• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الشرح الميسر على الآجرومية (للمبتدئين) (6)
    سامح المصري
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الحال لا بد لها من صاحب
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية النكتة رؤية تداولية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الإعراب لغة واصطلاحا
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    مفهوم القرآن في اللغة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    أهل القرآن (قصيدة)
    إبراهيم عبدالعزيز السمري
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي
علامة باركود

الجاحظ وعلم الدلالة

د. سيد مصطفى أبو طالب

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/12/2016 ميلادي - 6/3/1438 هجري

الزيارات: 129046

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الجاحظ وعلم الدلالة

 

عُنِي الأقدمون بتقسيم الدلالة ومن هؤلاء الذين عُنوا بالدلالة وتقسيمها: الجاحظ وابن جني، وغيرهما. وسأعرض لتقسيمهم بشيء من التفصيل[1].

تقسيم الجاحظ للدلالة:

قَسَّم الجاحظ الدلالة إلى خمسة أقسام، فقال: "وجميع أصناف الدلالات على المعاني من لفظ وغير لفظ خمسة أشياء لا تنقص ولا تزيد، أولها: اللفظ، ثم الإشارة، ثم الَعْقد، ثم الخط، ثم الحال، وتسمى نُصْبَة، فالألفاظ هي التي تكشف لك عن أعيان المعاني في الجملة، ثم عن حقائقها في التفسير، وعن أجناسها وأقدارها، وعن خَاصِّها وعَامِّها، وعن طبقاتها في السَّارِّ والضَّارِّ، وعما يكون منها لغوًا بهرجًا وساقطًا مُطَّرَحًا.

فأما الإشارة فباليد، وبالرأس، وبالعين، والحاجب، والمنكب، إذا تباعد الشخصان، وبالثوب وبالسيف،... والإشارة واللفظ شريكان، ونعم العون هي له، ونعم الترجمان هي عنه، وما أكثر ما تنوب عن اللفظ وما تغني عن الخط....


فأما الخط، فما ذكر الله تبارك وتعالى في كتابه من فضيلة الخط والإنعام بمنافع الكتاب قوله لنبيه: ﴿ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ﴾ [العلق: 4] وأقسم به في كتابه المنزل على نبيه المرسل حيث قال: ﴿ ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ ﴾ [القلم: 1] ولذلك قالوا: القلم أحد اللسانين.

وأما القول في العقد وهو الحساب دون اللفظ والخط، فالدليل على فضيلته وعظم قدر الانتفاع به، قول الله عز و جل: ﴿ فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيم ﴾ [الأنعام: 96]، وقال جل وتقدس: ﴿ الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ * الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ ﴾ [الرحمن: 1 - 5]، وقال تبارك وتعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ [يونس: 5]، وقال تبارك وتعالى: ﴿ وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا ﴾ [الإسراء: 12] والحساب يشتمل على معان كثيرة ومنافع جليلة، ولولا معرفة العباد بمعنى الحساب في الدنيا؛ لما فهموا عن الله عز وجل ذكره معنى الحساب في الآخرة....


وأما النُّصْبَة، فهي الحال الناطقة بغير اللفظ والمشيرة بغير اليد، وذلك ظاهر في خلق السموات والأرض، وفي كل صامت وناطق، وجامد ونام، ومقيم وظاعن، وزائد وناقص، فالدلالة التي في الموات الجامد كالدلالة التي في الحيوان الناطق، فالصامت ناطق من جهة الدلالة، والعجماء معربة من جهة البرهان".[2]

والذي يعنينا في مجالنا هذا من إطار الدلالة السابقة هو الدلالة اللفظية، أي: دلالة الألفاظ اللغوية على معانيها، وهو عين موضوع المعنى اللغوي.[3]


تقسيم ابن جنـّي للدلالة:

وقسم ابن جني الدلالة إلى ثلاثة أقسام: لفظية، وصناعية، ومعنوية.

قال أبو الفتح ابن جني: " اعلم أن كل واحد من هذه الدلائل معتدّ مراعًى مُؤْثر إلا أنها في القوّة والضعف على ثلاث مراتب:

فأقواهنّ الدلالة اللفظية، ثم تليها الصناعية، ثم تليها المعنوية. ولنذكر من ذلك ما يصحّ به الغرض. فمِنه جميع الأفعال. ففي كل واحد منها الأدِلَّة الثلاثة. ألا ترى إلى قام ودلالة لفظه على مصدره، ودلالة بنائه على زمانه، ودلالة معناه على فاعله. فهذه ثلاث دلائل من لفظه وصيغته ومعناه. وإنما كانت الدلالة الصناعيّة أقوى من المعنويّة من قِبَل أنها وإن لم تكن لفظا فإنها صورة يحملها اللفظ، ويخرج عليها ويستقرّ على المثال المعتزَم بها. فلمّا كانت كذلك لحِقت بحكمه وجرت مجرى اللفظ المنطوق به فدخلا بذلك في باب المعلوم بالمشاهدة. وأما المعنى فإنما دلالته لاحقة بعلوم الاستدلال وليست في حيزّ الضروريات، ألا تراك حين تسمع (ضَرَب) قد عرفت حدثه وزمانه ثم تنتظر فيما بعد فتقول: هذا فِعل ولا بدّ له من فاعل، فليت شعري من هو وما هو فتبحث حينئذ إلى أن تعلم الفاعل من هو وما حاله مِن موضع آخر لا من مسموع (ضرب) ألا ترى أنه يصلح أن يكون فاعله كلّ مذكّر يصحّ منه الفعل مجملا غير مفصَّل....[4]


وقد حلل د/ البركاوي هذا النص، وبين المقصود بهذه الدلالات الثلاث، فقال:

1- الدلالة اللفظية: يبدو أن المقصود منها دلالة اللفظ على المعنى الوضعي المستفاد من المادة المعجمية التي يتكون منها، وذلك كدلالة (ض-ر-ب) على حدث الضرب، أي: الصورة الذهنية المختزنة بإزاء هذه المادة في الذاكرة الإنسانية.

2- الدلالة الصناعية: ويقصد بها دلالة الصيغة أو الشكل المعين للكلمة على معنى إضافي لاحق بالمعنى الأصلي المتحصل من أصل المادة، كدلالة صيغة (ضرب) على المضيّ، بالإضافة إلى دلالتها الأصلية على حدث الضرب.

3- الدلالة المعنوية: والمقصود بها دلالة الالتزام أو التضمن، وهي دلالة عقلية، كقولنا: (قام) إثبات لحدث القيام في الزمن الماضي، ويتضمن ذلك أو يلزم عنه وجود شخص أو شيء يسند إليه ذلك القيام.[5]


موضوع علم الدلالة:

يستفاد مما سبق أن هذا العلم يُعْنَى بالمعنى، لذا فإن موضوع هذا العلم هو (المعنى).

يقول أستاذنا د/ البركاوي: ويشكل المعنى الموضوع الأساسي في علم الدلالة، سواء أكان اللفظ المفرد، أم العبارة، أم الجملة.[6]

ثم يبين كيف تتم دراسة هذا المعنى، فيقول: " ثم تتفرع زوايا النظر إلى ذلك المعنى وفقا للمنهج المتبع في دراسته، فإذا كان المنهج تاريخيا؛ برزت قضايا التطور التاريخي للمعاني، والقوانين التي يخضع لها هذا التطور، وإذا كان المنهج وصفيًا؛ كان الاهتمام الأساسي هو الكشف عن ماهية هذا المعنى، والبحث في أفضل الطرق الممكنة لتحليله إلى عناصره ومكوناته".[7]

ويبين د/أحمد مختار عمر أن الرموز هي موضوع علم الدلالة أيا كان نوعها، ثم يوضح أن علم الدلالة يُعْنَى عناية خاصة باللغة من بين أنظمه الرموز، فيقول: " يستلزم التعريف الأخير[8] أن يكون موضوع علم الدلالة أي شيء أوكل شيء يقوم بدور العلامة أو الرمز، هذه العلامات أو الرموز قد تكون علامات على الطريق، وقد تكون إشارة باليد، أو إيماءة بالرأس، كما قد تكون كلمات وجملا.

وبعبارة أخرى: قد تكون علامات أو رموزا غير لغوية تحمل معنى، كما قد تكون علامات أو رموزا لغوية.

ورغم اهتمام علم الدلالة بدراسة الرموز وأنظمتها بحيث تشمل ما كان منها خارج نطاق اللغة؛ فإنه يركز على اللغة من بين أنظمة الرموز باعتبارها ذات أهمية خاصة بالنسبة للإنسان.[9]


وعلى ذلك، فإن علم الدلالة يتناول الموضوعات الأساسية الآتية:

1- معاني المفردات حين تكون رموزاً لأشياء من خارج اللغة = (المعاني الوضعية).

2- المعاني الوظيفية للوحدات اللغوية من المورفيمات =(الوحدات الصرفية)، والكلمات والجمل من حيث علاقات هذه المعاني، ويطلق بعضهم على النوع الأول: (المعاني المعجمية)، وعلى النوع الثاني: (المعاني التركيبية أو الوظيفية)، سواء أكانت صرفية أم نحوية أم اجتماعية.

3- النظريات المختلفة التي يتم من خلالها تحليل المعاني، وذلك مثل: نظرية السياق، أو نظرية الحقل اللغوى وغيرها.

4- قضايا تعدد المعاني للفظ الواحد، أو تعدد الألفاظ للمعنى الواحد، كما يتناول قضايا وضوح المعنى.

5- قضايا تطور المعنى، مظاهره، وأسبابه، وقوانينه، ونحو ذلك.[10]

وهناك وجهة نظر خاصة بعلماء المعاجم في تعريف الدلالة لا يؤيدها البحث، فهم يعرفون علم الدلالة "بأنه ذلك الفرع من علم اللغة الذي يقوم بدراسة المعنى المعجمي"؛[11] ذلك لأن هذا التعريف يقصر علم الدلالة على مجال واحد من مجالات اهتمامه، إذ يدل على "أن علماء المعاجم ينظرون إلى علم الدلالة على أنه يختص بدراسة الألفاظ المفردة دون القضايا أو النظريات المختلفة التي قد يتناولها علماء اللغة عند دراستهم لعلم الدلالة".[12]

فهذا التعريف السابق يشير" إلى نظرة ضيقة قنعت بالأمور السطحية ولم تأت بجديد في هذا الشأن أكثر من تقديم تسمية جديدة لدراسة قديمة معروفة، هي صناعة المعجمات وما يرتبط بها من تصنيف كلمات اللغة وإعطائها معانيها العامة ".[13]


منزلة علم الدلالة:

إذا كان موضوع علم الدلالة هو دراسة المعنى بكل ما يتعلق به من قضايا؛ فإنه بلا شك هو الحصيلة النهائية للمنطوق بهيئتة البنائية المعينة وما ينتظمه من عناصر أو لبنات منسوقة نسقاً خاصاً وفقاً لقواعد نظم الكلام في اللغة.[14]

وعلم الدلالة - كما وصفه د/السعران: قمة الدراسات اللغوية.[15]

يقول د/ السعران: علم الدلالة أو دراسة المعنى فرع من فروع علم اللغة، وهو غاية الدراسات الصوتية، والفونولوجية، والنحوية والقاموسية، إنه قمة هذه الدراسات.[16]


وإذا كانت الدراسات الصوتية والفنولوجية والنحوية والقاموسية لم ينهض بها عادة إلا اللغويون؛ فإن النظر في المعنى موضوع شارك فيه علماء ومفكرون من ميادين مختلفة، شارك فيه من قديم: الفلاسفة، والمناطقة خاصة، وشارك فيه علماء النفس، وعلماء

الاجتماع، والأنثروبولوجيا حديثا، وأسهم فيه علماء السياسة والاقتصاد، وجماعات من الفنانين والأدباء، والصحفيين، وذلك لأن المعنى اللغوي من شأنه أن يشغل المتكلمين جميعا على اختلاف طبقاتهم ومستوياتهم الفكرية.[17]

يتضح من هذا النص أهمية علم الدلالة، وتشابكه مع العلوم الأخرى، وأن البحث في دلالة الألفاظ أو دراسة المعاني علم جليل، "إذ يتوقف كثير من قضايا الحياة على فهم النصوص فهما صحيحا دقيقا، ففي ميدان الحقوق والقانون مجال كبير للاختلاف على دلالة الألفاظ في مجال المعاهدات الدولية، والاتفاقات التجارية، والمعاملات الاقتصادية"[18] وفي ميدان الدين -وخاصة في الفقه الإسلامي- تحتل النصوص موقعا خاصا، ويتعلق على فهمها تحديد الأفكار في العقائد، والأحكام في قضايا المعاملات والعبادات، ويقع لذلك الاختلاف في فهم مراد الشارع، وتحديد معاني الألفاظ في القرآن الكريم والحديث.[19]


وفي هذا الشأن - شأن قيمة الدلالة وفهمها في مجال الدين- يقول ابن جني: "إن أكثر من ضل من أهل الشريعة عن القصد فيها، وحاد عن الطريقة المثلى إليها، فإنما استهواه واستخف حلمه ضعفه في هذه اللغة الكريمة الشريفة التي خوطب الكافة بها، وعرضت عليها الجنة والنار من حواشيها وأحنائها، وأصل اعتقاد التشبيه لله تعالى بخلقه منها، وجاز عليهم بها وعنها، وذلك أنهم سمعوا قول الله سبحانه وعلا عما يقول الجاهلون علوا كبيرا: ﴿ أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ ﴾ [الزمر: 56]، وقوله عز اسمه: ﴿ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 115]، وقوله: ﴿ قَالَ يَاإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ﴾ [ص: 75]، ونحو ذلك من الآيات الجارية هذا المجرى،.. حتى ذهب بعض الجهال في قوله تعالى: ﴿ يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ ﴾ [القلم: 42]، أنها ساق ربهم، ونعوذ بالله من ضعف النظر وفساد المعتبر،... ولو كان لهم أنس بهذه اللغة الشريفة، أو تصرف فيها، أو مزاولة لها؛ لحمتهم السعادة بها ما أصارتهم الشقوة إليه بالبعد عنها،... وطريق ذلك: أن هذه اللغة أكثرها جارٍ على المجاز، وقلَّما يخرج الشيء منها على الحقيقة،.. وذلك أنهم يقولون: هذا الأمر يصغر في جنب هذا، أي: بالإضافة إليه، وقرنه به، فكذلك قوله تعالى: ﴿ أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ ﴾ [الزمر: 56]، أي: فيما بيني وبين الله، إذا أضفت تفريطي إلى أمره لي ونهيه إياي..". [20]

ومما يؤكد خطر = (أهمية) دراسة المعنى: أن جانب المعنى هو قائد الدراسات المنصبة على صياغة الأساليب والألفاظ، فقد وُضِعت قواعد النحو ورُتِّبت أحكامه على مقتضى المعنى، ومن مقاييسهم المأثورة في ذلك: أن الإعراب فرع المعنى، والصرف إنما هو قواعد لصوغ الصيغ حسب المعاني الصرفية، وضبط التغيرات التي تعتريها في ذلك، والبلاغة تقنين لبراعة الأساليب في تصوير المعنى المقصود، ومطابقة ما يقتضيه الحال منه، وعلى المعاني تدور دراسات النقد الأدبي، وهذا بالطبع إلى جانب دراسات فقه اللغة التي هي قائمة على المعنى ومخصصة له".[21]

يقول د/ بشر: "ويمثل المعنى في الدراسات اللغوية اليوم نقطة أساسية من نقاط البحث، بل إن أستاذنا فيرث جعله أساس هذه الدراسات كلها وهدفها الأول".[22]

وإذا كان علم الدلالة موضوعه المعنى - كما سبق - فإنه يعد أساساً لكل الدراسات اللغوية التي سبق الحديث عنها، والتي أشار إليها العلماء من العرب والمستشرقين.



[1] هناك عدد من التقسيمات وردت في كتب المناطقة والأصوليين واللغويين، فعلى سبيل المثال: قام الإمام الغزالي بتقسيمها إلى دلالة مطابقة، وتضمن، والتزام. ينظر: المستصفى من علم الأصول (1 /30). للإمام الغزالي دار إحياء التراث العربي، ومؤسسة التاريخ العربي. بيروت ط:3 -1414هـ - 1993م.

وقسمها الأصبهاني إلى دلالة وضعية وغير وضعية، فقال: وهي إما وضعية، أي: يكون للوضع مدخل فيها، إما بلا واسطة كما في المطابقة، أو بواسطة، كما في التضمن والالتزام، وإما غير وضعية ولا مدخل لها في العلوم، والوضعية تنقسم إلى لفظية وإلى غيرها. بيان المختصر (1 /120)، وينظر: طرق دلالة الألفاظ على الأحكام المتفق عليها عند الأصوليين (ص17) رسالة ماجستير إعداد / حسين على جفتجي. جامعة الملك عبد العزيز. مكة المكرمة. 1401هـ -1981م، وعلم الدلالة أصوله ومباحثه في التراث العربي(ص64) وما بعدها. دراسة/ منقور عبد الجليل. اتحاد الكتاب العرب- دمشق. 2001م.

كما قسمها الزركشي إلى لفظية وغير لفظية. ينظر: البحر المحيط (2 /269)، وقريب من هذا التقسيم تقسيم ابن النجار الحنبلي. ينظر: شرح الكوكب المنير(1 /125) وما بعدها، والتعريفات للجرجاني (ص93)، وكشاف اصطلاحات الفنون للتهانوي (1 /788).

[2] البيان والتبيين (1 /75-83).

[3] المعنى اللغوي (ص47) دراسة عربية مؤصلة نظريًا وتطبيقيًا د. محمد حسن حسن جبل. مكتبة الآداب ط:1 – 1426هـ - 2005م.، وينظر: منهج الدرس الدلالي عند الإمام الشاطبي (ص162).تأليف الأستاذ / عبد الحميد العلمي. وزارة الأوقاف. المغرب. 1422هـ -2001م، ودلالة الألفاظ على الأحكام المتفق عليها (ص15).

[4] الخصائص (3/98، 99). لأبي الفتح عثمان بن جني. تح/ محمد على النجار. سلسلة الذخائر. الهيئة العامة لقصور الثقافة. القاهرة. 2006م.

[5] في الدلالة اللغوية (ص25، 26).

[6] في الدلالة اللغوية (ص18)، وعلم الدلالة (ص58). د. محمد عبد الحفيظ العريان. ط:2 – 1424هـ 2003م.

[7] في الدلالة اللغوية (ص18).

[8] يقصد به تعريف علم الدلالة بأنه ذلك الفرع الذي يدرس الشروط الواجب توافرها في الرمز حتى يكون قادرًا على حمل المعنى.

[9] علم الدلالة (11، 12).

[10] في الدلالة اللغوية (ص18، 19).

[11] الكلمة دراسة لغوية معجمية د.حلمي خليل (ص99) دار المعرفة الجامعية للطبع والنشر والتوزيع. الإسكندرية. بدون تاريخ.

[12] ينظر السابق (ص100).

[13] علم الدلالة دراسة دلالية وتطبيقية (ص14، 15). د. فريد عوض حيدر. مكتبة الآداب. ط:1 – 1426هـ - 2000م.

[14] علم الأصوات د.كمال بشر (ص623). دار غريب. 2000م.

[15] ينظر: علم اللغة مقدمة (ص213).

[16] علم اللغة مقدمة (ص213).

[17] السابق (ص213)، وينظر: علم الدلالة د.فريد حيدر (ص15، 16).

[18] ينظر: دلالة الألفاظ د. إبراهيم أنيس (ص81) وما بعدها. مكتبة الأنجلو المصرية. بدون تاريخ.

[19] علم الدلالة د / العريان (ص5، 6)

[20] الخصائص لابن جني (3 /245).

[21] المعنى اللغوي د. محمد حسن جبل (ص11).

[22] دور الكلمة في اللغة لاستيفن أولمان (ص3، 4). د. كمال بشر. مكتبة الشباب. 1987م.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الدلالة والنحو
  • علم الدلالة واللسانيات
  • ظنية الدلالة ونقد فكرة المعارضات عند فخر الدين الرازي
  • (استخدام علم الدلالة في فهم القرآن: قراءة في تجربة الياباني توشيهيكو) لعبدالرحمن حللي.
  • الدلالة اللغوية
  • علاقة الدلالة بعلم أصول الفقه
  • مفهوم السياق في الدلالة
  • الظاهر من واضح الدلالة
  • تعريف الدلالة لغة واصطلاحا
  • عبقرية الجاحظ
  • الجاحظ وبيانه
  • تراث الجاحظ: كتاب الحيوان - الجزء الثالث من الصفحة 200 إلى 300
  • الإفهام والإقناع في بلاغة الجاحظ: الأسس والتجليات

مختارات من الشبكة

  • آراء الجاحظ في اللغة: قراءة في ضوء لسانيات التراث(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الجملة الخبرية في نثر الجاحظ (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • السرد عند الجاحظ (البخلاء نموذجا)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • في رسم كتاب الجاحظ (البيان والتبيين) أم (البيان والتبين)؟(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • السخرية في أدب الجاحظ (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • من تراجم المنشئين: الخوارزمي - ابن العميد - ابن عبد ربه - ابن المعتز - الجاحظ - الحسن بن وهب(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • ظاهرة البخل عند الجاحظ: دراسة نصية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مقاليد الكتب: "أدب الجاحظ"(مقالة - حضارة الكلمة)
  • حجاجية الأسلوب في رسالة التربيع والتدوير للجاحظ(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الدلالة وعلم الدلالة: المفهوم والمجال والأنواع (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 


تعليقات الزوار
1- شكر وتنبيه
آلاء حجازي - فلسطين 26-06-2022 03:14 PM

مقال رائع في علم الدلالة استفدت منه... وفيه خلل عقدي في كلام ابن جني في نفي الساق الحقيقية والوجه الحقيقي لله عز وجل باعتبارها من الألفاظ الدالة

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/11/1446هـ - الساعة: 8:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب