• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | المكتبة المرئية   المكتبة المقروءة   المكتبة السمعية   مكتبة التصميمات   كتب د. خالد الجريسي   كتب د. سعد الحميد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الإبداع في القرآن الكريم: أنواعه، مجالاته، آثاره ...
    عبدالله محمد الفلاحي
  •  
    صفة الحج: برنامج عملي لمريد الحج وفق السنة ...
    أ. د. عبدالله بن محمد الطيار
  •  
    سبعون أدبا في الصحبة والسفر والعلم (PDF)
    د. عدنان بن سليمان الجابري
  •  
    شرح كتاب: فصول الآداب ومكارم الأخلاق المشروعة ...
    عيسى بن سالم بن سدحان العازمي
  •  
    كفى بالموت واعظا
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    أحكام المخابز (PDF)
    أبو جعفر عبدالغني
  •  
    "كلمة سواء" من أهل سنة الحبيب النبي محمد صلى الله ...
    محمد السيد محمد
  •  
    صفحات من حياة علامة القصيم عبد الرحمن السعدي رحمه ...
    أ. د. عبدالله بن محمد الطيار
  •  
    الأساس في أصول الفقه (PDF)
    د. عبدالله إسماعيل عبدالله هادي
  •  
    خطبة .. من سره أن يلقى الله تعالى غدا مسلما
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الأربعون حديثا في تحريم وخطر الربا (PDF)
    طاهر بن نجم الدين بن نصر المحسي
  •  
    الله (اسم الله الأعظم)
    ياسر عبدالله محمد الحوري
شبكة الألوكة / مكتبة الألوكة / المكتبة المقروءة / الرسائل العلمية / رسائل ماجستير
علامة باركود

الرعاية الصحية والطبية في القرن الأول الهجري (عرض ودراسة)

أسماء يوسف أحمد آل ذياب

نوع الدراسة: PHD
البلد: الإمارات العربية المتحدة
الجامعة: الشارقة
الكلية: الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية
التخصص: قسم التاريخ والحضارة الإسلامية
المشرف: أ .د . سلامة محمد الهرفي البلوي
العام: 1431-1432هـ / 2010-2011م

تاريخ الإضافة: 27/4/2011 ميلادي - 23/5/1432 هجري

الزيارات: 57986

 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ملخص الرسالة

عرض دراسة

"الرعاية الصحية والطبية في القرن الأول الهجري"

أعدَّ العرض: محمود ثروت أبو الفضل

 

يقول العلاَّمة ابن خَلْدون في "مقدِّمته" في فصل "صناعة الطب": "هذه الصناعة ضروريَّة في المدُن والأمصار؛ لما عُرِف من فائدتها؛ فإنَّ ثمرتَها حفظ الصِّحة للأصحَّاء، ودَفْع المرض عن المرضى بالمداواة، حتى يحصل لهم البُرء من أمراضهم، واعلم أنَّ أصل الأمراض كلِّها إنَّما هو من الأغذية"[1]، ولَما كان الإسلام غايته الأساسيَّة حفْظ حياة المسلم والعناية بصحَّته الجسمانيَّة والنفسية؛ فقد اعتبر الشارع مهنةَ الطبِّ من فروض الكفاية التي إن لَم يَقُم بها أحد من أهل بلد مسلم أَثِم أهل البلد جميعًا، ونظَّم الإسلام مهنة الطب، ووضع قواعد الممارسة الطبية التي يجب أن يَلتزم بها كلٌّ من الطبيب ومريضِه؛ من أجل صلاح البدن وسلامة الفرد.

 

تأتي رسالة الأستاذة "أسماء يوسف أحمد آل ذياب"؛ التي اختارت لها عنوان: "الرِّعاية الصحية والطبية في القرن الأول الهجري (1 - 101 هـ/ 622 - 719م)"؛ لتغطي جانبًا هامًّا من جوانب عناية الإسلام بالرعاية الطبيَّة، وصناعة الطب خلال فترة "فجر الإسلام"، أو "عصر التأسيس والتقعيد" للحضارة الإسلامية في كافَّة مجالاتها الحياتيَّة والمعاشية، وهو ما يُبرز أهمية هذه الرسالة على وجه الخصوص؛ حيث إن الدراسة "تطمح أن تسدَّ ثغرة في المكتبة العربية الإسلامية، التي تفتقر للدراسات المتخصصة في هذا الحقل المهم، فعلى حدِّ علم الدارسة، فإنه لم يتم بحث هذا الموضوع تحت هذا العنوان: "الرِّعاية الصحية والطبِّية في القرن الأول الهجري"، من خلال دراسة جامعية، كما أن الدراسة تطمح إلى إبراز مُشاركة علماء الأمَّة في إثراء المسيرة الإنسانية في هذا الحقل الكبير، مما يعزِّز حبَّ الأجيال لتاريخهم، ويقوِّي من إيمانهم بِهُويَّتهم، ودورهم الفاعل والرِّيادي في المجتمع الإنساني.

 

ناهيك أن هذه الدراسة تطمح إلى تقديم نماذج حيَّة على سماحة الحضارة الإسلامية، وإيمانها القاطع باحترام كرامة الإنسان، ورعاية صحته وصحَّة كلِّ من يشاركه الحياة في هذا الكون، من خلال فلسفة الأخذ والعطاء، والتَّعايش والتواصُل"؛ صـ16.

 

وقد تقدَّمت الباحثة بهذه الدراسة الطَّيبة لنيل درجة "الماجستير" في مادة "التاريخ الإسلامي" من كلية الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية في "جامعة الشارقة" بدولة الإمارات العربية المتَّحدة؛ لعام (2010 - 2011)، وأشرف على الرسالة "أ. د. سلامة محمد الهرفي البلوي"، وأشرف على مناقشتها "أ. د. أحمد العموش" عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية، و "د. نور الدين الصغير".

 

قسَّمت الباحثة دراستَها إلى ثلاثة فصول، مسبوقة بِمُقدمة وتمهيد، ومذيَّلة بخاتمة ومَلاحق؛ تناول التمهيدُ نبذةً مُختصرة عن الرعاية الصحية والطبية عند الأمم القديمة، وجاءت عناوين الفصول الثلاثة للدراسة كما يلي:

1- الرعاية الصحية والطبية في عصر الرِّسالة.

2- الرعاية الصحية والطبية في العصر الرَّاشديِّ.

3- الرعاية الصحية والطبية في الدولة الأُمويَّة (41 - 101هـ / 661 - 719م).

وخصَّصت الباحثة الخاتمة لأهم النتائج التي خرجت بها الدراسة.

 

وقد اعتمدت الباحثة في دراستها على منهج الاستشهاد والاسترداد التاريخيِّ، المعتمِد على حاسَّتَي النقد والتحليل المعهودتين في أمثال الرسائل العلميَّة المتخصصة، فضلاً عن استخدام المنهج الكمِّي، أو التحليل عن طريق الإحصاءات، والذي حرصت من خلاله على تزيين الدِّراسة بجداول إحصائيَّة عديدة، تُبْرز فيه خلاصة تحليلِ واستقراء معلوماتِ مباحث كلِّ فصل من فصولها الثلاثة.

 

الرعاية الصحية والطبية عند الأمم القديمة:

بدأت الباحثة بتمهيدٍ لدراستها عن بدايات الطبِّ عند الأمم القديمة، وتأثيره في الحضارات السابقة لحضارة الإسلام؛ التي اعتمدت قرنه الهجري الأول نطاقًا زمنيًّا لرسالتها، وبيَّنت أن "الطب قديم قِدمَ الإنسان نفسه"؛ صـ22، فقد اعتمد الإنسان في بداياته على منهج التجربة، حيث أخذ يؤلِّف بين عناصر بيئته من أعشاب، وحشائش، ونباتات، ويُوازِن بينها، حتى انتهى في نهاية المطاف إلى صناعة مجموعةٍ من العقاقير الطبية البسيطة لِمُعالجة بعض أمراضه، وتطبيب جروحه؛ يُخطئ مرَّات، ويصيب مرة.

 

وبتوالي الأزمان والحضارات المختلفة، بلغَتْ صناعة الطب شأوًا عظيمًا، ففي عهد الفراعنة نجِدُهم برعوا في تشخيص وحصر الأمراض، بل "ويظهر من دراسة بعض المومياوات أن الفراعنة برعوا في الجراحة وعلم التشريح، وذلك من خلال الآثار التي تحملها تلك المومياوات"؛ صـ23، وقد قدَّس المصريُّون القدماء أحد أطبَّائهم العظام، وجعلوه في مرتبة توازي مرتبة الآلهة! فيما يعرف لديهم "بعبادة الأسلاف"؛ حيث جعلوا من "إيمحوتب" طبيب الملك "زوسر" من الأسرة الثالثة إلهًا للطب، ويذكر هيردودت (ت 425 ق.م) "أن المصريِّين انفردوا بالتحنيط، ونَجحوا فيه، وأنَّهم عرفوا الطبَّ معرفة جيدة، وتخصَّصوا في أفرعه، فمنهم من تخصَّص في أمراض النساء، ومنهم من تخصص في أمراض العيون، وذكر أيضًا أنهم اتَّبعوا في علاجاتهم سبلاً وقوانين عاقبوا بها كل من خالفها"؛ صـ 23.

 

وهو ما يؤكد العناية الكبرى التي كان عليها مجال الطِّب وقتذاك، وكان أغلب أطبَّاء المصريين كهنةً ورجالَ دينٍ، حيث كانت إحدى الدراسات الكهنوتيَّة التي يجب أن يلِم بها الكاهن في بدايات تعلُّمه تعتمد على الصلوات والتعاويذ والتمائم، إلى جانب كيفيَّة تطبيب المريض، وبعض المُمارسات الطبِّية التي يحرص كهنة المستقبل على الإحاطة بها كتقليدٍ كهنوتي قديم.

 

وتظهر قمَّة تطوُّر صناعة الطب والرعاية الصحية في مصر القديمة، "من خلال ظهور متخصِّصين في فروع محدَّدة من الطِّب، فهناك من تخصَّص في أمراض الرأس، وهناك من تخصص في الباطنيَّة، وهناك من تخصص في طبِّ الأسنان، وكلُّ ذلك تدلُّ عليه المحنَّطات وهياكِلُ العظام والأسنان الذهبيَّة التي عُثِر عليها في أضرحتهم"[2].

 

أمَّا في حضارتَيْ بابل وآشور القديمتَيْن، أو ما تُعرف بحضارة بلاد الرَّافدين، فقد استفاد البابليُّون والآشوريون من تقدُّم الطب المصري في علاج المَرضى، وأضافوا إليه الكثير، وكان مِمَّا ابتدعوه أنَّهم كانوا يضعون مرضاهم في الساحات العامة خارج مدنِهم بغرَض عَرْضهم على المارَّة؛ "حتَّى يتصلوا بهم للاستفسار عن معضلتِهم، فمَن كان منهم قد أصيب بِمثل هذا الدَّاء وشُفي منه من قبل؛ أرشد هذا المُصاب إلى استعمال نفس الوسائل والأدوية التي شفَتْه"[3].

 

وتعدُّ صرامة قوانين "حمورابي" التي غلَّظت العقوبات على الأطباء في حالة الخطأ أو الإهمال من أوائل التَّشريعات القانونية التي أصَّلَت لقواعد الممارسة الطبِّية، وكفلَت حقَّ المريض في حالة حدوث أيِّ خطأ أثناء المعالجة، ونجد أن الجهاز الطبِّي كان مرتبطًا بالملك نفسه، وكان الأطباء مقسَّمين إلى ثلاث فئات:

• فئة تعالج بالنُّصح.

• وفئة تعالج بالأدوية؛ من نباتيَّة وحيوانية.

• وفئة تعالج بالطَّلاسم (السِّحر).

وقد اهتمَّ البابليُّون بالتشريح، ولا سيَّما الكبد؛ حيث اعتقدوا أنَّه العضو المسيطِر على سائر أعضاء الإنسان.

 

أما في حضارة الهند القديمة، فقد اهتمَّ الهُنود بصناعة الطِّب، واكتشف بقايا مستشفى قديمٍ في سيلان، يرجع تاريخُه إلى القرن الخامس قبل الميلاد، كما كان من أهمِّ كتبهم التي ترجَمها العربُ وأخذوا منها: كتابُ الطبيب "شاراك"، الذي عاش في القرن الثاني الميلاديِّ، وكتاب الطبيب "سوسروتا"، والذي يعدُّ أهمَّ كتاب في الطب الهنديِّ وصل إلينا، وبه معلومات قيِّمة عن الطب الهندي، وطرق المعالجة والعقاقير التي كانوا يَستخدمونها.

 

أمَّا في حضارة بلاد الأوليمب "اليونان" القديمة، فقد كان الطبُّ عندهم من قسمين:

• قسم أسطوري: يعتمد على القُوَى الخارقة والشَّعوذة.

• قسم واقعي: قائم على المعرفة.

 

"وتقول الأسطورة اليونانيَّة أن "اسقيبلوس" برع في الطبِّ إلى درجة أن عدد الموتى قد قلُّوا، مما دفع اليونان إلى عبادة "اسقيبلوس"، حيث بدأ المرضى والأصِحَّاء يقدِّمون القرابين له"؛ ص27، وقد اتُّخِذت في المعابد مستشفيات؛ حيث كان يتمُّ علاج المرضى، ومن أهم أطبَّائهم "أبقراط" والذي يُعرف بأبي الطبِّ الإغريقي، وبعض الروايات تذهب إلى أن "أبقراط" هو أوَّل من أوجد المستشفيات في التاريخ الطبِّي؛ حيث أنشأ بالقرب من داره في موضع بستانٍ مجمعًا للمرضى، وخلَّف هذا الطبيبُ أكثرَ من ستين مؤلَّفًا في الطب، كانت مرجعًا للأطباء في حِقَب تاريخيَّة طويلة.

 

ويأتي أيضًا في نفس المكانة الطبيب الإغريقي المشهور "جالينوس"، ويَذكُر ابن جلجل عنه "أنه مفتاح الطِّب، وباسطُه وشارحه بعد المتقدِّمين، وله في الطبِّ ستة عشر ديوانًا، لم يسبقه أحدٌ إلى علم التشريح، ألَّف فيه سبع عشرة مقالة في تشريح الموتى، وألَّف في تشريح الأحياء كتابًا، وشرح كتب "أبقراط" كلها وبسطها"[4].

أما الصِّينيُّون، فقد ربَطوا بين الأمراض وتعاقُب الفصول الأربعة، حيث لاحظوا أنَّ أمراض الصدر تَكثر في الشِّتاء، والحُمِّيات تكثر في الخريف، وأنَّ الأمراض العصبية تكثر في الرَّبيع، بينما تكثر الأمراض الجلديَّة في الصيف؛ ومن ثم نبَّهوا على ضرورة الوقاية من جانب المريض تبعًا لكلِّ فصل بما يلزم للوقاية من هذه الأمراض الموسميَّة، كما عرفوا الدَّورة الدموية، وتمكَّنوا من معرفة التبدُّلات التي تَطرأ على النَّبض في الأمراض المختلفة، واعتمَدوا على الوسائل الطبيعيَّة للعلاج، حيث توسَّعوا في مفهوم العلاج الطبيعيِّ، فكان مزيجًا من الطبِّ اليوناني والهندي والمصري، وقد برزَتْ في فارس طبقة "الزَّرادشتيَّة"، التي اهتمَّت بدراسة الطب، ولمعت في صناعته، وتكوَّنَت من هذه الطبقة فئات ثلاثٌ من المعالجين: الأولى: كانت تعالِج بالأدعية والصَّلاة، والثانية: بالأغذية والعقاقير، والثالثة: كانت تَستعمل الأدوات الدقيقة في إجراء العمليات الجراحية.

 

أمَّا العرب قبل الإسلام، فكانوا يعتمدون في طبِّهم على السِّحر، وكان الكُهَّان والعرَّافون والمشعوذون والقافة هم من يُداوون المرضى، وكان "الكَيُّ بالنار" من أبرز وسائل العلاج عند العرب؛ لاعتقادهم بتسلُّط الأرواح الشريرة على جسم المريض، وأنَّها سببُ المرضِ الرئيسيُّ، واستخدموه في علاج أمراض المفاصل "الرُّوماتزم"، ووجع الرَّأس، والقروح.

 

أما عن النباتات، فقد عرَفوا الكثير من خواصِّ النباتات المنتشرة في البيئة الصَّحراوية لعلاج الأمراض، ومنها الكمُّون لعلاج النَّزلات الصَّدرية، والقُسْط[5] (Costus) كبخورٍ ودواء، والبَلسم في علاج الجُروح، وهو مادَّة صمغيَّة تُضمَّد بها الجراحات، واستعملوا أيضًا البان، وهو شجر معروف في علاج النمش، والكلف، والبهق، والجرب، وتقشُّر الجلد، والحنظل، ومرار الشجر؛ لعلاج الحَصْبة والجدري.

 

وكان الخِتَان شائعًا بين العرب، ويستعمل "الموسَى" للختان، ولوقف الدَّم تُستعمَل أدوية خاصَّة من مراهم وموادَّ، كما يستعمل الضِّماد أيضًا، ولم يكن الختان من أعمال الطَّبيب، وإنَّما يقوم به الختَّان والحلاقون والحجَّامون.

 

ومن أهمِّ الأطباء الذين ذاع صيتهم في جزيرة العرب "الحارث بن كلدة الثقفي"، وابنه "النضر بن الحارث بن كلدة"، و"ابن جذيم التميمي"، و"زهير بن الحميري"، و"ضماد بن ثعلبة الأزديُّ"، ويعدُّ أشهرَهم "الحارثُ بن كِلْدة"، قال عنه ابن جلجل في كتابه: "كان قد تعلَّم الطب بناحية فارس واليمَن، وتمرَّن هنالك، وعرف الدَّواء، وتعلَّم ذلك أيضًا بفارس واليمن، وبقي أيَّامَ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأيام أبي بكرٍ، وعُمر، وعثمان، وعليٍّ - رضي الله عنهم - ومعاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه"[6]، أما ابنه فقد كان مشهورًا مثل أبيه بالطبِّ والفلسفة والحكمة، وكان مُعاديًا للرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - وانضمَّ إلى أبي سفيان، وقُتِل بعد معركة بدر.

 

وتخصَّص نفَرٌ من الجاهليين في معالجة الحيوان، وأُطلِق عليهم "البياطرة"، وكانوا يعالجون الجِمَال وقطعان الماشية مِمَّا يصيبها من أمراض؛ كالجرب والعُرِّ، وغيرها بطرقٍ عديدة؛ كالكيِّ بالنار واستعمال القَطِران، حيث ورد في أشعارهم ذِكرٌ لذلك، ومنها:

قَدْ أَدْبَرَ العُرُّ عَنْهَا وَهْيَ شَامِلُهَا
مِنْ نَاصِعِ القَطِرَانِ الصِّرْفِ تَدْسِيمُ

 

ومن الأمراض أيضًا التي تصيب الإبل، وذكَروها فيما عرفوه من أمراضها: مرض "الدبرة"، يظهر في سنام الإبل، فلا يزال يأكل سنامه حتَّى يجب؛ أيْ: يقطع، وإلاَّ نزل على السناسن، فيصيبها، ويموت الحيوان، وإذا كان السنام مكشوفًا، فإن الطيور تنقرُه فيتأذَّى الحيوان، ويتألَّم وقد يموت، ومنها "السواف" و "الجارود"، وهما داءان يصيبان الإبل بالعدوى، وإذا فشيَا أهلكا الإبل، ومن أبرز أمراض الدوابِّ مرضٌ يُقال له: "العقل"، يصيب رِجلَ الدابة، إذا مشت ظلعت، وأكثر ما يعتري في الشاء، ومرض "الحلمة"؛ دودة تقع في جلد الشَّاة الأعلى وجلدها الأسفل، وقيل: دودة تقع في الجلد فتأكله، ومن أهم بياطرة الجاهلية "العاصُ بن وائل".

 

الرعاية الصحية والطبية في عصر الرسالة:

خصَّصت الباحثة فصلها الأول للحديث عن صناعة الطب والاهتمام بالرعاية الصحية، خلال عصر تأسيس الدولة الإسلامية على يد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وقد قسَّمته إلى ثلاثة مباحث: المبحث الأول: ناقشَت فيه التدابير الصحية الوقائية في عصر الرسالة، والمبحث الثاني: قامَت باستخدام نماذج مختارة من السُّنة النبويَّة في شأْن الرعاية الصحية والطبيَّة التي حثَّ عليها الشارع، وطبَّقَت عليها خاصية التحليل الإحصائي التي اعتمدتْها خلال هذه الدراسة، بينما المبحث الثالث: تحدَّثت فيه عن أشهر أطبَّاء وطبيبات عصر الرسالة.

 

أ- التدابير الصحية الوقائية في عصر الرسالة:

اهتمَّت السُّنة النبوية المطهرة والقرآن الكريم بالعناية الصحية للمسلم، وحثَّت على توجيه النصائح والتوجيهات الوقائية من الأمراض، وتنوَّعت هذه التوجيهات للاهتمام بكافَّة جوانب الوقاية من الأمراض، وكلُّ ذلك بأسلوب مُختصر مركَّز، ومن أبرز تلك التدابير الوقائية:

1- الحثُّ على طلب العلم، ومنه عِلْم الطب؛ فقد رُوِي عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((ما أنزَل الله داءً، إلاَّ أنزَل له شفاءً))، وهي دعوة صريحة لضرورة تقصِّي المرض وعِلَّته، والبحث عن طُرق لعلاجه، ومن ثَمَّ ربْط الرعاية الطبيَّة والصحيَّة بالعلم.

 

 

وقد اهتمَّ النبي بتحرير الطب من الشعوذة والخُرافات وأواصر الجاهلية التي كانتْ تعوق تقدُّمَه، وأقام النبي أوَّل مَشْفًى في المسجد؛ حيث كان فيه موضع لعلاج الجَرحى والمرضى، وأمَر النبي -  صلَّى الله عليه وسلَّم - في كثيرٍ من الأحاديث بالتداوي، فقد صحَّ عنه أمْرُ البعض بالتداوي بالحِمْيَة، وقطْع عِرْقٍ لبعضهم، وكي آخرَ، وقال لعلي - رضي الله عنه - وكان قد رَمِد: ((لا تأكُلْ من هذا - يعني: الرطب - وكلْ من هذا؛ فإنه أوْفَق لك))؛ يعني: سلقًا قد طُبِخ بدقيقٍ أو شعير.

 

2- الاعتدال في الطعام؛ فقد صحَّ عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنه قال: ((ما ملأ آدمي وعاءً شرًّا من بطنه، حسب ابن آدم ثلاث أكلات يُقِمْن صُلبه، فإن كان لا مَحالة، فثُلُث طعام، وثُلُث شراب، وثُلُث لنَفَسه)).

 

وقد أرشَد النبي أصحابه بشأْن عدم الإسراف في الطعام - فكما يقال: "المعدة بيت الداء"، ومنها تنشأ معظم الأمراض التي تهدِّد حياة الإنسان وتعرِّضه للهلاك - وأمَرهم بالتوسُّط.

 

3- الاهتمام بنوعية الغذاء؛ فقد ورَدت العديد من الآيات والأحاديث التي تؤكِّد أهميَّة بعض الأطعمة الطبية والصحيَّة، والتي منها على سبيل المثال: العسل؛ حيث أرشَد النبي - عليه الصلاة والسلام - لأهميَّته في علاج بعض الأمراض، فيُرْوَى أنَّ رجلاً أتى النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: أخي يشتكي بطنه، فقال: ((اسْقه عسلاً))، ثم أتاه الثانية، فقال: ((اسقه عسلاً))، ثم أتاه الثالثة، فقال: ((اسْقه عسلاً))، ثم أتاه، فقال: قد فعلت، فقال: ((صدَق الله، وكذَب بطنُ أخيك، اسْقه عسلاً))، فسقاه فبرَأ.

 

وقد أثبتَت الدراسات الحديثة أنه غذاء ليس له فضَلات، وغذاء مثالي للضُّعفاء والمرضى والأطفال، وغذاء يُريح الجهاز الهضمي؛ لأنه لا يحتاج إلى مجهود في الهضم، وغذاء يُريح الكُلَى والكبد؛ لأنه لا ينتج عنه فضلات سامَّة، وغذاء طازج دائمًا، فهو يحتفظ بقيمته الغذائية أطول وقت ممكن[7]، ومن الأطعمة التي حثَّ النبي - عليه الصلاة والسلام - على تناولها: التمر، فرُوِي عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنه قال: ((مَن تَصَبَّح كلَّ يومٍ بسبع تمرات عجوة، لَم يضرَّه في ذلك اليوم سُمٌّ ولا سِحْرٌ))، والتمرات في عُرف علماء التغذية تمثِّل غذاءً متكاملاً، يمدُّ الجسم بالطاقة والحركة والحرارة، ومن أهم الأطعمة التي حثَّ عليها الشارع أيضًا الزيتون، فقد وُصِفَ في القرآن بأنه شجرة مباركة: ﴿ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ﴾ [النور: 35]، وقال - عزَّ وجلَّ -: ﴿ وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ ﴾ [المؤمنون: 20]، وقال - عليه الصلاة والسلام -: ((كلوا الزيت وادَّهنوا به؛ فإنه من شجرة مباركة)).

 

وقد ذكَر البغدادي في كتابه "الطب من الكتاب والسُّنة "، عن زيت الزيتون بأنَّ "الإدهان به يقوِّي الشعر والأعضاء، ويُبَطِّئ الشيب، وشُرْبه ينفع السموم، ويطلق البطن".

 

وأيضًا ورَدت في كلٍّ من: الحبَّة السوداء، واللبن، والتلبينة، والأُتْرُجَّة، والخَل، والكَمأة، والإذْخر، وماء زمزم - أحاديثُ نبوية تبيِّن القيمة الغذائية والعلاجية لهذه الأطعمة، وصدق العلم الحديث بشأن منفعتها الصحية العظيمة لِمَن يحرص على تناولها، والتداوي بها.

 

وأيضًا ورَد في السُّنة النبوية التحذير من بعض الأطعمة التي لها آثارٌ سلبيَّة على الصحة البدنية والنفسية، وهي ما تسمَّى بالأطعمة المحرَّمة، ومنها الخمر؛ حيث قال الله - عزَّ وجلَّ - بشأْنها: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ﴾ [المائدة: 90- 91]، ويقول النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - عن الخمر: ((كلُّ مسكرٍ خمر، وكل مسكر حرام))، وقد أثبتَت الأبحاث العلمية أن شُرْب الخمر "يؤدِّي إلى التهابات في الأمعاء، وزيادة نوْبات مرض النقرس، والتخلُّف العقلي، والتشوُّهات الخلقية للأطفال الذين يُوْلَدون من أُمَّهات مُدْمِنات، وغيرها من الأمراض"[8]؛ لذا أُطْلِق على الخمر أمُّ الخبائث؛ لأنها تُذْهب العقل، وتدفع الإنسان لارتكاب المحرَّمات، وحرَّم الله أيضًا لحم الخنزير، فالخنزير حيوان قذر يعيش على الأوساخ والقاذورات، وهو ما تأْباه النفس السوية، وتعافه وترفض تناوله؛ لِمَا فيه من إخلال بطبع الإنسان ومزاجه السَّوي الذي خلَقه الله - عزَّ وجلَّ - فيه، ومِن ثَمَّ، فإنه يحتوي على العديد من الميكروبات التي تسبِّب العديد من الأمراض كما أثبَت العلم الحديث؛ لذا حرَّم أكْلَه الشارعُ، وحرَّم أيضًا الشارع الدمَ، والموقوذة، والمنخنقة، والمتردِّية، والنَّطِيحة، وما أكَل السَّبُع، إلاَّ ما ذُكِّي لَحْمُه؛ كما وردَ في الآية الكريمة: ﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ ﴾ [المائدة: 3].

 

4- الصيام: حثَّ الشارع على الصيام؛ لِمَا له من فوائد وفضائل، وكما قال أهل التجربة: "صوموا تصحوا"؛ فقد أثبتَت الدراسات الطبية الحديثة أنَّ الصيام فيه راحة للبدن، وإجازة للجهاز الهضمي لإعطائه فترة من الزمن يستريح فيها من الامتلاء والتفريغ، فيحصل له استجمام وراحة، يستعيد بها نشاطه وقوَّته، إلى جانب أن له دورًا كبيرًا في الوقاية من الأمراض، وخاصة أمراض المعدة، وزيادة الوزن، وزيادة الدهون، وزيادة الضغط، والسُّكري، والتهاب المفاصل.

 

5- النظافة: تُعَدُّ النظافة شعار الحضارة الإسلامية، وجعَل الله الطهارة من صفات المؤمنين؛ قال - تعالى -: ﴿ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾ [البقرة: 222]، وجعَل الوضوء شرطًا لإقامة الصلاة، وهناك العديد من الأحاديث النبوية التي تحضُّ على نظافة البدن والثياب، والمسكن والطُّرق والبيئة للمسلم، والنظافة أحد أهمِّ أسباب الوقاية من الأمراض، والتغلُّب على مسبباتها.

 

6- الرياضة: أحد التدابير الوقائية التي دعا إليها الرسول - عليه الصلاة والسلام - وحثَّ عليها؛ لدواعي الجهاد والمنافحة عن دين الله، والأصل الشرعي لهذا الاتجاه قول الرسول - عليه الصلاة والسلام -: ((المؤمن القوي خيْرٌ وأحبُّ عند الله من المؤمن الضعيف))، وقد تضمَّنت الأحاديث النبوية جملة من الرياضات المهمَّة التي حثَّ عليها النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ويأتي على رأْسها الرِّماية، وجاء في صحيح مسلم عن عقبة بن نافع أنه قال: سمعتُ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهو على المِنْبر يقول: ((﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ﴾ [الأنفال: 60]، ألا إنَّ القوة الرَّمْي، ألاَ إنَّ القوة الرَّمي، ألا إنَّ القوة الرمي))، ومن الرياضات التي ورَدت في التوجيهات النبوية أيضًا: الفروسية والسباحة والمبارزة.

 

7- الحَجْر الصحِّي: كانت التوجيهات النبوية الخاصة بالتدابير الوقائية تجاه العدوى والأمراض الوبائية - مِن أوائل ما وضع من قواعد لِمَا يُعرَف حديثًا "بالحجر أو العزْل الصحي"؛ حيث بيَّن المصطفى - صلَّى الله عليه وسلَّم - الإجراءات الصحيَّة في حالات الأوْبئة والطواعين، فقال: ((إذا سمعتم به بأرضٍ، فلا تقدموا عليه، وإذا وقَع بأرضٍ وأنتم بها، فلا تَخرجوا فرارًا منه))، وأيضًا حرَص الرسول - عليه الصلاة والسلام - على عدم انتقال العدوى من المرضى للأصحَّاء، فقال: ((لا يُورد ممرضٌ على مُصِحٍّ))، وغيرها الكثير.

 

8- الصحة النفسية: المتأمِّل لسيرة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - يجد أنه وضَع برنامجًا نفسيًّا متكاملاً يحمي الإنسان المسلم من الاضطرابات وما يُصاحبها من أمراض، من أهمها: التركيز على تقوية الرابطة الإيمانيَّة للمؤمن التي تُجنِّبه وساوس النفس الإنسانية، والتسلُّح بالأدعية والأذكار في معالجة الكرْب والحزن والهمِّ، وعدم الضَّعف أمام حبائل الشيطان.

 

9- الرعاية الصحية والطبيَّة للأطفال والنساء: فلإدراك الشارع أنَّ مستقبل الأمم في صحة أطفالها؛ وضعَ تدابير وقائية لحماية الطفل قبل أن يُولَد، وذلك من خلال الحِرص على اختيار الأم الصالحة له؛ حيث قال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((تخيَّروا لنُطفكم، وانكحوا الأكْفاء، وأنكحوا إليهم))، مرورًا بالأحاديث النبوية الكثيرة التي كفَلت حقَّ الطفل في عناية صحية متكاملة؛ حيث ابتُدِئ من ضمان حياته في بطن أُمِّه، وكفالة حقوقه حتى قبل مولده، بالإضافة لحقِّه في الحضانة والحياة، والرضاعة، والختان، والرعاية والكفالة، حتى لو وُلِد بطريقٍ غير مشروع، وأكَّد الشارع أيضًا على حقِّ الرعاية الصحية للأمِّ، وجعَل لها مكانة رفيعة في المجتمع الإسلامي.

 

"وخلاصة الأمر أنَّ التوجيهات النبوية الصحية والطبية تمثِّل الدعائم الرئيسة للنهضة الطبية والصحية التي شَهِدها العالم فيما بعد؛ إذ تُعَد هذه التوجيهات المَعِين الذي شَرِب منه الأطباء جيلاً بعد جيل، والتي كانت بمثابة المفاتيح التي سهَّلت على العلماء سُبل البحث والتقصِّي في المجالات الصحية والطبية، فالعلم يؤكِّد كلَّ يومٍ عِظَم تلك التوجيهات ومصداقيَّتها العلمية، وبعبارة أخرى: كانت هذه الأُسس التي أرساها المصطفى - صلَّى الله عليه وسلَّم - تمثِّل نقطة تحوُّل في تاريخ الطب والصحة العامة؛ إذ نقلَت هذا العلم الجليل من الأسطورة والشعوذة والكهانة، إلى العلم والتجربة"؛ ص 77.

 

ب- التحليل الإحصائي للأحاديث النبوية عن الرعاية الصحية والطبية (نماذج مختارة):

قامت الكاتبة بعمل تحليل كمِّي لبعض الأحاديث التي انتقتْها في عناصر المبحث الخاص بالعناية الطبية في عصر الرسالة النبوية، والتي جاءت في كُتب الأسانيد والصِّحاح والسُّنن، ودلَّت الشريعة على صحتها وتواتُرها؛ للدَّلالة على النصيب الكبير الذي حازتْه أحاديث الرعاية الصحية من توجيهات النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم.

 

جـ - أشهر أطباء وطبيبات وآسيات عصر الرسالة:

نجد من أشهر أطباء عصر الرسالة المخضرمين الذين عاشوا في الجاهلية وأدْركوا الإسلام: الطبيب ابن حذيم، ويُضْرب به المثل في الحذاقة في الطب، فيقولون لمن أرادوا وصفَه بذلك: "هو أطبُّ من ابن حذيم"، وجاء ذِكْره في أشعار أوْس بن حجر؛ حيث يقول:

فَهَلْ لَكُمْ فِيمَا إِلَيَّ فَإِنَّنِي
طَبِيبٌ بِمَا أَعْيَا النّطَاسِيَّ حِذْيَمَا

 

ومنهم أيضًا ممن ذكَرَتْهم كتب السيرة والتراجِم: أبو رمثة التميمي، وضماد بن ثعلبة الأزدي، والحارث بن كعب، الشمردل بن قباب الكعدي (وقيل: الكعبي) النجراني.

 

ومن أشهر الطبيبات المسلمات اللاتي مارسَنْ الطب في عصر الرسالة: رفيدة الأسلميَّة، وكانت متميزة في الجراحة، اختارها النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لمداواة الجَرْحى في ميدان المعركة وإسعافهم؛ قال ابن حزم: "وكان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قد جعَل سعد بن معاذ في خيمة في المسجد، تسكنها رفيدة الأسلميَّة، وكانت امرأة صالحة تقوم على المرضى، وتداوي الجرحى ليعوده النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - من قريب"[9]، ومنهنَّ أيضًا - ممن اشتهرَ عنها المداوة وعيادة الجرحى -: أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - وفاطمة بنت محمد - رضي الله عنها - والشفاء بنت عبدالله، وأمُّ عطيَّة الأنصارية، وأُمُّ أيمن مولاة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وحاضنته، وأُمُّ سُلَيم، وأُمَيَّة بنت قيس  بن أبي الصَّلت الغفاريَّة، والربيع بنت معوذ بن عفراء الأنصارية، ومعاذة الغفارية، وحَمْنة بنت جحش، وأُمُّ سِنان الأسلميَّة، وأُمُّ زياد الأشجعية.

 

الرِّعاية الصحيَّة والطبيَّة في العصر الراشدي:

خصَّصَت الباحثة فصْلها الثاني للتحدُّث عن الرِّعاية الصحيَّة والطبيَّة في عصر الخُلَفاء الراشِدين الأربعة، وقسَّمته إلى ثلاثة مباحث:

المبحث الأول: تحدثت فيه عن الرِّعاية الصحيَّة والطبيَّة من خِلال توجيهات الخلفاء الراشدين.

والمبحث الثاني: تحدثت فيه عن الأسس الصحيَّة في تخطيط المُدُنِ في العصر الراشدي.

والمبحث الثالث: ذكرت فيه جملةً من أطبَّاء أهل الذمَّة خِلال عهد العصر الراشدي.

 

أ- توجيهات الخلفاء الراشدين الصحيَّة والطبيَّة:

حرص الخلفاء الراشدون على الاهتِمام بالرِّعاية الصحيَّة للمجتمع المسلم في تلك الحِقبة، من مُنطَلق رعاية الولاية التي خُوِّلتْ إليهم بعدَ وفاة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وكان خليفة رسول الله أبو بكرٍ الصِّدِّيق يَحرِص على السَّلامة الصحيَّة للجنود؛ حيث كان يُوصِي قادةَ جيشِه بعدم إرهاق الجُند بالمسير الطويل، ومن ذلك وصيَّته لقائد جيش المسلمين عمرو بن العاص عند توجُّهه إلى فلسطين؛ حيث جاء فيها: "... وكُنْ والدًا لِمَن معك، وارفق بهم في السير؛ فإنَّ فيهم أهل ضعفٍ، والله ناصر دينه ليظهره على الدِّين كلِّه ولو كره المشركون".

 

وأيضًا كان يُزوِّد الجيوش الإسلاميَّة بالإسناد الطبي، ودعْم الجيش بأطبَّاء وممرِّضات لإسْعاف الجرحَى، وتقديم الطعام، ورفْع مَعنويَّات المقاتلين، بل إنَّه كان حريصًا على الرِّعاية النفسية للجنود وعدم إكراههم على القتال؛ حيث قال لقائدي جيشه عياض بن غنم وخالد بن الوليد أثناء توجُّههما لفتح العراق: "... وآذِنَا لِمَن شاء بالرجوع، ولا تستفتحا بمتكاره".

 

أمَّا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، والذي خلف أبا بكرٍ الصديق، فقد ازدهرت الفتوحات في عهده وفترة خلافته، وتطوَّرت العناية الصحيَّة، ومن أهمِّ توجيهاته الصحيَّة العامَّة:

• التحذير من الإسراف في الطعام: من أبرز أقوال الفاروق - رضي الله عنه - في الثقافة الصحيَّة قولُه: "إيَّاكم والبطنة من الطعام؛ فإنها مكسلة عن الصلاة، مفسدة للجسد، مورثة للسقم..."، وقد أثبتت الدراسات الحديثة حقًّا أنَّ المعدة بيت الداء، وأنَّ البطنة (أي: التخمة) تذهب الفطنة، وتبعث على الخمول والكسل.

 

• الحِرص على إتمام رضاعة الأطفال: روى ابن الجوزي في "صفة الصفوة" عن ابن عمر قال: قدمت رفقة من التجار فنزلوا المصلى، فقال عمر لعبدالرحمن: هل لك أنْ تحرسهم الليلة من السرق؟ فباتا يحرسانهم ويصليان ما كتب الله لهما، فسمع عمر بكاء صبي، فتوجَّه نحوه فقال لأمه: اتَّقي الله وأحسني إلى صبيِّك، ثم عاد إلى مكانه فسمع بكاءه، فعاد إلى أمِّه فقال لها مثل ذلك، ثم عاد إلى مكانه، فلمَّا كان من آخِر الليل سمع بكاءه، فأتى أمَّه فقال لها: ويحك! ما لي أرى ابنك لا يقر منذ الليلة؟ قالت: يا عبد الله، قد أبرمتني منذ الليلة، إني أريغه عن الفطام فيأبى، قال: ولِمَ؟ قالت: لأنَّ عمر لا يفرض إلا للفطم، قال: وكم له؟ قالت: كذا وكذا شهرًا، قال: ويحك! لا تعجليه، فصلَّى الفجر وما يستبين الناس قراءته من غلبة البكاء، فلمَّا سلَّم قال: يا بُؤسًا لعمر، كم قتل من أولاد المسلمين! ثم أمر مُناديًا فنادَى أنْ لا تعجلوا صِبيانكم على الفطام؛ فإنَّا نفرض لكلِّ مولود في الإسلام، وكتب بذلك إلى الآفاق أنْ يفرض لكلِّ مولودٍ في الإسلام.

 

• رعاية المجذومين والمحتاجين: أثناء رحلة الخليفة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - إلى الجابية - من أرض دمشق - مرَّ بقومٍ مجذومين من النصارى، فأمر أنْ يُعطوا من الصدقات، وأنْ يجرى عليهم القُوت، كما أمَر امرأةً مجذومةً كانت تطوف بالبيت أنْ تجلس في بيتها؛ حتى لا تؤذي الناس، وهذا الموقف يدلُّ على فقه الخليفة عمر بن الخطاب بقواعد الحجر الصحي للمُصابين بالأمراض المعدية، إلى جانب موقفه الشهير في "طاعون عمواس"؛ حيث حصر المرض في منطقة الشام؛ ممَّا أدَّى إلى السرعة في القضاء على هذا الوباء بالإمكانيَّات البسيطة عندهم في تلك الحقبة التاريخية.

 

• تقديم الإعانات للجَرحَى وأُسَر الشهداء: ومن الأمثلة على ذلك أنَّ قومًا غُزاة من الشام يريدون اليمن، وكانت لعمر جفنات يضعها إذا صلَّى الغداة، فجاء رجلٌ منهم فجلس يأكُل، فجعل يتناوَل بشماله، فقال له عمر - وكان يتعهَّد الناس عند طعامهم -: كُلْ بيمينك، فلم يُجبْه، فأعاد عليه فقال: هي مشغولة، فلمَّا فرغ من طعامه دعا به، فقال: ما شغل يدك اليمين؟ فأخرجها فإذا هي مقطوعة، فقال: ما هذا؟ فقال: أُصِيبت يدي يوم اليرموك، قال: فمَن يوضئك؟ قال: أتوضَّأ بشمالي ويعين الله، قال: فأين تريد؟ قال: اليمن إلى أمٍّ لي لم أرَها منذُ كذا وكذا سنة، قال: وبرٌّ أيضًا، فأمر له بخادم وخمسة أباعِر من إبل الصدقة وأوقرها له.

 

أمَّا في زمن الخليفة الراشد عثمان بن عفَّان، وهو من أوائل الخلفاء الذين اهتمُّوا بالأسنان، وكان لا يجدُ حرجًا من شدِّها بالذهب (حيث كان قد شدَّ أسنانه بالذهب)؛ "ويبدو أنَّه استخدم معدن الذهب ليس من الناحية الجماليَّة، وإنما من الناحية الصحيَّة؛ لأنَّه من المعلوم أنَّ أغلبية المعادن قد تصدأ إذا استُخدِمت في شدِّ الأسنان عدا الذهب، وكما تقدَّم في التمهيد فقد استخدمه العرب في الجاهلية لشدِّ الأسنان والتعويض عن الأسنان المفقودة"؛ صـ121.

 

أمَّا الخليفة علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فقد كانت توصياته وخطبه تشمَل كثيرًا من النصائح والتوجيهات الطبيَّة والصحيَّة لجموع المسلمين، ومنها: "لا تنقحوا اللحم"؛ بمعنى: أنَّه أمَر القصابين بعدَم النفخ في الذبيحة عند سلخها، وربما أنَّه أدرك - رضي الله عنه - أنه يمكن أن يكون أحد القصابين مصابًا بأمراض مُعيَّنة تُؤدِّي إلى تلويث اللحم وفساده عند نفخه فيه؛ ومن ثَمَّ يتمُّ بيعه للناس دون عِلمهم أنَّ هذا اللحم فاسد؛ ممَّا يترتَّب نتيجة أكلهم لهذا اللحم الفاسد إصابتهم بأمراض خطيرة، أبرزها التسمُّم الغذائي، ومنها أيضًا أنَّه منع أكل السمك الطافي، الذي يُسبِّب أمراضًا أيضًا عند تناوله، وقوله الدائم لأصحاب الأسواق والمحال الغذائية: "مَن نفخ فليس منَّا"[10]، وبرواية أخرى: "مَن غشَّنا فليس منا".

 

ب- الأسس الصحيَّة في تخطيط المدن في العصر الراشدي:

راعَى المسلمون عند اختطاط مدنهم الجديدة كالكوفة والبصرة والفسطاط في الأمصار عدَّةَ شُروطٍ، كفلتْ نهضة هذه المدن، والرِّعاية الصحيَّة الطيِّبة لِمَن يستَوطِنها من المسلمين بعد ذلك، ومن أبرزها:

1- توفر الماء: فهو شرط أساسٌ في اختيار مواقع الأمصار والمدن، فعليه تقوم الحياة؛ قال تعالى: ﴿ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ﴾ [الأنبياء: 30].

 

2- توفير الغذاء: وهو شرطٌ أساس لنشأة المدن واستمرار الحياة فيها.

 

3- اعتدال المكان وجودة الهواء: لأنَّ رُكود الهواء يُساعِد على سرعة تعفُّن الأجسام، وقد ربط القزويني بين جودة الهواء وأثرها على الحالة النفسيَّة للإنسان؛ فيذكر مثلاً عن الطائف أنها: "بليدة على طرف وادٍ، بينها وبين مكة اثنا عشر فرسخًا، طيِّبة الهواء، شمالية، ربما يجمد الماء بها في الشتاء، قال الأصمعي: دخلتُ الطائف وكأنِّي أبشر وقلبي ينضح بالسرور، ولم أجدْ لذلك سببًا إلا انفِساح جوِّها وطيب نسيمها".

 

ولجودة الهواء أو فساده علاقةٌ وطيدةٌ بانحِسار الأمراض أو انتشارها، وما يمسُّ مباشرة النواحي الصحيَّة للمجتمع المقيم فيها، قال ابن خلدون في "مقدمته": "وممَّا يُراعَى في ذلك للحِماية من الآفات السماويَّة طيب الهواء للسلامة من الأمراض؛ فإنَّ الهواء إذا كان راكدًا، خبيثًا، أو مجاورًا للمِياه الفاسدة، أو منافع مُتعفِّنة، أو مُروج خبيثة - أسرع إليها العفن من مجاورتها، فأسرع المرض للحيوان الكائن فيه لا محالة، وهذا مشاهد، والمدن التي لم يُراعَ فيها طيب الهواء كثيرةُ الأمراض في الغالب"[11].

 

4- القُرب من المراعى والاحتطاب: (أي: خصبة التربة) لتوفير الغذاء فيها للإنسان والحيوان على حدٍّ سَواء.

 

5- الموقع الحصين: بأنْ تكون على مرتفعات، إمَّا على هضبة، أو باستِدارة بحر أو نهر بها، أو تكون بمكانٍ ممتنع، بحيث لا يصل إليها العدو إلا بعبور الجسر أو القنطرة، أو من الناحية المعماريَّة من خِلال تحصين المدينة بالأسوار والأبراج.

وقامَ الخلفاء الراشدون بتوعية الولاة على تلك المدن لتعميرها وسُرعة توطينها المسلمين، مع الحِفاظ على نظافة البيئة بها بعدَّة خطوات أدَّتْ لازدِهار تلك المدن، ومنها:

1- الحِرص على التشجير والزراعة، وعدم ترك مِساحات دُون زراعة، فقد حذَّر الفاروق - رضِي الله عنه - من على منبر رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - من حبْس الأراضي دُون زِراعتها.

 

2- إقطاع الأراضي البور لِمَن يقوم بزراعتها، فقد ثبَت عن أبي بكرٍ الصديق - رضِي الله عنه - أنَّه أقطع أرضًا في اليمامة لرجلٍ من بني حنيفة، كما أقطع الزبير بن العوام أرضًا لاستِصلاحها، ولقد مشى على هذا النهج بقيَّة الخلفاء الراشدين.

 

3- الحِرص على نظافة البيوت والأماكن العامَّة، وعلى رأسها المساجد؛ حيث كان الخليفة عمر - رضِي الله عنه - يحثُّ رعيَّته على الاهتِمام بنظافة بيوتهم، ويُروَى أنَّه قَدِم مكَّة، يطوفُ سككَها، فيمرُّ بالقوم فيقول: "قموا فناءَكم" (أي: قوموا ونظِّفوا بيوتكم).

 

4- إسناد مهمَّة مُراقَبة النظافة في الأمصار إلى ولاتها، حيث قَدِم أبو موسى الأشعري - رضِي الله عنه - إلى البصرة وقال لهم: "إنَّ أمير المؤمنين بعثني إليكم، لأعلِّمكم سنَّتكم، وإنظافكم طرقكم".

 

5- توفير المياه الصالحة للشُّرب والري، حيث اهتمَّ الخلفاء الراشدون بشقِّ الأنهار والآبار لاستِصلاح الأراضي الموات؛ حيث قام بعض ولاة الخليفة عثمان بن عفان - رضِي الله عنه - بحفْر العديد من الأنهار.

 

6- التخلُّص من الحيوانات السائبة والضارَّة، فقد حرص الخلفاء الراشدون على أنْ يكون هواء بيئتهم نقيًّا صحيًّا خاليًا من الأمراض، ولتحقيق هذا الهدف النبيل نجد أنَّ الخليفة عمر بن الخطاب - رضِي الله عنه - عندما دخل الجابية في الشام، أمَر عماله (ألاَّ يجاور المسلمون الخنازير، وأمرهم بقتلها، ونقص أثمانها من الجزية).

 

جـ- من أبرز أطباء الذمة في العصر الراشدي:

نتيجةً لحركة الفتوحات الإسلاميَّة، ودخولِ الإسلام إلى الشام والعراق وفارس ومصر وغيرها، وتأثُّرهم بالمدارس الطبيَّة المتوارثة في تلك الأمصار - اشتهر العديدُ من أطباء الذمَّة الذين كانت لهم مَكانةٌ كبيرةٌ في الدولة الإسلاميَّة رغم عدم إسلام بعضهم، ومن أشهرهم يحيى النحوي السكندري، وهو من أشهر أطباء الإسكندرية، وأكثرهم تأليفًا وتصنيفًا، وقام بتنقيح مؤلَّفات جالينوس الطبيب الأشهر، وقرَّبَه عمرو بن العاص - رضِي الله عنه - لمكانته، وقام بإنشاء عِيادة طبيَّة له ليستَفِيد من طبِّه أهلُ مصر، وأيضًا هناك الطبيب أهرن بن أعين، وهو روميُّ الأصل، والطبيب إصطفن اليوناني، وعاش في مصر أيضًا، وشمعون الراهب المعروف بطيبويه، والطبيب عيسى بن قسطنطين، وبولس الأجيني الملقب بالقوابلي عند الأطباء العرب؛ لأنه كان جرَّاحًا قديرًا في أمراض النساء على الأخصِّ، وأريبلسيوس السكندري والطبيب فلاغسون... وغيرهم الكثير ممَّا يُشِير لحجم التسامُح الديني الذي بلَغ أوج تألُّقِه في هذا العصر، وخاصَّة في المجال الطبي.

 

الرِّعاية الصحية والطِّبية في الدولة الأُمويَّة:

تُنهي الباحثة فصولَ دراستها بالرِّعاية الصحية في عهدِ الخلفاء الأُمويِّين، وعاصر حُكمُهم نهاية القرن الأوَّل النِّطاقَ الزمني لموضوع الرِّسالة، وقامتْ بتقسيم هذا الفصل إلى مباحثَ ثلاثة، المبحث الأول: تناولتْ فيه رعاية خلفاء ووُلاة بني أُمية للطبِّ والأطباء، والمبحث الثاني: تناولتْ فيه نماذجَ مختارةً من إسهامات الدولة الأُموية في الرِّعاية الصحية والطبية، بينما تناولت في المبحث الثالث: أبْرزَ أطباء العصر الأُموي.


أ- رعاية خلفاء وولاة بني أُمية للطب والأطباء:

أدَّى توسُّعُ الخِلافة الأُموية في الفتوحات إلى فتحِ العديدِ من الأمصار، وإنشاء العديدِ مِن المدن الجديدة، كالقيروان، وميناء تونس، والرصافة، وواسط وغيرها، وازدهرتِ الحياة الطِّبية والصِّحية، فتمَّ لأوَّل مرة إنشاء (البيمارستانات) الكُبرى، والمصحَّات الطبية على اختلافِ تخصُّصاتها في أرجاء الدولة الأُموية، وتُرجمتِ الكتب والمؤلَّفات الخاصَّة بالطب وتَمَّ تعريبها، وكان خلفاء بني أُمية من أوائل مَن أدخلوا الأطبَّاءَ الأعاجم في حاشيتهم كالطبيبِ المشهور ابن أثال، طبيب معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه.


وتؤكِّد بعض الدِّراسات تزايدَ أعداد المشتغلين في الطبِّ في عهد معاوية - رضي الله عنه - بحيث أصبحتِ النسبة: طبيب لكل 533,33 فردًا، بل وكان هناك مِن أمراء بني أميَّة مَن اهتم بدراسة الطبِّ وتعلم صنْعته، وهو الأمير الأموي خالد بن يَزيدَ بن معاوية: (ت 90 هـ/ 708 م)، والذي امتدحَه كطبيبٍ كلٌّ من الجاحظ في "البيان والتبيين"، وابن النديم في "الفهرست"، وابن سينا في "مرآة العجائب"، مما يدلُّ على سَعة علم هذا الأمير، وتَروي بعضُ المصادر أنه أخذ صنعةَ الطب على يدِ أحد الرهبان، اسمه "مريانوس"، وفي عهد الخليفة عمرَ بنِ عبدالعزيز ازداد الاهتمامُ بالطب، حيث أمَر عمر بن عبدالعزيز بترجمةِ كتاب الطبيب أهرن بن أعين القس إلى العربية، حيث يَذكر ابن أبي أصيبعة، في كتابه "طبقات الأطباء": "أنَّ عمر بن عبدالعزيز وجد هذا الكتابَ في خزائن الكتب، فأمَر بإخراجه، ووضعه في مصلاه، واستخار الله في إخراجِه إلى المسلمين للانتفاع به، فلمَّا تم له في ذلك أربعون صباحًا أخْرَجه إلى الناس وبثَّه في أيديهم"[12]، إلى جانبِ تقريبه العديدَ مِن الأطباء.


وإجمالاً، يمكن أن نلخِّص نتاجَ هذا الفصل في الملاحظات الآتية:

1- اهتمام عمر بن عبدالعزيز بالأطبَّاء، والحِرْص على مجالستهم، وقيامه بالاستفادة مِن خبراتهم، حيث اختار ابنَ أبجر؛ ليكونَ طبيبه الخاص.


2- أنَّ عمر بن عبدالعزيز كان يحرِص على استقطاب الأطبَّاء المتميزين، بغضِّ النظر عن الدِّين أو المذهب، فقد قرَّب الطبيب اليهودي ماسرجويه؛ لبراعته في مهنةِ الطبِّ وإتقانه فيها.


3- أنَّ وجود العديد مِن العلماء والأطبَّاء والنَّصارى في البلاط الأُموي، لهو شهادةٌ على سموِّ رُوح التسامح والتعايش في هذه الدَّولة.


4- اتِّساع رُقعة الدولة الأُمويَّة من حدود الصِّين إلى أبواب باريس، وما اشتملتْ عليه هذه الرقعة الشائِعة من أجناس، وأعراق، وعلوم، كان لها الأثَر في إثراء الحرَكة العلميَّة في الدولة الأُمويَّة، مما أسهم في تقدُّم العلوم، وخاصَّة الطبية منها، حيث إنَّ الأُمويِّين استفادوا مِن المدارس الطبية المنتشِرة في تلك الأقاليم الجغرافيَّة الواسعة.


5- أنَّ تشجيع الخلفاء الأمويين لدِراسة العلوم، وخاصَّة الكتب الطبية، أدَّى إلى بروز عددٍ من أمرائهم الذين شغفوا بدراسة الطب والكيمياء، وأبرزهم خالد بن يزيد، ممَّا أدَّى إلى ازدهار حركة الترجمة في تلك الحِقبة التاريخيَّة.


6- أنَّ نشاط حرَكة الفتح الإسلامي أسهم إسهامًا كبيرًا في تقدُّم الطب والجِراحة في الدولة الأُمويَّة؛ إذ اقتضتِ الضرورة معالجة عدد كبير من الجرْحَى الذين كانوا يتساقطون في جبهات القِتال، حيث كان كلُّ جيش يصحَب عددًا من الأطباء، والممرضات، والإسعافات الأولية، والدواب، والأطعمة الصِّحية؛ للاعتناء بالجرحى والمرضى.


7- اتَّسم عصر الدولة الأُموية برُوح التسامح، حيث استفادتِ الدولة من كلِّ الخبرات الطبية الموجودة في مختلف الأقاليم المجاورة لها، لا بل كانتِ الدولة الأُموية لا تجد حَرَجًا في استقبال أطبَّاء من الإمبراطورية البيزنطية.


 

ب- نماذج مختارة مِن إسهامات الدولة الأُمويَّة في الرِّعاية الصحيَّة والطبيَّة:

1- تأسيس البيمارستانات: يعد الخليفة الأُموي الوليد بن عبدالملك (ت96 هـ/714م) الرائد في بِناء البيمارستانات، وكان أوَّل مَن ابتنى مستشفى نمطيًّا، بحسب متطلَّبات العلاج والراحة للمرضى، رغم أنَّ معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه - كانتْ له محاولات جادَّة في هذا المضمار، إلا أنَّها لم تصلْ إلى مستوى عملِ الوليد المؤسَّسي، ويُعدُّ أقدم بيمارستان عرَفَتْه الدولة الأُموية هو بيمارستان دمشق الصغير، وتُنسب عمارته للخليفة معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه - ثم تعدَّدت البيمارستانات في عهدِ الوليد بن عبدالملك، حيث بنَى "بيمارستانًا" بدمشق، وخصَّصه لمرضى الجذام، وأنشئتْ بعد ذلك العديد من البيمارستانات الدمشقيَّة، وتطوَّرتِ البيمارستانات في الدولة الأُمويَّة؛ فوجدنا البيمارستانات المتنقلة؛ حيث تُرافق قوافل الحج والتجارة في حلِّها وترحالها، وتقديم الدَّعْم الصحي للمواكِبِ المتوجِّهة إلى بيت الله الحرام (في موسم الحج)، والبيمارستانات العسكريَّة، وهي البيمارستانات التي تُرافق الجيوش في حلِّها وترحالها في حالتي الحرْب والسلام، يكون فيها فريقٌ من الأطباء، والممرِّضين، والصيادلة، والغلمان، وكل ما يلزم مرْضى الحروب مِن وسائل الراحة، والاعتناء بهم عنايةً فائقة.


وكان البيمارستان في الدولة الأُمويَّة  ينقسم إلى قِسمين: قسم للرِّجال، وآخَر للنِّساء، وكل قسم منهما فيه قاعات للأمراض المختلِفة، مفصولة عن بعضها؛ قاعة للكحالة، وأخرى للجراحة، وثالثة للتجبير، وأخرى للأمراض الباطنيَّة، وتُجهَّز كل قاعة بالأثاث الذي يُريح المرضى؛ من سُرُر، وفرش، وطراريح، ولحف.. وغيرها، ويضمُّ البيمارستان الصيدلية، وتضم أنواعَ الأدوية والعقاقير، وتكون تحتَ إشراف المحتسب، وهناك مخزنٌ لكل بيمارستان لتخزين الأثاث والطعام وما يحتاجه المرضى في تدبير أموالهم، ويُشرِف على المخزن ناظر، وهناك مطبخ مُلحَق بالبيمارستان.


2- الاهتمام بنظافة البيئة: استمرَّ الخلفاء الأمويُّون في مواصلةِ مسيرة إحياء الأرْض الموات بعدَ اتِّساع حرَكة الفتوحات الإسلاميَّة، فكانوا يقطعون الفلاحين الأراضي؛ ليستصلحوها، ومنها أراضي منطقة البطائح بالعراق، وأعلن الخليفةُ عمر بن عبدالعزيز لولاته أنَّ: "من أحيا أرضًا ميتة ببنيان أو حَرْث، ما لم تكن مِن أموال قوم ابتاعوها مِن أموالهم، أو أحيوا بعضًا وترَكوا بعضًا، فأجز للقوم إحياءَهم الذي أحيوا ببنيان أو حرث"، وقام الخلفاءُ الأمويُّون بشق التُّرع والأنهار وزيادة المصارِف المائية لإحياء الأرض، حيث قام يزيدُ بن معاوية بشقِّ نهر عظيم في إحْدى قُرى الغوطة بدمشق، وقام سليمان بن عبدالملك في عهْده بتنظيف المصارف المائية؛ لتوفير المياه العذْبة للناس، وأمر ولاته بذلك، كما حرَص خلفاء بني أمية على نظافة طُرق المدن الإسلاميَّة؛ حيث أمَر الوالي زيادُ بن أبيه بتنظيف كلِّ ساكن في ولايته أمامَ بيته، وكان يعاقب مَن يهمل ذلك.


3- نشْر الوعي الصحي: اهتمَّ ولاة بني أُمية بنشْر الثقافة الصحيَّة بيْن الناس وتوعيتهم بخطورة الأمراض، فكانوا يأمرون بتعليقِ نشرات صحيَّة في الأماكن التي تكثُر بها العامَّة، خاصَّة المساجد، وتحذيرهم مِن مخاطر تلك الأوبئة، فقد قام زيادُ بن أبيه بتعليق صحيفة في المسجد الأعظم كَتَب فيها عن (داء الكلب).


4- الرِّعاية الصِّحية والطِّبية للسجناء: اهتمَّتِ الدولة بالرِّعاية الصحية للسجناء مِن منطلق أن كرامة الإنسان مكفولةٌ بنصِّ القرآن والسُّنة في كلِّ الأحوال والظروف، ومنها ما قام به الخليفة معاوية بن أبي سُفيان - رضي الله عنه - حيثأجْرى الطعام والشراب لكلِّ سجين، وكتب الخليفة عمر بن عبدالعزيز إلى عمَّاله : "أن أجروا على السجناءِ ما يُصلِحهم في طعامهم، فكانوا يرزقونهم شهرًا بشهر"[13]، كما أمَر ولاته بأن يكسوا السجناءَ في الصيف والشتاء، وهذه سُنة منذُ قيام الدولة الأُمويَّة على يدِ معاوية بن أبي سفيان - رضياللهعنه - وحرصتِ الدولة الأُمويَّة على أن تكون أبنيةُ السجون مناسبةً من الناحية الصحية، فكانوا يحرِصون على أن تكونَ واسعةً، جيدة التهوية، تصل أشعةُ الشمس إلى حُجرات السجن، وإفادتها أجسام السجناء، وتمكينهم مِن المشي في ساحة السجن، وتوفير المرافِق الصحية لهم، والمطاهِر للوضوء والاغتسال، وكان المحتسب يراقب الكنَّاسين الذين يقومون بنظافةِ السجون وكنسها، وتنظيف بيوت الخَلاء، سواء للرِّجال أو للنِّساء.


5- الرِّعاية الصِّحية والطِّبية لذوي الاحتياجات الخاصَّة: تذكُر المصادر أنَّ الخليفة الأُموي الوليد بن عبدالملك، يعدُّ مِن أوائل خلفاء بني أُميَّة ممَّن اهتم بالزَّمْنَى؛ أي: ذوي الاحتياجات الخاصَّة، حيث قال: "لأدعَنَّ الزَّمِن أحبَّ إلى أهله من الصحيح"؛ إذ كان يمنح الزَّمْنَى ويُعطيهم الصدقةَ باليد، ويعتبر أول مَن أجرى الرواتب على العميان وأصحاب العاهات، وخصَّص لكل مُقْعَد خادمًا، ولكلِّ ضرير قائدًا؛ ليسهموا بطاقاتِهم المذخورة في خِدمة الأُمَّة مِن خلال دمجهم بالمجتمع.


6- الرِّعاية الصِّحية والطِّبية للحيوان: تَروي المصادرُ مِن مآثر الخليفة الراشد عمر بن عبدالعزيز أنَّه كتَب إلى واليه على مصر: "إنَّه بلغني أنَّ بمصر إبلاً نقالات يَحمِل على البعير منها ألفَ رطل، فإذا أتاك كتابي هذا، فلا أعرِف أنه يحمل على البعير أكثر مِن ستمائة رطل".


جـ- أبرز أطبَّاء وطبيبات العصر الأُموي:

مِن الملاحظ أنَّ معظمَ الأطبَّاء الذين اشتهروا في العصر الأُموي كانوا مِن النصارى، وكان غالبيتهم مِن الأروام الذين حفظوا تراثَ اليونان فيما بعدُ، ولعلَّ هذا عائد إلى تمكُّن هؤلاء النصارى من اللغة اليونانية واختلاطهم بأطبَّاء سورية الأروام، والذين سبقوا المسلمين في النَّهْل من العلوم الطِّبيَّة والطبيعيَّة التي خلَّفها أسلافهم الإغريق؛ ومِن أهم أطباء العصر الأُموي الأمير خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان الذي سبَق الإشارةُ إليه، وابن أثال طبيب الخليفة معاوية بن أبي سفيان، وكان نصرانيًّا، وأبو الحَكم الدمشقي وابنه حَكم الدمشقي وعاشَا أيام معاوية، وتياذوق طبيب الحجَّاج بن يوسف الثقفي، وماسرجويه (ويُعرَف أيضًا بيحيى بن ماسرجويه السوري)، وهو طبيبٌ بصري كان يهوديًّا مِن أصل فارسي، عاش في زمَن عمر بن عبدالعزيز، وعبدالملك بن أبجر الكناني طبيب الخليفة عُمرَ بنِ عبدالعزيز، والذي أسلم على يدِه، والطبيب فرات بن شحناتا تلميذ تياذوق، وزينب طبيبة بني أود، وذكَرها الأصفهاني في كتابه "الأغاني"، وخرقاء العامرية، والتي اشتهرتْ بطبِّ العيون، فقد عالجتْ عيون الشاعر ذي الرّمة.


خاتمة الدِّراسة ونتائجها:

1- أحدَثَ الإسلام انقلابًا في الفِكر الطِّبِّي والصِّحِّي في العالَم، فنقَلَه مِن الشعوذة والأسطورة والسِّحْر، إلى العِلم والتجرِبة، ممَّا أسهم في تقدُّم الطبِّ خُطواتٍ واسعةً في فترة الدِّراسة.


2- أنَّ المتأمِّل لتعاليم القرآن الكريم والسُّنة النبويَّة المطهَّرة بشأن الصحَّة والطب يجد أنَّها وضعتِ الركائزَ السليمة والصحيحة للرِّعاية الصحيَّة والطبيَّة الشُّموليَّة.


3- أرْسَى المصطفى - صلى الله عليه وسلم- بأقواله وأفعاله قواعدَ الرِّعاية الصحيَّة والطبيَّة، التي قام عليها تقدُّمُ الطب في الحضارة الإسلاميَّة.


4- أنَّ الاهتمام بالوضع الصِّحِّي للجنود ودوابهم قد شغَل حيزًا كبيرًا من اهتمامات الخِلافة الراشدة والأُموية.


5- أنَّ التوجيهات والإرشادات التي قدَّمها الخلفاءُ والولاة للناس في العصرين الراشدي والأُموي، بشأن النظافة وأهميتها أدَّتْ إلى تطوُّر الرِّعاية الصحية والطبية في القرن الأول الهجري.


6- أنَّ القرن الأول الهجري شهِد تأسيسَ البيمارستانات والمصحَّات بمختلف أنواعها، ويعدُّ ذلك نقطةً مضيئة في تاريخ الرِّعاية الصحيَّة والطبيَّة في الحضارة الإسلاميَّة.


7- وضع عقوبات صارِمة لمن يزاول مهنةَ الطبِّ وهو غير مؤهَّل، فقد كان الخليفةُ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقول: "مَن وضَع يده مِن المتطبِّبين في علاج، فهو ضامنٌ، إلا أن يكونَ طبيبًا معروفًا".


8- الاستفادة مِن خبرات أطبَّاء أهل الذِّمَّة في علاج المرْضَى.

وقد قام مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث مؤخرًا بإصدار الرسالة الغراء في كتابٍ متضمنًا فهارس وملاحق؛ وقد راجعه وقدَّم إليه قسم الدراسات والنشر والشؤون الخارجية بالمركز؛ وخرج في 214 صفحة.


[1] ابن خلدون، عبدالرحمن بن محمد بن خلدون الحضرمي (ت 808 هـ/ 1405 م)، "مقدِّمة ابن خلدون"، بيروت، دار القلم، ط 5، 1404 هـ/ 1984 م، ج 1، ص 4.

[2] ابن أبي أُصَيبعة، موفق الدين أبو العباس أحمد بن القاسم (ت 668 هـ/ 1269 م)، "عيون الأنباء في طبقات الأطبَّاء"، بيروت، دار الثقافة، ط 4، 1407 هـ/ 1987 م، ص 30 - 32.

[3] عبدالرحمن، حكمت نجيب، "دراسات في تاريخ العلوم عند العرب"، العراق، جامعة الموصل، ط1، 1397 هـ/1977م، ص 30 - 32.

[4] ابن جلجل، أبو داود سليمان بن حسان الأندلسي (332 هـ/ 943 م)، "طبقات الأطِبَّاء والحكماء"، ص41 - 43.

[5] القُسط: وهو عود يُجاء به من الهند؛ فعرف لذلك بالقُسط الهِندي، ويقال له (الكُست)، وكُشط، وفي رواية: كُسط؛ وقيل : هو شيءٌ من العطر، أسود، أو قطعةٌ منه شبيهة بالظُّفر؛ انظر: خان، صديق حسن (ت 1307 هـ/ 1889 م) "الرَّوضة الندية"، تحقيق: علي حسين الحلبي، القاهرة، دار ابن عفان، ط 1419،1 هـ/ 1999 م، ج 2، ص 29.

[6] ابن جلجل، أبو داود سليمان بن حسان الأندلسي (ت 383 هـ/ 994 م)، "طبقات الأطباء والحكماء" تحقيق: فؤاد السيد، القاهرة، المعهد العلمي الفرنسي، ط 2، 1374 هـ/ 1955 م، ص 54 - 55.

[7]رضا، أكرم؛ الطب النبوي، دراسة صيدلانية حول العقاقير النبوية وكيفيَّة الاستفادة منها، القاهرة، دار الوفاء، ط 1، 1427 هـ - 2006 م.

[8] فارس، معز الإسلام عزت؛ الغذاء والتغذية في الإسلام، من موقع تغذية: www.tagthia\islam.htm

[9] الظاهري، أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي القرطبي، ت 456 هـ - 1064م، جوامع السيرة، د. ت، ج 1، ص 194.

[10] الصنعاني، عبدالرزاق بن همام (ت220هـ/835م)، "الأمالي في آثار الصحابة"؛ تحقيق: مجدي السيد إبراهيم، القاهرة، مكتبة القرآن، د.ت، ج1، ص 105.

[11] "مقدمة ابن خلدون"، ج 1، ص 347.

[12] ابن أبي اصيبعة، المصدر السابق، (1/232)، "التراتيب الإدارية" (2/ 2).

[13] أبو غدة، حسن، أحكام السجن ومعاملة السجناء في الإسلام، الكويت، مكتبة المنار، ط 1، 1406 هـ/ 1986م، ص 349.





 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • مظاهر الرعاية التربوية لذوي الاحتياجات الخاصة في ضوء القرآن الكريم (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مقاصد مؤلفي كتب المصطلح ووظيفة مضمونها وتطوره من القرن الرابع الهجري إلى القرن السابع الهجري(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ندوة لتوجيه ممارسي الرعاية الصحية المسلمين(مقالة - المسلمون في العالم)
  • افتتاح بئر بالنيجر وتوزيع بطاقات الرعاية الصحية وترميم مسجد في رواندا(مقالة - المسلمون في العالم)
  • شراكة دولية لتقديم الرعاية والخدمات الصحية بجزر القمر(مقالة - المسلمون في العالم)
  • ميانمار: الحرمان من الرعاية الصحية سلاح الإبادة الجماعية ضد المسلمين(مقالة - المسلمون في العالم)
  • ميانمار: مسلمو الروهنجيا يموتون بسبب نقص الرعاية الصحية(مقالة - المسلمون في العالم)
  • صور من الصراع الإسلامي الفَرَنجي من القرن الثالث إلى القرن السادس الهجريين(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • هولندا: محاولة للزج بالمسلمات في مجال الرعاية الصحية والتعليم(مقالة - المسلمون في العالم)
  • جهود علماء هراة في السنة وعلومها من القرن الأول إلى القرن السادس(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
4- أين أعمال أطباء العرب ابن حذيم وغيره
ابوأمجاد الثنيان - السعودية 26-05-2013 12:37 AM

أنا عندي يقين أن كثير من الجهود ضاعت ولم تدون فطبيب كابن حذيم الذي اشتهر أنه أطب العرب لم أعرف له أعمال في مصادرنا الحالية فيما أعلم وهذه مصيبة فأين هذه الجهود ذهبت ياترى . . مقال يستحق الإشادة وفقكم الله لكل خير .

3- رائع
مسلمه - مصر 14-09-2012 03:01 AM

جزاك الله خيرا على الرسالة الرائعة

2- زادك الله علما
أبوأسامة - مصر 14-12-2011 07:42 PM

رسالة رائعة تشرح صدر كل من يهتم بأمر هذه الأمة العظيمة . بارك الله فيك .

1- نهظة الامة
عبد الناصر يوسف - الامارات 30-04-2011 03:04 PM

لقد أبدعتِ فى رسالتك واثبتى من خلال دراستك أن هذة الامة منذ القدم من ارقى واعظم الأمم التى قادت الريادة وهى كانت مختلفة عن جميع الحظارات التى سبقتها لأنها اهتمت (بالإنسان ) الذى يعيش على ارضها ولم يسبقها احد غلى ذلك بسب الأسلام دين التقدم .

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب