ذراعه بذراعه، وحركة ازورار الأدهم عن طعنات السيوف والرماح، وهذا كله مما يقف المصوِّر أمامه عاجزًا لا يملِكُ له حيلة.

أما التصوير الكاريكاتيري فنمثِّلُ له بهذه السطور التي يصف فيها القصاص محمود طاهر لاشين أحد الدراويش المخبولين (أو بالأحرى: المتخابلين) وما يضعه حول عنقه من سُبح وقلائد ضخمة مزركشة لزوم الدروشة، يقول لاشين: "وعلى صدره قلائد من خرز وسبح من الخشب ينوء بحملها حمار في مثل حجمه، وأعتقد أننا لو اتخذنا منها حبلًا نجعل طرفه في الأرض لأمكن الرجل الذي في القمر أن يمسك بالطرف الثاني لو أنه مدَّ ذراعه قليلًا"[12]، لا، بل إن أعظم رسَّامي الكاريكاتير عبقرية لَيعجِزون عن أن يرسموا هذه الصورة اللاشينية العجيبة، وبخاصة في جزئها الأخير!


ومثلما هو الحال في العلاقة بين الأدب والتصوير كذلك الحال في العلاقة بينه وبين النحت، إن الكلمات قادرة على وصف الأشياء ذات الحجوم وصفًا مجسمًا، ثم تزيد على ذلك الحركة والصوت والرائحة، وكذلك التقاط دبيب المشاعر والأفكار والنيات أيضًا، لا الحركة وحدها كما ظن الفيلسوف الألماني لسنج، وقد ظهر في تاريخ الشعر الفرنسي في النصف الأخير من القرن التاسع عشر مدرسة تُسمى: "المدرسة البرناسية" كان أعضاؤها يَدْعون إلى أن يكون الشاعر نحاتًا أو صنائعيًّا يلتزم التزامًا صارمًا بالموضوعية، فيُلغي شخصيته إلغاءً تامًّا، ويعمل بكل ما في وسعه على أن يجيء شعره تصويرًا مجسدًا يبرز الأوصاف الخارجية للشيء الموصوف إبرازًا، فكأنه التمثال المنحوت[13]، بَيْدَ أن الأدب، شعره ونثره لا الشعر منه فقط، يزيد على ذلك وصف الصوت والرائحة والأفكار والمشاعر والنيات، علاوة على ما ينتحيه في وصفه ذاك من تشبيهات واستعارات وكنايات ومجازات مما سلفت الإشارة إليه.


وفي شعرنا القديم أمثلة جدُّ كثيرةٍ على هذا اللون من الإبداع الشعري؛ إذ يعكف الشاعر على ناقته أو فرسه مثلًا يصفها عضوًا عضوًا بكل ما لديه من تحديد وتدقيق، كما يقابلنا في شعر الغزل أحيانًا مثل هذا الوصف للمرأة التي يحبها الشاعر: شعرها وعينيها ووجنتيها وفمها وعنقها وصدرها وقوامها وخصرها وساقيها... إلخ، وإن لم يعنِ هذا بالضرورة أن كل شاعر يقدم قائمة مفصلة بكل ملامح حبيبته ومقاييس جسدها، بل غالبًا ما يقف كل واحد من الشعراء أمام ما يعجبه من تلك الملامح، والآن إلى الشواهد، ونبدأ بهذه الأبيات التي ينحت فيها امرؤ القيس تمثالًا لمحبوبته واصفًا بشرتها وعينيها وخدها وجِيدها وشعرها وجدائلها وصدرها وخصرها وأصابعها على النحو التالي:

وبيضةِ خِدر لا يُرام خباؤها
تمتَّعتُ مِن لهو بها غير مُعجَل
مهفهفةٍ بيضاءَ غير مُفاضة
ترائبُها مصقولة كالسَّجنجل
تصدُّ وتبدي عن أسيلٍ وتتقي
بناظرةٍ مِن وحش وَجْرةَ مُطفل
وجيدٍ كجِيد الرِّئم ليس بفاحش
إذا هي نصَّتْه ولا بمعطَّل
وفرعٍ يَزين المتنَ أسودَ فاحمٍ
أثيثٍ كقِنْوِ النَّخلة المُتعَثْكِل
غدائرُه مستشزراتٌ إلى العلا
تضل العِقاص في مُثَنًّى ومرسَلِ
وكَشْحٍ لطيفٍ كالجديل مخصَّرٍ
وساقٍ كأنبوب السَّقْي المُذلَّل
وتعطو برَخْص غير شَثْنٍ كأنه
أساريعُ ظبيٍ أو مساويكُ إسحِلِ
ويضحي فتيتُ المسك فوق فراشها
نَؤُومُ الضُّحى لم تنتطِقْ عن تفضُّلِ
تضيءَ الظلامَ بالعِشاءِ كأنها
منارةُ مُمْسَى راهبٍ متبتِّلِ
إلى مِثلِها يرنو الحليمُ صبابةً
إذا ما اسبكَرَّتْ بين دِرعٍ ومِجوَلِ[14]


وعندنا أيضًا الأبيات التي يجسد فيها عبدة بن الطبيب فرسه تجسيدًا؛ إذ يصف لنا كيف كان يَذْعَر وحش الفلا:

بساهمِ الوجه كالسرحان منصلتٍ
طِرفٍ تكامل فيه الحُسن والطُّول
خاظي البضيعة عُريانٍ قوائمُه
قد شفَّه مِن ركوب البَرْد تذبيل
كأن قرحتَه إذ قام معتدلًا
شَيْبٌ يلوَّح بالحناء مغسول
إذا أُبِسَّ به في الألف برَّزه
عُوجٌ مركَّبة فيها براطيل
يعلو بهن ويَثني وهْو مقتدر
في كَفْتِهن، إذا استُرْغِبْنَ، تعجيلُ[15]


ولدينا كذلك رائعة ديك الجن التي يقول فيها واصفًا الديك في بُكرة الصباح وقد أوفى على شرف يرجِّع صوتَه ترجيعًا:

أمَا ترى راهبَ الأسحار قد هتَفا
وحثَّ تغريده لما علا الشَّعفا؟
أوفى بصِبغ أبي قابوس مفرقه
كدُرَّة التاج لمَّا أن علا شرفا
مشنَّف بعقيق فوق مذبحه
هل كنتَ في غير أذنٍ تعرف الشنفا؟
هزَّ اللواء على ما كان من سِنة
فارتَجَّ ثم علا، واهتزَّ ثم هفا
ثم استمرَّ كما غنى على طرف
مريح شرب على تغريده وضفا[16]


أما الأدب النثري فنستطيع أن نسوق منه هذه السطور للدكتور محمد حسين هيكل، وفيها تتجلى براعته في تدقيق الوصف وتحديده وتفصيله حتى لكأنك لا تشاهد فقط الشيء الذي يصفه، بل تلمسه بيدك لمسًا، يقول في وصف باطن الكعبة حين زارها في حجته في ثلاثينيات القرن الماضي: "الكعبة بهوٌ رفيعٌ خالٍ من كل زينة وزخرف، وسقفها يعتمد اليوم على ثلاثة عُمُد من الخشب الضارب لونه إلى حمرة تشوبها صفرة، ويرجع العهد بهذه العُمُد إلى أجيال طويلة خلَتْ؛ فعبدالله بن الزبير هو الذي وضعها حين جدَّد الكعبة، ولم يُصِبْ هذه العُمُد فساد على طول العهد بها إلا ما كان من خمسين سنة ونحوها حين تآكل أسفلها فشدت بدوائر من خشب طوقت بها وسمرت عليها، وتعلو هذه الدوائر عن أرض الكعبة ما يزيد قليلًا على ثلاث أذرع، وأرضها مفروشة برخام أبيض عادي قُصد منه إلى المتانة، ولم يُقصد إلى الزخرف، فأما الجدار فأحيط أسفله برخام مزركش بنقوش لم تعمل فيها يد ذوي الفن، ولم تُخرج بيت الله عن بساطته، وغُطيت جدران الكعبة بستر من الحرير، قيل: إنه كان أحمر ورديًّا في زمانه، ثم أحالته السنون إلى ما يشبه الرمادي الضارب إلى الخضرة... وهذا الستار القديم قد زُركش بالنسيج الأبيض، طُرزت عليه عبارات وألفاظ توائم روح العصر الإسلامي الذي كُتبت فيه من حيث دلالتها، فمنها: "سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم"، و"يا حنان يا سلطان، يا منان يا سبحان"، وهذه العبارات الأخيرة مكتوبة داخل دوائر من النسيج الذي طُرِّزت به.. إلخ"[17].


ولا تقتصر التشابهات بين الأدب والفنون الأخرى على ما مر ذكره، بل هناك أيضًا البناء والعمارة، ومن يمر بعينيه في المكتبات العامة على الأرفف المخصصة لكتب تاريخ الأدب ونقده فسوف يعثر على عناوين مثل: "بناء القصيدة عند الشاعر الفلاني أو في العصر العلاني" أو "بناء الرواية" مثلًا، وفي العقود الأخيرة كانت هناك ضجة مصمة للآذان تتحدث عن "البنيوية" منهجًا في نقد الأدب، وبخاصة في مجال الأسطورة والقصة، مما يدل على أن ثمة علاقة بين الأدب وفن البناء كذلك.


ونبدأ بالشعر؛ حيث نرى ابن قُتيبة مثلًا في القرن الثاني الهجري يحاول استخلاص التصميم البنائي الذي كانت تجري عليه القصيدة العربية القديمة في كثير من نماذجها؛ إذ لاحظ أن الشعراء الجاهليين عادة ما يفتتحون قصائدهم بالوقوف على الأطلال والبكاء عندها، جاعلين ذلك سببًا لذِكر أهلها الظاعنين عنها بحثًا عن الماء والكلأ، ثم ينتقلون من هذا إلى النسيب وشكوى الوجد وألم الفِراق بغية استمالة الأسماع والقلوب؛ لأن الحب والحديث عنه مما تلَذُّه النفوس، فإذا استوثقوا أنهم قد ملكوا أعنَّة الأسماع والقلوب عقبوا بذكر ما يستوجب حقوقهم عند من يقصِدون مدحهم، فوصفوا رحلتهم ومشاقَّها، حتى إذا ما اطمأنوا أنهم مهدوا السبيل إلى قلوب ممدوحيهم دخلوا في المديح وفضلوهم على أشباههم وحركوا أريحيتهم... وهكذا، وعليهم أثناء ذلك أن يعدلوا بين الأغراض فلا يُغلِّبوا قسمًا على قسم آخر ولا يُطيلوا فيملوا أو يقصروا فيخلوا... إلى آخر الشروط التي طالب بها هذا الناقد الكبير شعراءنا القدامى كي يحوز شعرهم قبول المتذوقين الخبراء ورضاهم[18].


وقد ظل كثير من الشعراء يُخلصون لهذا البناء الذي استخلص تصميمه ناقدنا القديم وأوجب اتباعه بخطوطه العامة وتفاصيله معًا، ثم ظهر مِن بين الشعراء مَن حاول الخروج على هذا النهج ساخرًا منه ومتهكمًا بمن ينسجون على منواله؛ كأبي نواس، الذي تململ في بعض أشعاره من هذه المواصفات، وإن خضع لها في كثير من قصائده رغم ذلك... إلى أن جاء العصر الحديث فرأينا كيف أخذ هذا التصميم يشحب قليلًا قليلًا حتى انتهى به المطاف إلى التواري تمامًا، وأضحت القصيدة تدور حول موضوع واحد، ويظللها جو نفسي واحد، وربما لم يكن الموضوع الذي تعالجه أكثرَ من خاطرة أو حالة نفسية... إلخ، وذلك بفضل الدعوات الملحة عند عدد من الشعراء إلى استبدال ما سموه: "الوحدة العضوية" به، وعلى رأس هؤلاء الناقد والشاعر العملاق عباس محمود العقاد في الكتاب الذي ألفه هو وصديقه إبراهيم المازني في شبابهما مطلع العقد الثالث من القرن المنصرم وسمياه: "الديوان في الأدب والنقد"، وكان رأيه، رحمه الله، أن القصيدة عند شوقي لا تزيد عن أن تكون كومة من الرمل المتهايل، ومن ثم فمن الممكن تقديم ما نشاء من أبياتها أو تأخيره حسبما يحلو لنا دون أن يختل لها نظام، على حين أن القصيدة الحقَّة ينبغي أن تكون "كالبناء المقسَّم الذي ينبئك النظر إليه عن هندسته وسكانه ومزاياه"[19].


على أن بناء القصيدة لا يتعلق فحسب بما تتناوله من موضوعات، بل هناك أيضًا البناء الموسيقي، ومعروف أن القصيدة العربية ظلت أعصرًا طويلة تسير على وتيرة الوزن الواحد والقافية الواحدة من أولها إلى آخرها، ثم جدت بعد ذلك أبنية موسيقية أخرى فكانت المزدوجات والمسمطات والموشحات والرباعيات، وهي طُرزٌ من البناء الموسيقي أكثر تعقيدًا من البناء القديم ذي اللون الواحد، ثم جاء العصر الحديث فاعترى القصيدةَ العربية تطور عنيف، حاد بها عن اتباع البحور الخليلية إلى الاكتفاء بتكرار تفعيلة واحدة من التفاعيل التي تتكون منها هذه الأبحر تكرارًا يختلف من سطر إلى سطر دون نظام مطرد: فمرة يكتفي بإيراد التفعيلة مرة واحدة في سطر من السطور، لنفاجأ بها وقد تكررت خمسًا مثلًا في السطر الذي يليه، ثم ثلاثًا أو ستًّا أو ثماني في السطر الذي بعد ذلك.. وهلم جرًّا، وعلى نفس النحو من اللانظام تجري تقفية القصيدة، وقد أُطلق على هذا اللون الجديد من الإبداع الشعري: "شعر التفعيلة"، أو "الشعر الجديد".


وكما أن هناك بناءً للقصيدة، كذلك هناك بناء للعمل القصصي؛ فهو مجموعة من الحوادث آخذ بعضها برقاب بعض بحيث يكون كل منها نتيجة طبيعية لما سبقه، وعلة منطقية لما يليه، وهذه الحوادث تقع مِن أَوْ لأشخاص مِن البشر صفاتهم وقدراتهم كصفات الناس من حولنا وقدراتهم، وتُحركهم نفس البواعث والدوافع التي تحرك هؤلاء، ولا بد أن يكون هناك اتساق بين تصرفات هؤلاء الأشخاص وأفكارهم وكلامهم وبين ظروفهم الاجتماعية والنفسية ومستواهم العقلي والثقافي والذَّوقي، كذلك ينبغي مراعاة مبدأ الاختيار والتركيز؛ إذ يستحيل نقل الحياة كما هي في الواقع اليومي بكل تفاصيلها، ومن هنا قيل: إن المطلوب هو "الإيهام بالحياة" لا نقلها نقلًا أمينًا لا يغادر صغيرة منها ولا كبيرة إلا أحصاها، وينبغي، بالإضافة إلى هذا، العمل على إقامة توازن بين عناصر الفن القصصي من سرد وحوار ووصف وتحليل، وكذلك بين بدايته ووسطه وخاتمته... إلخ، ومن الأعمال القصصية ما يكون تصميمه مطابقًا لمجرى الزمن الطبيعي؛ أي: يبدأ من أبعد نقطة في الماضي، ثم يتقدم مع الحوادث إلى الأمام، إلى أن تنتهي القصة، وهناك تصميم قصصي آخر يسير عكس هذا الاتجاه؛ أي: من نهاية القصة إلى أولها، ليعود في خاتمة المطاف إلى نهايتها كرةً أخرى، ومن التصميمات ما يتخذ شكلًا حلزونيًّا؛ إذ تتفرع من القصة الرئيسية قصة أخرى، وهذه تتفرع منها قصة ثالثة... وهكذا.


وفي الفترة الماضية اهتم فريق من النقاد بالوصول إلى البنية العميقة في الإبداع القصصي، وهي، حسبما يقولون، بنية واحدة في كل الأعمال القصصية، وإن اختلفوا بعد ذلك في تحديد هذه البنية، ومن ذلك مثلًا البنية التي توصَّل إليها جوليان جريماس، وخلاصتها أن أي عمل قصصي يتكوَّن، لا محالة، من أربعة عناصر أو وحدات، هي: الخروج، ثم العهد الذي يأخذه البطل على نفسه ويلتزم من خلاله ببلوغ الهدف، ثم العقبات التي تعترض طريقه ويغالبها حتى يذلِّلَها، ثم أخيرًا بلوغه الغاية التي كان يضعها نصب عينيه ليعود بعدها من حيث أتى[20].


مِن هذا يتبين لنا ثراء الإبداعات الأدبية وقدرتها الواسعة على نقل الحياة صوتًا وصورةً وحجمًا وحركة وخطًّا ولونًا وبناءً، نقلًا موحيًا يثير المشاعر ويحفز الأفكار ويحرض النفوس ويرج الضمائر ويستفز الأفراد والمجتمعات ويغير حركة التاريخ... إلخ، وكل ذلك بفضل تلك الأداة الصغير البسيطة، أداة الحرف، التي لا تخاطب حاسة واحدة أو اثنتين، بل تخاطب الحواس كلها لتصل عبرها إلى الخيال، الذي يترجم هذه الكلمة إلى صوت أو رائحة مثلًا، وتلك العبارة إلى حركة أو مشهد... إلخ، فتمثل الحياة أمام عين ذلك الخيال بكل حيويتها وعنفوانها وصخبها، وصدق الرسول الأكرم: ((إن مِن البيان لسحرًا))!



[1] انظر الفصلين الأولين من الكتاب المذكور/ دار الجليل/ دمشق/ 1983م.

[2] مجدي وهبة وكامل المهندس/ معجم المصطلحات العربية في اللغة والأدب/ ط2/ مكتبة لبنان/ 1984م/ 197.

[3] وهذا اللون من "الجناس" يمثل ملمحًا بارزًا من الملامح الأسلوبية في رسالة ابن غرسية الأندلسي، التي وضع صاحب هذه السطور دراسة عنها في بضع عشرات من الصفحات مرقونة على الحاسوب، وتنتظر النشرَ منذ أعوام غير قليلة.

[4] كريمة زكي مبارك/ زكي مبارك ناقدًا/ دار الشعب/ 1978م/ 71.

[5] انظر هذه الخَصيصة في شعر ربيعة الرقي في الفصل الذي كسرتُه عليه وعلى ديوانه في كتابي "شعراء عباسيون" (دار الفكر العربي/ 1421هـ - 2000م/ 112 وما بعدها).

[6] حيث تكررت العبارات التالية: ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴾ [الشعراء: 8، 9]، ﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ * سَلَامٌ عَلَى ﴾ [الصافات: 78، 79]، ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ﴾ [القمر: 17]، ﴿ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾ [الرحمن: 13]، ﴿ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ﴾ [المرسلات: 15] في السور المذكورة على التوالي.

[7] Devin StEwart، Saj in the Quran: Prosody and Structure، Journal of Arabic Literature، Issue 21، P. 133.

[8]انظر د. محمد النويهي/ الشعر الجاهلي - منهج في دراسته وتقويمه/ الدار القومية للطباعة والنشر/ 4/ 82 - 84.

[9] انظر كتابيه: "مشاهد القيامة في القرآن"/ ط7/ دار المعارف/ 100 - 101، و"في ظلال القرآن"/ ط11/ دار الشروق/ 1402هـ - 1982م/5/2945، على أنه لا بد من القول بأن سيد قطب لم يفصِّل الكلامَ على هذا النحو، بل التفصيل مِن عندي أنا.

[10] انظر كتابه "مبحث في علم الجمال"/ ترجمة د. أنور عبدالعزيز/ 275.

[11] د. علي شلق/ العقل في التراث الجمالي عند العرب/ دار المدى/ بيروت/ 1985م/ 262 - 263.

[12] من قصة "الشيخ محمد اليماني" من مجموعة "يحكى أن".

[13] انظر في ذلك د. محمد مندور/ الأدب ومذاهبه/ دار نهضة مصر/ 101 - 102، و Magdi Wahbah، A Dictionary of Literary Terms، Libraireie du Libnan، Beirut، 1979، PP. 384 - 385; The Oxford Compagnon to French Litereature، Oxford، 1969، PP. 539 - 540; J. A. Cudden، A Dictionary of Literary Terms، PP. 471 - 472; Princeton Encyclopaedeia of Paroey and Poetics، England Editiotn، 1979، PP. 599 - 600; and Oxford Concise Dictioanay of Literary Terms، Oxford University Press، 1966 - P. 161.

[14]غير مفاضة: ضامرة البطن، دقيقة الخصر. البيضة: الدرة. السجنجل: المرآة. المطفل: ذات الطفل. الرئم: الظبي. نصته: رفعته. الفرع: الشعر. المتن: الظهر. المداري: الأمشاط. الكشح: الخصر. الجديل: الحبل المجدول. الأنبوب: ساق نبات البردي. اسبكرَّت: مشَتْ مختالة.

[15] ساهم الوجه: قليل لحمه. السرحان: الذئب. المنصلت: الماضي. الطِّرف: الكريم الأصل. الخاظي: الكثير اللحم. الطريقة: سلسلة الظهر. شفَّه: أنحله. التذبيل: النحافة. يلُوح: يغير بياضه إلى حمرة. أُبس: نودي. العُوج: القوائم. البراطيل: الحجارة المستطيلة، والمقصود: حوافر الفرس. الكفت: القبض. استرغبن: أكثرن مِن العَدْو.

[16] الشعف: المكان المرتفع. المشنف: لابس الشنف، وهو القُرط. وضف: غنى.

[17] د. محمد حسين هيكل/ منزل الوحي/ ط2/ مكتبة النهضة المصرية/ 1952م/ 201.

[18] انظر ابن قتيبة/ تحقيق أحمد محمد شاكر/ دار المعارف/ 1/ 74 - 76.

[19] الديوان في الأدب والنقد/ ط3/ دار الشعب/ 130 - 132.

[20] انظر د. نبيلة إبراهيم سالم/ نقد الراوية من وجهة نظر الدراسات اللغوية الحديثة النادي الأدبي بالرياض/ 1400هـ - 1980م/ 61 - 69، وكذلك مقالها "البدايات الأولى للتأليف القصصي"/ مجلة "الأقلام" العراقية/ نوفمبر 1975م، ويجد القارئ مناقشة للمنهج البنيوي في الفصل السادس من كتابي "مناهج النقد العربي الحديث"/ دار الفكر العربي/ 1424هـ - 2003م/ 205 - 249، أما رأيي في هذا اللون من التحليل البنيوي للأعمال القصصية فيجده بدءًا من ص 233 من الكتاب المذكور.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حول التصريع والتقفية والتجميع والتدوير
  • عرض بحث: التصريع في وسط القصيدة (نماذج من الشعر الجاهلي)

مختارات من الشبكة

  • الأدب نور العقل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مباحث ومشكلات في الأدب المقارن العربي (1)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الأدب غير الإسلامي(مقالة - موقع د. أحمد الخاني)
  • أدب المرء عنوان سعادته(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأدب الأدب يا طالب العلم مع الأشياخ (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • نظرية الأدب المقارن وتجلياتها في الأدب العربي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الأدب المقارن الإسلامي: حالة التقاليد الأدبية الإسلامية في الأدب القوقازي - حوار ريبيكا روث غولد(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • في الأدب (الأدب والدعوة إلى الفضيلة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الأدب الألخميائي (الأدب الإسباني المكتوب بحروف عربية)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • آداب الزيارة وشروطها(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب